الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فِي الآْخِرَةِ، وَيُؤَاخَذُ بِهَا فِي الدُّنْيَا.
قَال الشَّيْخُ عَمِيرَةُ الْبُرُلُّسِيُّ: الرَّقِيقُ يُشْبِهُ الْحُرَّ فِي التَّكَالِيفِ وَكَثِيرٍ مِنَ الأَْحْكَامِ، كَإِيجَابِ الْقِصَاصِ، وَالْفِطْرَةِ، وَالتَّحْلِيفِ، وَالْحُدُودِ، وَوُجُوبِ الْكَفَّارَةِ فِي قَتْلِهِ (1) .
وَتَنْبَنِي غَالِبُ أَحْكَامِ أَفْعَال الرَّقِيقِ عَلَى الأُْصُول التَّالِيَةِ:
الأَْصْل الأَْوَّل: أَهْلِيَّةُ الرَّقِيقِ:
48 م - عَرَضَ الأُْصُولِيُّونَ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ لأَِهْلِيَّةِ الرَّقِيقِ، فَبَيَّنُوا أَنَّ الرِّقَّ عَارِضٌ عَلَى الأَْهْلِيَّةِ يُنْقِصُهَا، فَالرَّقِيقُ مِنْ بَعْضِ الْجِهَاتِ هُوَ عَلَى أَصْل الْحُرِّيَّةِ، فَتَصِحُّ أَقَارِيرُهُ بِالْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ، وَلَهُ التَّزَوُّجُ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ، وَإِنَّمَا احْتَاجَ فِيهِ لِلإِْذْنِ لأَِنَّهُ يَجِبُ بِهِ الْمَال فِي الذِّمَّةِ، وَهُوَ أَهْلٌ لِلتَّصَرُّفِ لأَِنَّ التَّصَرُّفَ هُوَ بِصِحَّةِ الْعَقْل وَالذِّمَّةِ. أَمَّا الْعَقْل فَهُوَ لَا يَخْتَل بِالرِّقِّ، وَلِذَا كَانَتْ رِوَايَةُ الرَّقِيقِ صَحِيحَةً مُلْزِمَةً لِلْعَمَل، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ كَلَامُهُ مُعْتَبَرًا لَمْ تُعْتَبَرْ رِوَايَتُهُ، وَأَمَّا الذِّمَّةُ فَإِنَّمَا تَكُونُ بِأَهْلِيَّةِ الإِْيجَابِ عَلَيْهِ وَالاِسْتِحْبَابِ لَهُ، وَلِتَحَقُّقِهِمَا خُوطِبَ بِحُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى مِنَ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَالْكَفِّ عَنِ الْمُحَرَّمَاتِ، وَتَجِبُ لَهُ النَّفَقَةُ عَلَى سَيِّدِهِ، وَإِنَّمَا حُجِرَ عَلَيْهِ التَّصَرُّفُ لِمَانِعٍ هُوَ الْمُحَافَظَةُ عَلَى حَقِّ السَّيِّدِ، وَسَقَطَ عَنْهُ بَعْضُ الْوَاجِبَاتِ كَالْجُمُعَةِ
(1) عميرة على شرح المنهاج 3 / 30، 31.
وَالْعِيدَيْنِ وَالْحَجِّ وَالْجِهَادِ، مُحَافَظَةً عَلَى حَقِّ السَّيِّدِ فِي مَنَافِعِ الْعَبْدِ؛ لأَِنَّ الرِّقَّ يَمْنَعُ كَوْنَ الرَّقِيقِ مَالِكًا لِمَنَافِعِ نَفْسِهِ، كَمَا أَنَّهُ هُوَ بِذَاتِهِ مَمْلُوكٌ لِلسَّيِّدِ. فَإِذْنُ السَّيِّدِ لَهُ فِي التَّصَرُّفِ رَفْعٌ لِلْمَانِعِ، لَا إِثْبَاتٌ لِلأَْهْلِيَّةِ،
وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ الرَّقِيقُ غَيْرُ أَهْلٍ لِلتَّصَرُّفِ، فَإِنْ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ تَثْبُتُ الأَْهْلِيَّةُ (1) .
وَالرِّقُّ يَمْنَعُ الْوِلَايَاتِ، فَلَا تَصِحُّ الشَّهَادَةُ مِنْهُ عَلَى أَحَدٍ، وَلَا قَضَاؤُهُ، وَلَا تَحْكِيمُهُ، وَلَا إِمَارَتُهُ، وَالرِّقُّ يُنْقِصُ الذِّمَّةَ، وَمِنْ هُنَا تُضَمُّ رَقَبَتُهُ إِلَى ذِمَّتِهِ، فِي مِثْل غَرَامَاتِ الْجِنَايَاتِ، فَتُبَاعُ رَقَبَتُهُ فِيهَا، إِلَاّ أَنْ يَفْدِيَهُ الْمَوْلَى (2) .
الأَْصْل الثَّانِي:
هَل يَمْلِكُ الرَّقِيقُ الْمَال أَمْ لَا يَمْلِكُ
؟
49 -
إِذَا لَمْ يُمَلِّكِ السَّيِّدُ عَبْدَهُ الْمَال فَلَا يَمْلِكُهُ اتِّفَاقًا. وَذَلِكَ لأَِنَّ سَيِّدَهُ يَمْلِكُ عَيْنَهُ وَمَنَافِعَهُ، فَمَا حَصَل بِسَبَبِ ذَلِكَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ لِسَيِّدِهِ لأَِنَّهُ ثَمَرَةُ مِلْكِهِ، كَثَمَرَةِ شَجَرَتِهِ، فَأَمَّا إِنْ مَلَّكَهُ سَيِّدُهُ مَالاً، فَقَدِ اخْتَلَفَ الأَْئِمَّةُ فِي ذَلِكَ: فَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيُّ وَإِسْحَاقُ وَالشَّافِعِيُّ فِي الْجَدِيدِ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ، إِلَى أَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ بِحَالٍ، لأَِنَّهُ مَمْلُوكٌ فَلَا يَمْلِكُ؛ وَلأَِنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ اجْتِمَاعُ مِلْكَيْنِ عَلَى الْحَقِيقَةِ
(1) مسلم الثبوت 1 / 171 - 173 بولاق 1322هـ.
(2)
شرح مسلم الثبوت 1 / 128.