المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الطرف الثالث: في صفات المخرج - المهمات في شرح الروضة والرافعي - جـ ٤

[الإسنوي]

فهرس الكتاب

- ‌ زكاة الفطر

- ‌الطرف الثاني: في صفات المؤدي

- ‌الطرف الثالث: في صفات المخرج

- ‌كتاب الصيام

- ‌الركن الثاني: الإمساك عن المفطرات

- ‌القول في شرائط الصوم:

- ‌القول في السنن

- ‌القسم الثاني في مبيحات الإفطار وموجباته

- ‌كتاب الاعتكاف

- ‌كتاب الحج

- ‌الباب الأول: في وجوه أداء النسكين:

- ‌الباب الثاني: في أعمال الحج

- ‌الفصل الأول: في الإحرام

- ‌الفصل الثاني: في سنن الإحرام

- ‌الفصل الثالث: في سنن دخول مكة

- ‌الفصل الرابع: في الطواف

- ‌الفصل الخامس: في السعي

- ‌الفصل السادس: في الوقوف

- ‌الفصل السابع: في أسباب التحلل

- ‌الفصل الثامن: في المبيت

- ‌الفصل التاسع: في الرمي

- ‌الفصل العاشر: في طواف الوداع

- ‌الفصل الحادي عشر: في حكم الصبى

- ‌الباب الثالث في محظورات الحج والعمرة

- ‌النوع الأول: اللبس

- ‌النوع الثاني: الطيب

- ‌النوع الثالث دهن شعر الرأس واللحية

- ‌النوع الرابع: الحلق والقلم:

- ‌النوع الخامس: الجماع

- ‌النوع السادس: مقدمات الجماع

- ‌الباب [الرابع] (*) في الدماء

- ‌الفصل الأول في أبدالها

- ‌الفصل الثاني في مكان إراقة الدماء وزمانها

الفصل: ‌الطرف الثالث: في صفات المخرج

‌الطرف الثالث: في صفات المخرج

قوله من زياداته: والصواب ما قاله أبو الفرج الدارمي من أصحابنا أن الاعتماد في الصاع على الكيل دون الوزن. . . . إلى آخره.

وهذا الذي استدركه قد صححه الرافعي في زكاة المعشرات، وعجب من إعزائه إلى الدارمي مع التصريح بالتصحيح منه ومن الرافعي.

وفي المسألة كلام آخر أذكره إن شاء الله تعالى -في كفارة الظهار يتعين الوقوف عليه فراجعه.

قوله: أما الأول فلأن الأقوات النادرة كالفث .. إلى آخره.

هذه اللفظة قد تكررت في هذا الباب، وهى بالفاء والثاء المثلثة، وقد سبق إيضاح ذلك في زكاة المعشرات.

قوله: وحكى الموفق ابن طاهر أن صاحب "الإفصاح" حكى عن القديم قولًا: إنه لا يجزئ إخراج العدس والحمص في الفطرة؛ لأنهما إدامان. انتهى كلامه.

واعلم أن صاحب "الإفصاح" لم يحكه عن القديم، بل ولا جزم بحكايته، بل تردد في إثباته فقال: وقد حكى أصحابنا أن الشافعي قال في موضع آخر: وإن كان قوته عدسًا أو حمصًا لم أر أن يخرج منه الزكاة لأني أراهم يقتاتونه؛ فيحتمل هذا وجهين:

أحدهما: أن يكون معناه: لم أستحب له ذلك، لا أنه إذا أراد إخراجه لم يجز، فهذا موافق لما ذكرنا.

ويحتمل أن يكون معناه لم [يجزئه](1) ذلك ويكون الاعتبار بغالب

(1) في أ، ب: يحرم.

ص: 31

الأقوات التي تجري فيها الزكاة دون ما لم يكن غالبا. هذا لفظ "الإفصاح" بحروفه، ومنه نقلت.

قوله في "الروضة": وفي الأقط طريقان: أحدهما: القطع بجوازه، والثاني: على قولين؛ أظهرهما جوازه. انتهى.

لم يبين الأصح من الطريقتين؛ والأصح هى طريقة القولين.

كذا صححه الرافعي في الشرحين "الكبير"، و"الصغير"، وجزم به في "المحرر"، وحذفه النووي في "الروضة". وعبارته في "الكبير": أظهرهما أنه على قولين.

قوله في "الروضة": فإن جوزنا الأقط، فالأصح أن اللبن والجبن في معناه، والثاني: لا يجزئان.

والوجهان في إخراج من قوته الأقط: اللبن والجبن. انتهى كلامه.

فيه أمور:

أحدها: أن ما جزم به من حكاية الوجهين قد خالفه في "شرح المهذب"؛ فإنه حكى طريقين وصحح القطع بالجواز فقال: فيه طريقان:

أصحهما -وبه قطع المصنف وجمهور العراقيين وآخرون-: يجزئه؛ لأن الجبن مثلة واللبن أكمل منه.

والثاني: حكاه الخراسانيون على وجهين: أصحهما: يجزئه.

الأمر الثاني: أن ما ذكره في اللبن من الجواز قد ذكر في "تصحيح التنبيه" في الظهار ما يخالفه، وقد بسطت الكلام عليه هناك فراجعه.

الثالث: أن تخصيص الوجهين في إجزاء اللبن والجبن بمن قوته الأقط يقتضي أنهما [لا](1) يأتيان فيمن قوته اللبن، وأنه يجوز إخراجهما جزمًا؛

(1) سقط من أ، ب.

ص: 32

تفريعًا على ما نحن نفرع عليه؛ وهو إجزاء الأقط، وقد صرح به في "شرح المهذب" فقال: الخلاف مخصوص بمن قوته الأقط هل له إخراج اللبن والجبن؟ هكذا قاله الماوردي والرافعي وغيرهما.

هذا لفظه، وليس الأمر على ما اقتضاه كلام "الروضة" وسرى منها إلى "شرح المهذب" فإن في الرافعي نقلًا عن البغوي من غير مخالفة: أن الوجهين جاريان فيمن قوته اللبن أيضًا؛ فكان صوابه أن يقول: والوجهان في إخراج من قوته الأقط واللبن اللبن والجبن أي: بتكرار اللبن.

الأمر الرابع: إذا صححنا إجزاء الجبن فكيف نصنع بالمقدار الذي هو الكيل؟ والذي يظهر هاهنا أنه يتعين الرجوع إلى الوزن.

وقد ذكر الرافعي في زكاة المعشرات عند ذكره الاختلاف في أن المعتبر الكيل أو الوزن قال أبو العباس الجرجاني: إلا العسل إذا أوجبنا فيه الزكاة فالاعتبار فيه الوزن.

قوله: واتفقوا على أن إخراج المختض والمصل والسمن لا يجزئ. انتهى.

والمصل: بميم مفتوحة وصاد مهملة ساكنة بعدها لام، قال في "المجمل": هو ماء الأقط.

وقال النووي في "لغات التنبيه" وغيرها: إذا أرادوا أقطا أو غيره جعلوا اللبن في وعاء من صوف أو خوص أو كرباس ونحوه فينزل مائيته منه فهى المصل.

وفي "الاستقصاء" و"البيان": أن المصل لبن منزوع الزبد.

وفي "النهاية": أن المصل هو المختض.

ص: 33

قوله: ولا يجزئ المسوس.

اعلم أن المسوس والمدود بكسر الواو.

قال الجوهري: في باب السين: السوس: دود يقع في الصوف والطعام، تقول منه: ساس الطعام يساس سوسًا بالفتح إذا وقع ذلك فيه، وكذلك أساس الطعام بالهمز وسوس.

قال الراجز:

قد أطعمتني دقلًا حولنا

مسوسًا مدودا حجرنا

وذكر نحوه في باب الدال فقال: داد الطعام يداد، وكذلك أداد بالهمز، ودود بالتشديد إذا وقع فيه السوس وأنشد البيت السابق وضبطه فيهما بالكسر، وصرح به -أعني بالكسر- من الفقهاء جماعة منهم صاحب "الاستقصاء"، وابن الصلاح.

قوله: ويجزئ القديم وإن قلت قيمته بسبب القدم ما لم يتغير طعمه ولونه. انتهى.

تابعه في "الروضة" على التعبير في التعبير بما ذكره؛ وهو يقتضي أن الرائحه لا اعتبار بها، وأنه لابد من اجتماع الطعم واللون، وليس كذلك، بل كل واحد من الثلاثة مانع من الإجزاء وحده، وقد صرح في "شرح المهذب" بذلك ونقله عن الماوردي وغيره، ولم يحك فيه خلافًا، وجزم به أيضًا الروياني في "البحر" ناقلًا له عن نص الشافعي، وذكر نحوه في "الكفاية".

قوله ناقلًا عن "الوجيز": ثم يتعين من الأقوات القوت الغالب يوم الفطر في قول، وجنس قوته على الخصوص في قول، وقيل: يتخير في الأقوات.

ص: 34

ثم قال: ودليل الأول قوله عليه الصلاة والسلام: "أغنوهم عن الطلب في هذا اليوم"(1). انتهى.

اعترض الرافعي بعد هذا بنحو ورقتين على كلام "الوجيز" فقال: وتسمية الأول والثاني قولين لا يكاد يوجد لغيره، وإنما حكاهما الجمهور وجهين، وإنما قوله: وقيل: يتخير فمنهم من حكاه قولًا على ما سبق. انتهى كلامه.

وما ذكره من الإنكار على الغزالي وأنه غير موجود لغيره فليس كذلك؛ فقد صرح الماوردي في "الحاوى" بحكايته وبحكاية جميع الخلاف أقوالًا؛ فقال: اختلف قول الشافعي في الأقوات المدخرة هل هى على الترتيب أو التخيير فيه قولان، ثم قال: فعلى هذا -أي: الترتيب- هل يعتبر غالب قوت بلده أو غالب قوته في نفسه؟ على قولين. هذا لفظه.

والحديث المذكور رواه البيهقي، وقال: إنه ضعيف.

قوله: وأما لو عدل إلى القوت الأعلى فهو جائز بالاتفاق. انتهى.

تابعه في "الروضة" أيضًا على دعوى الاتفاق.

وليس كذلك؛ بل في الجواز وجهان مشهوران حكاهما الماوردي في "الحاوى"، والروياني في "البحر"، والشاشي في "الحلية"، وابن يونس في "شرح التنبيه".

وحكى أيضًا -أعني الماوردي- في الكفارات وجهين في ما إذا عدل عن الواجب إلى ما هو دونه في الكفارة.

ثم جعل الفطرة كالكفارة، وهذا هو الخلاف الذي حكاه الشيخ في

(1) أخرجه: الدارقطني (67) والبيهقي (7528) وابن عدي في "الكامل"(7/ 55) قال الألباني رحمه الله ضعيف.

ص: 35

"التنبيه" في هذا الباب وأنكروه عليه إلا أنه جعله قولين.

وإنكاره باطل؛ فقد حكاهما أيضًا أبو إسحاق المروزي في "الشرح"، والقاضي أبو الطيب وابن الصباغ وصاحب "البحر".

قوله: والنظر في الأعلى إلى الاقتيات وقيل: إلى القيمة؛ لأنه أرفق بالمساكين وأشق على المالك.

وعلى هذا يختلف الحال باختلاف البلاد والأوقات، إلا أن تعتبر زيادة القيمة في الأكثر. انتهى.

وما ذكره تفريعًا على الثاني معناه أن الاختلاف المذكور إنما نأخذ به إذا لم يكن المعتبر عند الأصحاب زيادة القيمة في أكثر الأوقات بل وقت الإخراج، فإن كان الأكثر هو المعتبر عندهم أخذنا به، وهو الذي ذكره بحثا متوقفًا فيه، وتابعه عليه في "الروضة" قد جزم به النووي في "شرح المهذب"، وخالف فيه القاضي حسين في "تعليقه"، ونقله عنه في "الكفاية".

قوله: ورجح صاحب "التهذيب" الشعير على التمر، وعن الشيخ أبي محمد: أن التمر خير منه، وله في الزبيب مع الشعير أو التمر تردد، قال الإمام: والأشبه تقديم التمر على الزبيب. انتهى كلامه.

لم يرجح النووي في "الروضة" شيئا في هذه المسائل أيضًا، والراجح أن الشعير خير من التمر، وأن التمر خير من الزبيب، كذلك رجحه الرافعي في "المحرر" و"الشرح الصغير" وعبر فيهما بالأشبه.

وقال النووي في "المنهاج" و"شرح المهذب": إنه الأصح، وبالغ في الشرح المذكور بالنسبة إلى تقديم التمر [والشعير] (1) على الزبيب فقال: إنه الصواب.

(1) سقط من جـ.

ص: 36

واختاره أيضًا فيهما صاحب "الحاوي الصغير"، ولم يزد في "الروضة" في الشعير مع الزبيب على أنه فيه تردد للجويني.

قوله: ولا يجوز عن شخص واحد فطرة من جنسين وإن كان أحدهما أعلى من الواجب.

هذا هو المعروف، ورأيت لبعض المتأخرين تجويزه. انتهى كلامه.

تابعه عليه في "الروضة"، وهو يقتضي عدم الوقوف على الجواز، إلا لهذا المتأخر الذي لم يصرح باسمه لعدم شهرته؛ ففي المسألة وجوه مشهورة:

أحدها: هذا الوجه صرح به إمام الحرمين، والغزالي في "البسيط"، وكلاهما قبل كتاب الصيام بقليل نظرًا إلى المعنى، لكن لو استوى الجزءان امتنع عند هذا القائل كما قاله الإمام.

والثاني: إن كان عنده صاع من جنس واحد لم يجز البعض وإلا جاز تكميله بالأعلى.

حكاه السرخسي في "الأمالي" وحكاه عنه النووي في "شرح المهذب".

والثالث: يجوز مطلقا، حكاه ابن يونس شارح "التنبيه".

قوله في "أصل الروضة": وإن كان السيدان في بلدين مختلفي القوت، أو اعتبرنا قوت الشخص بنفسه فاختلف قوتهما فأوجه:

أصحها: يخرج كل واحد نصف صاع من قوته، وقيل: من قوت بلد العبد. انتهى.

وهذا الوجه الذي ضعفه هو الصحيح في المسألة فاعلمه.

ص: 37

وأما الأول فمخالف لما ذكره قبل ذلك فإنه قال: ولو ملك رجلان عبدًا وأوجبنا الغالب من قوت البلد ومكان العبد في بلد آخر بني على أن الفطرة تجب على المالك ابتداء أم بطريق التحمل؟ انتهى.

ومقتضاه أن الصحيح وجوبها من بلد العبد على عكس ما سبق نقله الآن عن "الروضة".

وقد ذكر الرافعي المسألة على الصواب؛ فإنه بعد ذكره لما قاله النووي نقل عن الشيخ أبي عليّ أن هذا إذا قلنا بوجوبها على المخرج ابتداءا، فإن قلنا بالتحمل تعين قوت بلد العبد، وهكذا ذكره الرافعي في "الشرح الصغير" من غير نقله عن الشيخ أبي عليّ؛ بل جزم به.

وكذلك النووي في "شرح المهذب"، ولكنه في "الروضة" أهمل ذكر هذا التفريع نسيانًا، وجعلها مسألة مستقلة فحصل من الغلط ما حصل، ثم إنه أخذ مما قرره في "الروضة" وجعله في "المنهاج" من زياداته، وفي "تصحيح التنبيه".

وذلك كله خطأ فاعلمه، ولم يتفطن له في شيء من كتبه إلا في "شرح المهذب" كما أشرنا إليه.

قوله: فهل يتخير بين الأقوات؟ فيه وجهان: أحدهما: نعم؛ لظاهر حديث أبي سعيد.

وأصحهما: لا؛ بل يتعين الغالب؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "أغنوهم عن الطلب في هذا اليوم"(1)، ولو صرف إليه غير القوت الغالب لما كان يغني عن الطلب؛ فإن الظاهر أنه يطلب القوت الغالب في البلد.

ثم قال: وقول الغزالي في "الوجيز"، ثم يتعين من الأقوات القوت

(1) أخرجه البيهقي في "الكبرى"(7528)، وابن عدي في "الكامل"(7/ 55) من حديث ابن عمر، وفيه محمد بن عمر الواقدي وهو متروك، وقال الألباني: ضعيف.

ص: 38

الغالب يوم الفطرة: التقييد بيوم الفطر لم أظفر به في كلام غيره، وبين لفظه هاهنا [ولفظ] (1) "الوسيط" بعض المباينة؛ لأنه قال: المعتبر فيه غالب قوت البلد في وقت وجوب الفطرة لا في جميع السنة. انتهى كلامه.

وذكر مثله في "الشرح الصغير"، وتابعه النووي على ذلك في "الروضة"، وليس فيه بيان للوقت المعتبر.

وذكر مثله في "شرح المهذب" أيضًا، إلا أنه تعرض لبيان الوقت بكلام لا إيضاح فيه أيضًا فقال ما نصه: هذا النقل غريب كما قال الرافعي، والصواب: أن المراد قوت السنة كما سنوضحه في الفرع الذي بعد هذا، انتهى كلامه.

ثم ذكر بعده الفرع الذي أشار إليه فقال: فرع إذا اعتبرنا قوت البلد أو قوت نفسه وكان القوت مختلفا باختلاف الأوقات ففي بعضها يقتاتون أو يقتات جنسًا وفي بعضها جنسًا آخر.

قال السرخسي في "الأمالي": إن أخرج من الأعلى أجزأه وكان أفضل، وإن أخرج من الأدنى فقولان:

أحدهما: لا يجزئه احتياطًا للعبادة.

قال: وأصحهما: يجزئه؛ لدفع الضرر عنه، ولأنه يسمى مخرجًا من قوت البلد أو من قوته هذا كلامه.

وحاصله: تصحيح اعتبار الغلبة في وقت من أوقات السنة، والتقييد الذي ذكره الغزالي في "الوسيط" قد ذكره أيضًا صاحب "الذخائر" وهو القياس.

(1) في جـ: ولفظه في.

ص: 39

والاستدلال الذي تقدم الآن نقله عن الرافعي كالصريح فيه.

قوله: وإن مات بعد استهلال الهلال عن عبد؛ فتقدم فطرة العبد على [الوصايا](1) والميراث.

وفي تقديمها على الديون طريقان:

أظهرهما: أنه على ثلاثة أقوال على ما قدمناها في زكاة المال.

والثانى: القطع بتقديم الفطرة [لأنها](2) متعلقة بالعبد واجبة بسببه فصار كأرش جنايته.

وأما فطرة نفسه فهى على الأقوال، وحكى القاضي الروياني رحمه الله طريقة أخرى قاطعة بتقديم فطرة نفسه أيضًا لقلتها في الغالب. انتهى كلامه.

والذي حكاه الروياني في "البحر" وسبقه إليه الماوردي أن أبا الطيب ابن سلمة قال: زكاة الفطر تقدم على الديون قولًا واحدًا لقلتها في الغالب وتعلقها بالرقبة، وزاد الماوردي على هذا: فاستحقت كأرش الجناية.

وهذا الطريق هو غير الطريق السابق المذكور في العبد، ولا يتصور أن يكون في المالك كما فهمه الرافعي؛ لأن التعليل بالتعلق بالرقبة وبالتشبيه بأرش الجناية يدفع ذلك، ولم يتعرض له في "الحلية".

قوله من زوائده: ولو أخرج الأب من ماله فطرة ولده الصغير الغني جاز كالأجنبي إذا أذن، بخلاف الابن الكبير. انتهى.

(1) في أ: القضاء.

(2)

في حـ: لا.

ص: 40

فيه أمران:

أحدهما: أن محل المنع في الكبير ما إذا كان عاقلًا رشيدًا، فإن كان مجنونًا جاز.

وكذلك السفيه على ما دل عليه كلامه في "شرح المهذب"؛ لأن الفارق بين الصغير والكبير هو استقلال الأب بتمليك الصغير، وهذا موجود في المجنون والسفيه، وما ذكره في السفيه هو قياس ما ادعاه من كونه ينوي عنه وفيه كلام سبق.

وعلل المحب الطبري في "ألغازه" عدم الإجزاء عن الكبير بكونه قادرًا على النية، وهذا يقتضي التفرقة بين السفيه والمجنون.

الأمر الثاني: أنه سكت عن الوصي وحكمه أنه لا يجوز له ذلك إلا بإذن القاضي.

كذا قاله البغوي، ونقله أيضًا الماوردي.

ص: 41