الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تَصَرُّفَاتُ الْمَالِكِ فِي رَقِيقِهِ:
36 -
الرَّقِيقُ مِنْ جُمْلَةِ مَال السَّيِّدِ فَلَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيهِمْ كَمَا يَتَصَرَّفُ فِي سَائِرِ أَمْوَالِهِ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالإِْجَارَةِ وَالرَّهْنِ وَالْهِبَةِ وَالإِْعَارَةِ، وَلَهُ أَنْ يَجْعَل الْعَبْدَ أَوِ الأَْمَةَ ثَمَنًا فِي بَيْعٍ، أَوْ عِوَضًا فِي الإِْجَارَةِ، أَوْ مَهْرًا لِزَوْجَتِهِ، وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنْ وُجُوهِ التَّصَرُّفِ.
إِلَاّ أَنَّ التَّصَرُّفَ فِي الرَّقِيقِ لَهُ خُصُوصِيَّاتٌ يَقْتَضِيهَا وَضْعُهُ مِنْ حَيْثُ هُوَ إِنْسَانٌ، وَمِنْ حَيْثُ هُوَ مُسْلِمٌ، أَوْ كَافِرٌ، وَغَيْرُ ذَلِكَ.
وَفِيمَا يَلِي بَعْضُ هَذِهِ الْخُصُوصِيَّاتِ:
أَوَّلاً: الْبَيْعُ
(1) :
بَيْعُ الْعَبْدِ بِشَرْطِ الْعِتْقِ:
37 -
اسْتِثْنَاءٌ مِنْ قَاعِدَةِ فَسَادِ الشَّرْطِ الَّذِي لَيْسَ مِنْ مُقْتَضَى عَقْدِ الْبَيْعِ وَلَا مَصْلَحَتِهِ، فَإِنَّ الْبَائِعَ إِذَا اشْتَرَطَ عَلَى الْمُشْتَرِي أَنْ يَعْتِقَ الرَّقِيقَ الَّذِي بَاعَهُ إِيَّاهُ، فَالشَّرْطُ الْمَذْكُورُ صَحِيحٌ عِنْدَ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيَّةِ فِي الْقَوْل الْمَشْهُورِ، وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ أَحْمَدَ، وَاحْتَجَّ لِهَذَا الْقَوْل بِأَنَّ عَائِشَةَ رضي الله عنها اشْتَرَتْ بَرِيرَةَ وَشَرَطَ أَهْلُهَا عَلَيْهَا عِتْقَهَا وَوَلَاءَهَا، فَأَنْكَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم شَرْطَ الْوَلَاءِ دُونَ شَرْطِ
(1) يذكر أصحاب كتب القضاء وكتب الشروط ما يراعى عند كتابة عقد بيع الرقيق. انظر مثلاً أدب القضاء لابن أبي الدم الشافعي ص 301 - 304 و484 نشر جامعة دمشق (د. ت) وكتاب جواهر العقود للمنهاجي الأسيوطي.
الْعِتْقِ (1) .
ثُمَّ إِنْ أَعْتَقَهُ الْمُشْتَرِي فَقَدْ وَفَّى بِمَا شُرِطَ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَعْتِقْهُ فَقِيل: يُجْبَرُ عَلَيْهِ، وَقِيل: لَا يُجْبَرُ، وَلَكِنْ يَكُونُ لِلْبَائِعِ الْفَسْخُ، كَمَا لَوْ شَرَطَ رَهْنًا فَلَمْ يُسَلِّمْ لَهُ.
وَمَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْبَيْعَ يَكُونُ فَاسِدًا، عَلَى أَصْلِهِ فِي فَسَادِ الْبَيْعِ بِالشَّرْطِ، لَكِنْ إِنْ أَعْتَقَهُ الْمُشْتَرِي بَعْدَمَا اشْتَرَاهُ بِشَرْطِ الْعِتْقِ يَصِحُّ الْبَيْعُ حَتَّى يَجِبَ عَلَيْهِ الثَّمَنُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقَال صَاحِبَاهُ: يَبْقَى فَاسِدًا حَتَّى يَجِبَ عَلَيْهِ الْقِيمَةُ؛ لأَِنَّ الْبَيْعَ وَقَعَ فَاسِدًا، فَلَا يَنْقَلِبُ جَائِزًا.
وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ أَحْمَدَ يَصِحُّ الْبَيْعُ وَيَفْسُدُ الشَّرْطُ، وَهُوَ مُقْتَضَى مَا نُقِل عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى (2) .
بَيْعُ الْعَبِيدِ أَوْ شِرَاؤُهُمْ سَلَمًا، أَوْ فِي الذِّمَّةِ:
38 -
يَجُوزُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ بَيْعُ الرَّقِيقِ سَلَمًا لإِِمْكَانِ الضَّبْطِ بِالأَْوْصَافِ الْمَشْرُوطَةِ فِي السَّلَمِ.
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالثَّوْرِيُّ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ إِلَى أَنَّهُ لَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِي الرَّقِيقِ؛ لأَِنَّهُ يَخْتَلِفُ
(1) حديث عائشة: " أنها اشترت بريرة ". أخرجه البخاري (الفتح 5 / 185 - ط السلفية) .
(2)
المغني 4 / 226، وروضة الطالبين 3 / 401، وجواهر الإكليل 2 / 25، والهداية مع فتح القدير 5 / 214، 217.