الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسألة الثالثة: إثبات عمل القلب
لما كان إيمان القلب من الأهمية .... كان لا بد أن يكون حظ الحديث عنه من الذكر الحكيم الذي أنزله الله لإصلاح حياة العالمين وتزكيتها هو الحظ الأوفر، وهكذا جاء في القرآن آيات كثيرة تبين أعمال القلب وأهميتها في الإيمان أصلا أو وجوبا، ولو ذهبنا في جمعها واستقصائها لطال المقام جدا.
وحسبنا أن نورد ما يتجلى به صحة مذهب أهل السنة والجماعة وشذوذ المرجئة المنكرين لدخول أعمال القلب في الإيمان عدا التصديق القلبي، ويتضح أن مصدر القوم في التلقي لم يكن الكتاب والسنة، وإلا فكيف يضربون صفحا عن هذه الآيات المحكمات، ويعتمدون أكثر ما يعتمدون على آية واحدة ليست في مورد الإيمان الشرعي، بل حكاها الله تعالى عن قوم قالوها في التصديق الخبري المجرد، وهو قوله تعالى على لسان إخوة يوسف: وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا [يوسف: 17]!!
وهذه بعض أعمال القلب مقرونة بما تدل عليها من الآيات، منها ما هو في حق المؤمنين، ومنها ما هو في حق الكفار دالا على أمور سوى التكذيب الذي لم يقر المرجئة بغيره، ونظرا لكثرتها اكتفيت بما ورد فيها العمل مسندا إلى القلب - أو الصدر - بالمنطوق الصريح.
1 -
الوجل: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ [الأنفال:2]
2 -
الإخبات: وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ [الحج:54]
3 -
السلامة من الشرك دقيقه وجليله: يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ إلا من أتى الله بقلب سليم [الشعراء 88، 89]
4 -
الإنابة: مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَن بِالْغَيْبِ وَجَاء بِقَلْبٍ مُّنِيبٍ [ق: 33].
5 -
الطمأنينة: وَلَكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي [البقرة: 260] .. أَلَا بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ [الرعد: 28]
الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللهِ [الرعد: 28]
واشترطها في المكره إِلَاّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ [النحل: 106] فكيف بغيره.
6 -
التقوى: ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ [الحج: 32] .. أُوْلَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى [الحجرات:3]
7 -
الانشراح: فَمَن يُرِدِ اللهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلَامِ [الأنعام:125] أَفَمَن شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِّن رَّبِّهِ [الزمر: 22].
8 -
السكينة: هُوَ الَّذِي أَنزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ [الفتح: 4]
9 -
اللين: ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ [الزمر: 23] وقد أسنده للقلب والجوارح هنا.
10 -
الخشوع: أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ [الحديد: 16]
11 -
الطهارة: ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ [الأحزاب: 53] وهي في آية الحجاب، فدلت على التلازم بين عمل القلب وعمل الجوارح.
12 -
الهداية وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ [التغابن:11] وهى مما يدل على تلازم أعمال القلب.
مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ [التغابن: 11]
13 -
العقل: أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا [الحج: 46]
14 -
التدبر: أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا [محمد: 24]
15 -
الفقه: لَهُمْ قُلُوبٌ لَاّ يَفْقَهُونَ بِهَا [الأعراف: 179]
16 -
الإيمان: مِنَ الَّذِينَ قَالُواْ آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِن قُلُوبُهُمْ [المائدة: 41].
وفى الإيمان الخاص: قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ [الحجرات: 14] ولهذا كان فيهم الصنف الذي سماه الله: وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ [التوبة:60].
17 -
السلامة من الغل للمؤمنين وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا [الحشر:10]
18 -
الرضا والتسليم فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا [النساء: 65].
ويلاحظ أن الإسناد فيها للنفس لا للقلب أو الصدر، لحكمة دقيقة هي أن النفس مكمن الهوى والاعتراض.
ومما ورد مسنداً إلى القلب غير المؤمن:
1 -
الإنكار: فَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ قُلُوبُهُم مُّنكِرَةٌ وَهُم مُّسْتَكْبِرُونَ [النحل: 22].
2 -
الكبر: إِن فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَّا هُم بِبَالِغِيهِ [غافر: 56]، كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ [غافر: 35].
3 -
الإعراض واللهو: (مَا يَأْتِيهِم مِّن ذِكْرٍ مَّن رَّبِّهِم مُّحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ لَاهِيَةً قُلُوبُهُمْ [الأنبياء: 2 - 3]
4 -
الاشمئزاز وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ [الزمر: 45].
5 -
الزيغ: فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ [الصف:5] .. فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ [آل عمران:7].
6 -
العمى: فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ [الحج: 46]
7 -
القفل، وعدم الفقه، وعدم العقل: وقد تقدم ما يدل عليها.
8 -
المرض: فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللهُ مَرَضاً [البقرة:10]
9 -
القسوة: ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً [البقرة: 74]
10 -
الغمرة: بَلْ قُلُوبُهُمْ فِي غَمْرَةٍ مِّنْ هَذَا [المؤمنون: 63]
11 -
الران: كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ [المطففين:14]
12 -
العداوة للحق وأهله: قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاء مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ [آل عمران: 118].
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لَا تَتَّخِذُواْ بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّواْ مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ (118) سورة آل عمران
والآيات في ذلك وعلاقته بأعمال الجوارح كثيرة أيضا. وأكثر مما ذكرنا الآيات الواردة في أعمال القلوب، ولكن لم يذكر فيها لفظه، كآيات الخوف والرجاء والتوكل والاستعانة والرضا وغيرها.
وإنما المقصود إثبات هذا الجزء العظيم من الإيمان الذي أهمله أكثر المسلمين وليس المرجئة خاصة، وقد حصل المقصود إن شاء الله ظاهرة الإرجاء في الفكر الإسلامي لسفر الحوالي - بتصرف – 2/ 547