الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
نَحْمَدُكَ اللَّهُمَّ عَلَى عَمِيمِ آلَائِكَ، وَنَشْكُرُكَ عَلَى جَزِيل نَعْمَائِكَ، وَنُصَلِّي وَنُسَلِّمُ عَلَى خَاتَمِ رُسُلِكَ وَأَنْبِيَائِكَ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ الَّذِي أَتَمَّ اللَّهُ بِهِ النِّعْمَةَ، وَكَشَفَ بِهِ الْغُمَّةَ، وَأَقَامَ بِهِ الْحُجَّةَ، وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهَدْيِهِ وَسَارَ عَلَى سُنَّتِهِ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
أَمَّا بَعْدُ:
فَإِنَّ عِلْمَ الْفِقْهِ الإِْسْلَامِيِّ لَهُ أَهَمِّيَّتُهُ الَّتِي لَا يُنْكِرُهَا مُنْكِرٌ، فَهُوَ الَّذِي يُبَيِّنُ لَنَا أَحْكَامَ أَعْمَالِنَا مِنْ عِبَادَاتٍ وَمُعَامَلَاتٍ، وَلَا يَسْتَغْنِي عَنْهُ مُسْلِمٌ حَرِيصٌ عَلَى دِينِهِ، وَهَا نَحْنُ أُولَاءِ نُشَاهِدُ بَوَادِرَ الصَّحْوَةِ الإِْسْلَامِيَّةِ فِي أْنَحْاءٍ
مُتَفَرَّقَةٍ مِنْ الْعَالَمِ، فَهُنَاكَ أَصْوَاتٌ تُنَادِي بِوُجُوبِ الْعَوْدَةِ إِلَى اللَّهِ وَتَحْكِيمِ شَرِيعَتِهِ.
وَمِنْ هُنَا رَأَتْ دَوْلَةُ الْكُوَيْتِ مُمَثَّلَةً بِوَزَارَةِ الأَْوْقَافِ وَالشُّئُونِ الإِْسْلَامِيَّةِ أَنْ يَكُونَ لَهَا قَدَمُ صِدْقٍ فِي الإِْسْهَامِ بِدَعْمِ الثَّقَافَةِ الإِْسْلَامِيَّةِ مِنْ نَوَاحٍ شَتَّى، فَأَرْسَلَتِ الدُّعَاةَ إِلَى أَنْحَاءِ الْعَالَمِ، وَبَذَلَتْ جُهْدًا فِي طَبْعِ الْكُتُبِ الإِْسْلَامِيَّةِ وَنَشْرِهَا، كَمَا رَأَتْ أَنَّ مَشْرُوعَ الْمَوْسُوعَةِ الْفِقْهِيَّةِ هُوَ الْجَدِيرُ بِالْعِنَايَةِ، لأَِنَّهُ يُوَفِّرُ عَلَى الرَّاغِبِينَ فِي مَعْرِفَةِ أَحْكَامِ دِينِهِمُ الْوَقْتَ وَالْجُهْدَ، وَيَجْمَعُ شَتَاتَ الذَّخَائِرِ الإِْسْلَامِيَّةِ بِهَذَا الْعِلْمِ الَّذِي لَا يَسْتَغْنِي عَنْهُ مُسْلِمٌ.
وَلَمْ تَبْخَل دَوْلَةُ الْكُوَيْتِ لِنَجَاحِ هَذَا الْمَشْرُوعِ بَجُهْدٍ أَوْ مَالٍ إِيمَانًا مِنْهَا أَنَّ هَذَا عَمَلٌ تَفْرِضُهُ الشَّرِيعَةُ الإِْسْلَامِيَّةُ وَتُحَتِّمُهُ ظُرُوفُ هَذِهِ الصَّحْوَةِ الإِْيمَانِيَّةِ.
وَقَدْ مَرَّتْ أَطْوَارٌ عَلَى هَذَا الْمَشْرُوعِ تَحَدَّثَتْ عَنْهَا الْمُقَدِّمَةُ بَصَدِدِ التَّعْرِيفِ بِالْمَوْسُوعَةِ، وَالآْنَ تَتَقَدَّمُ وَزَارَةُ الأَْوْقَافِ وَالشُّئُونِ الإِْسْلَامِيَّةِ فِي دَوْلَةِ الْكُوَيْتِ بِبَاكُورَةِ هَذَا الْمَشْرُوعِ الَّذِي نَسْأَل اللَّهَ سبحانه وتعالى أَنْ يُتِمَّهُ عَلَى خَيْرِ وَجْهٍ، فَإِنَّهُ وَحْدَهُ الْمَسْئُول أَنْ يُعِينَ عَلَى إِتْمَامِ صَالِحِ الأَْعْمَال.
وَمِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْمَرْحَلَةَ الأُْولَى مِنْ كَل عَمَلٍ تَتَطَلَّبُ جُهْدًا مُضَاعَفًا وَزَمَنًا أَطْوَل، حَتَّى يَقُومَ الْبِنَاءُ عَلَى أَسَاسٍ مَتِينٍ.
وَمَشْرُوعُ الْمَوْسُوعَةِ يَتَطَلَّبُ إِعْدَادًا غَيْرَ عَادِيٍّ عَلَى خُطُوَاتٍ مُتَتَابِعَةٍ لَا يُمْكِنُ حَذْفُ وَاحِدَةٍ مِنْهَا، هِيَ: اسْتِخْرَاجُ الْمُصْطَلَحَاتِ الْفِقْهِيَّةِ مِنْ مَظَانِّهَا فِي كُتُبِ الْفِقْهِ الْمُتَعَدِّدَةِ وَفِي
الْمَذَاهِبِ الْمُخْتَلِفَةِ - فَرْزُ هَذِهِ الْمُصْطَلَحَاتِ وَاطِّرَاحُ مَا لَا يَمُتُّ إِلَى الْمُصْطَلَحَاتِ الْفِقْهِيَّةِ بِصِلَةٍ - تَصْنِيفُ هَذِهِ الْمُصْطَلَحَاتِ إِلَى أَصْلِيَّةٍ وَمُصْطَلَحَاتِ إِحَالَةٍ وَمُصْطَلَحَاتِ دِلَالَةٍ - التَّخْطِيطُ لِكُل مُصْطَلَحٍ - طَرْحُهُ لِلاِسْتِكْتَابِ إِمَّا دَاخِلِيًّا أَوْ خَارِجِيًّا - إِرْسَالُهُ إِلَى الْمُرَاجِعِينَ مِنْ فُقُهَاءِ الْعَالَمِ الإِْسْلَامِيِّ الَّذِينَ لَهُمْ قَدَمٌ ثَابِتَةٌ فِي الْفِقْهِ - مُرَاجَعَةُ هَذِهِ الْمُصْطَلَحَاتِ الْمَكْتُوبَةِ مُرَاجَعَةً عِلْمِيَّةً - مُرَاجَعَتُهَا مُرَاجَعَةً أَخِيرَةً لاِعْتِمَادِهَا - إِخْرَاجُهَا فَنِّيًّا وَمَوْسُوعِيًّا قَبْل تَقْدِيمِهَا لِلطَّبْعِ وَالنَّشْرِ.
فَإِذَا كَانَ قَدْ تَأَخَّرَ صُدُورُ هَذَا الْمُجَلَّدِ بَعْضَ الْوَقْتِ، فَإِنَّ هَذَا رَاجِعٌ إِلَى التَّثَبُّتِ مِنْ مَادَّتِهِ، وَإِخْرَاجِهِ عَلَى الصُّورَةِ الْمَنْشُودَةِ فِي الْمَضْمُونِ وَالشَّكْل.
عَلَى أَنَّ هُنَاكَ مُصْطَلَحَاتٍ قَدْ تَمَّ إِعْدَادُهَا وَلَكِنْ لَمْ يَأْتِ مَوْعِدُ نَشْرِهَا، لاِلْتِزَامِنَا بِالتَّرْتِيبِ الأَْلِفْبَائِيِّ عَلَى الطَّرِيقَةِ الْمَوْسُوعِيَّةِ. وَهُنَاكَ مُصْطَلَحَاتٌ مُعَدَّةٌ وَلَكِنَّهَا فِي حَاجَةٍ إِلَى الْمُرَاجَعَةِ الْعِلْمِيَّةِ وَإِجْرَاءِ الْمَرَاحِل الْمُخْتَلِفَةِ الْمُتَتَالِيَةِ قَبْل الطَّبْعِ.
وَقَدْ سَبَقَ أَنْ صَدَرَتْ بَعْضُ بُحُوثٍ فِي طَبْعَةٍ تَمْهِيدِيَّةٍ لِتَلَقِّي الْمُلَاحَظَاتِ مِنْ جَمِيعِ الْعَالَمِ الإِْسْلَامِيِّ عَلَى هَذِهِ الْبُحُوثِ وَبَلَغَتِ اثْنَيْ عَشَرَ بَحْثًا لَمْ يُلْتَزَمْ فِيهَا بِالْمَنْهَجِ النِّهَائِيِّ الَّذِي اسْتَقَرَّتْ عَلَيْهِ الْخُطَّةُ لِلْمَوْسُوعَةِ الْمُرَتَّبَةِ.
هَذَا وَإِنَّ وَزَارَةَ الأَْوْقَافِ وَالشُّئُونِ الإِْسْلَامِيَّةِ لَتُرَحِّبُ بِكُل نَقْدٍ بَنَّاءٍ يَرِدُ إِلَيْهَا، وَتَعِدُ أَنْ يَكُونَ هَذَا النَّقْدُ مَحَل دِرَاسَةٍ وَتَمْحِيصٍ، لأَِنَّ الْكَمَال لِلَّهِ وَحْدَهُ، وَمَا زَال الْعُلَمَاءُ (قَدِيمًا
وَحَدِيثًا) يُرَاجِعُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَيَسْتَدْرِكُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ هُنَاكَ حَرَجٌ فِي الصُّدُورِ، فَإِنَّ الْحَقَّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ. كَمَا تَرْجُو الْوَزَارَةُ مِنْ الْمُخْتَصِّينَ فِي الْفِقْهِ الإِْسْلَامِيِّ أَنْ يَتَعَاوَنُوا مَعَهَا إِمَّا بِكِتَابَةِ الأَْبْحَاثِ أَوْ مُرَاجَعَتِهَا. وَالْوَزَارَةُ - فِي كُل الأَْحْوَال - تُقَدِّرُ لِكُل مُجْتَهِدٍ جُهْدَهُ، وَلَا يَخْفَى مَا يُؤَدِّي إِلَيْهِ هَذَا التَّعَاوُنُ الْمَنْشُودُ، مِنْ سُرْعَةِ الإِْنْجَازِ وَزِيَادَةِ الإِْتْقَانِ.
وَإِنَّ دَوْلَةَ الْكُوَيْتِ، أَمِيرًا وَحُكُومَةً وَشَعْبًا، لَتَرْجُو مِنَ اللَّهِ تَعَالَى أَنْ يَكُونَ هَذَا الْعَمَل خَالِصًا لِوَجْهِهِ، وَأَنْ يُتِمَّهُ عَلَى أَحْسَنِ الْوُجُوهِ وَأَكْمَلِهَا، وَهِيَ تَعْتَبِرُ أَنَّ إِسْهَامَهَا فِي هَذَا الْمِضْمَارِ عَلَى الصُّورَةِ الَّتِي خَرَجَتْ وَتَخْرُجُ عَلَيْهَا هُوَ فَرْضٌ كِفَائِيٌّ قَامَتْ بِهِ امْتِثَالاً لأَِمْرِ اللَّهِ وَتَعَاوُنًا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى. وَاللَّهُ الْمَسْئُول أَنْ يَهْدِيَنَا جَمِيعًا سَوَاءَ السَّبِيل، وَأَنْ يُسَدِّدَ عَلَى طَرِيقِ الْخَيْرِ خُطَانَا، إِنَّهُ سَمِيعٌ مُجِيبٌ.
شَعْبَان 1400هـ
تَمُّوز (يوليو) 1980م
وَزَارَة الأَْوْقَافِ وَالشُّئُونِ الإِْسْلَامِيَّةِ
دَوْلَة الْكُوَيْتِ