المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌العنصر الثاني الإقرار باللسان - الموسوعة العقدية - جـ ٥

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌الفصل الرابع عشر: الصراط

- ‌المبحث الأول: تعريف الصراط

- ‌المبحث الثاني: صفة الصراط

- ‌المبحث الثالث: معتقد أهل السنة في الصراط

- ‌المبحث الرابع: مرور المؤمنين على الصّراط وخلاص المؤمنين من المنافقين

- ‌المبحث الخامس: الذين يمرُّون على الصّراط هم المؤمنون دون المشركين

- ‌المبحث السادس: أول من يجيز الصراط

- ‌المبحث السابع: الناجون والهالكون

- ‌المبحث الثامن: التفاضل في المرور على الصراط

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: أدلة إثبات القنطرة

- ‌المطلب الثاني: موضع تلك القنطرة

- ‌المبحث الأول: لفظة الورود في القرآن الكريم

- ‌المبحث الثاني: أقوال العلماء في معني الورود

- ‌المطلب الأول: معنى الأعراف لغة

- ‌المطلب الثاني: معنى الأعراف شرعا

- ‌المطلب الثالث: ما ورد في القرآن الكريم بشأن أصحاب الأعراف

- ‌المبحث الثاني: الخلاف في تعيين أصحاب الأعراف

- ‌المبحث الثالث: الراجح في أهل الأعراف

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: الحوض في اللغة

- ‌المطلب الثاني: الحوض في الاصطلاح

- ‌المطلب الثالث: الأحاديث الواردة في الحوض

- ‌المبحث الثاني: الإيمان بالحوض

- ‌المبحث الثالث: أقوال علماء الإسلام في إثبات الحوض

- ‌المطلب الأول: سعة حوض النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌المطلب الثاني: لون ماء الحوض وريحه

- ‌المطلب الثالث: أباريق الحوض

- ‌المبحث الخامس: التفاضل في ورود الحوض

- ‌المطلب الأول: تعريف الكوثر لغة

- ‌المطلب الثاني: تعريف الكوثر اصطلاحا

- ‌المطلب الأول: الأدلة من القرآن الكريم:

- ‌المطلب الثاني: الأدلة من السنة:

- ‌المبحث الثالث: تسمية الكوثر بالحوض والحوض بالكوثر وبيان وجه الاتصال بينهما

- ‌المبحث الأول: تعريف الجنة

- ‌تمهيد:

- ‌المطلب الأول: الشفاعة في دخول الجنة

- ‌المطلب الثاني: تهذيب المؤمنين وتنقيتهم قبل الدخول

- ‌المطلب الثالث: الأوائل في دخول الجنة

- ‌المطلب الرابع: الذين يدخلون الجنة بغير حساب

- ‌المطلب الخامس: الفقراء يسبقون الأغنياء إلى الجنة

- ‌المطلب السادس: دخول عصاة المؤمنين الجنة

- ‌المطلب السابع: آخر من يدخل الجنة

- ‌المطلب الثامن: الذين دخلوا الجنة قبل يوم القيامة

- ‌المبحث الثالث: أسماء الجنة

- ‌المطلب الأول: نعيم الجنة

- ‌المطلب الثاني: مفتاح الجنة

- ‌المطلب الثالث: أبواب الجنة

- ‌المطلب الرابع: درجات الجنة

- ‌المطلب الخامس: تربة الجنة

- ‌المطلب السادس: أنهار الجنة

- ‌المطلب السابع: عيون الجنة

- ‌المطلب الثامن: قصور الجنة وخيامها

- ‌المطلب التاسع: الثامن: عيم الجنةنور الجنة

- ‌المطلب العاشر: ريح الجنة

- ‌الفرع الأول: كثرة أشجار الجنة وثمارها

- ‌الفرع الثاني: وصف بعض شجر الجنة

- ‌المطلب الثاني عشر: دواب الجنة وطيورها

- ‌المطلب الأول: بعض الأعمال التي استحقوا بها الجنة

- ‌المطلب الثاني: طريق الجنة شاق

- ‌المطلب الثالث: أهل الجنة يرثون نصيب أهل النار في الجنة

- ‌المطلب الرابع: الضعفاء أكثر أهل الجنة

- ‌المطلب الخامس: هل الرجال أكثر في الجنة أم النساء

- ‌المطلب السادس: مقدار ما يدخل الجنة من هذه الأمة

- ‌المطلب السابع: أعلى أهل الجنة منزلة

- ‌المطلب الأول: سيدا كهول أهل الجنة

- ‌المطلب الثاني: سيدا شباب أهل الجنة

- ‌المطلب الثالث: سيدات نساء أهل الجنة

- ‌المطلب الرابع: العشرة المبشرون بالجنة

- ‌المطلب الخامس: بعض من نص على أنهم في الجنة غير من ذكر

- ‌المطلب السادس: الجنة ليست ثمناً للعمل

- ‌المبحث السابع: صفة أهل الجنة ونعيمهم فيها

- ‌المطلب الأول: نعيم أهل الجنة

- ‌المطلب الثاني: طعام أهل الجنة وشرابهم

- ‌المطلب الثالث: خمر أهل الجنة

- ‌المطلب الرابع: أول طعام أهل الجنة

- ‌المطلب الخامس: طعام أهل الجنة وشرابهم لا دنس معه

- ‌المطلب السادس: لماذا يأكل أهل الجنة ويشربون ويمتشطون

- ‌المطلب السابع: آنية طعام أهل الجنة وشرابهم

- ‌المطلب الثامن: لباس أهل الجنة وحليهم ومباخرهم

- ‌المطلب التاسع: فرش أهل الجنة

- ‌المطلب العاشر: خدم أهل الجنة

- ‌المطلب الحادي عشر: سوق أهل الجنة

- ‌المطلب الثاني عشر: زيارة أهل الجنة ربهم

- ‌المطلب الثالث عشر: اجتماع أهل الجنة وأحاديثهم

- ‌المطلب الرابع عشر: أماني أهل الجنة

- ‌المطلب الخامس عشر: نساء أهل الجنة

- ‌المطلب السادس عشر: المرأة لآخر أزواجها

- ‌المطلب السابع عشر: الحور العين

- ‌المطلب الثامن عشر: غناء الحور العين

- ‌المطلب التاسع عشر: غيرة الحور العين على أزواجهنّ في الدنيا

- ‌المطلب العشرون: يُعطى المؤمن في الجنة قوة مائة رجل

- ‌المطلب الحادي والعشرون: ضحك أهل الجنة من أهل النار

- ‌المطلب الثاني والعشرون: التسبيح والتكبير من نعيم أهل الجنة

- ‌المطلب الثالث والعشرون: رؤية الله ورضاه أفضل ما يُعطاه أهل الجنة

- ‌المبحث الثامن: المحاجة بين الجنة والنار

- ‌المبحث التاسع: الجنة خالدة وأهلها خالدون

- ‌المطلب الأول: عدم فناء الجنة

- ‌المطلب الثاني: النصوص الدالة على أن الجنة خالدة وأهلها خالدون

- ‌المطلب الثالث: القائلون بفناء الجنة

- ‌المبحث الأول: تعريف النار

- ‌المبحث الثاني: الجنة والنار مخلوقتان

- ‌المبحث الثالث: في بيان وجود النار الآن

- ‌المبحث الرابع: شبهة من قال النار لم تخلق بعد

- ‌المبحث الخامس: خزنة النار

- ‌المطلب الأول: مكان النار

- ‌المطلب الثاني: سعة النار وبعد قعرها

- ‌المطلب الثالث: دركات النار

- ‌المطلب الرابع: سجر جهنم وتسعرها

- ‌المطلب الخامس: أبواب النار

- ‌المطلب السادس: بُعد أبواب جهنم بعضها من بعض وما أعد الله تعالى فيها من العذاب

- ‌المطلب السابع: وقود النار

- ‌المطلب الثامن: شدة حرها وعظم دخانها وشرارها، وزمهريرها

- ‌المطلب التاسع: النار تتكلم وتبصر

- ‌المطلب العاشر: رؤيا ابن عمر للنار

- ‌المطلب الحادي عشر: هل يرى أحد النار قبل يوم القيامة عياناً

- ‌المطلب الثاني عشر: تأثير النار على الدنيا وأهلها

- ‌المطلب الأول: أهل النار المخلدون فيها

- ‌المطلب الثاني: النار مسكن الكفرة المشركين

- ‌المطلب الثالث: الدعاة إلى النار

- ‌المطلب الرابع: أعظم جرائم الخالدين في النار

- ‌المطلب الخامس: جملة الجرائم التي تدخل النار

- ‌المطلب السادس: أشخاص بأعيانهم في النار

- ‌المطلب السابع: كفرة الجن في النار

- ‌المطلب الثامن: الذين لا يخلدون في النار

- ‌المطلب التاسع: صفات أهل النار

- ‌المبحث الثامن: الذنوب المتوعد عليها بالنار

- ‌المطلب الأول: الفرق المخالفة للسنة

- ‌المطلب الثاني: الممتنعون من الهجرة

- ‌المطلب الثالث: الجائرون في الحكم

- ‌المطلب الرابع: الكذب على الرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌المطلب الخامس: الكبر

- ‌المطلب السادس: قاتل النفس بغير حق

- ‌المطلب السابع: أكلة الربا

- ‌المطلب الثامن: أكلة أموال الناس بالباطل

- ‌المطلب التاسع: المصورون

- ‌المطلب العاشر: الركون إلى الظالمين

- ‌المطلب الحادي عشر: الكاسيات العاريات والذين يجلدون ظهور الناس

- ‌المطلب الثاني عشر: الذين يعذبون الحيوان

- ‌المطلب الثالث عشر: عدم الإخلاص في طلب العلم

- ‌المطلب الرابع عشر: الذين يشربون في آنية الذهب والفضة

- ‌المطلب الخامس عشر: الذي يقطع السدر الذي يظل الناس

- ‌المطلب السادس عشر: جزاء الانتحار

- ‌المطلب الأول: النصوص الدالة على كثرة أهل النار

- ‌المطلب الثاني: السر في كثرة أهل النار

- ‌المطلب الثالث: أكثر من يدخل النار النساء

- ‌المبحث العاشر: عظم خلق أهل النار

- ‌المبحث الحادي عشر: طعام أهل النار وشرابهم ولباسهم

- ‌المطلب الأول: شدة ما يكابده أهل النار من عذاب

- ‌المطلب الثاني: صور من عذابهم

- ‌المطلب الثالث: إنضاج الجلود

- ‌المطلب الرابع: الصهر

- ‌المطلب الخامس: اللفح

- ‌المطلب السادس: السحب

- ‌المطلب السابع: تسويد الوجوه

- ‌المطلب الثامن: إحاطة النار بالكفار

- ‌المطلب التاسع: إطلاع النار على الأفئدة

- ‌المطلب العاشر: اندلاق الأمعاء في النار

- ‌المطلب الحادي عشر: قيود أهل النار وأغلالهم وسلاسلهم ومطارقهم

- ‌المطلب الثاني عشر: قرن معبوداتهم وشياطينهم بهم في النار

- ‌المطلب الثالث عشر: حسرتهم وندمهم ودعاؤهم

- ‌المبحث الثالث عشر: كيف يتقي الإنسان نار الله

- ‌المطلب الأول: النار خالدة لا تبيد

- ‌المطلب الثاني: القائلون بفناء النار

- ‌المطلب الأول: القضاء لغة

- ‌المطلب الثاني: القدر لغة

- ‌المطلب الأول: معنى القضاء والقدر شرعاً

- ‌المطلب الثاني: الفرق بين القضاء والقدر

- ‌المبحث الثالث: نشأة القول بالقدر (القدرية الأولى)

- ‌المطلب الأول: حكم الإيمان بالقضاء والقدر

- ‌المطلب الثاني: الأدلة على وجوب الإيمان بالقدر

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: المرتبة الأولى، الإيمان بعلم الله الشامل

- ‌المطلب الثاني: المرتبة الثانية، الإيمان بأن الله كتب في اللوح المحفوظ كل شيء

- ‌الفرع الأول: مرتبة الكتابة

- ‌الفرع الثاني: أدلة مرتبة الكتابة

- ‌المطلب الثالث: المرتبة الثالثة، الإيمان بمشيئة الله الشاملة وقدرته النافذة

- ‌الفرع الأول: مرتبة المشيئة

- ‌الفرع الثاني: أدلة مرتبة المشيئة

- ‌الفرع الأول: مرتبة الخلق

- ‌الفرع الثاني: أدلة مرتبة الخلق

- ‌المبحث الأول: أفعال الله كلها عدل ورحمة وحكمة

- ‌المبحث الثاني: تقسيم القدر إلى خير وشر وبيان عدم جواز نسبة الشر على الله

- ‌المبحث الثالث: قدره سبحانه ليس فيه ظلم لأحد

- ‌المبحث الرابع: مشيئة الله عز وجل نافذة

- ‌المبحث الخامس: الفرق بين المشيئة والإرادة (الإرادة الكونية والإرادة الشرعية)

- ‌المبحث الأول: الاعتماد في معرفة القدر وحدوده وأبعاده على الكتاب والسنة

- ‌المبحث الثاني: مدى إدراك العقل للعلل والأوامر والأفعال وما فيها من حسن وقبح

- ‌المبحث الثالث: الحكم الحاصلة من الشرائع ثلاثة أنواع

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأول: النصوص الدالة على تقدير الله أفعال العباد

- ‌المبحث الثاني: علم الله بأهل الجنة وأهل النار

- ‌المبحث الثالث: استخراج ذرية آدم من ظهره بعد خلقه وقسمهم إلى فريقين: أهل الجنة وأهل النار

- ‌المبحث الرابع: كتابة الله لأهل الجنة وأهل النار

- ‌المبحث الخامس: التقدير في ليلة القدر والتقدير اليومي

- ‌المبحث السادس: كتابة ما قدر للإنسان وهو جنين في رحم أمه

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأول: الإيمان بالقدر يدعو إلى العمل والنشاط والسعي بما يرضي الله

- ‌المبحث الثاني: من آثار الإيمان بالقدر أن يعرف الإنسان قدر نفسه

- ‌المبحث الثالث: الإيمان بالقدر يقضي على كثير من الأمراض التي تعصف بالمجتمعات

- ‌المبحث الرابع: الإيمان بالقدر من أكبر العوامل التي تكون سبباً في استقامة المسلم

- ‌المبحث الخامس: الإيمان بالقدر يغرس في نفس المؤمن حقائق الإيمان المتعددة

- ‌المبحث السادس: من آثار الإيمان بالقدر أن الداعي إلى الله يصدع بدعوته

- ‌المبحث السابع: الإيمان بالقدر طريق الخلاص من الشرك

- ‌المبحث الثامن: الاستقامة على منهج سواء في السراء والضراء

- ‌المبحث التاسع: المؤمن بالقدر دائماً على حذر

- ‌المبحث العاشر: مواجهة الصعاب والأخطار بقلب ثابت

- ‌المبحث الأول: مذهب المكذبين بالقدر

- ‌المبحث الثاني: محاورة أهل السنة للقدرية

- ‌المبحث الأول: معنى المحو والإثبات في الصحف، وزيادة الأجل ونقصانه

- ‌المبحث الثاني: التوفيق بين الأقدار وبين كل مولود يولد على الفطرة

- ‌المبحث الثالث: معنى قوله: وَمَا أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَّفْسِكَ

- ‌المبحث الرابع: كيف يخلق الله الشر ويقدره

- ‌الفصل الثالث: التاركون للعمل اتكالاً على القدر

- ‌الفصل الرابع: الرد على القدرية الجبرية

- ‌المبحث الأول: الوجه الأول خطؤهم في إطلاق اسم الجبر على ما يؤديه الإنسان من أفعال

- ‌المبحث الثاني: الوجه الثاني إنكار الاختيار في أفعال العباد نقص في العقل

- ‌المبحث الثالث: الوجه الثالث زعمهم أن كل شيء قدره الله وخلقه فقد رضيه وأحبه

- ‌المبحث الرابع: الوجه الرابع زعمهم أن الإيمان بالقدر يقضي بترك الأعمال وإهمال الأسباب

- ‌المبحث الخامس: الوجه الخامس احتجاجهم بالقدر

- ‌المبحث السادس: هل الرضا بالمقدور واجب

- ‌المبحث السابع: الوجه السادس الزعم بأن تكليف العباد غير ما فعلوا هو من باب التكليف بما لا يطاق

- ‌المبحث الثامن: الوجه السابع يلزم من قوله التسوية بين المُخْتَلِفَيْن

- ‌الفصل الخامس: مذهب أهل السنة والجماعة في القدر

- ‌الفصل السادس: من أقوال السلف في القدر

- ‌المبحث الأول: أسباب الضلال في القدر

- ‌المبحث الثاني: حكم الاحتجاج بالقدر

- ‌المبحث الأول: تعريف الإيمان لغة

- ‌المبحث الثاني: تعريف الإيمان شرعا

- ‌المبحث الثالث: العلاقة بين المعنى اللغوي والشرعي

- ‌تمهيد: أهمية مسألة الإيمان

- ‌المبحث الأول: الإيمان عند أهل السنة والجماعة

- ‌تمهيد

- ‌الأصل الأول

- ‌الأصل الثاني

- ‌الأصل الثالث

- ‌الأصل الرابع

- ‌المبحث الثالث: معنى الإقرار والتصديق في كلام السلف

- ‌المبحث الرابع: معنى قول السلف الإيمان قول وعمل

- ‌الأصل الأول: لا يكون إسلام إلا بإيمان، ولا يكون إيمان إلا بإسلام

- ‌الأصل الثاني: لا إيمان إلا بعمل، ولا عمل إلا بالإيمان

- ‌الأصل الثالث: لا يقبل قول إلا بعمل، ولا يقبل عمل إلا بقول

- ‌الأصل الرابع: الإيمان قول وعمل قرينان، لا ينفع أحدهما إلا بالآخر

- ‌الأصل الخامس: أن ترك الفرائض ليس بمنزلة ركوب المحارم

- ‌الأصل السادس: قول أهل السنة إنا لا نكفر بالذنب، إنما يراد به المعاصي لا المباني

- ‌الأصل السابع: في بيان الفرق بين ترك الصلاة وترك العمل

- ‌الأصل التاسع: في بيان الأعمال الظاهرة الدالة على حقيقة إيمان القلب

- ‌الأصل العاشر: أعمال الجوارح تابعة لأعمال القلوب ولازمة لها

- ‌الأصل الحادي عشر: جنس الأعمال من لوازم إيمان القلب

- ‌المبحث الأول: الإيمان حقيقة مركبة

- ‌المبحث الثاني: أدلة أهل السنة على إدخال الأعمال في مسمى الإيمان

- ‌تمهيد:

- ‌المسألة الأولى: الاعتقاد بالقلب

- ‌المسألة الثانية: أهمية عمل القلب

- ‌المسألة الثالثة: إثبات عمل القلب

- ‌العنصر الثاني الإقرار باللسان

- ‌العنصر الثالث العمل بالجوارح

- ‌المسألة الأولى: العلاقة بين إيمان القلب وعمل الجوارح

- ‌المسألة الثانية: دقة عبارات السلف في تقرير التلازم بين الإيمان والعمل

- ‌المبحث الأول: تعريف الكفر

- ‌المبحث الثاني: الخوارج والمعتزلة وقولهم في أصحاب الذنوب

- ‌المطلب الأول: قولهم في الإيمان

- ‌المطلب الثاني: مفهوم الكفر عند الجهمية

- ‌المطلب الثالث: أغلاط جهم

- ‌المبحث الرابع: مذهب الكرامية

- ‌المطلب الأول: قولهم في الإيمان

- ‌المطلب الثاني: أشاعرة وافقوا السلف

- ‌المطلب الثالث: قولهم في الزيادة والنقصان

- ‌المطلب الرابع: قولهم في الاستثناء في الإيمان

- ‌المطلب الخامس: الفرق بين تصديق الأشاعرة ومعرفة جهم

- ‌المطلب السادس: مفهوم الكفر عند الأشاعرة

- ‌المطلب الأول: قولهم في الإيمان

- ‌المطلب الثاني: مفهوم الكفر عند الماتريدية

- ‌المطلب الأول: قولهم في الإيمان

- ‌المطلب الثاني: هل الخلاف بين أهل السنة ومرجئة الفقهاء حقيقي أم لفظي

- ‌المطلب الأول: حول ما ينسب إلى المرجئة من أنه لا يضر مع الإيمان ذنب

- ‌المطلب الثاني: حول قول بعض السلف: من قال: الإيمان قول وعمل يزيد وينقص فقد برئ من الإرجاء

- ‌المطلب الثالث: مقالات المرجئة المعاصرة

- ‌المطلب الرابع: رد شبهات المرجئة قديماً، ومن وقع في الإرجاء حديثاً

الفصل: ‌العنصر الثاني الإقرار باللسان

‌العنصر الثاني الإقرار باللسان

الإقرار باللسان عند السلف عنصر أصلي من عناصر الإيمان، فلا يتصور تحقق الإيمان القلبي التام من قول القلب وعمله دون تحقق الإقرار باللسان، فهو على هذا الأساس يكون من جهة، عبارة عن (إنشاء) عقد جديد يتضمن الالتزام والانقياد، ومن جهة أخرى يكون عبارة عن (إخبار) عما في النفس من اعتقاد.

فمن استخدم لفظ (الإقرار) بمعناه العام هذا من الإخبار والالتزام وقال إن الإيمان هو الإقرار، فالخلاف معه خلاف لفظي، ومن استخدم اللفظ في المعنى الأخير وحده وهو الإخبار لزمه في تعريف الإيمان أن يضيف إليه الاعتقاد بالقلب.

يقول ابن تيمية: (ولفظ الإقرار يتضمن الالتزام، ثم إنه يكون على وجهين:

أحدهما: الإخبار، وهو من هذا الوجه كلفظ التصديق، والشهادة، ونحوهما. وهذا معنى الإقرار الذي يذكره الفقهاء في كتاب الإقرار.

والثاني: إنشاء الالتزام، كما في قوله تعالى: أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُواْ أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُواْ وَأَنَاْ مَعَكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ [آل عمران: 81] وليس هو هنا بمعنى الخبر المجرد

فهذا الالتزام للإيمان والنصر للرسول – وكذلك لفظ الإيمان – فيه إخبار وإنشاء التزام) اهـ (1).

فالإقرار باللسان إذن نتيجة تلقائية للتعبير عن تحقق الإيمان القلبي من تصديق بالحق وانقياد له. (ولذلك فإن العرب لا تعرف في لغتها التصديق والتكذيب إلا ما كان معنى ولفظاً أو لفظاً يدل على معنى، فلا يوجد في كلام العرب أن يقال: فلا صدق فلاناً أو كذبه إذا كان يعلم بقلبه أنه صادق أو كاذب ولم يتكلم بذلك. فمن لم يصدق بلسانه مع القدرة لا يسمى في لغة القوم مؤمناً، كما اتفق على ذلك سلف الأمة من الصحابة والتابعين لهم بإحسان. فمن صدق بقلبه ولم يتكلم بلسانه فإنه لا يعلق به شيء من أحكام الإيمان لا في الدنيا ولا في الآخرة، إذ لم يجعل الله أحداً مصدقاً للرسل بمجرد العلم والتصديق الذي في قلوبهم، حتى يصدقوهم بألسنتهم. ولهذا كان القول الظاهر من الإيمان الذي لا نجاة للعبد إلا به عند عامة السلف والخلف من الأولين والآخرين، حيث اتفق المسلمون على أن من لم يأت بالشهادتين مع القدرة على ذلك فهو كافر، وهو كافر باطناً وظاهراً عند سلف الأمة وأئمتها)(2).

يقول البدر العيني: (اتفق أهل السنة من المحدثين والفقهاء والمتكلمين على ما قاله النووي: إن المؤمن الذي يحكم بأنه من أهل القبلة ولا يخلد في النار، لا يكون من اعتقد بقلبه دين الإسلام اعتقاداً جازماً خالياً من الشكوك، ونطق مع ذلك بالشهادتين.

قال: فإن اقتصر على أحدهما لم يكن من أهل القبلة أصلاً، بل يخلد في النار إلا أن يعجز عن النطق لخلل في لسانه، أو لعدم التمكن منه لمعاجلة المنية، أو لتغير ذلك، فإنه حينئذ يكون مؤمناً بالاعتقاد من غير لفظ) اهـ (3).

ولا بد أن نقرر هنا – وبناء على كل ما سبق - أن التلفظ بالشهادتين إذن ليس مقصوداً لذاته، وإنما المقصود هو الإعلان عن تحقيق مدلولهما من:

الإقرار بالتوحيد (ولوازمه من النبوة والبعث).

ترك الشرك والتبرئ منه.

التزام شرائع الإسلام.

فإذا لم تعبر الشهادة عن نفس هذه المعاني لم تقبل من قائلها، حتى تكون تعبيراً واقعياً عن مدلولها. وإذا عبر عن نفس هذه المعاني بكلمات أخرى قبلت من قائلها، حتى يلقن الشهادتين أو يتعلمهما أو يحسن التكلم بهما.

(1)((الإيمان الأوسط)) (ص: 72، 73).

(2)

راجع: ((الإيمان)) لابن تيمية (ص: 126، 131، 135، 207، 287). وراجع ((الإيمان الأوسط)) (ص: 95، 151).

(3)

((عمدة القاري)) (1/ 110).

ص: 423

والمتتبع لأقوال الأئمة في هذا الأمر يلاحظ مدى تعدد اجتهاداتهم في اعتبار أو رفض الدلالات المختلفة التي تعبر عن تحقق مدلول الشهادتين، وذلك حسب حال القائل، والظروف والملابسات المختلفة التي تحيط به مما يؤكد على هذه الحقيقة وهي أن العبرة دائماً بالحقائق والمعاني والدلالات وليس بالألفاظ المجردة.

يقول الإمام ابن القيم: (وقد اختلف أئمة الإسلام في الكافر إذا قال: أشهد أن محمداً رسول الله ولم يزد، هل يحكم بإسلامه بذلك؟ على ثلاثة أقوال وهي ثلاث روايات عن الإمام أحمد. أحدها يحكم بإسلامه بذلك، والثانية لا يحكم بإسلامه حتى يأتي بشهادة أن لا إله إلا الله، والثالثة أنه إذا كان مقرا بالتوحيد حكم بإسلامه، وإن لم يكن مقرا لم يحكم بإسلامه حتى يأتي به) اهـ (1).

ويقول البدر العيني: (وإذا نطق بهما لم يشترط معهما أن يقول: أنا بريء من كل دين خالف دين الإسلام على الأصح، إلا أن يكون من كفار يعتقدون اختصاص الرسالة بالعرب، ولا يحكم بإسلامه حتى يتبرأ. ومن أصحابنا من اشترط التبرؤ مطلقاً، وهو غلط لقوله صلى الله عليه وسلم: ((أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله)) (2). ومنهم من استحبه مطلقاً كالاعتراف بالبعث.

أما إذا اقتصر الكافر على قوله لا إله إلا الله، ولم يقل: محمد رسول الله، فالمشهور من مذهبنا ومذهب الجمهور أنه لا يكون مسلماً. ومن أصحابنا من قال: يصير مسلماً ويطالب بالشهادة الأخرى، فإن أبى جعل مرتداً. وحجة الجمهور الرواية السالفة، وهي مقدمة على هذه، لأنها زيادة من ثقة، وليس فيها نفي للشهادة الثانية، وإنما فيها تنبيه على الأخرى.

وأغرب القاضي حسين فشرط في ارتفاع السيف عنه أن يقر بأحكامها مع النطق بها، فأما مجرد قولها فلا، وهو عجيب منه.

وقال النووي: اشترط القاضي أبو الطيب من أصحابنا الترتيب بين كلمتي الشهادة في صحة الإسلام، فيقدم الإقرار بالله على الإقرار برسوله، ولم أر من وافقه ولا من خالفه.

وذكر الحليمي في منهاجه ألفاظاً تقوم مقام لا إله إلا الله، في بعضها نظر لانتفاء ترادفها حقيقة، فقال: ويحصل الإسلام بقوله: لا إله غير الله، ولا إله سوى الله أم ما عدا الله، ولا إله إلا الرحمن أو البارئ، أو لا رحمن أو لا بارئ إلا الله، أو لا ملك أو لا رزاق إلا الله، وكذا لو قال: لا إله إلا العزيز أو العظيم أو الحكيم أو الكريم. وبالعكس قال: لو قال: أحمد أبو القاسم رسول الله فهو كقوله: محمد) اهـ (3).

ويقول الشوكاني: (وعن ابن عمر قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد إلى بني جذيمة فدعاهم إلى الإسلام، فلم يحسنوا أن يقولوا أسلمنا، فجعلوا يقولون: صبأنا صبأنا، فجعل خالد يقتل ويأسر، ودفع إلى كل رجل منا أسيره، حتى إذا أصبح أمر خالد أن يقتل كل رجل منا أسيره، فقال: والله لا أقتل أسيري ولا يقتل رجل من أصحابي أسيره، حتى قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ((اللهم إني أبرأ مما صنع خالد، ومرتين)) رواه أحمد والبخاري (4). وهو دليل على أن الكناية مع النية كصريح لفظ الإسلام.

قوله: صبأنا صبأنا، أي دخلنا في دين الصابئة، وكان أهل الجاهلية يسمون من أسلم صابئاً، وكأنهم قالوا: أسلمنا أسلمنا

وقد استدل المصنف بأحاديث الباب على أنه يصير الكافر مسلماً بالتكلم بالشهادتين ولو كان ذلك على طريق الكناية بدون تصريح

(1)((زاد المعاد)) (2/ 42).

(2)

رواه البخاري (25)، ومسلم (138). من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.

(3)

((عمدة القاري)) (1/ 110، 111).

(4)

رواه أحمد (2/ 150)(6382)، والبخاري (4084). من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.

ص: 424

قال الحافظ في (الفتح) عند الكلام على حديث: ((أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله)) (1) في باب قتل من أبى من قبول الفرائض من كتاب استتابة المرتدين والمعاندين ما لفظه: وفيه منع قتل من قال لا إله إلا الله ولو لم يزد عليها، وهو كذلك، لكن هل يصير بمجرد ذلك مسلماً؟ الراجح لا، بل يجب الكف عن قتله حتى يختبر، فإن شهد بالرسالة والتزم أحكام الإسلام حكم بإسلامه، وإلى ذلك الإشارة بالاستثناء بقوله: إلا بحق الإسلام.

قال البغوي: الكافر إذا كان وثنياً أو ثنوياً لا يقر بالوحدانية، فإذا قال: لا إله إلا الله حكم بإسلامه، ثم يجبر على قبول جميع الأحكام، ويبرأ من كل دين خالف الإسلام. وأما من كان مقراً بالوحدانية منكراً للنبوة فإنه لا يحكم بإسلامه حتى يقول: محمد رسول الله. فإن كان يعتقد أن الرسالة المحمدية إلى العرب خاصة، فلا بد أن يقول: إلى جميع الخلق، فإن كان كفره بجحود واجب أو استباحة محرم فيحتاج إلى أن يرجع عن اعتقاده.

قال الحافظ: ومقتضى قوله يجبر، أنه إذا لم يلتزم يجرى عليه حكم المرتد، وبه صرح القفّال، واستدل بحديث الباب وادعى أنه لم يرد في خبر من الأخبار أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وهي غفلة عظيمة، فإن ذلك ثابت في الصحيحين في كتاب الإيمان منهما (2) كما قدمنا الإشارة إلى ذلك. اهـ.) (3).

فالقضية إذن هي قضية تحقق أصل الإيمان في القلب، ثم التعبير عن تحقق هذا الأصل باللسان. فالشهادة إذن ليست حجاباً من الكلمات التي يتمتم بها قائلها فترفع عنه السيف في الدنيا ثم تستره من العذاب في الآخرة، دون أن يكون لها أية حقيقة في قلبه وفي ظاهر أمره، من العلم والمعرفة والتصديق بالحق على ما هو عليه فعلاً، ثم الخضوع والانقياد والاستسلام له، ومحبته والالتزام به وتعظيمه ولوازم ذلك كله، من كراهية الباطل والانخلاع عنه والتبرئ منه، والالتزام بشريعة الرسول والدخول في طاعته ومحبته وتوقيره صلى الله عليه وسلم. حقيقة الإيمان عند أهل السنة والجماعة لمحمد عبد الهادي المصري – ص 33

مسألة: علاقة قول اللسان بقول القلب وعمله

إن قول القلب: هو متعلق التوحيد الخبري الاعتقادي.

وعمل القلب: وهو متعلق التوحيد الطلبي الإرادي.

فإن الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر يتضمن توحيد الأسماء والصفات، وتصديق الرسول صلى الله عليه وسلم في كل ما أخبر عن ربه من الكتب وما فيها، والملائكة وأعمالهم وصفاتهم، والنبيين ودعوتهم وأخبارهم، وأحوال البرزخ والآخرة، والمقادير وسائر المغيبات.

فالإقرار بهذا والتصديق به مجملا أو مفصلا هو قول القلب، وهو التوحيد الخبري الاعتقادي.

وعمل القلب

يتضمن توحيد الله عز وجل بعبادته وحده حبا وخوفا ورجاء ورغبة ورهبة وإنابة وتوكلا وخشوعا واستعانة ودعاء وإجلالا وتعظيما وانقيادا، وتسليما لأمره الكوني وأمره الشرعي، ورضا بحكمه القدري والشرعي، وسائر أنواع العبادة التي صرفها لغير الله شرك (4).

(1) رواه البخاري (25)، ومسلم (138). من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.

(2)

رواه البخاري (25)، ومسلم (138). من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.

(3)

((نيل الأوطار)) للشوكاني (8/ 9، 10) باب ما يصير به الكافر مسلماً.

(4)

كما يتضمن عمل القلب أعمالا دون ذلك مما افترضها الله وجعلها من واجبات الإيمان، كمحبة المؤمنين والنصح لهم، والتواضع، والشفقة، واجتناب الكبر والحسد، ونحو ذلك.

ص: 425

وهذان هما نوعا التوحيد الذي جاءت به الرسل وأنزل الله به الكتب، وشهادة أن لا إله إلا الله - التي هي رأس الأعمال وأول واجب على العبد - إنما هي إنشاء للالتزام بهذين النوعين ومن ثم سميت كلمة التوحيد، ومن هنا كان أجهل الناس بالتوحيد من ظن أن المطلوب بقول: لا إله إلا الله هو التلفظ بها باللسان فقط.

أن كل عمل من أعمال الإنسان الظاهرة - على اللسان أو الجوارح - لا بد أن يكون تعبيرا عما في القلب وتحقيقا له ومظهرا لإرادته وإلا كان صاحبه منافقا النفاق الشرعي أو العرفي وأخص من ذلك العبادات، فكل عبادة قولية وفعلية لا بد أن يقترن بها من عمل القلب وما يفرق بينها وبين أفعال الجمادات أو الحركات اللاإرادية أو أفعال المنافقين.

فما بالك برأس العبادات وأعظمها، بل أعظم شيء في الوجود، الذي يرجح بالسموات والأرض وعامرهن غير الله تعالى: وهي شهادة أن لا إله إلا الله؟!

ولهذا يتفاوت قائلوا هذه الكلمة تفاوتا عظيما بحسب تفاوت ما في قلوبهم من التوحيد.

فلولا تفاوت أقوال القلوب وأعمالها - ولو أن المراد من كلمة الشهادة هو نطقها- لما كان لموحد فضل على موحد ولما كان لصاحب البطاقة- الآتي حديثه - فضل على سواه من قائليها، ولما كان لقائلها باللسان فضل عن قائلها بالقلب واللسان، ولما كان لمن قالها من خيار الصحابة السابقين فضل عن من قالها يتعوذ بها من السيف في المعركة.

وانظر إلى هذا الحوار بين العزيز الحكيم وبين عبده موسى الكليم، حيث قال موسى:((يا رب علمني شيئا أذكرك وأدعوك به، قال: قل يا موسى: لا إله إلا الله، قال كل عبادك يقولون هذا!!! – زاد في رواية: إنما أريد أن تخصني به – قال: يا موسى، لو أن السموات السبع – وعامرهن غيري – والأرضون السبع في كفة، ولا إله إلا الله في كفه مالت بهن لا إله إلا الله)) (1).

فكل المسلمين يقولون (لا إله إلا الله)، ولكن ما قائل كقائل، لأن ما في القلوب يتفاوت مثل تفاوت السماوات والأرض، والذرة التي لا تكاد ترى.

يقول الإمام ابن القيم رحمه الله: (اعلم أن أشعة (لا إله إلا الله) تبدد من ضباب الذنوب وغيومها بقدرة قوة الشعاع وضعفه، فلها نور، وتفاوت أهلها في ذلك النور قوة وضعفا لا يحصيه إلا الله تعالى، فمن الناس: نور هذه الكلمة في قلبه كالشمس، ومنهم: من نورها في قلبه كالكوكب الدري، ومنهم: من نورها في قلبه كالمشعل العظيم، وآخر: كالسراج المضيء، وآخر كالسراج الضعيف.

ولهذا تظهر الأنوار يوم القيامة بأيمانهم وبين أيديهم على هذا المقدار، بحسب ما في قلوبهم من نور هذه الكلمة، علما وعملا، ومعرفة وحالا.

وكلما عظم نور هذه الكلمة واشتد أحرق من الشبهات والشهوات بحسب قوته وشدته، حتى إنه ربما وصل إلى حال لا يصادف معها شبهة ولا شهوة ولا ذنبا إلا أحرقه، وهذا حال الصادق في توحيده الذي لم يشرك بالله شيئا فأي ذنب أو شهوة أو شبهة دنت من هذا النور أحرقها، فسماء إيمانه قد حرست بالنجوم من كل سارق لحسناته فلا ينال منها السارق إلا على غرة وغفلة لا بد منها للبشر، فإذا استيقظ وعلم ما سرق منه استنفذه من سارقه، أو حصل أضعافه بكسبه، فهو هكذا أبدا من لصوص الجن والإنس، ليس كمن فتح لهم خزانته وولى الباب ظهره) (2).

(1) رواه النسائي في ((السنن الكبرى)) (6/ 209)(10670)، وأبو يعلى في ((المسند)) (2/ 528)(1393)، وابن حبان (14/ 102)(6218)، والحاكم (1/ 710)،. من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه. قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، قال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (10/ 85): رواه أبو يعلى ورجاله وثقوا وفيهم ضعف، وضعفه الألباني في ((ضعيف الترغيب والترهيب)) (923).

(2)

((مدارج السالكين)) (1/ 329 - 330).

ص: 426

(وليس التوحيد مجرد إقرار العبد بأنه لا خالق إلا الله، وأن الله رب كل شيء ومليكه - كما كان عباد الأصنام مقرين بذلك وهم مشركون، بل التوحيد يتضمن من محبة الله، والخضوع له، والذل له وكمال الانقياد لطاعته، وإخلاص العبادة له، وإرادة وجهه الأعلى بجميع الأقوال والأعمال، والمنع، والعطاء، والحب، والبغض - ما يحول بين صاحبه وبين الأسباب الداعية إلى المعاصي والإصرار عليها، ومن عرف هذا عرف قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن الله حرم على النار من قال: لا إله إلا الله)) (1) وما جاء من هذا الضرب من الأحاديث التي أشكلت على كثير من الناس، حتى ظنها بعضهم على نار المشركين والكفار، وأول بعضهم الدخول بالخلود وقال: المعنى لا يدخلها خالدا، ونحو ذلك من التأويلات المستكرهة) (2).

(والشارع - صلوات الله وسلامه عليه - لم يجعل ذلك حاصلا بمجرد قول اللسان فقط، فإن المنافقين يقولونها بألسنتهم، وهم تحت الجاحدين لها في الدرك الأسفل من النار، فلا بد من قول القلب وقول اللسان.

وقول القلب: يتضمن معرفتها، والتصديق بها، ومعرفة حقيقة ما تضمنته من النفي والإثبات، ومعرفة حقيقة الإلهية المنفية عن غير الله، المختصة به، التي يستحيل ثبوتها لغيره، وقيام هذا المعنى بالقلب، علما ومعرفة ويقينا وحالا - ما يوجب تحريم قائلها على النار، وكل قول رتب الشارع ما رتب عليه من الثواب، فإنما هو القول التام - كقوله صلى الله عليه وسلم:((من قال في يوم: سبحان الله وبحمده مائه مرة حطت عنه خطاياه – أو غفرت ذنوبه ولو كانت مثل زبد البحر)) (3) وليس هذا مرتبا على مجرد اللسان. نعم من قالها بلسانه، غافلا عن معناها، معرضا عن تدبرها، ولم يواطئ قلبه لسانه، ولا عرف قدرها وحقيقتها، راجيا من ذلك ثوابها حطت من خطاياه بحسب ما في قلبه، فتكون صورة العملين واحدة، وبينهما في التفاضل كما بين السماء والأرض، والرجلان يكون مقامهما في الصف واحدا وبين صلاتيهما كما بين السماء والأرض.

وتأمل حديث البطاقة التي توضع في كفة، ويقابلها تسعة وتسعون سجلا، كل سجل منها مد البصر، فتثقل البطاقة وتطيش السجلات، فلا يعذب (4).

ومعلوم أن كل موحد له مثل هذه البطاقة، وكثير منهم يدخل النار بذنوبه، ولكن السر الذي ثقل بطاقة ذلك الرجل، وطاشت لأجله السجلات، لما لم يحصل لغيره من أرباب البطاقات انفردت بطاقته بالثقل والرزانة.

وإذا أردت زيادة الإيضاح لهذا المعنى فانظر إلى ذكر من قلبه ملآن بمحبتك، وذكر من هو معرض عنك غافل ساه، مشغول بغيرك، قد انجذبت دواعي قلبه إلى محبه غيرك وإيثاره عليك، وهل يكون ذكرهما واحدا؟ أم هل يكون ولداك اللذان هما بهذه المثابة، أو عبداك، أو زوجتاك، عندك سواء؟

وتأمل ما قام بقلب قاتل المائة من حقائق الإيمان التي لم تشغله عند السياق عن السير إلى القرية، وحملته – وهو في تلك الحال – على أن جعل ينوء بصدره ويعالج سكرات الموت. فهذا أمر آخر، وإيمان آخر. ولا جرم أن ألحق بالقرية الصالحة وجعل من أهلها.

وقريب من هذا: ما قام بقلب البغي التي رأت ذلك الكلب وقد اشتد به العطش يأكل الثرى، فقام بقلبها ذلك الوقت – مع عدم الآلة، وعدم المعين، وعدم من ترائيه بعملها – ما حملها على أن غررت بنفسها في نزول البئر، وملء الماء في خفها، ولم تعبأ بتعرضها للتلف، وحملها خفها بفيها وهو ملآن، وحتى أمكنها الرقى من البئر، ثم تواضعها لهذا المخلوق الذي جرت عادة الناس بضربه، فأمسكت له الخف بيدها حتى شرب، ومن غير أن ترجو منه جزاء ولا شكورا، فأحرقت أنوار هذا القدر من التوحيد ما تقدم منها من البغاء، فغفر لها.

فهكذا الأعمال والعمال عند الله، والغافل في غفلة من هذا الإكسير الكيماوي، الذي إذا وضع منه مثقال ذرة على قناطير من نحاس الأعمال قلبها ذهبا والله المستعان) (5) ظاهرة الإرجاء في الفكر الإسلامي لسفر الحوالي – 2/ 534

(1) رواه البخاري (425)، ومسلم (33). من حديث عتبان بن مالك السالمي رضي الله عنه.

(2)

((مدارج السالكين)) (1/ 330).

(3)

رواه البخاري (6405)، ومسلم (2691). من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

(4)

حديث البطاقة رواه الترمذي (2639)، وابن ماجه (3488)، وأحمد (2/ 213)(6994)، والحاكم (1/ 46). من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما. قال الترمذي، والبغوي في ((شرح السنة)) (7/ 490): حسن غريب، وقال الحاكم: هذا حديث صحيح لم يخرج في الصحيحين وهو صحيح على شرط مسلم، ووافقه الذهبي، وابن الملقن في ((شرح صحيح البخاري)) (33/ 595)، وحسنه ابن حجر في ((تخريج مشكاة المصابيح)) (5/ 173) كما أشار لذلك في المقدمة، وصححه السفاريني الحنبلي في ((لوائح الأنوار السنية)) (2/ 197)، وقال المناوي في ((تخريج أحاديث المصابيح)) (5/ 22): رجاله موثقون، وقال الشوكاني في ((فتح القدير)) (2/ 273): حسن.

(5)

((مدارج السالكين)) (1/ 331 - 332).

ص: 427