الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الرابع: بيان ارتباط عنوان الرسالة بالمعنى الاصطلاحي للشريعة الإسلامية
قد يعترض البعض على عنوان الرسالة بأن الشريعة موضوع فقهي، والموالاة والمعاداة في الله من موضوعات العقيدة فلماذا لم يجعل عنوان الرسالة بهذه الصفة؟ الموالاة والمعاداة في العقيدة الإسلامية؟
وللإجابة عن ذلك نقول بأن العقيدة جزء من الشريعة، فالشريعة الإسلامية متناولة للأمور الاعتقادية وأمور العباد وأمور المعاملة (1).
وليست الشريعة الإسلامية، مرادفة لمعنى القانون الوضعي العام الذي يراد به عند إطلاقه، أمر معاملة الأفراد بعضهم لبعض (2).
فقد عرف الطبري الشريعة بأنها هي: الفرائض والحدود والأمر والنهي (3) اهـ.
(1) انظر المشروعية الإسلامية العليا د/ علي محمد جريشة (19).
(2)
المصدر السابق المكان نفسه.
(3)
تفسير الطبري (5/ 88)(1/ 11) دار المعرفة ببيروت.
وعرفها بعض المتأخرين بأنها أحكام الله المتعلقة بأفعال الإنسان (1) وهذا التعريف فيه قصور حيث خرج منه أمور الاعتقاد التي هي مرتكز الشريعة الإسلامية.
ولذلك لا تعد الشريعة (قانونا) بالمعنى الحديث لهذه الكلمة ولا هي كذلك من حيث مادتها، ذلك أنها وهي الرسالة التي لا يتطرق إليها الباطل تشمل جملة حياة الإنسان، من عقيدة وعبادة وسياسة واجتماع، وأخلاق على أوسع نطاق وبدون تقييد، كما تشمل حياة أهل الأديان الأخرى الذين يسمح لهم بالحياة بين المسلمين ما دام نشاطهم بريئا من العداوة للإسلام والمسلمين (2).
ولذلك فالمعنى الاصطلاحي للشريعة الإسلامية، أنها شاملة لجميع ما شرعه الله لعباده من العقائد، وأحكام العبادات والمعاملات (3).
قال تعالى: (ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ)[الجاثية: 18].
وقال تعالى: (شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ ..... )[الشورى: 13].
وقال تعالى: (أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللهُ)[الشورى: 21] وقال تعالى: (لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا)[المائدة: 48].
(1) انظر دائرة المعارف الإسلامية (13/ 242، 243).
(2)
المصدر السابق (13/ 245).
(3)
المعجم الوسيط (1/ 482).
وبناء على ذلك فإن موضوع الرسالة مرتبطة مع الشريعة الإسلامية ارتباطا كاملا، حيث إن (الموالاة والمعاداة) هما إظهار الحب والبغض بالأقوال والأفعال والنوايا (1) ولهذا رأينا أن هذا العنوان جامع لموضوعنا هذا، وأنه يحقق الغرض للوهلة الأولى في موضوع الرسالة لخالي الذهن عن محتواها، وأنه أشمل وأكمل من غيره، والله سبحانه وتعالى ولي التوفيق.
(1) انظر الإيمان أركانه حقيقته نواقضه، د/ محمد نعيم ياسين (188).