الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المقدمة
الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب وجعله هاديًا ونذيرًا، ومرشدا لمن تمسك به واعتمد عليه في موالاته ومعاداته، فهو له سراجٌ منيرٌ، وأوجب فيه مقاطعة أهل الشرك ومن كان لهم مؤيدا ونصيرا.
والصلاة والسلام على أشرف خلقه وخيرة رسله محمد صلى الله عليه وسلم الذي مزق الله بمبعثه ظلام الكفر، وجعل من هديه مباينة الشرك والمشركين جملة وتفصيلاً.
وعلى آله وأصحابه الذين تحابوا في الله حبًّا أرغموا به أنوف الأعداء، وجاهدوا به الكفار والمنافقين جهادًا كبيرًا وتميزوا به عن أهل الضلال، فلم يرضوا منهم بأنصاف الحلول سبيلاً.
وبعد:
فإن قضية الموالاة والمعاداة في الشريعة الإسلامية قد أصبحت
من القضايا المهملة في حساب كثير ممن ينتمون إلى الإسلام في العصر
الحاضر، ظنا منهم أن تلك القضية ليست من قضايا العقيدة والعبادة، لذلك وضعوا أيديهم بأيدي الكفار، ومنحوهم غاية الحب والمودة والمناصرة، ودافعوا عنهم باللسان والسنان، في الوقت الذي خذلوا فيه أهل الإيمان، وأذاقوهم ألوانا من العذاب.
وهناك دعوة يروِّج لها أعداء الإسلام، ويهذي بها المنافقون والمرتدون والساذجون من مدعي الإسلام، وتلك هي دعوة التقريب بين الأديان، أي بين الرسالات الثلاث: الإسلام، والنصرانية واليهودية، تحت شعار «الدين لله والوطن للجميع» .
فقد أصدر مركز الدراسات والأبحاث الاقتصادية والاجتماعية التابع للجامعة التونسية كتاب الملتقى الإسلامي المسيحي وجاء في مقدمة هذا الكتاب الذي كتبه عبد الوهاب بوحدبية ما نصه لقد عقد هذا الملتقى الإسلامي المسيحي الذي دعونا إليه بقرطاج، والحمامات والقيروان في الفترة من 11 إلى 17 نوفمبر سنة (1974) وقد ساهم هذا اللقاء في بناء صرح التفاهم والإخاء بين الأديان (1).
ونحن نريد أن نذكر هؤلاء وأمثالهم بما قرره الله عز وجل في كتابه الكريم من أنه لا لقاء بين الحق والباطل أبدا، وأن أعداء التوحيد في كل زمان ومكان لا يتغيرون، ولا يلتقون مع الحق إلا عندما يذعنون له ويتخلصون من الباطل قال تعالى:(وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ)[البقرة: 120]
(1) مجلة الدعوة السعودية عدد 812 في 9 (ذو القعدة) سنة 1401 هـ ص15.
فقد اقتضت حكمة الله سبحانه وتعالى، أن يبتلي خيار هذه الأمة بشرارها، ومؤمنيها بفجارها، وعلماءها بجهالها، وهذه سنة الله التي قد خلت من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلاً.
ولذلك فإن حاجة المسلمين ماسَّة في هذا العصر، إلى أن يعودوا إلى تحقيق الموالاة فيما بينهم، والمعاداة مع أعدائهم، حيث قد تداعت عليهم قوى الكفر والظلم والطغيان من كل حدب وصوب، وتنادى الجميع للقضاء على هذا الدين بوسائلهم المختلفة، ولن يقف في وجه هذه الحرب الصليبية اليهودية الوثنية، المتواطئة مع المرتدين والمنافقين، وسفهاء المسلمين، سوى اتحاد المسلمين وتلاحمهم صفًا واحدًا، كما قال تعالى:(إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ)[الصف: 4].
وكما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «مثل المؤمنين في توادهم وتلاحمهم، وتعاطفهم، مثل الجسد، إذا اشتكى منه عضو، تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى» (1).
ولا شك لديَّ في أن القيام بمهمة البحث في هذا الموضوع على وجه الدقة والكمال أمر يحتاج إلى قدرة لا أدعيها لنفسي ومران أفتقده ولكنها المحاولة، وحسبي منها أن أبذل ما في وسعي وطاقتي من جهد من أجل إبراز الصورة المثلى التي رسمها القرآن الكريم والهدي النبوي وتناولها علماء الإسلام والأعلام بالتوضيح والبيان فيما تفرق من مباحثهم ودراساتهم في هذا الموضوع.
فإن أحسنت فما توفيقي إلا بالله، وأشكره سبحانه وتعالى على ذلك،
(1) متفق عليه، انظر نزهة المتقين شرح رياض الصالحين (1/ 246) رقم الحديث (226)
وإن أخطأت، أو قصرت فما تجاوزت قدري «كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون» (1).
فأستغفر الله، وأتوب إليه، وحسبي أني كنت حريصًا أن لا يقع ذلك مني وأتوسل إليه في طلب عفوه وغفرانه، بحسن النية وقصد الثواب إنه هو الغفور الرحيم
المؤلف
محماس بن عبد الله بن محمد الجلعود
(1) رواه الترمذي في سننه (4/ 70)(باب القيامة) وأحمد بن حنبل في مسنده (3/ 198).