المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث الأول: الإيمان عند أهل السنة والجماعة - الموسوعة العقدية - جـ ٥

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌الفصل الرابع عشر: الصراط

- ‌المبحث الأول: تعريف الصراط

- ‌المبحث الثاني: صفة الصراط

- ‌المبحث الثالث: معتقد أهل السنة في الصراط

- ‌المبحث الرابع: مرور المؤمنين على الصّراط وخلاص المؤمنين من المنافقين

- ‌المبحث الخامس: الذين يمرُّون على الصّراط هم المؤمنون دون المشركين

- ‌المبحث السادس: أول من يجيز الصراط

- ‌المبحث السابع: الناجون والهالكون

- ‌المبحث الثامن: التفاضل في المرور على الصراط

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: أدلة إثبات القنطرة

- ‌المطلب الثاني: موضع تلك القنطرة

- ‌المبحث الأول: لفظة الورود في القرآن الكريم

- ‌المبحث الثاني: أقوال العلماء في معني الورود

- ‌المطلب الأول: معنى الأعراف لغة

- ‌المطلب الثاني: معنى الأعراف شرعا

- ‌المطلب الثالث: ما ورد في القرآن الكريم بشأن أصحاب الأعراف

- ‌المبحث الثاني: الخلاف في تعيين أصحاب الأعراف

- ‌المبحث الثالث: الراجح في أهل الأعراف

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: الحوض في اللغة

- ‌المطلب الثاني: الحوض في الاصطلاح

- ‌المطلب الثالث: الأحاديث الواردة في الحوض

- ‌المبحث الثاني: الإيمان بالحوض

- ‌المبحث الثالث: أقوال علماء الإسلام في إثبات الحوض

- ‌المطلب الأول: سعة حوض النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌المطلب الثاني: لون ماء الحوض وريحه

- ‌المطلب الثالث: أباريق الحوض

- ‌المبحث الخامس: التفاضل في ورود الحوض

- ‌المطلب الأول: تعريف الكوثر لغة

- ‌المطلب الثاني: تعريف الكوثر اصطلاحا

- ‌المطلب الأول: الأدلة من القرآن الكريم:

- ‌المطلب الثاني: الأدلة من السنة:

- ‌المبحث الثالث: تسمية الكوثر بالحوض والحوض بالكوثر وبيان وجه الاتصال بينهما

- ‌المبحث الأول: تعريف الجنة

- ‌تمهيد:

- ‌المطلب الأول: الشفاعة في دخول الجنة

- ‌المطلب الثاني: تهذيب المؤمنين وتنقيتهم قبل الدخول

- ‌المطلب الثالث: الأوائل في دخول الجنة

- ‌المطلب الرابع: الذين يدخلون الجنة بغير حساب

- ‌المطلب الخامس: الفقراء يسبقون الأغنياء إلى الجنة

- ‌المطلب السادس: دخول عصاة المؤمنين الجنة

- ‌المطلب السابع: آخر من يدخل الجنة

- ‌المطلب الثامن: الذين دخلوا الجنة قبل يوم القيامة

- ‌المبحث الثالث: أسماء الجنة

- ‌المطلب الأول: نعيم الجنة

- ‌المطلب الثاني: مفتاح الجنة

- ‌المطلب الثالث: أبواب الجنة

- ‌المطلب الرابع: درجات الجنة

- ‌المطلب الخامس: تربة الجنة

- ‌المطلب السادس: أنهار الجنة

- ‌المطلب السابع: عيون الجنة

- ‌المطلب الثامن: قصور الجنة وخيامها

- ‌المطلب التاسع: الثامن: عيم الجنةنور الجنة

- ‌المطلب العاشر: ريح الجنة

- ‌الفرع الأول: كثرة أشجار الجنة وثمارها

- ‌الفرع الثاني: وصف بعض شجر الجنة

- ‌المطلب الثاني عشر: دواب الجنة وطيورها

- ‌المطلب الأول: بعض الأعمال التي استحقوا بها الجنة

- ‌المطلب الثاني: طريق الجنة شاق

- ‌المطلب الثالث: أهل الجنة يرثون نصيب أهل النار في الجنة

- ‌المطلب الرابع: الضعفاء أكثر أهل الجنة

- ‌المطلب الخامس: هل الرجال أكثر في الجنة أم النساء

- ‌المطلب السادس: مقدار ما يدخل الجنة من هذه الأمة

- ‌المطلب السابع: أعلى أهل الجنة منزلة

- ‌المطلب الأول: سيدا كهول أهل الجنة

- ‌المطلب الثاني: سيدا شباب أهل الجنة

- ‌المطلب الثالث: سيدات نساء أهل الجنة

- ‌المطلب الرابع: العشرة المبشرون بالجنة

- ‌المطلب الخامس: بعض من نص على أنهم في الجنة غير من ذكر

- ‌المطلب السادس: الجنة ليست ثمناً للعمل

- ‌المبحث السابع: صفة أهل الجنة ونعيمهم فيها

- ‌المطلب الأول: نعيم أهل الجنة

- ‌المطلب الثاني: طعام أهل الجنة وشرابهم

- ‌المطلب الثالث: خمر أهل الجنة

- ‌المطلب الرابع: أول طعام أهل الجنة

- ‌المطلب الخامس: طعام أهل الجنة وشرابهم لا دنس معه

- ‌المطلب السادس: لماذا يأكل أهل الجنة ويشربون ويمتشطون

- ‌المطلب السابع: آنية طعام أهل الجنة وشرابهم

- ‌المطلب الثامن: لباس أهل الجنة وحليهم ومباخرهم

- ‌المطلب التاسع: فرش أهل الجنة

- ‌المطلب العاشر: خدم أهل الجنة

- ‌المطلب الحادي عشر: سوق أهل الجنة

- ‌المطلب الثاني عشر: زيارة أهل الجنة ربهم

- ‌المطلب الثالث عشر: اجتماع أهل الجنة وأحاديثهم

- ‌المطلب الرابع عشر: أماني أهل الجنة

- ‌المطلب الخامس عشر: نساء أهل الجنة

- ‌المطلب السادس عشر: المرأة لآخر أزواجها

- ‌المطلب السابع عشر: الحور العين

- ‌المطلب الثامن عشر: غناء الحور العين

- ‌المطلب التاسع عشر: غيرة الحور العين على أزواجهنّ في الدنيا

- ‌المطلب العشرون: يُعطى المؤمن في الجنة قوة مائة رجل

- ‌المطلب الحادي والعشرون: ضحك أهل الجنة من أهل النار

- ‌المطلب الثاني والعشرون: التسبيح والتكبير من نعيم أهل الجنة

- ‌المطلب الثالث والعشرون: رؤية الله ورضاه أفضل ما يُعطاه أهل الجنة

- ‌المبحث الثامن: المحاجة بين الجنة والنار

- ‌المبحث التاسع: الجنة خالدة وأهلها خالدون

- ‌المطلب الأول: عدم فناء الجنة

- ‌المطلب الثاني: النصوص الدالة على أن الجنة خالدة وأهلها خالدون

- ‌المطلب الثالث: القائلون بفناء الجنة

- ‌المبحث الأول: تعريف النار

- ‌المبحث الثاني: الجنة والنار مخلوقتان

- ‌المبحث الثالث: في بيان وجود النار الآن

- ‌المبحث الرابع: شبهة من قال النار لم تخلق بعد

- ‌المبحث الخامس: خزنة النار

- ‌المطلب الأول: مكان النار

- ‌المطلب الثاني: سعة النار وبعد قعرها

- ‌المطلب الثالث: دركات النار

- ‌المطلب الرابع: سجر جهنم وتسعرها

- ‌المطلب الخامس: أبواب النار

- ‌المطلب السادس: بُعد أبواب جهنم بعضها من بعض وما أعد الله تعالى فيها من العذاب

- ‌المطلب السابع: وقود النار

- ‌المطلب الثامن: شدة حرها وعظم دخانها وشرارها، وزمهريرها

- ‌المطلب التاسع: النار تتكلم وتبصر

- ‌المطلب العاشر: رؤيا ابن عمر للنار

- ‌المطلب الحادي عشر: هل يرى أحد النار قبل يوم القيامة عياناً

- ‌المطلب الثاني عشر: تأثير النار على الدنيا وأهلها

- ‌المطلب الأول: أهل النار المخلدون فيها

- ‌المطلب الثاني: النار مسكن الكفرة المشركين

- ‌المطلب الثالث: الدعاة إلى النار

- ‌المطلب الرابع: أعظم جرائم الخالدين في النار

- ‌المطلب الخامس: جملة الجرائم التي تدخل النار

- ‌المطلب السادس: أشخاص بأعيانهم في النار

- ‌المطلب السابع: كفرة الجن في النار

- ‌المطلب الثامن: الذين لا يخلدون في النار

- ‌المطلب التاسع: صفات أهل النار

- ‌المبحث الثامن: الذنوب المتوعد عليها بالنار

- ‌المطلب الأول: الفرق المخالفة للسنة

- ‌المطلب الثاني: الممتنعون من الهجرة

- ‌المطلب الثالث: الجائرون في الحكم

- ‌المطلب الرابع: الكذب على الرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌المطلب الخامس: الكبر

- ‌المطلب السادس: قاتل النفس بغير حق

- ‌المطلب السابع: أكلة الربا

- ‌المطلب الثامن: أكلة أموال الناس بالباطل

- ‌المطلب التاسع: المصورون

- ‌المطلب العاشر: الركون إلى الظالمين

- ‌المطلب الحادي عشر: الكاسيات العاريات والذين يجلدون ظهور الناس

- ‌المطلب الثاني عشر: الذين يعذبون الحيوان

- ‌المطلب الثالث عشر: عدم الإخلاص في طلب العلم

- ‌المطلب الرابع عشر: الذين يشربون في آنية الذهب والفضة

- ‌المطلب الخامس عشر: الذي يقطع السدر الذي يظل الناس

- ‌المطلب السادس عشر: جزاء الانتحار

- ‌المطلب الأول: النصوص الدالة على كثرة أهل النار

- ‌المطلب الثاني: السر في كثرة أهل النار

- ‌المطلب الثالث: أكثر من يدخل النار النساء

- ‌المبحث العاشر: عظم خلق أهل النار

- ‌المبحث الحادي عشر: طعام أهل النار وشرابهم ولباسهم

- ‌المطلب الأول: شدة ما يكابده أهل النار من عذاب

- ‌المطلب الثاني: صور من عذابهم

- ‌المطلب الثالث: إنضاج الجلود

- ‌المطلب الرابع: الصهر

- ‌المطلب الخامس: اللفح

- ‌المطلب السادس: السحب

- ‌المطلب السابع: تسويد الوجوه

- ‌المطلب الثامن: إحاطة النار بالكفار

- ‌المطلب التاسع: إطلاع النار على الأفئدة

- ‌المطلب العاشر: اندلاق الأمعاء في النار

- ‌المطلب الحادي عشر: قيود أهل النار وأغلالهم وسلاسلهم ومطارقهم

- ‌المطلب الثاني عشر: قرن معبوداتهم وشياطينهم بهم في النار

- ‌المطلب الثالث عشر: حسرتهم وندمهم ودعاؤهم

- ‌المبحث الثالث عشر: كيف يتقي الإنسان نار الله

- ‌المطلب الأول: النار خالدة لا تبيد

- ‌المطلب الثاني: القائلون بفناء النار

- ‌المطلب الأول: القضاء لغة

- ‌المطلب الثاني: القدر لغة

- ‌المطلب الأول: معنى القضاء والقدر شرعاً

- ‌المطلب الثاني: الفرق بين القضاء والقدر

- ‌المبحث الثالث: نشأة القول بالقدر (القدرية الأولى)

- ‌المطلب الأول: حكم الإيمان بالقضاء والقدر

- ‌المطلب الثاني: الأدلة على وجوب الإيمان بالقدر

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: المرتبة الأولى، الإيمان بعلم الله الشامل

- ‌المطلب الثاني: المرتبة الثانية، الإيمان بأن الله كتب في اللوح المحفوظ كل شيء

- ‌الفرع الأول: مرتبة الكتابة

- ‌الفرع الثاني: أدلة مرتبة الكتابة

- ‌المطلب الثالث: المرتبة الثالثة، الإيمان بمشيئة الله الشاملة وقدرته النافذة

- ‌الفرع الأول: مرتبة المشيئة

- ‌الفرع الثاني: أدلة مرتبة المشيئة

- ‌الفرع الأول: مرتبة الخلق

- ‌الفرع الثاني: أدلة مرتبة الخلق

- ‌المبحث الأول: أفعال الله كلها عدل ورحمة وحكمة

- ‌المبحث الثاني: تقسيم القدر إلى خير وشر وبيان عدم جواز نسبة الشر على الله

- ‌المبحث الثالث: قدره سبحانه ليس فيه ظلم لأحد

- ‌المبحث الرابع: مشيئة الله عز وجل نافذة

- ‌المبحث الخامس: الفرق بين المشيئة والإرادة (الإرادة الكونية والإرادة الشرعية)

- ‌المبحث الأول: الاعتماد في معرفة القدر وحدوده وأبعاده على الكتاب والسنة

- ‌المبحث الثاني: مدى إدراك العقل للعلل والأوامر والأفعال وما فيها من حسن وقبح

- ‌المبحث الثالث: الحكم الحاصلة من الشرائع ثلاثة أنواع

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأول: النصوص الدالة على تقدير الله أفعال العباد

- ‌المبحث الثاني: علم الله بأهل الجنة وأهل النار

- ‌المبحث الثالث: استخراج ذرية آدم من ظهره بعد خلقه وقسمهم إلى فريقين: أهل الجنة وأهل النار

- ‌المبحث الرابع: كتابة الله لأهل الجنة وأهل النار

- ‌المبحث الخامس: التقدير في ليلة القدر والتقدير اليومي

- ‌المبحث السادس: كتابة ما قدر للإنسان وهو جنين في رحم أمه

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأول: الإيمان بالقدر يدعو إلى العمل والنشاط والسعي بما يرضي الله

- ‌المبحث الثاني: من آثار الإيمان بالقدر أن يعرف الإنسان قدر نفسه

- ‌المبحث الثالث: الإيمان بالقدر يقضي على كثير من الأمراض التي تعصف بالمجتمعات

- ‌المبحث الرابع: الإيمان بالقدر من أكبر العوامل التي تكون سبباً في استقامة المسلم

- ‌المبحث الخامس: الإيمان بالقدر يغرس في نفس المؤمن حقائق الإيمان المتعددة

- ‌المبحث السادس: من آثار الإيمان بالقدر أن الداعي إلى الله يصدع بدعوته

- ‌المبحث السابع: الإيمان بالقدر طريق الخلاص من الشرك

- ‌المبحث الثامن: الاستقامة على منهج سواء في السراء والضراء

- ‌المبحث التاسع: المؤمن بالقدر دائماً على حذر

- ‌المبحث العاشر: مواجهة الصعاب والأخطار بقلب ثابت

- ‌المبحث الأول: مذهب المكذبين بالقدر

- ‌المبحث الثاني: محاورة أهل السنة للقدرية

- ‌المبحث الأول: معنى المحو والإثبات في الصحف، وزيادة الأجل ونقصانه

- ‌المبحث الثاني: التوفيق بين الأقدار وبين كل مولود يولد على الفطرة

- ‌المبحث الثالث: معنى قوله: وَمَا أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَّفْسِكَ

- ‌المبحث الرابع: كيف يخلق الله الشر ويقدره

- ‌الفصل الثالث: التاركون للعمل اتكالاً على القدر

- ‌الفصل الرابع: الرد على القدرية الجبرية

- ‌المبحث الأول: الوجه الأول خطؤهم في إطلاق اسم الجبر على ما يؤديه الإنسان من أفعال

- ‌المبحث الثاني: الوجه الثاني إنكار الاختيار في أفعال العباد نقص في العقل

- ‌المبحث الثالث: الوجه الثالث زعمهم أن كل شيء قدره الله وخلقه فقد رضيه وأحبه

- ‌المبحث الرابع: الوجه الرابع زعمهم أن الإيمان بالقدر يقضي بترك الأعمال وإهمال الأسباب

- ‌المبحث الخامس: الوجه الخامس احتجاجهم بالقدر

- ‌المبحث السادس: هل الرضا بالمقدور واجب

- ‌المبحث السابع: الوجه السادس الزعم بأن تكليف العباد غير ما فعلوا هو من باب التكليف بما لا يطاق

- ‌المبحث الثامن: الوجه السابع يلزم من قوله التسوية بين المُخْتَلِفَيْن

- ‌الفصل الخامس: مذهب أهل السنة والجماعة في القدر

- ‌الفصل السادس: من أقوال السلف في القدر

- ‌المبحث الأول: أسباب الضلال في القدر

- ‌المبحث الثاني: حكم الاحتجاج بالقدر

- ‌المبحث الأول: تعريف الإيمان لغة

- ‌المبحث الثاني: تعريف الإيمان شرعا

- ‌المبحث الثالث: العلاقة بين المعنى اللغوي والشرعي

- ‌تمهيد: أهمية مسألة الإيمان

- ‌المبحث الأول: الإيمان عند أهل السنة والجماعة

- ‌تمهيد

- ‌الأصل الأول

- ‌الأصل الثاني

- ‌الأصل الثالث

- ‌الأصل الرابع

- ‌المبحث الثالث: معنى الإقرار والتصديق في كلام السلف

- ‌المبحث الرابع: معنى قول السلف الإيمان قول وعمل

- ‌الأصل الأول: لا يكون إسلام إلا بإيمان، ولا يكون إيمان إلا بإسلام

- ‌الأصل الثاني: لا إيمان إلا بعمل، ولا عمل إلا بالإيمان

- ‌الأصل الثالث: لا يقبل قول إلا بعمل، ولا يقبل عمل إلا بقول

- ‌الأصل الرابع: الإيمان قول وعمل قرينان، لا ينفع أحدهما إلا بالآخر

- ‌الأصل الخامس: أن ترك الفرائض ليس بمنزلة ركوب المحارم

- ‌الأصل السادس: قول أهل السنة إنا لا نكفر بالذنب، إنما يراد به المعاصي لا المباني

- ‌الأصل السابع: في بيان الفرق بين ترك الصلاة وترك العمل

- ‌الأصل التاسع: في بيان الأعمال الظاهرة الدالة على حقيقة إيمان القلب

- ‌الأصل العاشر: أعمال الجوارح تابعة لأعمال القلوب ولازمة لها

- ‌الأصل الحادي عشر: جنس الأعمال من لوازم إيمان القلب

- ‌المبحث الأول: الإيمان حقيقة مركبة

- ‌المبحث الثاني: أدلة أهل السنة على إدخال الأعمال في مسمى الإيمان

- ‌تمهيد:

- ‌المسألة الأولى: الاعتقاد بالقلب

- ‌المسألة الثانية: أهمية عمل القلب

- ‌المسألة الثالثة: إثبات عمل القلب

- ‌العنصر الثاني الإقرار باللسان

- ‌العنصر الثالث العمل بالجوارح

- ‌المسألة الأولى: العلاقة بين إيمان القلب وعمل الجوارح

- ‌المسألة الثانية: دقة عبارات السلف في تقرير التلازم بين الإيمان والعمل

- ‌المبحث الأول: تعريف الكفر

- ‌المبحث الثاني: الخوارج والمعتزلة وقولهم في أصحاب الذنوب

- ‌المطلب الأول: قولهم في الإيمان

- ‌المطلب الثاني: مفهوم الكفر عند الجهمية

- ‌المطلب الثالث: أغلاط جهم

- ‌المبحث الرابع: مذهب الكرامية

- ‌المطلب الأول: قولهم في الإيمان

- ‌المطلب الثاني: أشاعرة وافقوا السلف

- ‌المطلب الثالث: قولهم في الزيادة والنقصان

- ‌المطلب الرابع: قولهم في الاستثناء في الإيمان

- ‌المطلب الخامس: الفرق بين تصديق الأشاعرة ومعرفة جهم

- ‌المطلب السادس: مفهوم الكفر عند الأشاعرة

- ‌المطلب الأول: قولهم في الإيمان

- ‌المطلب الثاني: مفهوم الكفر عند الماتريدية

- ‌المطلب الأول: قولهم في الإيمان

- ‌المطلب الثاني: هل الخلاف بين أهل السنة ومرجئة الفقهاء حقيقي أم لفظي

- ‌المطلب الأول: حول ما ينسب إلى المرجئة من أنه لا يضر مع الإيمان ذنب

- ‌المطلب الثاني: حول قول بعض السلف: من قال: الإيمان قول وعمل يزيد وينقص فقد برئ من الإرجاء

- ‌المطلب الثالث: مقالات المرجئة المعاصرة

- ‌المطلب الرابع: رد شبهات المرجئة قديماً، ومن وقع في الإرجاء حديثاً

الفصل: ‌المبحث الأول: الإيمان عند أهل السنة والجماعة

‌المبحث الأول: الإيمان عند أهل السنة والجماعة

الإيمان اعتقاد وقول وعمل الإيمان أصله في القلب: قال عز وجل: وَلَمَّا يَدْخُلِ الإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ [الحجرات: 8]، وقال تعالى: وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ [الحشر: 7]، وقال أيضاً: أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإِيمَانَ [المجادلة: 22]

وقال أيضاً: إِلَاّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ [النحل: 106]

وقال صلى الله عليه وسلم: ((يا معشر من آمن بلسانه، ولم يدخل الإيمان إلى قلبه)) (1).

إلى غير ذلك من الأدلة الصريحة في أن إيمان القلب شرط في الإيمان، ولا يصح الإيمان بدونه، وأنه إذا وجد سرى ذلك إلى الجوارح ولابد.

وإيمان القلب ليس مجرد العلم والمعرفة والتصديق بالله عز وجل، وخبر الرسول صلى الله عليه وسلم بل لابد مع ذلك من الانقياد والاستسلام، والخضوع والإخلاص، مما يدخل تحت عمل القلب.

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: الإيمان أصله الإيمان الذي في القلب، ولابد فيه من شيئين:

تصديق القلب وإقراره ومعرفته، ويقال لهذا: قول القلب، قال الجنيد بن محمد: التوحيد قول القلب، والتوكل عمل القلب " فلا بد فيه من قول القلب وعمله، ثم قول البدن وعمله، ولا بد فيه من عمل القلب، مثل حب الله ورسوله، وإخلاص العمل لله وحده، وتوكل القلب على الله وحده، وغير ذلك من أعمال القلوب التي أوجبها الله ورسوله وجعلها جزءاً من الإيمان ثم القلب هو الأصل، فإذا كان فيه معرفة وإرادة سرى ذلك إلى البدن ضرورة لا يمكن أن يتخلف البدن عما يريده القلب، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم:((ألا وإن في الجسد مضغة، إذا صلحت صلح لها سائر الجسد، وإذا فسدت فسد لها سائر الجسد، ألا وهي القلب)) (2).

فإذا كان القلب صالحا بما فيه من الإيمان علماً وعملاً قلبياً لزم ضرورة صلاح الجسد بالقول الظاهر، والعمل بالإيمان المطلق

ويقول أيضاً: الإيمان أصله معرفة القلب وتصديقه وقوله، والعمل تابع لهذا العلم والتصديق ملازم له، ولا يكون العبد مؤمناً إلا بها.

ويقول رحمه الله مبيناً شدة الترابط بين الأصل والفرع: (إذا قام بالقلب التصديق به، والمحبة له (قول القلب، وعمله) لزم ضرورة أن يتحرك البدن بموجب ذلك من الأقوال الظاهرة، والأعمال الظاهرة، فما يظهر على البدن من الأقوال والأعمال هو موجب ما في القلب ولازمه، ودليله ومعلوله، كما أن ما يقوم بالبدن من الأقوال والأعمال له أيضاً تأثير فيما في القلب، فكل منهما يؤثر في الآخر، لكن القلب هو الأصل والبدن فرع له، والفرع يستمد من أصله، والأصل يثبت ويقوى بفرعه).

ويقول الإمام المروزي رحمه الله: أصل الإيمان التصديق بالله، وبما جاء من عنده، وعنه يكون الخضوع لله لأنه إذا صدق بالله خضع له، وإذا خضع أطاع .. ومعنى التصديق هو المعرفة بالله، والاعتراف له بالربوبية، بوعده، ووعيده، وواجب حقه، وتحقيق ما صدق به من القول والعمل .. ومن التصديق بالله يكون الخضوع لله، وعن الخضوع تكون الطاعات، فأول ما يكون عن خضوع القلب لله الذي أوجبه التصديق من عمل الجوارح والإقرار باللسان (3).

(1) رواه أبو داود (4880)، والترمذي (2032)، وأحمد (4/ 420) (19791). من حديث أبي برزة الأسلمي رضي الله عنه. والحديث سكت عنه أبي داود. وقال الحافظ العراقي في ((المغني)) (2/ 250): إسناده جيد. وقال الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)): حسن صحيح.

(2)

رواه البخاري (52)، ومسلم (1599). من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنه.

(3)

((تعظيم قدر الصلاة)) (2/ 695 - 696).

ص: 359

ويقول أيضاً: (وإنما المعرفة التي هي إيمان، هي معرفة تعظيم الله، وجلاله، وهيبته، فإذا كان كذلك، فهو المصدق الذي لا يجد محيصاً عن الإجلال، والخضوع لله بالربوبية، فبذلك ثبت أن الإيمان يوجب الإجلال لله، والتعظيم له، والخوف منه، والتسارع إليه بالطاعة على قدر ما وجب في القلب من عظيم المعرفة)(1).

ويقول: (أصل الإيمان هو التصديق، وعنه يكون الخضوع، فلا يكون مصدقاً إلا خاضعاً، ولا خاضعاً إلا مصدقاً، وعنهما تكون الأعمال)(2).

يتضح لنا من النقل السابق أن العلم والمعرفة والتصديق (أي قول القلب)، إن لم يصحبها الانقياد والاستسلام والخضوع، (أي عمل القلب والجوارح) لم يكن المرء مؤمناً، بل تصديق هذا شر من عدمه لأنه ترك الانقياد مع علمه ومعرفته.

والدليل على أن التصديق والمعرفة فقط لا تنفع صاحبها وصف الله به إبليس بقوله: خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ [الأعراف: 12] وقوله: قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ [ص: 82]، فأخبر أنه قد عرف أن الله خلقه، ولم يخضع لأمره فيسجد لآدم كما أمره، فلم ينفعه معرفته إذ زايله الخضوع.

والدليل على ذلك أيضاً شهادة الله على قلوب بعض اليهود أنهم يعرفون النبي صلى الله عليه وسلم وما أنزل إليهم كما يعرفون أبناءهم، فلا أحد أصدق شهادة على ما في قلوبهم من الله، إذ يقول لنبيه: فَلَمَّا جَاءهُم مَّا عَرَفُواْ كَفَرُواْ بِهِ [البقرة: 89]، وقال: الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءهُمْ [البقرة: 146]، وقال: لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ [البقرة: 146] فشهد على قلوبهم بأنها عارفة عالمة بالنبي صلى الله عليه وسلم ولم يوجب لهم اسم الإيمان بمعرفتهم وعلمهم بالحق إذ لم يقارن معرفتهم التصديق والخضوع لله ولرسوله بالتصديق له والطاعة (3).

ومما يجدر ذكره أن بعض السلف يطلق التصديق أو اعتقاد القلب ويقصد به قول القلب وعمله جميعاً، أو عمل القلب وحده.

(1)((تعظيم قدر الصلاة)) (2/ 775 - 776) ويلاحظ من هذا النقل، والذي قبله أنه لا فرق بين مفهومي التصديق، والمعرفة عند الإمام المروزي وكلاهما داخل تحت قول القلب.

(2)

((تعظيم قدر الصلاة)) (2/ 715 - 716).

(3)

((تعظيم قدر الصلاة)) (2/ 696، 698).

ص: 360

يقول الإمام أحمد رحمه الله: وأما من زعم أن الإيمان الإقرار، فما يقول في المعرفة؟ هل يحتاج إلى المعرفة مع الإقرار؟ وهل يحتاج أن يكون مصدقاً بما عرف؟ فإن زعم أنه يحتاج إلى المعرفة مع الإقرار، فقد زعم أنه من شيئين، وإن زعم أنه يحتاج أن يكون مقرا ومصدقا بما عرف، فهو من ثلاثة أشياء، وإن جحد وقال: لا يحتاج إلى المعرفة والتصديق فقد قال قولاً عظيماً (1) فالملاحظ من كلام الإمام أحمد أنه يعني بالتصديق عمل القلب ويعني بالمعرفة قول القلب، أما الإقرار فقول اللسان (2) وقال الإمام أبو ثور لما سئل عن الإيمان ما هو؟: (فاعلم يرحمنا الله وإياك أن الإيمان تصديق بالقلب والقول باللسان وعمل بالجوارح، وذلك أنه ليس بين أهل العلم خلاف في رجل لو قال: أشهد أن الله عز وجل واحد، وأن ما جاءت به الرسل حق، وأقر بجميع الشرائع، ثم قال: ما عقد قلبي على شيء من هذا ولا أصدق به أنه ليس بمسلم ولو قال: المسيح هو الله، وجحد أمر الإسلام، قال لم يعتقد قلبي على شيء من ذلك أنه كافر بإظهار ذلك وليس بمؤمن، فلما لم يكن بالإقرار إذا لم يكن معه التصديق مؤمناً ولا بالتصديق إذا لم يكن معه الإقرار مؤمناً، حتى يكون مصدقاً بقلبه مقراً بلسانه فإذا كان تصديق بالقلب وإقرار باللسان كان عندهم مؤمناً وعند بعضهم لا يكون حتى يكون مع التصديق عمل، فيكون بهذه الأشياء إذا اجتمعت مؤمناً

) (3).

ثم رد على من أخرج العمل من الإيمان فالغالب أنه يقصد بالتصديق هنا (قول القلب وعمله) والله أعلم.

يقول ابن تيمية: وكذلك قول من قال: اعتقاد بالقلب، وقول باللسان وعمل بالجوارح، جعل القول والعمل اسماً لما يظهر، فاحتاج أن يضم إلى ذلك اعتقاد القلب، ولا بد أن يدخل في قوله: اعتقاد القلب، أعمال القلب المقارنة لتصديقه، مثل حب الله، وخشية الله والتوكل عليه، ونحو ذلك، فإن دخول أعمال القلب في الإيمان أولى من دخول أعمال الجوارح باتفاق الطوائف كلها (4).

ويقول الإمام ابن القيم موضحاً ذلك: ونحن نقول: الإيمان هو التصديق، ولكن ليس التصديق مجرد اعتقاد صدق المخبر دون الانقياد له، ولو كان مجرد اعتقاد التصديق إيماناً لكان إبليس وفرعون وقومه وقوم صالح واليهود الذين عرفوا أن محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم كما يعرفون أبناءهم مؤمنين صادقين (5).

ونختم هذا البحث بالتأكيد على أهمية الخضوع والاستسلام والانقياد (عمل القلب والجوارح) وأنه أساس دعوة الأنبياء والرسل، وأن قضيتهم مع أقوامهم دائماً ليست قضية المعرفة والعلم المجرد (أي قول القلب).

قال تعالى: فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللهِ يَجْحَدُونَ [الأنعام: 33] وقال تعالى: وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ [النمل: 14].

(1)((مجموع الفتاوى)) (7/ 393).

(2)

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية في ((مجموع الفتاوى)) (7/ 397): (فأراد أحمد بالتصديق أنه مع المعرفة به صار القلب مصدقا له، تابعاً له، محباً له، معظماً له .. وهذا أشبه بأن يحمل عليه كلام الإمام أحمد).

(3)

((شرح أصول اعتقاد أهل السنة)) (4/ 849 - 850).

(4)

((مجموع الفتاوى)) (7/ 506).

(5)

((الصلاة وحكم تاركها)) (ص44 - 45).

ص: 361

فالكفار والمنافقون غالباً ما يقرون بالربوبية والرسالة ولكن الكبر والبغض وحب الرياسة والشهوات ونحوها تصدهم عن الطاعة والإخلاص والمتابعة (أي توحيد الألوهية) ومن ثم فلا ينفعهم ذلك، ولا ينجيهم من عذاب الله عز وجل في الآخرة ولا من سيف المؤمنين في الدنيا، فيجب على الدعاة إلى الله أن ترتكز دعوتهم على ذلك، وأن لا يقتصروا بالاهتمام بتوحيد الربوبية دون الدعوة إلى توحيد الألوهية، وإنما يكون اهتمامهم بالربوبية طريقاً ومنطلقاً لترسيخ وتثبيت توحيد الألوهية وعبادة الله وحده لا شريك له.

قول اللسان (الإقرار باللسان) قول اللسان جزء من مسمى الإيمان، والمقصود بقول اللسان: الأعمال التي تؤدى باللسان: كالشهادتين والذكر وتلاوة القرآن والصدق والنصيحة والدعاء وغير ذلك مما لا يؤدى إلا باللسان وهذه الأعمال منها ما هو مستحب ومنها ما هو واجب ومنها ما هو شرط لصحة الإيمان ولنبدأ أولاً بالنصوص الدالة على أن قول اللسان يدخل في مسمى الإيمان ومنها:

1 -

قوله عز وجل: قُولُواْ آمَنَّا بِاللهِ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ وَالأسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ [البقرة: 136]، ثم قال عز وجل: فَإِنْ آمَنُواْ بِمِثْلِ مَا آمَنتُم بِهِ فَقَدِ اهْتَدَواْ [البقرة: 137].

قال الحليمي: فأمر المؤمنين أن يقولوا آمَنَّا ثم أخبر بقوله تعالى: فَإِنْ آمَنُواْ بِمِثْلِ مَا آمَنتُم بِهِ أن ذلك القول منهم إيمان، وسمي قولهم مثل ذلك إيمانا، إذ لا معنى لقوله: فَإِنْ آمَنُواْ بِمِثْلِ مَا آمَنتُم بِهِ.

إلا فإن آمنوا بأن قالوا: مثل ما قلتم فكانوا مؤمنين كما آمنتم فصح أن القول إيمان) (1).

2 -

وقال عز وجل في آية أخرى: فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ فَلَمْ يَكُ يَنفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا [غافر: 84 - 85] هذا الإيمان منهم لما رأوا البأس لم ينقلهم من الكفر ولم ينفعهم فثبت أنه لو كان قبلها لنفعهم بأن ينقلهم من الكفر إلى الإيمان وبذلك يكون هذا القول منهم لو كان قبل رؤية البأس لكان إيمانا (2).

3 -

ومن الأحاديث الشريفة في ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: ((أمرت أن أقاتل الناس، حتى يقولوا لا إله إلا الله فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها)) (3) فقد أخبر صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث الشريف أن العصمة المزايلة للكفر تثبت بالقول فبذلك يثبت أن القول إيمان لأن الإيمان هو العاصم من السيف (4).

4 -

ومن الأحاديث أيضاً قوله صلى الله عليه وسلم: ((الإيمان بضع وسبعون أو بضع وستون شعبة فأفضلها قول لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان)) (5).

فهذا الحديث أصل في دخول الأعمال والأقوال في مسمى الإيمان

نكتفي بهذه الأدلة الصريحة على دخول قول اللسان في مسمى الإيمان ونأتي إلى مسألة مهمة وهي:

الشهادتان أصل قول اللسان وهما شرط في صحة الإيمان:

(1)((المنهاج في شعب الإيمان)) (1/ 26).

(2)

انظر: ((المنهاج في شعب الإيمان)) (1/ 26).

(3)

رواه البخاري (25)، ومسلم (22). من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما.

(4)

انظر: ((المنهاج في شعب الإيمان)) (1/ 27).

(5)

رواه البخاري (9)، ومسلم (35) واللفظ له. من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

ص: 362

اتفق أهل السنة على أن النطق بالشهادتين شرط لصحة الإيمان قال الإمام النووي تعليقاً على حديث ((أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله)) (1)(وفيه أن الإيمان شرطه الإقرار بالشهادتين مع اعتقادهما واعتقاد جميع ما أتى به النبي صلى الله عليه وسلم (2) وقال أيضاً: واتفق أهل السنة من المحدثين والفقهاء والمتكلمين، على أن المؤمن الذي يحكم بأنه من أهل القبلة، ولا يخلد في النار، لا يكون إلا من اعتقد بقلبه دين الإسلام اعتقاداً جازماً خالياً من الشكوك، ونطق بالشهادتين، فإن اقتصر على إحداهما لم يكن من أهل القبلة أصلا. (3).

ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية: وقد اتفق المسلمون على أنه من لم يأت بالشهادتين فهو كافر. (4)

وقال أيضاً (فأما الشهادتان) إذا لم يتكلم بهما مع القدرة فهو كافر باتفاق المسلمين، وهو كافر باطناً وظاهراً عند سلف الأمة وأئمتها وجماهير علمائها) (5) وقال أيضاً (إن الذي عليه الجماعة أن من لم يتكلم بالإيمان بلسانه من غير عذر لم ينفعه ما في قلبه من المعرفة، وأن القول من القادر عليه شرط في صحة الإيمان)(6) وقال الإمام ابن أبي العز الحنفي عند كلامه على حديث شعب الإيمان (وهذه الشعب منها ما يزول الإيمان بزوالها إجماعاً كشعبة الشهادتين، ومنها ما لا يزول بزوالها إجماعاً، كترك إماطة الأذى عن الطريق ..

وقال الإمام ابن رجب الحنبلي: (ومن ترك الشهادتين خرج من الإسلام)(7)

ويقول الحافظ ابن حجر تعليقاً على حديث ((يخرج من النار من قال لا إله إلا الله، وفي قلبه وزن شعيرة من خير .. )) الحديث (8)(فيه دليل على اشتراط النطق بالتوحيد .. )(9)

والمقصود بالشهادتين كما لا يخفى ليس مجرد النطق بهما، بل التصديق بمعانيهما وإخلاص العبادة لله، والتصديق بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم والإقرار ظاهراً وباطناً بما جاء به فهذه الشهادة هي التي تنفع صاحبها عند الله عز وجل، ولذلك ثبت في الأحاديث الصحيحة قوله صلى الله عليه وسلم:((من قال لا إله إلا الله مخلصاً من قلبه)) (10) وفي رواية ((صدقاً)) (11) وفي رواية ((غير شاك)) (12)((مستيقناً)) (13).

(1) رواه البخاري (25)، ومسلم (22). من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنه.

(2)

((شرح صحيح مسلم)) للنووي (1/ 212).

(3)

((شرح صحيح مسلم)) للنووي (1/ 149).

(4)

((مجموع الفتاوى)) لشيخ الإسلام ابن تيمية (7/ 302)

(5)

((مجموع الفتاوى)) لشيخ الإسلام ابن تيمية (7/ 609).

(6)

((الصارم المسلول)) (ص525) والمقصود بالقول هنا: شهادة ألا إله إلا الله. قال الحافظ ابن حجر في ((فتح الباري)) (1/ 46): (فأما القول المراد به النطق بالشهادتين).اهـ. وهذا ليس حصراً لقول اللسان بالشهادتين وإنما الكلام عن القول الذي هو شرط في الإيمان.

(7)

انظر: ((جامع العلوم والحكم)) (ص23).

(8)

رواه البخاري (44)، ومسلم (193). من حديث أنس بن مالك.

(9)

((فتح الباري)) (1/ 104).

(10)

رواه أحمد (5/ 236)(22113)، وابن حبان (1/ 429) (200). من حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه. وصححه الألباني في ((السلسلة الصحيحة)) (2355) وقال: صحيح على شرط الشيخين.

(11)

رواه البخاري (128). من حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه.

(12)

رواه مسلم (27). من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

(13)

رواه مسلم (31). من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

ص: 363

قال الإمام المروزي: ثم قال صلى الله عليه وسلم في حديث ابن عباس لوفد عبد القيس: ((آمركم بالإيمان، ثم قال أتدرون ما الإيمان بالله؟ شهادة أن لا إله إلا الله)) (1) فبدأ بأصله والشاهد بلا إله إلا الله هو المصدق المقر بقلبه يشهد بها لله بقلبه، ولسانه يبتدئ بشهادة قلبه والإقرار به ثم يثني بالشهادة بلسانه والإقرار به ليس كما شهد المنافقون إذ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ [المنافقون: 1] والله يشهد إنهم لكاذبون، فلم يكذب قلوبهم أنه حق في عينه، ولكن كذبهم من قولهم، فقال وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ [المنافقون: 1] أي كما قالوا، ثم قال: وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ [المنافقون: 1] فكذبهم من قولهم، لا أنهم قالوا بألسنتهم باطلاً ولا كذباً، وكذلك حين أجاب النبي صلى الله عليه وسلم جبريل بقوله:((الإسلام شهادة أن لا إله إلا الله)) (2) لم يرد شهادة باللسان كشهادة المنافقين ولكن أراد شهادة بدؤها من القلب بالتصديق بالله بأنه واحد) (3).

قال القرطبي ردا على من زعم أن التلفظ بالشهادتين كاف في الإيمان: بل هو مذهب معلوم الفساد من الشريعة لمن وقف عليها ولأنه يلزم منه تسويغ النفاق، والحكم للمنافق بالإيمان الصحيح وهو باطل قطعاً (4) وقال الإمام محمد بن عبد الوهاب تعليقاً على قوله صلى الله عليه وسلم:((من قال لا إله إلا الله، وكفر بما يعبد من دونه حرم ماله ودمه، وحسابه على الله)) (5) قال: (وهذا من أعظم ما يبين معنى (لا إله إلا الله) فإنه لم يجعل التلفظ بها عاصماً للدم والمال، بل ولا معرفة معناها مع لفظها بل ولا الإقرار بذلك بل ولا كونه لا يدعو إلا الله وحده لا شريك له بل لا يحرم ماله ودمه حتى يضيف إلى ذلك الكفر بما يعبد من دون الله، فإن شك أو توقف لم يحرم ماله ودمه فيا لها من مسألة ما أعظمها وأجلها، ويا له من بيان ما أوضحه وحجة ما أقطعها للمنازع) (6) والمقصود من النقل السابق التأكيد على أن التلفظ بالشهادتين وحده لا يفي لصحة الإيمان والنجاة في الآخرة ما لم يقترن ذلك بخضوع وانقياد وتصديق وإخلاص على حسب ما جاء في النصوص الأخرى وأجمل عبارة مختصرة يمكن أن تقال بهذه المناسبة ما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية (وتواترت النصوص بأنه يحرم على النار من قال: لا إله إلا الله ومن شهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله لكن جاءت مقيدة بالقيود الثقال) (7) نواقض الإيمان الاعتقادية وضوابط التكفير عند السلف لمحمد بن عبد الله بن علي الوهيبي – 1/ 38

ومن أصول أهل السنة والجماعة التي اتفقوا عليها في مسمى الإيمان على اختلاف عباراتهم في التعبير – إجمالاً وتفصيلاً – وذلك خوفاً من الاشتباه، أو الالتباس؛ أن الإيمان مركب من:

(قول، وعمل). أو (قول، وعمل، ونية). أو (قول، وعمل، ونية، واتباع السنة).

أي: أن مسمى الإيمان يطلق عند أهل السنة والجماعة على ثلاث خصال مجتمعة، لا يجزئ أحدهما عن الآخر، وهذه الأمور الثلاثة جامعة لدين الإسلام:

(اعتقاد القلب، إقرار اللسان، عمل الجوارح).

وبعبارة أخرى عندهم:

قول القلب، وقول اللسان.

عمل القلب، وعمل الجوارح.

(1) رواه البخاري (53)، ومسلم (17). من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.

(2)

رواه مسلم (8). من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه.

(3)

((تعظيم قدرة الصلاة)) (2/ 707، 708)

(4)

((المفهم على صحيح مسلم)) نقلاً من ((فتح المجيد)) (ص32).

(5)

رواه مسلم (23). من حديث طارق بن أشيم الأشجعي رضي الله عنه.

(6)

((فتح المجيد شرح كتاب التوحيد)) لعبد الرحمن بن حسن آل الشيخ (ص81).

(7)

نقلاً عن ((فتح المجيد)) لعبد الرحمن بن حسن آل الشيخ (ص38).

ص: 364

ويمكن توضيح ذلك؛ بالتفصيل التالي:

أولاً - قول القلب: هو معرفته للحق، واعتقاده، وتصديقه، وإقراره، وإيقانه به؛ وهو ما عقد عليه القلب، وتمسك به، ولم يتردد فيه، قال الله تبارك وتعالى:

وَالَّذِي جَاء بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ لَهُم مَّا يَشَاءونَ عِندَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ جَزَاء الْمُحْسِنِينَ [الزمر: 33 - 34].

وقال تعالى: وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ [الأنعام: 57].

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((يخرج من النار من قال لا إله إلا الله، وفي قلبه وزن شعيرة من خير)) (1).

قول اللسان: إقراره والتزامه.

أي: النطق بالشهادتين، والإقرار بلوازمها.

قال تعالى: قُولُواْ آمَنَّا بِاللهِ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ وَالأسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ [البقرة: 136].

وقال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ [الأحقاف: 13].

وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ((أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة

)) (2).

ثانياً: عمل القلب: نيته، وتسليمه، وإخلاصه، وإذعانه، وخضوعه، وانقياده، والتزامه، وإقباله إلى الله تعالى، وتوكله عليه – سبحانه – ورجاؤه، وخشيته، وتعظيمه، وحبه وإرادته.

قال الله تعالى: وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ [الأنعام: 52].

وقال تعالى: وَمَا لأَحَدٍ عِندَهُ مِن نِّعْمَةٍ تُجْزَى إِلَاّ ابْتِغَاء وَجْهِ رَبِّهِ الأَعْلَى وَلَسَوْفَ يَرْضَى [الليل: 19 - 21].

وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ((يا معشر من آمن بلسانه، ولم يدخل الإيمان قلبه)) (3).

عمل الجوارح:

أي فعل المأمورات والواجبات، وترك المنهيات والمحرمات.

فعمل اللسان: ما لا يؤدى إلا به؛ كتلاوة القرآن، وسائر الأذكار؛ من التسبيح، والتحميد، والتهليل، والتكبير، والدعاء، والاستغفار، والدعوة إلى الله تعالى، وتعليم الناس الخير، وغير ذلك من الأعمال التي تؤدى باللسان؛ فهذا كله من الإيمان.

قال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ [فاطر: 29]. وقال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا [الأحزاب: 41].

وعمل الجوارح: مثل الصلاة، والقيام، والركوع، والسجود، والصيام، والصدقات، والمشي في مرضاة الله تعالى؛ كنقل الخطا إلى المساجد، والحج، والجهاد في سبيل الله، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وغير ذلك من أعمال شعب الإيمان.

قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ [الحج: 77 - 78].

وقال تعالى: وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلامًا وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا [الفرقان: 63 - 64].

فهذه الخصال الثلاث:

(اعتقاد القلب، إقرار اللسان، عمل الجوارح).

اشتمل عليها مسمى الإيمان عند أهل السنة والجماعة؛ فمن أتى بجميعها؛ فقد اكتمل إيمانه. الإيمان حقيقته خوارمه نواقضه عند أهل السنة عبدالله بن عبدالحميد الأثري – ص15

(1) رواه البخاري (44). من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه.

(2)

رواه البخاري (25)، ومسلم (22). من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنه.

(3)

رواه أبو داود (4880)، والترمذي (2032)، وأحمد (4/ 420) (19791). من حديث أبي برزة الأسلمي رضي الله عنه. والحديث سكت عنه أبي داود. وقال الحافظ العراقي في ((المغني)) (2/ 250): إسناده جيد. وقال الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)): حسن صحيح.

ص: 365