المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

والسواك ــ   ‌ ‌فرع نسي التسمية في الابتداء ثم ذكرها وسمى لا يكون إتيانا - النهر الفائق شرح كنز الدقائق - جـ ١

[سراج الدين ابن نجيم]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الطهارة

- ‌فرع

- ‌فرع

- ‌فرع

- ‌مطلب في طهارة الجلود ودباغتها

- ‌فرع

- ‌فصل في الابار

- ‌فرع

- ‌باب التيمم

- ‌فرع

- ‌باب المسح على الخفين

- ‌باب الحيض

- ‌باب الأنجاس

- ‌كتاب الصلاة

- ‌باب الأذان

- ‌باب شروط الصلاة

- ‌باب صفة الصلاة

- ‌فصل

- ‌فرع

- ‌باب الإمامة والحدث في الصلاة

- ‌فرع

- ‌باب الحدث في الصلاة

- ‌باب ما يفسد الصلاة وما يكره فيها

- ‌فصل فيما يكره خارج الصلاة

- ‌باب الوتر والنوافل

- ‌باب إدراك الفريضة

- ‌باب قضاء الفوائت

- ‌باب سجود السهو

- ‌باب صلاة المريض

- ‌باب سجود التلاوة

- ‌باب صلاة المسافر

- ‌باب صلاة الجمعة

- ‌فرع

- ‌باب صلاة العيدين

- ‌باب صلاة الكسوف

- ‌باب الاستسقاء

- ‌باب صلاة الخوف

- ‌فرع

- ‌باب صلاة الجنائز

- ‌فصل في الصلاة على الميت

- ‌فرع

- ‌فرع

- ‌باب صلاة الشهيد

- ‌باب الصلاة في الكعبة

- ‌كتاب الزكاة

- ‌باب صدقة السوائم

- ‌باب صدقة البقر

- ‌فصل في الغنم

- ‌باب زكاة المال

- ‌باب العاشر

- ‌باب الركاز

- ‌باب العشر

- ‌باب الصرف

- ‌باب صدقة الفطر

الفصل: والسواك ــ   ‌ ‌فرع نسي التسمية في الابتداء ثم ذكرها وسمى لا يكون إتيانا

والسواك

ــ

‌فرع

نسي التسمية في الابتداء ثم ذكرها وسمى لا يكون إتيانا بالسنة بخلاف الأكل ونحوه، والرفق أن الوضوء عمل واحد والأكل أعمال وهذا إنما يستلزم تحصيل السنة في باقي الأكل لا استدراك ما فات، وفي السراج: أنه يأتي بها لئلا يخلو وضوءه عنها، وقالوا: إنها عند غسل كل عضو مندوبة ولا تنافي بين هذا وبين ما مر من أنه عمل واحد لمن تأمل ورأيت في الشمائل الترمذية من حديث عائشة رضي الله عنها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أكل أحدكم فنسي أن يذكر الله تعالى على طعامه فليقل: بسم الله أوله وآخره".

(والسواك) قيل: أي: استعماله فحذف المضاف لأمن اللبس؛ إذ هو اسم للخشبة ولا حاجة إليه لأنه ثبت لغة إطلاقه على الاستياك أيضا فكان تفسيره به كما في فتح القدير أولى ولك رفعه وجره.

قال الشارح: والثاني أظهر ليفيد أن الابتدائية سنة. وأقول: بل الأول أظهر وذلك مبني على أن وقته كما في البدائع وغيرها قبل الوضوء لكن الذي في مبسوط شيخ الإسلام والتحفية وجزم به في فتح القدير وغيره، أنه عند المضمضة ولذا أطلقه القدوري ولم يقيده بابتداء الوضوء كالتسمية، ثم استدل في الهداية على سنيته بأنه صلى الله عليه وسلم كان يواظب عليه واعترض بوجهين، الأول: أن المواظبة تفيد الوجوب لا السنة، الثاني: أن المواظبة عند الوضوء كما هو المدعى لم يثب. وأجيب عن الأول بأن المختار كما مر أنها لا تفيده سلمنا أنها تفيده، لكن مقيد بعدم المعارض وقد وجد وهو قوله عليه الصلاة والسلام:"لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل وضوء" أخرجه النسائي.

ص: 39

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ولو وجب لأمرهم شق أو لا، ولم أر عن الثاني جوابا ومن ثم قال الشارح: الأصح أنه مستحب لأنه ليس من خصائص الوضوء، وفي الفتح: وهو الحق ويوافقه ما في المقدمة الغزنوية يستحب في خمسة مواضع: اصفرار السن، وتغيير الرائحة والقيام من النوم، والقيام إلى الصلاة وعند الوضوء لكن الاستقراء يفيد غيرها وفيما ذكرنا أول ما يدخل البيت، انتهى. ومن ثم قال: زاد غيره وعند قراءة القرآن واجتماع الناس. واعلم أن ظاهر السنة يفيد بالمواظبة عليه، لكن لا عند الوضوء ففي أبي داوود:"كان عليه الصلاة والسلام لا يستيقظ من ليل أو نهار إلا تسوك قبل أن يتوضأ" وفي الطبراني: ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج من بيته بشيء من الصلاة حتى يستاك" فيكون سنة مطلقا وعند الوضوء مندوبا وفائدة ذلك تظهر في تركه مطلقا. بقي أن عدهم من المواضع القيام إلى الصلاة.

قال في البحر: يشكل عليه ما قالوه من أنه عندنا للوضوء وعند الشافعي للصلاة. قال في المعراج: وفائدته إذا توضأ للظهر بسواك وبقي على وضوئه إلى صلاة العصر وإلى المغرب كان السواك الأول سنة للكل عندنا وعنده يسن أن يستاك لكل صلاة، وأقول: يمكن أن يجاب عنه بما نقله في السراج بعد ذلك حيث قال: وأما إذا نسي السواك للظهر ثم ذكره بعد ذلك، فإنه يستحب له أن يستاك حتى يدرك فضيلته وتكون صلاته بسواك إجماعا، انتهى. وهو في هذه الحالة مندوب للصلاة لا للوضوء وبه ظهر سر كلام الغزنوي هذا. ويندب إمساكه بيمينه بأن يجعل الخنصر أسفله والإبهام أسفل رأسه وباقي الأصابع فوقه، بذلك جاء عن ابن مسعود ولأنه من أعمال الطهارة. وقياس أن فيه إزالة الأذى أن يكون باليسرى وقد رأيته قولا لغير أصحابنا. ويستاك طولا وفي الغزنوية للإمام أحمد بن محمود

ص: 40

وغسل فمه وأنفه

ــ

مقيد درس الكاساني صاحب البدائع بحلب أو عرضا والأكثرون على الأول وأقله ثلاث في الأعالي وثلاث في الأسافل بثلاث مياه ويسوك الحنك أيضا مبتدئا من الجانب الأيمن ثم الأيسر في الأعالي والأسافل، ويستاك بكل عود إلا الرمان والقصب وأفضله الاول ثم الزيتون. روى الطبراني: نعم المسواك الزيتون من شجرة مباركة وهو سواكي وسواك الأنبياء من قبلي. ويندب أن يكون لينا خال من العقد طول شبر ويقوم الأصبع أو الخرقة الخشنة مقامه عند فقده أو فقد أسنانه في تحصيل ثوابه والأفضل حينئذ أن يبتدأ بأسنانه اليسى ثم اليمنى ويقوم العلك مقامه للمرأة عند القدرة عليه فيندب لها فعله لضعف بنيتها وعند فقده يقوم الأصبع مقامه كالسواك ومنافعه وصلت لنيف وثلاثين منفعة أدناها إماطة الأذى وأعلاها تذكر الشهادة عند الموت رزقنا الله ذلك بمنه وكرمه.

(وغسل فمه) ثلاثا بمياه (وأنفه) كذلك وعدل عن تعبير القوم بالمضمضة والاستنشاق إما اختصارا أو لأن الغسل يشعر بالاستيعاب وهذا لأن السنة فيهما المبالغة والغسل دل على ذلك فكان أولى كذا في الشرح وهو ظاهر في أنه يفيد سنية المبالغة أيضا بخلاف تعبير القوم وقد نوزع في كل منهما أما الاختصار فهو وإن طلب لكن بشرط أن لا يفوت به.

فائدة مهمة: ولا شك أن المضمة إدارة الماء في الفم ثم مجه، والاستنشاق: جذب الماء إلى الأنف بالنفس ولاعتبار القيدين فيهما خلا وضوء الميت عنهما والغسل لا يدل على ذلك وكان ذلك هو وجه قول العيني وما قيل أنه للاختصار فليس بشيء على أنه لا تفاوت بينهما إلا بحرف واحد وفي الاستنشاق بحرفين.

وأما كونه يشعر بالاستيعاب، يعني: دون غيره فقال في البحر ففيه نظر إذ ما عبر القوم يشعر به أيضا، قال في الخلاصة: المضمضة استيعاب جميع الفم والاستنشاق إيصال الماء إلى المارن.

وأقول: هذا ظاهر في أنه فهم أن المدعى هو ما عبر به القوم لا يفيد الاستيعاب والغسل يفيده وليس بالواقع لما قد علمت نعم، قال بعض المتأخرين: المبالغة المذكورة ليست نفس الاستيعاب كيف وهو داخل في حد المضمضة كما قد عرفت بل هي إلى الغرغرة وفي الاستنشاق إلى ما اشتد من الأنف، وأيضا قد علمت أنها سنة أخرى ولا خفاء أن التعبير عنها وعن أصلها بعبارة واحدة يوهم أنها سنة واحدة وليس كذلك، وأقول: ويمكن أن يجاب عنها.

ص: 41

وتخليل لحيته

ــ

أما الأول: فلأن كون المج شرطا فيهما إنما هو: رواية عن الثاني، والأصح: أنه ليس بشرط كما في البحر وفي الفتح: لو شرب الماء عبا أجزأه عن المضمضة وهو يفيد أن مجها ليس من حقيقتها، وقيل: لا يجزئه وأما اشتراط جذب الماء بريح الأنف في الاستنشاق بالنفس لكونه مأخوذا من التنشق فذاك معناه اللغوي، أما العرف فقد علمت أن إيصال الماء إلى المارن ولا شك أن الغسل مع أخصريته يفيد ذلك.

وأما الثاني: فلأن الاستيعاب هو الكامل وكماله بالمبالغة، وهو قدر زائد على الأصل متمم له فلا بدع في ذكرها مطوية فيه، وأبدى العيني وجها ثالثا هو التنبيه على حديهما.

(وتخليل لحيته) وهو: تفريق شعرها من أسفل إلى فوق، وهو سنة لغير المحرم. أما المحرم فمكروه هذا قول الثاني وهو أصح القولين عن الثالث. وقال الإمام: إنه مندوب فقط لعدم المواظبة وعنه أنه جائز لا غير لأن السنة إكمال الفرض في محله وداخل اللحية ليس بمحل للفرض، والأصح: أنه سنة لما في أبي داوود عن أنس: "كان عليه الصلاة والسلام إذا توضأ أخذ كفا من ماء تحت حنكه فتخلل به لحيته" وقال: ":هكذا أمرني ربي" وهو مغن عن نقل صريح المواظبة، إما لأن أمره حامل عليها وإما لأن لفظ كان يشعر بها، وأنت خبير بأن هذا الاستدلال إنما يفيد الوجوب لا مجرد السنية وذلك لأنها لا مع ترك يفيده، فإن قلت: قد قدم أن المختار أنها لا تفيده، قلت: بتقدير تسليمه فالأمر كاف في إفادته وما قيل إنما لم نقل به رفعا لمعارضته للكتاب رد بأنه إنما يتأتى على أنه فرض، ولم يقل به أحد. وما في العناية الحق أن المواظبة لم تثبت لما روي عن الإمام أنه لم يثبت فعله منه عليه الصلاة والسلام إلا مرة واحدة مردود أيضا بما مر فتدبر، نعم جعل بعضهم الصارف للأمر عن الوجوب هو: عدم تعليم الأعرابي له، وأيضا الأخبار المحكية عن وضوئه عليه الصلاة والسلام خالية عنه، وكون السنة إكمال الفرض في محله نقض بكثير من السنن: كغسل الفم والأنف ومسح الأذنين والاستنجاء أو أجيب بما فيه تكلف ظاهر غير أنه إنما يحتاج إليه بفرض تسليم تلك المقدمة لكنها في حيز المنع.

ص: 42

وأصابعه وتثليث الغسل

ــ

وأصابعه أي: كلها وهو إدخال بعضها في بعض بماء متقاطر، ويغني عنه إدخالها في الماء ولو غير جار وهذا سنة مؤكدة اتفاقا لما رواه أصحاب السنن الأربعة:"إذا توضاءت فأسبغ الوضوء وخلل بين الأصابع" قال الترمذي: حديث صحيح وصارف الأمر قدمن فأعلم أن الأولى في اليدين التشبيك وفي الرجلين أن يخلل بخنصر يده اليسرى رجله اليمنى ويختم بخنصر رجله اليسرى بذلك ورد الخبر كذا الدراية.

قال في الفتح: والله أعلم به ومثله فيما يظهر أمر اتفاقي لا سنة مقصودة، وأفاد الخلبي أنه جاء من رواية ابن ماجة: التخليل بالخنصر إما كونه خنصر اليسرى أو من أسفل فالله أعلم به، والمراد بالأسفل باطن القدم إلا أن الأقرب أن يراد به من أسفل الإصبع إلى فوق من ظهر القدم، كذا في البحر.

(وتثليت الغسل) أي: جعله ثلاثا قيد به لأنه في المسح غير مسنون بل هو مكروه كما في المحيط والتحفة وفي الخلاصة: أنه بدعة لكن جزم في الخانية بعدم كراهته وفيه إيماء إلى أن الثانية والثالثة سنة وهو الحق، كما في الفتح لكن صحح في السراج أنهما سنتان مؤكدتان. أقول وهو المناسب لاستدلالهم على السنة لأنه عليه الصلاة والسلام لما أن توضأ مرتين مرتين قال:"هذا وضوء من يضاعف له الأجر مرتين" ولما أن توضأ ثلاثا قال: "هذا وضوئي ووضوء النبيين من قبلي فمن زاد على هذا أو نقص فقد تعدى وظلم"

ص: 43

ونيته ومسح كل رأسه مرة وأذنيه بمائه

ــ

وروى صدره الدارقطني وعجزه من زيادة ابن ماجة وغيره وذلك أنه جعل للثانية جزءا مستقلا، وهذا وإن كان يؤذن باستقلالها لأنها جزء سنة فلا يثاب عليها وحدها ولو اقتصر على الأول ففي إثمه قولان، قيل: يأثم لتركه السنة المشهورة، وقيل: لا لأنه قد أتى بما أمر به، كذا في السراج. واختار في الخلاصة أنه إن اعتاده أثم وإلا لا، وينبغي أن يكون شقي هذا القول محمل القولين، قال في البحر: وينبغي ترجيح عدم الإثم لقولهم والوعيد لعدم رؤيته الثلاثة سنة، فلو أثم بنفس الترك لما احتيج إلى هذا الحمل، واختلف في معنى التعدي والظلم على أقوال ثالثها ما جزم به في الهداية. وقال في البدائع: إنه الأصح لأن ذلك رجع إلى الاعتقاد حتى لو رأى سنة العدد وزاد لقصد الوضوء أو على الوضوء أو لطمأنينة القلب، أو نقص لحاجة فلا بأس به. ونقل في الخلاصة الاتفاق على عدم كراهة الوضوء بعد الفراغ من الأول، وعارضه في البحر بما في السراج من أنه مكروه في مجلس واحد للإسراف. وأقول: لا تدافع في كلامهم لاختلاف الموضوع وذلك أن ما في الخلاصة فيما إذا عاده مرة واحدة، وما في السراج فيما إذا كرره مرارا ولفظه في السراج: لو كرر الوضوء في مجلس واحد مرارا لم يستحب بل يكره لما فيه من الإسراف فتدبر.

(ونيته) مصدر مضاف إلى فاعله أي: نية المتوضئ رفع الحدث أو إقامة الصلاة، كذا في كافي المصنف وعدل عما هو الظاهر من كونه مضافا إلى مفعوله أي: نية الوضوء لما أن المذهب أنه لا بد في تحصيل السنة من أن ينوي ما لا يصح إلا بالطهارة من العبادة أو رفع الحدث أو إقامة الصلاة أو امتثال الأمر كما في المعراج وهو ظاهر أن نية الطهارة لا تكفي وكأنه لتنوعها، ومقتضاه الاكتفاء بنية الوضوء بل هي أولى من رفع الحدث لتنوعه أيضا، ومن ثم جزم في فتح القدير بأنها كافية وعليه فلا يحتاج إلى تكلف ما مر ومحلها عند غسل الوجه والتلفظ بها مندوب، والأصح أن الوضوء الخالي عنها لا ثواب فيه، وقيل: يثاب وقد مر توهينه (ومسح كل رأسه مرة) مستوعبة لرواية الترمذي أن علياتوضأ فغسل أعضاءه ثلاثا

ص: 44

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ومسح رأسه، ثم قال: هذا وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم والثليث بدعة وقيل: لا بأس به، كذا في الخلاصة وجزم في البدائع بكراهته على أنه المذهب. وروى الحسن أنه مسنون يعني بماء واحد واعترض بأن البلة صارت مستعملة بالأولى وأجيب بأن الماء يأخذ حكم الاستعمال لإقامة فرض آخر لا لإقامة السنة لأنها تبع للفرض ألا ترى أن الاستيعاب ليس بماء واحد، كذا في العناية وفيه بحث إذ قد قرر في كيفية الاستيعاب أن يديه ويضع بطون ثلاث أصابع في كل كف على مقدم الرأس ثم يمسح الفودان بالكفين ويجرهما إلى مؤخرة الرأس ويمسح ظاهر الأذنين بباطن الإبهامين وباطن الأذنين بالسبابتين ويمسح رقبته بظاهر اليدين حتى يصير ماسحا ببلل لم يصر مستعملا، هكذا روت عائشة مسحه عليه الصلاة والسلام، انتهى.

وأجاب في الحواشي السعدية بأن قوله: لم يصر مستعملا يعني حقيقة وإن لم يصر مستعملا حكما في عضو واحد فلا تخالف.

لكن قال الشارح: الأظهر في كيفيته أن يضع كفيه وأصابعه على مقدم الرأس ويمدهما إلى قفاه على وجه يستوعب جميع الرأس ثم يمسح أذنيه بأصبعيه ولا يكون الماء مستعملا بهذا، لأن الاستيعاب بماء واحد لا يكون إلا بهذا الطريق، وما قاله بعضهم: من أنه يجافي كفيه تحرزا عن الاستعمال لا يفيد لأنه لا بد من الوضع والمد فإن كان مستعملا بالوضع الأول فكذا بالثاني، ولأن الأذنين من الرأس ولأنه يحتاج إلى تجديد الماء لكل جزء من أجزاء الرأس فالأذن أولى، وكون البدأة من المقدم قول الثاني وهو الصحيح، لأنه المروي من فعله عليه الصلاة والسلام.

وروى هشام عن محمد أنه يبدأ من الهامة، وبه قال الحسن البصري كذا في البدائع، ومسح كل أذنيه داخلهما بالسبابتين وخارجهما بالإبهامين هو المختار. وعن الحلواني أن يدخل الخنصر في أذنيه ويحركهما بمائه أي: بماء الرأس لخبر "الأذنان من الرأس"؛ إنه لا تجوز أن يراد به بيان الخلقة فقط، لأنه عليه

ص: 45

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الصلاة والسلام لم يبعث لذلك ولا بيان أنهما ممسوحان كالرأس؛ لأن الاشتراك بين الشيئين في حكم لا يوجب كون أحدهما من الآخر، وإلا لزم أن يكون الرجل من الوجه لاشتراكهما في الغسل فتعين إرادة أنهما يمسحان بماء الرأس، واستدلال بعضهم برواية ابن عباس أنه عليه الصلاة والسلام مسح رأسه وأذنيه بماء واحد وقال:"الأذنان من الرأس" ثم ذكر ما مر من الترديد فيه نظر.

أما أولا: فلأن الثابت عند ابن عباس إنما هو أنه عليه الصلاة والسلام قال: "الأذنان من الرأس" رواه الدارقطني. وروى ابن خزيمة والحاكم وابن حبان عنه: "ألا أخبركم بوضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم وفيه، ثم غرف غرفة فمسح بها رأسه وأذنيه" ولم يقل الأذنان من الرأس.

وأما ثانيا: فلأنه بتقدير التسليم لا حاجة حينئذ إلى الترديد إذ البيان الفعلي منه صلى الله عليه وسلم يعين المقصود. وما روي من أنه عليه الصلاة والسلام "أخذ ماء جديدا" يجب حمله على فناء البلة أما لو أخذه مع بقائها ففي الخلاصة وعليه جرى مسكين أنه حسن وعلى هذا فالخلاف إنما هو في الاكتفاء بماء الرأس لإقامة السنة عندنا يكون به مقيما وعنده لا، أما في الجديد فإنه يكون مقيما لها اتفاقا كذا البحر.

ص: 46

والترتيب المنصوص والولاء

ــ

(والترتيب) بين الفرائض وهو أن يبدأ بما بدأ الله به وإليه أشار بقوله: (المنصوص) أي: المذكور في النص لا المنصوص عليه من الشارع، كما فهمه الشارح فعدل إلى المنصوص عليه من العلماء على أنه يجوز أن يراد المنصوص عليه من الشارع، كما قال بعضهم فذلك أنه عليه الصلاة والسلام لما أن بينه بفعله حين واظب عليه كان ذلك نصا من قبيل السنة الفعلية لا المنصوص عليه في آية الوضوء لأنها خلية عن الدلالة عليه عندنا، وهذه السنة المؤكدة في الأصح، قال الغزنوي: ينبغي أن يكون واجبا للمواظبة؛ ولأنه عليه الصلاة والسلام حين سئل عن البدأة بالصفا والمروة في السعي قال: "ابدؤوا بما بدأ الله به" والبدأة بالصفا واجبة والعبرة لعموم اللفظ.

وأقول: لفظ ما وإن كان من أدوات العموم إلا أن الظاهر أن هذا العام أريد به خاص لدليل اقتضاه، وقد روي أنه عليه الصلاة والسلام "نسي مسح رأسه ثم تذكر فمسحها ولم يعد غسل رجليه". ورى البخاري "أنه عليه الصلاة والسلام تيمم فبدأ بذراعيه قبل وجهه". إلا أن الحديث الأول ضعفه النووي، وبتقدير تسليم صحته فموجب الترتيب يسقط بالنسيان وعليه فلا يتم الإلزام.

(والولاء) بكسر الواو يقال: والى بينهما ولاء أي: تابع أو فعل هذه الأشياء على الولاء أي: متتابعة، كذا في الصحاح. وعرفه الشارح بغسل العضو الثاني

ص: 47

ومستحبه التيامن

ــ

قبل جفاف الأول، زاد الحدادي مع اعتدال الهواء والبدن وعدم العذر حتى لو فني ماؤه فذهب لطلبه فلا بأس به على الأصح. وفي المعراج عن الحلواني تجفيف الأعضاء قبل غسل القدمين فيه ترك الولاء.

قال في البحر: وعرفه الأكمل في التقرير بالتتابع في الأفعال من غير أن يتخللها جفاف عضو مع اعتدال الهواء وظاهره أن الأول لو جف بعد غسل الثاني لم يكن ولاء ولا على الأول يكون ولاء وهو الأول، وأقول: الظاهر أن لا يكون ولاء وما مر عن الحلواني يؤيده ويحمل الثاني في كلام الشارح على ما بعد الأول لا علي ما يلي الأول. وقيل: هو أن لا يشتغل عن أفعال الوضوء بعمل ليس منه. وقيل: هو أن لا يمكث في أثنائه مقدار ما يجف منه العضو حكاهما في البدائع. واعلم أن مقتضى تعريف الولاء أنه لو توضئ وضوءا منكوسا غسل فيه العضو الثاني قبل جفاف الأول أنه يكون إيتاء بسنة الولاء.

(ومستحبه) هو الشيء المحبوب لغة وعرفا قيل: هو ما فعله عليه الصلاة والسلام مرة وتركه أخرى، والمندوب ما فعله مرة أو مرتين تعليما للجواز وفيه قصور إذا ما رغب فيه كذلك، لكن المصنف كثيرا ما يعبر بالمندوب مريدا به المستحب، وهو ظاهر في عدم الفرق بينهما، وعليه الأصوليون. ومن ثم قال في التحرير: ما لم يواظب عليه مندوب ومستحب وإن لم يفعله بعد ما رغب فيه.

(التيامن) أي: البدأة باليمين في المغسول من أعضاء الوضوء قيد به غير واحد احترازا عن الممسوح كالأذنين فإنه يندب مسحهما معا لأنه سهل وألحق بعضهم الخدين بهما، نعم إذا لم يمكنه ذلك بأن كان أقطع بدأ باليمين، وإنما ندب لما في الكتب الستة كان عليه الصلاة والسلام "يحب التيامن في كل شيء حتى في

ص: 48

ومسح رقبته

ــ

طهوره وتنعله وترجله وشأنه كله" بناء على أن المحبوبية لا تستلزم المواظبة؛ إذ كل المندوبات محبوبة له عليه الصلاة والسلام، ومعلوم أنه لم يواظب عليها لكن في أبي داود: "إذا توضأتم فابدؤوا بميامنكم" وقد صرح غير واحد أن كل وضوئه عليه الصلاة والسلام بتقديم اليمنى على اليسرى وذلك يفيد المواظبة فالحق أنه سنة كذا في الفتح، لكن قدمنا أنها إنما تفيد السنية، إذا كانت على وجه العبادة لا على العادة، كما هنا سلمنا أن المواظبة هنا كانت على وجه العبادة، لكن عدم الاختصاص ينافيها، ولو على سبيل العبادة كما قاله بعض المتأخرين، (ومسح رقبته) بظاهر يديه، وقيل: إنه بدعة والأصح أنه أدب، كذا في الخلاصة وقال الفقيه أبو جعفر: إنه سنة وبه أخذ كثير من العلماء كذا في مسكين لأنه عليه السلام مسح ظاهر رقبته مع مسح الرأس، ولا كلام أن مسح الحلقوم بدعة. تكميل بقي من السنن الدلك كما في الخلاصة. وعدها في الفتح من الأداب قال في البحر: ولعل ما في الخانية أوجه لأنه على كونه مندوبا لا يكون الإسراف مكروها وعلى كونه سنة يكون مكروها تنزيها وصرح الزيعلي بكراهته وكراهة لطم الوجه بالماء وحينئذ فيكون سنة لا مندوبا، وفي المنتقى: جعل الإسراف من المنهيات فتكون تحريمية. وقد ذكر المحقق آخرا أن الزيادة على الثلاث مكروهة وهو من الإسراف.

ص: 49

وينقضه خروج نجس

ــ

وأقول: لا نسلم أن ترك المندوب غير مكروه تنزيها لما في الفتح القدير من الجنائز والشهادات أن مرجع كراهة التنزيه خلاف الأولى ولا شك أن ترك المندوبات خلاف الأولى والظاهر أنه مكروه تحريما، إذ إطلاق الكراهة مصروف إلى التحريم فما في المنتقى موافق لما في السراج، والمراد بالسنة المؤكدة إطلاق النهي عن الإسراف وبه يضعف جعله مندوبا، نعم لطم الوجه بالماء مكروه تنزيها.

قال الحلبي: والمسألة مقيدة بماء النهر والمملوك، أما الموقوف على من يتطهر به فلا خلاف في حرمة الإسراف فيه، وماء المدارس من هذا القبيل، انتهى.

ومن الآداب استقبال القبلة ووضع الإناء على يساره إلا يغترف منه فعلى يمينه، وجعل يديه على عروته وغلسها ثلاثا، والتأهب للوضوء قبل الوقت في غير صاحب العذر. قال الحلبي: وعندي أنه من آداب الصلاة والذكر المحفوظ والصلاة عليه صلى الله عليه وسلم عند كل عضو.

قال الهندي وغيره: ولم يثبت إلا الشهادتان بعد الفراغ من الوضوء وشربه فضل ماء وضوئه قائما مستقبلا وأن يتوضأ في موضع طاهر لأن لماء الوضوء حرمة، كذا في المضمرات، وأن يبدأ في غسل الوجه من أعلاه وفي اليد والرجل من أطراف الأصابع كما في الدراية. وقدمنا أنه يبدأ في المسح من مقدم رأسه وصلاة ركعتين في غير وقت كراهة. والمندوبات كثيرة وفيما ذكرنا كفاية. وتعقبه لما فرغ من الفرائض ومستكملاتها شرع فيما يرفع حكمها بعد وجودها ولا خلاف أن رافع الشيء يعقبه (النقض) في الأجسام إبطال تركيبها، وفي المعاني إخراجها عما هو المطلوب منها قيل: الأول حقيقة، والثاني: مجاز.

(خروج نجس) بفتح الجيم اسم لعين النجاسة، وبكسرها لما لا يكون طاهرا فهو أعم وحينئذ فيصح. ضبطه في المختصر بهما غير أن الفتح أليق لبعده عن التكلف وهو: الرواية، كما قال صدر الشريعة ولا فرق بينهما لغة ولم يقل نجس خارج إيماء إلى أن الناقض إنما هو الخروج لا النجس إذ لو نقض لما حصلت طهارة

ص: 50

منه

ــ

الشخص إذ الإنسان مملوء بالدماء كذا قالوا لكن الظاهر أن الناقض إنما هو النجس الظاهر لا خروجه المجرد عن كون النجس مؤثر للنقض مع أن الضد هو المؤثر في رفع ضده والخروج شرط فقط، ولا وجود للمشروط بدون شرطه فلا يرد ما مر منه، أي: من المتوضئ زاد بعضهم الحي احترازا عن الميت فإنه لو خرج منه نجاسة لم يعد وضوءه بل يغسل موضع النجاسة فقط، قيل: فيه بحث إذ لا يلزم من عدم وجوب إعادة وضوئه عدم انتقاده إلا لو وجب دفنه بالوضوء، لكن لا يجب وأقول: ظاهر تعليلهم المسألة في بابها بأنه لو كان الخروج حدثا لكان الموت فوقه يفيد أنه ليس بناقض أصلا، ثم قيل: يخرج من عموم كلامه الريح الخارجة من الذكر وفرج المرأة إذ لا تنقض الوضوء في الأصح، كذا في مسكين وربما ورد في الشرح من أنه اختلاج وليس بريح ودفعه بعض المتأخرين بأن مرجعه إلى الريح على ما في كتب الطب، لكن تسليمه ليست بمنبعثة عن محل النجاسة والريح لم تنقض إلا لذلك، لا لأن عينها نجسة على الأصح حتى لو ابتلت سراويله أو الموضع الذي يمر به الريح لم ينجس عند العامة بخروجه.

وأما الدودة الخارجة من الذكر وهو الظاهر فقد حكى الحدادي الإجماع عليه وجزم به في الخانية، ثم الخروج يتحقق بالظهور، فلو نزل إلى القلفة نقض لا إلى القصبة. واعترض بأنه ليس له حكم الظاهر بدليل عدم وجوب إيصال الماء إليه في الغسل، وأجيب بأن الراجح وجوبه إلا أن المعتمد خلافه للحرج.

قال البزازي: وكلما وصل إلى الداخل ثم عاد نقض لعدم انفكاكه عن بلة، وإن لم يتم الدخول بأن كان طرفه في يده واعتبرت البلة حتى لا يفسد صومه على أصح الروايتين. والخنثى المشكل إذا اتضح كان الفرج الآخر بمنزلة القرحة لا ينقض الخارج منه ما لم يسل، جزم به في فتح القدير وغيره.

وفي الشرح: أكثرهم على إيجاب الوضوء عليه إلا أن الذي ينبغي التعويل عليه هو الأول والمفضاة التي اختلطت سبيلاها يندب لها الوضوء من الريح، وعند محمد يجب احتياطا وبه أخذا أبو حفص ولا يحلها الثاني للأول ما لم تحمل، ولا

ص: 51

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

يحل وطئها إلا أن يمكنه الإتيان في القبل بلا تعد، وعم كلامه خروج الدم من البدن وهو إنما يتحقق بتجاوزه إلى محل يلحقه حكم التطهير، وفائدة ذكر الحكم دفع وورد داخل العينين وباطن الجرح إذ حقيقة التطهير فيهما ممكنة وإنما الساقط حكمه والمراد بحكم التطهير وجوبه في الوضوء والغسل كما أوضح به صدر الشريعة وغيره، زاد في (البحر) أو ندبه لما في (المعراج) وغيره لو نزل الدم إلى قصبة الأنف نقض ولا شك أن المبالغة التي هي إيصال الماء إلى ما اشتد منه إنما هي سنة. وما في (السراج) من عدمه محمول على انه لم يصل إلى ما يسن إليه الإيصال ومن قيده بالوصول إلى ما لان منه، فالعدم لا يؤخذ منه إلا مفهوما والصريح يخالفه.

وفي (البدائع): لو نزل الدم إلى صماخ أذنيه كان حدثا، وفسره الجوهري بالخرق وليس ذلك إلا لأنه يندب تطهيره، ثم قال: المراد بقولهم أن يصل إلى موضع يلحقه حكم التطهير أن يتجاوز إلى موضع تجب طهارته، أو تندب من بدن وثوب ومكان، انتهى.

وأقول: هذا وهم وأنى يستدل بما في (المعراج) وقد علل المسألة بما يمنع هذا الاستخراج فقال ما لفظه: لو نزل الدم إلى قصبة الأنف انتقض بخلاف البول إذا نزل إلى قصبة الذكر ولم يظهر فإنه لم يصل إلى موضع يلحقه حكم التطهير، وفي الأنف وصل فإن الاستنشاق في الجنابة فرض، كذا في (المبسوط) ، انتهى.

وقد أفصح هذا التعليل عن كون المراد بالقصبة ما لان منها لأنه الذي يجب غسله في الجنابة ، ولذا قال الشارح: لو نزل الدم من الأنف انتقض وضوءه إذا وصل إلى ما لان منه لأنه يجب تطهيره وحمل الوجوب في كلامه على الثبوت مما لا داعي على هذا فيجب أن يراد بالصماخ الخرق الذي يجب إيصال الماء إليه في الجنابة، وبهذا ظهر أن كلامهم مناف لتلك الزيادة مع أن ملاحظتها في المجاوزة إلى موضع من بدن أو ثوب أو مكان يقتضي أن الدم إذا وصل إلى موضع يندب تطهيره من واحد من الثلاثة انتقض، وهذا ما لم يعرف في فروعهم عرف ذلك من تتبعها، بل المراد بالتجاوز السيلان ولو بالقوة، كما قال بعض المتأخرين: لما قالوه انه لو مسح الخارج كلما خرج ولو تركه لسال نقض فالنقض بصورة القصد ، كما قال صدر

ص: 52

وقيء ملأ فاه ولو مره أو علقاً

ــ

الشريعة غير وارد وحد السيلان أن يعلو وينحدر يروى ذلك عن الثاني وهو الأصح. وعن محمد أنه يكفي أن يصير أكبر من رأس الجرح ورجحه في (الدراية) ، والأول أولى، كذا في (الفتح)

ولو في عينه رمد أو عمش والدمع منها يسيل ، قالوا: يؤمر بالوضوء كل وقت لكل صلاة لاحتمال أن يكون قيحا أو صديدا قال في (البحر) مقتضى التعليل انه أمر ندب، وأقول: ممنوع إذ الأمر للوجوب حقيقة وهذا الاحتمال راجح للمرض، ثم رأيته كذلك في (فتح القدير) وعبارته: من رمدت عيناه وسال منها الماء وجب عليه الوضوء فإن استمر فلوقت كل صلاة.

وفي (المجتبى) الدم والقيح والصديد وماء الجرح والنفطة وماء السرة والثدي والعين والأذن لعلة سواء على الأصح، وهذا يدل على أن من رمدت عيناه ونزل منها الماء يجب عليه الوضوء والناس عنه غافلون ويؤمر بالضوء لوقت كل صلاة لاحتمال أن يكون الجرح في الجفون.

وجعل الشارح القيح والصديد الخارج من الأذن مع الوجع ناقضاً لا دونه ونظر فيه في (البحر) بأنهما لا يخرجان إلا عن علة فالظاهر النقض مطلقاً نعم هذا التفصيل في الماء حسن.

وأقول: لم لا يجوز أن يكون القيح الخارج من الأذن من جرح براء وعلامته عند الخروج التألم فالحصر ممنوع. وقد جزم الحدادي بما في (الشرح)(و) ينقضه أيضا خروج (قيء ملأ فاه) بان لا يمكن إمساكه إلا بكفه هو الأصح ، كذا في (الشرح) ورجح في (الينابيع) أن لا يقدر على إمساكه وافرده مع دخوله في خروج نجس لمخالفته| له في حد الخروج.

وأما السيلان في غير السبيلين فمستفاد من الخروج (ولو) كان الخارج (مرة) بكسر الميم أي صفرا (أو علقا) أي: سوداء وهو ما اشتدت حمرته وجمد حتى لو

ص: 53

أو طعاما أو ماء لا بلغما أو دما غلب عليه البصاق

ــ

كان سائلا نقض وإن قل، واعتبره محمد بالقيء ورجحه في الوجهين والخلاف في الصاعد من الجوف أما النزل من ارأس فقليله ناقض إجماعا.

(أو طعاما أو ماء) ولو صافيا وعن ابن زياد أن ما قاءه من ساعته حيث لم يستحل لا ينقض لأنه طاهر وإنما اتصل به قليل القيء وعلى هذا لو ارتضع الصبي ثم قاء من ساعته كان طاهرا، وهو المختار، كذا في (المجتبى) وفيه أيضا قاء طعاما أو ماء فأصاب إنسانا فالأصح انه لا يمنع مالم يفحش وهذا يقتضي أن نجاسة القيء مخففه ولا يعدي عن إشكال إذ لا خلاف ولا تعارض ويمكن حمله على ما إذا قاء من ساعته بناء على انه إذا فحش غلب على الظن كون المتصل به القدر المانع وهو ملأ الفم وبما دونه ما دونه وكذا في (الفتح).

قال في (البحر) وهذا كله غير صحيح لأنه حينئذ طاهر، وأقول: بلى هو صحيح إذ ليس الناقض هو الطاهر كما هو من كلامه ظاهر بل القيء المتصل به الذي ملأ الفم وفي (القنية) قاء دودا كثيرا أو حية ملأت فاه لا ينقض الوضوء ، انتهى.

وينبغي النقض على القول بنجاسته (لا) ينقض الخارج. ولو كان (بلغما) طرفا مطلقا عندهم ولو مخلوطا بطعام اعتبر الغالب وكل على حده لو استويا. وقال الثاني: ينقض الصاعد بشرطه لتنجسه في المعدة ولهمتا انه للزوجته فيها لا تتداخله أجزاء النجاسة، وما يتصل به من القيء قليلا. وإذا خرج قلت لزوجته وزادت بالهواء رقته فقبلها ولذا تنجس بوقوعه في النجاسة.

قال في (البدائع): والأصح انه لا خلاف لأن جواب الثاني في الصاعد وجوابهما في النازل إلا أن المحفوظ عنهما انه لا نقض في الصاعد أيضا نعم الاتفاق في النازل سلم، إلا انه قد يعكر عليه ما في (الخلاصة) صلى ومعه خرقة المخاط لا تجوز صلاته عند لأنه فحش. وحكى في (كراهية البزازي): أن الصلاة عليها مكروهة عندهما قال: لا لأنه نجس بل لأن المصلي معظم، والصلاة عليها لا تعظيم فيها قيل في قولهم: وما يتصل به من القيء قليل إيماء إلى انه لو تكرر مع اتحاد المجلس أو السبب وبلغ حد الكثرة تقلل ورده في (البحر) بأنه مستهلك فلا يجمع.

وأقول: مقتضى ما سبق عن (الفتح) من الحمل انه يجمع (أو دما غلب عليه البصاق) بأن كان اصغر. قيد به لأن المغلوب أو السماوي الأحمر ناقض فأفاد إطلاقه

ص: 54

والسبب يجمع متفرقه

ــ

انه لا فرق أي: الخارج من الفم أو الجوف وقد نقل ابن الملك الاتفق الصاعد من الجوف إذا غلب عليه البزاق ناقض فما اقتضاه كلام الشارح من عدم النقض لا يعول عليه. (والسبب) أي: وسبب القيء وهو الغثيان

(يجمع متفرقه) أي متفرق القيء القليل فينقض إذا ملأ الفم مجموعا وهذا قول محمد إذ الإضافة إلى الأسباب أصلية ألا لمانع واعتبر أبو يوسف اتحاد المجلس. وقال الحدادي أي اتحاد ما يحتوي عليه المجلس وهذا يفيد انه لو قاء ثم اشتغل في المجلس بعمل أخر ثم قاء انه لا يجمع عند الثاني وقول العيني أن كلام المصنف يأتني على القولين سهو إذ لا قائل بان اتحاد المجلس سبب والأصح قول محمد واجمعوا أنهما لو اتحدا نقض أو اختلفا لم ينقض وفي (السراج) ذكر في (الصغرى) مسألة في الغصب اعتبر محمد فيها المجلس وأبو يوسف السبب في ما لو اخرج خاتم نائم من يده ثم أعاده إليه في النوم برئ وأن كان بعد ما استيقظ ثم نام لم يبرئ.

وقال محمد إن اتحد المجلس برئ وإلا فلا قال في (البحر) والذي يظهر أن الخلاف ليس بناء على ذلك فالسبب في البراءة إنما هو الرد لا النوم لكنه لما استيقظ وجب الرد إلى المستيقظ عند الثاني، ومحمد نظر إلى انه ما دام في مجلسه لم يضمن وأقول يمكن أن يقال المراد بالسبب هو سبب برائته بالرد لنائم وهذا لأن ذمته اشتغلت بالغصب من نائم ثم رده إليه في النومة الأولى فقد فرغها كما اشتغلت وعبارته في (البزازية) الحاصل أن في إعادة الخاتم إلى إصبع النائم والخف إلى رجله والقلنسوة إلى رأسه ، الإمام الثني يعتبر اتحاد النوم في إزالة الضمان ومحمد يعتبر اتحاد المجلس حتى إذا أعاده في المجلس يبرأ عن الضمان

ص: 55

ونوم مضطجع ومتورك،

ــ

ولو في نوم أخر ولم يذكر محمد الإمام والصحيح يعتبر التحويل للزم فإذا لم يحوله إلى مكان أخر وأعاده إلى أي إصبع كان أو رجله زال عنه الضمان وأن حوله لا بد أن يعيده حال اليقظة وينقضه أيضا (نوم) شخص (مضطجع) شروع في الناقض الحكمي بعد الحقيقي بناء على انه عينه غير ناقض بل ما لايخلو عنه النائم وقيل ناقض ورجح الأول في (السراج) وبه جزم الشارح بل حكى في (التوضيح) الاتفاق عليه وأقول وينبغي أن يكون عينه ناقضا اتفاقا/ فيمن به انفلات ريح لأن ما لا يخلو عنه النائم لو تحقق وجوده لم ينقض فالمهموم أولى.

وأراد بالمضطجع من زالت مسكته أي قوته الماسكة بزوال مقعدته عن الأرض لا خصوص اللغوي الذي هو وضع الجنب فعم المستلقي والمنكب (ومتورك) وهو الذي زالت مقعدته وافرده تنبيها على أن الناقض منه ما كان معه زوال المقعدة لا ما لم يكن كما إذا بسط قدميه من جانب حال كون اليتيه على الأرض فان هذا وإن كان توركا إلا أن النوم معه غير ناقض وهذا أولى من إلحاق المستلقي والمنكب بالمضطجع كما في (البحر) وبهذا روي انه لو قال ونوم يزيل مسكته كما في (الدرر) لكان أولى وعم كلامه المريض إذا صلى مضطجعا وهذا هو الأصح وفي (الغزنوية) وعليه الفتوى ويخرج بمن زالت مقعدته القائم والقاعد والركع مطلقا والساجد في الصلاة

وأما خارجها فيشترط أن يكون على الهيئة المسنونة قال في (البدائع) وهذا هو القياس في الصلاة إلا انا تركناه بالنص ،انتهى. أي انه اقتضى عدم النقض مطلقا فما في (البحر) من تصحيح الشارح لهذا فخو بل في (عقد الفرائد) إنما لا يفسد الوضوء بنوم الساجد في الصلاة إذا كان على الهيئة المسنونة قيد به في

ص: 56

وإغماء وجنون

ــ

(المحيط) وهو الصحيح ، انتهى. إلا أن هذا لم يوجد في (المحيط الرضوي) وسجود السهو والتلاوة كالصلبية وكذا الشكر ثم في ظاهر الرواية لا فرق بين غلبته وتعمده وعن الثاني النقض في الثاني.

وفي مفسدات (الخانية) لو تعمده في السجود فسدت إلا الركوع قال في (الفتح) كأنه لقيام المسكة فيه بخلاف السجود وكان ينبغي أن يقال إن لم يكن على الهيئة المسنونة انتهى.

وحكي في (جوامع الفقه) الفساد فيها وعدمه مع الإعادة انتهى. وأقول والثاني مما يجب التعويل عليه وذلك لأن الهيئة المانعة من القول بالنقض مانعة من الفساد أيضا. ولو سقط من قعوده فعن الإمام أن انتبه قبل أن يصل إلى الأرض أو مع وصوله لا ينتقض وضوءه واعتبر محمد الانتباه قبل مزايلة المقعدة وقيل الفتوى على الأول وقال الحلواني ظاهر المذهب عن الإمام الثاني.

فائدة: من الخصائص أن نومه عليه الصلاة والسلام ليس بناقض.

وينقضه أيضا (إغماء) وهو كما في التحرير آفة في القلب أو الدماغ تعطل القوى المدركة والمحركة عن أفعالها مع بقاء العقل مغلوبا انتهى. وظاهر ما في (القاموس) أن الغشي نوع منه وهو الموافق لما في حدود المتكلمين إلا أن الفقهاء يفرقون بينهما كالأطباء والغين فيه مضمومة كذا في (المغرب)

وينقضه أيضا (جنون) وهو مرض يزيل الحجى قال في (البحر) وظاهر كلامهم أن العته لا ينقض لقولهم بصحة العبادة معه فان قلت سقوط التكليف عنه يؤذن بزوال العقل قلت إنما لا ينقض فقط لقولهم انه كالصبي وفسروه بمختلط الكلام فاسد التدبير إلا انه لا يضرب ولا يشتم

ص: 57

وسكر وقهقهة مصل بالغ

ــ

وينقضه أيضا (سكر) بضم السين المهملة اسم مصدر والجمع سكرى وسكارى بضم السين وفتحها واختلف في حده هنا وفي الإيمان والحدود فقال الإمام انه سرود يزيل العقل فلا يعرف به السماء من الأرض ولا الطول من العرض وخوطب زجرا له وقالا بل يغلب عليه فيهدأ في أكثر كلامه ولا شك انه إذا وصل إلى هذه الحالة فقد دخل مشيته اختلال والتقييد بالأغلب يفيد أن النصف من كلامه لو استقام لا يكون سكرانا وقد رجحوا قولهما في الأبواب الثلاثة

قال في حدود (الفتح) وأكثر المشايخ على قولهما واختاروه للفتوى وفي نواقض (المجتبى) الصحيح قولهما ولم أر في كلامهم النقض بأكل الحشيشة إذا دخل في مشيته اختلال وينبغي النقض ففي (عقد الفرائد) أنهم حكموا بوقوع طلاقه إذا سكر منها زجرا له.

(و) ينقضه أيضا (قهقهة) شخص (مصل) ولو حكما صلاة كاملة ولو إيماء أو سجود سهو فتنقض قهقهة الباني بعد عوده في إحدى الروايتين كما في (الدراية) وبه جزم الشارح وفيها لو نسي الباني المسح فقهقهة قبل القيام إلى الصلاة انتقض لا بعده لبطلانها بالقيام إليها وهي مسائل امتحان

وفي (الخلاصة) لو ضحك القوم بعد سلام الإمام أو حدثه أو كلامه عمدا لا ينتقض على الأصح وصحح في (الفتح) النقض بعد الكلام لا الحدث والخلاف مبني على انه بعد سلام الإمام أو كلامه عمدا هل هو في الصلاة إلى أن يسلم بنفسه أو لا؟ فعلى ما في (الخلاصة) لا وعلى الثاني نعم غير أن الكلام عد قاطعا لا مفسدا لبقاء الطهارة بخلاف الحدث العمد وخرج بالاملة الجنازة والتلاوة وأفاد إطلاقه انه لا فرق بين كون الوضوء ضمن غسل أو لا وهو الذي رجحه المتأخرون.

قال في (البحر) وظاهر كلامه كجماعة أنها حدث وقيل لا وإنما وجب الوضوء زجرا وعليه جماعة منهم الدبوسي وأقول بل ظاهر كلامه الثاني بدليل قوله (بالغ) إذ لو كانت حدثا لاستوى فيها البالغ وغيره وقد حكى في (السراج) الإجماع على عدم النقض في العيني وأن جعله في (الدراية) احد أقوال ثلاثة فقيل: يبطلهما وقيل الوضوء فقط ولا يبعد أن يخرج الثاني على أنها حدث إلا أن ظاهر الأخبار تؤذن بأنها ليست حدثا وذلك انه ليس فيها إلا الأمر بإعادتهما ولا يلزم منها كونها حدثا ولذا رجحوا عدم النقض بقهقهة النائم وإن بطلت صلاته على ما عليه الفتوى

ص: 58

ومباشرة فاحشة لا خروج دودة من جرح ومس ذكر

ــ

وفي قهقهة الناسي روايتان وجزم الشارح بالنقض لأن حالته مذكرة قال في (المعراج) واثر الخلاف يظهر في مس المصحف فعلى أنها حدث لا يجوز وعلى أنها للزجر يجوز وأقول وينبغي أن يظهر أيضا في كتابة القران وأما حل الطواف بهذا الوضوء ففيه تردد وإلحاق الطواف بالصلاة يؤذن بأنه لا يجوز فتدبره

وينقضه أيضا (مباشرة) بين الرجل والأنثى والرجلين (فاحشة) بان يلاقي الفرج الأخر والدبر مع التجرد والانتشار وظاهر الرواية عدم اشترط مماسة الفرجين واشتراطهما في (النوادر) وهو الظاهر كذا في (الشرح)

قال الاسبيجابي وهو الصحيح وافد كلامه نقض وضوئها أيضا وبه صرح في (القنية) وادعى ابن أمير حاج أن ذلك لم يذكر على قولهما وأن ما في (التنبية) فيه تأمل وفيه نظر لما سيأتي وهذا قولهما والثالث النقض وهو القياس وجه الاستحسان وهو الأصح كما في (التحفة) أنها لا تخلو من خروج مذي غالبا وقد قيل إن المذي في النساء اغلب وهذا يقتضي نقض وضوئها بالأولى وما في (الحقائق) من تصحيح ما عن الثالث فشاذ (لا) ينقضه (خروج دودة) ونحوها من جرح بضم الجيم أما بالفتح فمصدر جرحه جرحا قيد بالدودة لأنه لو خرج منها ماء نقض كذا في (مسكين) وقيده في (السراج) بما لم يدخله وبالجرح لأنها من السبيلين ناقضة كما مر

(و) لا ينقضه أيضا (مس ذكر) ونحوه كدبر وفرج ولو لغيره لكن يستحب له غسل يده كما في (المبسوط) وأفاد في (البدائع) تقييده بما إذا كان مستنجيا بالأحجار وهو حسن كذا في (البحر) وأقول ما في البدائع إنما هو فيما إذا استنجى بالأحجار دون الماء وتلوث يده لا مطلقا وذلك انه قال إن الحديث اعني

ص: 59

وامرأة. وفرض الغسل غسل فمه وانفه وبدنه

ــ

قوله عليه الصلاة والسلام: " من مس ذكره فليتوضأ" محمول على غسل اليدين لأن الصحابة كانوا يستنجون بالأحجار دون الماء فإذا مسوه بأيديهم كانت تتلوث خصوصا في أيام الصيف فأمروا بالغسل انتهى. ولا يخفى أن إطلاق السرخسي أولى عملا بعموم (من) ولامس بشرة (امرأة) ولو بشهوة لكن قال بعضهم ينبغي للإمام أن يحتاط لقوة الخلاف بين الصحابة في النقض به وعدمه ولا يخفى أن الخروج من الخلاف مندوب لكل احد بشرط أن لا يلزم منه ارتكاب مكروه في مذهبه إلا أن مراتبه تختلف بحسب قوة دليل المخالف وضعفه وخص الإمام لما لا يخفى.

(وفرض الغسل) يجوز أن يكون عطفا على جملة فرض الوضوء أو استئنافا وقد قيل انه بالضم اسم لغسل تمام الجسد وقال النووي أن الفتح فيه أفصح انتهى. لكن قال ابن مالك حيث أريد به الاغتسال فالضم هو المختار (غسل) جميع (فمه وانفه) للأمر بالأطهر بضم الهاء الذي هو تطهير جميع البدن الواقع على الظاهر والباطن إلا أن ما يتعذر إيصال الماء إليه أو يتعسر ساقط وأراد بالغسل غسل الجنابة والحيض والنفاس كذا في (السراج)

قال في (البحر) وهو ظاهر في أنهما ليسا بشرطين في المسنون ولو نسي غسل فمه لكنه شرب الماء إن كان وجه السنة لا يكفيه وإلا كفاه وشرط في (الواقعات) أن يمجه

قال في (الخلاصة) وهذا أحوط ووجهه في (البحر) بأنه قد قيل أن المج شرط فيها والأصح لا فكان الاحتياط هو الخروج عن الجنابة بناء الأصح لأنه العمل بأقوى الدليلين واقو لان يكون وجها لكون المج أحوط ولا أرى هذا إلا من طغيان القلم بل الوجه هو أن الماج خارج عن العهدة بيقين بخلاف غيره وهذا هو معنى الاحتياط وغسل باقي بدنه فيغسل السرة وأثناء اللحية وتغسل فرجها الخارج كما في (المحيط)

ص: 60

لا دلكه

ــ

ويجب تحريك الخاتم والقرط الضيقين وعليه إزالة ما يمنع إيصال الماء إلى بدنه لا ما لا يمنع كتراب وطين وظفر لا فرق في ذلك بين قروي ومدني واختلف فيما على ظفر الصباغ على انه غير مانع.

قال في (الفتح) ويجوز للجنب ذكر الله تعالى ويأكل ويشرب إذا تمضمض انتهى. وهو ظاهر في انه لا يحل قبلها وقيده في (البزازية) بالعب حيث قال يحل للجنب شرب الماء قبل المضمضة على وجه السنة وأن لا على وجهها لا لأنه شارب الماء/ المستعمل فإما أن يخرج على رواية تجزيء الجنابة أو انه تبين بآخرة الأمر انه شارب له وإما على رواية الطهارة فيحل.

قال في (الخانية) إذا أراد الجنب أن يأكل أو يشرب فالمستحب له أن يغسل يديه وفاه وإن ترك لا بأس به واختلفوا في الحائض قيل هي كالجنب وقيل لا يستحب لها إذ بالغسل لا تزول نجاسة الحيض بخلاف الجنابة انتهى. قالوا وله أن يعاود أهله قبل الغسل إلا إذ أحتلم فلا يأتي أهله مالم يغسل ذكره من المتبقي كذا في (الفتح)

قال ابن أمير حاج وظاهر السنة إنما يفيد الاستحباب لا نفي الجواز المفاد من كلامه (لا) يفترض (دلكه) أي البدن وعن الثاني وجوبه.

قال في (الفتح) وكأن وجهه خصوص صيغة "اطهروا" فإن فعل للتكثير أما في الفعل نحو جولت وطوفت أو في الفاعل كموتت الإبل أو في المفعول كغلقت الأبواب والثاني يستدعي كثرة الفاعل والثالث كثرة المفعول فلا يقال في شاة واحدة موت ولا في باب واحد غلقت وإن غلقه مرارا كما قيل فتعين كثرة الفعل فهو كالدلك ومنعه في (البحر) يجوز أن يكون التكثير في للمفعول وقوله إن التكثير في يستدعي كثرة المفعول مسلم له فيما إذا كان الفعل لا تكثير فيه.

ص: 61

وإدخال الماء داخل الجلدة للأقلف. وسنته أن يغسل يديه وفرجه ونجاسة لو كانت على بدنه ، ثم يتوضأ ......

ــ

أما إذا كان فيه تكثير نحو قطعت الثوب فيجوز أن يكون فيه للمفعول وإن اتحد الفاعل والمفعول كما قال ابن الحاجب في (شرح المفصل) و "اطهر" من ذلك القبيل لأنك تقول طهرت البدن انتهى.

وأقول لا يخفى إن "اطهروا" أمر من تطهر القوم وهو لازم فأنى يكون التكثير فيه للمفعول وعن هذا والله اعلم اضرب للكمال فيما وجد بخطه عن هذا اقتصر على قوله لأن صيغة التفعيل للمبالغة فتدبره.

(و) لا (إدخال الماء داخل الجلدة للأقلف) وهو الذي لم يختن للحرج على ما مر وما في (البدائع) واختاره في (مختارات النوازل) من انه لا حرج في الإدخال فممنوع نعم لا كلام انه مستحب.

(وسنته أن يغسل يديه) ابتداء لأنهما آلتا التطهير وقيده بعض المتأخرين بأن لا يكون على يديه نجاسة فان كانت بدأ بإزالتها كما في (المبسوط) ولا ينافيه ظاهر ما في (المختصر) لأن الواو لا تفيد ترتيبا (و) أن يغسل (فرجه) ودبره ووسطه بين غسل اليدين (والنجاسة) لأنه مظنتها فيلحق اللاحق في صورة وبالسابق في أخرى ومن هنا ظهر نكته عدوله عن ثم ألواقعه في عباراتهم وعلم به أن غسله سنة وإن لم يكن به نجاسة فاندفع ما في الشرح من أن قوله (ونجاسة لو كانت على يديه) تغني عنه لأنه لا يغسل إلا لأجلها قال في (البحر) ولان تقديم الغسل لم يكن ينحصر كونه للنجاسة بل لها أو لأنه لو غسله في أثناء الغسل لربما انتقضت طهارته عند من يرى ذلك والخروج من الخلاف مستحب ولا يخفى أن الكلام في السنية لا في الندب (ثم يتوضأ) كما مر فيسمي وينوي ولم يقل وضوءه للصلاة دفعا لتوهم المجاز الذي هو غسل اليدين لما انه قدم ذكر اليدين وفيه إيماء إلى انه يمسح رأسه وهو ظاهر

ص: 62

ثم يفيض الماء على بدنه ثلاثا ولا تنقض ضفيرة إن بل أصلها

ــ

الرواية وانه يغسل رجليه إلا أن الأكثر على تأخير غسلهما وقيده بعضهم بما إذا كان في مستنقع الماء وصححه الزاهدي.

قال في (البحر) والظاهر أن الخلاف في الأولوية لا في الجواز نقول من وجه التأخير بان الغسل لا يفيد لاحتياجه إلى غسلهما ثانيا أي فائدة تامة أما على أن الماء المستعمل طاهر فظاهر إذ الثاني إنما هو على سبيل التنزه أما على رواية عدم التجزيء بالجنابة فواضح وأما على رواية التجزيء فلأن الماء لا يوصف بالاستعمال إلا بعد الانفصال وما أصاب القدمين غير مستعمل لان البدن كله في الغسل كعضو واحد وأما على انه نجس فلأنه قد أفاد حل القراءة ومس المصحف وأن تنجستا به فما في ابن الملك من عدم الفائدة إنما يستقيم على رواية عدم التجزئ والثاني على عدمه واثر الخلاف يظهر في حل القراءة والمس بعد غسل الفم واليدين فعلى التجزئ نعم وعلى عدمه لا وهو الأصح ولا يخفى لزوم غسلهما إذا كان في المستنقع وعلى بدنه نجاسة انتهى. ولقائل أن يقول لا نسلم انه في الأولوية بل هو في الجواز وذلك أن وجوب الغسل للصلاة وإذا كان في مستنقع الماء يحتاج على رواية النجاسة إلى غسلهما فلم يفد الغسل فائدته فوجب التأخير تحاميا عن الإسراف ويلزم على ما ختاره أولوية التأخير مع النجاسة أيضا إذ لا فرق بين نجاسة ونجاسة وليس بالواقع / فتأمله (ثم يفيض) المغتسل (الماء على بدنه ثلاثا) سكت عن خصوص المندوبية وقد قيل انه المنكب الأيمن ثم الأيسر ثم الرأس

قال في (المجتبى) وهو الصحيح وقيل إن الرأس وهو ظاهر الرواية ويشهد له ظاهر حديث ميمونة وقيل انه الأيمن ثم الرأس ثم الأيسر

(ولا تنقض) بالبناء للمفعول (ضفيرة) بالضاد المعجمية الذؤابة من الضفر وهو فتل الشعر وإدخال بعضه ببعض هي نائب المفعول لقوله (إن بل أصلها) أي:

ص: 63