الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَاحْتَجَّ الْجُمْهُورُ بِمَا رُوِيَ عَنْ سَعِيدٍ مَوْلَى أَبِي أُسَيْدٍ قَال: تَزَوَّجْتُ وَأَنَا عَبْدٌ، فَدَعَوْتُ نَفَرًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَأَجَابُونِي، فَكَانَ فِيهِمْ أَبُو ذَرٍّ وَابْنُ مَسْعُودٍ وَحُذَيْفَةُ، فَحَضَرَتِ الصَّلَاةُ. . . إِلَى أَنْ قَال: فَقَدَّمُونِي وَأَنَا عَبْدٌ فَصَلَّيْتُ بِهِمْ.
ثُمَّ قَال الْحَنَفِيَّةُ: يُكْرَهُ تَنْزِيهًا تَقْدِيمُ الْعَبْدِ لِلإِْمَامَةِ. قَالُوا: وَلَوِ اجْتَمَعَ الْحُرُّ وَالْمُعْتَقُ، فَالْحُرُّ الأَْصْلِيُّ أَوْلَى.
ثُمَّ قَال الْحَنَابِلَةُ: الْحُرُّ أَوْلَى مِنَ الْعَبْدِ مَا لَمْ يَكُنِ الْعَبْدُ إِمَامَ الْمَسْجِدِ فَالْحَقُّ لَهُ فِي التَّقَدُّمِ، وَكَذَا لَوْ كَانَتِ الصَّلَاةُ بِبَيْتِهِ فَهُوَ أَوْلَى مِنْ غَيْرِهِ بِالإِْمَامَةِ مَا عَدَا سَيِّدَهُ (1) .
ج -
صَلَاةُ الْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَةِ:
58 -
صَلَاةُ الْجُمُعَةِ وَاجِبَةٌ عَلَى الأَْحْرَارِ اتِّفَاقًا.
وَصَلَاةُ الْجَمَاعَةِ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ إِلَاّ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ.
فَقَدْ قِيل - وَهُوَ الأَْصَحُّ عِنْدَهُمْ: إِنَّهَا وَاجِبَةٌ، وَقِيل: شَرْطٌ (2) .
وَلَا تَجِبُ الْجُمُعَةُ عَلَى الْعَبِيدِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ، وَهِيَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ، لِقَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِيمَا رَوَاهُ طَارِقُ بْنُ
(1) كشاف القناع 1 / 473، والمغني 2 / 206، 193، والمدونة للإمام مالك 1 / 84، والزرقاني 2 / 25، وفتح القدير 1 / 247، وابن عابدين 1 / 376، وروضة الطالبين 1 / 353.
(2)
المغني 2 / 176، وشرح المنهاج 1 / 220، وشرح الأشباه 2 / 152.
شِهَابٍ: الْجُمُعَةُ حَقٌّ وَاجِبٌ عَلَى كُل مُسْلِمٍ إِلَاّ أَرْبَعَةً: عَبْدٌ مَمْلُوكٌ، أَوِ امْرَأَةٌ، أَوْ صَبِيٌّ، أَوْ مَرِيضٌ (1) ، وَرُوِيَ نَحْوُهُ مَرْفُوعًا مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ وَتَمِيمٍ الدَّارِيِّ، وَلأَِنَّ الْجُمُعَةَ يَجِبُ السَّعْيُ إِلَيْهَا وَلَوْ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ فَلَمْ تَجِبْ عَلَى الْعَبْدِ كَالْحَجِّ وَالْجِهَادِ، وَلأَِنَّ مَنْفَعَتَهُ مَمْلُوكَةٌ مَحْبُوسَةٌ عَلَى السَّيِّدِ فَأَشْبَهَ الْمَحْبُوسَ فِي الدَّيْنِ، وَلأَِنَّهَا لَوْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ لَجَازَ لَهُ الْمُضِيُّ إِلَيْهَا مِنْ غَيْرِ إِذْنِ السَّيِّدِ، وَلَمْ يَكُنْ لِسَيِّدِهِ مَنْعُهُ مِنْهَا كَسَائِرِ الْفَرَائِضِ.
وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ فِي الرِّوَايَةِ الأُْخْرَى إِلَى أَنَّهَا تَجِبُ عَلَى الْعَبْدِ، وَلَكِنْ لَا يَذْهَبُ إِلَيْهَا إِلَاّ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ، فَإِنْ مَنَعَهُ سَيِّدُهُ تَرَكَهَا.
وَحُكِيَ عَنِ الْحَسَنِ وَقَتَادَةَ أَنَّ الْعَبْدَ إِنْ كَانَ عَلَيْهِ ضَرِيبَةٌ مَعْلُومَةٌ يُؤَدِّيهَا إِلَى سَيِّدِهِ تَجِبُ عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ؛ لأَِنَّ حَقَّ سَيِّدِهِ عَلَيْهِ تَحَوَّل إِلَى الْمَال، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ (2) .
وَصَرَّحَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ بِأَنَّهُ يُنْدَبُ لِلْعَبْدِ حُضُورُ الْجُمُعَةِ بِإِذْنِ السَّيِّدِ (3) .
وَاخْتَلَفَ قَوْل الْحَنَفِيَّةِ، فَقَال بَعْضُهُمْ: إِنْ
(1) حديث: " الجمعة حق واجب على كل مسلم ". أخرجه أبو داود (1 / 644 - تحقيق عزت عبيد دعاس) وصححه النووي على شرط الشيخين، كذا في نصب الراية للزيلعي (2 / 199 - ط المجلس العلمي) .
(2)
المغني 2 / 339، وشرح المحلي على المنهاج 1 / 268.
(3)
الزرقاني 2 / 61، وروضة الطالبين 2 / 34.