الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَذَلِكَ لاِسْتِوَاءِ ظَهْرِهِ وَلاِطْمِئْنَانِهِ فِيهِ (1) .
وَحَدِيثُ أَبِي مَسْعُودٍ الْبَدْرِيِّ رضي الله عنه قَال: قَال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: لَا تُجْزِئُ صَلَاةُ الرَّجُل حَتَّى يُقِيمَ ظَهْرَهُ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ.
وَفِي رِوَايَةٍ لَا تُجْزِئُ صَلَاةٌ لَا يُقِيمُ الرَّجُل فِيهَا صُلْبَهُ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ (2) .
قَال التِّرْمِذِيُّ: وَالْعَمَل عَلَى هَذَا عِنْدَ أَهْل الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَمَنْ بَعْدَهُمْ.
وَقَدْ رَأَى أَبُو حُذَيْفَةَ رضي الله عنه رَجُلاً لَا يُتِمُّ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ فَقَال: مَا صَلَّيْتَ، وَلَوْ مِتَّ مِتَّ عَلَى غَيْرِ الْفِطْرَةِ الَّتِي فَطَرَ اللَّهُ عَلَيْهَا مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم (3) فَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ ثُمَّ شَكَّ هَل أَتَى بِقَدْرِ الإِْجْزَاءِ أَوْ لَا، لَا يَعْتَدُّ بِهِ وَيَلْزَمُهُ إِعَادَةُ الرُّكُوعِ، لأَِنَّ الأَْصْل عَدَمُ مَا شَكَّ فِيهِ.
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ الطُّمَأْنِينَةَ فِي الرُّكُوعِ
(1) حديث: " كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا ركع استوى، فلو صب على ظهره الماء لاستقر ". أورده الهيثمي في المجمع (2 / 123 - ط القدسي) وقال: " رواه الطبراني في الكبير وأبو يعلى، ورجاله موثقون ".
(2)
حديث: " لا تجزئ صلاة الرجل حتى يقيم ظهره في الركوع والسجود ". أخرجه أبو داود (1 / 534 - تحقيق عزت عبيد دعاس) . وحديث: لا تجزئ صلاة لا يقيم الرجل فيها صلبه في الركوع والسجود ". أخرجه الترمذي (2 / 51 - ط الحلبي) ، وقال: " حديث حسن صحيح ".
(3)
حديث حذيفة: " رأى رجلاً لا يتم الركوع والسجود ". أخرجه البخاري (الفتح 2 / 274 - 275 ط السلفية) .
لَيْسَتْ فَرْضًا، وَأَنَّ الصَّلَاةَ تَصِحُّ بِدُونِهَا؛ لأَِنَّ الْمَفْرُوضَ مِنَ الرُّكُوعِ أَصْل الاِنْحِنَاءِ وَالْمَيْل، فَإِذَا أَتَى بِأَصْل الاِنْحِنَاءِ فَقَدِ امْتَثَل، لإِِتْيَانِهِ بِمَا يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ الاِسْمُ الْوَارِدُ فِي قَوْله تَعَالَى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ} (1) . الآْيَةَ.
أَمَّا الطُّمَأْنِينَةُ فَدَوَامٌ عَلَى أَصْل الْفِعْل، وَالأَْمْرُ بِالْفِعْل لَا يَقْتَضِي الدَّوَامَ.
وَهِيَ عِنْدَهُمْ مِنْ وَاجِبَاتِ الصَّلَاةِ، وَلِهَذَا يُكْرَهُ تَرْكُهَا عَمْدًا، وَيَلْزَمُهُ سُجُودُ السَّهْوِ إِذَا تَرَكَهَا سَاهِيًا، وَذَكَرَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْجُرْجَانِيِّ أَنَّهَا سُنَّةٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَلَا يَلْزَمُ بِتَرْكِهَا سُجُودُ السَّهْوِ، وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِيمَنْ لَمْ يُقِمْ صُلْبَهُ فِي الرُّكُوعِ، إِنْ كَانَ إِلَى الْقِيَامِ أَقْرَبَ مِنْهُ إِلَى تَمَامِ الرُّكُوعِ لَمْ يَجْزِهِ، وَإِنْ كَانَ إِلَى تَمَامِ الرُّكُوعِ أَقْرَبَ مِنْهُ إِلَى الْقِيَامِ أَجْزَأَهُ، إِقَامَةً لِلأَْكْثَرِ مَقَامَ الْكُل (2) .
هَيْئَةُ الرُّكُوعِ:
6 -
الْهَيْئَةُ الْمُجْزِئَةُ فِي الرُّكُوعِ أَنْ يَنْحَنِيَ انْحِنَاءً
(1) سورة الحج / 77.
(2)
البدائع 1 / 105، 162، حاشية ابن عابدين 1 / 300، 312، الفواكه الدواني 1 / 207، حاشية العدوي 1 / 231، 234، روضة الطالبين 1 / 249، المجموع للإمام النووي 3 / 406 - 411، مغني المحتاج 1 / 163، المغني لابن قدامة 1 / 497، كشاف القناع 1 / 346، الفروع 1 / 432، الإنصاف 2 / 59.
خَالِصًا قَدْرَ بُلُوغِ رَاحَتَيْهِ رُكْبَتَيْهِ بِطُمَأْنِينَةٍ، بِحَيْثُ يَنْفَصِل رَفْعُهُ مِنَ الرُّكُوعِ عَنْ هُوِيِّهِ، عَلَى أَنْ يَقْصِدَ مِنْ هُوِيِّهِ الرُّكُوعَ، وَهَذَا فِي مُعْتَدِل الْخِلْقَةِ مِنَ النَّاسِ لَا طَوِيل الْيَدَيْنِ وَلَا قَصِيرِهِمَا، فَلَوْ طَالَتْ يَدَاهُ أَوْ قَصُرَتَا أَوْ قُطِعَ شَيْءٌ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا لَمْ يُعْتَبَرْ ذَلِكَ، وَلَمْ يَزِدْ عَلَى تَسْوِيَةِ ظَهْرِهِ، فَإِنْ لَمْ تَقْرُبْ رَاحَتَاهُ مِنْ رُكْبَتَيْهِ بِالْحَيْثِيَّةِ الْمَذْكُورَةِ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ رُكُوعًا، وَلَمْ تُخْرِجْهُ عَنْ حَدِّ الْقِيَامِ إِلَى الرُّكُوعِ، وَكَذَا إِنْ قَصَدَ مِنْ هُبُوطِهِ غَيْرَ الرُّكُوعِ. وَالْعَاجِزُ يَنْحَنِي قَدْرَ إِمْكَانِهِ، فَإِنْ عَجَزَ عَنْ الاِنْحِنَاءِ أَصْلاً أَوْمَأَ بِرَأْسِهِ ثُمَّ بِطَرَفِهِ، وَلَوْ عَجَزَ عَنِ الْقِيَامِ وَصَلَّى قَاعِدًا يَنْحَنِي لِرُكُوعِهِ بِحَيْثُ تُحَاذِي جَبْهَتُهُ مَا قُدَّامَ رُكْبَتَيْهِ مِنَ الأَْرْضِ، وَالأَْكْمَل أَنْ تُحَاذِيَ جَبْهَتُهُ مَوْضِعَ سُجُودِهِ.
وَذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ أَكْمَل هَيْئَاتِ الرُّكُوعِ أَنْ يَنْحَنِيَ الْمُصَلِّي بِحَيْثُ يَسْتَوِي ظَهْرُهُ وَعُنُقُهُ، وَيَمُدَّهُمَا كَالصَّحِيفَةِ، وَلَا يَخْفِضُ ظَهْرَهُ عَنْ عُنُقِهِ وَلَا يَرْفَعُهُ، وَيَنْصِبُ سَاقَيْهِ إِلَى الْحَقْوِ، وَلَا يَثْنِي رُكْبَتَيْهِ، وَيَضَعُ يَدَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ، وَيَأْخُذُ رُكْبَتَيْهِ بِيَدَيْهِ، وَيُفَرِّقُ أَصَابِعَهُ حِينَئِذٍ، فَإِنْ كَانَتْ إِحْدَى يَدَيْهِ مَقْطُوعَةً أَوْ عَلِيلَةً، فَعَل بِالأُْخْرَى مَا ذَكَرْنَا، وَفَعَل بِالْعَلِيلَةِ الْمُمْكِنَ، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ وَضْعُ الْيَدَيْنِ عَلَى الرُّكْبَتَيْنِ أَرْسَلَهُمَا، وَيُجَافِي الرَّجُل مِرْفَقَيْهِ عَنْ جَنْبَيْهِ، أَمَّا الْمَرْأَةُ فَتَضُمُّ بَعْضَهَا إِلَى بَعْضٍ، وَلَوْ لَمْ يَضَعْ يَدَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ
وَلَكِنْ بَلَغَ ذَلِكَ الْقَدْرَ أَجْزَأَهُ، إِلَاّ أَنَّهُ يُكْرَهُ التَّطْبِيقُ فِي الرُّكُوعِ، وَهُوَ أَنْ يَجْعَل الْمُصَلِّي إِحْدَى كَفَّيْهِ عَلَى الأُْخْرَى ثُمَّ يَجْعَلَهُمَا بَيْنَ رُكْبَتَيْهِ أَوْ فَخِذَيْهِ إِذَا رَكَعَ.
وَالتَّطْبِيقُ كَانَ مَشْرُوعًا فِي أَوَّل الإِْسْلَامِ ثُمَّ نُسِخَ، قَال مُصْعَبُ بْنُ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رضي الله عنه: صَلَّيْتُ إِلَى جَنْبِ أَبِي فَطَبَّقْتُ بَيْنَ كَفَّيَّ، ثُمَّ وَضَعْتُهُمَا بَيْنَ فَخِذَيَّ، فَنَهَانِي أَبِي وَقَال: كُنَّا نَفْعَلُهُ فَنُهِينَا عَنْهُ، وَأُمِرْنَا أَنْ نَضَعَ أَيْدِيَنَا عَلَى الرُّكَبِ (1) .
وَعَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ رضي الله عنه قَال: أَنَا أَعْلَمُكُمْ بِصَلَاةِ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالُوا: فَاعْرِضْ، فَقَال: كَانَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ اعْتَدَل قَائِمًا وَرَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى يُحَاذِيَ بِهِمَا مَنْكِبَيْهِ، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى يُحَاذِيَ بِهِمَا مَنْكِبَيْهِ، ثُمَّ قَال: اللَّهُ أَكْبَرُ، وَرَكَعَ، ثُمَّ اعْتَدَل، فَلَمْ يُصَوِّبْ رَأْسَهُ وَلَمْ يُقْنِعْ، وَوَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ (2) . الْحَدِيثَ. قَالُوا - أَيِ الصَّحَابَةُ رضي الله عنهم: صَدَقْتَ، هَكَذَا صَلَّى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم. وَذَكَرَ أَبُو حُمَيْدٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَضَعَ
(1) حديث مصعب بن سعد بن أبي وقاص: " صليت إلى جنب أبي. . . " أخرجه البخاري (الفتح 2 / 273 - ط السلفية) .
(2)
حديث أبي حميد الساعدي. أخرجه الترمذي (2 / 105 - 106 ط الحلبي) وقال: " حديث حسن صحيح " والشطر الثاني منه عنده (2 / 46) ، وبعضه في صحيح البخاري (الفتح 2 / 305 - ط السلفية) .