الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الرابع: ارتباط الموالاة والمعاداة بالشهادتين
إن مما يجب أن يعلمه كل مسلم، أن الله افترض علينا جميعًا عداوة المشركين، وعدم موالاتهم وأوجب علينا جميعا محبة المؤمنين ومناصرتهم بالقول والفعل والاعتقاد، وأخبر أن ذلك من شروط الإيمان ومن مستلزماته العظام، فنفى الإيمان عمن يواد من حادَّ الله ورسوله، ولو كانت هذه الموادة لأقرب قريب كافر، ولذلك فمن العلماء من عدَّ الموالاة والمعاداة داخلة في معنى لا إله إلا الله، ومنهم من توقف في ذلك فيكون في هذه المسألة قولان:
القول الأول: إن المولاة والمعاداة من معاني لا إله إلا الله فقد سئل الشيخ عبد الله (1) بن عبد الرحمن أبابطين عن معنى لا إله إلا الله وعن
(1) هو الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن بن عبد العزيز أبابطين ولد في بلدة الروضة من بلدان سدير في عشرين ذي القعدة سنة (1194) ونشأ بها وتعلم على يد علمائها ثم انتقل إلى شقراء وتعلم على يد قاضيها الشيخ عبد العزيز الحصين، ولما توفي سعود بن عبد العزيز بن محمد على الحرمين سنة (1220) ولاه قضاء الطائف وكان بجانب ذلك
يقوم بتعليم طلاب العلم، ثم انتقل إلى شقراء وتولى قضاء بلدان الوشم كلها، وفي عهد الإمام تركي بن عبد الله أرسله إلى بلدة عنيزة قاضيًا عليها وذلك سنة (1248) وبقي فيها اثنتان وعشرون سنة وفي عام (1270) رجع إلى قضاء شقراء، وقد توفي في السابع من جمادي الأولى سنة (1282) وله من المؤلفات، مختصر بدائع الفوائد للإمام ابن القيم، وكتب حاشية نفيسة على شرح المنتهى، جاءت في مجلد ضخم، وله لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية، انظر مشاهير علماء نجد عبد الرحمن بن عبد اللطيف (176 - 178).
معنى الطاغوت الذي أمرنا الله باجتنابه والكفر به، فأجاب بأن معنى الإله هو المألوه الذي تألهه القلوب وتحبه، وقد دلَّ صريح القرآن على معنى الإله وأنه المعبود كما في قوله تعالى:(وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ * إِلا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ * وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلهُمْ يَرْجِعُونَ)[الزخرف: 28].
قال المفسرون هي كلمة التوحيد (لا إِلَهَ إِلا اللهُ) لا يزال في ذريته من يعبد الله ويوحده، والمعنى جعل هذه الموالاة لله والبراءة من كل معبود سواه كلمة باقية في ذرية إبراهيم، يتوارثها الأنبياء وأتباعهم بعضهم عن بعض وهي كلمة (لا إِلَهَ إِلا اللهُ) فتبين أن موالاة الله بعبادته والبراءة من كل معبود سواه، هو معنى لا إله إلا الله (1) اهـ.
وعلى ذلك فمن أباح الشرك، أو تولى المشركين، وذب عنهم، أو عادى الموحدين، وتبرأ منهم فهو ممن أسقط حرمة (لا إِلَهَ إِلا اللهُ) ولم يعظمها ولا قام بحقها، ولو زعم أنه مسلم، وأنه من أهلها القائمين بحرمتها (2).
ويقول الشيخ عبد الرحمن بن حسن (3) في الآية المتقدمة إن
(1) انظر الدرر السنية (2/ 143).
(2)
المصدر السابق (9/ 325).
(3)
هو الشيخ عبد الرحمن بن حسن بن محمد بن عبد الوهاب، ولد سنة (1193) في بلدة الدرعية ونشأ بها وقرأ القرآن وحفظه وهو ابن تسع سنين ثم لازم حلق الذكر عند جده الشيخ محمد بن عبد الوهاب، وقد توفي جده الشيخ محمد بن عبد الوهاب وعمره ثلاث عشرة سنة، بعد ذلك تعلم على يدي كثير من العلماء الأجلاء ثم جلس لطلاب العلم يدرسهم علم التوحيد والفقه، وتولى قضاء الدرعية زمن الإمام سعود بن عبد العزيز وبعد سقوط الدرعية على يد إبراهيم باشا نقل الشيخ إلى مصر وذلك سنة (1233هـ) وبقي بمصر ثمان سنوات قضاها في طلب العلم والتعليم، ثمَّ عندما استولى تركي بن عبد الله على نجد عام 1240هـ كتب إلى الشيخ يطلب قدومه فقدم سنة (1241هـ) وتولى منصب قاضي الرياض، وتعلم على يديه خلق كثير توفي سنة (1285) وله عدة ردود على ابن جرجيس وعثمان بن منصور وعلى عبد الحميد الكشميري، وشرح كتاب التوحيد لجده محمد بن عبد الوهاب إلى غير ذلك من الرسائل والشروح.
انظر: مشاهير علماء نجد تأليف عبد الرحمن بن عبد اللطيف (58 - 64).
الله عبَّر على لسان إبراهيم في قوله: (إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ) عن معنى (لا إِلَهَ إِلا اللهُ) وعبر عن معنى قول (لا إِلَهَ إِلا اللهُ) بقوله: (إِلا الَّذِي فَطَرَنِي) فتبين أن معنى لا إله إلا الله هو البراءة من عبادة كل ما سوى الله، وإخلاص العبادة بجميع أنواعها لله تعالى (1).
ومثل ذلك ما ذكر الله عن أصحاب الكهف في قوله تعالى: (وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلا اللهَ)[الكهف: 16] ففي قوله: (وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلا اللهَ) معنى (لا إِلَهَ) وفي قوله: (إِلا اللهُ) هو المستثني في كلمة الإخلاص (2).
ومثل ذلك أيضا قوله تعالى: (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلا نَعْبُدَ إِلا اللهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا
(1) انظر الدرر السنية (2/ 110).
(2)
انظر الدرر السنية (2/ 110).
أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ) [آل عمران: 64] ففي قوله (أَلا نَعْبُدَ) معنى (لا إِلَهَ) وفي قوله: (إِلا اللهُ) هو المستثنى في كلمة الإخلاص، فالولاء لله يتضمن البراءة من كل ما سواه (1) اهـ.
وفي رسالة أخرى من عبد الرحمن بن حسن، وعلي بن حسين (2) وإبراهيم (3) بن سيف، إلى بعض الإخوان قالوا فيها: إن التوحيد هو إفراد الله بالعبادة، ولا يحصل ذلك إلا بالبراءة من الشرك والمشركين باطنا وظاهرا كما ذكر الله عن إمام الحنفاء عليه السلام في قوله تعالى:(وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ * إِلا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ)[الزخرف: 26، 27] ومن الأدلة على هذا المعنى قول الله تعالى: (قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ * إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ)[الأنعام: 78، 79] وقال تعالى: (وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ)[البقرة: 135] وقال تعالى: (مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ
(1) الدرر السنية (2/ 120)
(2)
هو الشيخ علي بن حسين ابن الشيخ محمد بن عبد الوهاب ولد بالدرعية وقرأ على علمائها وتولى القضاء بمدينة الدرعية في زمن سعود بن عبد العزيز وعندما استولى إبراهيم باشا على الدرعية فر المترجم له إلى عمان وقطر وأقام بها حتى تولى الإمام تركي ابن عبد الله فرجع إلى نجد وتولى قضاء حوطة بني تميم ثم نقل إلى قضاء الرياض وتوفي في آخر سنة (1257 هـ).
انظر مشاهير علماء نجد (53).
(3)
هو الشيخ إبراهيم بن سيف من تلاميذ الشيخ عبد العزيز الحصين تولى القضاء في ناحية سدير من قبل الإمام عبد الله بن سعود وابنه الإمام فيصل بن تركي انظر مشاهير علماء نجد (164).
الْمُشْرِكِينَ) [آل عمران: 67] وقال تعالى: (قُلْ صَدَقَ اللهُ فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ)[آل عمران: 95] وقال تعالى: (قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ)[الأنعام: 14] وقال تعالى: (قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ)[الأنعام: 161].
وقال تعالى: (إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا للهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ)[النحل: 120] وقال تعالى: (ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ)[النحل: 123] وقال تعالى: (وَلا يَصُدُّنَّكَ عَنْ آيَاتِ اللهِ بَعْدَ إِذْ أُنْزِلَتْ إِلَيْكَ وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ)[القصص: 87] وقال تعالى: (مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ)[الروم: 31] وقال تعالى: (وَأَنْ أَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ)[يونس: 105].
فتأمل تلك الآيات، ثم انظر كيف أكد الباري جل وعلا على رسله والمؤمنين بأثنتي عشرة آية في البراءة من المشركين ومدحهم بتلك الصفة، وهذا كله يدل بلا ريب على أن الله أوجب على المؤمنين البراءة من كل مشرك، وأمر بإظهار العداوة، والبغضاء للكفار عامة، وللمحاربين خاصة وحرم على المؤمنين موالاتهم والركون إليهم (1).
(1) انظر الدرر السنية (2/ 128).
وهذه البراءة من الكفار هي حقيقة معنى «لا إله إلا الله» ومدلولها، لا مجرد قولها باللسان، من غير نفي لما نفته من صلة بالمشركين، ومن غير إثبات لما أثبتته من موالاة رب العالمين (1) فمعنى شهادة أن لا إله الا الله، نفي استحقاق العبادة -والولاء جزء منها- لغير الله عز وجل، مع إثبات هذا الاستحقاق لله وحده وهو ما دل عليه قول الله تعالى:(وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ)[النحل: 36].
فلا يكفي في تحقيق معنى الشهادة أن يعبد الإنسان ربه حتى يجتنب عبادة غير الله من جهة، وينفي استحقاق أي مخلوق لأي نوع من أنواع العبادة من دون الله، وهذا أمر متفق عليه ولا جدال فيه (2).
فمن والى الكفار أو تولاهم فقد كفر، لأنه لم يحقق معنى لا إله إلا الله (3).
وبناء على ذلك فإن الذين يتولون الكفار، ولا يعادونهم، لا يعبدون الله حق عبادته، وأنهم يشركون معه في العبادة غيره، إذ لو كانوا يعبدون الله حق عبادته لما أظهروا الرضا والمودة والمناصرة لأعداء الله وأعداء دينه من الكفار المشركين والمرتدين، فإن المسلم إذا دخل في طاعة الكفار، وأظهر المودة والموافقة لهم على الكفر، وأعانهم عليه بالمال أو السلاح أو الرجال، أو الرأي وأيدهم على ذلك، وقطع علاقته مع المسلمين، أو جعل صلته بالكفار تربو على صلته بالمسلمين، فقد خرج عن معنى لا إله إلا الله، وارتد عن الإسلام وكان حكمه الكفر، لأنه
(1) المصدر السابق المكان نفسه.
(2)
انظر مجموعة التوحيد (25، 26).
(3)
انظر كتاب الإيمان أركانه حقيقته نواقضه د/ محمد نعيم ياسين (181، 182)
حينئذ يكون في عداد المشركين حكمًا وفعلاً، وهو لم يحقق معنى لا إله إلا الله، فينفي ما نفته، ويفعل ما أثبتته، وإن كان يقولها عشرات المرات، لأن القول الصادق يدل عليه العمل (1).
وقد سئل مؤلف رسالة «أسباب نجاة المسئول من السيف المسلول» من قبل شخص ما قال في سؤاله: نحن نقول لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله ولا تكفون عن قتالنا، والكفار والأولون، إذا قالوها كف عنهم وأنتم تقولون: إنكم تقولونها وتشركون فماذا نقول حتى تكفوا عنا، أفتونا مأجورين؟ فأجاب الشيخ بقوله: إن كلمة الإخلاص هذه قيدت بقيود ثقال حيث كان «إمام» الحنفاء عليه السلام لم يحصل له قول «لا إله إلا الله» ، ولم تتم له المحبة والمولاة وهو إمام المحبين إلا بالمعاداة كما قال تعالى مخبرا عنه:(أَفَرَأَيْتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ * أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الأَقْدَمُونَ * فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلا رَبَّ الْعَالَمِينَ)[الشعراء: 75 - 77] فإنه لا ولاء إلا ببراءة ولا ولاء لله إلا بالبراءة من كل معبود سواه (2).
وهذا هو معنى لا إله إلا الله كما قال تعالى: (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ * إِلا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ * وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلهُمْ يَرْجِعُونَ)[الزخرف: 26 - 28] فأورثها إمام الحنفاء عليه السلام لأتباعه يتوارثها الأنبياء بعضهم عن بعض فلما بعث نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أمره الله بقولها كما قالها أبونا إبراهيم عليه السلام فأنزل الله عز وجل بها سورة كاملة هي سورة الكافرون فأمره أن يقول: (قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ * لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ} .. إلى قوله: (لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ
(1) انظر كتاب الإيمان أركانه حقيقته نواقضه د/ محمد نعيم ياسين (181، 182).
(2)
انظر مجموعة التوحيد (140).
دِينِ) وقد عرف المشركون ذلك حين دعاهم إلى قول لا إله إلا الله، قالوا:(أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ)[ص: 5].
فإن لا إله إلا الله، معناها النفي والإثبات، وحقيقتها الموالاة والمعاداة في الله (1) اهـ.
القول الثاني: قول من توقف: هل الموالاة والمعاداة من معنى «لا إله إلا الله» أم لا؟
يقول الشيخ سليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب: إنه يجب على المسلم أن يعلم أن الله افترض عليه عداوة المشركين وعدم موالاتهم، وأوجب عليه محبة المؤمنين وموالاتهم، وأخبر أن ذلك من شروط الإيمان، ونفي الإيمان عمن يواد من حاد الله ورسوله، ولو كان أقرب قريب في النسب، وأما كون ذلك من معنى لا إله إلا الله أو من لوازمها، فلم يكلفنا الله بالبحث عن ذلك، وإنما كلفنا بمعرفة أن الله فرض علينا ذلك وأوجبه وأوجب العمل به، فهذا هو الغرض الحتم الذي لا شك فيه، ومن عرف أن ذلك من معناها ولوازمها فهو حسن وزيادة خير (2) اهـ.
وعلى هذا فالقول الثاني موافق للقول الأول من حيث المبدأ إلا أن الشيخ سليمان يرى أن البحث في هذا الموضوع لا يضيف شيئا جديدًا طالما الأمر ثابت وجوبه شرعًا، والذي يبدو لي أن كلا القولين صواب إلا أن في القول الأول زيادة توضيح للأدلة، وتأكيد لها وبيان لأهمية هذا الأمر ومقامه في الإسلام، والزيادة في توضيح النصوص الشرعية مقيدة عقلا وشرعا والله الهادي إلى سواء السبيل.
(1) انظر مجموعة التوحيد (141).
(2)
المصدر السابق (50، 51)