المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌مبحث الكناية ‌ ‌مدخل … مبحث الكناية: تعريفها: هي -في اللغة- أن تتكلم بالشيء، وتريد - المنهاج الواضح للبلاغة - جـ ٥

[حامد عونى]

الفصل: ‌ ‌مبحث الكناية ‌ ‌مدخل … مبحث الكناية: تعريفها: هي -في اللغة- أن تتكلم بالشيء، وتريد

‌مبحث الكناية

‌مدخل

مبحث الكناية:

تعريفها: هي -في اللغة- أن تتكلم بالشيء، وتريد غيره، وهي مصدر كنيت عن كذا بكذا، إذا تركت التصريح به، وبابه رمى يرمي، وورد كنوت بكذا عن كذا، من باب دعا يدعو، وقد أنشد الجوهري:

وإني لأكنو عن قدور1 بغيرها

وأعرب أحيانا بها وأصارح

والأول أفصح، بدليل قولهم في المصدر:"كناية" ولم يسمع كناوة.

وهي -في الاصطلاح- لفظ أطلق، وأريد به: لازم معناه الحقيقي، مع جواز إرادة هذا المعنى، مع المعنى المراد.

ففي التعريف قيدان:

1-

إرادة لازم2 المعنى الحقيقي.

2-

جواز إرادة هذا المعنى، مع المعنى الكنائي.

وبالقيد الأول: يخرج اللفظ الذي أريد به معناه الحقيقي، وهو الحقيقة الصرفة كالأسد، مرادا به، الحيوان المفترس.

وبالقيد الثاني يخرج المجاز، إذ لا يجوز فيه إرادة المعنى الحقيقي، مع المعنى المجازي لاشتراطنا في قرينته: أن تكون مانعة من إرادة المعنى الحقيقي. كما تقول: "كلمني أسد" فلا يجوز هنا أن يراد: الحيوان المفترس؛ لأن فيه قرينة تمنع من ذلك، هي قوله:"كلمني" إذ إن الكلام من شأن الإنسان، لا من شأن الأسود، وهذا هو مدار الفرق بين الكناية والمجاز.

ومن هنا يعلم: أن الكناية واسطة بين الحقيقة والمجاز، فهي ليست حقيقة.

1 بفتح القاف اسم امرأة.

2 المراد باللزوم: مطلق ارتباط ولو بعرف لا الزوم العقلي.

ص: 151

اللفظ لم يرد به معناه الحقيقي، بل أريد به لازمه، وليست مجازا؛ لأن المجاز لا بد له -كما قلنا- من قرينة مانعة من إرادة المعنى الحقيقي -بخلاف الكناية- مثالها قول الشاعر:

طويل نجاد السيف شهم كأنما

يصول -إذا استخدمته بقبيل1

ففي قوله: "طويل نجاد السيف" كناية عن طول القامة، فالمعنى الحقيقي لهذا اللفظ هو أن نجاده طويلة، وليس هذا مرادا، إنما المراد: لازم هذا المعنى، وهو أنه طويل القامة، إذ يلزم -عادة- من طول النجاد: أن تكون القامة طويلة، ويصح مع هذا إرادة المعنى الحقيقي أيضا: بأن يراد المعنيان جميعا، طول النجاد وطول القمة، وإن كان المقصود بالذات: المعنى الكنائي، ومثله قوله:"فلان نظيف اليد" كناية عن نزاهته فالمعنى الحقيقي للفظ: هو أن يده نقية من الأقذار، ولكنه ليس مردا، بل المقصود لازم هذا المعنى، وهو أنه نزيه، لا يفعل ما يلوث شرفه، وتجوز إرادة المعنيين -كما عرفت- ومثله أيضا قولهم:"فلانة نئوم الضحى" كناية عن أنها مترفة مخدومة، لها من يكفيها أمرها، ويقوم بشئونها، فالمعنى الحقيقي للفظ: أن المرأة كثيرة النوم إلى الضحى. وليس هذا مرادا، إنما المقصود: ما يلزم هذا المعنى، وهو أنها من ذوات الترف والنعمة، عندها من يقوم بتدبير أمرها، وإصلاح شأنها، وتجوز إرادة المعنيين معا....وهكذا.

تنبيه:

ليس بلازم في الكناية: أن يكون المعنى الحقيقي للفظ المكني به متحققا في الواقع، إذ يصح أن تقول:"فلان طويل النجاد" كناية عن طول قامته، وإن لم يكن له نجاد، بل تصح الكناية، حتى مع استحالة المعنى الحقيقي كما في قولهم:

1 "النجاد" ما يقع على العاتق من حمائل السيف، وفيه إشعار بأن الممدوح من أرباب السيف و"القبيل" الجماعة، شبه الممدوح، وهو مفرد بالجمع في القوة والمنعة.

ص: 152