المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌المسألة 86: حكم الحال، وعاملها، وصاحبها، ورابطها، من ناحية الذكر والحذف. أ– - النحو الوافي - جـ ٢

[عباس حسن]

الفصل: ‌ ‌المسألة 86: حكم الحال، وعاملها، وصاحبها، ورابطها، من ناحية الذكر والحذف. أ–

‌المسألة 86:

حكم الحال، وعاملها، وصاحبها، ورابطها، من ناحية الذكر والحذف.

أ– الأصل في الحال أن تكون مذكورة؛ لتؤدي مهمتهما المعنوية؛ وهي بيان هيئة الفاعل، أو المفعول به، أو غيرهما، مما سبق تفصيله1 لهذا يجب ذكرها في كثير من المواضع، ويجوز حذفها في أخرى.

فمن المواضع التي يجب أن تذكر فيها ما يأتي:

1– أن تكون محصورة؛ نحو: ما أحب العالم إلا نافعًا بعلمه.

2– أن تكون نائبة عن عاملها المحذوف سماعًا؛ نحو: هنيئًا لك2، بمعنى: ثبت لك الخير هنيئًَا، أو: هناك الأمر هنيئًا3، أو نحو هذا التقدير الدال على الدعاء بالهناءة.

3– أن يتوقف على ذكرها المعنى المراد، أو يفسد يحذفها

كما أشرنا أول الباب4؛ فالأول نحو قوله تعالى: {وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى} ، والثاني نحو قوله تعالى:{وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لاعِبِينَ} .

ومن هذا الموضع أن تكون سادة مسد الخبر5 في مثل: سهري على المزرعة نافعة.

4– أن تكون جوابًا، مثل: كيف حضرت؟ فيجاب: راكبًا.

ويجوز حذف الحال إذا دل عليها دليل، وأكثر حذفها حين يكون لفظها مشتقًا من مادة "القول"، ويكون الدليل عليها بعد الحذف هو:"المقول"

1 في ص 363.

2 ونحو قولهم: "هنيئًا لأرباب البيان بينهم

".

3 ستجيء إشارة لهذا في ص411، والحال في هذا المثال مؤكدة لعاملها كنظائرها التي سبقت: في ص 367 و

و

ومنها: ولا تعث في الأرض مفسدًا: {وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولا} ، {وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيّاً} .

4 ص 364.

5 في جـ 1 ص 385 م 39 تفصيل الكلام على الحال التي تسد مسد الخبر.

6 الشيء الذي قيل.

ص: 408

نحو جلست في حجرتي، فإذا صديقي الغائب يدخل:"السلام عليكم"، أي: يدخل قائلًا: السلام عليكم، فكلمة:"قائلًا" هي الحال المحذوفة، وهي مشتقة من مادة:"القول"، وقد دل عليها الكلام الذي قيل؛ وهو:"السلام عليكم".

ومثل: هل دار بينك وبين المسافر كلام؟ نعم، لما قابلني في الصباح حياني:"صباح الخير"، وحدثني عن رحلته المنتظرة: ثم أسرع إلى القطار بعد أن صافحني ومد يده: "الوداع"، أي: قائلًا صباح الخير؛ قائلًا: الوداع.

ومن هذا قوله تعالى في أهل الجنة: {وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ، سَلامٌ عَلَيْكُمْ} ، أي: قائلين: سلام عليكم، وقال تعالى:{وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا} ، أي: قائلين ربنا تقبل منا.

ب– والأصل في عامل الحال –وغيرها– أن يكون مذكورًا؛ ليحقق غرضًا معينًا، وهو: إيجاد معنى جديد، أو تقوية معنى وجود، وقد يحذف جوازًا أو وجوبًا؛ لدواع تقتضى الحذف، أي: أن عامل الحال قد يذكر وجوبًا، وقد يحذف وجوبًا، وقد يجوز ذكره وحذفه.

فيجب ذكره إن كان عاملًا معنويًا "وقد سبق شرحه"1 كأسماء الإشارة؛ وحروف التنبيه، والتمني؛ وكشبه الجملة

و

و

ويجوز حذفه إذا كان عاملًا غير معنوي، ودال عليه دليل مقالي2، أو حالي فمثال المقالي أن يقال: أتستطيع الصعود إلى قمة الجبل؟ فيجيب المسؤول: مسرعًا، أي: أصعد مسرعًا –أتعتني بخط رسائلك؟ فيجاب: واضحًا جميلًا أي: أعتني به واضحًا جميلًا.

ومثال الحالي: أن ترى مسافرًا فتقول له: "سالمًا"، أي: سافر سالمًا،

1 ص 382.

2 سبق في رقم1 من هامش ص 56 م 63، وفي ج 1 ص 362 م 47 أن الدليل المقالي هو: ما يكون قائمًا على كلام مذكور صريح، وأن الدليل الحالي، هو: ما يكون أساسه القرائن والمناسبات المحيطة بالمتكلم من غير استعانة بكلام أو ألفاظ

ص: 409

وأن ترى من يشرب الدواء، فتقول:"شافيًا"، أي: تشرب الدواء شافيًا، وأن تقول لمن يبني بيتًا:"معمورًا"، أي: تبني البيت معمورًا، أو تسكن البيت معمورًا.

ويجب حذفه في مواضع، أهمها:

1– أن تكون الحال سادة مسد الخبر1، نحو: إنشادي القصيدة محفوظة، فكلمة:"محفوظة" حال سدت مسد خبر المبتدأ المحذوف وجوبًا؛ والأصل: إنشادي القصيدة إذ كانت، أو: إذا كانت محفوظة.

2– أن تكون الحال مفردة مؤكدة مضمون جملة2 قبلها نحو: الجد أب راحمًا.

3– أن تكون الحال مفردة دالة بلفظها على زيادة تدريجية، أو نقص تدريجي نحو: تصدق على المحتاج بدرهم؛ فصاعدًا لا تتعرض للشمس عند شروقها إلا عشرين دقيقة؛ فنازلًا

فكلمة: "صاعدًا" حال، وعاملها وصاحبها محذوفان. والتقدير: فاذهب بالعدد صاعدًا.

والجملة المحذوفة هنا إنشائية، معطوفة بالفاء على نظيرتها الفعلية الإنشائية3، وكلمة:"نازلًا" حال، وعاملها وصاحبها محذوفان: والجملة منهما إنشائية معطوفة بالفاء على نظيرتها، ولا بد من من اقتران هذه الحال المفردة "بالفاء" العاطفة، أو"ثم" العاطفة4.

ومن الأمثلة التي تحوي الحالين: "صاعدًا ونازلًا": تدرب على الحفظ خمسة أسطر، فستة، فسبعة، فصاعدًا، لا تتناول في اليوم أكثر من ثلاث وجبات؛ فنازلًا

4– أن تكون الحال مسبوقة باستفهام يراد به التوبيخ؛ نحو: أنائمًا وقد أشرقت الشمس؟ أعاطلًا والعمل يطلبك؟ أسفيهًا وهو كريم النشأة؟ أي:

1 سبق إيضاحها وتفصيل الكلام عليها في ج 1 ص 385 م 39 آخر باب المبتدأ والخبر.

2 ورد ذكرها في مواضع، منها:"ص 366 و 391 و 396".

3 ليس من اللازم أن تكون الجملتان إنشائيتين، إنما الأحسن في رأي جمهرة النحاة اتحادهما خبرًا أو إنشاء.

4 كما أشرنا في رقم 2 من هامش ص 393، والكوفيون يجيزون واو العطف أيضًا، "كما جاء في مجالس ثعلب، ج 4 ص 215 من القسم الأول".

ص: 410

أتوجد نائمًا؟ أتوجد عاطلًا؟ أيوجد سفيهًا؟

5– عوامل حذفت سماعًا، من ذلك قولهم لمن ظفر بشيء؛ هنيئًا لك ما أدركت، أي: ثبت هنيئًا1.

والحذف في المواضع الأربعة الأولى قياسي2.

جـ والأصل في صاحب الحال أن يكون مذكورًا في الكلام: لتتحقق الفائدة من ذكره، وقد يحذف جوازًا في مثل قوله تعالى:{أَهَذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولاً} ، أي: بعثه الله.

ويجب حذفه في الصورة التي يحذف فيها عامله وجوبًا حين تؤكد الحال مضمون جملة قبلها، على الوجه الذي سبق3 شرحه، وكذلك يجب حذفه مع عامله حين تدل الحال على زيادة تدريجية، أو نقص تدريجي وهي الصورة الثالثة من الصور التي في الصفحة المتقدمة.

د– والأصل في الرابط أن يكون مذكورًا؛ ليعقد الصلة المعنوية بين جملة الحال والجملة التي قبلها المشتملة على صاحب الحال، فيمنع التفكك، لكن يجوز حذف الرابط لفظًا، لا تقديرًا4، إذا كان ضميرًا مفهومًا من السياق، نحو: ارتفع سعر القمح، كيلة بخمسين قرشًا، أي؛ كيلة منه

وكذلك يصح حذفه إن كان الحال جملة خالية من الرابط لكن عطف عليها

1 سائغًا مقبولًا، والفعل هنئ، "وقد سبقت الإشارة لهذا في رقم 2 ص 408".

2 وفي حذف العامل يقول ابن مالك:

والحال قد يحذف ما فيها عمل

وبعض ما يحذف، ذكره حظل-24

يريد: أن الحال قد يحذف ما يعمل فيها النصب "أي: يحذف عاملها"، وأن بعض ما يحذف من هذه العوامل محظول ذكره، أي: ممنوع "حظل: منع"؛ لأنه واجب الحذف.

3 ص 366 و 383 و 391 و 396.

4 كما سبق في 366 و 388 و 391 و 396.

ص: 411

"بالفاء"، أو:"الواو"، أو:"ثم" جملة تصلح أن تكون حالًا مع اشتمالها على الرابط؛ نحو: عرفت الوالي العادل تشكو الرعية، فيزيل أسباب الشكوى1 أقبل الفائز، يصفق الناس، ويشرق وجهه تداوى المريض يشير الأطباء، ثم يستجيب للمشورة.

"ملاحظة":

يتفق الحال والتمييز2 في أمور: ويختلفان في أخرى.

وسيجيء البيان في: "هـ" ص 429.

1 راجع الصبان، ج1 باب المبتدأ، عند الكلام على الخبر الجملة، ورابطه. وكذا التصريح ج1 باب العطف عند الكلام على الفاء العاطفة، وقد اقتصر في الرابط عليها؛ لأنها الأصل، وخالفه الصبان وغيره

2 سيجيء باب: "التمييز" بعد هذا مباشرة.

ص: 412