الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لَا يَصِحُّ مَعَ الْهَزْل لِمَا فِيهِ مِنَ الإِْقْرَارِ بِفَرَاغِ الذِّمَّةِ فَيُؤَثِّرُ فِيهِ الإِْكْرَاهُ. (1)
وَقَدْ صَرَّحَ الْحَنَابِلَةُ بِأَنَّهُ مِمَّا يَشُوبُ شَرِيطَةَ الرِّضَا أَنْ يَعْلَمَ الْمَدِينُ وَحْدَهُ مِقْدَارَ الدَّيْنِ، فَيَكْتُمُهُ عَنِ الدَّائِنِ خَوْفًا مِنْ أَنْ يَسْتَكْثِرَهُ فَلَا يُبْرِئَهُ لأَِنَّ الإِْبْرَاءَ صَادِرٌ حِينَئِذٍ عَنْ إِرَادَةٍ غَيْرِ مُعْتَبَرَةٍ. (2)
التَّوْكِيل بِالإِْبْرَاءِ:
28 -
يَصِحُّ التَّوْكِيل بِالإِْبْرَاءِ وَلَكِنْ لَا بُدَّ مِنَ الإِْذْنِ الْخَاصِّ بِهِ، وَلَا يَكْفِي لَهُ إِذْنُ الْوَكَالَةِ بِعَقْدٍ مَا (3)، وَقَدْ نَصَّ الْحَنَفِيَّةُ بِشَأْنِ السَّلَمِ أَنَّهُ إِذَا أَبْرَأَ وَكِيل الْمُسَلَّمِ الْمُسَلَّمَ إِلَيْهِ بِلَا إِذْنٍ لَمْ يَبْرَأْ الْمُسَلَّمُ إِلَيْهِ. فَلَوْ قَال لَهُ الْمُسَلَّمُ إِلَيْهِ: لَسْتَ وَكِيلاً وَالسَّلَمُ لَكَ وَأَبْرَأْتَنِي مِنْهُ، نَفَذَ الإِْبْرَاءُ ظَاهِرًا، وَتَعَطَّل بِذَلِكَ حَقُّ الْمُسَلِّمِ، وَغَرِمَ لَهُ الْوَكِيل قِيمَةَ رَأْسِ الْمَال لِلْحَيْلُولَةِ، فَلَا يَغْرَمُ بَدَل الْمُسَلَّمِ فِيهِ كَيْلَا يَكُونَ اعْتِيَاضًا عَنْهُ. كَمَا خَصَّ الْحَنَفِيَّةُ إِبْرَاءَ الْوَكِيل وَالْوَصِيِّ فِيمَا وَجَبَ بِعَقْدِهِمَا، وَيَضْمَنَانِ. وَلَا يَصِحُّ فِيمَا لَمْ يَجِبْ بِعَقْدِهِمَا، كَمَا أَنَّهُ إِذَا كَانَ الْوَكِيل مَأْذُونًا بِالإِْبْرَاءِ فَوَكَّل غَيْرَهُ بِهِ فَأَجْرَاهُ فِي حُضُورِهِ أَوْ غَيْبَتِهِ، لَمْ يَصِحَّ عِنْدَهُمْ. (4)
(1) الفتاوى الهندية 4 / 179 وتكملة حاشية ابن عابدين 2 / 347 و5 / 87، وشرح الروض 2 / 11، والقليوبي 2 / 326 و3 / 162 و159، المغني 5 / 602 الطبعة الثالثة، ونهاية المحتاج 5 / 70 ط الحلبي، ومرشد الحيران المادة 235 و241، 242، والمجلة العدلية المادة 1570، 1571
(2)
هكذا جعلوه متصلا بشريطة الرضا، ولعل المراد شوائب الرضا لأنه بالتدليس أشبه.
(3)
شرح الروض 2 / 261، 271، 281، ومغني المحتاج 2 / 222، لباب اللباب لابن راشد 200، والفروع 4 / 366
(4)
تبويب الأشباه والنظائر لابن نجيم 391، وحاشية ابن عابدين 4 / 411
وَإِنْ وَكَّلَهُ بِإِبْرَاءِ غُرَمَائِهِ، وَكَانَ الْوَكِيل مِنْهُمْ لَمْ يُبْرِئْ نَفْسَهُ؛ لأَِنَّ الْمُخَاطَبَ لَا يَدْخُل فِي عُمُومِ أَمْرِ الْمُخَاطِبِ لَهُ عَلَى الأَْصَحِّ، فَإِنْ قَال: وَإِنْ شِئْتَ فَأَبْرِئْ نَفْسَكَ، فَلَهُ ذَلِكَ كَمَا لَوْ وَكَّل الْمَدِينَ بِإِبْرَاءِ نَفْسِهِ. (1)
إِبْرَاءُ الْمَرِيضِ مَرَضَ الْمَوْتِ:
29 -
يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَكُونَ الْمُبْرِئُ مَرِيضًا مَرَضَ الْمَوْتِ، وَفِيهِ تَفْصِيلٌ بِحَسَبِ الْمُبْرَأِ، فَإِنْ كَانَ أَجْنَبِيًّا وَالدَّيْنُ يُجَاوِزُ ثُلُثَ التَّرِكَةِ، فَلَا بُدَّ مِنْ إِجَازَةِ الْوَرَثَةِ فِيمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ؛ لأَِنَّهُ تَبَرُّعٌ لَهُ حُكْمُ الْوَصِيَّةِ. وَإِذَا كَانَ الْمُبْرَأُ وَارِثًا تَوَقَّفَ الإِْبْرَاءُ كُلُّهُ عَلَى إِجَازَةِ الْوَرَثَةِ وَلَوْ كَانَ الدَّيْنُ أَقَل مِنَ الثُّلُثِ. وَإِذَا أَبْرَأَ الْمَرِيضُ مَرَضَ الْمَوْتِ أَحَدَ مَدْيُونِيهِ، وَالتَّرِكَةُ مُسْتَغْرَقَةٌ بِالدُّيُونِ، لَمْ يَنْفُذْ إِبْرَاؤُهُ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغُرَمَاءِ (2) وَتَفْصِيل ذَلِكَ عِنْدَ الْكَلَامِ عَنْ (مَرَضِ الْمَوْتِ) .
الْمُبْرَأُ وَشُرُوطُهُ:
30 -
اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى اشْتِرَاطِ الْعِلْمِ بِالْمُبْرَأِ، فَلَا يَصِحُّ. الإِْبْرَاءُ لِمَجْهُولٍ.
وَكَذَلِكَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مُعَيَّنًا، فَلَوْ أَبْرَأَ أَحَدَ مَدِينِيهِ عَلَى التَّرَدُّدِ لَمْ يَصِحَّ، خِلَافًا لِبَعْضِ الْحَنَابِلَةِ. (3)
فَلَا بُدَّ مِنْ تَعْيِينِ الْمُبْرَأِ تَعْيِينًا كَافِيًا. كَمَا أَنَّ الإِْقْرَارَ
(1) شرح الروض 2 / 281، والأشباه والنظائر للسيوطي 382 ط عيسى الحلبي، والقليوبي 2 / 342
(2)
القليوبي 3 / 162، 159 و3 / 128، والمجلة العدلية المادة 1570، ومرشد الحيران المادة 241، 242
(3)
الفتاوى الهندية 4 / 204، والخرشي 6 / 99 ط صادر، شرح الروض 2 / 240، وجامع الفصولين 1 / 125 ط الأزهرية، والأشباه للسيوطي 189، وكتاب القناع 2 / 478 ط الشرفية.