الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَقَدْ ذَهَبَ إِلَى صِحَّةِ تَقْيِيدِ الإِْبْرَاءِ بِالشَّرْطِ فِي الْجُمْلَةِ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ تَبَعًا لِتَفْصِيل كُل مَذْهَبٍ بِالنِّسْبَةِ لِلْحُكْمِ عَلَى الشَّرْطِ بِالصِّحَّةِ، عَلَى مَا هُوَ مُفَصَّلٌ فِي الْكَلَامِ عَنِ (الشَّرْطِ) . (1)
ج -
الإِْضَافَةُ:
50 -
صَرَّحَ الْحَنَفِيَّةُ بِأَنَّ إِضَافَةَ الإِْبْرَاءِ (إِلَى غَيْرِ الْمَوْتِ) ، وَلَوْ إِلَى وَقْتٍ مَعْلُومٍ، تُبْطِلُهُ. وَلَمْ نَعْثُرْ عَلَى تَصْرِيحٍ لِغَيْرِهِمْ بِقَبُول الإِْبْرَاءِ لِلإِْضَافَةِ، مَعَ إِفَادَةِ عِبَارَاتِ الْفُقَهَاءِ أَنَّ الأَْصْل فِي الإِْبْرَاءِ هُوَ التَّنْجِيزُ. عَلَى أَنَّهُ يُسْتَفَادُ مَنْعُ إِضَافَةِ الإِْبْرَاءِ مِنْ تَصْرِيحِهِمْ بِأَنَّ الإِْبْرَاءَ لِلإِْسْقَاطِ الَّذِي فِيهِ مَعْنَى التَّمْلِيكِ، وَالتَّمْلِيكُ لَا يَحْتَمِل الإِْضَافَةَ لِلْوَقْتِ. (2) وَلَا نَعْلَمُ خِلَافًا فِي تَصْحِيحِ إِضَافَةِ الإِْبْرَاءِ إِلَى مَا بَعْدَ الْمَوْتِ فَقَطْ؛ لأَِنَّهُ وَصِيَّةٌ بِالإِْبْرَاءِ. (3)
الإِْبْرَاءُ بِشَرْطِ أَدَاءِ الْبَعْضِ:
51 -
تَأْتِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى وُجُوهٍ: إِمَّا أَنْ تَحْصُل مُطْلَقَةً عَنِ الشَّرْطِ، كَأَنْ يَعْتَرِفَ لَهُ
(1) تنقيح الفتاوى الحامدية 2 / 40، والبحر الرائق 7 / 310، وكشاف القناع 2 / 478 ط الشرفية، والالتزامات للحطاب 1 / 335، 336 فتاوى عليش، والدسوقي 2 / 307، والقليوبي 2 / 292
(2)
البحر الرائق 7 / 322، والبدائع 6 / 118، وحاشية ابن عابدين 4 / 343 الطبعة الثانية بولاق.
(3)
الفروع 4 / 195، والقليوبي 3 / 162، وشرح الروض 3 / 41
بِدَيْنٍ فِي ذِمَّتِهِ، فَيَقُول الدَّائِنُ: قَدْ أَبْرَأْتُكَ مِنْ نِصْفِهِ - أَوْ جُزْءٍ مُعَيَّنٍ مِنْهُ - فَأَعْطِنِي الْبَاقِيَ، فَالإِْبْرَاءُ صَحِيحٌ اتِّفَاقًا لأَِنَّهُ مُنَجَّزٌ غَيْرُ مُعَلَّقٍ وَلَا مُقَيَّدٍ بِشَرْطٍ، وَالْمُبْرِئُ مُتَطَوِّعٌ بِإِسْقَاطِ بَعْضِ حَقِّهِ بِطِيبٍ مِنْ نَفْسِهِ، فَذَلِكَ جَائِزٌ. وَاسْتُدِل بِالأَْحَادِيثِ فِي الْوَضْعِ عَنْ جَابِرٍ (1) ، وَعَنِ الَّذِي أُصِيبَ فِي حَدِيقَتِهِ (2)، وَعَنِ ابْنِ أَبِي حَدْرَدٍ حَيْثُ قَال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِكَعْبٍ: ضَعِ الشَّطْرَ مِنْ دَيْنِكَ. (3)
وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ فِيهَا الإِْبْرَاءُ عَنِ الْبَعْضِ مُعَلَّقًا عَلَى أَدَاءِ الْبَاقِي، وَقَدْ سَبَقَ حُكْمُ تَعْلِيقِ الإِْبْرَاءِ.
وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ فِيهَا الإِْبْرَاءُ مُقَيَّدًا بِشَرْطِ أَدَاءِ الْبَاقِي، مِثْل أَنْ يَقُول مَنْ لَهُ عَلَى آخَرَ أَلْفٌ: أَبْرَأْتُكَ عَنْ خَمْسِمِائَةٍ، بِشَرْطِ أَنْ تُعْطِيَنِي مَا بَقِيَ.
52 -
وَلِلْفُقَهَاءِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ الأَْخِيرَةِ آرَاءٌ: أَحَدُهَا: الصِّحَّةُ مُطْلَقًا، وَهُوَ مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ؛ لأَِنَّهُ اسْتِيفَاءُ الْبَعْضِ وَإِبْرَاءٌ عَنِ الْبَاقِي. وَاشْتَرَطَ الشَّافِعِيَّةُ الْجَمْعَ بَيْنَ لَفْظَيِ الإِْبْرَاءِ وَالصُّلْحِ، لِيَكُونَ مِنْ أَنْوَاعِ الصُّلْحِ، وَمَعَ ذَلِكَ لَا يَحْتَاجُ لِقَبُولٍ؛ نَظَرًا لِلَفْظِ الإِْبْرَاءِ، لَكِنَّ الْحَنَفِيَّةَ قَالُوا: إِنْ لَمْ يُقَيِّدْ أَدَاءَ الْبَعْضِ الْمُعَجَّل بِيَوْمٍ مُعَيَّنٍ، بَرِئَ
(1) حديث الوضع عن جابر تقدم تخريجه.
(2)
تقدم تخريجه أيضا.
(3)
حديث كعب حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم له " ضع الشطر من دينك " رواه البخاري في موضعين من صحيحه 1 / 551، 561 ط السلفية ورواه مسلم 3 / 1192 ط عيسى الحلبي.