المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌النوع الخامس: الجماع - المهمات في شرح الروضة والرافعي - جـ ٤

[الإسنوي]

فهرس الكتاب

- ‌ زكاة الفطر

- ‌الطرف الثاني: في صفات المؤدي

- ‌الطرف الثالث: في صفات المخرج

- ‌كتاب الصيام

- ‌الركن الثاني: الإمساك عن المفطرات

- ‌القول في شرائط الصوم:

- ‌القول في السنن

- ‌القسم الثاني في مبيحات الإفطار وموجباته

- ‌كتاب الاعتكاف

- ‌كتاب الحج

- ‌الباب الأول: في وجوه أداء النسكين:

- ‌الباب الثاني: في أعمال الحج

- ‌الفصل الأول: في الإحرام

- ‌الفصل الثاني: في سنن الإحرام

- ‌الفصل الثالث: في سنن دخول مكة

- ‌الفصل الرابع: في الطواف

- ‌الفصل الخامس: في السعي

- ‌الفصل السادس: في الوقوف

- ‌الفصل السابع: في أسباب التحلل

- ‌الفصل الثامن: في المبيت

- ‌الفصل التاسع: في الرمي

- ‌الفصل العاشر: في طواف الوداع

- ‌الفصل الحادي عشر: في حكم الصبى

- ‌الباب الثالث في محظورات الحج والعمرة

- ‌النوع الأول: اللبس

- ‌النوع الثاني: الطيب

- ‌النوع الثالث دهن شعر الرأس واللحية

- ‌النوع الرابع: الحلق والقلم:

- ‌النوع الخامس: الجماع

- ‌النوع السادس: مقدمات الجماع

- ‌الباب [الرابع] (*) في الدماء

- ‌الفصل الأول في أبدالها

- ‌الفصل الثاني في مكان إراقة الدماء وزمانها

الفصل: ‌النوع الخامس: الجماع

‌النوع الخامس: الجماع

قوله: ولو جامع بين التحللين فقولان:

أظهرهما: تجب شاة. والثاني: بدنة.

ثم قال: ونقل الإمام بدل القولين وجهين، ووجهًا ثالثًا وهو أنه لا يجب فيه شئ أصلًا. وهو ضعيف. انتهى.

ودعواه أن عدم الوجوب وجه مصرح به وأن الإمام نقله غريب جدا؛ فإن الإمام لم ينقله بل ولا صرح به، وإنما أشار إلى تخريجه، ومع كونه قد أشار إلى ذلك وصرح بأن التخريج بعيد، فاعلم ذلك.

وممن نبه عليه ابن الرفعة أيضًا، وقد تبعه في "الروضة" على إثباته وجهًا لكنه لم ينقله عن الإمام.

قوله: هل قضاء الحج على الفور؟

فيه وجهان: أحدهما: لا؛ كالأداء.

وأصحهما أنه على الفور ويضيف بالشروع.

ثم قال: عن ابن القفال إجراء هذا الخلاف في كل كفارة وجبت بعدوان انتهى.

وهذه المسألة أعني: إيجاب هذه الكفارة على الفور قد وقع فيها اختلاف في كلامه وفي كلام النووي أيضًا، وستعرف ذلك إن شاء الله تعالى مبسوطًا في كتاب الظهار في الباب المعقود للكفارات.

فإن قيل: كيف يكون الحج المأتي به في هذه الحالة قضاء مع وقوعه في وقته وهو الغمر؟ قلنا: سنعرف جوابه في المسألة التي بعدها إن شاء الله تعالى.

ص: 432

قوله: وذكر الإمام والغزالي أن المتعدي بترك الصلاة بلزمه قضاؤها على الفور بلا خلاف؛ لأن المصمم على ترك القضاء مقتول عندنا، ولا يتحقق هذا إلا مع توجه الخطاب بمبادرة القضاء. وفي توجيه ما ذكره وقفة لأن أكثر الأصحاب لم يعتبروا فيما يناط به القتل ترك القضاء على ما عرف في باب ترك الصلاة. انتهى ملخصًا.

وفيه أمران:

أحدهما: أن ما اقتضاه كلامه من حكاية الخلاف هناك في الامتناع من القضاء لم يتقدم له ذكر، بل تقدم ما يشعر بالجزم بعدم اعتباره.

نعم: ذكره النووي هناك من زوائده وأسقط من هنا هذا الكلام كله؛ فلزم خلو "الروضة" من نقل الرافعي له في الموضعين، وقد تقدم ذكر لفظ الروجية في موضعه فراجعه.

الأمر الثاني: أن هذه الوقفة التي ذكرها الرافعي عجيبة والاستدلال عليها أعجب لأن الإمام والغزالي ادعيا قتل المصمم وهذا مسلم وهو كاف في استدلالهما. والذي استدل به الرافعي إنما هو العكس ولم يدعياه.

قوله: والمتعدي بترك الصلاة يلزمه قضاؤها على الفور دون غيره، وقيل: يجب عليهما، وقيل: لا يجب على واحد منهما. انتهى ملخصًا.

فيه أمران:

أحدهما: أن توجه القضاء واضح إذا كان واجدًا لأحد الطهورين، وإن كان فاقدًا لهما فقد نقل الروياني عن والده أنه لا يجب عليه ذلك لأنه لو قضى لاحتاج إلى الإعادة ثانيًا وثالثًا وهكذا إلى ما لا يتناهى، بخلاف المؤداه في الوقت فإنها تجب مرة واحدة بحرمة الوقت.

ص: 433

قال: وهل يجوز للفاقد المذكور القضاء أي: ويقضي إذا وجد الماء؟ .

فيه وجهان. هكذا نقله في باب التيمم من "شرح المهذب".

ثم قال أعني النووي: إن الصواب من الوجهين أنه لا يجوز لما ذكرناه.

وسكت عن القادر على التيمم في موضع يلزمه القضاء. وفيه نظر.

والمجزوم به في باب التيمم من "فتاوى البغوي" أن القضاء يجب في هذه الحالة.

الأمر الثاني: أن من دخل في صلاة ثم أفسدها صارت قضاء وإن أوقعها في الوقت؛ لأن الخروج منها لا يجوز فلم يبق للإحرام بها وقت. كذا جزم به القاضي الحسين في تعليقه والمتولي في "التتمة" والروياني في "البحر" وغيرهم، كلهم في باب صفة الصلاة في الكلام على النية؛ وحينئذ فإن قلنا الفائت على الفور فيتجه أن لا يجوز تأخيرها إلى أثناء الوقت.

وإن قلنا: إنه على التراخى؛ ففي جواز إخراجه عن الوقت الأصلي نظر، والمتجه المنع.

قوله: وإن كان قد أحرم بعد مجاوزة الميقات نظر إن جاوزه مشيًا لزمه في القضاء أن يحرم من الميقات الشرعي وليس له أن ينشئ ثانيًا وإن جاوزه غير مسمى بأن لم يرد النسك ثم بدأ فأحرم ثم أفسد فقد حكى الشيخ أبو علي فيه وجهين: أحدهما وهو الذي أورده صاحب "التهذيب" وغيره أن عليه أن يحرم في القضاء من الميقات الشرعي لأنه الواجب في الأصل.

وأصحهما عند الشيخ أنه لا يلزمه ذلك؛ سلوكًا بالقضاء مسلك الأداء؛ ولهذا لو اعتمر المتمتع من الميقات ثم أحرم بالحج من مكة وأفسده لا يلزمه

ص: 434

في القضاء أن يحرم من الميقات بل يكفي أن يحرم من جوف مكة، ولو أفرد الحج ثم أحرم بالعمرة من أدنى الحل ثم أفسدها يكفيه أن يحرم في قضائها من أدنى الحل.

والوجهان مفروضان فيما إذا لم يوجع إلى الميقات فما فوقه.

أما إذا رجع ثم عاد فلابد من الإحرام من الميقات. انتهى كلامه. فيه أمران.

أحدهما: أن الأصح هو الوجه الثاني وهو عدم الوجوب. كذا صححه في "الشرح الصغير" وعبر بالأصح، وصحح النووي في "أصل الروضة" الأول، وكذلك صححه في "شرح المهذب" أيضًا وكأنه تمسك بما تشعر به عبارة الرافعي من رجحانه القائلين به لكن المذكورين في كلامه أكثر عددا.

الأمر الثاني: أن ما ذكره في آخر كلامه من أن محل الخلاف فيما إذا لم يعد إلى الميقات مع ما نقله عن "التهذيب" أولًا صريح في أن صاحب "التهذيب" فرض المسألة فيما إذا لم يعد وأوجب مع ذلك الإحرام من الميقات. وهو غلط؛ فإن هذه لم يذكرها صاحب "التهذيب" فضلًا عن كونه يكلفه الذهاب إلى الميقات، والذي ذكره إنما هو فيما إذا عاد؛ فإنه قال: فإن كان قد جاوز الميقات غير مريد للنسك ثم بدا له أن يحرم فأحرم ثم أفسد الحج قال رحمه الله: يجب أن يحرم من الميقات في القضاء، فإن جاوزه ثم أحرم عليه دم لأنه جاوزه مريدًا للنسك وفي الإحرام لم يجاوزه مريدًا للنسك.

هذا لفظه.

وما ذكره من التعليل وهو المجاوزة على إرادة النسك يبين أن صورة الوجهن فيما إذا عاد إلى بلده كما هو الغالب أو ما في معنى ذلك مما هو

ص: 435

يحاذي الميقات أو فوقه وانتهى إلى الميقات على قصد النسك وإلا لم يصح تعليله لأنه قد تجاوز الميقات بحاجة ثم يعن له عند انتهائه إلى المكان الذي أحرم منه بالآداء أن يحرم بالقضاء.

ثم إن كلام الرافعي نفسه يرشد إلى هذا التصوير فإنه قد علل في أثناء تقسيم المسألة بقوله: وليس له أن ينشئ ثانيًا؛ فصار أول كلامه يخالف آخره.

وقد قطع الماوردي بوجوب الدم إذا رجع ثم عاد ومر بالميقات غير محرم، وقطع أيضًا بعدم الدم إذا كان أحرم بالأداء من (*) فخرج بالقضاء من مكة إلى ذلك الموضع فأحرم منه. وحكى الوجهين فيما إذا كان أحرم بالأداء من الحل فخرج من مكة إليه ولم يصل إلى الميقات فيجب عليه الدم على أحد الوجهين؛ لأن له أحد ميقاتين إما الحرم وإما ميقات بلده ولم يحرم من واحد منهما.

وهذا الذي قاله الماوردي ظاهر متجه، ويتعين حمل الوجهين في كلام الرافعي وغيره عليه أو على ما إذا عاد على قصد النسك، وتكون مجاوزة الميقات جائزة هنا على وجه لمحاكاة القضاء للأداء. وهذا الحمل هو الأقرب. لاسيما إلى التعليل المذكور في كلام الرافعي، وإلا كيف يستقيم الأخذ بظاهر ما قاله من تكليف الذهاب إلى الميقات إذا كان إحرامه بالأداء من مكة ثم أفسد وأقام به فإن أحدًا لا أظنه يوافق عليه.

وبما قاله الماوردي يظهر لك أن ما احتج به الرافعي للوجه الثاني ليس محل النزاع.

قوله: ولا يجب أن يحرم بالقضاء في الزمان الذي أحرم فيه بالأداء بل له التأخير عنه مثل أن يحرم مثلًا بالأداء في شوال له أن يحرم بالقضاء في ذي القعدة.

(*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: كذا بالمطبوع

ص: 436

وفرقوا بين الزمان والمكان بأن اعتناء الشرع بالميقات المكاني أكمل؛ ألا ترى أن مكان الإحرام يتعين بالنذر وزمانه لا يتعين حتى لو نذر الإحرام بالحج في شوال له أن يؤخره.

وظني أن هذا الاستشهاد غريب لا يسلم عن النزاع. انتهى لفظه بحروفه.

وما ذكره في المسألة التي استشهد بها غريب جدًا؛ فإن الاستشهاد المذكور وهو نذر الزمان قد ذكره في كتاب النذر وسوى بينه وبين نذر المكان وحكى فيهما معًا وجهين. وزاد على ذلك فصحح أنه يلزمه الوفاء بهما فقال: ولو نذر أن يحرم بالحج من شوال فهو على الخلاف الذي سبق، والأظهر وهو اختيار صاحب "التهذيب" أنه يلزم. وكذا لو نذر أن يحرم من بلد كذا.

هذا لفظه، وتبعه في "الروضة" على الموضعين.

فإذا ظهر أن الأصح في المسألة التي استدلوا بها هو اللزوم على خلاف ما قرروه هنا وأنه هو المذكور في بابه ظهر أن الأصح في المسألة المستدل عليها وجوب القضاء وأن زمان الإحرام كمكانه، وقد رأيته مجزومًا به في "التتمة" نقلًا عن القاضي الحسين في الكلام على الاستئجار للحج في أثناء الفروع المعقودة لتعيين الميقات، وذكر في "شرح المهذب" ما يوافقه في الكلام على الاستئجار للحج ما نصه: ولو شرط على الأجير الإحرام من أول يوم في شوال جاز ولزم الوفاء به.

ذكره القاضي الحسين وغيره.

قال القاضي الحسين والمتولي: وعلى هذا لو أحرم في أول شوال وأفسده لزمه في القضاء أن يحرمه في أول شوال كما في ميقات المكان.

ص: 437

هذا لفظه.

وقد ذكر الرافعي في النذر أيضًا أنه إذا نذر الحج في سنة تعينت على الصحيح. وهو يشكل على ما قاله هنا أيضًا.

ولم يتعرض في "الشرح الصغير" لمسألة الاستشهاد في كتاب النذر، بل ذكرها في هذا الباب، ولم يتوقف فيها كما توقف في "الكبير" فاقتضى أنه لا خلاف فيه، وهو غريب.

واعلم أن هذا الاختلاف العجيب قد وقع في كتب منها "شرح المهذب" للنووي و"شرح التنبيه" لابن الرفعة و"شرح التعجيز" لمصنفه فإنه ذكرها في الكلام على الإفساد كما ذكرها غيره وذكرها كذلك قبيل الكلام على الاستئجار للحج، وبالغ فيه فقال: لا يتعين الزمان بلا خلاف. ثم قال في الكلام على الاستئجار له أنه إذا عين الأجير زمانًا تعين كما لو نذر الحج فيه.

قوله من "زياداته": ولا يلزم الذي أفسد أن يسلك في القضاء الطريق الذي سلكه في الأداء بلا خلاف لكن يشترط إذا سلك غيره أن يحرم من قدر مسافة الإحرام في الأداء. انتهى كلامه.

فيه أمران:

أحدهما: أن كلامه صريح في أنه لا يجب عليه الإحرام من المكان الذي أحرم فيه بالأداء بلا خلاف.

وليس الأمر فيه كذلك؛ فقد حكى الماوردي وجها أنه يجب الإحرام منه فقال: فلو كان أحرم في الأداء من البصرة وأحرم في القضاء من مصر والمسافة بينهما إلى الحرم واحدة ففيه وجهان:

أحدهما: لا دم عليه، ويكون اختلاف الجهتين كاختلاف الطريقين.

ص: 438

والثاني: عليه دم؛ لأن من شرط القضاء مماثلة الأداء، والإحرام من مصر وإن كان مساويًا لمسافة الإحرام من البصرة فهو غير الإحرام من البصرة؛ فلم يقم مقامه في إسقاط الدم.

هذا كلام الماوردي، وهو صريح فيما ذكرته، غير أن كلامه يدل على أنه إذا أحرم من المكان الذي أحرم منه أولا وسلك طريقًا آخر كفى ذلك بلا خلاف.

الثاني: أن ما ذكره من الإحرام بقدر مسافة الأداء ليس على إطلاقه فإن المسافة التي أحرم منها أولًا لو كانت فوق الميقات مثلًا أو من الميقات ولكن كانت بالنسبة إلى الطريق التي سلكها بين الميقات ومكة فلا يتصور على ما ذهب إليه من وجوب الإحرام من الميقات إذا كان قد أحرم في الأداء من دون الميقات أن يجوز له مجاوزته هنا حتى يحرم من نظير تلك المسافة.

وأما على ما ذهب إليه الرافعي فيتحمل الجواز هنا، ولكن المتجه المنع أيضًا لأنه أحرم في الأداء من الميقات ويريد أن يجاوزه في القضاء.

قوله: فإذا خرجت الزوجة للقضاء فهل يجب على الزوج ما زاد على النفقة بسبب السفر؟ فيه وجهان.

قال في "العدة": ظاهر المذهب فيها هو الوجوب. انتهى.

والذي قاله في "العدة" هو الصحيح. كذا صححه النووي في "شرح المهذب" وفي أصل "الروضة"، ولم يتعرض للمسألة في "الشرح الصغير".

ولو زمنت الزوجة وصارت معضوبة فهل يلزم الزوج أن يستأجر من ماله من يحج عنها؟ فيه الوجهان في النفقة الزائدة. كذا نقله في "شرح المهذب" عن القاضي حسين والبغوي.

قوله: وإذا خرجا معًا ليفترقا في الموضع الذي وقعت فيه الإصابة كيلا

ص: 439

تدعوه الشهوة إلى المعاودة فإن معهد الوصال مشوق.

وهل يجب ذلك؟ فيه قولان: الجديد أنه لا يجب كما أنه لا يجب في سائر المنازل. انتهى.

لم يبين الغاية التي ينتهى إليها الافتراق، بل كلامه يوهم بأن الافتراق خاص بتلك المنزلة. وليس كذلك؛ فإن المجزوم به في "شرح المهذب" وفي غيره: أن الأمر بالتفريق سواء قلنا بوجوبه أو استحبابه يمتد إلى أن يتحلل التحللين.

قال الماوردي: ويعير لها في السير والمنزل وقول الرافعي مشوق هو بكسر الواو المشددة؛ أي: المكان الذي عهد فيه الوصال داع له ومشوق إليه.

قوله: ويجوز للمفرد بأحد النسكين إذا أفسده أن يقضيه مع الآخر قارنًا وأن يتمتع بالعمرة إلى الحج، ويجوز للمتمتع والقارن القضاء على سبيل الإفراد ولا يسقط دم القرآن بالقضاء على سبيل الإفراد خلافًا لأحمد.

إذا عرف ذلك ففي الفصل مسألتان.

إحداهما: إذا جامع القارن .. إلى آخره.

ثم قال بعد ذلك: ثم إذا اشتغل بقضائهما فإن قرن أو تمتع فعليه دم آخر، وإلا فقد أشار الشيخ أبو علي إلى خلاف فيه ومال إلى أنه لا يجب شئ آخر. انتهى كلامه.

وهو يريد بقوله في أول الكلام: ولا يسقط دم القران بالقضاء على سبيل الإفراد، أن الدم الذي وجب للفوات الواقع في عام الإفساد لا يسقط بالقضاء على سبيل الإفراد.

ص: 440

وهذه غير مسألة الشيخ أبي على المذكور أخيرًا؛ فإن مسألته في الدم الذي وجب للقران المرتب في الذمة، وقد صحح الرافعي قبل ذلك في أوائل الحج في الكلام على الاستئجار للقران والتمتع ما يوافق الشيخ أبا على، وقد تقدم التنبيه عليه، وجزم أيضًا في كتاب النذر في الكلام على نذر الحج بما يقتضيه أيضًا فراجعهما.

وقد توهم النووي أن المراد بالأولى هو المراد بالثانية فقال عقب كلام الشيخ أبي على ما نصه: قلت: المذهب وجوب دم آخر إذا أفرد في القضاء، وبه قطع الجمهور، وممن قطع به الشيخ أبو حامد والماوردي والمحاملي والقاضي أبو الطيب في كتابيه والمتولي وخلائق أخرون وهو مراد الرافعي بقوله في أوائل هذا النوع، ولا يسقط دم القران لكنه ناقصه بهذه الحكاية عن أبي على، والله أعلم.

قال: والحمل على هذه الصورة عجيب لوجوه:

منها: أن السياق يدفعه.

ومنها: أنه لم يكن قد تكلم على إيجاب الدم للقضاء حتى تكلم بعده على إسقاطه.

ومنها: إلزام التكرار والتناقض بعد أسطر.

وهذه الأمور ظاهر الكلام وصلا عن غيره، وبالجمله فهو فاسد بلا شك مؤد إلى إسقاط مسألة الرافعي.

واعلم أن النووي قد ذكر في أول باب الفوات والإحصار من "شرح المهذب" هذه المسألة أعني القضاء على سبيل الإفراد. وحكى وجها أن الدم يسقط، وذكرها أيضًا في هذا الموضع من الشرح المذكور، وقال: إنه لا خلاف في عدم السقوط.

ص: 441

قال: وقد اتفق عليه الأصحاب في الطريقين لأنه قد أسفر في ذمته قضاء حجه بالصفة الماضية وهي القران، فإذا عدل عنه إلى ما هو أفضل جاز لكن لا يسقط الدم.

هذا كلامه.

قوله: ولو قدم القارن مكة وطاف وسعى ثم جامع بطل نسكاه وإن كان بعد أعمال العمرة. انتهى.

وما ذكره من أن الوطء والحالة هذه وقع بعد أعمال العمرة تبعه عليه النووي.

وليس كذلك فإن الحلق من الأركان على المعروف ولم يأت به.

قوله: فلو أحرم مجامعًا ففيه وجوه:

أحدها: ينعقد صحيحًا ثم إن نزع استمر وإلا فلا.

والثاني: ينعقد فاسدًا وعليه القضاء والمضي فيه، ولا كفارة إلا إذا استمر فيكون كمن جامع في الحج الفاسد.

والثالث: لا ينعقد كالصلاة مع الحدث.

انتهى ملخصًا.

والأصح عند الرافعي هو الأول فقد جزم به قبل ذلك في باب الإحرام قبيل الكلام على سنن الإحرام بنحو ورقة وصفحة، وقد سبق ذكر لفظه هناك.

وأما النووي فاختلاف كلامه في هذه المسألة في "الروضة" فإنه قد وافق الرافعي في باب الإحرام على ما ذكره هناك وهو كونه ينعقد صحيحًا ثم خالفه فيها هاهنا فصحح من "زياداته" الوجه الثالث وهو عدم الانعقاد.

ص: 442

وقد ذكر الرافعي المسألة في موضع ثالث وهو باب مواقيت الحج قبيل الكلام على الميقات المكانى، وجزم هناك بأنه ينعقد ولم يزد عليه، وهو محتمل لكل من الوجهين الأولين ومخالف على كل حال لما صححه النووي من "زوائده" إلا أن هذا الموضع لم يذكره في "الروضة".

ولو أحرم في حال نزعه فقيل: ينعقد صحيحًا، وقيل: فاسدًا، وقيل: لا ينعقد.

حكاهن في "الكفاية".

ص: 443