الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يَصِحُّ الإِْيصَاءُ إِلَى عَبْدِ نَفْسِهِ وَلَا يَصِحُّ إِلَى عَبْدِ غَيْرِهِ (1) .
وَقَال أَبُو حَنِيفَةَ: يَصِحُّ الإِْيصَاءُ إِلَى الرَّقِيقِ عَلَى أَوْلَادِ الْمُوصِي إِنْ كَانُوا صِغَارًا وَلَمْ يَكُنْ فِيهِمْ رَشِيدٌ. فَإِنْ كَانَ فِيهِمْ كَبِيرٌ لَمْ يَصِحَّ؛ لأَِنَّ لِلْكَبِيرِ بَيْعَهُ أَوْ بَيْعَ نَصِيبِهِ مِنْهُ فَيَعْجِزُ عَنِ الْقِيَامِ بِالْوِصَايَةِ. أَمَّا إِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ كَبِيرٌ فَتَصِحُّ؛ لأَِنَّهُ يَكُونُ مُكَلَّفًا مُسْتَبِدًّا بِالتَّصَرُّفِ، وَلَيْسَ لأَِحَدٍ عَلَيْهِ وِلَايَةٌ، فَإِنَّ الصِّغَارَ وَإِنْ كَانُوا مَالِكِينَ لَهُ لَكِنْ لَمَّا أَقَامَهُ أَبُوهُمْ مَقَامَ نَفْسِهِ صَارَ مُسْتَبِدًّا بِالتَّصَرُّفِ مِثْلَهُ بِلَا وِلَايَةٍ لَهُمْ عَلَيْهِ.
وَقَال أَبُو حَنِيفَةَ أَيْضًا: لَا يَصِحُّ الإِْيصَاءُ إِلَى عَبْدِ الْغَيْرِ أَصْلاً، فَلَوْ أَوْصَى إِلَيْهِ ثُمَّ أُعْتِقَ لَمْ يُخْرِجْهُ الْقَاضِي عَنِ الْوِصَايَةِ. أَمَّا إِنْ لَمْ يُعْتِقْ فَيُخْرِجُهُ وَيُبَدِّلُهُ بِغَيْرِهِ.
إِرْثُ الرَّقِيقِ:
107 م - الرِّقُّ أَحَدُ مَوَانِعِ الإِْرْثِ، فَالرَّقِيقُ لَا يَرِثُ أَحَدًا مِنْ أَقَارِبِهِ، لأَِنَّهُ مَمْلُوكٌ يُورَثُ عَنْ مَالِكِهِ فَلَا يَرِثُ، وَذَلِكَ بِالإِْجْمَاعِ إِلَاّ مَا رُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ وَطَاوُوسٍ أَنَّهُ يَرِثُ، وَيَكُونُ مَا يَرِثُهُ لِسَيِّدِهِ كَسَائِرِ كَسْبِهِ، وَالْمَمْلُوكُ لَا يُورَثُ لأَِنَّهُ
(1) المغني 6 / 138، والزرقاني 8 / 200، وشرح المنهاج وحاشية القليوبي 3 / 177، وروضة الطالبين 6 / 311، وابن عابدين 5 / 488.
لَا مَال لَهُ، وَعَلَى الْقَوْل بِأَنَّهُ يَمْلِكُ مِلْكًا ضَعِيفًا فَإِنَّ مَالَهُ يَئُول لِسَيِّدِهِ اتِّفَاقًا (1) .
الرَّقِيقُ وَالتَّبَرُّعَاتُ:
108 -
تَجُوزُ الْهِبَةُ مِنَ الرَّقِيقِ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ، لأَِنَّ الْحَجْرَ عَلَيْهِ لِحَقِّ سَيِّدِهِ، فَإِنْ أَذِنَهُ فِي الْهِبَةِ انْفَكَّ حَجْرُهُ فِيهَا. فَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ لَمْ يَجُزْ.
وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ وَابْنُ أَبِي لَيْلَى وَالثَّوْرِيُّ وَهُوَ الْمُقَدَّمُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ إِلَى أَنَّهُ لَيْسَ لِلرَّقِيقِ أَنْ يَضْمَنَ أَحَدًا بِغَيْرِ إِذْنِ سَيِّدِهِ وَلَوْ كَانَ مَأْذُونًا لَهُ فِي التِّجَارَةِ، لأَِنَّهُ عَقْدٌ يَتَضَمَّنُ إِيجَابَ مَالِكٍ فَلَمْ يَصِحَّ بِغَيْرِ إِذْنٍ كَالنِّكَاحِ.
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ عِنْدَهُمْ وَالْحَنَابِلَةُ فِي احْتِمَالٍ إِلَى أَنَّهُ يَصِحُّ ضَمَانُهُ؛ لأَِنَّهُ أَهْلٌ لِلتَّصَرُّفِ، وَلَا ضَرَرَ فِيهِ عَلَى السَّيِّدِ، وَيُتَّبَعُ بِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ.
فَإِنْ أَذِنَ لَهُ السَّيِّدُ أَنْ يَضْمَنَ لِيَكُونَ الْقَضَاءُ مِنَ الْمَال الَّذِي بِيَدِهِ صَحَّ (2) .
قَبُول الرَّقِيقِ لِلتَّبَرُّعَاتِ:
109 -
لِلرَّقِيقِ أَنْ يَقْبَل التَّبَرُّعَاتِ مِنْ هِبَةٍ أَوْ
(1) المغني 6 / 266، وروضة الطالبين 6 / 30، والقليوبي 3 / 148.
(2)
كشاف القناع 4 / 303، المغني 4 / 542، وروضة الطالبين 4 / 242.