الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسألة 77: المفعول له، أو: المفعول لأجله
أ
…
لازمت البيت؛ استجمامًا
…
- أو: للاستجمام.
زرت المريض؛ اطمئنانًا عليه
…
- أو: للاطمئنان.
أتغاضى عن هفوات الزميل؛ استبقاء لمودته
…
- أو: لاستبقاء مودته.
أحترم القانون؛ دفعًا للضرر
…
- أو: لدفع الضرر.
ب
…
تنزهت؛ طلب الراحة
…
- أو: لطلب الراحة.
تحفظت في كلامي؛ خشية الزلل
…
- أو: لخشية الزلل.
ألتزم الاعتدال؛ رغبة السلامة
…
- أو: لرغبة السلامة.
أسال الخبير؛ قصد الاسترشاد
…
- أو: لقصد الاسترشاد.
جـ
…
أجلس بين الأصدقاء؛ الصلح
…
- أو: للصلح.
أطلت المشي بين الزروع؛ التمع بها
…
- أو: للتمتع بها.
أسعى بين المتخاصمين؛ التوفق
…
- أو: للتوفيق.
هجرت الصحف الهزلية؛ النفور منها
…
- أو: للنفور.
كل جملة من الجمل المعروصة تصلح أن تكون سؤالًا معه جوابه على النحو الآتي:
ما الداعي أو: ما السبب في أنك لازمت البيت؟ الجواب: الاستجمام.
ما العلة، أو: ما السبب في أنك زرت المريض؟
…
الاطمئنان.
ما السبب في تغاضيك عن هفوات زميلك؟ استبقاء المودة
…
وهكذا باقي الأمثلة؛ حيث يدل كل مثال على أنه يصلح سؤالًا عن السبب1، جوابه كلمة معه في جملته.
1 والغالب أن تكون أداة الاستفهام هي: "لماذا"؟ أو: "ليم"؟، أو:"ما"؟، أو نحوها من كل ما يسأل به عن السبب.
ولو لحظنا الكلمة الواقعة جوابًا لوجدناها – مصدرًا، يبين سبب ما قبله "أي: علته
…
"، ويشارك عامله في الوقت، وفي الفاعل1؛ لأن زمن الاستجمام وفاعل الاستجمام هو زمن ملازمة البيت وفاعلها، وزمن الاطمئنان وفاعله، هو زمن زيادة المريض وفاعلها.... وكذا الباقي
…
فكل كلمة اجتمعت فيها الأمور – أو الشروط – الأربعة السالفة تسمى: "المفعول له"، أو:"المفعول لأجله"2 فهو: المصدر3 الذي يدل على سبب ما قبله "أي: على بيان علته"4، ويشارك عامله في وقته، وفاعله
…
أقسامه:
المفعول لأجله ثلاثة أقسام 5 قياسية، مجرد من "أل" والإضافة؛ كالقسم الأول:"أ" ومضاف؛ كالقسم الثاني: "ب" ومقترن بأل؛ كالقسم الثالث "جـ"، وهذا القسم دقيق في استعماله وفهمه، قليل التداول قديمًا وحديثًا –مع أنه قياسي– ومن المستحسن لذلك أن نتخفف من استعماله.
أحكامه:
1-
إذا استوفى شروطه جاز نصبه مباشرة، وجاز جره بحرف من حروف
1 وهذا هو الأعم الأغلب الذي يجب الاقتصار عليه.
2 أي: لأجل شيء آخر، بسببه حصل هذا المفعول، فالمراد: ما فعل لأجله فعل.
3 أي الصريح، ومثله: المصدر الميمي، واسم المصدر، وكذلك المصدر المنسبك؛ "وأمثلته في رقم 1 من هامش ص 240"، ومن المصدر الميمي قول الشاعر:
وأمر تشتهيه النفس، حلو
…
تركت مخافة سوء السماع
أي: تركته خوف السوء السمعة، وقول الأحنف بن قيس:"رب حلم قد تجرعته؛ مخافة ما هو أشد منه"، أي: خوف الذي هو أشد منه.
4 ولأنه يبين علة ما قبله وسببه لا يكون من لفظ عامله؛ لكيلا يصير مصدرًا مؤكدًا لعامله، والشيء لا يكون علة نفسه، كما سيجيء في رقم 1 من هامش ص 239 ولا من معناه، ولا يبين نوعه، أو عدده؛ لأن هذا كله مناقض للتعليل الذي هو شرط أساسي في المفعول لأجله، ومن أظهر أمثلة التعليل في المصدر كلمة:"شرف" في قول الشاعر:
إنا لقوم أبت أخلاقنا شرفًا
…
أن نبتدي بالأذى من ليس يؤذينا
5 إذا كان المفعول لأجله مضافًا لمعرفة، أو مقترنًا "بأل" التي تفيد التعريف – فإنه يكون معرفة، وإذا كان مجردًا منهما فإنه يكون نكرة.
الجر التي تفيد التعليل؛ وأوضحها1: "اللام – ثم: في، والباء، ومن"، والأمثلة السالفة توضح أمر النصب والجر باللام، ومن الممكن حذف اللام من تلك الأمثلة، ووضع حرف جر آخر من حروف التعليل مكانها – لكنه في جميع حالات جره لا يعرب – اصطلاحًا – مفعولًا لأجله، وإنما يعرب جارًا ومجرورًا متعلقًا بعامله، وهذا برغم استيفائه الشروط، وبرغم أن معناه في حالتي نصبه وجره لا يختلف1.
ومع أن النصب والجر جائزان، والمعنى فيهما لا يختلف – هما ليسا في درجة واحدة من القوة والحسن؛ فإن نصب المجرد أفضل من جره، لشيوع النصب فيه، ولتوجيهه الذهن مباشرة إلى أن الكلمة:"مفعول لأجله"، وجر المقترن "بأل" أكثر من نصبه، أما المضاف فالنصب والجر فيه سيان، "وقد تقدمت الأمثلة للأنواع الثلاثة".
فإن فقط شرط من الأربعة2 لم يجز تسميته مفعولًا لأجله، ولا نصبه على هذا الاعتبار؛ وإنما يجب جره بحرف من حروف التعليل السابقة، إلا عند فقد التعليل؛ فإنه لا يجوز جره بحرف من هذه الحروف الدالة على التعليل؛ منعًا للتناقض.
1 من أمثلة "في" التي لبيان السبب "أي: للتعليل" قوله عليه السلام: "دخلت امرأة النار في هرة حبستها"
…
أي: بسبب هرة، ومن أمثلة الباء التي لبيان السبب قوله تعالى:{فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُم} ، أي: بسبب ظلم.
ومن أمثلة "من" الدالة على بيان السبب قوله تعالى: {وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ} أي: بسبب إملاق: "فقر".
وسيجيء البيان التام عن هذه الأحرف مع نظائرها من حروف الجر، في الباب الخاص بها، آخر هذا الجزء ص 458.
2 و 2 يرى بعض النحاة أن المفعول لأجله حين يكون منصوبًا، لا يكون منصوبًا بالعامل الذي قبله؛ وإنما يكون منصوبًا على نزع الخافض "أي: عند نزعه من مكانه، وحذفه؛ كما تقدم في رقم 4 من هامش ص 171 من باب: تعدي الفعل ولزومه"، ولا داعي للأخذ بهذا الرأي؛ لما فيه من تكلف وتعقيد بغير فائدة، وحمل على مذهب ضعيف، مردود – طبقًا للبيان السابق في ص 159 و 171 وما بعدهما، ومثله الآراء الأخرى التي تزيد بعض الشروط أو تنقص، ومن الزيادة أن يكون المفعول لأجله "قلبيًا"؛ لأن هذا الشرط مفهوم من شرط آخر، "هو: التعليل؛ إذ التعليل –غالبًا– يكون بأمور قلبية معنوية، لا بأمور حسية من أفعال الجوارح، ويفهم أيضًا من باقي الشروط
…
فمثال ما فقد المصدرية: "أعجبتني الحديقة: لأشجارها، وسرتني أشجارها؛ لثمارها"؛ فالأشجار والثمار ليستا مصدرين، ولهذا لم يصح نصبهما مفعولين لأجله، وصارتا مجرورتين.
ومثال ما فقد التعليل: "بعدت الله عبادة، وأطعت الرسول إطاعة1"
…
ولا يجوز في هذين، وأمثالهما الجر بحرف جر يفيد التعليل – كما سبق.
ومثال ما لم يتحد مع عامله في الوقت: "ساعدتني اليوم، لمساعدتي إياك غدا"2".
ومثال ما لم يتحد مع عامله في الفاعل: "أجبت الصارخ؛ لاستغاثته"؛ لأن فاعل الإجابة غير فاعل الاستغاثة3.
1 نصب المصدران: "عبادة" و"إطاعة" على المصدرية؛ لأن كلا منهما مصدر مؤكد لعامله، ولا يصلح مفعولًا لأجله؛ لأن الشيء لا يكون علة نفسه، كما سبق في المفعول المطلق المؤكد، فكلاهما فقد شرط التعليل.
2 المراد من اتحاد المصدر مع عامله في الوقت أن يقع، ويتحقق حدث العامل في أثناء ومن تحقق معنى المصدر، فيتحقق المعنيان معًا في وقت واحد؛ مثل: هرب اللص جبنًا، أو: يقع أول زمن العامل في آخر زمن تحقيق المصدر: نحو: حبست المتهم خوفًا من فراره، أو العكس، نحو: جئتك حرصًا على إفادتك.
3 وفيما سبق يقول ابن مالك:
ينصب "مفعولًا له" المصدر، إن
…
أبان تعليلًا؛ كجد شكرًا، ودن
أي: ينصب المصدر على اعتباره، مفعولًا له إن أبان تعليل ما قبله؛ أي: إن بين سبب ما قبله، وضرب لهذا مثلًا هو: جد شكرًا، بمعنى: جد لأجل الشكر، فكلمة:"شكرًا" مصدر بين سبب الجود، ومعنى:"دن"، داين الناس بجودك وفضلك: ليشكروك، فهو فعل أمر من دان الرجل غيره بمعنى: صار دائنًا له. ويصح أن يكون فعل أمر من: "دان" بمعنى: صار صاحب دين "بكسر الدال" وعلى المعنيين يصح أن يكون للفعل مفعول لأجله محذوف؛ تقديره، شكرًا. ويكون أصل الكلام: جد شكرًا، ودن شكرًا، ثم قال في بيان بقية الشروط:
وهو –بما يعمل في– متحد
…
وقتًا، وفاعلًا، وإن شرط فقد:
فاجرره بالحرف، وليس يمتنع
…
مع الشروط، كلزهد ذا قنع
يريد: أنه يكون مفعولًا لأجله بشرط أن يكون متحدًا مع عامله في الوقت والفاعل، وهذا مراده من قوله:"بما يعمل فيه متحد"، أي: وهو متحد بالذي يعمل فيه النصب، والضمير عائد على المفعول له، فإن عقد شرط فاجرر بالحرف، ولا تنصب: ثم بين أن الجر بالحرف ليس ممتنعًا مع استبقاء الشروط؛ مثل =
2-
ومن أحكامه أنه يجوز حذفه لدليل يدل عليه عند الحذف؛ كأن يقال: "إن الله أهل للشكر الدائم؛ فاعبده شكرًا، وأطعه"، والتقدير: أطعه شكرًا؛ فحذف الثاني لدلالة الأول عليه، ومثل: "إن الضيف الذي سيزورنا جدير أن نظهر له التكريم في كل حركاتنا؛ فنقف تكريمًا، ونتقدم عند قدومه تكريمًا، ونصافحه
…
"، أي: نصافحه تكريمًا، ومثل هذا ما سبق من قول ابن مالك: "جد شكرًا ودن
…
".
= هذا قنع زهدًا؛ فيصح: هذا قنع لزهد، وانتقل بعد ذلك لبيان درجة النصب والجر من القوة البلاغية عند دخولهما في أقسام المفعول لأجله، فقال:
وقل أن يصحبها المجرد
…
والعكس في مصحوب "أل" وأنشدوا:
لا أقعد الجبن عن الهيجاء
…
ولو توالت زمر الأعداء
"قل أن يصحبها: أي: يصحب الحرف، وأنثه باعتباره: كلمة، ويجوز التذكير باعتبار أنه حرف"، فدخول حرف الجر على المجرد من "أل والإضافة" قليل، ودخوله كثير على المقرون بأل؛ مثل قول الشاعر القديم: لا أقعد الجبن عن الهيجاء
…
" أي: لا أقعد عن الهيجاء الجبن، يريد: للجبن، أي: بسبب الجبن".
ولم يتعرض ابن مالك للمضاف، وكلامه السابق بشعر بالحكم، وهو أن النصب والجر سيان، إذ بين أن أحد الثلاثة يكثر فيه النصب دون الجر، وأن واحدًا آخر يكثر فيه الجر دون النصب، وسكت عن الثالث، فالسكوت في هذه الحالة قد يوحي بجواز الأمرين على التساوي.
1 من أمثلة حذفه – قوله تعالى: {يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا} .
والأصل: كراهة أن تضلوا، أي: كراهة ضلاكم؛ فالمصدر المؤول مفعول له – كما نص على ذلك صاحب: "المغني" عند الكلام على الحرف: لا.
والمفهوم أن المفعول لأجله "وهو كلمة: كراهة" مضاف إلى المصدر المؤول بعدها، ثم حذف المضاف؛ فقام المضاف إليه مقامه، وأعرب إعرابه –ومثل هذا يقال في المصدر المؤول في الآية الكريمة التالية:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ} .
أي: كراهة حبوط أعمالكم – في فسادها وضياع قيمتها – وكالذي في الآية التالية: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} .
3-
ومنها: أنه – وهو منصوب أو مجرور – يجوز تقدمه على عامله؛ نحو: "طلبًا للنزهة – ركبت الباخرة"، "انتفاعًا – شاهدت تمثيل المسرحية"، والأصل: ركبت الباخرة؛ طلبًا للنزهة – شاهدت تمثيل المسرحية؛ انتفاعًا، وقول الشاعر:
فما جزعًا – ورب الناس – أبكي
…
ولا حرصًا على الدنيا اعتراني
والأصل: فما أبكي جزعًا1.
4– ومنها: جواز حذف عامله؛ لوجود قرينة تدل عليه؛ نحو: بعدًا عن الضوضاء؛ في إجابة من سأل: لم قصدت الضواحي؟
…
5– ومنها: أنه لا يتعدد 2؛ سواء أكان منصوبًا أم مجرورًا؛ فيجب الاقتصار على واحد للعامل الواحد، ولا مانع من العطف عليه أو البدل منه 3 – لهذا قالوا في الآية الكريمة:{وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَاراً لِتَعْتَدُوا} ، أن كلمة:"ضرارًا" مفعول لأجله، والجار والمجرور:"لتعتدوا" متعلقان بها، ولا يصلح أن يكون التعلق في الآية بالفعل إلا عند إعراب:"ضرارًا" حالًا مؤولة؛ بمعنى: مضارين.
1 ومثل هذا كلمة: "شوقًا" في بيت الكميت:
طربت، وما شوقًا إلى البيض أطرب
…
ولا لعبًا مني وذو الشيب يلعب؟
يريد: وما أطرب شوقًا إلى البيض، كما يريد: وأذو الشيب يلعب؟ فحذف همزة الاستفهام؛ لأن حذفها كثير للخفة عند أمن اللبس – كما جاء في المحتسب ج 2 ص 205.
2 لأن العلة في وجود الشيء لا تكون إلا واحدة، والسبب الواحد لا يوجد إلا مسببًا عنه واحدًا.
3 ومن أمثلة العطف عليه قول علي رضي الله عنه في بعض الأشرار: "لا تلتقي بذمهم الشفتان؛ استصغارًا لقدرهم، وذهابًا عن ذكرهم"، وكذلك:"لعبًا" في الشطر الثاني من البيت السابق.
ومن أمثلة البدل قول أحد الباحثين: "ما تأملت الكون إلا تجلت لي عظمة الله، وعجائب قدرته؛ فأطأطئ الرأي إخباتًا، خشوعًا، وتواضعًا
…
"، فالخشوع هو الإخبات، بدل كل من كل.