المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث الأول: المفهوم اللغوي للموالاة والتولي - الموالاة والمعاداة في الشريعة الإسلامية - جـ ١

[محماس الجلعود]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌التمهيد

- ‌المبحث الأول: المفهوم اللغوي للموالاة والتولي

- ‌المبحث الثاني: المفهوم اللغوي للمعاداة

- ‌المبحث الثالث: المفهوم الشرعي للموالاة والتولي والمعاداة

- ‌المبحث الرابع: بيان ارتباط عنوان الرسالة بالمعنى الاصطلاحي للشريعة الإسلامية

- ‌الباب الأول: مشروعية الموالاة والمعاداة في الشريعة الإسلامية

- ‌التمهيد: لمحة تاريخية عن الموالاة والمعاداة

- ‌الفصل الأول: منزلة الموالاة والمعاداة في الشريعة الإسلامية

- ‌المبحث الأول: الموالاة والمعاداة في القرآن الكريم

- ‌المبحث الثاني: الموالاة والمعاداة في السنة النبوية

- ‌المبحث الثالث: أقوال السلف الصالح في الموالاة في الله والمعاداة فيه

- ‌المبحث الرابع: ارتباط الموالاة والمعاداة بالشهادتين

- ‌المبحث الخامس: الموالاة والمعاداة في الله قولاً وعملاً

- ‌المبحث السادس: حكم موالاة المؤمنين ومعاداة الكافرين

- ‌المبحث السابع: موالاة أهل الحق تستلزم معاداة أهل الباطل

- ‌المبحث الثامن: مكانة الموالاة والمعاداة في الإسلام

- ‌المبحث التاسع: صلة المداهنة والمداراة بالموالاة والمعاداة

- ‌المطلب الأول: المداهنة وحكمها

- ‌المطلب الثاني: المداراة وحكمها والفرق بينها وبين المداهنة

- ‌المبحث العاشر: تغيير الأسماء لا يغير حقيقة المسمى وحكمه

- ‌الفصل الثاني: التطبيق العملي للموالاة والمعادة في الشريعة الإسلامية

- ‌المبحث الأول: أسباب تحقيق الموالاة في الله

- ‌المبحث الثاني: حقوق الموالاة بين المسلمين

- ‌المبحث الثالث: موالاة الأقليَّات الإسلامية

- ‌المبحث الرابع: أسباب تحقيق المعاداة في الله

- ‌المبحث الخامس: صورة من الموالاة في الله والمعاداة فيه

- ‌الباب الثاني: في عوامل ضعف الموالاة في الله والمعاداة فيه

- ‌التقديم: تحديد قضية هذا الباب

- ‌الفصل الأول: الجهل وصلته بالموالاة والمعاداة

- ‌الفصل الثاني: الاختلاف في مسألة من مسائل الفروع

- ‌الفصل الثالث: الاعتزال عن الجماعة المسلمة

- ‌المبحث الأول: الاعتزال بدعوى جواز الاعتزال

- ‌المبحث الثاني: اعتزال المؤمنين خوفا من أعداء أهل الإيمان

- ‌المبحث الثالث: العلماء بين طريق الجهاد وطريق الاعتزال

- ‌الفصل الرابع: دعوى الإكراه في عدم الموالاة في الله والمعاداة فيه

- ‌الفصل الخامس: العملاء الذين يوالون الأعداء للمصلحة الشخصية

الفصل: ‌المبحث الأول: المفهوم اللغوي للموالاة والتولي

‌المبحث الأول: المفهوم اللغوي للموالاة والتولي

لم يرد في القرآن الكريم، ولا في كتب الصحاح لفظ موالاة وإنما روى الطبراني في الكبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما «أوثق عرى الإيمان، الموالاة في الله والمعاداة في الله، والحب في الله، والبغض في الله» (1) اهـ.

والموالاة مصدر (والى) يوالي موالاة (2).

ولفظ الموالاة، أعم من التولي، حيث أن الموالاة هي المحبة (3).

بغض النظر عن درجة هذا الحب ومرتبته، فكل من أحببته وأعطيته،

(1) يقول: محمد ناصر الدين الألباني في كتابه سلسلة الأحاديث الصحيحة المجلد الثاني ص (734) رقم الحديث (998): إن هذا الحديث إسناده حسن وله شواهد يتقوى بها ورجاله ثقات، وفي بعضهم كلام لا يضر في ذلك.

(2)

انظر محيط تأليف بطرس البستاني (2/ 2287، 2289).

(3)

القاموس المحيط للفيروز آبادي (4/ 401، 402).

ص: 11

ابتداء من غير مكافأة فقد أوليته، وواليته، والمعنى أي أدنيته إلى نفسك (1).

والموالاة ضد المعاداة يقال: (والى بينهما ولاء) أي: تابع بينهما متابعة، وافعل هذه الأشياء على (الولاء) أي المتابعة (2) ،.

أما التولي: فهو تقديم كامل المحبة والنصرة للمتولىَّ بحيث يكون المتولَّي مع المتولَّى كالظل مع الجسم (3).

قال ابن الأعرابي (4): الموالاة أن يتشاجر اثنان فيدخل بينهما ثالث للصلح ويكون له في أحدهما هوى، فيواليه أو يحابيه على الآخر (5) اهـ.

ووالى فلان فلانًا، إذا أحبه وقربه وأدناه إليه (6).

ويقول الدكتور/ محمد نعيم ياسين: الموالاة مشتقة من الولاء وهو الدنو والقرب، والولاية، ضد العداوة، والولي عكس العدو (7) اهـ فالمؤمنون أولياء الرحمن، والكافرون أولياء الشيطان لقرب الفريق الأول من الله بطاعته وعبادته، وقرب الفريق الثاني من الشيطان بطاعته واتباعه وبعدهم عن الله بعصيانه ومخالفته (8).

(1) تاج العروس للزبيدي (10/ 401).

(2)

الصحاح تأليف إسماعيل بن حماد الجوهري (6/ 2530، 2531) وانظر مختار الصحاح محمد ابن أبي بكر الرازي (736).

(3)

المعجم الوسيط (2/ 1070).

(4)

هو محمد بن زياد المعروف بابن الأعرابي الكوفي، ولد بالكوفة سنة 150 هـ وأخذ عن الكسائي وابن السكيت وغيرهم، وأخذ عنه الأصمعي، فهو لغوي، نحوي، راوية لأشعار العرب توفي بسر من رأى من آثاره: النوادر تاريخ القبائل معاني الشعر، تفسير الأمثال، انظر ترجمته في معجم المؤلفين/ عمر رضا كحالة (10/ 11).

(5)

لسان العرب/ محمد بن منظور (3/ 986).

(6)

لسان العرب/ محمد بن منظور (3/ 986).

(7)

انظر: الإيمان أركانه حقيقته نواقضه د/ محمد نعيم ياسين (187 - 188).

(8)

المصدر السابق المكان نفسه.

ص: 12

يقول الأزهري (1): للموالاة معنى آخر، سمعت العرب تقول:(والوا حواشي نعمكم عن جلتها) أي اعزلوا صغارها عن كبارها (2) اهـ والتولي، مصدر تولي أي اتخذه وليا (3).

فالتولي إذا بمعنى الاتخاذ والاتباع المطلق وهو يعني الانقطاع الكامل في نصرة المتبع وتقريبه وتأييده، و (التولية) مصدر (ولى) أي انصرف ذاهبًا (4).

فالتولي أخص من الموالاة، فكل (تولي) داخل في مفهوم الموالاة وليس كل موالاة داخلة في مفهوم التولي كما أسلفنا.

والتولي يرد بعدة معان:

منها النصرة كما في قوله تعالى: (إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ)[الممتحنة: 6] أي تنصروهم يعني أهل مكة، قال ذلك الفراء (5).

(1) هو محمد بن أحمد بن الأزهر بن طلحة الأزهري الشافعي، أديب، لغوي، ولد سنة 282 هـ في هراة بخراسان، وعني بالفقه أول الأمر، ثم غلب عليه علم العربية، فرحل في طلبه وقصد القبائل وتوسع في أخبارهم، توفي بهراة في ربيع الأول سنة 370 هـ من تصانيفه الكثيرة: تهذيب اللغة في أكثر من عشرة مجلدات، والتقريب في التفسير، والزهراوي في غرائب الألفاظ، وعلل القراءات، وكتاب في أخبار يزيد بن معاوية.

انظر معجم المؤلفين/ عمر رضا كحالة (8/ 230).

(2)

لسان العرب/ محمد بن منظور (3/ 986).

(3)

المعجم الوسيط لمجموعة أساتذة (2/ 1070).

(4)

محيط المحيط بطرس البستاني (2/ 2287) وما بعدها.

(5)

هو يحيى بن زياد بن عبد الله بن منظور الأسلمي، المعروف بالفراء الديلمي (أبو زكريا) أديب، نحوي، لغوي مشارك في الفقه والطب وأيام العرب وأشعارها، ولد بالكوفة سنة (144 هـ) وانتقل إلى بغداد وصحب الكسائي، وأدب ابن المأمون العباسي، وصنف للمأمون كتاب الحدود في النحو، واجتمع لإملائه خلق كثير منهم ثمانون قاضيا توفي في طريق مكة سنة (207) ومن آثاره: المصادر في القرآن، آلة الكتاب، الوقف والابتداء، المقصور والممدود واختلاف أهل الكوفة والبصرة والشام في المصاحف، انظر معجم المؤلفين عمر رضا كحالة (13/ 198).

ص: 13

تفسيرًا لمعنى قوله (أَنْ تَوَلَّوْهُمْ) وقال أبو منصور: جعل التولي ههنا بمعنى النصرة، من الولي والمولى وهو الناصر والمعين (1) اهـ.

وقال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللهُ عَلَيْهِمْ)[الممتحنة: 13].

قال ابن عباس: أي لا توالوهم، ولا تناصحوهم (2).

ويأتي التولي بمعنى الإدبار والإعراض، قال تعالى:(وَلا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ)[هود: 52] أي تدبروا عما أدعوكم إليه (3) ويأتي بمعنى قام وبدأ، قال تعالى:(وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ)[النور: 11] أي قام بمعظم ذلك القول وبدأ فيه (4).

ومن استعمالات كلمة (تولى) بمعنى ذهب وانصرف، قول الله تعالى:(فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ)[القصص: 24] أي انصرف وذهب إليه (5).

وتأتي بمعنى اتبع، قال الله تعالى:(كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَنْ تَوَلاهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ)[الحج: 4] وتأتي بمعنى استأخر وكن قريبا منه، قال تعالى: (اذْهَبْ

(1) لسان العرب/ محمد بن منظور (3/ 986).

(2)

انظر تفسير القرطبي (18/ 76)

(3)

مختصر تفسير الطبري (52) على هامش المصحف الشريف.

(4)

مختصر تفسير الطبري (392) على هامش المصحف الشريف

(5)

انظر مختصر تفسير الطبري حاشية مصحف الشروق المفسر الميسر (437).

ص: 14

بِكِتَابِي هَذَا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ) [النمل: 28] أي استأخر غير بعيد (1). أو كن قريبًا منهم (2).

وتأتي كلمة (تولى) بمعنى فوض واتخذ قال تعالى: (وَمَنْ يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغَالِبُونَ)[المائدة: 56] أي: من فوض أمره إلى الله وامتثل أمر رسوله صلى الله عليه وسلم ووالى المسلمين على ذلك، فهو من حزب الله، وقيل: أي من يتخذ القيام بطاعة الله ونصرة رسوله والمؤمنين فهو من حزب الله (3)، وإن حزب الله لهم الغالبون.

وتأتي، بمعنى عصى ويعصي، قال تعالى:(وَمَنْ يَتَوَلَّ يُعَذِّبْهُ عَذَابًا أَلِيمًا)[الفتح: 17] أي يعصي الله ورسوله، فيتخلف عن قتال المشركين (4) وتأتي كلمة (تولى) بمعنى يطيع، قال تعالى:(إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ)[النحل: 100].

أي: يطيعونه ويشركونه بالله (5).

ولفظ (ولي) يأتي موافقا لمعنى الموالاة التي هي المحبة والنصرة، في بعض استعمالاته، وإن كان يستعمل في معان عديدة.

(الولي) اسم من أسماء الله تعالى، والولي هو الناصر، وقيل: المتولي لأمور العالم والخلائق القائم بها (6).

(1) تفسير ابن سعدي (5/ 575).

(2)

مختصر تفسير الطبري على مصحف الشروق المفسر الميسر (426).

(3)

تفسير القرطبي (6/ 222)

(4)

مختصر تفسير الطبري على المصحف المفسر الميسر (583).

(5)

مختصر تفسير الطبري على المصحف المفسر الميسر (310).

(6)

لسان العرب: محمد بن منظور (3/ 984).

ص: 15

ومن أسمائه عز وجل: الوالي، وهو المالك للأشياء جميعها المتصرف فيها (1).

قال ابن الأثير (2): وكأن الولاية تشعر بالتدبير والقدرة والفعل، وما لم يجتمع ذلك فيها لم ينطلق عليه اسم الوالي (3) اهـ.

ومن استعمالات (الولي) بمعنى الناصر (4) قول الله تعالى: (اللهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ)[البقرة: 257] فالولي فعيل بمعنى فاعل، قال الخطابي (5): الولي الناصر ينصر عباده المؤمنين (6) اهـ.

ويقال: تولاك الله، أي وليك الله، ويكون بمعنى نصرك الله (7).

(1) المصدرالسابق المكان نفسه.

(2)

هو المبارك بن محمد بن محمد بن عبد الكريم بن عبد الواحد الشيباني الشافعي المعروف (بابن الأثير الجزري) مجدد الدين، أبو السعادات، عالم، أديب، ناثر، شارك في تفسير القرآن والنحو واللغة والحديث والفقه وغير ذلك، ولد بجزيرة ابن عمر في أحد الربيعين، ونشأ بها، ثم انتقل إلى الموصل، وكتب لأمرائها وكانوا يحترمونه، وسمع ببغداد، وتوفي بالموصل سلخ ذي الحجة 606 هـ وقد كان مولده في سنة (544هـ) من تصانيفه النهاية في غريب الحديث وجامع الأصول في أحاديث الرسول، والإنصاف بين الكشف والكشاف تفسير الثعلبي والزمخشري، ديوان رسائل، والبديع في شرح الفصول لابن الدهان في النحو.

انظر: معجم المؤلفين عمر رضا كحالة (8/ 174).

(3)

لسان العرب محمد بن منظور (3/ 984).

(4)

المصدر السابق المكان نفسه.

(5)

هو أحمد بن محمد بن إبراهيم بن الخطاب الخطابي البستي ولد سنة (319) وت (388) من ولد زيد بن الخطاب أخي عمر بن الخطاب (أبو سليمان) محدث لغوي، فقيه، أديب من تصانيفه: معالم السنن في شرح كتاب السنن لأبي داود، غريب الحديث، شرح البخاري، أعلام الحديث إصلاح الغلط، وله شعر.

انظر معجم المؤلفين/ عمر رضا كحالة (2/ 61).

(6)

لسان العرب محمد بن منظور (3/ 985).

(7)

المصدر السابق المكان نفسه.

ص: 16

ومنه قوله تعالى: (فَإِنَّ اللهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ)[التحريم 4] أي، وليه وناصره عليهم (1).

وقال تعالى: (قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلا مَا كَتَبَ اللهُ لَنَا هُوَ مَوْلانَا وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ)[التوبة: 51] فمعنى (مَوْلانَا) أي: ناصرنا (2)، وقال تعالى:(أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ)[يوسف: 101]، فقوله:(أَنْتَ وَلِيِّي) أي: ناصري (3)، وقال تعالى:(إِنَّ وَلِيِّيَ اللهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ)[الأعراف: 196] أي نصيري وظهيري (4).

وفي الحديث اللهم آت نفسي تقواها، وزكِّها أنت خير من زكّاها أنت وليها ومولاها (5).

والولي: الله عز وجل: أي الناصر والكافي، والولاءة والولي كلها مصادر ولي (6).

و (الولي) يطلق ويراد به القريب في النسب، قال تعالى:(فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ)[فصلت: 34] أي كأنه قريب شفيق (7).

و (المولى) يطلق ويراد به الناصر والمؤيد، قال تعالى: (ذَلِكَ بِأَنَّ اللهَ

(1) مختصر تفسير الطبري على هامش المصحف المفسر الميسر (644).

(2)

تفسير القرطبي (8/ 161).

(3)

مختصر تفسير الطبري على هامش مصحف الشروق المفسر الميسر (273).

(4)

مختصر تفسير الطبري على مصحف الشروق (193).

(5)

رواه الإمام أحمد مسند أحمد (4/ 371).

(6)

معجم متن اللغة، تأليف/ أحمد رضا (5/ 817).

(7)

انظر تفسير ابن سعد (6/ 577).

ص: 17

مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لا مَوْلَى لَهُمْ) [محمد: 11] أي أن الله ناصر وولي من آمن به، وأما الكافرون لا ناصر ولا ولي لهم (1).

وقال تعالى: (بَلِ اللهُ مَوْلاكُمْ وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ)[آلعمران: 150] أي وليكم وناصركم (2)، ويطلق لفظ (المولى) ويراد به القريب قال تعالى:(يَوْمَ لا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئًا وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ)[الدخان: 41] أي لا يدافع ابن عم عن ابن عم، ولا صاحب عن صاحبه (3).

ويطلق (المولى) ويراد به الحليف والمعين والنصير، وهو من انضم إليك فعز بعزك وامتنع بمنعتك، قال عامر الخصفي من بني خصفة:

هم المولى وإن جنفوا علينا

وإنا من لقائهم لزور (4)

وكلمة (أولياء) جمع ولي، وتأتي بعدة معانٍ هي:

معنى النصرة أو الأنصار قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ)[الممتحنة: 1] أي أنصارًا (5)، قال تعالى:(وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ)[الأنفال: 73] أي: يتناصرون بدينهم ويتعاملون باعتقادهم (6).

(1) مختصر تفسير الطبري على مصحف الشروق (557) وتفسير القرطبي (16/ 234).

(2)

مختصر تفسير الطبري على مصحف الشروق (75).

(3)

مختصر تفسير الطبري (564).

(4)

لسان العرب محمد بن منظور (3/ 986).

(5)

مختصر تفسير الطبري على هامش مصحف الشروق (629).

(6)

تفسير الطبري (8/ 57).

ص: 18

وقال تعالى: (وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ)[هود: 20] أي أنصار ينصرونهم، ويحولون بينهم وبين الله عز وجل (1) وتأتي كلمة (أولياء) بمعنى أنصار، قال تعالى:(وَلَوْ كَانُوا يُؤمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنزِلَ إلَيهِ مَا اتَّخَذُوهُم أَوْلِيَاءَ)[المائدة: 81] أي يؤاخونهم بالمودة ويستنصرونهم (2).

وترد كلمة (أولياء) بمعنى الخاصة والبطانة قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ)[النساء: 144] أي لا تجعلوا خاصتكم وبطانتكم منهم (3)، وقال تعالى:(الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ للهِ جَمِيعًا)[النساء: 139] أي يتخذون الكافرين أعوانا وأنصارا (4) يتعززون بهم، ويستنصرون (5).

وتأتي كلمة (أولياء) بمعنى الاتحاد والتجانس، قال تعالى (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ) [التوبة: 71] أي قلوبهم متحدة، في التواد والتحاب والتعاطف، غير ذلك من الأمور (6).

وتطلق كلمة (أولياء) ويراد بها الأصنام قال تعالى: (أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ فَاللهُ هُوَ الْوَلِيُّ وَهُوَ يُحْيِي الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)[الشورى آية: 9].

(1) مختصر تفسير الطبري على مصحف الشروق (264)

(2)

كلمات القرآن حسنين مخلوف ص (80)

(3)

تفسير القرطبي (5/ 424).

(4)

تفسير القرطبي (5/ 416).

(5)

تفسير ابن سعد (2/ 197).

(6)

تفسير القرطبي (8/ 202).

ص: 19

يعني أصناما (1) وقال تعالى: (أَلا للهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللهِ زُلْفَى)[الزمر: 3] فمعنى (أولياء) أي أصناما (2)، و (الولاية) تقرأ بالفتح والكسر قال تعالى:(هُنَالِكَ الْوَلايَةُ للهِ الْحَقِّ)[الكهف: 44].

قال ابن السكيت (3): الولاية بالكسر السلطان والإمارة والملك، والولاية بالفتح النصرة، يقال هم على ولاية، أي مجتمعون في النصرة (4) اهـ.

وقال سيبويه (5): الولاية بالفتح المصدر، والولاية بالكسر الاسم،

(1) تفسير القرطبي (5/ 424) وفتح القدير للشوكاني (4/ 527).

(2)

تفسير القرطبي (15/ 232) وفتح القدير (4/ 449).

(3)

هو يعقوب بن إسحاق بن السكيت المكنى (بأبي يوسف) ولد سنة (186) وتوفي (244 هـ) أديب، نحوي، لغوي، عالم بالقرآن والشعر، تعلم ببغداد وصحب الكسائي، واتصل بالمتوكل العباسي فعهد إليه بتأديب أولاده، وجعله في عداد ندمائه ثم انقلب عليه فقتله لخمس خلت من رجب سنة (244 هـ) ودفن ببغداد، من تصانيفه الكثيرة: إصلاح المنطق، القلب والإبدال، معاني الشعر، المقصور والممدود، والمذكر والمؤنث.

انظر معجم المؤلفين (13/ 985).

(4)

لسان العرب/ محمد بن منظور (3/ 985).

(5)

هو عمرو بن عثمان بن قنبر سيبويه (180، 796) يدعى (أبو بشر) أديب نحوي، أخذ النحو والأدب عن الخليل بن أحمد ويونس بن حبيب وأبي الخطاب، والأخفش وعيسى بن عمر، وورد بغداد، وناظر الكسائي، وتعصبوا عليه، ومن آثاره كتاب سيبويه في النحو.

انظر معجم المؤلفين (8/ 10)

وانظر الموسوعة العربية الميسرة (2/ 1045) تأليف محمد شفيق غربال.

ص: 20

مثل الإمارة والنقابة، لأنه اسم لما توليته وقمت به، فإذا أرادوا المصدر فتحوا وإذا أرادوا الاسم كسروا (1) اهـ.

وكان الكسائي (2) يفتحها ويذهب بها إلى النصرة (3)، وقال الفراء (4): سمعناها بالفتح وبالكسر في الولاية (5) وفي معنييهما جميعًا، وأنشد هذا البيت:

دعيهم فهم إلب على ولاية

وحفر هموا أن يعلموا ذاك دائب (6).

و (الولاية) القرابة والتصرف، الحاصلة بالسبب أو النسب، و (الولاء) بالكسر لغة: المتابعة، والموالاة عند الفقهاء، متابعة غسل الأعضاء على سبيل التعاقب، بحيث لا يجف العضو الأول قبل غسل الذي بعده (7).

وقيل (الولاء) بالفتح النصرة والمحبة والتناصر، سواء كان ولاء عتاقة، أو ولاء موالاة (8).

(1) لسان العرب/ محمد بن منظور (3/ 985).

(2)

هو علي بن حمزة بن عبد الله الأسدي الكوفي المعروف (بالكسائي)(أبو الحسن) مقرئ، مجود، لغوي، نحوي، شاعر، نشأ بالكوفة وتنقل في البلدان واستوطن بغداد، وتعلم على كبر، وأخذ اللغة من أعراب الحطيمة، الذين كانوا ينزلون بقطر، بل وغيرها من قرى بغداد، وروى الحديث، وأخذ عن الرؤاسي، وحمزة الزيات وسمع من خلق كثير، وقرأ عليه خلق ببغداد وبالرقة وغيرهما من البلدان، وتوفي برينويه، إحدى قرى السرى، من تصانيفه، المختصر في النحو، كتاب القراءات، معاني القرآن، مقطوع القرآن وموصوله، أشعار المعاياة وطرائقها، انظر معجم المؤلفين (7/ 84).

(3)

لسان العرب/ ابن منظور (3/ 985).

(4)

انظر ترجمته (16) من هذه الرسالة.

(5)

لسان العرب/ ابن منظور (3/ 1985).

(6)

لسان العرب ابن منظور (3/ 985).

(7)

المصدر السابق المكان نفسه.

وانظر جامع العلوم الملقب (بدستور العلماء) تأليف القاضي عبد رب النبي عبد رب الرسول الأحمد نكري (3/ 465).

(8)

جامع العلوم الملقب (بدستور العلماء) المكان نفسه المتقدم.

ص: 21

ومما تقدم نستنتج أنَّ معنى الموالاة والتولي في أغلب الأحايين هو المحبة، والمودة، والمتابعة، والقرابة، والنصرة.

وكل هذه المعاني القيمة، أراد الإسلام تحقيقها في واقع المسلمين وفي حياتهم العملية، وقد جسَّد (1) هذا المعنى حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في أوضح صورة وأسمى عبارة، فقال فيما روي عنه:«ترى المؤمنين في تراحمهم وتوادهم وتعاطفهم كمثل الجسد، إذا اشتكى عضو تداعى له سائر جسده بالسهر والحمَّى» (2).

(1) جسد بمعنى عظم، انظر القاموس المحيط للفيروز آبادي (1/ 283).

(2)

رواه البخاري، انظر صحيح البخاري (8/ 12)(باب كتاب الأدب).

ص: 22