الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَإِنَّهُ لَا يُقْبَل، وَإِلَاّ فَيُقْبَل، وَفِي دَعْوَى النِّسْيَانِ يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ. (1)
سَرَيَانُهُ مِنْ حَيْثُ الأَْشْخَاصُ:
46 -
لِلإِْبْرَاءِ - عَدَا شُمُولِهِ الزَّمَنِيِّ - سَرَيَانٌ لِغَيْرِ الْمُبْرَأِ أَحْيَانًا. وَمِنْ أَمْثِلَتِهِ مَا لَوْ أَبْرَأَ الْبَائِعُ الْمُشْتَرِيَ مِنْ بَعْضِ الثَّمَنِ، فَقَدْ ذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ إِلَى أَنَّ الشَّفِيعَ يَسْتَفِيدُ مِنْ ذَلِكَ الإِْبْرَاءِ، فَيَسْقُطُ عَنْهُ مِقْدَارُ مَا حَطَّهُ الْبَائِعُ عَنِ الْمُشْتَرِي. وَنَحْوُهُ مَذْهَبُ مَالِكٍ، وَهُوَ أَنَّ الْبَاقِيَ بَعْدَ الإِْبْرَاءِ إِنْ كَانَ يَصْلُحُ ثَمَنًا (بِأَنْ كَانَ الإِْبْرَاءُ عَنِ الأَْقَل) اسْتَفَادَ الشَّفِيعُ مِنَ الإِْبْرَاءِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ الإِْبْرَاءُ عَنِ الأَْكْثَرِ، فَإِنَّهُ يَأْخُذُ بِالثَّمَنِ الْمُسَمَّى كُلِّهِ قَبْل الْحَطِّ.
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّ الإِْبْرَاءَ يَصِحُّ وَلَا يَسْتَفِيدُ مِنْهُ سِوَى الْمُشْتَرِي، أَمَّا الشَّفِيعُ فَيَأْخُذُ بِالثَّمَنِ كُلِّهِ أَوْ يَتْرُكُ. (2)
وَمِنْ ذَلِكَ الْكَفَالَةُ، فَإِنَّ إِبْرَاءَ الأَْصِيل يَسْرِي إِلَى الْكَفِيل، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَبْرَأَ الْكَفِيل فَإِنَّهُ يَبْرَأُ وَحْدَهُ؛ لأَِنَّ إِبْرَاءَهُ إِسْقَاطٌ لِلْوَثِيقَةِ، وَهِيَ لَا تَقْتَضِي سُقُوطَ أَصْل الدَّيْنِ، وَهَذَا إِنْ أَبْرَأَهُ مِنَ الضَّمَانِ، أَمَّا إِنْ
(1) الدسوقي 3 / 411، والفروع 4 / 198، وشرح الروض وحواشي الرملي 2 / 217
(2)
فتح القدير والعناية 5 / 271، والدسوقي 3 / 495، وشرح الروض 2 / 370، وشرح منتهى الإرادات 2 / 446، والمغني 5 / 259 ط مكتبة القاهرة
أَبْرَأَهُ مِنَ الدَّيْنِ فَيَنْبَغِي عَلَى مَا قَال الرَّمْلِيُّ الشَّافِعِيُّ بَرَاءَةُ الأَْصِيل؛ لأَِنَّ الدَّيْنَ وَاحِدٌ، وَإِنَّمَا تَعَدَّدَتْ مَحَالُّهُ. وَكَذَلِكَ إِنْ تَكَرَّرَ الْكُفَلَاءُ وَتَتَابَعُوا، فَإِنَّ إِبْرَاءَ غَيْرِ الأَْصِيل مِنَ الْمُلْتَزِمِينَ يَسْتَفِيدُ مِنْهُ مَنْ بَعْدَهُ؛ لأَِنَّهُمْ فَرْعُهُ، لَا مَنْ قَبْلَهُ؛ لأَِنَّ الأَْصِيل لَا يَبْرَأُ بِبَرَاءَةِ فَرْعِهِ.
وَفِي الْغَصْبِ إِنْ أَبْرَأَ غَاصِبَ الْغَاصِبِ بَرِئَ الأَْوَّل أَيْضًا، أَمَّا إِنْ أَبْرَأَ الْغَاصِبَ الأَْوَّل فَقَطْ فَلَا يَبْرَأُ الثَّانِي. (1)
التَّعْلِيقُ وَالتَّقْيِيدُ وَالإِْضَافَةُ فِي الإِْبْرَاءِ:
47 -
مِنَ الْمُقَرَّرِ أَنَّ التَّعْلِيقَ هُوَ رَبْطُ وُجُودِ الشَّيْءِ بِوُجُودِ غَيْرِهِ، فَهُوَ مَانِعٌ لِلاِنْعِقَادِ مَا لَمْ يَحْصُل الشَّرْطُ.
أَمَّا التَّقْيِيدُ فَلَا صِلَةَ لَهُ بِالاِنْعِقَادِ، بَل هُوَ لِتَعْدِيل آثَارِ الْعَقْدِ الأَْصْلِيَّةِ، وَيُسَمَّى الاِقْتِرَانَ بِالشَّرْطِ. وَأَمَّا الإِْضَافَةُ فَهِيَ لِتَأْخِيرِ بَدْءِ الْحُكْمِ إِلَى زَمَنٍ مُسْتَقْبَلٍ. (2)
وَقَدْ جَاءَتْ بَعْضُ الصُّوَرِ الْمُتَشَابِهَةِ مَعَ اخْتِلَافِ حُكْمِهَا بِسَبَبِ اعْتِبَارِهَا تَعْلِيقًا أَوْ تَقْيِيدًا لِلتَّجَوُّزِ فِي
(1) حاشية ابن عابدين 4 / 276، وشرح الروض 2 / 246، 247، 249، وتنبيه ذوي الأفهام لابن عابدين 2 / 94، والقليوبي 4 / 30
(2)
المجلة العدلية المادة 82، والعناية شرح الهداية للبابرتي 7 / 44 ط بولاق بهامش فتح القدير.