الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عدم إشمامها رائحة التشبيه، وذلك مما يبعدها عن الحقيقة، فإذا انضم إلى ذلك خفاء وجه الشبه ازدادت بعدا، فخفيت على الفهم، وصارت إلغازا، ومن هنا يعلم: أن التشبيه أعم محلا، إذ كل ما يتأتى فيه الاستعارة يتأتى فيه التشبيه، من غير عكس لجواز أن يكون وجه الشبه غير جلي، فتصير الاستعارة إلغازا كما في المثال المذكور.
هذا: والاستعارة التمثيلية كالتحقيقية في أن حسنها يكون بما ذكرنا من الأمور السابقة، إذ لا فارق بينهما إلا من حيث الإفراد والتركيب، والمكنية كذلك حسنها برعاية جهات حسن التشبيه، والتخييلية قرينة المكنية -كما علمت- فحسنها حينئذ تابع لحسن المكنية.
فصل في المجاز بالحذف والزيادة:
اعلم أن لفظ "مجاز" كما يطلق على الكلمة المنقولة من معناها الأصلي إلى غيره ما سبق، يطلق أيضا على الكلمة المنقولة من حكم إعرابها الأصلي إلى غيره بسبب حذف لفظ أو زيادة.
فالأول كما في قوله تعالى: {وَجَاءَ رَبُّكَ} ، {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} ، فكل من لفظي "ربك والقرية" مجاز بالحذف1 إذ ليس الكلام محمولا على ظاهره، لاستحالة مجيء الرب سبحانه في الآية الأولى، وللقطع بأن المراد: سؤال أهل القرية، لا سؤال الأبنية في الثانية، وأصل الكلام: وجاء أمر ربك، واسأل أهل القرية، فهما في الأصل مجروران بالإضافة ثم نقلا عن هذا الحكم الإعرابي، بسبب حذف المضاف، وجعل الأول مرفوعا على الفاعلية، والثاني منصوبا على المفعولية.
والثاني كقوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} على القول بزيادة الكاف، فقوله:{كَمِثْلِهِ} مجاز بالزيادة، أي: زيادة الكاف؛ لأن المقصود نفي أن يكون شيء مثل الله
1 ويحتمل أن يكون من قبيل المجاز المرسل من إطلاق اسم السبب على المسبب في الأولى، وإطلاق اسم الحال على المحل في الثانية.