الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النِّصْفَ ضَابِطًا لَهُ؛ لأَِنَّهُ أَقْرَبُ إِلَى الْحَقِيقَةِ مِمَّا قَبْل النِّصْفِ.
أَمَّا آخِرُ وَقْتِ الرَّمْيِ يَوْمَ النَّحْرِ فَهُوَ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ إِلَى فَجْرِ الْيَوْمِ التَّالِي، فَإِذَا أَخَّرَهُ عَنْهُ بِلَا عُذْرٍ لَزِمَهُ الْقَضَاءُ فِي الْيَوْمِ التَّالِي، وَعَلَيْهِ دَمٌ لِلتَّأْخِيرِ، وَيَمْتَدُّ وَقْتُ الْقَضَاءِ إِلَى آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ (1) .
وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ: آخِرُ وَقْتِ الرَّمْيِ إِلَى الْمَغْرِبِ، وَمَا بَعْدَهُ قَضَاءٌ، وَيَجِبُ الدَّمُ إِنْ أَخَّرَهُ إِلَى الْمَغْرِبِ عَلَى الْمَشْهُورِ عِنْدَهُمْ (2) .
وَآخِرُ وَقْتِ الرَّمْيِ أَدَاءً عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ يَمْتَدُّ إِلَى آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ؛ لأَِنَّهَا كُلُّهَا أَيَّامُ رَمْيٍ (3) .
وَاسْتَدَل أَبُو حَنِيفَةَ بِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم سَأَلَهُ رَجُلٌ قَال: رَمَيْتُ بَعْدَمَا أَمْسَيْتُ؟ فَقَال: لَا حَرَجَ (4) .
وَحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَخَّصَ لِلرُّعَاةِ أَنْ يَرْمُوا لَيْلاً (5) .
(1) بدائع الصنائع 2 / 137، وشرح اللباب ص 161.
(2)
الشرح الكبير 2 / 50، وشرح الرسالة 1 / 477.
(3)
المراجع الشافعية والحنابلة السابقة.
(4)
حديث ابن عباس: " سأله رجل قال: رميت بعدما أمسيت. . . " أخرجه البخاري (الفتح 3 / 568 - ط السلفية) .
(5)
حديث ابن عباس: " رخص للرعاة أن يرموا ليلاً ". أورده الهيثمي في المجمع (3 / 260 - ط القدسي) وقال: " رواه الطبراني في الكبير وفيه إسحاق بن إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة وهو متروك ".
وَهُوَ يَدُل عَلَى أَنَّ وَقْتَ الرَّمْيِ فِي اللَّيْل جَائِزٌ، وَفَائِدَةُ الرُّخْصَةِ زَوَال الإِْسَاءَةِ عَنْهُمْ تَيْسِيرًا عَلَيْهِمْ، وَلَوْ كَانَ الرَّمْيُ وَاجِبًا قَبْل الْمَغْرِبِ لأََلْزَمَهُمْ بِهِ؛ لأَِنَّهُمْ يَسْتَطِيعُونَ إِنَابَةَ بَعْضِهِمْ عَلَى الرَّعْيِ.
ب -
الرَّمْيُ فِي الْيَوْمِ الأَْوَّل وَالثَّانِي مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ:
9 -
وَهُمَا الْيَوْمَانِ الثَّانِي وَالثَّالِثُ مِنْ أَيَّامِ النَّحْرِ: يَجِبُ فِي هَذَيْنِ الْيَوْمَيْنِ رَمْيُ الْجِمَارِ الثَّلَاثِ عَلَى التَّرْتِيبِ: يَرْمِي أَوَّلاً الْجَمْرَةَ الصُّغْرَى الَّتِي تَلِي مَسْجِدَ الْخَيْفِ، ثُمَّ الْوُسْطَى، ثُمَّ يَرْمِي جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ، يَرْمِي كُل جَمْرَةٍ بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ.
1 -
يَبْدَأُ وَقْتُ الرَّمْيِ فِي الْيَوْمِ الأَْوَّل وَالثَّانِي مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ بَعْدَ الزَّوَال، وَلَا يَجُوزُ الرَّمْيُ فِيهِمَا قَبْل الزَّوَال عِنْدَ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ، وَمِنْهُمُ الأَْئِمَّةُ الأَْرْبَعَةُ عَلَى الرِّوَايَةِ الْمَشْهُورَةِ الظَّاهِرَةِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ (1) .
(1) بدائع الصنائع 2 / 137 - 138 والهداية وشرحها 2 / 183 ولم يذكرا غير هذه الرواية في اليوم الأول من أيام التشريق، وقارن بشرح اللباب ص 158 - 159 ورد المحتار 2 / 253 - 254، وانظر الشرح الكبير 2 / 48 و50، وشرح الرسالة 1 / 480، والإيضاح ص 405، ونهاية المحتاج 2 / 433، ومغني المحتاج 1 / 507، والمغني 3 / 452، والفروع 3 / 518.
وَرُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الأَْفْضَل أَنْ يَرْمِيَ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ - أَيْ مِنْ أَيَّامِ النَّحْرِ - بَعْدَ الزَّوَال فَإِنْ رَمَى قَبْلَهُ جَازَ، وَهُوَ قَوْل بَعْضِ الْحَنَابِلَةِ (1) .
وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ: إِنْ كَانَ مِنْ قَصْدِهِ أَنْ يَتَعَجَّل فِي النَّفْرِ الأَْوَّل فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَرْمِيَ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ قَبْل الزَّوَال، وَإِنْ رَمَى بَعْدَهُ فَهُوَ أَفْضَل، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مِنْ قَصْدِهِ لَا يَجُوزُ أَنْ يَرْمِيَ إِلَاّ بَعْدَ الزَّوَال، وَذَلِكَ لِدَفْعِ الْحَرَجِ؛ لأَِنَّهُ إِذَا نَفَرَ بَعْدَ الزَّوَال لَا يَصِل إِلَى مَكَّةَ إِلَاّ بِاللَّيْل فَيَحْرَجُ فِي تَحْصِيل مَوْضِعِ النُّزُول (2) .
وَهَذَا رِوَايَةٌ أَيْضًا عَنْ أَحْمَدَ، لَكِنَّهُ قَال: يَنْفِرُ بَعْدَ الزَّوَال (3) .
اسْتَدَل الْجُمْهُورُ بِفِعْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم كَمَا ثَبَتَ عَنْهُ.
فَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَال: كُنَّا
(1) الهداية وشرحها 2 / 184، والبدائع 2 / 137 - 138، وشرح اللباب ص 158 - 161 وفيه وفي التعليق عليه تحقيق مطول حول هذه الرواية، وانظر النقل عن بعض الحنابلة في الفروع 3 / 518.
(2)
المراجع السابقة في الفقه الحنفي.
(3)
الفروع 3 / 518 - 520.
نَتَحَيَّنُ، فَإِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ رَمَيْنَا (1) .
وَعَنْ جَابِرٍ قَال: رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَمَى الْجَمْرَةَ يَوْمَ النَّحْرِ ضُحًى، وَأَمَّا بَعْدَ ذَلِكَ فَإِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ (2) .
وَهَذَا بَابٌ لَا يُعْرَفُ بِالْقِيَاسِ، بَل بِالتَّوْقِيتِ مِنَ الشَّارِعِ، فَلَا يَجُوزُ الْعُدُول عَنْهُ.
وَاسْتُدِل لِلرِّوَايَةِ بِجَوَازِ الرَّمْيِ قَبْل الزَّوَال بِقِيَاسِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ عَلَى يَوْمِ النَّحْرِ؛ لأَِنَّ الْكُل أَيَّامُ نَحْرٍ، وَيَكُونُ فِعْلُهُ صلى الله عليه وسلم مَحْمُولاً عَلَى السُّنِّيَّةِ.
وَاسْتُدِل لِجَوَازِ الرَّمْيِ ثَانِيَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ قَبْل الزَّوَال لِمَنْ كَانَ مِنْ قَصْدِهِ النَّفْرُ إِلَى مَكَّةَ بِمَا ذَكَرُوا أَنَّهُ لِرَفْعِ الْحَرَجِ عَنْهُ؛ لأَِنَّهُ لَا يَصِل إِلَاّ بِاللَّيْل، وَقَدْ قَوَّى بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ هَذِهِ الرِّوَايَةَ تَوْفِيقًا بَيْنَ الرِّوَايَاتِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ.
وَالأَْخْذُ بِهَذَا مُنَاسِبٌ لِمَنْ خَشِيَ الزِّحَامَ وَدَعَتْهُ إِلَيْهِ الْحَاجَةُ، لَا سِيَّمَا فِي زَمَنِنَا (3) .
2 -
وَأَمَّا نِهَايَةُ وَقْتِ الرَّمْيِ فِي الْيَوْمِ الأَْوَّل وَالثَّانِي مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ:
(1) حديث ابن عمر: " كنا نتحين فإذا زالت الشمس. . . " أخرجه البخاري (الفتح 3 / 579 - ط السلفية) .
(2)
حديث جابر: " رأيت النبي صلى الله عليه وسلم رمى الجمرة يوم النحر ضحى ". أخرجه مسلم (2 / 945 - ط الحلبي) .
(3)
قال في البحر العميق: " فهو قول مختار يعمل به بلا ريب، وعليه عمل الناس، وبه جزم بعض الشافعي حتى زعم الأسنوي أنه المذهب ". كذا في إرشاد الساري إلى مناسك الملا علي قاري ص 161.