الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كَالشَّجَرِ وَالْحَشِيشِ فَلَيْسَ مِنْ جِنْسِ الأَْرْضِ.
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: الصَّعِيدُ هُوَ التُّرَابُ، كَمَا نُقِل عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَال:(الصَّعِيدُ: تُرَابُ الْحَرْثِ، وَالطَّيِّبُ: الطَّاهِرُ) وَالْمُرَادُ بِالْحَرْثِ أَرْضُ الزِّرَاعَةِ، وَعَلَى ذَلِكَ فَلَا يَجُوزُ التَّيَمُّمُ بِالرَّمَادِ وَلَوْ كَانَ طَاهِرًا عِنْدَ جَمِيعِ الْفُقَهَاءِ؛ لأَِنَّهُ لَيْسَ بِتُرَابٍ وَلَا مِنْ جِنْسِ الأَْرْضِ (1) .
وَذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ (الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ) إِلَى أَنَّهُ إِنْ دُقَّ الْخَزَفُ أَوِ الطِّينُ الْمُحْرَقُ لَمْ يَجُزِ التَّيَمُّمُ بِهِ كَذَلِكَ، كَمَا لَا يَجُوزُ التَّيَمُّمُ بِأَجْزَاءِ الأَْرْضِ الْمَحْرُوقَةِ لأَِنَّ الطَّبْخَ أَخْرَجَهَا عَنْ أَنْ يَقَعَ عَلَيْهَا اسْمُ التُّرَابِ (2) .
وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: إِذَا أُحْرِقَ تُرَابُ الأَْرْضِ مِنْ غَيْرِ مُخَالِطٍ حَتَّى صَارَ أَسْوَدَ جَازَ التَّيَمُّمُ بِهِ، لأَِنَّ الْمُتَغَيِّرَ لَوْنُ التُّرَابِ لَا ذَاتُهُ، كَمَا صَرَّحُوا بِأَنَّ الرَّمَادَ إِذَا كَانَ مِنَ الْحَطَبِ لَا يَجُوزُ بِهِ التَّيَمُّمُ، وَإِنْ كَانَ مِنَ الْحَجَرِ يَجُوزُ (3) .
مَالِيَّةُ الرَّمَادِ وَتَقَوُّمُهُ:
5 -
الْمَال مَا يَمِيل إِلَيْهِ الطَّبْعُ، وَيَجْرِي فِيهِ الْبَذْل
(1) ابن عابدين 1 / 159، 161، والدسوقي 1 / 155، ومغني المحتاج 1 / 96، والمغني لابن قدامة 1 / 249، وكشاف القناع 1 / 172.
(2)
حاشية الدسوقي 1 / 156، والمغني لابن قدامة 1 / 249، ومغني المحتاج 1 / 96.
(3)
مراقي الفلاح 1 / 64، وحاشية ابن عابدين 1 / 161.
وَالْمَنْعُ، وَالْمُتَقَوِّمُ مَا يُبَاحُ الاِنْتِفَاعُ بِهِ شَرْعًا (1) . وَكُل طَاهِرٍ ذِي نَفْعٍ غَيْرُ مُحَرَّمٍ شَرْعًا مَالٌ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ، وَهُوَ مُتَقَوِّمٌ بِتَعْبِيرِ الْحَنَفِيَّةِ (2) . وَعَلَى ذَلِكَ فَالرَّمَادُ الطَّاهِرُ مَالٌ مُتَقَوِّمٌ يَصِحُّ بَيْعُهُ وَشِرَاؤُهُ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ، لأَِنَّهُ مِمَّا يُبَاحُ الاِنْتِفَاعُ بِهِ شَرْعًا، وَقَدْ ثَبَتَ الاِنْتِفَاعُ بِهِ فِي التَّدَاوِي فِي حَدِيثِ فَاطِمَةَ رضي الله عنها الْمُتَقَدِّمِ ف / 3.
فَالْعُرْفُ جَارٍ عَلَى اسْتِعْمَالِهِ خَالِصًا وَمَخْلُوطًا بِإِلْقَائِهِ فِي الأَْرْضِ لاِسْتِكْثَارِ الرِّيعِ فِي الزِّرَاعَةِ، وَنَحْوِهَا. وَلَمْ يَرِدِ النَّصُّ بِالنَّهْيِ عَنِ اسْتِعْمَالِهِ، فَكَانَ مُتَمَوَّلاً مُنْتَفَعًا بِهِ عِنْدَ النَّاسِ يَجُوزُ بَيْعُهُ وَشِرَاؤُهُ.
كَذَلِكَ الرَّمَادُ الْحَاصِل مِنْ حَرْقِ النَّجِسِ أَوِ الْمُتَنَجِّسِ عِنْدَ مَنْ يَقُول بِطَهَارَتِهِ وَهُمُ الْحَنَفِيَّةُ وَبَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ، فَإِنَّ الرَّمَادَ الْحَاصِل مِنِ احْتِرَاقِ النَّجِسِ طَاهِرٌ يَجُوزُ الاِنْتِفَاعُ بِهِ عِنْدَهُمْ (3) .
أَمَّا مَنْ يَقُول بِبَقَائِهِ نَجِسًا، وَهُمُ الشَّافِعِيَّةُ وَمَنْ مَعَهُمْ فَيَخْتَلِفُ حُكْمُهُ بِاخْتِلَافِ أَصْل الرَّمَادِ. فَإِنْ كَانَ أَصْل الرَّمَادِ قَبْل احْتِرَاقِهِ نَجِسًا بِحَيْثُ لَا يُعْتَبَرُ مَالاً مُتَقَوِّمًا فِي الشَّرْعِ، كَالْخَمْرِ
(1) مجلة الأحكام العدلية م126، 127، وابن عابدين 4 / 100.
(2)
الزيلعي 4 / 126، والدسوقي 3 / 10، والقليوبي 2 / 157، وكشاف القناع 3 / 152.
(3)
المراجع السابقة، والبناية على الهداية 9 / 328.