الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تَذَرَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَذَرَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ (1) . أَمَّا الثُّلُثُ فَقَدْ أَقَرَّهُ عَلَيْهِ.
13 -
عَلَى أَنَّ الْحُكْمَ الْغَالِبَ لَهُ النَّدْبُ، وَلِذَا يَقُول الْخَطِيبُ الشِّرْبِينِيُّ:" الإِْبْرَاءُ مَطْلُوبٌ، فَوُسِّعَ فِيهِ، بِخِلَافِ الضَّمَانِ "(2) ذَلِكَ لأَِنَّهُ نَوْعٌ مِنَ الإِْحْسَانِ؛ لأَِنَّهُ فِي الْغَالِبِ يَتَضَمَّنُ إِسْقَاطَ الْحَقِّ عَنِ الْمُعْسِرِ الَّذِي يُثْقِل الدَّيْنُ كَاهِلَهُ. وَحَتَّى إِذَا كَانَ الإِْبْرَاءُ لِمَنْ لَا يَعْسُرُ عَلَيْهِ الْوَفَاءُ، فَإِنَّهُ مِمَّا يَزِيدُ الْمَوَدَّةَ بَيْنَ الدَّائِنِ وَالْمَدِينِ، فَلَا يَخْلُو عَنْ مَعْنَى الْبِرِّ وَالصِّلَةِ، وَذَلِكَ مِمَّا يَتَنَاوَلُهُ قَوْل اللَّهِ تَعَالَى:{وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} (3) وَفِي ذَلِكَ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ، مِنْهَا حَدِيثُ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه حِينَ قَامَ بِوَفَاءِ دَيْنِ أَبِيهِ، وَخَبَرُ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ وَكَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، حِينَ أَعْسَرَا، حَيْثُ ثَبَتَ حَضُّهُ عليه الصلاة والسلام الدَّائِنِينَ عَلَى إِسْقَاطِ كُل الدَّيْنِ أَوْ بَعْضِهِ عَنْهُمْ (4) .
(1) حديث " إنك أن تذر. . . " جزء من حديث أخرجه الشيخان (اللؤلؤ والمرجان ص 399 نشر وزارة الأوقاف بالكويت) .
(2)
مغني المحتاج 2 / 203 وأشار إلى أنه لذلك لا يحتاج إلى نية ولا قرينة. وأشار القاضي زكريا إلى أنه عقد غبن فتوسع فيه (بخلاف البيع القائم على المعاوضة) لذا لا عهدة فيه ولا خيار، وتغتفر فيه جهالة الوكيل بمقدار الدين، وتجري فيه الكنايات عن العدد فتفسر، ولي (شرح الروض 2 / 263، والقليوبي 2 / 190)
(3)
سورة البقرة / 280
(4)
أخرجه البخاري 13 / 160 شرح العيني، ومسلم 5 / 30، وحديث " كعب بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم حجر على معاذ ماله وباعه في دين كان عليه " رواه الدارقطني والبيهقي والحاكم وصححه (نيل الأوطار 5 / 244) ط العثمانية المصرية 1957 هـ، وحديث جابر: قال جابر قتل أبي وعليه دين فسأل النبي صلى الله عليه وسلم غرماءه أن يقبلوا ثمر حائطي ويحللوا أبي رواه البخاري (13 / 160 ط المنيرية) ، ويرجع لنيل الأوطار 5 / 288
وَقَدْ صَرَّحَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ بِأَنَّ الإِْبْرَاءَ لِلْمُعْسِرِ أَفْضَل مِنَ الْقَرْضِ، وَأَنَّ الْقَرْضَ فِي غَيْرِ هَذِهِ الْحَالَةِ أَفْضَل مِنْهُ. (1)
وَالإِْبْرَاءُ فِي غَيْرِ الأَْحْوَال الْمُشَارِ إِلَيْهَا هُوَ عَلَى أَصْل الإِْبَاحَةِ الْجَارِيَةِ فِي مُعْظَمِ الْعُقُودِ وَالتَّصَرُّفَاتِ الَّتِي بُعِثَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَالنَّاسُ يَتَعَامَلُونَ بِهَا فَأَقَرَّهُمْ عَلَيْهَا، وَلَا سِيَّمَا فِي حَالَةِ عَجْزِ الْمُبْرِئِ عَنْ تَحْصِيل حَقِّهِ مِنْ مُنْكِرِهِ؛ لأَِنَّ الإِْحْسَانَ هُنَا غَيْرُ وَارِدٍ، لِفُقْدَانِ مَحَلِّهِ.
أَقْسَامُ الإِْبْرَاءِ:
14 -
يُقَسِّمُ بَعْضُ الْمُؤَلِّفِينَ الإِْبْرَاءَ إِلَى قِسْمَيْنِ: إِبْرَاءُ الإِْسْقَاطِ، وَإِبْرَاءُ الاِسْتِيفَاءِ. وَيَعْتَبِرُونَ الأَْوَّل مِنْهُمَا هُوَ الْجَدِيرُ بِالْبَحْثِ تَحْتَ هَذَا الاِسْمِ، فِي حِينِ أَنَّ الثَّانِيَ (الَّذِي هُوَ عِبَارَةٌ عَنِ الاِعْتِرَافِ بِالْقَبْضِ وَالاِسْتِيفَاءِ لِلْحَقِّ الثَّابِتِ لِشَخْصٍ فِي ذِمَّةِ آخَرَ) هُوَ نَوْعٌ مِنَ الإِْقْرَارِ. وَتَظْهَرُ ثَمَرَةُ هَذَا التَّقْسِيمِ فِي صُورَةِ الإِْبْرَاءِ فِي الْكَفَالَةِ الْوَاقِعِ مِنَ الطَّالِبِ (الدَّائِنِ) إِنْ جَاءَ بِلَفْظِ " بَرِئْتَ إِلَيَّ مِنَ الْمَال " بَرِئَ الْكَفِيل وَالْمَدِينُ كِلَاهُمَا مِنَ الْمُطَالِبِ، وَرَجَعَ الْكَفِيل بِالْمَال عَلَى الْمَطْلُوبِ؛ لأَِنَّهُ بَرَاءَةُ قَبْضٍ وَاسْتِيفَاءٍ، كَأَنَّهُ قَال: دَفَعْتَ إِلَيَّ. أَمَّا إِنْ قَال: بَرِئْتَ مِنَ الْمَال، أَوْ: أَبْرَأْتُكَ، بِدُونِ لَفْظِ (إِلَيَّ) فَلَا رُجُوعَ لَهُ؛ لأَِنَّهُ إِبْرَاءُ
(1) القليوبي على شرح المنهاج للمحلى 2 / 261، 3 / 111، تحفة المحتاج وحاشية الشرواني 1 / 492