الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: تَبْطُل الْوَصِيَّةُ. وَفِي رُجُوعِ الْمُوصَى لَهُ عَلَى الْمُعْتِقِ بِقِيمَةِ الْمَنَافِعِ وَجْهَانِ.
قَال النَّوَوِيُّ: لَعَل أَصَحَّهُمَا الرُّجُوعُ.
وَصَرَّحَ الشَّافِعِيَّةُ بِأَنَّ إِعْتَاقَ الْمُوصَى بِنَفْعِهِ عَنِ الْكَفَّارَةِ لَا يُجْزِئُ (1) .
47 -
وَأَمَّا التَّصَرُّفُ فِي مَنْفَعَةِ الْعَبْدِ الْمُوصَى بِنَفْعِهِ فَهُوَ لِلْمُوصَى لَهُ بِهَا، فَلَهُ أَنْ يُؤَجِّرَ الْعَبْدَ الْمُدَّةَ الَّتِي أُوصِيَ لَهُ بِالنَّفْعِ فِيهَا، وَلَهُ أَنْ يَهَبَهَا، وَذَلِكَ لأَِنَّهُ مَلَكَ الْمَنْفَعَةَ بِوَجْهٍ صَحِيحٍ مِلْكًا تَامًّا، فَلَهُ التَّصَرُّفُ فِيهَا كَمَا لَوْ مَلَكَهَا بِالإِْجَارَةِ. وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ.
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ، إِلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْمُوصَى لَهُ إِجَارَةُ تِلْكَ الْمَنْفَعَةِ؛ لأَِنَّهَا لَيْسَتْ بِمَالٍ عَلَى أَصْل الْحَنَفِيَّةِ، فَإِذَا مَلَكَهَا بِعِوَضٍ كَانَ مُمَلَّكًا أَكْثَرَ مِمَّا مَلَكَهُ، وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ (2) .
وَلِلْمُوصَى لَهُ أَنْ يُثْبِتَ يَدَهُ عَلَى الْعَبْدِ الْمُوصَى بِنَفْعِهِ لَهُ، وَلَهُ مَنَافِعُهُ، وَأَكْسَابُهُ الْمُعْتَادَةُ، وَأُجْرَةُ الْحِرْفَةِ.
وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْنِ لِلشَّافِعِيَّةِ: إِلَى أَنَّهُ لَيْسَ لِلْوَارِثِ وَلَا لِلْمُوصَى لَهُ بِنَفْعِهَا الْوَطْءُ؛ لأَِنَّ الْوَارِثَ لَا يَمْلِكُ نَفْعَهَا مِلْكًا تَامًّا يَحِل لَهُ بِهِ الْوَطْءُ، وَالْمُوصَى لَهُ لَيْسَتْ هِيَ مِنْ مِلْكِ يَمِينِهِ حَتَّى يَجُوزَ لَهُ الْوَطْءُ.
(1) المغني 6 / 61، وروضة الطالبين 6 / 189.
(2)
المغني 6 / 60، والدر المختار 5 / 443.
وَلَيْسَ لأَِحَدٍ مِنْهُمَا تَزْوِيجُهَا إِلَاّ بِرِضَا الآْخَرِ.
لَكِنْ إِنِ احْتَاجَتْ إِلَى التَّزْوِيجِ وَطَلَبَتْهُ وَجَبَ تَزْوِيجُهَا، وَيَتَوَلَّى تَزْوِيجَهَا مَالِكُ الرَّقَبَةِ (1) .
وَصَرَّحَ الْحَنَفِيَّةُ بِأَنَّهُ إِذَا مَاتَ الْمُوصَى لَهُ بِنَفْعِ الْعَبْدِ فِي حَيَاةِ الْمُوصِي بَطَلَتِ الْوَصِيَّةُ، وَإِذَا مَاتَ بَعْدَ وَفَاتِهِ يَعُودُ الْعَبْدُ إِلَى وَرَثَةِ الْمُوصِي بِحُكْمِ مِلْكِهِمْ لِلرَّقَبَةِ.
قَالُوا: لأَِنَّ الْمُوصِيَ أَوْجَبَ الْحَقَّ لِلْمُوصَى لَهُ لِيَسْتَوْفِيَ الْمَنَافِعَ عَلَى حُكْمِ مِلْكِهِ، وَلَوِ انْتَقَل إِلَى وَارِثِ الْمُوصَى لَهُ اسْتَحَقَّهَا ابْتِدَاءً مِنْ مِلْكِ الْمُوصِي مِنْ غَيْرِ رِضَاهُ وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ.
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ فِي الْحَالَةِ الثَّانِيَةِ: بَل تَكُونُ مَنَافِعُهُ لِوَرَثَةِ الْمُوصَى لَهُ إِنْ لَمْ يَكُنْ حَدَّدَ الْوَصِيَّةَ بِزَمَنٍ، وَإِنْ كَانَ حَدَّدَهَا بِزَمَنٍ فَيَكُونُ كَالْعَبْدِ الْمُسْتَأْجَرِ يُورَثُ مَا بَقِيَ مِنْ زَمَانِ الإِْجَارَةِ وَيُؤَاجَرُ فِيهَا (2) .
الرَّقِيقُ وَالتَّكَالِيفُ الشَّرْعِيَّةُ، وَأَحْكَامُ التَّصَرُّفَاتِ:
48 -
الأَْصْل فِي الرَّقِيقِ أَنَّهُ مُكَلَّفٌ كَسَائِرِ الْمُكَلَّفِينَ مَتَى كَانَ بَالِغًا عَاقِلاً، رَجُلاً كَانَ أَوِ امْرَأَةً، وَلِذَا فَهُوَ مَجْزِيٌّ عَلَى أَعْمَالِهِ خَيْرِهَا وَشَرِّهَا
(1) المغني 6 / 62، 63، وروضة الطالبين 6 / 187، 190، والدر المختار 5 / 444، والدسوقي 4 / 448.
(2)
الدر المختار ورد المحتار 5 / 443، 444، وجواهر الإكليل 2 / 324، والدسوقي 4 / 448.