الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْتِقَاطُ الْعَبْدِ لأَِنَّ اللُّقَطَةَ فِي الْحَوْل أَمَانَةٌ وَوِلَايَةٌ وَبَعْدَهُ تَمَلُّكٌ، وَالْعَبْدُ لَيْسَ مِنْ أَهْل الْوِلَايَةِ وَلَا مِنْ أَهْل الْمِلْكِ (1) .
الرَّقِيقُ وَالْجِنَايَاتُ:
الْقِصَاصُ بَيْنَ الأَْحْرَارِ وَالرَّقِيقِ:
113 -
أ - إِذَا قَتَل الْحُرُّ الْمُسْلِمُ رَقِيقًا فَلَا يُقْتَصُّ مِنْهُ عِنْدَ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ بَل يُعَزَّرُ، سَوَاءٌ كَانَ الْقَاتِل سَيِّدًا لِلرَّقِيقِ أَوْ أَجْنَبِيًّا، لِمَا رَوَى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَال: لَا يُقَادُ مَمْلُوكٌ مِنْ مَالِكٍ (2) . وَمَا رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَال: لَا يُقْتَل حُرٌّ بِعَبْدٍ (3) .
وَيُجْلَدُ الْحُرُّ إِذَا قَتَل عَبْدًا مِائَةً عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ، لِمَا رَوَى عَلِيٌّ رضي الله عنه: أَنَّ رَجُلاً قَتَل عَبْدَهُ فَجَلَدَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِائَةَ جَلْدَةٍ وَنَفَاهُ عَامًا وَمَحَا اسْمَهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَيْ مِنَ الْعَطَاءِ (4) ". وَلِمَفْهُومِ قَوْله تَعَالَى
(1) روضة الطالبين 5 / 393 - 397، والمغني 5 / 666، وكشاف القناع 4 / 225، وجواهر الإكليل1 / 218، وشرح الأشباه 2 / 156.
(2)
حديث: " لا يقاد مملوك من مالك ". أخرجه الحاكم (4 / 368 - ط دائرة المعارف العثمانية) من حديث عمر بن الخطاب وضعفه الذهبي.
(3)
حديث: " لا يقتل حر بعبد ". أخرجه البيهقي (8 / 35 - ط دائرة المعارف العثمانية) من حديث ابن عباس، وقال البيهقي:" في هذا الإسناد ضعف ".
(4)
حديث: " أن رجلاً قتل عبده فجلده النبي صلى الله عليه وسلم ". ذكره ابن قدامة في المغني (7 / 659 - ط الرياض) وقال: " رواه سعيد والخلال وقال أحمد: ليس بشيء من قبل إسحاق بن أبي فروة ".
: {الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ} (1) وَلأَِنَّ الْعَبْدَ مَنْقُوصٌ بِالرِّقِّ فَلَا يُكَافِئُ الْحُرَّ.
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْحُرَّ يُقْتَل بِالْعَبْدِ - إِلَاّ عَبْدَ نَفْسِهِ فَلَا يُقْتَل بِهِ، وَكَذَا عَبْدُ وَلَدِهِ - لِعُمُومِ آيَاتِ الْقِصَاصِ نَحْوِ قَوْله تَعَالَى:{كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى} (2) وَقَوْلِهِ: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} (3)، وَلِعُمُومِ الأَْحَادِيثِ نَحْوِ قَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: الْمُسْلِمُونَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ (4) . وَقَوْلِهِ النَّفْسُ بِالنَّفْسِ (5) .
وَنَقَل ابْنُ رُشْدٍ أَنَّ النَّخَعِيَّ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ الْحُرَّ يُقْتَل بِعَبْدِ نَفْسِهِ وَعَبْدِ غَيْرِهِ لِقَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: مَنْ قَتَل عَبْدَهُ قَتَلْنَاهُ (6) .
(1) سورة البقرة / 178.
(2)
سورة البقرة / 178.
(3)
سورة المائدة / 45.
(4)
حديث: " المسلمون تتكافأ دماؤهم ". أخرجه أحمد (2 / 192 - ط الميمنية) من حديث عبد الله بن عمر، وإسناده حسن.
(5)
حديث: " النفس بالنفس ". أخرجه البخاري (الفتح 12 / 201 - ط السلفية) من حديث ابن مسعود.
(6)
المغني 7 / 658، 659، والزرقاني 8 / 3، وجواهر الإكليل 2 / 272، وبداية المجتهد 2 / 364، 372، وحاشية ابن عابدين 5 / 343، 344. وحديث:" من قتل عبده قتلناه ". أخرجه الترمذي (4 / 26 - ط الحلبي) من حديث الحسن عن سمرة، وقال ابن حجر:" الحسن مختلف في سماعه من سمرة "، كذا في التلخيص (3 / 53 - ط شركة الطباعة الفنية) .
وَأَمَّا فِي الأَْطْرَافِ فَلَا يُقْتَصُّ مِنَ الْحُرِّ إِذَا قَطَعَ طَرَفَ رَقِيقٍ. وَنَقَل ابْنُ رُشْدٍ فِي ذَلِكَ خِلَافًا.
وَحَيْثُ وَجَبَ الْقِصَاصُ فَالْحَقُّ لِلسَّيِّدِ، لَهُ طَلَبُهُ، وَلَهُ الْعَفْوُ عَنْهُ.
وَحَيْثُ لَمْ يَجِبِ الْقِصَاصُ، يَجِبُ التَّعْزِيرُ، كَمَا فِي الْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ (1) .
114 -
ب - وَأَمَّا إِذَا قَتَل الرَّقِيقُ حُرًّا سَوَاءٌ كَانَ الْمَقْتُول سَيِّدَهُ أَوْ غَيْرَهُ فَإِنَّهُ يُقْتَل بِهِ اتِّفَاقًا إِذَا تَمَّتْ شُرُوطُ الْقِصَاصِ، وَذَلِكَ لِعُمُومِ آيَاتِ الْقِصَاصِ، وَلأَِنَّهُ يُقْتَل بِالْعَبْدِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ} (2) فَقَتْلُهُ بِالْحُرِّ أَوْلَى لأَِنَّ الْحُرَّ أَكْمَل مِنَ الْعَبْدِ.
وَكَذَا يُؤْخَذُ طَرَفُ الْعَبْدِ بِطَرَفِ الْحُرِّ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ (3) .
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ فِي الْمُعْتَمَدِ وَالْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ لَا يُقْتَصُّ مِنَ الْعَبْدِ لِلْحُرِّ فِي الْجِرَاحِ وَالأَْعْضَاءِ، قَال الزَّرْقَانِيُّ: لأَِنَّهُ كَجِنَايَةِ الْيَدِ الشَّلَاّءِ عَلَى الْيَدِ الصَّحِيحَةِ. وَنَقَل ابْنُ رُشْدٍ أَنَّ فِي ذَلِكَ عَنْ مَالِكٍ رِوَايَتَيْنِ (4) .
(1) المغني 7 / 658، 659، والزرقاني 8 / 3، وجواهر الإكليل 2 / 272، وبداية المجتهد 2 / 364، 372، وحاشية ابن عابدين 5 / 343، 344.
(2)
سورة البقرة / 178.
(3)
المغني 7 / 659، والزرقاني 8 / 2، 7.
(4)
الزرقاني 8 / 14، وبداية المجتهد 2 / 372، وحاشية ابن عابدين 5 / 356، والهداية مع العناية 8 / 355.
115 -
ج - وَكَذَلِكَ يُقْتَل الرَّقِيقُ بِالرَّقِيقِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ، سَوَاءٌ اتَّحَدَتْ قِيمَةُ الْقَاتِل وَقِيمَةُ الْمَقْتُول أَوِ اخْتَلَفَتَا، وَاسْتَدَلُّوا بِعُمُومِ آيَاتِ الْقِصَاصِ، وَبِالنَّصِّ عَلَيْهِ فِي قَوْله تَعَالَى:{وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ} (1) وَلأَِنَّ تَفَاوُتَ الْقِيمَةِ فِي الرَّقِيقِ كَتَفَاوُتِ الْفَضَائِل فِي الأَْحْرَارِ، كَالْعِلْمِ وَالشَّرَفِ وَالذُّكُورَةِ وَالأُْنُوثَةِ، فَكَمَا أُهْدِرَ هَذَا التَّفَاوُتُ بَيْنَ الأَْحْرَارِ فَوَجَبَ الْقِصَاصُ مَعَ وُجُودِهِ، فَكَذَا تَفَاوُتُ الْقِيَمِ فِي الرَّقِيقِ.
وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى عَنْ أَحْمَدَ أَنَّ مِنْ شَرْطِ الْقِصَاصِ أَنْ لَا تَكُونَ قِيمَةُ الْقَاتِل أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ الْمَقْتُول.
وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: لَيْسَ بَيْنَ الْعَبِيدِ قِصَاصٌ فِي نَفْسٍ وَلَا جُرْحٍ لأَِنَّهُمْ أَمْوَالٌ، وَنَقَلَهُ ابْنُ رُشْدٍ عَنِ الْحَسَنِ وَابْنِ شُبْرُمَةَ وَجَمَاعَةٍ.
وَيَجْرِي الْقِصَاصُ بَيْنَ الْعَبِيدِ فِي الأَْطْرَافِ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَفِي رِوَايَةٍ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ، وَهُوَ قَوْل عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - نَقَلَهُ ابْنُ رُشْدٍ - وَقَوْل عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَالزُّهْرِيِّ وَقَتَادَةَ وَأَبِي ثَوْرٍ وَابْنِ الْمُنْذِرِ، لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى:{وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالأَْنْفَ بِالأَْنْفِ وَالأُْذُنَ بِالأُْذُنِ} الآْيَةَ (2) .
(1) سورة البقرة / 178.
(2)
سورة المائدة / 45.