الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَمَّا السُّنَّةُ فَالأَْحَادِيثُ كَثِيرَةٌ مِنْهَا:
حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقَفَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ بِمِنًى لِلنَّاسِ يَسْأَلُونَهُ، فَجَاءَهُ رَجُلٌ فَقَال: لَمْ أَشْعُرْ، فَحَلَقْتُ قَبْل أَنْ أَذْبَحَ؟ قَال: اذْبَحْ وَلَا حَرَجَ فَجَاءَ آخَرُ فَقَال: لَمْ أَشْعُرْ فَنَحَرْتُ قَبْل أَنْ أَرْمِيَ؟ قَال: ارْمِ وَلَا حَرَجَ (1) الْحَدِيثَ، فَقَدْ أَمَرَ بِالرَّمْيِ، وَالأَْمْرُ لِلْوُجُوبِ.
وَكَذَلِكَ فِعْلُهُ صلى الله عليه وسلم وَقَدْ ثَبَتَ عَنْهُ فِي الأَْحَادِيثِ الْكَثِيرَةِ الصَّحِيحَةِ (2)، وَقَدْ قَال: خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ (3) .
وَأَمَّا الإِْجْمَاعُ: فَقَوْل الْكَاسَانِيِّ: إِنَّ الأُْمَّةَ أَجْمَعَتْ عَلَى وُجُوبِهِ، فَيَكُونُ وَاجِبًا (4) .
وَمَا رُوِيَ عَنِ الزُّهْرِيِّ مِنْ أَنَّهُ رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِ الْحَجِّ فَهُوَ قَوْلٌ شَاذٌّ مُخَالِفٌ لإِِجْمَاعِ مَنْ قَبْلَهُ، وَقَدْ بَيَّنَ الْعُلَمَاءُ بُطْلَانَهُ.
شُرُوطُ صِحَّةِ رَمْيِ الْجِمَارِ:
6 -
يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ رَمْيِ الْجِمَارِ شُرُوطٌ هِيَ:
(1) حديث: " ارم ولا حرج ". أخرجه البخاري (الفتح1 / 180 - ط السلفية) . ومسلم (2 / 948 - ط الحلبي) .
(2)
منها حديث جابر الطويل: " في صفة حجة النبي صلى الله عليه وسلم ". أخرجه مسلم في الحج (باب حجة النبي صلى الله عليه وسلم (2 / 886 - 892 - ط الحلبي) ومنها حديث ابن عمر المتفق عليه الآتي.
(3)
حديث: " خذوا عني مناسككم ". أخرجه مسلم (2 / 943 - ط الحلبي) بلفظ: " لتأخذوا مناسككم ".
(4)
بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع لعلاء الدين الكاساني 2 / 136 طبع شركة المطبوعات العلمية سنة 1327 هـ.
أ -
سَبْقُ الإِْحْرَامِ بِالْحَجِّ:
لأَِنَّهُ شَرْطٌ لِصِحَّةِ كُل أَعْمَال الْحَجِّ.
ب -
سَبْقُ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ:
لأَِنَّهُ رُكْنٌ إِذَا فَاتَ فَاتَ الْحَجُّ، وَالرَّمْيُ مُرَتَّبٌ عَلَيْهِ.
ج -
أَنْ يَكُون الْمَرْمِيُّ حَجَرًا:
فَلَا يَصِحُّ الرَّمْيُ بِالطِّينِ، وَالْمَعَادِنِ، وَالتُّرَابِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ (الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ) وَيَصِحُّ بِالْمَرْمَرِ، وَحَجَرِ النُّورَةِ أَيِ الْجِصِّ قَبْل طَبْخِهِ، وَيُجْزِئُ حَجَرُ الْحَدِيدِ عَلَى الصَّحِيحِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ لأَِنَّهُ حَجَرٌ فِي هَذِهِ الْحَال، إِلَاّ أَنَّ فِيهِ حَدِيدًا كَامِنًا يُسْتَخْرَجُ بِالْعِلَاجِ، وَفِيمَا يُتَّخَذُ مِنْهُ الْفُصُوصُ كَالْفَيْرُوزَجِ، وَالْيَاقُوتِ، وَالْعَقِيقِ، وَالزُّمُرُّدِ، وَالْبِلَّوْرِ، وَالزَّبَرْجَدِ وَجْهَانِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ أَصَحُّهُمَا الإِْجْزَاءُ لأَِنَّهَا أَحْجَارٌ (1) .
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ الشَّرْطَ فِي الْمَرْمِيِّ أَنْ
(1) الإيضاح في مناسك الحج للنووي بحاشية الهيثمي ص 360 طبع دار بنه للطباعة بمصر، والمجموع شرح المهذب للنووي 8 / 143 طبع مطبعة العاصمة وصرح ص 145 بكراهة الرمي بالحجر المأخوذ من الحلي، ونهاية المحتاج 2 / 433 - 434، والشرح الكبير وحاشيته 2 / 50، وشرح الرسالة لأبي الحسن وحاشية العدوي 1 / 478 طبع دار إحياء الكتب العربية، ومواهب الجليل لشرح مختصر خليل للحطاب والتاج والإكليل للمواق بهامشه 3 / 133 - 134، والمغني لابن قدامة 3 / 425 طبع دار المنار، والفروع لابن مفلح 3 / 510 - 511 تصوير عالم الكتب بيروت.
يَكُونَ مِنْ جِنْسِ الأَْرْضِ، فَيَصِحُّ عِنْدَهُمُ الرَّمْيُ بِالتُّرَابِ، وَالطِّينِ، وَالْجِصِّ، وَالْكُحْل، وَالْكِبْرِيتِ، وَالزَّبَرْجَدِ، وَالزُّمُرُّدِ، وَالْبِلَّوْرِ، وَالْعَقِيقِ، وَلَا يَصِحُّ بِالْمَعَادِنِ، وَالذَّهَبِ، وَالْفِضَّةِ، وَاخْتَلَفُوا فِي جَوَازِ الرَّمْيِ بِالْفَيْرُوزَجِ وَالْيَاقُوتِ: مَنَعَهُ الشَّارِحُونَ وَغَيْرُهُمْ، بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ كَوْنُ الرَّمْيِ بِالرَّمْيِ بِهِ اسْتِهَانَةً.
وَأَجَازَهُ غَيْرُهُمْ بِنَاءً عَلَى نَفْيِ ذَلِكَ الاِشْتِرَاطِ (1) .
اسْتَدَل الْجُمْهُورُ بِمَا ثَبَتَ مِنْ فِعْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم كَمَا فِي حَدِيثِ جَابِرٍ يَصِفُ رَمْيَ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ: فَرَمَاهَا بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ - يُكَبِّرُ مَعَ كُل حَصَاةٍ مِنْهَا - مِثْل حَصَى الْخَذْفِ (2) .
(1) الهداية وفتح القدير للكمال بن الهمام والعناية للبابرتي2 / 177 طبع مصطفى محمد، والبدائع 2 / 157 - 158، وشرح اللباب ص 166، والدر المختار وشروحه 2 / 246 - 247 طبع إستانبول دار الطباعة العامرة. أما ما ذكره بعض الحنفية من جواز الرمي بالبعرة إهانة للشيطان فهو خلاف المذهب كما نبهوا عليه. انظر شرح اللباب والدر بشرحه والحاشية ص 247، فهذا القول مخالف للإجماع، كذلك ما تفعله العامة من قذف النعال والأحذية وما شابه ذلك باطل مخالف للإجماع.
(2)
حديث جابر: " في صفة رمي جمرة العقبة ". أخرجه مسلم (2 / 892 - ط الحلبي) .
وَبِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم فِي أَحَادِيثَ كَثِيرَةٍ: ارْمُوا الْجِمَارَ بِمِثْل حَصَى الْخَذْفِ وَفِي عَدَدٍ مِنْهَا أَنَّهُ قَال ذَلِكَ وَهُوَ وَاضِعٌ أُصْبُعَيْهِ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُْخْرَى (1) .
قَال النَّوَوِيُّ: فَأَمَرَ صلى الله عليه وسلم بِالْحَصَى، فَلَا يَجُوزُ الْعُدُول عَنْهُ، وَالأَْحَادِيثُ الْمُطْلَقَةُ مَحْمُولَةٌ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى (2) ".
وَاسْتَدَل الْحَنَفِيَّةُ بِالأَْحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي الأَْمْرِ بِالرَّمْيِ مُطْلَقَةً عَنْ صِفَةٍ مُقَيِّدَةٍ، كَقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: ارْمِ وَلَا حَرَجَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (3) .
قَال الْكَاسَانِيُّ: وَالرَّمْيُ بِالْحَصَى مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابِهِ رضي الله عنهم مَحْمُولٌ عَلَى الأَْفْضَلِيَّةِ، تَوْفِيقًا بَيْنَ الدَّلَائِل، لِمَا صَحَّ مِنْ مَذْهَبِ أَصْحَابِنَا أَنَّ الْمُطْلَقَ لَا يُحْمَل عَلَى الْمُقَيَّدِ، بَل يَجْرِي الْمُطْلَقُ عَلَى إِطْلَاقِهِ، وَالْمُقَيَّدُ عَلَى تَقْيِيدِهِ مَا أَمْكَنَ، وَهَاهُنَا أَمْكَنَ بِأَنْ يُحْمَل الْمُطْلَقُ عَلَى الْجَوَازِ، وَالْمُقَيَّدُ عَلَى الأَْفْضَلِيَّةِ (4) .
وَقَال الْحَنَفِيَّةُ أَيْضًا: إِنَّ الْمَقْصُودَ فِعْل الرَّمْيِ، وَذَلِكَ يَحْصُل بِالطِّينِ، كَمَا يَحْصُل بِالْحَجَرِ، بِخِلَافِ مَا إِذَا رَمَى بِالذَّهَبِ أَوِ الْفِضَّةِ؛ لأَِنَّهُ يُسَمَّى نَثْرًا لَا رَمْيًا (5) .
(1) حديث: " ارموا الجمار بمثل حصى الخذف ". أخرجه أحمد (4 / 343 - ط الميمنية) من سنان بن سنة، وقال الهيثمي:" رجاله ثقات " مجمع الزوائد (3 / 258 - ط القدسي) .
(2)
المجموع 8 / 151.
(3)
حديث: " ارم ولا حرج ". سبق تخريجه ف / 5.
(4)
بدائع الصنائع 2 / 158.
(5)
الهداية 2 / 177.