الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الاِسْتِغْلَال (1) .
وَكَذَا قَال الْمَالِكِيَّةُ: يَجُوزُ تَهَايُؤُ الْعَبْدِ الْوَاحِدِ وَتَهَايُؤُ الْعَبْدَيْنِ (عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ بَيَانِ كَيْفِيَّتِهِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ) عَلَى سَبِيل الاِنْتِفَاعِ وَالاِسْتِخْدَامِ، وَلَا يَجُوزُ فِي الْعَبْدِ الْوَاحِدِ وَالْعَبْدَيْنِ عَلَى سَبِيل الاِسْتِغْلَال. وَحَيْثُ جَازَ قَيَّدُوا بِأَنْ يَكُونَ الْعَبْدُ عِنْدَ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ يَوْمًا فَأَكْثَرَ إِلَى شَهْرٍ لَا أَكْثَرَ، ثُمَّ يَكُونُ عِنْدَ الآْخَرِ كَذَلِكَ (2) .
النَّوْعُ الثَّالِثُ
الرَّقِيقُ الْمُبَعَّضُ
وَهُوَ الَّذِي بَعْضُهُ رَقِيقٌ وَبَعْضُهُ حُرٌّ.
وَيَنْشَأُ التَّبْعِيضُ فِي الرَّقِيقِ فِي صُوَرٍ، مِنْهَا:
139 -
أ - أَنْ يُعْتِقَ مَالِكُ الرَّقِيقِ جُزْءًا مِنْهُ سَوَاءٌ كَانَ شَائِعًا كَرُبُعِهِ، أَوْ مُعَيَّنًا كَيَدِهِ، فَقَدْ ذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ إِلَى أَنَّ مَا أَعْتَقَهُ يَكُونُ حُرًّا، وَمَا لَمْ يُعْتِقْهُ يَبْقَى عَلَى الرِّقِّ، وَيُسْتَسْعَى الْعَبْدُ فِي قِيمَةِ جُزْئِهِ الَّذِي لَمْ يُعْتَقْ، كَالْمُكَاتَبِ، إِلَاّ أَنَّهُ لَا يُرَدُّ إِلَى الرِّقِّ لَوْ عَجَزَ عَنِ الأَْدَاءِ، وَمَا لَمْ يُؤَدِّ فَهُوَ مُبَعَّضٌ، فَإِنْ أَدَّى عَتَقَ.
وَذَهَبَ الْجُمْهُورُ مِنْهُمْ صَاحِبَا أَبِي حَنِيفَةَ إِلَى أَنَّ مَنْ أَعْتَقَ جُزْءًا مِنْ عَبْدِهِ مُعَيَّنًا كَيَدِهِ أَوْ شَائِعًا كَرُبُعِهِ سَرَى الْعِتْقُ إِلَى بَاقِيهِ فَيَعْتِقُ كُلُّهُ، قَالُوا:
(1) الهداية وشروحها 8 / 29 - 32.
(2)
الزرقاني والبناني 6 / 194.
لأَِنَّ زَوَال الرِّقِّ لَا يَتَجَزَّأُ، وَقِيَاسًا عَلَى سِرَايَةِ الْعِتْقِ فِيمَا لَوْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي الْعَبْدِ، كَمَا يَأْتِي (وَانْظُرْ: تَبْعِيض ف 40) .
وَاشْتَرَطَ الْمَالِكِيَّةُ أَنْ يَكُونَ السَّيِّدُ الْمُعْتِقُ غَيْرَ سَفِيهٍ (1) .
ب - أَنْ يَكُونَ الرَّقِيقُ مُشْتَرَكًا بَيْنَ مَالِكَيْنِ فَأَكْثَرَ، فَيُعْتِقُ أَحَدُهُمْ نَصِيبَهُ، فَإِنَّ بَاقِيَهُ يَبْقَى رَقِيقًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ أَيْضًا، وَلِشَرِيكِ الْمُعْتِقِ إِمَّا أَنْ يُحَرِّرَ نَصِيبَهُ، أَوْ يُدَبِّرَهُ، أَوْ يُضَمِّنَ الْمُعْتِقَ إِنْ كَانَ الْعِتْقُ بِغَيْرِ إِذْنِهِ، أَوْ يَسْتَسْعِيَ الْعَبْدَ فِي تَحْصِيل قِيمَةِ بَاقِيهِ لِيَتَحَرَّرَ، فَإِنِ امْتَنَعَ آجَرَهُ جَبْرًا.
وَذَهَبَ الْجُمْهُورُ وَمِنْهُمُ الصَّاحِبَانِ، إِلَى أَنَّ الشَّرِيكَ إِنْ أَعْتَقَ نَصِيبَهُ وَكَانَ مُوسِرًا سَرَى الْعِتْقُ إِلَى الْبَاقِي فَصَارَ كُل الْعَبْدِ حُرًّا، وَيَكُونُ عَلَى مَنْ بَدَأَ بِالْعِتْقِ قِيمَةُ أَنْصِبَاءِ شُرَكَائِهِ، وَالْوَلَاءُ لَهُ دُونَهُمْ، فَإِنْ أَعْتَقَ الثَّانِيَ بَعْدَ الأَْوَّل وَقَبْل أَخْذِ الْقِيمَةِ، فَقَدْ ذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ وَهُوَ قَوْلٌ لِلشَّافِعِيِّ: إِلَى أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ لِلثَّانِي عِتْقٌ، لأَِنَّ الْعَبْدَ قَدْ صَارَ حُرًّا بِعِتْقِ الأَْوَّل. وَذَهَبَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ فِي قَوْلٍ آخَرَ: إِلَى أَنَّهُ لَا يَعْتِقُ بِعِتْقِ الأَْوَّل مَا لَمْ يَأْخُذِ الْقِيمَةَ، أَمَّا قَبْل أَخْذِ الْقِيمَةِ فَبَاقِي الْعَبْدِ مَمْلُوكٌ لِصَاحِبِهِ يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ فِيهِ بِالْعِتْقِ، وَلَا يَنْفُذُ بِغَيْرِهِ.
(1) ابن عابدين 3 / 15، وشرح المنهاج 4 / 351، وروضة الطالبين 12 / 110، والزرقاني 8 / 132.