المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث الثالث: العلاقة بين المعنى اللغوي والشرعي - الموسوعة العقدية - جـ ٥

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌الفصل الرابع عشر: الصراط

- ‌المبحث الأول: تعريف الصراط

- ‌المبحث الثاني: صفة الصراط

- ‌المبحث الثالث: معتقد أهل السنة في الصراط

- ‌المبحث الرابع: مرور المؤمنين على الصّراط وخلاص المؤمنين من المنافقين

- ‌المبحث الخامس: الذين يمرُّون على الصّراط هم المؤمنون دون المشركين

- ‌المبحث السادس: أول من يجيز الصراط

- ‌المبحث السابع: الناجون والهالكون

- ‌المبحث الثامن: التفاضل في المرور على الصراط

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: أدلة إثبات القنطرة

- ‌المطلب الثاني: موضع تلك القنطرة

- ‌المبحث الأول: لفظة الورود في القرآن الكريم

- ‌المبحث الثاني: أقوال العلماء في معني الورود

- ‌المطلب الأول: معنى الأعراف لغة

- ‌المطلب الثاني: معنى الأعراف شرعا

- ‌المطلب الثالث: ما ورد في القرآن الكريم بشأن أصحاب الأعراف

- ‌المبحث الثاني: الخلاف في تعيين أصحاب الأعراف

- ‌المبحث الثالث: الراجح في أهل الأعراف

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: الحوض في اللغة

- ‌المطلب الثاني: الحوض في الاصطلاح

- ‌المطلب الثالث: الأحاديث الواردة في الحوض

- ‌المبحث الثاني: الإيمان بالحوض

- ‌المبحث الثالث: أقوال علماء الإسلام في إثبات الحوض

- ‌المطلب الأول: سعة حوض النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌المطلب الثاني: لون ماء الحوض وريحه

- ‌المطلب الثالث: أباريق الحوض

- ‌المبحث الخامس: التفاضل في ورود الحوض

- ‌المطلب الأول: تعريف الكوثر لغة

- ‌المطلب الثاني: تعريف الكوثر اصطلاحا

- ‌المطلب الأول: الأدلة من القرآن الكريم:

- ‌المطلب الثاني: الأدلة من السنة:

- ‌المبحث الثالث: تسمية الكوثر بالحوض والحوض بالكوثر وبيان وجه الاتصال بينهما

- ‌المبحث الأول: تعريف الجنة

- ‌تمهيد:

- ‌المطلب الأول: الشفاعة في دخول الجنة

- ‌المطلب الثاني: تهذيب المؤمنين وتنقيتهم قبل الدخول

- ‌المطلب الثالث: الأوائل في دخول الجنة

- ‌المطلب الرابع: الذين يدخلون الجنة بغير حساب

- ‌المطلب الخامس: الفقراء يسبقون الأغنياء إلى الجنة

- ‌المطلب السادس: دخول عصاة المؤمنين الجنة

- ‌المطلب السابع: آخر من يدخل الجنة

- ‌المطلب الثامن: الذين دخلوا الجنة قبل يوم القيامة

- ‌المبحث الثالث: أسماء الجنة

- ‌المطلب الأول: نعيم الجنة

- ‌المطلب الثاني: مفتاح الجنة

- ‌المطلب الثالث: أبواب الجنة

- ‌المطلب الرابع: درجات الجنة

- ‌المطلب الخامس: تربة الجنة

- ‌المطلب السادس: أنهار الجنة

- ‌المطلب السابع: عيون الجنة

- ‌المطلب الثامن: قصور الجنة وخيامها

- ‌المطلب التاسع: الثامن: عيم الجنةنور الجنة

- ‌المطلب العاشر: ريح الجنة

- ‌الفرع الأول: كثرة أشجار الجنة وثمارها

- ‌الفرع الثاني: وصف بعض شجر الجنة

- ‌المطلب الثاني عشر: دواب الجنة وطيورها

- ‌المطلب الأول: بعض الأعمال التي استحقوا بها الجنة

- ‌المطلب الثاني: طريق الجنة شاق

- ‌المطلب الثالث: أهل الجنة يرثون نصيب أهل النار في الجنة

- ‌المطلب الرابع: الضعفاء أكثر أهل الجنة

- ‌المطلب الخامس: هل الرجال أكثر في الجنة أم النساء

- ‌المطلب السادس: مقدار ما يدخل الجنة من هذه الأمة

- ‌المطلب السابع: أعلى أهل الجنة منزلة

- ‌المطلب الأول: سيدا كهول أهل الجنة

- ‌المطلب الثاني: سيدا شباب أهل الجنة

- ‌المطلب الثالث: سيدات نساء أهل الجنة

- ‌المطلب الرابع: العشرة المبشرون بالجنة

- ‌المطلب الخامس: بعض من نص على أنهم في الجنة غير من ذكر

- ‌المطلب السادس: الجنة ليست ثمناً للعمل

- ‌المبحث السابع: صفة أهل الجنة ونعيمهم فيها

- ‌المطلب الأول: نعيم أهل الجنة

- ‌المطلب الثاني: طعام أهل الجنة وشرابهم

- ‌المطلب الثالث: خمر أهل الجنة

- ‌المطلب الرابع: أول طعام أهل الجنة

- ‌المطلب الخامس: طعام أهل الجنة وشرابهم لا دنس معه

- ‌المطلب السادس: لماذا يأكل أهل الجنة ويشربون ويمتشطون

- ‌المطلب السابع: آنية طعام أهل الجنة وشرابهم

- ‌المطلب الثامن: لباس أهل الجنة وحليهم ومباخرهم

- ‌المطلب التاسع: فرش أهل الجنة

- ‌المطلب العاشر: خدم أهل الجنة

- ‌المطلب الحادي عشر: سوق أهل الجنة

- ‌المطلب الثاني عشر: زيارة أهل الجنة ربهم

- ‌المطلب الثالث عشر: اجتماع أهل الجنة وأحاديثهم

- ‌المطلب الرابع عشر: أماني أهل الجنة

- ‌المطلب الخامس عشر: نساء أهل الجنة

- ‌المطلب السادس عشر: المرأة لآخر أزواجها

- ‌المطلب السابع عشر: الحور العين

- ‌المطلب الثامن عشر: غناء الحور العين

- ‌المطلب التاسع عشر: غيرة الحور العين على أزواجهنّ في الدنيا

- ‌المطلب العشرون: يُعطى المؤمن في الجنة قوة مائة رجل

- ‌المطلب الحادي والعشرون: ضحك أهل الجنة من أهل النار

- ‌المطلب الثاني والعشرون: التسبيح والتكبير من نعيم أهل الجنة

- ‌المطلب الثالث والعشرون: رؤية الله ورضاه أفضل ما يُعطاه أهل الجنة

- ‌المبحث الثامن: المحاجة بين الجنة والنار

- ‌المبحث التاسع: الجنة خالدة وأهلها خالدون

- ‌المطلب الأول: عدم فناء الجنة

- ‌المطلب الثاني: النصوص الدالة على أن الجنة خالدة وأهلها خالدون

- ‌المطلب الثالث: القائلون بفناء الجنة

- ‌المبحث الأول: تعريف النار

- ‌المبحث الثاني: الجنة والنار مخلوقتان

- ‌المبحث الثالث: في بيان وجود النار الآن

- ‌المبحث الرابع: شبهة من قال النار لم تخلق بعد

- ‌المبحث الخامس: خزنة النار

- ‌المطلب الأول: مكان النار

- ‌المطلب الثاني: سعة النار وبعد قعرها

- ‌المطلب الثالث: دركات النار

- ‌المطلب الرابع: سجر جهنم وتسعرها

- ‌المطلب الخامس: أبواب النار

- ‌المطلب السادس: بُعد أبواب جهنم بعضها من بعض وما أعد الله تعالى فيها من العذاب

- ‌المطلب السابع: وقود النار

- ‌المطلب الثامن: شدة حرها وعظم دخانها وشرارها، وزمهريرها

- ‌المطلب التاسع: النار تتكلم وتبصر

- ‌المطلب العاشر: رؤيا ابن عمر للنار

- ‌المطلب الحادي عشر: هل يرى أحد النار قبل يوم القيامة عياناً

- ‌المطلب الثاني عشر: تأثير النار على الدنيا وأهلها

- ‌المطلب الأول: أهل النار المخلدون فيها

- ‌المطلب الثاني: النار مسكن الكفرة المشركين

- ‌المطلب الثالث: الدعاة إلى النار

- ‌المطلب الرابع: أعظم جرائم الخالدين في النار

- ‌المطلب الخامس: جملة الجرائم التي تدخل النار

- ‌المطلب السادس: أشخاص بأعيانهم في النار

- ‌المطلب السابع: كفرة الجن في النار

- ‌المطلب الثامن: الذين لا يخلدون في النار

- ‌المطلب التاسع: صفات أهل النار

- ‌المبحث الثامن: الذنوب المتوعد عليها بالنار

- ‌المطلب الأول: الفرق المخالفة للسنة

- ‌المطلب الثاني: الممتنعون من الهجرة

- ‌المطلب الثالث: الجائرون في الحكم

- ‌المطلب الرابع: الكذب على الرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌المطلب الخامس: الكبر

- ‌المطلب السادس: قاتل النفس بغير حق

- ‌المطلب السابع: أكلة الربا

- ‌المطلب الثامن: أكلة أموال الناس بالباطل

- ‌المطلب التاسع: المصورون

- ‌المطلب العاشر: الركون إلى الظالمين

- ‌المطلب الحادي عشر: الكاسيات العاريات والذين يجلدون ظهور الناس

- ‌المطلب الثاني عشر: الذين يعذبون الحيوان

- ‌المطلب الثالث عشر: عدم الإخلاص في طلب العلم

- ‌المطلب الرابع عشر: الذين يشربون في آنية الذهب والفضة

- ‌المطلب الخامس عشر: الذي يقطع السدر الذي يظل الناس

- ‌المطلب السادس عشر: جزاء الانتحار

- ‌المطلب الأول: النصوص الدالة على كثرة أهل النار

- ‌المطلب الثاني: السر في كثرة أهل النار

- ‌المطلب الثالث: أكثر من يدخل النار النساء

- ‌المبحث العاشر: عظم خلق أهل النار

- ‌المبحث الحادي عشر: طعام أهل النار وشرابهم ولباسهم

- ‌المطلب الأول: شدة ما يكابده أهل النار من عذاب

- ‌المطلب الثاني: صور من عذابهم

- ‌المطلب الثالث: إنضاج الجلود

- ‌المطلب الرابع: الصهر

- ‌المطلب الخامس: اللفح

- ‌المطلب السادس: السحب

- ‌المطلب السابع: تسويد الوجوه

- ‌المطلب الثامن: إحاطة النار بالكفار

- ‌المطلب التاسع: إطلاع النار على الأفئدة

- ‌المطلب العاشر: اندلاق الأمعاء في النار

- ‌المطلب الحادي عشر: قيود أهل النار وأغلالهم وسلاسلهم ومطارقهم

- ‌المطلب الثاني عشر: قرن معبوداتهم وشياطينهم بهم في النار

- ‌المطلب الثالث عشر: حسرتهم وندمهم ودعاؤهم

- ‌المبحث الثالث عشر: كيف يتقي الإنسان نار الله

- ‌المطلب الأول: النار خالدة لا تبيد

- ‌المطلب الثاني: القائلون بفناء النار

- ‌المطلب الأول: القضاء لغة

- ‌المطلب الثاني: القدر لغة

- ‌المطلب الأول: معنى القضاء والقدر شرعاً

- ‌المطلب الثاني: الفرق بين القضاء والقدر

- ‌المبحث الثالث: نشأة القول بالقدر (القدرية الأولى)

- ‌المطلب الأول: حكم الإيمان بالقضاء والقدر

- ‌المطلب الثاني: الأدلة على وجوب الإيمان بالقدر

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: المرتبة الأولى، الإيمان بعلم الله الشامل

- ‌المطلب الثاني: المرتبة الثانية، الإيمان بأن الله كتب في اللوح المحفوظ كل شيء

- ‌الفرع الأول: مرتبة الكتابة

- ‌الفرع الثاني: أدلة مرتبة الكتابة

- ‌المطلب الثالث: المرتبة الثالثة، الإيمان بمشيئة الله الشاملة وقدرته النافذة

- ‌الفرع الأول: مرتبة المشيئة

- ‌الفرع الثاني: أدلة مرتبة المشيئة

- ‌الفرع الأول: مرتبة الخلق

- ‌الفرع الثاني: أدلة مرتبة الخلق

- ‌المبحث الأول: أفعال الله كلها عدل ورحمة وحكمة

- ‌المبحث الثاني: تقسيم القدر إلى خير وشر وبيان عدم جواز نسبة الشر على الله

- ‌المبحث الثالث: قدره سبحانه ليس فيه ظلم لأحد

- ‌المبحث الرابع: مشيئة الله عز وجل نافذة

- ‌المبحث الخامس: الفرق بين المشيئة والإرادة (الإرادة الكونية والإرادة الشرعية)

- ‌المبحث الأول: الاعتماد في معرفة القدر وحدوده وأبعاده على الكتاب والسنة

- ‌المبحث الثاني: مدى إدراك العقل للعلل والأوامر والأفعال وما فيها من حسن وقبح

- ‌المبحث الثالث: الحكم الحاصلة من الشرائع ثلاثة أنواع

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأول: النصوص الدالة على تقدير الله أفعال العباد

- ‌المبحث الثاني: علم الله بأهل الجنة وأهل النار

- ‌المبحث الثالث: استخراج ذرية آدم من ظهره بعد خلقه وقسمهم إلى فريقين: أهل الجنة وأهل النار

- ‌المبحث الرابع: كتابة الله لأهل الجنة وأهل النار

- ‌المبحث الخامس: التقدير في ليلة القدر والتقدير اليومي

- ‌المبحث السادس: كتابة ما قدر للإنسان وهو جنين في رحم أمه

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأول: الإيمان بالقدر يدعو إلى العمل والنشاط والسعي بما يرضي الله

- ‌المبحث الثاني: من آثار الإيمان بالقدر أن يعرف الإنسان قدر نفسه

- ‌المبحث الثالث: الإيمان بالقدر يقضي على كثير من الأمراض التي تعصف بالمجتمعات

- ‌المبحث الرابع: الإيمان بالقدر من أكبر العوامل التي تكون سبباً في استقامة المسلم

- ‌المبحث الخامس: الإيمان بالقدر يغرس في نفس المؤمن حقائق الإيمان المتعددة

- ‌المبحث السادس: من آثار الإيمان بالقدر أن الداعي إلى الله يصدع بدعوته

- ‌المبحث السابع: الإيمان بالقدر طريق الخلاص من الشرك

- ‌المبحث الثامن: الاستقامة على منهج سواء في السراء والضراء

- ‌المبحث التاسع: المؤمن بالقدر دائماً على حذر

- ‌المبحث العاشر: مواجهة الصعاب والأخطار بقلب ثابت

- ‌المبحث الأول: مذهب المكذبين بالقدر

- ‌المبحث الثاني: محاورة أهل السنة للقدرية

- ‌المبحث الأول: معنى المحو والإثبات في الصحف، وزيادة الأجل ونقصانه

- ‌المبحث الثاني: التوفيق بين الأقدار وبين كل مولود يولد على الفطرة

- ‌المبحث الثالث: معنى قوله: وَمَا أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَّفْسِكَ

- ‌المبحث الرابع: كيف يخلق الله الشر ويقدره

- ‌الفصل الثالث: التاركون للعمل اتكالاً على القدر

- ‌الفصل الرابع: الرد على القدرية الجبرية

- ‌المبحث الأول: الوجه الأول خطؤهم في إطلاق اسم الجبر على ما يؤديه الإنسان من أفعال

- ‌المبحث الثاني: الوجه الثاني إنكار الاختيار في أفعال العباد نقص في العقل

- ‌المبحث الثالث: الوجه الثالث زعمهم أن كل شيء قدره الله وخلقه فقد رضيه وأحبه

- ‌المبحث الرابع: الوجه الرابع زعمهم أن الإيمان بالقدر يقضي بترك الأعمال وإهمال الأسباب

- ‌المبحث الخامس: الوجه الخامس احتجاجهم بالقدر

- ‌المبحث السادس: هل الرضا بالمقدور واجب

- ‌المبحث السابع: الوجه السادس الزعم بأن تكليف العباد غير ما فعلوا هو من باب التكليف بما لا يطاق

- ‌المبحث الثامن: الوجه السابع يلزم من قوله التسوية بين المُخْتَلِفَيْن

- ‌الفصل الخامس: مذهب أهل السنة والجماعة في القدر

- ‌الفصل السادس: من أقوال السلف في القدر

- ‌المبحث الأول: أسباب الضلال في القدر

- ‌المبحث الثاني: حكم الاحتجاج بالقدر

- ‌المبحث الأول: تعريف الإيمان لغة

- ‌المبحث الثاني: تعريف الإيمان شرعا

- ‌المبحث الثالث: العلاقة بين المعنى اللغوي والشرعي

- ‌تمهيد: أهمية مسألة الإيمان

- ‌المبحث الأول: الإيمان عند أهل السنة والجماعة

- ‌تمهيد

- ‌الأصل الأول

- ‌الأصل الثاني

- ‌الأصل الثالث

- ‌الأصل الرابع

- ‌المبحث الثالث: معنى الإقرار والتصديق في كلام السلف

- ‌المبحث الرابع: معنى قول السلف الإيمان قول وعمل

- ‌الأصل الأول: لا يكون إسلام إلا بإيمان، ولا يكون إيمان إلا بإسلام

- ‌الأصل الثاني: لا إيمان إلا بعمل، ولا عمل إلا بالإيمان

- ‌الأصل الثالث: لا يقبل قول إلا بعمل، ولا يقبل عمل إلا بقول

- ‌الأصل الرابع: الإيمان قول وعمل قرينان، لا ينفع أحدهما إلا بالآخر

- ‌الأصل الخامس: أن ترك الفرائض ليس بمنزلة ركوب المحارم

- ‌الأصل السادس: قول أهل السنة إنا لا نكفر بالذنب، إنما يراد به المعاصي لا المباني

- ‌الأصل السابع: في بيان الفرق بين ترك الصلاة وترك العمل

- ‌الأصل التاسع: في بيان الأعمال الظاهرة الدالة على حقيقة إيمان القلب

- ‌الأصل العاشر: أعمال الجوارح تابعة لأعمال القلوب ولازمة لها

- ‌الأصل الحادي عشر: جنس الأعمال من لوازم إيمان القلب

- ‌المبحث الأول: الإيمان حقيقة مركبة

- ‌المبحث الثاني: أدلة أهل السنة على إدخال الأعمال في مسمى الإيمان

- ‌تمهيد:

- ‌المسألة الأولى: الاعتقاد بالقلب

- ‌المسألة الثانية: أهمية عمل القلب

- ‌المسألة الثالثة: إثبات عمل القلب

- ‌العنصر الثاني الإقرار باللسان

- ‌العنصر الثالث العمل بالجوارح

- ‌المسألة الأولى: العلاقة بين إيمان القلب وعمل الجوارح

- ‌المسألة الثانية: دقة عبارات السلف في تقرير التلازم بين الإيمان والعمل

- ‌المبحث الأول: تعريف الكفر

- ‌المبحث الثاني: الخوارج والمعتزلة وقولهم في أصحاب الذنوب

- ‌المطلب الأول: قولهم في الإيمان

- ‌المطلب الثاني: مفهوم الكفر عند الجهمية

- ‌المطلب الثالث: أغلاط جهم

- ‌المبحث الرابع: مذهب الكرامية

- ‌المطلب الأول: قولهم في الإيمان

- ‌المطلب الثاني: أشاعرة وافقوا السلف

- ‌المطلب الثالث: قولهم في الزيادة والنقصان

- ‌المطلب الرابع: قولهم في الاستثناء في الإيمان

- ‌المطلب الخامس: الفرق بين تصديق الأشاعرة ومعرفة جهم

- ‌المطلب السادس: مفهوم الكفر عند الأشاعرة

- ‌المطلب الأول: قولهم في الإيمان

- ‌المطلب الثاني: مفهوم الكفر عند الماتريدية

- ‌المطلب الأول: قولهم في الإيمان

- ‌المطلب الثاني: هل الخلاف بين أهل السنة ومرجئة الفقهاء حقيقي أم لفظي

- ‌المطلب الأول: حول ما ينسب إلى المرجئة من أنه لا يضر مع الإيمان ذنب

- ‌المطلب الثاني: حول قول بعض السلف: من قال: الإيمان قول وعمل يزيد وينقص فقد برئ من الإرجاء

- ‌المطلب الثالث: مقالات المرجئة المعاصرة

- ‌المطلب الرابع: رد شبهات المرجئة قديماً، ومن وقع في الإرجاء حديثاً

الفصل: ‌المبحث الثالث: العلاقة بين المعنى اللغوي والشرعي

‌المبحث الثالث: العلاقة بين المعنى اللغوي والشرعي

العلاقة بين المعنى اللغوي والشرعي: عرفنا أن من معاني الإيمان لغة: التصديق، وأن التصديق يكون بالقلب واللسان والجوارح، وهكذا الإيمان الشرعي، عبارة عن تصديق مخصوص، وهو ما يسمى عند السلف، بقول القلب، وهذا التصديق لا ينفع وحده، بل لابد معه من الانقياد والاستسلام، وهو ما يسمى بعمل القلب ويلزم من ذلك قول اللسان، وعمل الجوارح، وهذه الأجزاء مترابطة، لا غنى لواحدة منها عن الأخرى ومن آمن بالله عز وجل، فقد أمن من عذابه نواقض الإيمان الاعتقادية وضوابط التكفير عند السلف لمحمد بن عبد الله بن علي الوهيبي – 1/ 31

فالمنهج الصحيح إذن لفهم الألفاظ الشرعية هو أن نتلقى تفسيرهم وفهم السلف لمعاني هذه الألفاظ أولاً، ثم نضبط بهذا الفهم ألفاظ النصوص، وليس العكس، أي ليس استخراج المعاني من النظر المباشر إلى الدلالات اللغوية لألفاظ النصوص، كما ذهب إلى ذلك من ذهب من أهل الأهواء والبدع ......

ولكن قوماً خرجوا على هذا المنهج، وعدلوا عن معرفة كلام الله ورسوله، وأخذوا يتكلمون في المسميات الشرعية بطرق مبتدعة ومقدمات لغوية وعقلية مظنونة، فقالوا: إن الإيمان لا تدخل فيه الأعمال وإنما هو التصديق المجرد؛ فخالفوا بذلك كلام الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وإجماع السلف.

وقد بنوا قولهم هذا على مقدمتين مظنونتين (1):

المقدمة الأولى: قولهم إن الإيمان في اللغة هو التصديق، والرسول إنما خاطب الناس بلغة العرب لم يغيرها، فيكون مراده بالإيمان التصديق.

المقدمة الثانية: قولهم إن التصديق إنما يكون بالقلب واللسان، أو بالقلب، فالأعمال ليست من الإيمان.

وقد تصدى علماء السنة والجماعة لهؤلاء القوم، فردوا عليهم قولهم، ودحضوا شبهاتهم، وكشفوا زيغهم وضلالهم. ويتلخص الرد على أصحاب هذا الاتجاه من خلال استعراض أصول ثلاثة ....

الأصل الأول: إن أهل اللغة لم يثبت عنهم أن الإيمان قبل نزول القرآن هو التصديق:

أما عن الأصل الأول فنقول: إن أهل اللغة، إما يقصد بهم المتكلمون باللغة قبل الإسلام، فهؤلاء لم نشهدهم ولا نقل لنا أحد عنهم أن الإيمان عندهم قبل نزول القرآن هو التصديق (2)، فمن يزعم أنهم لم يعرفوا في اللغة إيماناً غير ذلك من أين لهم هذا النفي الذي لا تمكن الإحاطة به؟ بل هو قول بلا علم (3).

وإما يقصد بأهل اللغة نقلتها، كأبي عمرو والأصمعي والخليل ونحوهم، فهؤلاء لا ينقلون كل ما كان قبل الإسلام بإسناد، وإنما ينقلون ما سمعوه من العرب في زمانهم، وما سمعوه في دواوين الشعر وكلام العرب وغير ذلك بالإسناد، ولا نعلم فيما نقلوه لفظ الإيمان، فضلاً عن أن يكونوا أجمعوا عليه، بل نسأل: من نقل هذا الإجماع؟ ومن أين يعلم هذا الإجماع؟ وفي أي كتاب ذكر هذا الإجماع؟ (4).

بل إن بعضهم يذهب إلى أن الإيمان في اللغة مأخوذ من الأمن الذي هو ضد الخوف (5)، والبعض الآخر يذهب إلى أنه بمعنى الإقرار وغيره (6).

(1)((الإيمان)) لابن تيمية (ص: 274).

(2)

((الإيمان))، لابن تيمية (ص: 118).

(3)

((الإيمان))، لابن تيمية (ص: 121).

(4)

((الإيمان))، لابن تيمية (ص: 117).

(5)

((الإيمان))، لابن تيمية (ص: 278).

(6)

((الإيمان))، لابن تيمية (ص: 117).

ص: 350

ولو قدر أن بعضهم نقل كلاماً عن العرب يُفهم منه أن الإيمان هو التصديق، فهم آحاد لا يثبت بنقلهم تواتر، بل نقلهم ذلك ليس بأبلغ من نقل المسلمين كافة لمعاني القرآن عن النبي صلى الله عليه وسلم (1) إذ ينبغي للمسلم أن يقدر قدر كلام الله ورسوله، بل ليس لأحد أن يحمل كلام أحد من الناس إلا على ما عرف أنه أراده، لا على ما يحتمله ذلك اللفظ في كلام كل أحد (2).

فنحن لا حاجة بنا مع بيان الرسول لما بعثه الله به من القرآن أن نعرف اللغة قبل نزول القرآن، والقرآن نزل بلغة قريش، والذين خوطبوا به كانوا عرباً، وقد فهموا ما أريد به، وهم الصحابة، ثم الصحابة بلغوا لفظ القرآن ومعناه إلى التابعين حتى انتهى إلينا، فلم يبق بنا حاجة إلى أن تتواتر عندنا تلك اللغة من غير طريق تواتر القرآن (3).

إن الألفاظ لا ينطق بها ولا تستعمل إلا مقيدة، إذ لا يوجد في الكلام حال إطلاق محض للألفاظ، بل الذهن يفهم من اللفظ في كل موضع ما يدل عليه اللفظ في ذلك الموضع (4).

والشارع قد استعمل الألفاظ أيضاً مقيدة لا مطلقة، كقوله تعالى: وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ [آل عمران: 97] وكذلك قوله: فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ [البقرة: 158]. فذكر حجاً خاصاً وهو حج البيت، فلم يكن لفظ الحج متناولاً لكل قصد، بل لقصد مخصوص دل عليه اللفظ نفسه من غير تغيير. فالحج المخصوص الذي أمر الله به دلت عليه الإضافة أو التعريف باللام، فإذا قيل: الحج فرض عليك، كانت لام العهد تبين أنه حج البيت (5).

وكذلك لفظ الزكاة، بيّن النبي صلى الله عليه وسلم مقدار الواجب، وسماها الزكاة المفروضة، فصار لفظ الزكاة إذا عرف باللام ينصرف إليها لأجل العهد، ولفظ الإيمان أمر به مقيداً بالإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله، وكذلك لفظ الإسلام بالاستسلام لله رب العالمين، وكذلك لفظ الكفر مقيداً، فخطاب الله ورسوله للناس بهذه الأسماء، كخطاب الناس بغيرها، وهو خطاب مقيد خاص لا مطلق يحتمل أنواعاً (6).

وقد بين الرسول تلك الخصائص، والاسم دل عليها، فلا يقال إنها منقولة، ولا إنه زيد في الحكم دون الاسم، بل الاسم إنما استعمل على وجه يختص بمراد الشارع، لم يستعمل مطلقاً، وهو إنما قال:(أقيموا الصلاة) بعد أن عرفهم الصلاة المأمور بها، فكان التعريف منصرفاً إلى الصلاة التي يعرفونها، لم ينزل لفظ الصلاة وهم لا يعرفون معناه، وكذلك الإيمان والإسلام وقد كان معنى ذلك عندهم من أظهر الأمور (7).

فالواجب أن يعرف اللغة والعادة والعرف الذي نزل في القرآن والسنة، وما كان الصحابة يفهمون من الرسول عند سماع تلك الألفاظ، فبتلك اللغة والعادة والعرف خاطبهم الله ورسوله (8).

الأصل الثاني: أن لفظ الإيمان ليس مرادفاً للفظ التصديق معنى واستخداماً:

وأما عن الأصل الثاني، فإن لفظ الإيمان يباين لفظ التصديق، سواء من حيث مواقع الاستخدام في اللغة أو من حيث المعنى. فأما من حيث الاستخدام فإن الإيمان يختلف عن التصديق من عدة وجوه:

(1)((الإيمان))، لابن تيمية (ص: 118).

(2)

((الإيمان))، لابن تيمية (ص: 33).

(3)

((الإيمان))، لابن تيمية (ص: 119).

(4)

((الإيمان))، لابن تيمية (ص: 101).

(5)

((الإيمان))، لابن تيمية (ص: 383).

(6)

((الإيمان))، لابن تيمية (ص: 284، 285).

(7)

((الإيمان))، لابن تيمية (ص: 285، 286).

(8)

((الإيمان))، لابن تيمية (ص: 101).

ص: 351

أحدها: أن يقال للمخبر إذا صدقته: صدقه، ولا يقال: آمنه وآمن به، بل يقال: آمن له، كما قال تعالى: فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ [العنكبوت: 26]. وقال: فَمَا آمَنَ لِمُوسَى إِلَاّ ذُرِّيَّةٌ مِّن قَوْمِهِ [يونس: 83](1).

فإن قيل: فقد يقال: ما أنت بمصدق لنا؟ قيل: اللام تدخل على ما يتعدى بنفسه إذا ضعف عمله، إما بتأخيره، أو بكونه اسم فاعل أو مصدراً، أو باجتماعهما فيقال: فلان يعبد الله ويخافه ويتقيه، ثم إذا ذكر باسم الفاعل قيل: هو عابد لربه، متق لربه، خائف لربه (2) فقول القائل: ما أنت بمصدق لنا، أدخل فيه اللام كونه اسم فاعل، وإلا فإنما يقال: صدقته، لا يقال: صدقت له، ولو ذكروا الفعل لقالوا: ما صدقتنا، وهذا بخلاف لفظ الإيمان، فإنه يتعدى إلى الضمير باللام دائماً، لا يقال: آمنته قط، وإنما يقال: آمنت له، كما يقال: أقررت له، فكان تفسيره بلفظ الإقرار أقرب من تفسيره بلفظ التصديق، مع أن بينهما فرقاً (3).

الثاني: أن الإيمان لا يستعمل في جميع الإخبار، بل في الإخبار عن الأمور الغائبة ونحوها مما يدخلها الريب، فإذا أقر بها المستمع قيل: آمن، بخلاف لفظ التصديق، فإنه عام متناول لجميع الإخبار (4) فإن كل مخبر عن مشاهدة أو غيب يقال له في اللغة: صدقت، كما يقال: كذبت، فمن قال: السماء فوقنا، قيل له: صدق، كما يقال كذب. وأما لفظ الإيمان فلا يستعمل إلا في الخبر عن غائب (5)، فإن الإيمان مشتق من الأمن، فإنما يستعمل في خبر يؤتمن عليه المخبر، كالأمر الغائب الذي يؤتمن عليه المخبر، ولهذا لم يوجد قط في القرآن وغيره لفظ، آمن له، إلا في هذا النوع (6)، فاللفظ متضمن مع التصديق معنى الائتمان والأمانة، كما يدل عليه الاستعمال والاشتقاق، ولهذا قالوا: وَمَا أَنتَ بِمُؤْمِنٍ لِّنَا [يوسف: 17]. أي لا تقر بخبرنا، ولا تثق به، ولا تطمئن إليه، ولو كنا صادقين؛ لأنهم لم يكونوا عنده ممن يؤتمن على ذلك، فلو صدقوا لم يأمن لهم (7).

الثالث: أن لفظ الإيمان في اللغة لم يقابل بالتكذيب، كلفظ التصديق، فإنه من المعلوم في اللغة أن كل مخبر يقال له: صدقت وكذبت، ويقال: صدقناه أو كذبناه، ولا يقال لكل مخبر: آمنا له أو كذبناه، ولا يقال: أنت مؤمن له أو مكذب له، بل المعروف في مقابلة الإيمان لفظ الكفر، يقال: هو مؤمن أو كافر، والكفر لا يختص بالتكذيب، بل لو قال: أنا أعلم أنك صادق، ولكن لا أتبعك، بل أعاديك وأبغضك وأخالفك ولا أوافقك، لكان كفره أعظم، فلما كان الكفر المقابل للإيمان ليس هو التكذيب فقط، علم أن الإيمان ليس هو التصديق فقط، بل إذا كان الكفر يكون تكذيباً، ويكون مخالفة ومعاداة وامتناعاً، بلا تكذيب، فلا بد أن يكون الإيمان تصديقاً مع موافقة وموالاة وانقياد، لا يكفي مجرد التصديق (8).

(1)((الإيمان))، لابن تيمية (ص: 275)، و ((الإيمان الأوسط)) (ص: 71).

(2)

((الإيمان))، لابن تيمية (ص: 275)، و ((الأوسط)) (ص: 72).

(3)

((الإيمان))، لابن تيمية (ص: 276)، و ((الإيمان الأوسط)) (ص: 72).

(4)

((الإيمان))، لابن تيمية (ص: 276)، و ((الإيمان الأوسط)) (ص: 71).

(5)

((الإيمان))، لابن تيمية (ص: 276).

(6)

((الإيمان))، لابن تيمية (ص: 276).

(7)

((الإيمان))، لابن تيمية (ص: 277).

(8)

((الإيمان))، لابن تيمية (ص: 277).

ص: 352

الرابع: أن الحقائق الثابتة في نفسها التي قد تعلم بدون خبر، أو الذوات التي تحب أو تبغض، وتوالي أو تعادي، وتطاع أو تعصى، ويذل لها أو يستكبر عنها، تختص كل هذه المعاني بلفظ الإيمان والكفر ونحو ذلك، لا يكاد يستعمل فيها لفظ التصديق والتكذيب؛ لأن التصديق إخبار عن صدق المخبر، والتكذيب إخبار عن كذب المخبر، فهما نوعان من الخبر، وهما خبر عن الخبر، لذا فهما يستخدمان في إثبات أو نفي الخبر المتعلق بالحقائق دون الحقائق ابتداء (1).

ويشهد لهذا الدعاء المأثور المشهور عند استلام الحجر: (اللهم إيماناً بك، وتصديقاً بكتابك، ووفاء بعهدك، واتباعاً لسنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم (2) فقال: إيماناً بك، ولم يقل: تصديقاً بك، كما قال: تصديقاً بكتابك. وقال تعالى عن مريم: وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا [التحريم: 12] فجعل التصديق بالكلمات والكتب (3).

ولا يوجد في كلام السلف: صدقت بالله، أو فلان صدق بالله، أو صدق بالله، ونحو ذلك، بل القرآن والحديث وكلام الخاصة والعامة مملوء من لفظ الإيمان بالله، وآمن بالله، ونؤمن بالله (4).

والرسول صلى الله عليه وسلم يجب أن يؤمن به ويؤمن له، يؤمن به من جهة أن رسالته مما أخبر بها، فالإيمان به من حيث نبوته غيب عنا أخبرنا به، ويؤمن له من جهة أنه مخبر علينا أن نطيعه، وليس كل غيب آمنا به علينا أن نطيعه (5).

وأما عن مخالفة الإيمان للتصديق في المعنى، فهو أن الإيمان مأخوذ من الأمن الذي هو الطمأنينة، فكان تفسيره بالإقرار أقرب – وإن كان بينهما فرق – فالإقرار مأخوذ من قرّ يُقرّ، وهو قريب من آمن يأمن، فالمؤمن من دخل في الأمن، كما أن المقرّ دخل في الإقرار (6). ولفظ الإقرار يتضمن الالتزام، ثم إنه يكون على وجهين (7):

أحدهما: الإخبار، وهو من هذا الوجه كلفظ التصديق، والشهادة، ونحوهما، وهذا معنى الإقرار الذي يذكره الفقهاء في كتاب الإقرار.

والثاني: إنشاء الالتزام، كما في قوله تعالى: أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُواْ أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُواْ وَأَنَاْ مَعَكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ [آل عمران: 81].

وليس هو هنا بمعنى الخبر المجرد، فإنه سبحانه قال: وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّيْنَ لَمَا آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي [آل عمران: 81] فهذا الالتزام للإيمان والنصر للرسول.

(1)((الإيمان الأوسط)) لابن تيمية (ص: 73، 74).

(2)

رواه الطبراني في ((المعجم الأوسط)) (1/ 157)(492)، والبيهقي (5/ 79) (9034) بدون لفظة:((ووفاء بعهدك)). من حديث علي رضي الله عنه. قال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (3/ 243): فيه الحارث وهو ضعيف وقد وثق. وضعفه الألباني في ((السلسلة الضعيفة)) (1049).

(3)

((الإيمان الأوسط)) (ص: 74، 75).

(4)

((الإيمان الأوسط)) (ص: 75).

(5)

((الإيمان الأوسط)) (ص: 75، 76). و ((الإيمان)) (ص: 78).

(6)

((الإيمان الأوسط)) (ص: 72).

(7)

((الإيمان الأوسط)) (ص: 73).

ص: 353

وكذلك لفظ (الإيمان) فيه إخبار وإنشاء التزام، بخلاف لفظ (التصديق) المجرد، فمن أخبر الرجل بخبر لا يتضمن طمأنينة إلى المخبر، لا يقال فيه: آمن له، بخلاف الخبر الذي يتضمن طمأنينة إلى صدقه، فإذا تضمن طاعة المستمع لم يكن مؤمناً للمخبر إلا بالتزام طاعته مع تصديقه، بل قد استعمل لفظ الكفر - المقابل للإيمان - في نفي الامتناع عن الطاعة والانقياد، فقياس ذلك أن يستعمل لفظ الإيمان كما استعمل لفظ الإقرار في نفي التزام الطاعة والانقياد، فإن الله أمر إبليس بالسجود لآدم فأبى واستكبر وكان من الكافرين (1).

الأصل الثالث: أن التصديق لا يكون بالقلب فقط ولا بالقلب واللسان فقط:

وأما عن الأصل الثالث فنقول: هب أن الإيمان قد رادف التصديق في بعض النقول، فما هو المقصود بالتصديق في هذه النقول؟

إذا كان تصديق القلب داخلاً في المراد، فليس المراد ذلك وحده، بل المراد التصديق بالقلب واللسان، فإن مجرد تصديق القلب دون اللسان لا يعلم حتى يخبر به عنه (2)! ولا يوجد قط في كلام العرب أن من علم وجود شيء مما يخاف ويرجى، ويجب حبه وتعظيمه، وهو مع ذلك لا يحبه ولا يعظمه، ولا يخافه ولا يرجوه، بل يجحد به ويكذب به بلسانه، لم يقولوا: هو مصدق به، ولو صدق به مع العمل بخلاف مقتضاه، لم يقولوا: هو مؤمن به (3).

وأما الاستدلال بقوله تعالى: وَمَا أَنتَ بِمُؤْمِنٍ لِّنَا [يوسف: 17] فليس في الآية ما يدل على أن المصدق مرادف للمؤمن، فإن صحة المعنى بأحد اللفظين لا يدل على أنه مرادف للآخر، فلو قلت: ما أنت بمسلم لنا، ما أنت بمؤمن لنا صح المعنى، لكن لما قلت: إن هذا هو المراد بلفظ مؤمن؟ وإذا قال الله: وَأَقِيمُواْ الصَّلَاةَ، ولو قال القائل: أتموا الصلاة، ولازموا الصلاة، والتزموا الصلاة، وافعلوا الصلاة، كان المعنى صحيحاً، لكن لا يدل هذا على معنى: أقيموا. فكون اللفظ يرادف اللفظ، يراد دلالته على ذلك (4).

ولو فرض أن الإيمان في اللغة التصديق، فمعلوم أن الإيمان ليس هو التصديق بكل شيء، بل بشيء مخصوص وهو ما أخبر به الرسول صلى الله عليه وسلم، وحينئذ فيكون الإيمان في كلام الشارع أخص من الإيمان في اللغة (5).

والقرآن ليس فيه ذكر إيمان مطلق غير مفسر، بل لفظ الإيمان فيه إما مقيد وإما مطلق مفسر، فالمقيد كقوله: يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ [البقرة: 3] وقوله: فَمَا آمَنَ لِمُوسَى إِلَاّ ذُرِّيَّةٌ مِّن قَوْمِهِ [يونس: 83]. والمطلق المفسر كقوله تعالى: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ [الأنفال: 2] ونحو ذلك. وكل إيمان مطلق في القرآن فقد بين فيه أنه لا يكون الرجل مؤمناً إلا بالعمل مع التصديق (6).

وقد جرى عرف اللغة عند العرب على أن الاسم يكون مطلقاً وعاماً، ثم يدخل فيه قيد أخص من معناه، فبتقدير أن يكون في لغتهم التصديق، فإنه قد بين الشارع لهم أنه لا يكتفي بتصديق القلب واللسان، فضلاً عن تصديق القلب وحده، بل لابد أن يعمل بموجب ذلك التصديق، فبين لهم أن التصديق الذي لا يكون الرجل مؤمناً إلا به، هو أن يكون تصديقاً على هذا الوجه، وهذا بين في القرآن والسنة من غير تغيير للغة ولا نقل لها (7).

(1)((الإيمان الأوسط)) (ص: 73).

(2)

((الإيمان)) لابن تيمية (ص: 119 - 120).

(3)

((الإيمان)) لابن تيمية (ص: 120).

(4)

((الإيمان)) لابن تيمية (ص: 120، 275).

(5)

((الإيمان)) لابن تيمية (ص: 121).

(6)

((الإيمان)) لابن تيمية (ص: 121 - 122).

(7)

((الإيمان)) لابن تيمية (ص: 122، 123).

ص: 354

وأخيراً نقول: إن الأفعال نفسها تسمى تصديقاً، كما ثبت في (الصحيح) عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:((العينان تزنيان وزناهما النظر، والأذن تزني وزناها السمع، واليد تزني وزناها البطش، والرجل تزني وزناها المشي، والقلب يتمنى ذلك ويشتهي، والفرج يصدق ذلك أو يكذبه)) (1). وكذلك قال أهل اللغة وطوائف من السلف والخلف (2).

قال الجوهري: (والصديق مثال الفسيق: الدائم التصديق، ويكون الذي يصدق قوله بالعمل)(3).

وقال الحسن البصري: (ليس الإيمان بالتحلي ولا بالتمني، ولكن ما وقر في القلب وصدقته الأعمال)(4).

وقال سعيد بن جبير: (والتصديق أن يعمل العبد بما صدق به من القرآن، وما ضعف عن شيء منه وفرط فيه، عرف أنه ذنب، واستغفر الله وتاب منه ولم يصر عليه، فذلك هو التصديق)(5).

وقال الأوزاعي: (والإيمان بالله باللسان، والتصديق به العمل)(6).

وهكذا نرى أن الإيمان - وإن كان أصله التصديق - فهو تصديق مخصوص، كما أن الصلاة دعاء مخصوص، والحج قصد مخصوص، والصيام إمساك مخصوص، وهذا التصديق له لوازم صارت لوازمه داخلة في مسماه عند الإطلاق، فإن انتفاء اللازم يقتضي انتفاء الملزوم، ويبقى النزاع لفظياً: هل الإيمان دال على العمل بالتضمن أو باللزوم؟ (7). حقيقة الإيمان عند أهل السنة والجماعة لمحمد عبدالهادي المصري - بتصرف – ص: 23

ذهب كثير من المتكلمين وغيرهم؛ بل هو العُمدة عند جماهير المرجئة أن الإيمان في مفهوم اللغة العربية هو مجرد التصديق، استدلالاً بقوله تعالى في أول سورة يوسف: وَمَا أَنتَ بِمُؤْمِنٍ لِّنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ [يوسف: 17].

الصواب: أن معنى الإيمان في اللغة ليس مرادفاً للتصديق، بل التصديق وزيادة، من الإقرار والإذعان والتسليم ونحوها، لعدة اعتبارات.

أن معنى الآية في الحقيقة: ما أنت بمُقر لنا ولا تطمئن إلى قولنا ولا تثق به ولا تتأكد منه ولو كناَّ صادقين، فإنهم لو كانوا كذلك فصدقهم، لكنه لم يتأكد ولم يطمئن إلى قولهم. وهذه بلاغة في اللغة.

أن لفظة الإيمان يقابلها الكفر، وهو ليس التكذيب فقط بل قدر زائد عليه، وإنما الكذب يقابل لفظة التصديق.

فلما كان الكفر في اللغة ليس مقصوراً على التكذيب، فكذلك ما يقابل الكفر وهو الإيمان لا يقابل التصديق، وليس مقصوراً عليه.

أن لفظ الإيمان لا يستعمل في جميع الأخبار المشاهدة وغيرها، وإنما يُستعمل في الأمور الغائبة مما يدخلها الريب والشك، فإذا أقر بها المستمع قيل آمن، بخلاف التصديق، فإنه يتناول الإخبار عن الغائب والشاهد، وإخوة يوسف أخبروا أباهم عن غائب غير مشاهد فصح أن الإيمان أخص من التصديق.

أن لفظ الإيمان تكرر في الكتاب والسنة كثيراً جداً، وهو أصل الدين الذي لا بد لكل مسلم من معرفته، فلابد أن يؤخذ معناه من جميع موارده التي ورد فيها في الوحيين لا من آية واحدة؛ الاحتمالُ مُتطرق إلى دلالتها!

أن الإيمان مخالف للتصديق في الاستعمال اللغوي وفي المعنى:

فأما اللغة فقد مضت في الجواب الثالث؛ فالاستعمال اللغوي للإيمان يُتعدى فيه إلى المُخبِر باللام وإلى المُخبَر عنه بالباء كقوله تعالى: فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ [الأعراف: 158].

(1) رواه البخاري (5889)، ومسلم (6924)، وأحمد (2/ 343)(8507) واللفظ له. من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

(2)

((الإيمان)) لابن تيمية (ص: 278).

(3)

((الإيمان)) لابن تيمية (ص: 278).

(4)

((الإيمان)) لابن تيمية (ص: 278).

(5)

((الإيمان)) لابن تيمية (ص: 279).

(6)

((الإيمان)) لابن تيمية (ص: 280).

(7)

((الإيمان)) لابن تيمية (ص: 281).

ص: 355

أما المعنى: فإن الإيمان مأخوذ من الأمن وهو الطمأنينة، كما أن لفظ الإقرار مأخوذ من قرَّ يَقُر، وهو قريب من آمن يأمن.

وأما الصدق فهو عدم الكذب، ولا يلزم أن يوافقه طمأنينة إلا إذا كان المُخبر الصادق يُطمئن إلى خبره وحاله.

أن لفظ الإيمان يتعدى إلى غيره باللام دائماً نحو قوله تعالى: فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ [العنكبوت: 26]، وقول فرعون في الشعراء: آمَنتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ [الشعراء: 49]، وقوله تعالى في يونس: فَمَا آمَنَ لِمُوسَى إِلَاّ ذُرِّيَّةٌ مِّن قَوْمِهِ [يونس: 83]، وقوله: فَقَالُوا أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا وَقَوْمُهُمَا لَنَا عَابِدُونَ [المؤمنون: 47]. وقوله: أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الأَرْذَلُونَ [الشعراء: 111]، وآيات عديدة. أما لفظ التصديق وصدق ليصدق فإنه يتعدى بنفسه نحو: قوله تعالى في الصافات: قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِناَّ كَذَلِكَ نَجْزِى الْمُحْسِنِينَ [الصافات: 105]. وفي أولها: بَلْ جَاء بِالْحَقِّ وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ [الصافات: 37]. وفي سورة الزمر: وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ [الزمر: 74] فكلها بمقابل الكذب.

لو فرضنا أن معنى الإيمان لغة التصديق، لوجب أن لا يختص بالقلب فقط بل يكون تصديقاً باللسان، وتصديقاً بالجوارح كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه .. ((العينان تزنيان .. )) (1) الحديث.

كذلك لو قلنا: إن الإيمان أصله التصديق، فإنه تصديق مخصوص، كما أن الصلاة دعاء مخصوص، والصوم إمساك مخصوص يتبيَّن بالمعنى الشرعي حيث يكون للتصديق لوازم شرعية دخلت في مسماه (2) مسألة الإيمان لعلي بن عبد العزيز الشبل - ص20

ويمكن أن نجمل الأمور التي ذكرها شيخ الإسلام في دفع دعوى الترادف بين الإيمان والتصديق في النقاط التالية:

1 -

أن لفظة آمن تختلف عن لفظة صدق من جهة التعدي، حيث إن آمن لا تتعدى إلا بحرف إما الباء أو اللام كما في قوله تعالى: فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ وَقَالَ إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ [العنكبوت: 26]، وقوله: آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ [البقرة: 285].

فيقال: آمن به وآمن له، ولا يقال: آمنه، بخلاف لفظة صدق فإنه يصح تعديتها بنفسها فيقال: صدقه.

2 -

أنه ليس بينهما ترادف في المعنى، فإن الإيمان لا يستخدم إلا في الأمور التي يؤتمن فيها المخبر مثل الأمور الغيبية، لأنه مشتق من الأمن، أما الأمور المشاهدة المحسوسة فهذه لا يصلح أن يقال فيها: آمن وإنما يقال: صدق، لأن كل مخبر عن مشاهدة أو غيب يقال له في اللغة: صدقت كما يقال: كذبت، أما لفظ الإيمان فلا يستعمل إلا في الخبر عن غائب.

(1) رواه أحمد 2/ 344 (8507). والحديث رواه البخاري بنحوه (6243)، ومسلم (2657). من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

(2)

هذه الأوجه وغيرها بسطها ابن تيمية في مواضع من كتبه: ((شرك الأصفهانية)) (142 - 143)، و ((مجموع الفتاوى)) (10/ 269 - 276)، وغيرهم.

ص: 356

2 -

أن لفظة إيمان في اللغة لا تقابل بالتكذيب، فإذا لم يصدق المخبر في خبره يقال: كذبت، وإذا صدق يقال: صدقت فيقال: صدقناه: أو كذبناه، ولا يقال لكل مخبر: آمنا له أو كذبناه، ولا يقال: أنت مؤمن له أو مكذب له، بل المعروف في مقابلة الإيمان لفظ الكفر، يقال: هو مؤمن أو كافر، والكفر لا يختص بالتكذيب، بل لو قال: أنا أعلم أنك صادق لكن لا أتبعك بل أعاديك وأبغضك وأخالفك ولا أوافقك، لكان كفره أعظم، فلما كان الكفر المقابل للإيمان ليس هو التكذيب فقط، علم أن الإيمان ليس هو التصديق فقط.

4 -

أن الإيمان في اللغة مشتق من الأمن الذي هو ضد الخوف، فآمن أي: صار داخلا في الأمن، فهو متضمن مع التصديق معنى الائتمان والأمانة كما يدل عليه الاستعمال والاشتقاق، ولهذا قال إخوة يوسف لأبيهم: وَمَا أَنتَ بِمُؤْمِنٍ لِّنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ [يوسف: 17] أي لا تقر بخبرنا ولا تثق به ولا تطمئن إليه ولو كنا صادقين، لأنهم لم يكونوا عنده ممن يؤتمن على ذلك، فلو صدقوا لم يأمن لهم. أما التصديق فلا يتضمن شيئا من ذلك.

فهذه الأمور تدفع دعوى الترادف بين الإيمان والتصديق، كما يظنه طائفة من الناس، وبناء عليها فالإيمان ليس هو التصديق فحسب، وإنما هو تصديق وأمن أو تصديق وطمأنينة، وهو متضمن للالتزام بالمؤمن به سواء كان خبراً أو إنشاءً، بخلاف لفظ التصديق المجرد، فمن أخبر غيره بخبر لا يتضمن طمأنينة إلى المخبر، والمخبر قد يتضمن خبره طاعة المستمع له وقد لا يتضمن إلا مجرد الطمأنينة إلى صدقه، فإذا تضمن طاعة المستمع لم يكن مؤمناً للمخبر إلا بالتزام طاعته مع تصديقه، فإن صدقه دون التزام بطاعته، فهذا يسمى تصديقاً ولا يسمى إيماناً (1).

ولهذا فإن اللفظ المطابق لآمن من جهة اللغة هو لفظ أقر، لتوافقه مع لفظ آمن في الأمور المتقدمة، فإن الإيمان مأخوذ من الأمن الذي هو الطمأنينة كما أن لفظ الإقرار مأخوذ من قر يقر، وهو قريب من آمن يؤمن، لكن الصادق يطمئن إلى خبره والكاذب بخلاف ذلك كما يقال الصدق طمأنينة، والكذب ريبة، فالمؤمن دخل في الأمن كما أن المقر دخل في الإقرار، ولفظ الإقرار يتضمن الالتزام ثم إنه يكون على وجهين:

أحدهما: الإخبار، وهو من هذا الوجه كلفظ التصديق والشهادة ونحوهما، وهذا الإقرار الذي يذكره الفقهاء في كتاب الإقرار.

والثاني: إنشاء الالتزام كما في قوله تعالى: أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُواْ أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُواْ وَأَنَاْ مَعَكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ [آل عمران: 81] وليس هو هنا بمعنى الخبر المجرد فإنه سبحانه قال: وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّيْنَ لَمَا آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُواْ أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُواْ وَأَنَاْ مَعَكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ [آل عمران: 81] فهذا الالتزام للإيمان والنصر للرسول وكذلك لفظ الإيمان فيه إخبار وإنشاء والتزام بخلاف لفظ التصديق المجرد (2).

ولذا فالإيمان لغة هو الإقرار، لأن التصديق إنما يطابق الخبر فقط، وأما الإقرار فيطابق الخبر والأمر ولأن قر وآمن متقاربان، فالإيمان دخول في الأمن، والإقرار دخول في القرار (3). زيادة الإيمان ونقصانه وحكم الاستثناء فيه لعبد الرزاق البدر- ص18

(1) انظر ((الفتاوى)) (7/ 290) و (7/ 534).

(2)

انظر ((الفتاوى)) (7/ 530).

(3)

انظر ((الفتاوى)) (7/ 638).

ص: 357