الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْمَشْيَ فِي الطَّوَافِ مِنْ وَاجِبَاتِ الطَّوَافِ، فَإِنْ طَافَ رَاكِبًا بِلَا عُذْرٍ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى الْمَشْيِ وَجَبَ عَلَيْهِ دَمٌ، وَاسْتَدَلُّوا عَلَيْهِ: بِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَال: الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ بِمَنْزِلَةِ الصَّلَاةِ (1) . وَلأَِنَّ الطَّوَافَ عِبَادَةٌ تَتَعَلَّقُ بِالْبَيْتِ فَلَمْ يَجُزْ فِعْلُهَا رَاكِبًا لِغَيْرِ عُذْرٍ كَالصَّلَاةِ، وَلأَِنَّ اللَّهَ أَمَرَ بِالطَّوَافِ بِقَوْلِهِ:{وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} (2) ، وَالرَّاكِبُ لَيْسَ بِطَائِفٍ حَقِيقَةً، فَأَوْجَبَ ذَلِكَ نَقْصًا فِيهِ فَوَجَبَ جَبْرُهُ بِالدَّمِ، وَزَادَ الْحَنَفِيَّةُ: إِنْ كَانَ بِمَكَّةَ فَعَلَيْهِ الإِْعَادَةُ، وَإِنْ عَادَ إِلَى بِلَادِهِ فَعَلَيْهِ دَمٌ.
وَيُنْظَرُ التَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ: (طَوَاف) .
أَمَّا السَّعْيُ رَاكِبًا فَيُجْزِئُهُ لِعُذْرٍ، وَلِغَيْرِ عُذْرٍ بِالاِتِّفَاقِ (3) .
ضَمَانُ الرَّاكِبِ مَا تَجْنِيهِ الدَّابَّةُ:
11 -
ذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ إِلَى أَنَّ الرَّاكِبَ يَضْمَنُ مَا تُتْلِفُهُ الدَّابَّةُ بِيَدِهَا حَال رُكُوبِهِ مِنْ مَالٍ أَوْ نَفْسٍ.
وَاخْتَلَفُوا فِي ضَمَانِ مَا تَجْنِيهِ بِرِجْلِهَا، فَقَال
(1) حديث: " الطواف بالبيت بمنزلة الصلاة ". أخرجه الحاكم (2 / 267 - ط دائرة المعارف العثمانية) من حديث ابن عباس. وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.
(2)
سورة الحج / 29.
(3)
بدائع الصنائع 2 / 128، والمغني 3 / 397، ومواهب الجليل 2 / 540.
الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ فِي رِوَايَةٍ عَنْ أَحْمَدَ: إِنَّ الرَّاكِبَ لَا يَضْمَنُ مَا جَنَتْهُ دَابَّتُهُ بِرِجْلِهَا؛ لأَِنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ حِفْظُ رِجْلِهَا عَنِ الْجِنَايَةِ فَلَا يَضْمَنُهَا كَمَا لَوْ لَمْ تَكُنْ يَدُهُ عَلَيْهَا، وَقَال الشَّافِعِيَّةُ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ: يَضْمَنُ الرَّاكِبُ مَا تَجْنِيهِ الدَّابَّةُ فِي حَال رُكُوبِهِ مُطْلَقًا. سَوَاءٌ جَنَتْ بِيَدِهَا، أَمْ بِرِجْلِهَا، أَمْ بِرَأْسِهَا، لأَِنَّهَا فِي يَدِهِ، وَعَلَيْهِ تَعَهُّدُهَا وَحِفْظُهَا (1) .
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: لَا يَضْمَنُ الرَّاكِبُ مَا تُعْطِبُهُ الدَّابَّةُ بِيَدِهَا أَوْ رِجْلِهَا أَوْ ذَنَبِهَا، إِلَاّ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِنْ شَيْءٍ فَعَلَهُ بِهَا (2) . وَالتَّفْصِيل فِي (ضَمَان، وَإِتْلَاف) .
مَا يَقُولُهُ الرَّاكِبُ إِذَا رَكِبَ دَابَّتَهُ:
12 -
يُسَنُّ لِلرَّاكِبِ إِذَا اسْتَوَى عَلَى دَابَّتِهِ أَنْ يُكَبِّرَ ثَلَاثًا ثُمَّ يَقْرَأَ آيَةَ: {سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ} (3) .
وَيَدْعُوَ بِالدُّعَاءِ الْمَأْثُورِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَعَنْ عَلِيِّ بْنِ رَبِيعَةَ قَال: شَهِدْتُ عَلِيًّا رضي الله عنه أُتِيَ بِدَابَّةٍ لِيَرْكَبَهَا، فَلَمَّا وَضَعَ رِجْلَهُ فِي الرِّكَابِ
(1) مغني المحتاج 4 / 204، وابن عابدين 5 / 386 - 387، والمغني لابن قدامة 8 / 338 - 339.
(2)
حاشية الدسوقي 4 / 357 - 358.
(3)
سورة الزخرف / 13 و14.
قَال: بِسْمِ اللَّهِ، فَلَمَّا اسْتَوَى عَلَى ظَهْرِهَا قَال:{سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ} . ثُمَّ قَال: الْحَمْدُ لِلَّهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ قَال: اللَّهُ أَكْبَرُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ قَال: سُبْحَانَكَ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي، إِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَاّ أَنْتَ، ثُمَّ ضَحِكَ، فَقِيل: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَيِّ شَيْءٍ ضَحِكْتَ؟ قَال: رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَعَل مِثْل مَا فَعَلْتُ ثُمَّ ضَحِكَ، فَقُلْتُ: يَا رَسُول اللَّهِ مِنْ أَيِّ شَيْءٍ ضَحِكْتَ؟ قَال: إِنَّ رَبَّكَ سُبْحَانَهُ يَعْجَبُ مِنْ عَبْدِهِ إِذَا قَال: اغْفِرْ لِي ذُنُوبِي، يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ غَيْرِي (1) .
وَإِذَا رَكِبَ لِلسَّفَرِ دَعَا بِمَا جَاءَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ: أَنَّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا اسْتَوَى عَلَى بَعِيرِهِ خَارِجًا إِلَى سَفَرٍ كَبَّرَ ثَلَاثًا ثُمَّ قَال: {سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ} ، اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ فِي سَفَرِنَا هَذَا الْبِرَّ وَالتَّقْوَى، وَمِنَ الْعَمَل مَا تَرْضَى، اللَّهُمَّ هَوِّنْ عَلَيْنَا سَفَرَنَا هَذَا، وَاطْوِ عَنَّا بُعْدَهُ، اللَّهُمَّ أَنْتَ الصَّاحِبُ فِي السَّفَرِ، وَالْخَلِيفَةُ فِي الأَْهْل. اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ
(1) حديث: " علي بن أبي طالب مع علي بن ربيعة. . . " أخرجه أبو داود (3 / 77 - تحقيق عزت عبيد دعاس) . والترمذي (5 / 501 - ط الحلبي) وقال: " حديث حسن صحيح ".
وَعْثَاءِ السَّفَرِ وَكَآبَةِ الْمَنْظَرِ وَسُوءِ الْمُنْقَلَبِ فِي الْمَال وَالأَْهْل (1) .
وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ إِذَا رَكِبَ أَيَّ نَوْعٍ مِنْ وَسَائِل الرُّكُوبِ.
(1) حديث: " كان إذا استوى على بعيره خارجًا إلى سفر ". أخرجه مسلم (2 / 978 - ط الحلبي) من حديث عبد الله بن عمر.