المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المسألة 87: التمييز - النحو الوافي - جـ ٢

[عباس حسن]

الفصل: ‌المسألة 87: التمييز

‌المسألة 87: التمييز

ص: 413

هـ- نسبة، أو: جملة1

ازداد المتعلم

... - ازداد المتعلم أدبًا.

أعجبني الخطيب

... - أعجبني الخطيب كلامًا.

فاضت البئر....

- فاضت البئر نفطًا2.

أ- في جملة مثل: "عندي إردب" من أمثلة "أ" نجد كلمة غامضة مبهمة هي: "إردب"؛ لأن مدلولها يحتمل عدة أنواع مختلفة، لا نستطيع تخصيص واحد منها بالقصد دون غيره، فقد يكون هذا الإردب: قمحًا، أو: شعيرًا، أو: فولًا، أو: غيرها، ولا ندري النوع المراد من تلك الأشياء الكثيرة، إذ لا دليل عليه وحده لهذا كانت كلمة:"إردب" مبهمة، أي: غامضة المدلول؛ لعدم تحديد المراد منها وتعيينه.

لكن إذا قلنا: عندي إردب شعيرًا زال الغموض والإبهام، وتعين المراد بسبب اللفظ الذي جاء؛ وهو:"شعيرًا".

كذلك الشأن في كلمة: "كيلة"، فإنها غامضة المدلول، مبهمة، لا تعيين فيها؛ لاحتمال أن تكون الكيلة: قمحًا، أو: ذرة، أو: فولًا، أو: عدسًا

، فإذا قلنا: كيلة قمحًا، تعين المراد، وزال الاحتمال، ومثل هذا يقال في كلمة:"قدح" في المثال الأخير من قسم "أ"، وفي غيرها من كل كلمة عربية تدل على العرف الشائع على شيء يقع به الكيل؛ مثل: ويبة، ربع، ملوة3

ب– وفي جملة مثل: اشتريت أوقية "من أمثلة القسم: "ب""، نصادف هذا الإبهام والغموض في كلمة:"أوقية"؛ لاحتمالها عدة أنواع، لا نستطيع تخصيص واحد منها بالمراد دون غيره، فقد تكون الأوقية ذهبًا، أو: فضة، أو عنصرًا آخر من العناصر التي توزن

لكن إذا قلنا: أوقية ذهبًا اختفى الإبهام، وحل محله التعيين الموضح

_________

1 لهذا النوع أمثلة أخرى في "ب" من ص 422.

2 هو المسمى: "زيت البترول".

3 من المكاييل الشائعة في مصر: الإردب؛ وهو يساوي اثني عشرة كيلة، ومقدار الكيلة، ربعان، والربع: أربعة أقداح، والويبة كيلتان، والكيلة أيضًا أربع ملوات.

ص: 414

للمطلوب، ومثل هذا يقال في كلمة: رطل، وأقة، في المثال الثاني والثالث من أمثلة: قسم ب وفي نظائرها من الكلمات العربية التي يجري في العرف اعتبارها من الموازين، ومنها: قنطار، ودرهم، وحبة

جـ– وفي جملة مثل: جنيت محصول فدان "من أمثلة: "ج"" نجد الكلمة الغامضة المبهمة هي كلمة: "فدان" فإنها تحتمل أن يكون مدلولها فدان قصب، أو فدان عنب، أو قمح، أو غيره، فإذا قلنا:

"فدان قطن"، انقطع الاحتمال، وزال الغموض والإبهام، وتحدد القصد.

ومثل هذا يقال في كلمة: "قيراط"، وقصبة "من أمثلة القسم:"ج""، وغيرها من الألفاظ العربية التي تستعمل في المساحات1، ومنها: السهم2، والذراع، والباع والشبر، والفتر

"

د– ومثل هذا يقال في كل عدد من جمل القسم: "د" أو ما شابهها مما يشتمل على أحد الأعداد؛ نحو: عندي خمسة، فإن كلمة:"خمسة" وهي عدد حسابي غامضة، مبهمة؛ لا يزول غموضها وإبهامها إلا بلفظ آخر يحدد المراد منها؛ مثل: أقلام، أو غيرها مما ورد في هذا القسم وفي نظائره.

هـ- ننتقل بعد ذلك إلى نوع آخر من الغموض والإبهام يختلف عما سبق؛ ففي مثل: "ازداد المتعلم"، لا يقع الغموض على كلمة واحدة كالتي سلفت، وإنما ينصب على الجملة كلها؛ أي: على المعنى جزأيها الأساسيين معًا، فقد نسبنا الازدياد للمتعلم، فأي ازدياد هذا الذي نسبناه له، أهو في علمه؟ أم في أدبه، أم في ماله؟ أم في جسمه، أم في حسن معاملته

؟

فالأمر المنسوب للمتعلم غامض مبهم، وهذا الأمر الغامض ليس منصبًا على كلمة واحدة كما قلنا؛ وإنما يشمل معنى جملة كاملة؛ لأن الجملة هي التي تحوي في طرفيها نسبة شيء3 لشيء آخر، فإذا قلنا: ازداد المتعلم أدبًا ارتفع

1 هي الأشياء التي يجري تقديرها بالقياس، ويدخلها العرف الشائع في المقاييس.

2 في مصر يقسم الفدان إلى أربعة وعشرين قيراطًا، والقيراط أربعة وعشرون سهمًا.

3 في هامش الصفحة الأولى من صفحات الجزء الثالث، بيان مستفيض عن معنى:"النسبة" وأنواعها، وما يتصل بها.

ص: 415

الغموض عن النسبة؛ بسبب الكلمة التي جاءت لإزالته، واتضح المراد من الجملة بعد مجيء هذه الكلمة.

ومثل هذا يقال ي المثالين الأخيرين من أمثلة القسم: "هـ" وفي غيرهما من كل جملة يقع فيها الغموض على النسبة الناشئة من طرفيها.

ومن كل ما تقدم يتضح ما يأتي:

أ– أن في اللغة ألفاظًا مبهمة، غامضة، تحتاج إلى تبيين وتوضيح.

ب– وأن هذه الألفاظ قد تكون كلمات منفردة، كالكلمات المستعملة في العدد، أو في المقادير الثلاثة الشائعة، وهي: الكيل، والوزن1، والمساحة وقد يكون جملًا كاملة تقع النسبة في كل واحدة منها موقع الغموض، والإبهام المحتاج إلى تفسير وإيضاح2.

جـ– وإذا تأملنا الكلمات التي أزالت الغموض والإبهام في الأمثلة السالفة وأشباهها وجدنا كل كلمة منها: نكرة3، منصوبة في الأكثر4، فضلة، تبين جنس ما قبلها أو نوعه، أو: توضح النسبة فيه، فهي كما يقولون بمعنى:"من"5 البيانية غالبًا، والكلمة التي تجتمع فيها هذه الأوصاف

1 وكذلك بعض الضمائر "كما سيجيء في "جـ" من الزيادة ص 427"، ثم انظر المراد من "المقادير" في رقم4 من هامش الصفحة الآتية.

2 وقد يكون تمييز النسبة لمجرد التوكيد؛ كقول أبي طالب عم النبي عليه

السلام:

ولقد علمت بأن دين محمد

من خير أديان البرية دينا

"راجع الصبان والخضري في باب: "نعم، وبئس" عند الكلام على اجتماع فاعلهما، وتمييزهما"، وهذا يختلف عما في رقم4 من هامش ص 430.

3 النكرة هنا: لا بد أن تكون اسمًا صريحًا؛ لأن التمييز لا يكون جملة ولا لفظًا مؤولًا.

4 إذا كانت الكلمة التي تزيل الإبهام مجرورة بالإضافة أو بالحرف كما في بعض الأمثلة المعروضة هنا، فإنها لا تسمى في "الاصطلاح": تمييزًا إلا مع التقييد بأنه مجرور؛ لأن كلمة: "تمييز" عند إطلاقها بغير تقييد لا تتصرف إلا للنوع المنصوب، أما غيره مما يفيد فائدته في هذا الباب فلا يسمى تمييزًا "اصطلاحًا"، وقد يسمى تمييزًا ولكن مع تقييده بأنه مجرور: لكيلا يتصرف الذهن إلى النوع المنصوب، والأحسن مراعاة الاصطلاح. "كما في رقم2 من هامش ص 420".

5 أي: "من" التي تبين جنس ما قبلها، أو نوعه، والمجرور بها هو عين الشيء الذي تبينه وستجيء معانيها في ص458 وليس المراد في الكلمة التي تعرب تمييزا أنه يمكن دائما تقدير "من" قبلها، فإن هذا لا يمكن في بعض الأساليب، "وانظر رقم2 من ص459".

ص: 416

تسمى: "التمييز"1، كما يسمى ما تفسره وتزيل الإبهام عنه:"المميز"، أي: أن التمييز: "نكرة، منصوبة في الأغلب فضلة، بمعنى "من" التي للبيان"2.

أقسام التمييز:

ينقسم التمييز بحسب المميز إلى قسمين:

أولهما: تمييز المفرد، أو: الذات3 وهو الذي يكون مميزه لفظًا دالًا على العدد، أو على شيء من المقادير4 الثلاثة:"الكيل، الوزن، المساحة"، أي:

1 ويسمى أحيانًا: التبيين، أو: التفسير، أو: المفسر، أو: المميز، أو: المبين.

2 غالبًا كما سبق، ويقول ابن مالك في تعريف التمييز، وبيان عامله، والتمثيل لبعض أقسامه ما يأتي:

اسم بمعنى: "من" مبين، نكره

ينصب تمييزًا بما قد فسره

كشبر أرضًا، وقفيز برًا،

ومنوين عسلًا وتمرَا

يريد بالمبين: أن التمييز يبين إبهام ما قبله، أي: يوضحه ويزيل غموضه، ثم يقول: إن التمييز منصوب، وناصبه هو الشيء المبهم الذي جاء التمييز لتفسيره وإيضاحه، ومعنى هذا عنده أن تمييز النسبة منصوب في رأيه بالجملة التي يوضح النسبة فيها، وسيجيء الرأي في كل ذلك. "رقم 2 من ص422 و3 من ص 424".

"البر": القمح، "القفيز" إذا كان مكيلًا فإنه يختلف باختلاف الأقطار؛ فهو في بعضها نحو: 2 / 3 18 قدحًا، وفي بعض آخر نحو: ثمان وأربعين قدحًا "منوين" تثنية: "منًا" وهو بعض الأقطار من مقادير الوزن المقدرة برطلين.

3 سمي تمييز مفرد: لأنه يزيل الإبهام عن كلمة واحدة، أو ما هو بمنزلتها، ويسمى أيضًا: تمييز "ذات"؛ لأن الغالب في تلك الكلمة التي يزيل إبهامها أن تكون شيئًا محسوسًا مجسمًا، فمعنى ذات: أنها جسم، وليس في هذا النوع من التمييز تحويل كما سيجيء في الصفحة التالية عند الكلام على تمييز الجملة.

هذا، والكثير في تمييز المفرد أن يكون جامدًا، وقد يكون مشتقًا على الصورة الموضحة في:"ج" من ص 427، ولها إشارة في رقم6 من ص 430.

4 المقادير هنا: جمع مقدار، وهو: ما يقدر به غيره، ويشمل كل شيء يستعمل في تقدير الكيل، أو الوزن، أو المساحة، من غير تقيد بلفظ خاص، أو بزمن معين. وبهذا يدخل كل لفظ عربي عرف العمل به في تقدي واحد من الثلاثة المذكورة، ولا يدخل العدد في التقدير -على المشهور- لأن العدد في المعنى هو المعدود؛ كما في مثل: هنا خمسة رجال؛ فالخمسة التي هنا هي الرجال، والرجال هي الخمسة، بخلاف المقادير.

ص: 417

"أنه الذي يزيل إبهام لفظ من ألفاظ الكيل، أو: الوزن، أو: المساحة، أو: العدد" 1، فتمييز المفرد أو الذات أربعة أنواع غالبًا2.

ثانيهما: تمييز الجملة، وهو الذي يزيل الغموض والإبهام عن المعنى العام بين طرفيها، وهو المعنى المنسوب فيها لشيء من الأشياء، ولذلك يسمى أيضًا:"تمييز النسبة"، وقد سبقت الأمثلة للنوعين.

تقسيم تمييز الجملة "أي: النسبة" بحسب أصله:

ينقسم تمييز الجملة "دون تمييز المفرد" إلى ما أصله فاعل في الصناعة3 وإلى

1 العدد المقصود في هذا الباب هو العدد الصريح؛ أي: العدد الحسابي: مثل3، 4، 5، 6

و

أما العدد المبهم "أي: الكنائي" مثل: "كم"،

فله، في الجزء الرابع باب خاص بأحكامه المختلفة، هو: باب: كنايات العدد.

2 قلنا: غالبًا؛ لأن هناك نوعًا خامسًا كما أشرنا في رقم1 من هامش ص 416 هو تمييز الضمير "المبهم"، وسيجيء تفصيل الكلام عليه في "جـ" من الزيادة، ص 427.

3 أي: فاعل لفعل، أو ما يشبه الفعل مما يحتاج لفاعل يقتضي الأصول النحوية وصناعتها، والتقييد بأن الفاعل المعنوي أصله فاعل في الصناعة تقييد ضروري؛ لإبعاد ما هو فاعل في المعنى دون الصناعة؛ نحو: لله درك فارسًا، وأبرحت جارًا "أي: أعجبت؛ يقال: أبرح الرجل، إذا جاء بالبرح بسكون الراء أي: بالعجب"، فإن معناهما: عظمت فارسًا، وعظمت جارًا، ولكنهما غير محولين أصلًا عن الفاعل الصناعي، ولهذا يجوز جرهما بالحرف: "من" نحو: لله درك من فارس. ونحو: أبرحت من جار، في حين التمييز المحول عن الفاعل الصناعي يجب نصبه، ولا يجوز جره بمن.

انظر "ج" من ص 427 وكذلك: ما أحسن المهذب رجلًا، فإنه مفعول في المعنى، لكنه غير محول؛ لأنه عين ما قبله، ولهذا يصح جزء أيضًا بمن.

انظر ما يتصل بفعل التعجب في رقم 4 من هامش ص423، وكذلك البيان المفيد الخاص بمثل:"لله دره فارسًا"

في "جـ" من ص 427.

أما نحو: نعم رجالًا الزراع، فقد رأى بعض النحاة في التمييز أنه محول عن الفاعل الصناعي؛ فيجب نصبه، ورأى آخرون أنه غير محول فيجوز فيه النصب أو الجر بمن، والرأي الأول أقوى.

وكما يكون الفاعل محولًا عن الفاعل الصناعي في الأصل، يكون محولًا أحيانًا عما أصله نائب فاعل؛ ككلمة:"شكلًا" في قول الشاعر:

يصنع الصانعون وردًا، ولكن

وردة الروض لا تضارع شكلًا

ولأصل: لا يضارع شكلها.

ص: 418

ما أصله مفعول به كذلك، ويرى أكثر النحاة أن تمييز الجملة لا يخرج في الغالب عن واحد من هذين، "ولو تأويلًا"1؛ مثل: زادت البلاد سكانًا، اختلف الناس طباعًا، قوي الرجل احتمالًا، ومثل: أعددت الطعام ألوانًا، وفيت العمال أجورًا، نسقت الحديقة أزهارًا

فالأصل: "زاد سكان البلاد، اختلفت طباع الناس، قوي احتمال الرجل". فتغير الأسلوب؛ بتحويل الفاعل تمييزًا، وقد كان الفاعل مضافًا؛ فأتينا بالمضاف إليه، وجعلناه فاعلًا، بعد أن صار الفاعل فاعلًا، بعد أن صار الفاعل تمييزًا بالصورة السالفة2

والأصل في الأمثلة الباقية: "أعددت ألوان الطعام، وفيت أجور العمال، نسقت أزهار الحديقة"؛ فتغير الأسلوب؛ بتحويل المفعول به تمييزًا، وقد كان هذا المفعول مضافًا، فأتينا بالمضاف إليه، وجعلناه مفعولًا به، بعد أن صار المفعول به السابق تمييزًا.

أما تمييز المفرد فلا تحويل فيه مطلقًا.

1 راجع "أ" و: "ب" من الزيادة والتفصيل "ص426" حيث الكلام على التأويل ونوع من التفضيل.

2 ومن هذا النوع كلمة "مقتًا" وهي تمييز في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ، كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ} ، كبر، عظم، المقت: أشد الكراهة: والبغض، والأصل: كبر مقت قولكم ما لا تفعلون

أي: المقت المترتب على قولكم

ص: 419

المسألة 88: أحكام التمييز

أ– يختص تمييز المفرد "أو: الذات" بالأحكام التالية:

أ– إن كان تمييزًا للكيل، أو: الوزن، أو: المساحة، جاز فيه ثلاثة أشياء، إما نصبه على أنه التمييز مباشرة وهذا هو الأحسن1، وإما جره2 على أنه مضاف إليه، والمميز هو المضاف، وإما جره بالحرف "من"، ومن الأمثلة غير ما سبق:"اشتريت كيلة أرزًا، اشتريت كيلة أرز، اشتريت كيلة من أرز"، "اشتريت درهمًا ذهبًا، اشتريت درهم ذهب، اشتريت درهمًا من ذهب"، "بعت محصول فدان قصبًا، بعت محصول فدان قصبٍ، بعت محصول فدانٍ من قصبٍ".

وإما يجب جر التمييز على اعتباره مضافًا إليه بشرط ألا يكون المقدار، وهو المميز قد أضيف لغيره؛ فإن أضيف المقدار لغير التمييز وجب نصب التمييز، أو: جره "بمن"، نحو: ما في الإناء قدر راحة دقيقًا3، أو: من دقيق.

1 لأنه يدل على المقصود نصًا من غير احتمال شيء آخر معه؛ ففي مثل: "اشتريت رطلًا عسلًا"؛

يدل النصب على أن المتكلم يريد أن الإناء المسمى بالرطل مملوء بالعسل، أو أن عنده ما يملأ الإناء المذكور من هذا الصنف

المذكور، ولا يريد في هذا المثال الوعاء نفسه، أما الجر فيؤدي إلى احتمال أن يكون المراد ذلك، وأن يكون المراد بيان أن عنده الوعاء الصالح في هذا المثال أو الصنجة الموزون بها، أو المكيال الذي يكال به، أو المقياس الذي يمسح به "أي: يقاس به".

راجع الأشموني والصبان.

2 ومع جره يسمى: "تمييزًا""مجرورًا" أيضًا: فالجر لا يمنع من هذه التسمية المقيدة "انظر رقم 4 من هامش ص 416"، والإضافة هنا على معنى "من" البيانية التي سبق الكلام عليها "في رقم5 من هامش ص416"، وهذا هو الشأن في إضافة المقادير إلى الأشياء المقدرة، نحو: بعت فدان قصب، وفي إضافة الأعداد إلى معدوداتها؛ نحو: خمسة أقلام، وفي إضافة العدد إلى عدد آخر، نحو عندي من الكتب أربعمائة، "وسيجيء البيان في جـ 3 م 93 ص 18 حيث الأوجه الإعرابية المختلفة فيما سبق".

3 في هذا يقول ابن مالك:

وبعد ذي وشبهها اجرره إذا

أضفتها؛ كمد حنطة، غذا

=

ص: 420

وإن كان تمييز المفرد خاصًا بالعدد الصريح، والعدد ثلاثة، أو عشرة، أو ما بينهما

، وجب جر التمييز، بإعرابه مضافًا إليه، والمضاف هو العدد "أي: المميز"، والغالب في هذا التمييز المجرور أن يكون جمع تكسير للقلة.

فإن كان العدد لفظًا دالًا على المائة أو المئات، أو الألف أو الألوف وجب أن يكون التمييز مفردًا مجرورًا؛ لأنه يعرب مضافًا إليه، والمضاف هو العدد1.

وإن كان العدد غير ما سبق وجب نصب التمييز مباشرة، وأن يكون مفردًا، وفيما يلي أمثلة لكل ما سبق:

"قرأت في العطلة ثلاثة كتب، كل كتاب مائة صفحة، وعدد السطور ألف سطر".

= يريد: "بذي"

الأشياء التي سبق أن عرض لها أمثلة في البيت السابق؛ "وهي

ثلاثة: المساحة، الكيل، الوزن"، فإن التمييز بعدها مجرور بالإضافة، أما "شبهها" فهو: كل لفظ عربي جرى العرف على استعماله في واحد من الثلاثة. و"المد": يقدر في بعض الأقاليم بنحو 7/ 12 من القدح، وفي بعض آخر بنحو: رطل وثلث رطل، "حنطة": قمح، غذا: غذاء.

ثم قال: إن الجر بالإضافة إنما يكون حين إضافة المميز مباشرة، أما إذا أضيف المميز لغير التمييز، فيجب نصب التمييز:

والنصب بعد ما أضيف وجبا

إن كان مثل: "ملء الأرض ذهبًا"

وسيذكر بعد بيتين أنه يجوز جر التمييز بالحرف "من" بشرط ألا يكون التمييز لعدد ولا للنسبة، فيقول البيت التالي:

واجرر "بمن" إن شئت غير ذي العدد

والفاعل المغني؛ كطب نفسًا تفد

"ذي العدد" أي: صاحب العدد، يريد التمييز الذي للعد الصريح، فإنه لا يجوز جره بالحرف "من" أما العدد غير الصريح؛ مثل:"كم"، فيجوز جر تمييزه بالتفصيل الوارد في بابه، ج 4 نحو: كم من كتاب عندك، كما أن التمييز الذي كان أصله فاعلًا؛ لأن أساس الكلام: لتطب نفسك؛ ثم حول الكلام فصار الفاعل تمييزًا، ومثله: طاب الورع نفسًا؛ أصله: طابت نفس الورع؛ ثم حول الكلام على الوجه السالف، "وقد وفينا الكلام على أصل التمييز، وستجيء الإشارة لبيت السالف لمناسبة أخرى في ص 424".

1 والإضافة على معنى: "من" طبقًا للبيان الذي سلف في رقم2 من هامش ص 420، ورقم5 من هامش ص416.

ص: 421

"قضينا في الرحلة خمسة أيام، قطعنا فيها مائة ميل مشيًا، وأنفق كل منا ألف قرش"، "الأسبوع سبعة أيام بلياليها، كل منها أربع وعشرون ساعة، والساعة ستون دقيقة"، "السنة اثنا عشر شهرًا، والشهر ثلاثون يومًا –غالبًا– السنة ثلاثمائة يوم وأربعة وستون يومًا، في الغالب"1.

2-

وعامل النصب أو الجر بالإضافة في "التمييز المفرد"، وهو اللفظ المبهم، أي: المميز، أما عند الجر بالحرف:"من"، فإن هذا الحرف يكون هو العامل.

3-

ولا بد من تقدم العامل على التمييز في جميع الأنواع الخاصة بتمييز الذات "المفرد"1.

4-

وإذا تعدد تمييز المفرد، فالأحسن العطف بين المتعدد2، وإذا كان التمييز مخلوطًا من شيئين جاز تعدده بعطف وغير عطف، نحو: عندي رطل سمنًا عسلًا، أو: سمنًا وعسلًا.

ب- يختص تمييز "الجملة" أي: تمييز "النسبة" بالأحكام الآتية:

1– يجب نصبه إن كان محولًا عن الفاعل أو المفعول الصناعيين3؛ نحو: "ارتفع المخلص درجة، وعلا الأمين منزلة"، ومثل:"رتبت الحجرة أثاثًا، نظمت الكتب صفوفًا"، والأصل: ارتفعت درجة المخلص، علت منزلة الأمين، رتبت أثاث الحجرة، نظمت صفوف الكتب.

ومن تمييز الجملة الواجب النصب ما يكون واقعًا بعد أفعل التفضيل، نحو: المتعلم أكثر إجادة، وإنما يجب نصبه بشرط أن يكون سببًا4؛ أي: فاعلًا

1و1 لتمييز العدد أحكام كثيرة، متشعبة، وتفصيلات متعددة، ولا سيما تقدمه، مكانها:"باب العدد" في الجزء الرابع، "م 94 ص 394"، وقد اقتصرنا هنا على ما يناسب موضوعنا.

2 والذي بعد العاطف لا يسمى تمييزًا، وإنما يعرب معطوفًا، برغم أنه يؤدي معنى التمييز، كما سيجيء في رقم5 من هامش ص424.

3 انظر رقم3 من هامش ص418، و"ب" من ص426.

4 معناه الأصيل في رقم2 من هامش ص426.

ص: 422

في المعنى، كالمثال المذكور، وإلا وجب جره بالإضافة، وعلامة التمييز الذي هو فاعل في المعنى ألا يكون من جنس المفضل الذي قبله، وأن يستقيم المعنى بعد جعله فاعلًا مع جعل أفعل التفضيل فعلًا1؛ ففي المثال السابق نقول: المتعلم كثرت إجادته، وفي مثل: أنت أحسن خلقًا، نقول: أنت حسن خلقك

وهكذا، ومثال التمييز الذي ليس بفاعل في المعنى:"على أفضل جندي، ومية أفضل شاعرة"، وضابط هذا النوع أن يكون أفعل التفضيل بعضًا من جنس التمييز؛ فيصح أن يوضع مكان أفعل التفضيل كلمة:"بعض" مضافة، والمضاف إليه جمع يقوم مقام التمييز ويحل في مكانه؛ فلا يفسد المعنى، ففي المثال السابق نقول: علي بعض الجنود، ومية بعض الشاعرات، وإذا لم يصح أن يكون فاعلًا في المعنى وجب جره بالإضافة كما قلنا، لوجوب إضافة أفعل التفضيل إلى ما هو بعضه2 "متابعة للرأي الأشهر".

وإنما يجب الجر بالإضافة هنا بشرط أن يكون أفعل التفضيل غير مضاف لشيء آخر غير التمييز، فإن كان مضافًا وجب نصب التمييز؛ نحو: علي أفضل الناس إخوة، ومية أفضل النساء أشعارًا.

ومما تقدم نعلم أن تمييز أفعل التفضيل يجب نصبه في حالتين وجره في واحدة.

ومن تمييز الجملة الذي يجب نصبه، ولا تصح إضافته3: ما يقع بعد التعجب القياسي، أو السماعي4؛ فالأول، نحو: ما أحسن الغني مشاركة في الخير

1 لهذا إيضاح يجيء في "ب" من الزيادة والتفصيل ص426، وبيان مفيد آخر في باب:"أفعل التفضيل" ج3 م 112 ص 338.

2 كما سيجيء في بابه بالجزء الثالث م 112 ص 338، وفي هذه الصورة يقول ابن مالك:

والفاعل المعنى انصبن بأفعلا

مفصلًا: كأنت أعلى منزلا

3 فيمتنع جزء بالإضافة حتمًا، دون جره بمن في بعض الصور كما سيجيء في رقم1 من هامش ص424.

4 القياسي يكون بإحدى الصيغتين المخصصتين له، وهما: ما أفعله، وأفعل به. "وسيجيء الكلام المفصل عليهما في مكانه من الجزء الثالث، باب: "التعجب". أما التعجب بغيرهما فمقصور على السماع، ويقال له: التعجب العرضي، وفي هذه الصورة يقول ابن مالك:

وبعد كل ما اقتضى تعجبا

ميز، كأكرم بأبي بكر أبا

وذكر بعد هذا البيت بيتا سبق أن نقلناه، وشرحناه بمناسبة أخرى في هامش ص421، هو:

واجرر "بمن" إن شئت غير ذي العدد

والفاعل المغني: كطب نفسًا تفد

ص: 423

أحسن بالغني مشاركة في الخير، والثاني نحو: لله در العالم مخترعًا1 حسبك به رجلًا كفى به نافعًا، يا جارتا ما أنت جارة2 حسبك بالصادق رجلًا، وقول الشاعر:

وحسبك داء أن تبيت ببطنة3

وحولك أكباد تحن إلى القد4

2– لا يجوز تعدده بغير عطف؛ نحو: نما الغلام جسمًا وعقلًا5

3– عامل النصب في هذا التمييز هو ما في الجملة من فعل، أو: شبهه6.

4– لا يجوز تقديم هذا التمييز على عامله إذا كان العامل جامدًا، كأفعل في التعجب؛ وكنعم وبئس7، وأخواتهما من أفعال المدح والذم، نحو: "ما أنفع

1 يجوز فيه وفيما بعده جره بمن بملاحظة ما سبق في رقم3 من هامش ص418، وما سيجيء في "ج" من الزيادة ص427 والدر: اللبن، أي: أن اللبن الذي ارتضعه هذا الرجل ونشأ عليه، لبن غير معتاد ولا مألوف، إنما هو لبن موضع العجب، إذ أنشأ هذا الرجل الذي لا مثيل له؛ فهو لبن خاص من عند منشئ العجائب، ومبدعها الأول؛ وهو: الله، "راجع رقم2 من هامش ش 22 وجـ من ص 427 من هذا الجزء، ثم الجزر الأول ص 504 م 38. من الطبعة الرابعة".

2 "يا جارتا": أصلها: يا جارتي، منادى منصوب؛ لأنه مضاف لياء المتكلم، المنقلبة ألفًا، وهذا الأسلوب تتعدد فيه الصور الإعرابية بتعدد المعاني، فقد تكون "ما" حرف نفي خرج من معناه للتعجب، والجملة بعدا اسمية؛ "مبتدأ وخبر" خالية من التمييز، ويكون المعنى: لست جارة، وإنما أنت شيء أكثر منها: فأنت أم، أو أخت، أو إحدى القريبات الحميمات، أي: بمنزلة واحدة من هؤلاء؛ إعلانًا للتعجب من عملها الذي لا يصدر من جارة، وإنما يصدر من واحدة ممن سبقن.

وقد تكون "ما" استفهامية، خبر مقدمًا، و"الضمير" مبتدأ مؤخر، و"جارة": تمييز، والجملة تفيد التعجب بسبب أداة الاستفهام الدالة على الاستعظام؛ فقد خرج عن معناه الحقيقي إلى التعجب، ويصح في هذه الصورة أيضًا أن تكون:"جارة" حال مؤولة، بمعنى: ملاصقة

ويصح أن تكون "ما" نافية، والجملة بعدها منفية، أي: أنت لست أهلًا أن تكوني جارة

و

3 شدة امتلاء المعدة بالطعام.

4 القطعة من الجلد الجاف غير المدبوغ.

5 وما بعد العاطف يعرب معطوفًا، ولا يسمى في الاصطلاح تمييزًا؛ ع أنه يؤدي معنى التمييز، كما سبق في رقم 2 من هامش ص422.

6 وهذا عند غير ابن مالك، وقد سجلنا رأيه في رقم2 من هامش ص417.

7 انظر رقم1 من هامش ص 301 م 110 جـ3 باب "نعم وبئس"، ففيه أحكام خاصة بتمييزها، ومنها: أنه لا يصح تأخيره عن المخصوص بالمدح أو الذم.

ص: 424

الطبيب إنسانًا، ونعم الأمين رفيقًا، وبئس القاسي رجلًا"، أو كان فعلًا متصرفًا يؤدي معنى الجامد؛ نحو: كفى بالطبيب إنسانًا، فإن الفعل: "كفى" متصرف ولكنه بمعنى فعل غير متصرف، وهو فعل التعجب، فمعنى قولنا: كفى بالطبيب إنسانًا: ما أكفاه إنسانًا:

أما في غير هاتين الصورتين الممنوعتين، فالأحسن عد تقديم التمييز1على عامله.

وأما توسط هذا التمييز بين عامله ومعموله، فجائز بشرط أن يكون العامل فعلًا أو وصفًا يشبهه؛ نحو: صفا نفسًا الورع، وقول المتنبي:

فهن أسلن دما مقلتي

وعذبن قلبي بطول الصدود

1 في حكم تقديم التمييز على عامله، وعدم تقديمه يقول ابن مالك:

وعامل التمييز قدم مطلقًا

والفعل ذو التصريف نزرًا سبقًا

يريد: أن عامل التمييز يجب تقديمه؛ سواء أكان التمييز مفرد أم تمييز نسبة، ثم بين أن التمييز إن كان عامله فعلًا متصرفًا، وهذا لا يكون إلا في تمييز الجملة، فقد يتأخر هذا العامل ويتقدم التمييز عليه في حالات نادرة، والأحسن عدم القياس هنا.

ص: 425

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

زيادة وتفصيل:

أ– تمييز النسبة قد يكون غير محول إلا بتأويل لا داعي له، نحو: امتلأ الإناء ماء؛ إذ لا يقال: امتلأ الماء.

ب– عرفنا1 أن التمييز الواجب النصب بعد "أفعل التفضيل" هو السببي2، وأنه نوع من تمييز الجملة؛ إذ أصله:"فاعل" وأصل "أفعل" هو: الفعل، ومن الممكن إرجاعهما إلى أصلهما؛ فتعود الجملة الفعلية للظهور، وتجرع لأصلها الذي تركته، وتحولت عنه إلى أسلوب آخر

لكن كيف يتحقق هذا؟ ففي مثل: أنت أكثر مالًا، وأعلى منزلًا، ونظائرهما لا يمكن تحويل أفعل إلى فعل يؤدي المعنى الأصلي الأساسي لصيغة التفضيل، "وهو الكثرة، والعلو مثلًا"، مزيدًا عليه الدلالة على التفضيل.

يرى بعض النحاة في هذا النوع التفضيلي أنه محول عن مبتدأ مضاف، والأصل، مالك أكثر؛ ومنزلك أعلى

فصار المبتدأ تمييزًا، وصار الضمير المتصل المضاف إليه مبتدأ مرفوعًا منفصلًا، وفي هذه الحالة وأمثالها يجيء التمييز محولًا عن المبتدأ.

ويرى آخرون؛ أن المراد معروف من السياق، وهو: أنه كثر كثرة زائدة، وملأ علوًا زائدًا، فلا يفوت التفضيل بتحويله عن الفاعل، أو: أن فوات معنى التفضيل غير ضار؛ إذ لا يجب بقاؤه في الفعل الموضوع مكان أفعل التفضيل في هذا الباب، قياسًا على عدم بقائه في بعض أبواب أخرى.

وكلا الرأيين حسن، ولعل الرأي الثاني –بوجهتيه– أحسن؛ لأن فيه تخفيفًا من غير ضرر، وتقليلًا للأقسام بحصرها في الفاعل والمفعول به.

1 في آخر ص422.

2 هو المتصف في المعنى بالشيء الجاري في اللفظ على غير هذا المتصف به؛ فإن المنزل في مثل: أنت أعلى منزلًا هو المتصف في المعنى بالعلو، مع أن العلو

جار في اللفظ على المخاطب.

ص: 426

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

جـ– من الأساليب المسموعة في التمييز: لله در خالد فارسًا1، فكلمة:"فارسًا"، وأشباهها مما يحل محلها في هذا التركيب، ويكون مشتقًا2 يصح إعرابها حالًا؛ لاشتقاقها؛ ولأن المعنى يتحمل الحالية، ويصح إعرابها تمييزًا للنسبة؛ والمعنى على هذا التمييز أوضح، وبه أكمل.

وإنما يكون التمييز في مثل: "لله در خالد فارسًا" من تمييز النسبة إذا كان المتعجب منه "وهو المميز" اسمًا ظاهرًا مذكورًا في الكلام كهذا المثال، أو كان ضميرًا مرجعة معلوم؛ نحو: سجل التاريخ أبدع صور البطولة لخالد بن الوليد؛ لله دره بطلًا أو: يا له رجلًا، أو: حسبك به فارسًا

فالضمير هنا وهو الهاء معروف المرجع: فإن جهل المرجع وجب اعتبار التمييز من تمييز المفرد3؛ لأن الضمير مبهم، فافتقاره إلى التمييز ليكون مرجعًا يبين ذات صاحبه؛ ويوضح حقيقته أشد من افتقاره إلى بيان نسبة التعجب إليه "أي: إلى

صاحب الضمير"، أما الضمير المعلوم فبالعكس كما ذكرنا4، ومثل هذا يقال في الضمير المتصل بالصيغتين القياستين في التعجب"، وهما "ما أفعله، وأفعل به".

أما تمييز الضمير المستتر في: "نعم" و"بئس" في مثل: الفارس نعم رجلًا، الجبال بئس جنديًا، فالأحسن اعتباره من تمييز المفرد؛ برغم أن مرجعه مذكور دائمًا: وهو: التمييز، ومثله: ربه رجلًا.

أما تمييز "كم" في مثل: كم رجلًا شاركتهم؛ فإنه مفرد من نوع تمييز العدد؛ لأن "كم" كناية عنه.

1 سبق شرحها مع غيرها وبيان حكمها في رقم3 من هامش ص418، ولها شرح مع غيرها في رقم4 من هامش ص426، وكذا في رقم2 من هامش ص22 وكذا في ص504 جـ1 م 38 من الطبعة الرابعة.

2 ومثلها كلمة: "منظر" في قول الشاعر:

حسن الأزاهر سحر، جل مبدعه

فاسعد بها منظرًا، وانعم بها طيبًا

3 كأن ينظر شخص قائدين، أحدهما راكب، والآخر راجل، ثم يقول عن غير إعلان، ولا تصريح باسم أحدهما: لله دره فارسًا، أو: يقرأ نصين؛ أحدها نثر، والآخر شعر، وهما لأديب واحد ثم يقتصر على أن يقول: الله دره شاعرًا.

4 هذا النوع هو الذي أشرنا إليه في رقم2 من هامش ص 418.

ص: 427

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

د– تجب مطابقة تمييز الجملة للاسم السابق1 في مواضع، ويجب ترك المطابقة في أخرى، وقد تترجح المطابقة أو عدمها في ثالثة، وفيما يلي البيان:

فتجب المطابقة في الحالات التالية:

1– إن كان كل من التمييز والاسم السابق عليه في الجملة لشيء واحد، أي أن مدلول كل منهما هو مدلول الآخر؛ نحو: كلام علي رجلًا، "فالرجل هو: علي، وعلي هو: الرجل"، وكرم العليان رجلين، وكرم العليون رجالًا، وكرمت عبلة فتاة، وكرمت العبلتان فتاتين، وكرمت العبلات فتيات

و

2– إن كان مدلول التمييز غير مدلول الاسم السابق1، ولكن هذا الاسم السابق جمع، والتمييز مصدر فإنه يجمع إذا اختلفت أنواعه باختلاف الأفراد التي يدل عليها الاسم السابق، وتنطبق عليها تلك الأنواع، وتنصب عليها، نحو: خسر الأشقياء أعمالًا، فقد جمع التمييز "أعمالًا" بقصد معين: هو بيان أن هذه الأعمال مختلفة الأنواع، وأن كل نوع منها يصيب شقيا، وهو فرد من أفراد الاسم السابق المجموع:"الأشقياء".

3– إن كان التمييز غير الاسم السابق، ولكن الاسم السابق جمع، والتميز جمع متعدد، غير مصدر، فيجمع لإزالة ليس محتمل؛ نحو: كرم الأولاد آباء، فقد جمع التمييز:"آباء" ليدل جمعه على أن لكل ولد أبًا، وليسوا إخوة، ولو لم نجمعه، وقلنا: كرم الأولاد أبًا، لقوى احتمال أنهم إخوة من أب واحد.

ويجب ترك المطابقة فيما يأتي:

1– إن كان معنى التمييز واحدًا ليس له أفراد متعددة، ومعنى الاسم السابق متعددًا؛ نحو: كرم الأولاد أبًا "إذا كانوا إخوة لأب".

2– أو كان التمييز غير الاسم السابق، ولكن الاسم السابق مفرد، والتمييز جمع متعدد غير مصدر، وقصد بجمعه إزالة لبس محتمل؛ نحو: نظف المتعلم أثوابًا، وكرم الشريف آباء، فلو طابق التمييز الاسم السابق لوقع في الوهم

1و1 أي: الممييز.

ص: 428

أن المقصود ثوب واحد، وأب واحد، ولإزالة هذا الاحتمال، والوهم جمع التمييز.

3– أو كان التمييز مصدرًا لا يقصد أن تختلف أنواعه، نحو: أحسن الجنود عملًا.

وتترجح المطابقة في مثل؛ حسنت الفتاة عينًا؛ لأن احتمال اللبس يكاد يكون معدومًا؛ إذ لا يكاد يخطر على البال أن السن مقصور على عين واحدة. ويترجح تركها في: حسن الفتيان، أو الفتية وجهًا، للسبب السالف.

هـ- يتفق الحال والتمييز في أمور، ويفترقان في أخرى، وأهم ما يتفقان فيه خمسة أمور:

كلاهما: اسم، نكرة، منصوب، فضلة، رافع للإبهام.

وأهم ما يختلفان فيه سبعة:

1– التمييز لا يكون إلا مفردًا1، أما الحال فقد تكون جملة، أو شبه جملة.

2-

التمييز لا يكون إلا فضله، أما الحال فقد يتوقف عليها المعنى الأساسي كما سبق في بابها2.

3-

التمييز مبين للذوات أو للنسبة، والحال لا تكون إلا مبينة للهيئات.

4– تمييز الجملة لا يتعدد إلا بالعطف؛ نحو: ارتفع النبيل خلقًا، وعلمًا، وجاهًا. والأحسن في التمييز المتعدد للمفرد أن يكون تعدده بالعطف، إلا إن كان المراد من التمييز المتعدد المفرد معنى واحدا كالاختلاط في مثل عندي رطل عسلًا سمنًا؛ فيجوز التعدد مع العطف، وبدونه3 أما الحال فتعدد بعطف وبغير

1 ليس جملة، ولا شبهها.

2 في ص364، وفي رقم3 من ص 408.

3 انظر رقم4 من ص422.

ص: 429

عطف؛ نحو أقبل المنتصر، فرحًا، مسرعًا، مصافحًا رفاقه، أو فرحًا ومسرعًا، ومصافحًا.... وعند وجود العاطف لا تسمى في الاصطلاح "حالًا"، وإنما تعرف معطوفًا، برغم أنها تؤدي معنى الحال

1، وكذلك التمييز بعد العاطف لا يسمى في الاصطلاح تمييزًا، وإنما يعرب معطوفًا.

5– لا يصح تقديم تمييز المفرد على عامله، والأحسن عند تقديم تمييز الجملة على عامله، إذا كان فعلًا مشتقًا، أو وصفًا يشبه، أما الحال فيجوز.

6– التمييز في الغالب يكون جامدًا2، أما الحال فتكون مشتقة وجامدة3.

7– التمييز لا يكون مؤكدًا لعامله في الصحيح4، والحال قد تكون مؤكدة.

1 راجع ما يختص بهذا في ص386 من باب الحال، حيث التفصيل.

2 من أمثلة مجيئه مشتقًا قولهم: لله دره فارسًا انظر البيان الذي في: "ج" ص 427.

3 تقدم في ص368 مواضع اشتقاقها وجمودها.

4 يلاحظ الفرق الكبير بين هذا الحكم، والذي سبق في رقم2 من هامش ص 416.

ص: 430