الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الدَّيْنِ الْخَاصِّ فِي الصُّورَةِ الأُْولَى وَعَنْ كُل دَيْنٍ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ، دُونَ التَّعَيُّنِ.
ب - إِبْرَاءٌ خَاصٌّ بِعَيْنٍ خَاصَّةٍ، كَأَبْرَأْتُهُ عَنْ هَذِهِ الدَّارِ، أَوْ بِكُل عَيْنٍ، أَوْ خَاصٌّ بِالأَْمَانَاتِ دُونَ الْمَضْمُونَاتِ. (1)(ثُمَّ هَذَا الإِْبْرَاءُ عَنِ الْعَيْنِ إِمَّا عَنْهَا نَفْسِهَا وَإِمَّا عَنْ دَعْوَاهَا وَهُوَ مَا عَلَى سَبِيل الإِْنْشَاءِ أَوِ الإِْخْبَارِ، وَأَثَرُ هَذَا سَبَقَ بَيَانُهُ فِي مَوْضُوعِ الإِْبْرَاءِ) .
وَالإِْبْرَاءُ يَتَّبِعُ الْعُمُومَ وَالْخُصُوصَ سَوَاءٌ كَانَ فِي أَصْل الصِّيغَةِ أَوْ فِي الْمَوْضُوعِ، فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَى الْمُدَّعِي الْمُبْرِئِ فِيمَا تَنَاوَل الإِْبْرَاءَ. فَالإِْبْرَاءُ الْعَامُّ يَدْخُل فِيهِ الْبَرَاءَةُ عَنْ كُل حَقٍّ، وَلَوْ غَيْرَ مَالِيٍّ كَالْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ وَالْقِصَاصِ وَحَدِّ الْقَذْفِ. كَمَا يَدْخُل مَا هُوَ بَدَلٌ عَمَّا هُوَ مَالٌ كَالثَّمَنِ وَالأُْجْرَةِ، أَوْ عَمَّا لَيْسَ بِمَالٍ، كَالْمَهْرِ وَأَرْشِ الْجِنَايَةِ، وَمَا هُوَ مَضْمُونٌ كَالْمَغْصُوبِ، أَوْ أَمَانَةٌ كَالْوَدِيعَةِ وَالْعَارِيَّةِ، عَلَى مَا حَقَّقَهُ الشُّرُنْبُلَالِيُّ (2) .
شُمُول الإِْبْرَاءِ مِنْ حَيْثُ الزَّمَنُ وَالْمِقْدَارُ:
45 -
الإِْبْرَاءُ لَا يَشْمَل مَا بَعْدَ تَارِيخِهِ مِنْ دُيُونٍ أَوْ حُقُوقٍ، وَإِنَّمَا يَقْتَصِرُ عَلَى مَا قَبْلَهُ، فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَى الْمُبْرِئِ، بَعْدَ إِبْرَائِهِ الْعَامِّ بِشَيْءٍ سَابِقٍ لِتَارِيخِهِ، وَذَلِكَ لِلاِتِّفَاقِ عَلَى اشْتِرَاطِ وُجُودِ سَبَبِ الاِسْتِحْقَاقِ لِصِحَّةِ الإِْبْرَاءِ عَلَى مَا سَبَقَ.
(1) الأعلام من رسائل ابن عابدين 2 / 107، والفتاوى الهندية 4 / 504، وتبويب الأشباه والنظائر ص 372
(2)
حاشية ابن عابدين 4 / 470 ومجموعة رسائله 2 / 107
عَلَى أَنَّهُ إِذَا كَانَ الإِْبْرَاءُ خَاصًّا بِشَيْءٍ مُعَيَّنٍ فَلَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى بِهِ أَصْلاً، وَهَذَا إِذَا ادَّعَاهُ لِنَفْسِهِ، أَمَّا لَوِ ادَّعَاهُ لِغَيْرِهِ بِوَكَالَةٍ أَوْ وِصَايَةٍ فَإِنَّ دَعْوَاهُ تُسْمَعُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَقَرَّ بِعَيْنٍ لِغَيْرِهِ، فَكَمَا لَا يَمْلِكُ أَنْ يَدَّعِيَهَا لِنَفْسِهِ لَا يَمْلِكُ أَنْ يَدَّعِيَهَا لِغَيْرِهِ بِوَكَالَةٍ أَوْ وِصَايَةٍ.
وَلَا يَشْمَل الإِْبْرَاءُ ضَمَانَ الاِسْتِحْقَاقِ، لِعَدَمِ تَنَاوُلِهِ ذَلِكَ الضَّمَانَ الْحَادِثَ بَعْدَ الاِسْتِحْقَاقِ وَبَعْدَ الْحُكْمِ بِالرُّجُوعِ بِهِ، وَكُل ذَلِكَ لَاحِقٌ بَعْدَ الإِْبْرَاءِ. وَقَدْ عَبَّرَ عَنْ هَذَا الشُّمُول وَحُدُودِهِ قَاضِي خَانْ فِي فَتَاوَاهُ بِقَوْلِهِ:" الْبَرَاءَةُ السَّابِقَةُ لَا تَعْمَل فِي الدَّيْنِ اللَاّحِقِ ". (1)
وَمِمَّا صَرَّحَ بِهِ الْمَالِكِيَّةُ هُنَا أَنَّهُ لَا تُقْبَل دَعْوَى الْمُبْرِئِ أَنَّ الإِْبْرَاءَ إِنَّمَا كَانَ مِمَّا وَقَعَتْ فِيهِ الْخُصُومَةُ فَقَطْ، وَكَذَا إِذَا قَال: لَيْسَ قَصْدِي عُمُومَ الإِْبْرَاءِ بَل تَعَلُّقَهُ بِشَيْءٍ خَاصٍّ، وَهُوَ كَذَا، فَلَا يُقْبَل مِنْهُ.
وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ الْحَنَابِلَةُ، فَفِي ادِّعَاءِ اسْتِثْنَاءِ بَعْضِ الدَّيْنِ بِقَلْبِهِ يُقْبَل، وَلِخَصْمِهِ تَحْلِيفُهُ.
وَلَا بُدَّ مِنَ الإِْثْبَاتِ بِالْبَيِّنَةِ أَنَّ الْحَقَّ الْمُدَّعَى بِهِ حَصَل بَعْدَ الإِْبْرَاءِ لِتُقْبَل دَعْوَاهُ بِهِ، كَمَا لَا تُقْبَل دَعْوَاهُ الْجَهْل بِقَدْرِ الْمُبْرَأِ مِنْهُ إِلَاّ بِبَيِّنَةٍ، وَكَذَلِكَ دَعْوَى النِّسْيَانِ. أَمَّا الشَّافِعِيَّةُ فَقَدْ فَصَّلُوا فِي الْجَهْل بَيْنَ مَا إِذَا بَاشَرَ سَبَبَ الدَّيْنِ بِنَفْسِهِ، أَوْ رُوجِعَ إِلَيْهِ عِنْدَ السَّبَبِ
(1) المجلة العدلية المادة 1565 و1649، والدسوقي 3 / 411، والفتاوى الخانية 3 / 140، وشرح الروض 2 / 309، 310