الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْحُرُّ الأَْمَةَ لَمْ يَنْفَسِخْ نِكَاحُهَا عِنْدَ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ، وَلَمْ يَلْزَمْهُ الطَّلَاقُ، كَأَنْ تَزَوَّجَ عَلَيْهَا حُرَّةً، أَوْ أَمْكَنَهُ التَّزَوُّجُ بِهَا لِوُجُودِهَا، أَوْ كَانَ مُعْسِرًا لَا يَجِدُ صَدَاقًا فَأَيْسَر، أَوْ كَانَ يَخَافُ الْعَنَتَ ثُمَّ زَال ذَلِكَ الْخَوْفُ لأَِمْرٍ مَا، وَذَلِكَ أَنَّ الشُّرُوطَ الْمُتَقَدِّمَةَ هِيَ شُرُوطُ ابْتِدَاءٍ، لَا شُرُوطُ دَوَامٍ.
وَفِي قَوْل الْمُزَنِيِّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ: يَنْفَسِخُ نِكَاحُ الأَْمَةِ بِذَلِكَ، وَهُوَ قَوْلٌ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ (1) . وَلَوْ كَانَ الزَّوْجُ قَدْ طَلَّقَ الأَْمَةَ ثُمَّ زَالَتْ بَعْضُ الشُّرُوطِ بِأَنْ تَزَوَّجَ حُرَّةً مَثَلاً، صَرَّحَ الشَّافِعِيَّةُ بِأَنَّهُ لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ مُرَاجَعَةُ الأَْمَةِ فِي عِدَّتِهَا (2) .
الْوِلَايَةُ فِي تَزْوِيجِ الأَْمَةِ:
81 -
لَا تُزَوِّجُ الأَْمَةُ نَفْسَهَا، بَل وِلَايَةُ تَزْوِيجِهَا لِسَيِّدِهَا لأَِنَّهَا مَالُهُ. وَقَدْ قَال تَعَالَى {فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ} (3) أَيْ بِوِلَايَةِ أَرْبَابِهِنَّ وَمَالِكِيهِنَّ.
فَإِنْ كَانَ السَّيِّدُ صَغِيرًا أَوْ سَفِيهًا فَلِوَلِيِّهِ فِي الْمَال تَزْوِيجُهَا؛ لأَِنَّهُ قَدْ يَكُونُ فِي ذَلِكَ مَصْلَحَةٌ مَالِيَّةٌ لِلصَّغِيرِ، لِمَا فِيهِ مِنْ تَحْصِيل مَهْرِهَا وَوَلَدِهَا، وَكِفَايَةِ مُؤْنَتِهَا، وَصِيَانَتِهَا عَنِ الزِّنَا الْمُوجِبِ لِلْحَدِّ.
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ عَلَى الأَْصَحِّ عِنْدَهُمْ، إِلَى
(1) الزرقاني على مختصر خليل 3 / 220.
(2)
روضة الطالبين 7 / 133 و8 / 217، والمغني 6 / 599.
(3)
سورة النساء / 25.
أَنَّ لِوَلِيِّ الصَّغِيرِ أَنْ يُزَوِّجَ أَمَتَهُ إِذَا ظَهَرَتِ الْغِبْطَةُ (الْحَظُّ الْمَالِيُّ) .
وَإِنْ كَانَ مَالِكُ الأَْمَةِ امْرَأَةً فَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ: أَنَّ مَنْ يَتَوَلَّى تَزْوِيجَ الْمَرْأَةِ يَتَوَلَّى تَزْوِيجَ أَمَتِهَا، وَلَا يُزَوِّجُهَا إِلَاّ بِإِذْنِ سَيِّدَتِهَا لأَِنَّهَا مَالُهَا، فَلَا يَتَصَرَّفُ فِيهَا أَحَدٌ إِلَاّ بِإِذْنِهَا (1) .
الْمَهْرُ وَالنَّفَقَةُ وَالاِسْتِخْدَامُ:
82 -
إِذَا زَوَّجَ السَّيِّدُ أَمَتَهُ فَمَهْرُهَا لَهُ؛ لأَِنَّهَا مِلْكُهُ ذَاتًا وَمَنْفَعَةً، وَهَذَا قَوْل الْجُمْهُورِ. وَقَال مَالِكٌ: مَهْرُهَا لَهَا، وَهِيَ أَحَقُّ بِهِ مِنَ السَّيِّدِ، لِقَوْلِهِ تبارك وتعالى:{فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} (2) . هَذَا مَا ذَكَرَهُ الْقُرْطُبِيُّ عَنْهُ، وَفِي الزَّرْقَانِيِّ أَنَّ الْمَنْقُول عَنْ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ فِيهِ خِلَافٌ.
وَإِذَا زَوَّجَ السَّيِّدُ أَمَتَهُ امْتَنَعَ عَلَيْهِ الاِسْتِمْتَاعُ بِهَا، وَيَبْقَى لَهُ مَنْفَعَةُ اسْتِخْدَامِهَا، فَتَكُونُ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ عِنْدَهُ نَهَارًا؛ لأَِنَّهُ وَقْتُ الْخِدْمَةِ، وَتَكُونُ عِنْدَ زَوْجِهَا لَيْلاً؛ لأَِنَّهُ وَقْتُ الاِسْتِمْتَاعِ، فَإِنْ تَبَرَّعَ السَّيِّدُ بِأَنْ تَكُونَ عِنْدَ الزَّوْجِ لَيْلاً وَنَهَارًا كَانَتْ عِنْدَهُ. وَحَيْثُ كَانَتْ عِنْدَ السَّيِّدِ فَعَلَيْهِ نَفَقَتُهَا فِي وَقْتِهِ، وَحَيْثُ كَانَتْ
(1) المغني 6 / 467، 468، وتفسير القرطبي 5 / 141، وروضة الطالبين 7 / 105.
(2)
تفسير القرطبي 5 / 142 والآية سورة النساء / 25.