المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌القول في السنن - المهمات في شرح الروضة والرافعي - جـ ٤

[الإسنوي]

فهرس الكتاب

- ‌ زكاة الفطر

- ‌الطرف الثاني: في صفات المؤدي

- ‌الطرف الثالث: في صفات المخرج

- ‌كتاب الصيام

- ‌الركن الثاني: الإمساك عن المفطرات

- ‌القول في شرائط الصوم:

- ‌القول في السنن

- ‌القسم الثاني في مبيحات الإفطار وموجباته

- ‌كتاب الاعتكاف

- ‌كتاب الحج

- ‌الباب الأول: في وجوه أداء النسكين:

- ‌الباب الثاني: في أعمال الحج

- ‌الفصل الأول: في الإحرام

- ‌الفصل الثاني: في سنن الإحرام

- ‌الفصل الثالث: في سنن دخول مكة

- ‌الفصل الرابع: في الطواف

- ‌الفصل الخامس: في السعي

- ‌الفصل السادس: في الوقوف

- ‌الفصل السابع: في أسباب التحلل

- ‌الفصل الثامن: في المبيت

- ‌الفصل التاسع: في الرمي

- ‌الفصل العاشر: في طواف الوداع

- ‌الفصل الحادي عشر: في حكم الصبى

- ‌الباب الثالث في محظورات الحج والعمرة

- ‌النوع الأول: اللبس

- ‌النوع الثاني: الطيب

- ‌النوع الثالث دهن شعر الرأس واللحية

- ‌النوع الرابع: الحلق والقلم:

- ‌النوع الخامس: الجماع

- ‌النوع السادس: مقدمات الجماع

- ‌الباب [الرابع] (*) في الدماء

- ‌الفصل الأول في أبدالها

- ‌الفصل الثاني في مكان إراقة الدماء وزمانها

الفصل: ‌القول في السنن

‌القول في السنن

قوله: والسنة أن يفطر على تمر، فإن لم يجد فعلى ماء؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:"من وجد التمر فليفطر عليه، ومن لم يجد فليفطر على الماء؛ فإنه طهور"(1).

ثم قال: وعن القاضي الحسين أن الأولى في زماننا أن يفطر على ماء يأخذه بكفه من النهر ليكون أبعد عن الشبهة. انتهى.

واعلم أن القاضي لم يتعرض في "فتاويه" للمسألة وذكرها في "تعليقه"، وصرح بخلاف ذلك فقال بعد الكلام على أن الصائم ينزه صومه من الكلام القبيح: إن من سنن الصوم الإفطار على تمر، فإن لم يكن فمذقة لبن، فإن لم يكن فشربة من نهر، وإلا فليصب من الكوز على اليد، هذا كلامه.

نعم ذكر ذلك في آخر الصيام من إحدى "تعليقتيه" فقال: والأولى في هذا الزمان أن يفطر على شربة ماء يأخذه من النهر أو يصبه من الكوز على يده حتى يكون أبعد من الشبهة.

هذه عبارته، ومع ذلك فليس مطابقًا.

الثاني: أنه قد ورد في الحديث ما يقتضي أن تأخر التمر عن الرطب، وهو ما رواه أنس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفطر قبل أن يصلي على رطبات، فإن لم يكن رطبات فتمرات، وإن لم يكن حسا حسوات من

(1) أخرجه أبو داود (2355) والترمذى (658) وابن ماجة (1699) وأحمد (16270) والدرامى (1701) وابن خزيمة (2067) وابن حبان (3515) والحاكم (1575) والطيالسى (1181) والطبرانى في "الكبير"(6192) وعبد الرزاق (7586) وابن أبى شيبة (2/ 349) والبيهقى في "الشعب"(3898) وفى "الكبرى"(7918) والحميدى (823) وابن الجعد (2153) من حديث سلمان بن عامر رضي الله عنه بسند ضعيف للجهالة بحال الرباب.

وضعفه الألبانى -رحمه الله تعالى-.

ص: 94

ماء (1). رواه أبو داود والترمذي وقال: حديث حسن، وقال الدارقطني: إسناده صحيح.

الأمر الثاني: أن مقتضى هذا الحديث أيضًا ومقتضى تعبير الرافعي أن لا تحصل السنة إلا بثلاث تمرات؛ لأن التمر جمع وأقله ثلاث.

وقد صرح الشيخ عز الدين بذلك في الماء فقال: يحسو حسوات.

ونقل أبو الطيب في "تعليقه" عن نصه في "حرملة" نحوه فقال: يستحب أن يفطر على تمرات أو حسوات من ماء، لكن عبارة القاضي الحسين والمتولي تمرة -أعني بالتاء- وكذلك الداودي في باب غسل الجنابة من "شرح المختصر".

قال الطبري في "شرح التنبيه": القصد بذلك أن لا يدخل جوفه أولًا ما مسته النار، ويحتمل أن يراد هذا مع قصد الحلاوة بقاؤه.

ومن كان بمكة استحب له الفطر على ماء زمزم لبركته، ولو جمع بينه وبين التمر فحسن. هذا كلامه.

والحديث الذي ذكره الرافعي رواه أبو داود وبقية أصحاب السنن بمعناه، وصححه الترمذي.

قوله: ومنها التسحر؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "تسحروا فإن في السحور بركة"(2) انتهى.

لم يبين هنا الوقت الذي يدخل فيه التسحر، وقد بين ذلك في كتاب

(1) أخرجه أبو داود (2356) والترمذى (696) وأحمد (12698) والحاكم (1576) والدارقطنى (2/ 185) وأبو نعيم في "الحلية"(9/ 227) وأبو بكر القطيعى في "جزء الألف دينار"(52) والخطيب في "التاريخ"(1/ 243) و (9/ 379) من حديث أنس رضي الله عنه.

قال الترمذى: حسن غريب.

وقال الدارقطنى: هذا إسناد صحيح، وقال الألبانى: صحيح.

وقال الألبانى: صحيح.

(2)

أخرجه البخارى (1823) ومسلم (1095) من حديث أنس رضي الله عنه.

ص: 95

الأيمان فقال نقلًا عن العبادي: إنه يدخل فيه بنصف الليل، وجزم به النووي هنا في "شرح المهذب"، وذكر ابن أبي الصيف في "نكت التنبيه" ما حاصله أنه لا يدخل إلا بدخوله السدس الأخير، وفسر السحر بذلك -أعنى: بالسدس الأخير- ثم ذكر ما تقدم على جهة البحث فقال: والعرب تقول أنعم صباحًا من نصف الليل، فلو قيل: إن الآكل في ذلك يكون متسحرًا لم يبعد. هذه عبارته، والحديث الذي ذكره الرافعي رواه الترمذي وصححه.

قوله: والوصال أن يصوم يومين فصاعدًا، ولا يتناول بالليل شيئًا. انتهى كلامه.

تابعه في "الروضة" على تفسير الوصال بذلك، وفيه إشعار بأن ما عدا الأكل والشرب كالجماع والإسقاء والظعن وغيرهما من المفطرات لا تخرجه عن الوصال.

وهو مقتضى كلامه في "شرح المهذب" أيضًا، وإنه نقل عن الجمهور أنهم فسروه بصوم يومين وأكثر من غير أكل ولا شرب في الليل.

ثم قال: والصواب أن الوصال ترك الأكل والشرب في الليل بين الصومين عمدًا بلا عذر، هذا لفظه.

وتخصيص ذلك بالأكل والشرب ونحوهما ظاهر من جهة المعنى؛ لأن النهي عن الوصال إنما هو لأجل الضعف، وهذه الأمور تزيده؛ إذ لا تمنع حصوله.

لكن ذكر جماعة خلاف ذلك منهم الروياني فإنه قال: الوصال أن يصل صوم الليل بصوم النهار قصدًا فلو ترك الأكل بالليل لا على قصد الوصال والتقرب إلى الله تعالى لم يحرم. هذا لفظه في "الحلية"، ونقله عنه في "شرح المهذب" لأجل تضعيف القصد ولم يتفطن لما ذكرناه، وقال في "البحر" الوصال الصائمين. هذا لفظه، ثم شرط بعد ذلك ما شرطه في

ص: 96

"الحلية" من القصد.

ومنهم الجرجاني فإنه قال في "الشافي": الوصال أن يترك بالليل ما أبيح له من غير إفطار.

وقال ابن الصلاح: يزول بما تزول به صورة الصوم.

وتعبير الرافعي بقوله: أن يصوم يومين يقتضي أن المأمور بالإمساك كترك النية لا يكون امتناعه بالليل من تعاطي المفطرات وصالًا؛ لأنه ليس بين صومين، إلا أن الظاهر أنه جرى على الغالب.

قوله: ومنها أن يصون لسانه عن الكذب والغيبة والمشاتمة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث المعروف: "فإن امرؤ قاتله أو شاتمه فليقل إني صائم"(1).

قال الأئمة: معناه: فليقل في نفسه ولينزجر، ثم قال بعد ذلك: هذا شرح السنن الثمان التي ذكرها المصنف. انتهى كلامه.

فيه أمران:

أحدهما: أن عد صيانة اللسان عن هذه الأمور من السنن ذكره أيضًا في "المحرر"، وتبعه عليه في "الروضة"، وهو سهو؛ لأن السنة لا يجب الإتيان بها، وصيانة اللسان عن ذلك واجب في حق غير الصائم فضلًا عن الصائم ويمتاز الصائم عن غيره بتأكد إيجابه.

وأما دعواه أن الغزالي ذكر ذلك فليس كما قال؛ فإن الغزالي عبر بقوله: (وكف اللسان عن الهذيان). هذا لفظه، ولم يذكر فيه شيئًا من المحرمات.

وأشار بالهذيان إلى الكلام الذي له عنه مندوحة لا تتعلق به أغراض شرعية ولا دنيوية، وقد صرح غير الغزالي باستحباب تركه.

ولما ذكر الشيخ أبو إسحاق ترك المحرمات عبر بقوله: (وينبغي). وهو

(1) أخرجه مالك (682) والبخارى (1795) ومسلم (1151) من حديث أبى هريرة رضي الله عنه.

ص: 97

تعبير صحيح؛ فالحاصل أن الرافعي ترك مسألة من كلام "الوجيز" وذكر مكانها ما لا يستقيم ذكره، وقد تفطن لذلك في "الشرح الصغير" فعبر أيضًا بقوله:(ينبغي) ولم يجعله من السنن، وكأنه لما ظن أن مراد الغزالي هو الأمور المحرمة شرح مراده بعبارة لا يرد عليه هو فيها شيء، وذكره على الصواب النووي في "دقائق المنهاج" فقال قول "المنهاج": وليصن لسانه عن الكذب والغيبة، هذه لام الأمر؛ أي: يلزمه ذاك، وهو مراد "المحرر" وإن أوهمت عبارته غيره. هذا كلامه.

وقد ذكر جماعة من المصنفين نحو عبارة الرافعي وفيه ما ذكرناه. وينبغي تأويله على الحالة التي يجوز تعاطى هذه الأشياء فيها كالكذب للحاجة والغيبة للتظلم، ونحوه.

الأمر الثاني: أن هذه المسألة التي نقلها الرافعي عن الأئمة وهي أن الصائم يقول ذلك بقلبه لينزجر وقد أسقطها النووي من "الروضة"، ثم ذكرها في "الأذكار" و"لغات التنبيه" و"شرح المهذب"، ورجح عكس ما قاله الرافعي فقال في "الأذكار" و"اللغات": أظهر الوجهين أنه يقول بلسانه.

وقال في "الشرح": أقوى التأويلين أنه يقوله بلسانه مرتين أو ثلاثًا: إني صائم، ثم قال: فإن جمعهما فحسن.

وحكى الروياني في "البحر" وجهًا واستحسنه: أنه إن كان صوم رمضان فيقول بلسانه وإن كان نفلًا فبقلبه.

والحديث المذكور رواه الشيخان من رواية أبي هريرة، وفيه تكرار "إنى صائم" مرتين.

قوله: حكوا عن أحمد أنه لا يكره السواك بعد الزوال في النفل ليهون العمل عن الرياء، ويكره في الفرض.

وحكى صاحب "المعتمد" عن القاضي الحسين مثل مذهب أحمد. انتهى.

واعلم أن القاضي الحسين قد صرح في "تعليقه" بخلاف ما نقل عنه

ص: 98

فقال قبيل الكلام على الكبير الذي لا يستطيع الصوم: إن من سنة الصوم ترك السواك بعد الزوال، ولم يفصل بين الفرض والنفل.

ثم صرح بعد ذلك بنحو ورقتين بأنه لا فرق بينهما فقال: فأما الصائم فيستحب له ذلك في أول النهار بأي عود كان، ويكره بالعشي سواء كان فرضًا أو نفلًا. هذا لفظه. وذكر أيضًا في الباب نحوه أيضًا.

وأما نقل الرافعي عن "المعتمد" فصحيح؛ فإنه قال: ذكر القاضي الحسين أنه في الفرض يكره بالعشي ويستحب قبل الزوال، وفي الزوال يستحب أن يستاك قبل الزوال وبعده، لأنه أبعد من الرياء. هذا لفظ "المعتمد".

نعم حكاه القاضي الحسين عن أحمد، والظاهر: أنه مراد المعتمد ولكن سقط منه شيء؛ ولهذا لم يعبر بقوله: ذهب ونحوها، بل بقوله ذكر فغير الرافعي التعبير.

قوله في "أصل الروضة": ويستحب أن يحترز عن الحجامة والعلك والقبلة والمعانقة إذا لم نحرمها. انتهى.

وهذا الكلام يقتضي سبق الخلاف في تحريم الجميع وذلك محرم مسلم فيما عدا العلك، وأما العلك فلم يسبق له ذكر في كلامه بالكلية ولم يعتبر الرافعي بقوله إذا لم نحرمها، بل بقوله وقد سبق ذكرها، وهو صحيح؛ فإن العلك قدمه الرافعي ولكن أسقطه من "الروضة".

ص: 99