المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المسألة 80: المفعول معه - النحو الوافي - جـ ٢

[عباس حسن]

الفصل: ‌المسألة 80: المفعول معه

‌المسألة 80: المفعول معه

1

أ- إذا سأل مسترشد: أين دار الآثار القديمة؟ فقد يكون الجواب: تسير مع طريقك هذا؛ فينتهى بك إليها.

ليس المراد أنه يسير، والطريق يسير معه حقيقة، وإلا كان المعنى فاسدًا؛ لأن الطريق لا يمشي، وإنما المراد أن يباشر السير في هذا الطريق، ويقرن المشي به حتى يصل.

ولو كان الجواب: تسير وطريقك هذا

لكان التعبير سليمًا، والمراد واحدًا في الجوابين.

فإن كان السؤال: أين محطة2 القطر؟ فالجواب قد يكون: تمشي مع الأبنية التي أمامك؛ فتنتهى بك إلى ميدان فسيح، فيه المحطة2، ليس المراد أن يمشي، وتمشي معه الأبنية فعلًا: وإلا فسد المعنى؛ إذ الأبنية لا تمشي، وإنما المراد أن يلتزم المشي الذي يقارنها، ويلابسها حتى يصل إلى غايته.

ولو كان الجواب تمشي والأبينة التي أمامك

لصح الأسلوب، وما تغير المراد.

ب– وإذا قلنا: أكل الوالد مع الأبناء

فإن الجملة تفيد أن الأبناء شاركوا والدهم فعلًا في الأكل حين يأكل؛ بسبب وجود كلمة تفيد المشاركة الحقيقية في معنى الفعل، وهي كلمة:"مع" ولا يفسد المعنى بهذا الاشتراك الحقيقي.

وكذلك لو قلنا: أكل الوالد والأبناء؛ فإن المعنى يبقى على حاله، ولا فساد في التركيب.

ومثل هذا: جلس الأب مع الأسرة؛ فإن هذه الجملة تفيد اشتراك الأسرة في الجلوس اشتراكًا واقعًا في زمن واحد؛ بسبب وجود كلمة تفيد هذا؛ وهي: "مع"، ولا شيء يحول دون هذا المعنى، أو يؤدي إلى فساد الصياغة لو قلنا: جلس الأب والأسرة.

1 أي: المفعول الذي وقع معه فعل الفاعل.

2 و 2 كلمة: "محطة" عربية صحيحة.

ص: 304

نعود إلى الجمل التي فيها: "الواو" بدلًا من كلمة: "مع" وهي:

تسير وطريقك، تمشي والأبنية، أكل الوالد والأبناء، جلس الأب والأسرة

فنلحظ أن كل كلمة وقعت بعد الواو مباشرة هي: اسم، مسبوق بواو بمعنى:"مع"، وهذه الواو تدل على أن ما بعدها قد لازم اسمًا قبلها، وصاحبه زمن وقوع الحدث1، وقد يشاركه، في الحدث كالمثالين الأخيرين في "ب" أولًا يشاركه؛ كالمثالين الأولين، وهذا الاسم الذي بعدها هو ما يسمى:"المفعول معه"، ويقولون في تعريفه:

إنه: اسم مفرد2، فضلة، قبله واو بمعنى:"مع"، مسبوقة بجملة فيها فعل أو ما يشبهه في العمل وتلك الواو تدل نصًا3 على اقتران الاسم الذي بعدها باسم آخر قبلها 4 في زمن حصول الحدث، مع مشاركة الثاني للأول في الحدث، أو عدم مشاركته5.

1 معنى الفعل، أو ما يشبهه.

2 المراد بالمفرد هنا: ما ليس جملة، ولا شبهها.

3 إن لم يمكن التنصيص بها على المصاحبة بسبب أن الاسم السابق منصوب، وأن العامل يصح أن يتسلط على الاسم الذي بعدها مباشرة، فهي للعطف وحده قطعًا؛ نحو: قرأت المجلة والصحيفة، "كما سيجيء في رقم 2 من هامش ص 310".

أما إذا كان الاسم السابق مرفوعًا، أو مجرورًا والاسم بعد الواو منصوبًا منطبقًا عليه تعريف المفعول معه، فإن نصبه يقطع بان المراد هو المعية نصًا، إذ لو كان المراد العطف لوجب جر المعطوف أو رفعه تبعًا للمعطوف عليه.

4 قد يكون الاسم السابق ظاهرًا أو ضميران.

5 أي: أن المشاركة في الزمن محتومة، أما المشاركة في المعنى فقد تتحقق أو لا تتحقق، وإنما هي متوقفة على القرائن التي تدل على هذا، أو ذاك انظر "أ" من ص 314.

ص: 305

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

زيادة وتفصيل:

من التعريف السابق نعلم أن كل جملة مما يأتي لا تشتمل على المفعول معه:

أقبل القطار والناس منتظرون؛ لأن الذي وقع بعد الواو1 جملة، وليس اسمًا مفردًا.

اشترك محمود وحامد؛ لأن الذي بعد الواو عمدة، لا فضلة، إذ الفعل:"اشترك" يقتضي أن يكون فاعله متعددًا، أي: مثنى أو جمعًا؛ لأنه فعل لا يقع إلا من اثنين أو أكثر؛ فلا بد من التعدد، ولو بطريق العطف كالمثال المذكور؛ "فحامد" معطوف على الفاعل:"محمود" فهو في حكم الفاعل، وعمدة مثله.

خلطت القمح والشعير؛ لأن الواو لم تفد: "معية" وإنما فهمت المعية من الفعل: "خلط".

نظرت عليًا وحليمًا قبله، أو بعده شاهدت الليل والنهار؛ لأن الواو فيهما ليست للمعية وإلا فسد المعنى.

شاهدت الرجل مع زميله اشتريت الحقيقة بكتبها؛ فالمعية هنا مفهومة واضحة، ولكن لا توجد الواو.

كل زارع وحقله، بشرط أن يكون خبر المبتدأ:"كل" محذوفًا في آخر الجملة؛ والتقدير: كل زارع وحقله مقترنان؛ فلا تكون الواو للمعية؛ لعدم وقوعها بعد جملة، أما إذا كان الخبر مقدرًا قبل الواو "أي: كل زارع موجود وحقله" فالواو للمعية.

لا تتناول الطعام وتقرأ؛ لأن الذي وقع بعد الواو فعل2.

1 هذه الواو تسمى: "واوا الحال"، وهي في الوقت نفسه للاستئناف؛ لوجوب دخولها على جملة، وهي من جهة المعنى تفيد المعية؛ لأنها تفيد في الغالب المقارنة الاقتران والمقارنة نوع من المعية، لكن لا تسمى اصطلاحًا "واو المعية""انظر رقم 5 من هامش 395".

2 يصح في هذا الفعل أن يكون مجزومًا بالعطف، أو مرفوعًا على الاستئناف فلا تكون الواو للمعية، ويجوز أن يكون منصوبًا بأن مضمرة وجوبًا بعد واو المعية؛ فيكون المصدر المؤول مفعولًا معه "في رأي راجح" كما صرح بهذا الخضري وغيره في هذا الباب، ولهذا الرأي ما يعارضه.

وتفصيلهما في مكانهما من الجزء الرابع في باب: "النواصب"، عند الكلام على نصب المضارع بعد واو المعية.

ص: 306

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

هذا المال لك وأباك ما الرجل فرح والشريك، لعدم وجود ناصب يعمل النصب فيهما1؛ فلا يصح النصب؛ إذ لا مفعول معه.

1 مع ملاحظة أن "الصفة المشبهة" مثل: فرح، السالفة لا تصلح عاملًا. وسيجيء النص على هذا، وسببه في رقم 1 من هامش الصفحة التالية.

وفيها عند الكلام على الحكم الأول من أحكام "المفعول معه"، بعض أمثلة مشموعة، خالية من عامل ظاهر؛ فيقدر لها عامل مناسب.

ص: 307

أحكامه:

له عدة أحكام، منها:

1 النصب، والناصب له: إما الفعل الذي قبله كالأمثلة السالفة أول الباب، وإما ما يشبه الفعل في العمل1؛ كاسم الفاعل، في نحو: الرجل سائر والحدائق وكاسم المفعول؛ في نحو: السيارة متروكة والسائق، وكالمصدر، في نحو: يعجبني سيرك والطوار2، واسم الفعل في مثل: رويدك والغاضب3 بمعنى: أمهل نفسك مع الغاضب.

وقد وردت أمثلة مسموعة لا يصح القياس عليها لقلتها وقع فيها المفعول معه منصوبًا بعد: "ما"، أو"كيف" الاستفهاميتين، ولم يسبقه فعل أو ما يشبهه في العمل، مثل: ما أنت والبحر؟ كيف أنت والبرد؟ فالبحر والبرد وأشباههما مفعولان معه، منصوبان بأداة الاستفهام.

وقد تأول النحاة هذه الأمثلة، وقدروا لها أفعالًا مشتقة من الكون وغيره4، مثل: ما تكون والبحر؟ كيف تكون والبرد؟ فالكلمتان مفعولان معه؛ منصوبان بالفعل المقدر5 عندهم.

1 إن كان الشبيه من المشتقات وجب أن يكون مما ينصب المفعول به، ولهذا لا تصلح الصفة المشبهة، ولا أفعل التفضيل؛ ولا ما لا ينصب المفعول به من سائر المشتقات.

2 الرصيف، "والرصيف": كلمة صحيحة.

3 بشرط أن تكون الواو للمعية، وبعدها المفعول معه، وليست للعطف وبعدها معطوف؛ لأن هناك حالات تصلح فيها للمعية والعطف كما سيجيء في ص 310.

4 مثل: تصنع، تفعل

وكل ما يصلح له الكلام كالمثالين لبيان مضمون المعنى

5 والحق: أنه لا داعي لهذا التقدير؛ فقد كان بعض العرب ينصب المفعول معه بعد الأداتين السالفتين، ولن نقيس عليهما أدوات استفهام أخرى؛ إذ التقدير في مثل هذه الحالات معناه إخضاع لغة ولهجة، للغة ولهجة أخرى، من غير علم أصحابهما، وليس هذا من حقنا "كما يرى بعض المحققين، ومنهم "ابن جني" في بحثه الذي عنوانه: "باب، اختلاف اللهجات" بكتابه:"الخصائص" وكذلك غيره ممن نقل صاحب الزهر، ج ص 153، وبعض النحاة يجيز أن يقيس عليهما الأدوات الاستفهامية الأخرى.

أ- وإذا كان أصل الكلام: ما تكون والبحر؟ وكيف تكون والبرد؟ فإن "تكون" المحذوفة في المثالين ناقصة، وأداة الاستفهام خبرها متقدمًا، أما اسمها، أنت، فضمير المخاطب، كأن مستترًا فيها، فلما حذفت برز، وصار منفصلًا.

ب– ويجوز اعتبار "تكون" تامة، وفاعلها الضمير المستتر، ويصير بعد حذفها بارزًا منفصلًا، =

ص: 308

2– لا يجوز أن يتقدم على عامله مطلقًا، ولا أن يتوسط بينه وبين الاسم

= و"كيف" الاستفهامية حال مقدم و"ما" الاستفهامية مفعول مطلق متقدم، بمعنى: أي وجود توجد مع البحر

و

وهذا أسهل كسهولة: تصنع، أو تعمل، بدلًا من "كان" الناقصة.

ج– للمبرد رأي آخر لا بأس به في إعراب تلك الأمثلة، وما شابهها، فقد جاء في كتابه:"الكامل" جـ 6 ص 235 عند ذكره لكتاب علي بن أبي طالب إلى معاوية المطالب بدم عثمان رضي الله عنه، يقول علي:"وبعد، فما أنت وعثمان؟ " قال المبرد ما نصه:

"ما أنت وعثمان؟ فالرفع فيه الوجهين؛ لأنه عطف اسمًا ظاهرًا على اسم مضمر منفصل، وأجراه مجراه، "وليس هنا فعل، فيحمل على المفعول "أي: فلا يحمل

"؛ فكأنه قال: فما أنت؟ وما عثمان؟ هذا تقديره في العربية.

"ومعناه: لست منه في شيء، وقد ذكر سيبويه رحمه الله النصب، وجوزه جوازًا حسنًا، وجعله مفعولًا معه، وأضمر: "كان" من أجل الاستفهام؛ فتقديره عنده "ما كنت وفلانًا؟ ". ا. هـ.

ثم سرد المبرد أمثلة أخرى قال بعدها ما نصه:

"فإن كان الأول مضمرًا متصلًا كان النصب

و

تقول مالك وزيدًا؛ فكأنه في التقدير: وملابستك زيدًا، وفي النحو تقديره: مع زيد". ا. هـ، كلام المبرد.

وإلى ما سبق يشير ابن مالك بقوله:

ينصب تالي الواو مفعولًا معه

في نحو: سيري والطريق مسرعه

"أي: سيرى مع الطريق" يقول: ما يجيء بعد الواو في مثل: سيري والطريق مسرعة ينصب على اعتباره مفعولًا معه، ولم يوضح هذا المفعول بيان أوصافه، وشروطه؛ مكتفيًا بالمثال، والتعريف بالمثال نوع من أنواع التعريف المنطقي، ولكنه لا يناسب ما نحن فيه مما يحتاج إلى شروط وقيود

ثم قال:

بما من الفعل وشبهه سبق

ذا النصب لا بالواو في القول الأحق

يريد: هذا النصب للمفعول معه يكون بشيء سبق؛ كالفعل وشبهه، ولا يكون بالواو في الرأي الأحق بالمتابعة فكلمة:"ما" بمعنى: شيء، والجار والمجرور بما خبر متقدم للمبتدأ المتأخر:"ذا" والجملة من الفعل: "سبق"، وفاعله في محل نصب حال من كلمة؛ الفعل

والتقدير: هذا النصب بشيء من الفعل وشبهه حالة كون الشيء سبق، وتقدم على المفعول معه وعلى الواو، ويصح أن تكون "ما" موصولة، والجملة الفعلية صلة

ثم أشار بعد ذلك إلى المفعول معه المنصوب بعد "ما" و"كيف الاستفهاميتين" فقال:

وبعد "ما" استفهام أو"كيف" نصب

بفعل كون مضمر بعض العرب

وقد نسب النصب بعد الأدلتين السالفتين لبعض العرب للدلالة على أنه سماعي فقط وهذا صحيح، ولكن العرب لا دخل لها بفعل الكون المقدر وغيره من المصلطحات النحوية المحضة.

ص: 309

المشارك له والمقارن

ففي مثل: مشي الرجل والحديقة؛ لا يصح أن يقال: والحديقة مشي الرجل، ولا: مشي والحديقة الرجل.

3– لا يجوز أن يفصل بينه وبين واو المعية فاصل، ولو كان الفاصل شبه جملة1.

4-

لا يجوز حذف هذه الواو مطلقًا1.

5– إذا جاء بعده تابع أو ضمير أو ما يحتاج إلى المطابقة وجب أن يراعى عند المطابقة الاسم الذي قبل الواو وحده؛ نحو: كنت أنا وزميلًا كالأخ، أحبه وأعطف عليه، ولا يصح كالأخوين

حالات الاسم الذي بعد الواو:

له حالات أربع:

أولها: جواز عطفة على الاسم السابق، أو نصبه مفعولًا معه2، والعطف أحسن، مثل: بالغ الرجل والابن في الحفاوة بالضيف، فكلمة:"الابن"، يجوز رفعها بالعطف على الرجل، أو نصبها مفعولًا معه، ولكن العطف أحسن من النصب على المعية؛ لأنه أقوى في الدلالة المعنوية على المشاركة والاقتران3، ولا شيء يعيبه هنا، ومثله: أشفق الأب والجد على الوليد أضاء القمر والنجوم.

ثانيها: جواز الأمرين، والنصب على المعية أحسن؛ للفرار من عيب لفظي أو معنوي، فمثال اللفظي: أسرعت والصديق؛ فكلمة: "الصديق" يجوز فيها الرفع عطفًا على الضمير المرفوع المتصل4، ويجوز فيها النصب على المعية، وهذا أحسن؛ لأن العطف على الضمير المرفوع المتصل يشوبه بعض الضعف إذا كان

1 و 1 راجع حاشية الصبان في هذا الموضع.

2 إلا في الحالة المشار إليها في رقم 3 من هامش ص 305، وهي للعطف فقط.

3 لأن العطف يقتضي إعادة العامل تقديرًا قبل المعطوف، فكأن العامل مكرر. فيقع به التأكيد اللفظي الذي يقوي المعنى. "انظر ما يتصل بها في "أ" من ص 314".

4 وهو: التاء.

ص: 310

بغير فاصل بين المعطوف والمعطوف عليه؛ كهذا المثال1 والفرار من الضعف أفضل من الإقبال عليه بغير داع2.

ومثال العيب المعنوي قولهم: "لو تركت الناقة وفصيلهما3 لرضعها"، فلو عطفنا كلمة:"فصيل" على كلمة: "الناقة" لكان المعنى: لو تركت الناقة وتركت4 فصيلها لرضعها، وهذا معنى غير دقيق، يحتاج تصحيحه إلى تأويل وتقدير لا داعي لهما.

وعيبه آت من أن تركهما لا يستلزم تلاقيهما المؤدي إلى حصول الرضاعة، وقد نتركهما؛ لا نحول بينهما، ولكن الأم تنفر منه، ولا تمكنه من الرضاعة، أو ينفر منها

ثالثها: وجوب العطف، وامتناع المعية5: وذلك حين يكون الفعل أو ما يشبهه مستلزمًا تعدد الأفراد التي تشترك في معناه اشتراكًا حقيقيًا، وكذلك حين يوجد ما يفسد المعنى مع المعية، فمثال الأول: تقاتل النمر والفيل، اختصم العادل والظالم، اتفق التاجر والصانع

فكل فعل من هذه الأفعال: "تقاتل، اختصم، اتفق 6 وأشباهها7

لا يتحقق معناه إلا بالفاعل المتعدد فيشترك الأفراد في معنى العامل؛ فلا بد من وجود اثنين أو أكثر يشتركان حقيقة

1 كما هو موضح في مكانه من باب العطف ج 3 عند الكلام على العطف على الضمير المرفوع المتصل.

2 وفي الحالتين السابقتين يقول ابن مالك:

والعطف إن يمكن بلا ضعف أحق

والنصب مختار لدى ضعف النسق

النسق هو العطف بالحرف؛ كالعطف بالواو، أو الفاء، أو ثم

3 الفصيل: ابن الناقة الذي يفصل عنها.

4 لأن العطف على نية تكرار العامل، انظر رقم 3 من هامش الصفحة السالفة

5 من هذا القسم المسألة المشار إليها في رقم 3 من هامش ص 305.

6 إذا كان الفعل وشبهه يقتضي التعدد مثل: اتفق الوالد والابن، و.... فهل يصح مجيء كلمة:"مع" بدلًا من واو المعية؛ فيقال: اتفق الوالد مع الابن؟ الجواب نعم، طبقًا للبيان السابق في الملاحظة ص 168.

7 كالفعل: "استوى" في قول الشاعر:

ولا يستوي عند كشف الأمور

باذل معروفه والبخيل

ص: 311

في التقاتل، والاختصام، والاتفاق

وهذا يتحقق بالعطف دائمًا؛ لأنه يقتضي الاشتراك المعنوي الحقيقي1، بخلاف المعية؛ فإنها تقتضي الاشتراك الزمني؛ أما المعنوي فقد تقتضيه حينًا، ولا تقتضيه أحيانًا؛ كما عرفنا2.

ومثال الثاني: أشرق القمر وسهيل قبله أو بعده.... فتفسد المعية بسبب وجود: "قبل"، أو"بعد".

رابعها: امتناع العطف ووجوب النصب في الأصح إما على المعية، إن استقام المعنى عليها، وإما على غيرها إن لم يستقم؛ "كنصب الكلمة مفعولًا به لفعل محذوف"؛ وذلك منعًا لفساد لفظي أو معنوي، فمثال وجوب النصب على المعية لمانع لفظي يمنع العطف: نظرت لك وطائرًا؛ لأن الأصل الغالب في العطف على الضمير المجرور أن يعاد حرف الجر مع المعطوف؛ كما في قول الشاعر:

فما لي وللأيام لا در درها

تشرق بي طورًا، وطورًا تغرب

فقد أعاد اللام مع المعطوف3

ومثال النصب لمانع معنوي يمنع العطف: مشى المسافر، والصحراء، بنصب كلمة:"الصحراء" على المعية؛ إذ لو رفعت بالعطف على كلمة: "المسافر" لكان المعنى: مشت الصحراء، وهذا فاسد4.

ومثال النصب على غير المعية بتقدير فعل محذوف ينصب الكلمة مفعولًا به: دعينا لحفل ساهر فأكلنا لحمًا، وفاكهة، وخضرًا، وماء عذبًا، وغناء ساحرًا فيجب نصب كلمة:"ماء" وكلمة: "غناء" بفعل محذوف يناسب كلا منهما. والتقدير: وشربنا ماء عذبًا، وسمعنا غناء ساحرًا

ولا يصح النصب على المعية، ولا على العطف5 وإلا فسد المعنى، ومثله قول الشاعر:

1 أما الاشتراك في الزمن فقد يقتضيه أو لا يقتضيه؛ فمثل: أكلت خالدة وأختها، قد يقع أكلهما في زمن واحد، أو مختلف كما يتضح في "أ" من ص 314".

2 في ص 304، 305، وكما يجيء البيان الموضح في "أ" من ص 314.

3 سيذكر هذا البيت لمناسبة أخرى في باب العطف ج 3 م 116.

4 كما سيجيء في ص 314.

5 لأن الماء لا يؤكل، وكذا الغناء؛ ولأن سماع الغناء في الحقل الساهر يكون بعد الأكل عادة لا معه في زمنه.

وعند تقدير فعل محذوف مناسب، تنشأ جملة فعلية تكون معطوفة بالواو على الجملة الفعلية الأولى، فالعطف على الأصح عطف جمل، والممنوع عطف المفردات؛ إذ لا يجوز عطف "ماء"، ولا غناء علي: لحمًا، لكن يصح عطف جملة:"شربنا" وجملة: "سمعنا" على الجملة الأولى وهي: "أكلنا"، "وستجيء مناسبة أخرى لهذا في ج 3 باب العطف عند الكلام على العطف بالواو".

ص: 312

تراه كأن الله يجدع أنفه

وعينيه إن مولاه كان له وفر1

يريد: ويفقأ عينيه؛ لأن الجدع في اللغة خاص بالأنف، فلا يكون للعينين2

1 الوفر الزيادة، والبيت يذم حقودًا بأنه يحزن لنعمة تبدو على جاره أو صاحبه، ويتألم كمن جدع أنفه، أو فقئت عيناه.

2 وإلى شطر من هذه الحالة يشير ابن مالك قائلًا:

والنصب إن لم يجز العطف يجب

أو اعتقد إضمار عامل تصب

ص: 313

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

زيادة وتفصيل:

أ- في كل حالة يجوز فيها الأمران؛ "العطف والمعية"، لا بد أن يختلف المعنى فيكل أمر منهما؛ ذلك أن العطف يقتضي المشاركة الحتمية بين المعطوف والمعطوف عليه في معنى الفعل، من غير أن يقتضي المشاركة الزمنية الحتمية؛ فقد يقتضيها أو لا يقتضيها، في مثل:"آنسني محمود وصالح في السفر" لا بد أن يشترك الاثنان في معنى الفعل، وهو مؤانسة المتكلم، وأن تتناولهما المؤانسة؛ لأن العطف على نية تكرار العامل؛ فكأنك قلت: آنسني محمود، وآنسني صالح. لكن ليس من اللازم أن تكون هذه المؤانسة قد شملتهما، وشملت معهما المتكلم في زمن واحد؛ فقد تكون في وقت واحد أو لا تكون1، والأمر في هذه المشاركة الزمنية وعدمها، متروك للقرائن والدلائل.

أما المفعول معه فلا بد فيه من المشاركة الزمنية الحتمية، أما المشاركة في معنى الفعل فقد يقتضيها أو لا يقتضيها2؛ ففي مثل: سافر الرحالة والصحراء، تتعين المشاركة الزمنية وحدها دون المعنوية؛ فإنها تفسد المعنى؛ لأن الصحراء لا تسافر

كما سبق 3 وفي مثل: سار القائد والجنود، تصح المشاركة المعنوية مع المشاركة الزمنية المحتومة، فجواز الأمرين في كل حالة يجوز فيها أمران ليس معناه أن المراد منهما واحد، وإنما معناه أن هذا الضبط صحيح إن أردت المعنى المعين المختص به، وأن ذاك الضبط صحيح أيضا إن أردت المعنى المختص به كذلك: وإن شئت فقل: إن كل ضبط صحيح منهما لا بد أن يؤدي إلى معنى يخالف ما يؤديه الضبط الآخر.

ب– قد يقتضي المقام ذكر أنواع مختلفة من المفاعيل، وفي هذه الحالة يحسن ترتيبها بتقديم المفعول المطلق، فالمفعول به الذي تعدى إليه العامل مباشرة. فالمفعول به الذي تعدى إليه العامل بمعونة حرف جر، فالظرف الزماني، فالمكاني، فالمفعول له، فالمفعول معه، وهذا الترتيب هو ما ارتضاء كثير من النحاة، والحق أن الذي يجب مراعاته عند الترتيب هو تقديم ما له الأهمية.

1 كما سبق في رقم 1 من هامش ص 312.

2 كما سبق في ص 305.

3 في ص 312.

ص: 314