الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأَْصْل أَوِ الْفَرْعِ بَدَلاً مِنْ إِهْدَارِ بَعْضِ الاِحْتِمَالَاتِ الَّتِي قَدْ تَتَكَافَأُ فَيُعْذَرُ فِي انْصِرَافِ ذِهْنِهِ إِلَى أَحَدِهَا.
ج -
مُصْطَلَحَاتُ الدَّلَالَةِ:
65 -
وَهِيَ الْمُصْطَلَحَاتُ الَّتِي جِيءَ بِهَا لِمُجَرَّدِ الإِْرْشَادِ إِلَى الْمَوْطِنِ الَّذِي اخْتِيرَ لِبَحْثِ الْمَوْضُوعِ، فَهِيَ بَدَائِل عَنْ أَحَدِ الأَْلْفَاظِ الأَْصْلِيَّةِ أَوِ الْمُحَالَةِ، مِنْ قَبِيل الْمُرَادِفَاتِ (كَالْقِرَاضِ مَعَ الْمُضَارَبَةِ، وَالْكِرَاءِ مَعَ الإِْجَارَةِ) أَوْ بَقِيَّةِ الْمُشْتَقَّاتِ الَّتِي جُعِل أَحَدُهَا مُرْتَكَزًا لِلْمَوْضُوعِ.
فَهَذِهِ الْمُصْطَلَحَاتُ يُقْتَصَرُ فِيهَا عَلَى بَيَانِ مَكَانِ بَحْثِهَا بَيْنَ مُصْطَلَحَاتِ الْمَوْسُوعَةِ مِثْل (قِرَاضٍ، انْظُرْ: مُضَارَبَةً) دُونَ الْحَاجَةِ إِلَى أَيِّ بَيَانٍ آخَرَ سَيَكُونُ مِنْ التَّكْرَارِ الْحَرْفِيِّ. وَلَا مُعَدَّى عَنْ الاِهْتِمَامِ بِمِثْل هَذِهِ الأَْلْفَاظِ بَعْدَ أَنْ اسْتَعْمَلَهَا الْفُقَهَاءُ وَتَدَاوَلُوهَا بَيْنَ مُصْطَلَحَاتِهِمُ الثَّابِتَةِ لَا عَلَى أَنَّهَا تَعْبِيرٌ مُتَقَلِّبٌ (وَلَا مُشَاحَّةَ فِي الاِصْطِلَاحِ) .
وَبَعْدُ، فَإِنَّ مُصْطَلَحَاتِ الدَّلَالَةِ هَذِهِ، وَمُصْطَلَحَاتِ الإِْحَالَةِ أَيْضًا - لِمَا هِيَ عَلَيْهِ مِنْ الإِْجْمَال - هُمَا مِنْ نَافِلَةِ الْبَحْثِ فِي هَذِهِ الْمَوْسُوعَةِ، فَإِنَّ الْمُصْطَلَحَاتِ الأَْصْلِيَّةَ هِيَ قِوَامُهَا، وَهِيَ الَّتِي يَحْصُل مِنْ تَكَامُلِهَا - بِالضَّرُورَةِ - اسْتِيفَاءُ جَمِيعِ مَوْضُوعَاتِ الْفِقْهِ (مُفَصَّلَةً مُلْتَزَمًا فِيهَا بِجَمِيعِ عَنَاصِرِ الْخُطَّةِ) وَهِيَ الْمُسْتَهْدَى إِلَيْهَا بِمُصْطَلَحَاتِ الدَّلَالَةِ ذَاتِ الْغَرَضِ التَّكْمِيلِيِّ وَالْمُمَهَّدِ لَهَا بِالْبَيَانَاتِ الإِْجْمَالِيَّةِ فِي (الإِْحَالَاتِ) الَّتِي يَقْتَصِرُ هَدَفُهَا عَلَى سَدِّ الْحَاجَةِ الْمُشَارِ إِلَيْهَا.
عَرْضُ الاِتِّجَاهَاتِ الْفِقْهِيَّةِ:
66 -
إِنَّ الطَّرِيقَةَ الَّتِي اخْتِيرَتْ لِبَيَانِ الْمَسَائِل وَأَحْكَامِهَا هِيَ طَرِيقَةُ (الاِتِّجَاهَاتِ الْفِقْهِيَّةِ) وَهِيَ تَخْتَلِفُ عَنْ فَصْل الْمَذَاهِبِ وَتَكْرَارِ الْمَسْأَلَةِ.
فَفِي الطَّرِيقَةِ الْمُخْتَارَةِ تُحْصَرُ الآْرَاءُ الْمُتَعَدِّدَةُ فِي الْمَسْأَلَةِ، مَتْبُوعَةً بِمَا يَنْدَرِجُ تَحْتَ
كُل اتِّجَاهٍ مِنْ مَذْهَبٍ أَوْ أَكْثَرَ، وَإِذَا كَانَ فِي الْمَذْهَبِ الْوَاحِدِ أَكْثَرُ مِنْ رَأْيٍ فَإِنَّهُ يَتَكَرَّرُ ذِكْرُهُ بِحَسَبِ تِلْكَ الرِّوَايَاتِ مَعَ الاِتِّجَاهَاتِ الْمُنَاسِبَةِ لَهَا.
وَيُقَدَّمُ الاِتِّجَاهُ الَّذِي ذَهَبَ إِلَيْهِ أَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ (الْجُمْهُورُ) إِلَاّ حَيْثُ تَقْضِي مَنْطِقِيَّةُ الْبَيَانِ بِمُخَالَفَةِ ذَلِكَ لِتَقْدِيمِ الْبَسِيطِ عَلَى مَا فِيهِ تَرْكِيبٌ أَوْ تَفْصِيلٌ، وَكَالْبَدْءِ بِمَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ فَهْمُ مَا بَعْدَهُ.
وَالْبَاعِثُ عَلَى سُلُوكِ هَذِهِ الطَّرِيقَةِ - الْمَعْرُوفَةِ صُعُوبَتُهَا عَلَى الْكُتَّابِ - كِفَايَةُ الْمُسْتَفِيدِ مِنْ الْمَوْسُوعَةِ مُهِمَّةَ اسْتِخْلَاصِ مَوَاطِنِ الْوِفَاقِ وَالْخِلَافِ بِدِقَّةٍ، وَإِعْطَاءُ التَّصَوُّرِ التَّامِّ لِمَنَاحِي الاِجْتِهَادَاتِ الْفِقْهِيَّةِ، وَهُوَ مِمَّا يَتَيَسَّرُ مَعَهُ الاِسْتِمْدَادُ مِنْهَا فِي الدِّرَاسَاتِ وَالتَّشْرِيعَاتِ بَعْدَ أَنْ غَلَبَ عَلَيْهَا الْبَحْثُ غَيْرُ الْمُقْتَصِرِ عَلَى مَذْهَبٍ وَاحِدٍ بِخُصُوصِهِ، وَلَا يَخْفَى مَا فِي هَذِهِ الطَّرِيقَةِ مِنْ تَحَاشِي التَّكْرَارِ فِي ذِكْرِ كُل مَذْهَبٍ عَلَى حِدَةٍ وَتَكْرَارُ الْمَسْأَلَةِ وَأَدِلَّتِهَا تَبَعًا لِذَلِكَ.
كَمَا أَنَّ هَذِهِ الطَّرِيقَةَ لَيْسَتْ بِدْعًا مِنْ الأَْمْرِ فَهِيَ مَا عَلَيْهِ مُعْظَمُ الْمُؤَلِّفِينَ الْقُدَامَى فِي كُتُبِ اخْتِلَافِ الْفُقَهَاءِ وَالشُّرُوحِ الْمَعْنِيَّةِ بِالإِْشَارَةِ لِلْمَذَاهِبِ، وَعَلَيْهَا أَيْضًا جَمِيعُ الدِّرَاسَاتِ الْفِقْهِيَّةِ الْحَدِيثَةِ. وَلَمْ تَكُنْ ثَمَّةَ حَاجَةٌ لِلتَّأْكِيدِ عَلَيْهَا لَوْلَا أَنَّ بَعْضَ الْكِتَابَاتِ اسْتَرْوَحَتْ إِلَى طُرُقٍ أُخْرَى كَإِفْرَادِ الْمَذَاهِبِ تَمَامًا، أَوِ الْبَدْءِ بِمَوَاطِنِ الاِتِّفَاقِ إِجْمَالاً ثُمَّ الْعَوْدَةِ لإِِفْرَادِهَا عِنْدَ التَّفْصِيل وَالاِخْتِلَافِ.
وَيَلْتَزِمُ بَعْدَ حَصْرِ الاِتِّجَاهَاتِ فِي الْمَسْأَلَةِ بِإِتْبَاعِ كُل اتِّجَاهٍ بِمَا وَافَقَهُ مِنْ فِقْهِ الْمَذَاهِبِ الأَْرْبَعَةِ الَّتِي يَتَيَسَّرُ تَوْفِيرُ الْفُقَهَاءِ الْمُشْتَغِلِينَ بِفِقْهِهَا مُجْتَمِعًا، لِلتَّقَارُبِ الشَّدِيدِ بَيْنَ أُصُولِهَا وَتَدَاوُل مَرَاجِعِهَا، كَمَا يُشَارُ إِلَى مَا يَتَيَسَّرُ الْوُقُوفُ عَلَيْهِ مِنْ مَذَاهِبِ السَّلَفِ (الصَّحَابَةِ وَمَنْ بَعْدَهُمْ) مِمَّا تَضَمَّنَتْهُ كُتُبُ الْفِقْهِ الْمَعْرُوفَةُ. وَيَحْصُل بِذَلِكَ الاِجْتِزَاءُ عَمَّا لَمْ يَتَيَسَّرْ أَوْ لَمْ يُطَّلَعْ عَلَيْهِ مِنْ مَذَاهِبَ لِكَوْنِهَا مُمَثَّلَةً فِي أَحَدِ الاِتِّجَاهَاتِ.