الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَعَلَيْهِ أَنْ يَحُجَّ حَجَّةَ الإِْسْلَامِ إِجْمَاعًا، إِذَا تَمَّتْ شَرَائِطُ الْوُجُوبِ، لِقَوْل ابْنِ عَبَّاسٍ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، أَسْمِعُونِي مَا تَقُولُونَ، وَلَا تَخْرُجُوا تَقُولُونَ: قَال ابْنُ عَبَّاسٍ، " أَيُّمَا غُلَامٍ حَجَّ بِهِ أَهْلُهُ فَمَاتَ فَقَدْ قَضَى حَجَّةَ الإِْسْلَامِ، فَإِنْ أَدْرَكَ فَعَلَيْهِ الْحَجُّ، وَأَيُّمَا عَبْدٍ حَجَّ بِهِ أَهْلُهُ فَمَاتَ، فَقَدْ قَضَى حَجَّةَ الإِْسْلَامِ، فَإِنْ أَعْتَقَ فَعَلَيْهِ الْحَجُّ (1) .
قَال ابْنُ الْهُمَامِ: الْفَرْقُ بَيْنَ الْحَجِّ وَبَيْنَ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ مِنْ وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: كَوْنُهُ لَا يَتَأَتَّى إِلَاّ بِالْمَال غَالِبًا، بِخِلَافِهِمَا، وَلَا مِلْكَ لِلْعَبْدِ، فَلَمْ يَكُنْ أَهْلاً لِلْوُجُوبِ.
وَالثَّانِي: أَنَّ حَقَّ الْمَوْلَى يَفُوتُ فِي مُدَّةٍ طَوِيلَةٍ، وَحَقَّ الْعَبْدِ مُقَدَّمٌ بِإِذْنِ الشَّرْعِ لاِفْتِقَارِ الْعَبْدِ وَغِنَى اللَّهِ تَعَالَى، بِخِلَافِ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَا يُحْرِجُ الْمَوْلَى فِي اسْتِثْنَاءِ مُدَّتِهِمَا (2) .
وَلَا يُحْرِمُ الْعَبْدُ بِالْحَجِّ إِلَاّ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ، فَإِنْ فَعَل انْعَقَدَ إِحْرَامُهُ صَحِيحًا، لَكِنْ يَكُونُ لِسَيِّدِهِ تَحْلِيلُهُ مِنْ إِحْرَامِهِ؛ لأَِنَّ فِي بَقَائِهِ عَلَى الإِْحْرَامِ
(1) قول ابن عباس: " أيما غلام حج به أهله. . . " أخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار (2 / 257 - ط مطبعة الأنوار المحمدية)، وصحح ابن حجر إسناده في الفتح (4 / 71 - ط السلفية) وقوله:" ولا تخرجوا تقولون: " قال ابن عباس: " يشعر أنه مرفوع "
(2)
فتح القدير 2 / 124، والزرقاني 2 / 232.
تَفْوِيتًا لِحَقِّهِ مِنْ مَنَافِعِهِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ. فَإِنْ حَلَّلَهُ يَكُونُ حُكْمُهُ حُكْمَ الْمُحْصَرِ.
أَمَّا إِنْ أَحْرَمَ بِإِذْنِهِ فَلَيْسَ لَهُ تَحْلِيلُهُ عِنْدَ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ، وَقَال أَبُو حَنِيفَةَ: لَهُ ذَلِكَ.
فَإِنْ عَتَقَ الْعَبْدُ وَكَانَ بِعَرَفَةَ غَيْرَ مُحْرِمٍ، ثُمَّ أَحْرَمَ وَحَجَّ أَجْزَأَهُ عَنْ حَجَّةِ الإِْسْلَامِ. قَال ابْنُ قُدَامَةَ: لَا نَعْلَمُ فِي ذَلِكَ خِلَافًا.
وَإِنْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ ثُمَّ عَتَقَ بِعَرَفَةَ أَوْ قَبْلَهَا وَأَتَمَّ مَنَاسِكَهُ أَجْزَأَهُ عَنْ حَجَّةِ الإِْسْلَامِ؛ لِكَوْنِهِ أَتَى بِأَرْكَانِ الْحَجِّ كُلِّهَا.
وَهَذَا عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ، وَيَجِبُ عَلَيْهِ إِعَادَةُ السَّعْيِ إِنْ كَانَ قَدْ سَعَى بَعْدَ طَوَافِ الْقُدُومِ.
وَقَال أَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ: لَا يُجْزِئُهُمَا عَنْ حَجَّةِ الإِْسْلَامِ (1) . وَحُكْمُهُ فِي حَال إِتْيَانِهِ شَيْئًا مِنْ مَحْظُورَاتِ الإِْحْرَامِ كَحُكْمِهِ فِي الْكَفَّارَاتِ كَمَا تَقَدَّمَ، فَيَفْدِي بِالصَّوْمِ لَا غَيْرُ، وَيَصُومُ عَنِ الْهَدْيِ الْوَاجِبِ، وَفِي دَمِ الإِْحْصَارِ خِلَافٌ (2) .
ثَانِيًا: الرَّقِيقُ وَأَحْكَامُ الأُْسْرَةِ:
الرَّقِيقُ وَالاِسْتِمْتَاعُ:
67 -
الاِسْتِمْتَاعُ بِالْجَوَارِي لَا يَكُونُ مَشْرُوعًا إِلَاّ أَنْ يَكُونَ فِي مِلْكِ يَمِينٍ أَوْ نِكَاحٍ صَحِيحٍ،
(1) المغني 3 / 248، 250، وروضة الطالبين 3 / 123، والزرقاني 2 / 231.
(2)
المغني 3 / 251، وروضة الطالبين 3 / 176، 177.