الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التَّسْبِيحُ فِي الرُّكُوعِ:
9 -
اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ التَّسْبِيحِ فِي الرُّكُوعِ لِحَدِيثِ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَال: لَمَّا نَزَلَتْ {فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ} (1) قَال رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: اجْعَلُوهَا فِي رُكُوعِكُمْ (2) . وَاخْتَلَفُوا فِيمَا وَرَاءَ ذَلِكَ مِنَ الأَْحْكَامِ.
وَمَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّ التَّسْبِيحَ فِي الرُّكُوعِ سُنَّةٌ، وَأَقَلُّهُ ثَلَاثٌ، فَإِنْ تُرِكَ التَّسْبِيحُ أَوْ نَقَصَ عَنِ الثَّلَاثِ كُرِهَ تَنْزِيهًا. وَالزِّيَادَةُ عَلَى الثَّلَاثِ لِلْمُفْرَدِ أَفْضَل بَعْدَ أَنْ يَخْتِمَ عَلَى وِتْرٍ، وَلَا يَزِيدُ الإِْمَامُ عَلَى وَجْهٍ يَمَل بِهِ الْقَوْمُ.
وَقِيل: إِنَّ تَسْبِيحَاتِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَاجِبَاتٌ.
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّ التَّسْبِيحَ فِي الرُّكُوعِ مَنْدُوبٌ بِأَيِّ لَفْظٍ كَانَ، وَالأَْوْلَى سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ وَبِحَمْدِهِ، وَقِيل: إِنَّهُ سُنَّةٌ، وَالتَّسْبِيحُ لَا يَتَحَدَّدُ بِعَدَدٍ بِحَيْثُ إِذَا نَقَصَ عَنْهُ يَفُوتُهُ الثَّوَابُ، بَل إِذَا سَبَّحَ مَرَّةً يَحْصُل لَهُ الثَّوَابُ، وَإِنْ كَانَ يُزَادُ الثَّوَابُ بِزِيَادَتِهِ.
وَيُنْهَى عَنِ الطُّول الْمُفْرِطِ فِي الْفَرِيضَةِ،
(1) سورة الواقعة / 96.
(2)
حاشية ابن عابدين 1 / 330، حاشية العدوي 1 / 230، المجموع للإمام النووي 3 / 397، 414، مغني المحتاج 1 / 164، المغني لابن قدامة 1 / 495، 502، كشاف القناع 1 / 346، الفروع 1 / 465، روضة الطالبين 1 / 250، الفواكه الدواني 1 / 358، الإنصاف 2 / 59.
بِخِلَافِ النَّفْل؛ لأَِنَّ الْمَطْلُوبَ فِي حَقِّ الإِْمَامِ التَّخْفِيفُ.
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: يُسَنُّ التَّسْبِيحُ فِي الرُّكُوعِ، وَيَحْصُل أَصْل السُّنَّةِ بِتَسْبِيحَةٍ وَاحِدَةٍ، وَأَقَلُّهُ سُبْحَانَ اللَّهِ، أَوْ سُبْحَانَ رَبِّي، وَأَدْنَى الْكَمَال سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ وَبِحَمْدِهِ ثَلَاثًا، وَلِلْكَمَال دَرَجَاتٌ. فَبَعْدَ الثَّلَاثِ خَمْسٌ، ثُمَّ سَبْعٌ، ثُمَّ تِسْعٌ، ثُمَّ إِحْدَى عَشْرَةَ، وَهُوَ الأَْكْمَل، وَلَا يَزِيدُ الإِْمَامُ عَلَى الثَّلَاثِ، أَيْ يُكْرَه لَهُ ذَلِكَ؛ تَخْفِيفًا عَلَى الْمَأْمُومِينَ.
وَيَزِيدُ الْمُنْفَرِدُ وَإِمَامُ قَوْمٍ مَحْصُورِينَ رَاضِينَ بِالتَّطْوِيل: اللَّهُمَّ لَكَ رَكَعْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَلَكَ أَسْلَمْتُ، خَشَعَ لَكَ سَمْعِي وَبَصَرِي وَمُخِّي وَعَظْمِي، وَمَا اسْتَقَلَّتْ بِهِ قَدَمِي.
وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ يُشْرَعُ لِلْمُصَلِّي أَنْ يَقُول فِي رُكُوعِهِ: سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ، وَهُوَ أَدْنَى الْكَمَال، وَالْوَاجِبُ مَرَّةٌ، وَالسُّنَّةُ ثَلَاثٌ، وَهُوَ أَدْنَى الْكَمَال، وَالأَْفْضَل الاِقْتِصَارُ عَلَى سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ، مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ (وَبِحَمْدِهِ) .
وَلَا يُسْتَحَبُّ لِلإِْمَامِ التَّطْوِيل، وَلَا الزِّيَادَةُ عَلَى ثَلَاثٍ كَيْ لَا يَشُقَّ عَلَى الْمَأْمُومِينَ.
وَهَذَا إِذَا لَمْ يَرْضَوْا بِالتَّطْوِيل (1) .
(1) الدر المختار 1 / 332، ومراقي الفلاح وحاشية الطحطاوي عليه 144 و145، وجواهر الإكليل 1 / 51، والفواكه الدواني 1 / 209، ومغني المحتاج 1 / 164، 165، والمجموع 3 / 411، 412، وكشاف القناع 1 / 347، والمغني 1 / 501، 503.