المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب صفة الصلاة - النهر الفائق شرح كنز الدقائق - جـ ١

[سراج الدين ابن نجيم]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الطهارة

- ‌فرع

- ‌فرع

- ‌فرع

- ‌مطلب في طهارة الجلود ودباغتها

- ‌فرع

- ‌فصل في الابار

- ‌فرع

- ‌باب التيمم

- ‌فرع

- ‌باب المسح على الخفين

- ‌باب الحيض

- ‌باب الأنجاس

- ‌كتاب الصلاة

- ‌باب الأذان

- ‌باب شروط الصلاة

- ‌باب صفة الصلاة

- ‌فصل

- ‌فرع

- ‌باب الإمامة والحدث في الصلاة

- ‌فرع

- ‌باب الحدث في الصلاة

- ‌باب ما يفسد الصلاة وما يكره فيها

- ‌فصل فيما يكره خارج الصلاة

- ‌باب الوتر والنوافل

- ‌باب إدراك الفريضة

- ‌باب قضاء الفوائت

- ‌باب سجود السهو

- ‌باب صلاة المريض

- ‌باب سجود التلاوة

- ‌باب صلاة المسافر

- ‌باب صلاة الجمعة

- ‌فرع

- ‌باب صلاة العيدين

- ‌باب صلاة الكسوف

- ‌باب الاستسقاء

- ‌باب صلاة الخوف

- ‌فرع

- ‌باب صلاة الجنائز

- ‌فصل في الصلاة على الميت

- ‌فرع

- ‌فرع

- ‌باب صلاة الشهيد

- ‌باب الصلاة في الكعبة

- ‌كتاب الزكاة

- ‌باب صدقة السوائم

- ‌باب صدقة البقر

- ‌فصل في الغنم

- ‌باب زكاة المال

- ‌باب العاشر

- ‌باب الركاز

- ‌باب العشر

- ‌باب الصرف

- ‌باب صدقة الفطر

الفصل: ‌باب صفة الصلاة

‌باب صفة الصلاة

فرضها التحريمة

ــ

باب صفة الصلاة

شرط في المشروط بعد بيان الشروط وهي مصدر وصفت الشيء صفة ووصفا إذا كشفت حاله وأجليت شأنه قيل: لا فرق بين الوصف والصفة لغة والمتكلمون فرقوا فجعلوا الوصف ما قام الواصف والصفة ما قام بالموصوف وجوز في فتح القدير ثبوت هذا الفرق لغة أيضا إذ لا شك في أن الوصف مصدر وصفه إذا ذكر ما فيه والصفة هي ما فيه ولا ينكر أن يطلق الوصف ويراد به الصفة بهذا اندفع قول العيني: ليت شعري من أين للمتكلمين التخصيص إذ كل منهما مصدر يصح أن يتصف به الفاعل والمفعول على أنه لا مشاحة في الاصطلاح وهي هنا بمعنى الكيفية المشتملة ععلى فرض وواجب وسنة ومندوب لاشتمال الباب على الكل وهذا أولى من قوله في الفتح المراد بالصفة هنا الأوصاف النفسية لها وهي الأجزاء العقلية الصادقة على الخارجية التي هي أجزاء الهوية من القيام الجزئي والركوع والسجود فتدبر.

(فرضها التحريمة) أي التكبيرة الأولى سميت بذلك لأن بها تحرم الأمور المباحة قبلها دون غيرها والتحريم جعل الشيء محرما والتاء لتحقيق الاسمية أو للوحدة وعبر بالفرض المفسر بما لا بد منه الشامل للركن والشرط بجعله التحريمة والقعدة من صفتها وهما شرطان لاتصالهما بالأركان أما القعدة فستأتي وأما التحريمة ففيها روايتان والأصح أنها شرط واختار الطحاوي وغيره رواية الركنية قيل: الأول قولهما والثاني قول محمد وأثر الخلاف يظهر في أن بطلان الوصف هل يوجب بطلان الأصل قالا: لا يوجبه وقال محمد يوجبه وفيما إذا شرع في الظهر قبل الزوال فلما فرغ من التحريمة زالت الشمس جاز عندهما خلافا له كذا في السراج وهو سهو والحق ما في الشرح: لو شرع فيه قبل ظهور الزوال فظهر قبل فراغه منها ويظهر أيضا في بناء النفل على الفرض فإنه جائز بإجماع أصحابنا كذا في الشرح لكن مع الكراهة في السراج وأراد إجماع القائلين بأنها شرط إما بناء على الفرض على مثله فجوزه أبو اليسر والظاهر خلافه بل حكى في السراج الإجماع على عدم صحته ولا خلاف في جواز بناء النفل على النفل والنفل والفرض عليه. واعلم أنه يشترط في التحريمة كونه قائما حتى لو وجد الإمام راكعا فكبر إن كان إلى القيام أقرب صح وإلا لا، ولو أراد بها تكبير الركوع لفت نيته وقالوا: يكتفى من الأخرس

ص: 194

والقيام والقراءة والركوع والسجود

ــ

والأمي بالنية ولا يلزمهما تحريك اللسان هو الصحيح لأن الواجب حركة بلفظ مخصوص فإذا تعذر نفس الواجب لا يحكم بوجوب غيره إلا بدليل وأقول: ينبغي أن يشترط القيام في نيتهما لقيامهما مقام التحريمة وإن تقديمها لا يصح ولم أره لهم وأما باقي التكبيرات فقال في طلاق الفتح: إنه يحرك لسانه بها كالقراءة انتهى وكأن الفرق أن تكبيرة الإحرام لها خلف هو النية بخلاف غيرها.

(والقيام) هو استواء النصف الأعلى وحده أن يكون بحيث لو مد يديه إلى ركبتيه لا ينالهما ويكره على أحد القدمين إلا لعذر وقد يترك وجوبا في مسائل وجوازا في أخرى منها لو كان به جرح لو سجد لسال أو أدمى وهو قاعد ولو قائما جاز والأول أولى ومنها شيخ لا يقدر على القراءة قائما ويقدر عليها قاعدا ولو صلى في الفصلين مع الحدث أو قائما وترك القراءة لم يجز ومنها لو كانت بحيث لو صلت قائمة انكشف عن عورتها ما يمنع الصلاة ولو قاعدة لا تعين القعود ولو كان الثوب يغطي جسدها وربع رأسها فتركت تغطية الرأس لم يجز ولو أقل من الربع جاز كما في الشرح ومنها لو كان بحيث لو صلى قاعدا قدر على الصوم وقائما لا رجح في المجتبى أنه يصلي قاعدا مع الإمام لكن الفتوى أنه يصلي في بيته قائما كما في الخلاصة (والقراءة) للأمر بها في النص وعلى ذلك انعقد الإجماع خلافا لمن شذ وهما ركن زائد لسقوطه في بعض الصور من غير ضرورة للمقتدي واعترض بأن بيان تسميته ركنا وزائدا تدافعا وأجيب بأنه ركن باعتبار أن انتفاءه يوجب انتفاء الماهية في حالة وزائد لقيامها بدونه في أخرى فمعنى الزائد هو الجزء الذي إذا انتفى كان الحكم المركب باقيا بحسب الشرع وهذا قد يكون باعتبار الكيفية كالإقرار في الإيمان أو الكمية كالأقل في المركب من الأكثر حيث يقال للأكثر: حكم الكل ولقائل أن يقول: لا نسلم أنه يسقط بلا ضرورة ليلزم كونه زائدا وسقوطه فيما مر لضرورة الاقتداء ومن هنا ادعى ابن الملك أنه أصلي ولو سلم فلا تلزم زيادته ألا ترى أن غسل الرجلين يسقط بالمسح بلا ضرورة فالأولى أن يقال: الزائد هو الساقط في بعض الأحوال بخلاف الأصلي.

(والركوع) وهو انحناء الظهر وفي منية المصلي أنه طأطأة الرأس ومقتضى الأول أنه مع القدرة لا يخرج بالطأطأة عن العهد قال الحلبي: وهو حسن (والسجود) للأمر بهما وهو وضع بعض الوجه على الأرض بما لا سخرية فيه فيدخل الأنف وخرج

ص: 195

والقعود الأخير قدر التشهد والخروج بصنعه

ــ

الحد والذقن والصدع ووضع إصبع واحدة من القدمين شرط وعرفه بعضهم بوضع الجبهة قال في البحر: وليس بصحيح لما سيأتي من أن الاقتصار على الأنف كاف عند الإمام وإن كان الفتوى على قولهما وأنت خبير بأن التعريف حيث جاء على الراجح فلا وجه لدعوى عدم صحته.

(والقعود الأخير) للإجماع وهو (مقدار التشهد) إلى قوله عبده ورسوله هو الأصح للعلم بأن شرعيته لقراءته وهذا أقل ما ينصرف إليه اسم التشهد عند الإطلاق لكن ما شرع لغيره كيف يكون آكد من ذلك الغير فالأولى أن يقال: إن سبب شرعيته الخروج وفي الولوالجية ما يفيد أن الموالاة وعدم الفاصل فيه غير شرط حيث قال: صلى أربعا فلما جلس جلسة خفيفة ظن أنها ثالثة فقام ثم تذكر فجلس وقرأ بعض التشهد جازت صلاته وإلا فسدت واختلف في ركنيته وفي البدائع الصحيح أنه ليس بركن أصلي وهذا يقتضي أنه زائد إلا أن الظاهر شرطيته لقولهم: لو كان ركنا لتوقفت الماهية عليه لكنها لا تتوقف عليه فإن من حلف لا يصلي يحنث بالرفع من السجود دون توقف على القعدة فعلم أنها شرعت للخروج وهذا لأن الصلاة أفعال وضعت للتعظيم وليس القعود كذلك.

(والخروج) من الصلاة (بصنعه) بقول ولو لفظ السلام أو فعل ينافي الصلاة بعد إتمامها وإن كره تحريما لترك السلام إذ تعيينه إنما هو واجب والفرض مطلق الخروج عند الإمام خلافا لهما وهذا قول البردعي أخذا من الاثني عشرية لمعنى آخر سيأتي قيل: وأثر الخلاف على تخريج البردعي يظهر فيما لو سبقه حدث في الأخير بعد ما قعد منه قدر الفرض تمت صلاته عندهما لا عنده حتى يتوضأ ويخرج منها بمناف هو السلام فلو لم يفعل حتى أتى بمناف آخر فسدت عنده كذا في المنية وشرحها وهذا يقتضي تخصيص المنافي بالسلام وقد علمت أنه أعم.

تكميل: بقي من الفرائض إتمامها والانتقال من ركن إلى آخر كما عده بعضهم قيل: لأن الأمر بالصلاة يوجب ذلك إذ لا وجود لها بدون إتمامها واعلم أنه هل يشترط لصحة هذه الفرائض الاستيقاظ؟ فرجحوا في القراءة اشتراطه كما في المحيط

ص: 196

وواجبها قراءة الفاتحة وضم سورة وتعيين القراءة في الأولتين ورعاية الترتيب في فعل مكرر ..

ــ

وغيره حتى لو قرأ نائما لا يجزئه واختار الفقيه الإجزاء قال في الفتح: وهو الأوجه إذ الاختيار المشروط قد وجد ابتداء وهو كاف ألا ترى أنه لو ركع وسجد ذاهلا عن فعله كل الذهول تجزئه قال في البحر: وهذا يفيد أنه لو ركع وسجد نائما يجزئه والمنصوص عليه أنه لا يجزئه قال في المبتغى: لو ركع وهو نائم لا يجوز إجماعا وعرف من هذا جواز القيام نائما وإن نص بعضهم على عدمه وأما القعدة الأخيرة ففي منية المصلي أنه لا يعتد بها وفي جامع الفتاوى يعتد بها وعلله في التحقيق الأصولي بأنها ليست بركن ومبناها على الاستراحة فيلائمها النوم ثم لا يخفى أن في قولهم: لو ركع نائما إيماء إلى أنه لو ركع فنام أجزأه وأن ما في السراج والمحيط لو أتى النائم بركعة تامة فسدت صلاته لأنه زاد ركعة غير معتد بها مبني على اختيار فخر الإسلام في القراءة وأن القيام منه غير معتد به.

(وواجبها قراءة الفاتحة) للمواظبة وسيأتي أنها سنة في الأخيرين من الفرض واجبة في الكل من ركعات الوتر والنفل والعيدين وقالوا: لو ترك أكثرها سجد للسهو لا إن ترك أقلها ولم أر لهم ما إذا ترك النصف ولو خاف فوت الوقت لو قرأ الفاتحة والسورة قرأ في كل ركعة آية في جميع الصلوات إن خاف فوت الوقت في الزيادة كذا في القنية (وضم) أقصر (سورة) وما يقوم مقامها وهو ثلاث آيات قصار أو آية طويلة في الأوليين بعد الفاتحة وفي المجتبى قال أصحابنا: لو ترك الفاتحة يؤمر بها بالإعادة ولو ترك السورة لا ورده في البحر بأنه لا فرق بين واجب وواجب وأومأ بالضم إلى أن تقدم الفاتحة واجب فلو قرأ حرفا في السورة قبلها ساهيا سجد للسهو ولو كرر ما قبل السورة ساهيا سجد للسهو كما رجحه في المجتبى وغيره (وتعيين القراءة في) الركعتين (الأولتين) من الفرض،

(ورعاية الترتيب في فعل مكرر) في كل ركعة كذا في الكافي زاد الشارح في

ص: 197

ــ

جميع الصلاة كعدد الركعات حتى لو نسي سجدة من الأولى وقضاها في آخر الصلاة جاز كذا وفي ما يقضيه المسبوق بعد سلام الإمام أول صلاته عندنا ولو كان الترتيب فرضا لما جاز ورده في البحر بأن ما يقضيه المسبوق أول صلاته حكما لا حقيقة وأيضا ليس هو أولها مطلقا بل في حق القراءة وآخرها في حق التشهد ولا يصح أن يدخل تحت الترتيب الواجب إذ لا واجب عليه ولا نقص في صلاته وأقول: هذا وهم إذ الترتيب بين الركعات ليس إلا واجبا قال في الفتح: إلا أنه سقط حق المسبوق لضرورة الاقتداء وما في الشرح مأخوذ من الخبازية والنهاية وعليه جرى في الدراية والفتح.

قيدت بالمتكرر لأن رعاية ما لا يتكرر في كل ركعة فرض كذا في الكافي إلا أنه في سجود السهو منه قال: لو قدم ركنا بأن ركع قبل أن يقرأ أو سجد قبل أن يركع سجد للسهو لأن مراعاة الترتيب واجبة عندنا وفيه تناقض ظاهر وبه استدل صدر الشريعة على أن قيد التكرار لا مفهوم له كما أنه واجب بين ما لا يتكرر كالركوع والقراءة قال: ويخطر ببالي أنه احتراز عما لا يتكرر فيها على سبيل الفريضة وهو التحريمة والقعدة فإن الترتيب في ذلك فرض وأجيب عن التناقض بأن معنى فرضية الترتيب هنا توقف صحة الثاني على وجود الأول حتى لو ركع بعد السجود لم يعتد إجماعا فيعيد السجود ومعنى وجوده أن الإخلال به لا يفيد الصلاة إذا أتى به والحاصل أن الترتيب بين ما يتعدد في كل ركعة أو في كل الصلاة واجب وبين المتحد في كل الصلاة كالقعدة وجميع ما سواه فرض حتى لو تذكر بعد القعود قبل السلام أو بعده قبل أن يأتي بمناف ركعة أو صلبية أو تلاوية أتى بها وأعاد القعدة وسجد للسهو ولو ركوعا قضاه في مع ما بعده من السجود أو قياما أو قراءة صلى ركعة وكذا بين المتحد في كل ركعة كالقيام والركوع فما في النهاية من أن الترتيب غير شرط بين ما يتعدد في كل الصلاة أو يتحد في كل ركعة وبين ما يتعدد في كل ركعة ليس على الإطلاق بل بين السجود والمتحد في كل ركعة تفصيل إن كان سجود ذلك الركوع بأن يكون من ركعة فالترتيب شرط وإن كان ركوعا من الركعة وسجودا من أخرى بأن تذكر في سجدة ركوع ركعة قبل ركوع هذه السجدة قضى الركوع وسجدتيه وإن كان على القلب بأن تذكر في الركوع أنه لم يسجد قبلها سجدها وهل يعيد الركوع والسجود المتذكر فيه ففي الخانية نعم لارتفاضه بالعود وفي الهداية أنه مندوب فقط.

ص: 198

وتعديل الأركان والقعود الأول والتشهد ولفظ السلام وقنوت الوتر ..

ــ

(وتعديل الأركان) وهو تسكين الجوارح حتى تطمئن مفاصله وأدناه قدر تسبيحة هذا تخريج الكرخي وهو الصحيح وعلى تخريج الجرجاني هو سنة وقال الثاني: هو فرض ونقله الطحاوي عن الثلاثة قال العيني: وهو المختار إلا أن الذي نقله الجم عنهما ما سمعت على أن خلاف الثاني لم يذكر في ظاهر الرواية وعبارته في الأسرار قال علماؤنا: الطمأنينة في الركوع والسجود وفي الانتقال من ركن إلى ركن ليس بركن وكذلك الاستواء بين السجدتين وبين الركوع والسجود وحمل في الفتح قول الثاني على الفرض العملي وعليه حمل في البحر ما نقله الطحاوي فيما رحجه العيني لغرابته لم أر من عرج عليه حتى أوله بين العصريين بالمختار من قوليه.

(والقعود الأول) للمواظبة وما صححه الترمذي من "أنه عليه الصلاة والسلام سهى عنه فلم يعد إليه" واختار الكرخي والطحاوي استنانه والأول أصح قال في البدائع: وأكثر ما شيخنا يطلقون اسم السنة إما لأن وجوده عرف بها أو لأن المؤكدة في معنى الواجب وهذا يقتضي رفع الخلاف وأراد بالأول ما ليس بآخر إذ المسبوق بثلاث في الرباعية يقعد ثلاث قعدات والواجب منها ما عدا الأخيرة وسيأتي أنها قد تكون أكثر لكن يرد عليه ما في الفتح من سبق الحدث لو استخلف المسافر مقيما حين سبقه الحدث كانت القعدة الأولى فرضا في حقه وقد يجاب بأن هذا عارض وقراءة التشهد في كل القعدات في ظاهر الرواية استحسانا وهو الصحيح وقيل: سنة ولا خلاف في وجوبه الأخيرة خلافا لما في شرح ابن عوف ووقع في بعض نسخ الوقاية.

(والتشهد) وعبارة المصنف أولى قال أبو الليث في خزانته: وأكثر ما يقع في الصلاة عشر مرات كمن أدرك الإمام فيه في المغرب ثم تشهد معه الثالثة وعليه سهو فسجد معه وتشهد ثم تذكر سجود تلاوة فسجد معه وتشهد ثم سجد للسهو وتشهد معه وقد بقي عليه ركعتان بتشهدين فيما يقضي ووقع له ما وقع في الأول (و) إصابة (لفظ السلام) للمواظبة وأفاد عليكم ليس منه كالتحويل يمينا وشمالا ولذا لو اقتدى به بعد لفظ السلام قيل: قوله عليكم لا يصح (و) قراءة (قنوت الوتر)

ص: 199

وتكبيرات العيدين والأسرار فيما يجهو ويسر وسننها رفع اليدين للتحريمة ونشر أصابعه

ــ

وهو مطلق الدعاء وإما خصوص اللهم إنا نستعينك فسنة فقط حتى لو أتى بغيره جاز إجماعا.

(وتكبيرات العيدين) الزوائد الآتية في بابه هو الأصح للإضافة ولذا لم يقل القنوت للوتر والتكبيرات للعيدين وهو إما للفرض أو للوجوب والأول منتف فتعين الثاني ونوزع بأنها ليست من الشارع فلا تصبح مثبتة واعلم أن تكبير الركوع من الركعة الثانية منه ومن الثالثة في الوتر واجب نبه عليه الشارح في السهو ولفظ التكبير في العيدين واجب كما في المستصفى وسيأتي ما فيه (والإسرار فيما يجهر) فيه (ويسر) لف ونشر مرتب للمواظبة واجبان اعتمادا على ما سيأتي.

(وسننها رفع اليدين للتحريمة) لأنه عليه الصلاة والسلام كان يفعله ولو تركه يأثم وقيل: لا وعن الإمام ما يدل عليه وقال الصفار إن اعتاده أثم لا إن كان أحيانا وفي الخلاصة: وهو المختار وقال في الفتح: وينبغي أن يكون شقي هذا القول محمول على القولين فلا خلاف حينئذ ولا إثم لنفس الترك بل لأن اعتياده للاستخفاف وإلا فمشكل أو يكون واجبا انتهى وهو مبني على إناطة الإثم بترك الواجب فقط قال في البحر: والذي يظهر من كلامهم أنه قد يكون بترك السنة أيضا فقد رجحوا الإثم بترك السنن الصلوات والجماعة ولا ينكر بأنه مقول بالتشكيك على معنى أنه في الواجب أشد من ترك السنة ومن نفاه جعله من الزوائد بمنزلة المندوب أقول: ويؤيده ما في الكشف الكبير معزيا إلى أصول أبي اليسر حكم السنة أن يندب إلى تحصيلها ويلام على تركها مع لحوق إثم يسير وكون الاعتبار للاستخفاف يوجب إثما فقط فيه نظر ففي البزازية لو لم ير السنة حقا كفر لأنه استخفاف (ونشر أصابعه) لأنه عليه الصلاة والسلام كان إذا كبر رفع يديه ناشرا أصابعه. وكيفيته أن لا يضم كل الضم ولا يفرج كل التفريج بل ينزلها على حالها كذا في الشرح وفي المعراج معنى النشر في الحديث النشر على الطي بأن لم يجعلها فيما يضم الأصابع إلى الكف قال شيخ الإسلام: وظن بعضهم أن المراد به التفريج

ص: 200

وجهر الإمام بالتكبير والثناء والتعوذ والتسمية والتأمين سرًا ووضع يمينه على يساره تحت سرته وتكبير الركوع والرفع منه وتسبيحه ثلاثًا وأخذ ركبتيه بيديه وتفريج أصابعه وتكبير السجود وتسبيحه ثلاثًا

ــ

وهو غلط بل أراد به النشر عن الطي يعني يرفعهما منصوبتين لا مضمومتين حتى تكون الأصابع إلى القبلة انتهى وهذا المعنى نبه عليه الشارح بعد في قوله وركع.

(وجهر الإمام بالتكبير) بقدر الحاجة لاحتياجه إلى الإعلام بالدخول والانتقال قيد بالإمام لأن المأموم والمنفرد لا يجهران به لعدم الحاجة إليه (والثناء والتعوذ والتسمية والتأمين سرًا) نصب على المصدرية أي: تسر سرًا على معنى يسرها المصلي سرًا وهو قيد في الأربعة (ووضع يمينه على يساره تحت سرته) لقول علي كرم الله وجهه: من السنة وضع اليمين على اليسار تحت السرة.

(وتكبير الركوع) لأنه عليه الصلاة والسلام (كان يكبر عند رفع وخفض)(والرفع منه) بالرفع عطف على التكبير لا بالجر لاقتضائه التكبير عند الرفع وليس بالسنة وهذا عندهما وقال الثاني: فرض وهو رواية عن الإمام والصحيح الأول (تسبيحه) أي: الركوع (ثلاثًا) أي: ثلاث مرات بيان لأدناه كما سيأتي (وأخذ ركبتيه بيديه) في الركوع (وتفريج أصابعه) لحديث أنس: (إذا ركعت فضع يديك على ركبتيك وفرج بين أصابعك).

(وتكبير السجود) لما روينا قال الشارح: ولو قال: والرفع منه لكان أولى لأن التكبير عند الرفع منه وكذا الرفع نفسه سنة انتهى وجوابه أنه استغنى عن ذلك بقوله بعد: والقومة أي: من السجود والجلسة أي: بين السجدتين وبه تندفع دعوى التكرار بناء على أن المراد بالقومة القومة من الركوع على أن في استفادة الحكمين المذكورين من قوله: والرفع نظرًا لأنه إن كان مرفوعًا عطفًا على التكبير أفاد سنية الرفع أو مجرورًا عطفًا على السجود أفاد سنية التكبير عند الرفع وعن الإمام أنه فرض وجه الظاهر أن الانتقال المقصود يتحقق بدونه بأن يسجد على وسادة ثم تنزع لكن هذا لا يتم إلا على قول من لم يشترط الرفع (وتسبيحه) أي: السجود (ثلاثًا) لقوله عليه الصلاة والسلام: (إذا سجد أحدكم فليقل سبحان ربي الأعلى ثلاثًا).

ص: 201

ووضع يديه وركبتيه وافتراش رجله اليسرى ونصب اليمنى والقومة والجلسة والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والدعاء وآدابها نظره إلى موضع سجوده

ــ

(ووضع يديه وركبتيه) على الأرض حال السجود لما سيأتي (وافتراش رجله اليسرى ونصب اليمنى) عند جلوسه للتشهد لأنه عليه الصلاة والسلام فعل كذلك (والقومة والجلسة) وهذا أعني استنان القومة بين الركوع والسجود قولهما وقال الثاني: فرض قال في (فتح القدير): وينبغي أن تكونا واجبتين للمواظبة ولعله كذلك عندهما ففي (الخانية) المصلي إذا ركع لم يرفع رأسه من الركوع حتى خر ساجدًا ساهيًا/ تجزئه صلاته عند أبي حنيفة ومحمد وعليه السهو وقدمنا عنه حمل قول الثاني بالفرضية على الفرض العملي فيرتفع الخلاف انتهى، وأنت خبير بأن صحة رفع الخلاف موقوفة على أن يراد بالواجب على قولهما أقوى نوعيه وهو ما يفوت الجواز بفوته لكنه لا يفوت على قولهما ويفوت على قوله فأنى يرتفع وقد صرح في السهو بذلك حيث قال: لو ترك القومة والجلسة فسدت صلاته عند أبي يوسف خلافًا لهما نعم ذكر كثير أنها واجبة تجبر بالسهو كما في (الخانية).

ففي (المجتبى) عن صدر القضاة إتمام الركوع، وإكمال كل ركن واجب عندهما وعند أبي يوسف فرض وكذلك رفع الرأس من الركوع والانتصاب والقيام والطمأنينة فيه فيجب أن يكمل الركوع حتى يطمئن كل عضو منه وكذا السجود، ولو ترك شيئًا من ذلك ساهيًا يلزمه سجدتا السهو وعامدًا يكره أشد الكراهة ويلزمه أن يعيد الصلاة وفي (المحيط) لو ترك القومة بين الركوع والسجود ساهيًا يلزمه سجود السهو قال ابن أمير حاج: وهذا هو الصواب.

(والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم) في القعدة الأخيرة وقد حكى غير واحد إجماع المتقدمين والمتأخرين على عدم وجوبها فيها وإن من قال بذلك لا سلف له وسيأتي الكلام على أقسامها وأحكامها (والدعاء) لنفسه ولوالديه المؤمنين ولجميع المؤمنين بعد التشهد لما حسنه الترمذي مرفوعًا قيل: يا رسول الله أي الدعاء أسمع؟ قال: (جوف الليل الأخير ودبر الصلوات المكتوبة) بناء على أن المراد بالدبر ما قبل الفراغ منها كما قال بعضهم: ويصح أن يراد به عقبه وهذا عندنا محمول على صلاة لا سنة بعدها على خلاف فيه سيأتي مبينًا إن شاء الله تعالى.

(وآدابها نظره إلى موضع سجوده) في القيام وفي الركوع إلى ظهر قدميه وفي

ص: 202

وكظم فمه عند التثاؤب، وإخراج كفيه من كميه عند التكبير، ودفع السعال ما استطاع، والقيام حين قيل حي على الفلاح، وشروع الإمام مذ قيل قد قامت الصلاة.

ــ

السجود إلى أرنبة أنفه وفي القعود إلى حجره وعند التسليمة الأولى إلى منكبه الأيمن وعند الثاني إلى منكبه الأيسر وبهذا علمت ما في كلامه من القصور وإيهام خلاف المقصود (وكظم فمه) أي: ضم بعضه إلى بعض المراد سده (عند التثاؤب) ليندفع به خوفًا من ضحك الشيطان منه بفعله كما أخبر به عليه الصلاة والسلام وكأنه لما فيه من التكاسل فيما محله النشاط والخضوع قال في (القاموس): تثاءب أصابه كسل وفترة كفترة النعاس فإن لم يقدر غطاه بيده أو كمه واعلم أنه صلى الله عليه وسلم محفوظ من التثاؤب كما في (تاريخ البخاري)(ومصنف أبي شيبة) زاد الثاني أن ذلك عام في الأنبياء ذكره ابن حجر المكي في (شرح الشمائل).

(وإخراج كفيه من كميه عند التكبير) لأنه أقرب إلى التواضع إلا لنحو برد (ودفع السعال ما استطاع) لأنه أجنبي عن الأفعال وإلا فسد حيث لا عذر (والقيام) أي: قيام المصلي ولو إمامًا (حين قيل: حي على الفلاح) مسارعة لامتثال الأمر هذا إذا كان الإمام بقرب المحراب فإن لم يكن وقف كل صف انتهى إليه الإمام على الأصح كذا في (الخلاصة) وفي (الشرح) وهو الأظهر ولو دخل من أمامهم قاموا حين يقع بصرهم عليه هذا إذا كان الإمام غير المؤذن فإن اتحدوا قام في المسجد أجمعوا على أن القوم لا يقومون ما لم يفرغ من الإقامة وإن خارجه قام كل صف ينتهي إليه.

(وشروع الإمام مذ قيل قد قامت الصلاة) عندهما وقال الثاني: إذا فرغ من الإقامة محافظة على فضيلة إجابتهما ولهما إن قد هنا للتحقيق فيسرع صونًا لكلام الأمين عن الكذب والمتابعة في الأذان لا في الإقامة كذا في (الشرح) ونظر فيه في (البحر) بما سبق من أنها مندوبة مع أنه قدم أيضًا أنه لا إجابة فيها كما في (الشرح) وهو أحق لما أنها تفوت هذه الفضلية ولو شرع بعد فراغه منها فلا بأس به إجماعًا كذا في (الظهيرية).

ص: 203