المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المطلب الرابع: قولهم في الاستثناء في الإيمان - الموسوعة العقدية - جـ ٥

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌الفصل الرابع عشر: الصراط

- ‌المبحث الأول: تعريف الصراط

- ‌المبحث الثاني: صفة الصراط

- ‌المبحث الثالث: معتقد أهل السنة في الصراط

- ‌المبحث الرابع: مرور المؤمنين على الصّراط وخلاص المؤمنين من المنافقين

- ‌المبحث الخامس: الذين يمرُّون على الصّراط هم المؤمنون دون المشركين

- ‌المبحث السادس: أول من يجيز الصراط

- ‌المبحث السابع: الناجون والهالكون

- ‌المبحث الثامن: التفاضل في المرور على الصراط

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: أدلة إثبات القنطرة

- ‌المطلب الثاني: موضع تلك القنطرة

- ‌المبحث الأول: لفظة الورود في القرآن الكريم

- ‌المبحث الثاني: أقوال العلماء في معني الورود

- ‌المطلب الأول: معنى الأعراف لغة

- ‌المطلب الثاني: معنى الأعراف شرعا

- ‌المطلب الثالث: ما ورد في القرآن الكريم بشأن أصحاب الأعراف

- ‌المبحث الثاني: الخلاف في تعيين أصحاب الأعراف

- ‌المبحث الثالث: الراجح في أهل الأعراف

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: الحوض في اللغة

- ‌المطلب الثاني: الحوض في الاصطلاح

- ‌المطلب الثالث: الأحاديث الواردة في الحوض

- ‌المبحث الثاني: الإيمان بالحوض

- ‌المبحث الثالث: أقوال علماء الإسلام في إثبات الحوض

- ‌المطلب الأول: سعة حوض النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌المطلب الثاني: لون ماء الحوض وريحه

- ‌المطلب الثالث: أباريق الحوض

- ‌المبحث الخامس: التفاضل في ورود الحوض

- ‌المطلب الأول: تعريف الكوثر لغة

- ‌المطلب الثاني: تعريف الكوثر اصطلاحا

- ‌المطلب الأول: الأدلة من القرآن الكريم:

- ‌المطلب الثاني: الأدلة من السنة:

- ‌المبحث الثالث: تسمية الكوثر بالحوض والحوض بالكوثر وبيان وجه الاتصال بينهما

- ‌المبحث الأول: تعريف الجنة

- ‌تمهيد:

- ‌المطلب الأول: الشفاعة في دخول الجنة

- ‌المطلب الثاني: تهذيب المؤمنين وتنقيتهم قبل الدخول

- ‌المطلب الثالث: الأوائل في دخول الجنة

- ‌المطلب الرابع: الذين يدخلون الجنة بغير حساب

- ‌المطلب الخامس: الفقراء يسبقون الأغنياء إلى الجنة

- ‌المطلب السادس: دخول عصاة المؤمنين الجنة

- ‌المطلب السابع: آخر من يدخل الجنة

- ‌المطلب الثامن: الذين دخلوا الجنة قبل يوم القيامة

- ‌المبحث الثالث: أسماء الجنة

- ‌المطلب الأول: نعيم الجنة

- ‌المطلب الثاني: مفتاح الجنة

- ‌المطلب الثالث: أبواب الجنة

- ‌المطلب الرابع: درجات الجنة

- ‌المطلب الخامس: تربة الجنة

- ‌المطلب السادس: أنهار الجنة

- ‌المطلب السابع: عيون الجنة

- ‌المطلب الثامن: قصور الجنة وخيامها

- ‌المطلب التاسع: الثامن: عيم الجنةنور الجنة

- ‌المطلب العاشر: ريح الجنة

- ‌الفرع الأول: كثرة أشجار الجنة وثمارها

- ‌الفرع الثاني: وصف بعض شجر الجنة

- ‌المطلب الثاني عشر: دواب الجنة وطيورها

- ‌المطلب الأول: بعض الأعمال التي استحقوا بها الجنة

- ‌المطلب الثاني: طريق الجنة شاق

- ‌المطلب الثالث: أهل الجنة يرثون نصيب أهل النار في الجنة

- ‌المطلب الرابع: الضعفاء أكثر أهل الجنة

- ‌المطلب الخامس: هل الرجال أكثر في الجنة أم النساء

- ‌المطلب السادس: مقدار ما يدخل الجنة من هذه الأمة

- ‌المطلب السابع: أعلى أهل الجنة منزلة

- ‌المطلب الأول: سيدا كهول أهل الجنة

- ‌المطلب الثاني: سيدا شباب أهل الجنة

- ‌المطلب الثالث: سيدات نساء أهل الجنة

- ‌المطلب الرابع: العشرة المبشرون بالجنة

- ‌المطلب الخامس: بعض من نص على أنهم في الجنة غير من ذكر

- ‌المطلب السادس: الجنة ليست ثمناً للعمل

- ‌المبحث السابع: صفة أهل الجنة ونعيمهم فيها

- ‌المطلب الأول: نعيم أهل الجنة

- ‌المطلب الثاني: طعام أهل الجنة وشرابهم

- ‌المطلب الثالث: خمر أهل الجنة

- ‌المطلب الرابع: أول طعام أهل الجنة

- ‌المطلب الخامس: طعام أهل الجنة وشرابهم لا دنس معه

- ‌المطلب السادس: لماذا يأكل أهل الجنة ويشربون ويمتشطون

- ‌المطلب السابع: آنية طعام أهل الجنة وشرابهم

- ‌المطلب الثامن: لباس أهل الجنة وحليهم ومباخرهم

- ‌المطلب التاسع: فرش أهل الجنة

- ‌المطلب العاشر: خدم أهل الجنة

- ‌المطلب الحادي عشر: سوق أهل الجنة

- ‌المطلب الثاني عشر: زيارة أهل الجنة ربهم

- ‌المطلب الثالث عشر: اجتماع أهل الجنة وأحاديثهم

- ‌المطلب الرابع عشر: أماني أهل الجنة

- ‌المطلب الخامس عشر: نساء أهل الجنة

- ‌المطلب السادس عشر: المرأة لآخر أزواجها

- ‌المطلب السابع عشر: الحور العين

- ‌المطلب الثامن عشر: غناء الحور العين

- ‌المطلب التاسع عشر: غيرة الحور العين على أزواجهنّ في الدنيا

- ‌المطلب العشرون: يُعطى المؤمن في الجنة قوة مائة رجل

- ‌المطلب الحادي والعشرون: ضحك أهل الجنة من أهل النار

- ‌المطلب الثاني والعشرون: التسبيح والتكبير من نعيم أهل الجنة

- ‌المطلب الثالث والعشرون: رؤية الله ورضاه أفضل ما يُعطاه أهل الجنة

- ‌المبحث الثامن: المحاجة بين الجنة والنار

- ‌المبحث التاسع: الجنة خالدة وأهلها خالدون

- ‌المطلب الأول: عدم فناء الجنة

- ‌المطلب الثاني: النصوص الدالة على أن الجنة خالدة وأهلها خالدون

- ‌المطلب الثالث: القائلون بفناء الجنة

- ‌المبحث الأول: تعريف النار

- ‌المبحث الثاني: الجنة والنار مخلوقتان

- ‌المبحث الثالث: في بيان وجود النار الآن

- ‌المبحث الرابع: شبهة من قال النار لم تخلق بعد

- ‌المبحث الخامس: خزنة النار

- ‌المطلب الأول: مكان النار

- ‌المطلب الثاني: سعة النار وبعد قعرها

- ‌المطلب الثالث: دركات النار

- ‌المطلب الرابع: سجر جهنم وتسعرها

- ‌المطلب الخامس: أبواب النار

- ‌المطلب السادس: بُعد أبواب جهنم بعضها من بعض وما أعد الله تعالى فيها من العذاب

- ‌المطلب السابع: وقود النار

- ‌المطلب الثامن: شدة حرها وعظم دخانها وشرارها، وزمهريرها

- ‌المطلب التاسع: النار تتكلم وتبصر

- ‌المطلب العاشر: رؤيا ابن عمر للنار

- ‌المطلب الحادي عشر: هل يرى أحد النار قبل يوم القيامة عياناً

- ‌المطلب الثاني عشر: تأثير النار على الدنيا وأهلها

- ‌المطلب الأول: أهل النار المخلدون فيها

- ‌المطلب الثاني: النار مسكن الكفرة المشركين

- ‌المطلب الثالث: الدعاة إلى النار

- ‌المطلب الرابع: أعظم جرائم الخالدين في النار

- ‌المطلب الخامس: جملة الجرائم التي تدخل النار

- ‌المطلب السادس: أشخاص بأعيانهم في النار

- ‌المطلب السابع: كفرة الجن في النار

- ‌المطلب الثامن: الذين لا يخلدون في النار

- ‌المطلب التاسع: صفات أهل النار

- ‌المبحث الثامن: الذنوب المتوعد عليها بالنار

- ‌المطلب الأول: الفرق المخالفة للسنة

- ‌المطلب الثاني: الممتنعون من الهجرة

- ‌المطلب الثالث: الجائرون في الحكم

- ‌المطلب الرابع: الكذب على الرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌المطلب الخامس: الكبر

- ‌المطلب السادس: قاتل النفس بغير حق

- ‌المطلب السابع: أكلة الربا

- ‌المطلب الثامن: أكلة أموال الناس بالباطل

- ‌المطلب التاسع: المصورون

- ‌المطلب العاشر: الركون إلى الظالمين

- ‌المطلب الحادي عشر: الكاسيات العاريات والذين يجلدون ظهور الناس

- ‌المطلب الثاني عشر: الذين يعذبون الحيوان

- ‌المطلب الثالث عشر: عدم الإخلاص في طلب العلم

- ‌المطلب الرابع عشر: الذين يشربون في آنية الذهب والفضة

- ‌المطلب الخامس عشر: الذي يقطع السدر الذي يظل الناس

- ‌المطلب السادس عشر: جزاء الانتحار

- ‌المطلب الأول: النصوص الدالة على كثرة أهل النار

- ‌المطلب الثاني: السر في كثرة أهل النار

- ‌المطلب الثالث: أكثر من يدخل النار النساء

- ‌المبحث العاشر: عظم خلق أهل النار

- ‌المبحث الحادي عشر: طعام أهل النار وشرابهم ولباسهم

- ‌المطلب الأول: شدة ما يكابده أهل النار من عذاب

- ‌المطلب الثاني: صور من عذابهم

- ‌المطلب الثالث: إنضاج الجلود

- ‌المطلب الرابع: الصهر

- ‌المطلب الخامس: اللفح

- ‌المطلب السادس: السحب

- ‌المطلب السابع: تسويد الوجوه

- ‌المطلب الثامن: إحاطة النار بالكفار

- ‌المطلب التاسع: إطلاع النار على الأفئدة

- ‌المطلب العاشر: اندلاق الأمعاء في النار

- ‌المطلب الحادي عشر: قيود أهل النار وأغلالهم وسلاسلهم ومطارقهم

- ‌المطلب الثاني عشر: قرن معبوداتهم وشياطينهم بهم في النار

- ‌المطلب الثالث عشر: حسرتهم وندمهم ودعاؤهم

- ‌المبحث الثالث عشر: كيف يتقي الإنسان نار الله

- ‌المطلب الأول: النار خالدة لا تبيد

- ‌المطلب الثاني: القائلون بفناء النار

- ‌المطلب الأول: القضاء لغة

- ‌المطلب الثاني: القدر لغة

- ‌المطلب الأول: معنى القضاء والقدر شرعاً

- ‌المطلب الثاني: الفرق بين القضاء والقدر

- ‌المبحث الثالث: نشأة القول بالقدر (القدرية الأولى)

- ‌المطلب الأول: حكم الإيمان بالقضاء والقدر

- ‌المطلب الثاني: الأدلة على وجوب الإيمان بالقدر

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: المرتبة الأولى، الإيمان بعلم الله الشامل

- ‌المطلب الثاني: المرتبة الثانية، الإيمان بأن الله كتب في اللوح المحفوظ كل شيء

- ‌الفرع الأول: مرتبة الكتابة

- ‌الفرع الثاني: أدلة مرتبة الكتابة

- ‌المطلب الثالث: المرتبة الثالثة، الإيمان بمشيئة الله الشاملة وقدرته النافذة

- ‌الفرع الأول: مرتبة المشيئة

- ‌الفرع الثاني: أدلة مرتبة المشيئة

- ‌الفرع الأول: مرتبة الخلق

- ‌الفرع الثاني: أدلة مرتبة الخلق

- ‌المبحث الأول: أفعال الله كلها عدل ورحمة وحكمة

- ‌المبحث الثاني: تقسيم القدر إلى خير وشر وبيان عدم جواز نسبة الشر على الله

- ‌المبحث الثالث: قدره سبحانه ليس فيه ظلم لأحد

- ‌المبحث الرابع: مشيئة الله عز وجل نافذة

- ‌المبحث الخامس: الفرق بين المشيئة والإرادة (الإرادة الكونية والإرادة الشرعية)

- ‌المبحث الأول: الاعتماد في معرفة القدر وحدوده وأبعاده على الكتاب والسنة

- ‌المبحث الثاني: مدى إدراك العقل للعلل والأوامر والأفعال وما فيها من حسن وقبح

- ‌المبحث الثالث: الحكم الحاصلة من الشرائع ثلاثة أنواع

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأول: النصوص الدالة على تقدير الله أفعال العباد

- ‌المبحث الثاني: علم الله بأهل الجنة وأهل النار

- ‌المبحث الثالث: استخراج ذرية آدم من ظهره بعد خلقه وقسمهم إلى فريقين: أهل الجنة وأهل النار

- ‌المبحث الرابع: كتابة الله لأهل الجنة وأهل النار

- ‌المبحث الخامس: التقدير في ليلة القدر والتقدير اليومي

- ‌المبحث السادس: كتابة ما قدر للإنسان وهو جنين في رحم أمه

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأول: الإيمان بالقدر يدعو إلى العمل والنشاط والسعي بما يرضي الله

- ‌المبحث الثاني: من آثار الإيمان بالقدر أن يعرف الإنسان قدر نفسه

- ‌المبحث الثالث: الإيمان بالقدر يقضي على كثير من الأمراض التي تعصف بالمجتمعات

- ‌المبحث الرابع: الإيمان بالقدر من أكبر العوامل التي تكون سبباً في استقامة المسلم

- ‌المبحث الخامس: الإيمان بالقدر يغرس في نفس المؤمن حقائق الإيمان المتعددة

- ‌المبحث السادس: من آثار الإيمان بالقدر أن الداعي إلى الله يصدع بدعوته

- ‌المبحث السابع: الإيمان بالقدر طريق الخلاص من الشرك

- ‌المبحث الثامن: الاستقامة على منهج سواء في السراء والضراء

- ‌المبحث التاسع: المؤمن بالقدر دائماً على حذر

- ‌المبحث العاشر: مواجهة الصعاب والأخطار بقلب ثابت

- ‌المبحث الأول: مذهب المكذبين بالقدر

- ‌المبحث الثاني: محاورة أهل السنة للقدرية

- ‌المبحث الأول: معنى المحو والإثبات في الصحف، وزيادة الأجل ونقصانه

- ‌المبحث الثاني: التوفيق بين الأقدار وبين كل مولود يولد على الفطرة

- ‌المبحث الثالث: معنى قوله: وَمَا أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَّفْسِكَ

- ‌المبحث الرابع: كيف يخلق الله الشر ويقدره

- ‌الفصل الثالث: التاركون للعمل اتكالاً على القدر

- ‌الفصل الرابع: الرد على القدرية الجبرية

- ‌المبحث الأول: الوجه الأول خطؤهم في إطلاق اسم الجبر على ما يؤديه الإنسان من أفعال

- ‌المبحث الثاني: الوجه الثاني إنكار الاختيار في أفعال العباد نقص في العقل

- ‌المبحث الثالث: الوجه الثالث زعمهم أن كل شيء قدره الله وخلقه فقد رضيه وأحبه

- ‌المبحث الرابع: الوجه الرابع زعمهم أن الإيمان بالقدر يقضي بترك الأعمال وإهمال الأسباب

- ‌المبحث الخامس: الوجه الخامس احتجاجهم بالقدر

- ‌المبحث السادس: هل الرضا بالمقدور واجب

- ‌المبحث السابع: الوجه السادس الزعم بأن تكليف العباد غير ما فعلوا هو من باب التكليف بما لا يطاق

- ‌المبحث الثامن: الوجه السابع يلزم من قوله التسوية بين المُخْتَلِفَيْن

- ‌الفصل الخامس: مذهب أهل السنة والجماعة في القدر

- ‌الفصل السادس: من أقوال السلف في القدر

- ‌المبحث الأول: أسباب الضلال في القدر

- ‌المبحث الثاني: حكم الاحتجاج بالقدر

- ‌المبحث الأول: تعريف الإيمان لغة

- ‌المبحث الثاني: تعريف الإيمان شرعا

- ‌المبحث الثالث: العلاقة بين المعنى اللغوي والشرعي

- ‌تمهيد: أهمية مسألة الإيمان

- ‌المبحث الأول: الإيمان عند أهل السنة والجماعة

- ‌تمهيد

- ‌الأصل الأول

- ‌الأصل الثاني

- ‌الأصل الثالث

- ‌الأصل الرابع

- ‌المبحث الثالث: معنى الإقرار والتصديق في كلام السلف

- ‌المبحث الرابع: معنى قول السلف الإيمان قول وعمل

- ‌الأصل الأول: لا يكون إسلام إلا بإيمان، ولا يكون إيمان إلا بإسلام

- ‌الأصل الثاني: لا إيمان إلا بعمل، ولا عمل إلا بالإيمان

- ‌الأصل الثالث: لا يقبل قول إلا بعمل، ولا يقبل عمل إلا بقول

- ‌الأصل الرابع: الإيمان قول وعمل قرينان، لا ينفع أحدهما إلا بالآخر

- ‌الأصل الخامس: أن ترك الفرائض ليس بمنزلة ركوب المحارم

- ‌الأصل السادس: قول أهل السنة إنا لا نكفر بالذنب، إنما يراد به المعاصي لا المباني

- ‌الأصل السابع: في بيان الفرق بين ترك الصلاة وترك العمل

- ‌الأصل التاسع: في بيان الأعمال الظاهرة الدالة على حقيقة إيمان القلب

- ‌الأصل العاشر: أعمال الجوارح تابعة لأعمال القلوب ولازمة لها

- ‌الأصل الحادي عشر: جنس الأعمال من لوازم إيمان القلب

- ‌المبحث الأول: الإيمان حقيقة مركبة

- ‌المبحث الثاني: أدلة أهل السنة على إدخال الأعمال في مسمى الإيمان

- ‌تمهيد:

- ‌المسألة الأولى: الاعتقاد بالقلب

- ‌المسألة الثانية: أهمية عمل القلب

- ‌المسألة الثالثة: إثبات عمل القلب

- ‌العنصر الثاني الإقرار باللسان

- ‌العنصر الثالث العمل بالجوارح

- ‌المسألة الأولى: العلاقة بين إيمان القلب وعمل الجوارح

- ‌المسألة الثانية: دقة عبارات السلف في تقرير التلازم بين الإيمان والعمل

- ‌المبحث الأول: تعريف الكفر

- ‌المبحث الثاني: الخوارج والمعتزلة وقولهم في أصحاب الذنوب

- ‌المطلب الأول: قولهم في الإيمان

- ‌المطلب الثاني: مفهوم الكفر عند الجهمية

- ‌المطلب الثالث: أغلاط جهم

- ‌المبحث الرابع: مذهب الكرامية

- ‌المطلب الأول: قولهم في الإيمان

- ‌المطلب الثاني: أشاعرة وافقوا السلف

- ‌المطلب الثالث: قولهم في الزيادة والنقصان

- ‌المطلب الرابع: قولهم في الاستثناء في الإيمان

- ‌المطلب الخامس: الفرق بين تصديق الأشاعرة ومعرفة جهم

- ‌المطلب السادس: مفهوم الكفر عند الأشاعرة

- ‌المطلب الأول: قولهم في الإيمان

- ‌المطلب الثاني: مفهوم الكفر عند الماتريدية

- ‌المطلب الأول: قولهم في الإيمان

- ‌المطلب الثاني: هل الخلاف بين أهل السنة ومرجئة الفقهاء حقيقي أم لفظي

- ‌المطلب الأول: حول ما ينسب إلى المرجئة من أنه لا يضر مع الإيمان ذنب

- ‌المطلب الثاني: حول قول بعض السلف: من قال: الإيمان قول وعمل يزيد وينقص فقد برئ من الإرجاء

- ‌المطلب الثالث: مقالات المرجئة المعاصرة

- ‌المطلب الرابع: رد شبهات المرجئة قديماً، ومن وقع في الإرجاء حديثاً

الفصل: ‌المطلب الرابع: قولهم في الاستثناء في الإيمان

‌المطلب الرابع: قولهم في الاستثناء في الإيمان

اختلف الأشاعرة في الاستثناء، ومن جوَّزه منهم فباعتبار الموافاة، ومرادهم أن الإيمان هو ما مات عليه العبد، ويوافي به ربه، وهذا مجهول للعبد فيستثني لذلك.

قال البغدادي: (والقائلون بأن الإيمان هو التصديق من أصحاب الحديث مختلفون في الاستثناء فيه، فمنهم من يقول به، وهو اختيار شيخنا أبي سهل محمد بن سليمان الصعلوكي وأبي بكر محمد بن الحسين بن فورك. ومنهم من ينكره، وهذا اختيار جماعة من شيوخ عصرنا، منهم أبو عبد الله ابن مجاهد، والقاضي أبو بكر محمد بن الطيب الأشعري، وأبو إسحاق إبراهيم بن محمد الإسفرائيني. وكل من قال من أهل الحديث بأن جملة الطاعات من الإيمان، قال بالموافاة (1)، وقال: كل من وافى ربه على الإيمان فهو المؤمن، ومن وافاه بغير الإيمان الذي أظهره في الدنيا عُلم في عاقبته أنه لم يكن قط مؤمنا. والواحد من هؤلاء يقول: أعلم أن إيماني حق، وضده باطل، وإن وافيت ربي عليه كنت مؤمنا حقا، فيستثني في كونه مؤمنا، ولا يستثني في صحة إيمانه) (2).

وقال الجويني بعد تقرير أن الإيمان لا يزيد ولا ينقص: (فإن قيل: قد أُثر عن سلفكم ربط الإيمان بالمشيئة وكان إذا سئل الواحد منهم عن إيمانه قال: إنه مؤمن إن شاء الله، فما محصول ذلك؟

قلنا: الإيمان ثابت في الحال قطعا لا شك فيه، ولكن الإيمان الذي هو عَلم على الفوز وآية النجاة، إيمان الموافاة، فاعتنى السلف به وقرنوه بالمشيئة، ولم يقصدوا التشكيك في الإيمان الناجز) (3).

ومن كلام الأشاعرة في مسألة الموافاة، قول القرطبي: (قال علماؤنا رحمة الله عليهم: المؤمن ضربان: مؤمن يحبه الله ويواليه، ومؤمن لا يحبه الله ولا يواليه، بل يبغضه ويعاديه، فكل من علم الله أنه يوافي بالإيمان، فالله محب له، موال له، راض عنه. وكل من علم الله أنه يوافي بالكفر، فالله مبغض له، ساخط عليه، معادٍ له، لا لأجل إيمانه، ولكن لكفره وضلاله الذي يوافي به. والكافر ضربان: كافر يعاقب لا محالة، وكافر لا يعاقب. فالذي يعاقب هو الذي يوافي بالكفر، فالله ساخط عيه معادٍ له. والذي لا يعاقب هو الموافي بالإيمان، فالله غير ساخط على هذا ولا مبغض له، بل محب له موال، لا لكفره لكن لإيمانه الموافي به. فلا يجوز أن يطلق القول وهي:

بأن المؤمن يستحق الثواب، والكافر يستحق العقاب، بل يجب تقييده بالموافاة. ولأجل هذا قلنا: إن الله راضٍ عن عمر في الوقت الذي كان يعبد الأصنام، ومريد لثوابه ودخوله الجنة، لا لعبادته الصنم، لكن لإيمانه الموافي به. وإن الله تعالى ساخط على إبليس في حال عبادته، لكفره الموافي به.

وخالفت القدرية في هذا وقالت: إن الله لم يكن ساخطاً على إبليس وقت عبادته، ولا راضياً عن عمر وقت عبادته للصنم. وهذا فاسد، لما ثبت أن الله سبحانه عالم بما يوافى به إبليس لعنه الله، وبما يوافى به عمر فيما لم يزل، فثبت أنه كان ساخطاً على إبليس محباً لعمر

) (4).

(1) القول بالموافاة ليس قولا لأحد من السلف، كما سيأتي.

(2)

((أصول الدين)) (ص253).

(3)

((الإرشاد)) للجويني (ص336).

(4)

((تفسير القرطبي)) (1/ 239) لقوله تعالى: وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللهِ *البقرة:8*

ص: 455

والقول بالموافاة نسبه شيخ الإسلام إلى الأشعري وابن فورك، وبسط الكلام في ذلك في كتابه الإيمان الكبير، ومما قاله: (والذين أوجبوا الاستثناء لهم مأخذان: أحدهما: أن الإيمان هو ما مات عليه الإنسان، والإنسان إنما يكون عند الله مؤمنا وكافرا باعتبار الموافاة وما سبق في علم الله أنه يكون عليه. وما قبل ذلك لا عبرة به. قالوا: والإيمان الذي يتعقبه الكفر، فيموت صاحبه كافرا، ليس بإيمان، كالصلاة التي يفسدها صاحبها قبل الكمال، وكالصيام الذي يفطر صاحبه قبل الغروب، وصاحب هذا هو عند الله كافر؛ لعلمه بما يموت عليه. وكذلك قالوا في الكفر، وهذا المأخذ مأخذ كثير من المتأخرين من الكلابية وغيرهم، ممن يريد أن ينصر ما اشتهر عن أهل السنة والحديث من قولهم: أنا مؤمن إن شاء الله، ويريد مع ذلك أن الإيمان لا يتفاضل، ولا يشك الإنسان في الموجود منه، وإنما يشك في المستقبل، وانضم إلى ذلك أنهم يقولون: محبة الله ورضاه وسخطه وبغضه قديم، ثم هل ذلك هو الإرادة أم صفات أخر؟ لهم في ذلك قولان

قالوا: والله يحب في أزله من كان كافرا، إذا علم أنه يموت مؤمنا. فالصحابة ما زالوا محبوبين لله وإن كانوا قد عبدوا الأصنام مدة من الدهر، وإبليس ما زال الله يبغضه، وإن كان لم يكفر بعد. وهذا على أحد القولين لهم، فالرضى والسخط يرجع إلى الإرادة، والإرادة تطابق العلم، فالمعنى: ما زال الله يريد أن يثيب هؤلاء بعد إيمانهم، ويعاقب إبليس بعد كفره، وهذا معنى صحيح؛ فإن الله يريد أن يخلق كل ما علم أنه سيخلقه. وعلى قول من يثبتها صفات أخر، يقول: هو أيضا حبه تابع لمن يريد أن يثيبه، فكل من أراد إثابته فهو يحبه، وكل من أراد عقوبته فإنه يبغضه، وهذا تابع للعلم. وهؤلاء عندهم: لا يرضى عن أحد بعد أن كان ساخطا عليه، ولا يفرح بتوبة عبد بعد أن تاب عليه، بل ما زال يفرح بتوبته، والفرح عندهم إما الإرادة، وإما الرضى، والمعنى: ما زال يريد إثابته، أو يرضى عما يريد إثابته. وكذلك لا يغضب عندهم يوم القيامة دون ما قبله، بل غضبه قديم، إما بمعنى الإرادة وإما بمعنى آخر.

فهؤلاء يقولون: إذا علم أن الإنسان يموت كافرا، لم يزل مريدا لعقوبته، فذاك الإيمان الذي كان معه باطل لا فائدة فيه، بل وجوده كعدمه، فليس هذا بمؤمن أصلا. وإذا علم أنه يموت مؤمنا، لم يزل مريدا لإثابته، وذاك الكفر الذي فعله، وجوده كعدمه، فلم يكن هذا كافرا عندهم أصلا.

فهؤلاء يستثنون في الإيمان بناء على هذا المأخذ، وكذلك بعض محققيهم يستثنون في الكفر، مثل أبي منصور الماتريدي، فإن ما ذكروه مطرد فيهما، ولكن جماهير الأئمة على أنه لا يُستثنى في الكفر، والاستثناء فيه بدعة لم يعرف عن أحد من السلف، ولكن هو لازم لهم

).

إلى أن قال: (وهذا القول قاله كثير من أهل الكلام أصحاب ابن كُلاب، ووافقهم على ذلك كثير من أتباع الأئمة، لكن ليس هذا قول أحد من السلف، لا الأئمة الأربعة ولا غيرهم، ولا كان أحد من السلف الذين يستثنون في الإيمان يعللون بهذا، لا أحمد ولا من قبله)(1).

(1)((مجموع الفتاوى)) (7/ 429 - 432).

ص: 456

وقال: (وكثير من أهل الكلام في كثير مما ينصره، لا يكون عارفا بحقيقة دين الإسلام في ذلك، ولا ما جاءت به السنة، ولا ما كان عليه السلف، فينصر ما ظهر من قولهم بغير المآخذ التي كانت مآخذهم في الحقيقة، بل بمآخذ أخر، قد تلقوها عن غيرهم من أهل البدع، فيقع في كلام هؤلاء من التناقض والاضطراب والخطأ ما ذم به السلف مثل هذا الكلام وأهله، فإن كلامهم في ذم مثل هذا الكلام كثير. والكلام المذموم هو المخالف للكتاب والسنة، وكل ما خالف الكتاب والسنة فهو باطل وكذب، فهو مخالف للشرع والعقل وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلا [الأنعام:115].

فهؤلاء لما اشتهر عندهم عن أهل السنة أنهم يستثنون في الإيمان، ورأوا أن هذا لا يمكن إلا إذا جُعل الإيمان هو ما يموت العبد عليه، وهو ما يوافي به العبد ربه، ظنوا أن الإيمان عند السلف هو هذا، فصاروا يحكون هذا عن السلف. وهذا القول لم يقل به أحد من السلف، ولكن هؤلاء حكوه عنهم بحسب ظنهم، لمّا رأوا أن قولهم لا يتوجه إلا على هذا الأصل، وهم يدَّعون أن ما نصروه من أصل جهم في الإيمان هو قول المحققين والنظار من أصحاب الحديث) (1).

ونقل شيخ الإسلام عن أبي القاسم الأنصاري شارح "الإرشاد" فيما حكاه عن أبي إسحاق الإسفرائيني، لما ذكر قول أبي الحسن الأشعري وأصحابه في الإيمان، وصحح أنه تصديق القلب، قال: ومن أصحابنا من قال بالموافاة وشرط في الإيمان الحقيقي أن يوافي ربه به ويختم عليه، ومنهم من لم يجعل ذلك شرطا فيه في الحال.

(ثم قال - أي الأنصاري -: والذي اختاره المحققون أن الإيمان هو التصديق، وقد ذكرنا اختلاف أقوالهم في الموافاة، وأن ذلك هل هو شرط في صحة الإيمان وحقيقته في الحال، وكونه معتدا عند الله به، وفى حكمه. فمن قال: إن ذلك شرط فيه، يستثنون في الإطلاق في الحال، لا أنهم يشكون في حقيقة التوحيد والمعرفة، لكنهم يقولون: لا يدرى أي الإيمان الذي نحن موصوفون به في الحال، هل هو معتد به عند الله؟ على معنى أنا ننتفع به في العاقبة، ونجتني من ثماره)(2).

قال شيخ الإسلام: (وأما الموافاة فما علمت أحدا من السلف علل بها الاستثناء، ولكن كثير من المتأخرين يعلل بها من أصحاب الحديث، من أصحاب أحمد ومالك والشافعي وغيرهم، كما يعلل بها نظارهم كأبي الحسن الأشعري، وأكثر أصحابه، لكن ليس هذا قول سلف أصحاب الحديث)(3).

وقال: (وهؤلاء يقولون إن حب الله وبغضه ورضاه وسخطه وولايته وعداوته إنما يتعلق بالموافاة فقط، فالله يحب من علم أنه يموت مؤمنا، ويرضى عنه ويواليه بحب قديم وموالاة قديمة، ويقولون: إن عمر حال كفره كان وليا لله، وهذا القول معروف عن ابن كلاب ومن تبعه كالأشعري وغيره.

وأكثر الطوائف يخالفونه في هذا، فيقولون بل قد يكون الرجل عدوا لله ثم يصير وليا لله، ويكون الله يبغضه ثم يحبه، وهذا مذهب الفقهاء والعامة، وهو قول المعتزلة والكرامية والحنفية قاطبة وقدماء المالكية والشافعية والحنبلية.

(1)((مجموع الفتاوى)) (7/ 435) وما بعدها.

(2)

((مجموع الفتاوى)) (7/ 437).

(3)

((مجموع الفتاوى)) (7/ 439).

ص: 457

وعلى هذا يدل القرآن، كقوله: قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ [آل عمران:31]، ووَإِن تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ [الزمر:7]، وقوله: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ ثُمَّ كَفَرُواْ [النساء:137]، فوصفهم بكفر بعد إيمان، وإيمان بعد كفر، وأخبر عن الذين كفروا أنهم كفار، وأنهم إن انتهوا يُغفر لهم ما قد سلف، وقال: فَلَمَّا آسَفُونَا انتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ [الزخرف:55]، وقال: ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ [محمد:28].

وفي الصحيحين في حديث الشفاعة، تقول الأنبياء:((إِنَّ رَبِّي قَدْ غَضِبَ غَضَبًا لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ وَلَنْ يَغْضَبَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ)) (1)(2).

وقال ابن حزم: (وأما قولهم: إن الله تعالى لا يسخط ما رضي، ولا يرضى ما سخط، فباطل وكذب، بل قد أمر الله تعالى اليهود بصيانة السبت وتحريم الشحوم، ورضي لهم ذلك، وسخط منهم خلافه، وكذلك أحل لنا الخمر، ولم يلزمنا الصلاة ولا الصوم برهة من زمن الإسلام، ورضي لنا شرب الخمر وأكل رمضان والبقاء بلا صلاة، وسخط تعالى بلا شك المبادرة بتحريم ذلك، كما قال تعالى: وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِن قَبْلِ أَن يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا [طه:114]، ثم فرض علينا الصلاة والصوم، وحرم علينا الخمر، فسخط لنا ترك الصلاة وأكل رمضان وشرب الخمر، ورضي لنا خلاف ذلك، وهذا لا ينكره مسلم. ولم يزل الله تعالى عليما أنه سيحل ما كان أحل من ذلك مدة كذا، وأنه سيرضى منه، ثم أنه سيحرمه ويسخطه، وأنه سيحرم ما حرم من ذلك ويسخطه مدة، ثم أنه يحله ويرضاه، كما علم أنه سيحيي من أحياه مدة كذا، وأنه يعز من أعزه مدة، ثم يذله، وهكذا جميع ما في العالم من آثار صنعته لا يخفى ذلك على من له أدنى حس، وهكذا المؤمن يموت مرتدا، والكافر يموت مسلما؛ فإن الله تعالى لم يزل يعلم أنه سيسخطه فعل الكافر ما دام كافرا، ثم أنه يرضى عنه إذا أسلم، وأن الله تعالى لم يزل يعلم أنه يرضى عن أفعال المسلم وأفعال البر، ثم أنه يسخط أفعاله إذا ارتد أو فسق، ونص القرآن يشهد بذلك، قال تعالى: وَلا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِن تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ [الزمر:78] فصح يقينا أن الله تعالى يرضى الشكر ممن شكره فيما شكره، ولا يرضى الكفر ممن كفر إذا كفر متى كفر كيف كان انتقال هذه الأحوال من الإنسان الواحد)(3).

وبهذا يظهر الفرق بين من استثنى من السلف لأجل خوف العاقبة وتغيَّر الحال (4)، وبين القول بالموافاة، الذي ذهب إليه الأشاعرة، وتضمَّن القولَ بأن الإيمان هو ما مات عليه العبد، وأن الإنسان إنما يكون عند الله مؤمنا وكافرا باعتبار الموافاة وما سبق في علم الله أنه يكون عليه، وما قبل ذلك لا عبرة به، وتضمن أيضا: أن حب الله وبغضه، ورضاه وسخطه وولايته وعداوته إنما يتعلق بالموافاة فقط.

وسر المسألة كما بين شيخ الإسلام أن الأشاعرة ينفون الأفعال الاختيارية، ويثبتون رضا ومحبة قديمة بمعنى الإرادة، وعندهم أن الله لا يرضى عن أحد بعد أن كان ساخطا عليه، ولا يفرح بتوبة عبد بعد أن تاب عليه، وأما أهل السنة فقد أخذوا بما دلت عليه النصوص من أن الله تعالى، يحب من شاء إذا شاء، ويرضى عمن شاء متى شاء، ويسخط عمن شاء، وقت ما يشاء، سبحانه، فمحبته ورضاه وسخطه صفات تتعلق بمشيئته.

والحاصل: أن القول بأن الإيمان هو ما وافى به العبد ربه، وتعليل الاستثناء بذلك، قول محدث، لا دليل عليه. وقد مضى ذكر الاعتبارات التي بنى عليها السلف قولهم في الاستثناء. الإيمان عند السلف وعلاقته بالعمل وكشف شبهات المعاصرين لمحمد بن محمود آل خضير - 1/ 241

(1) رواه البخاري (4712) ومسلم (194). من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

(2)

((مجموع الفتاوى)) (16/ 582) وما بعدها، وانظر:(11/ 62) وما بعدها.

(3)

((الفصل)) لابن حزم (4/ 48) وما بعدها، وفيه رد قوي على الأشاعرة في هذه المسألة.

(4)

وهو أحد أوجه الاستثناء عند أهل السنة، كما سبق. انظر:(ص93) من هذا البحث.

ص: 458