الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب قضاء الفوائت
ــ
باب كيفية قضاء الفوائت
ولم يقل المتروكات حملاً لحال المسلم على الصلاح، اعلم أن الأداء كما قاله صدر الشريعة تسليم عين الثابت بالأمر والقضاء تسليم مثل الواجب به قال المصنف تبعًا لفخر الإسلام وغيره من الأصوليين. وقلنا في الأول مثل عين الثابت ليشمل النفل قال في التلويح: والمراد بما ثبت بالأمر ما علم وجوبه بالأمر لا ما علم ثبوته به ولم يعتبر في تعريف الأداء التقييد بالوقت ليعلم أداء الزكاة والأمانات والمنذورات والكفارات ثم هو مبني على أن الأمر حقيقة في الوجوب ومن أدخل النفل فيه كصدر الشريعة أبدل الواجب بالثابت وبه علم أن قوله في (البحر): الأداء ابتداء فعل الواجب في وقته المقيد به سواء كان ذلك الوقت العمر أو غيره ولم يقل: فعل الواجب كما قال غيره إما لأنه لا يشترط فعل كله في الوقت إذ وجود التحريمة فيه كاف لكونه أداءً مدفوع.
أما أولاً: فلأن كون الوقت المقيد يدخل فيه المطلق جمع بين المتنافيين.
وأما ثانيًا: فلأن هذا المزيد ما لا حاجة إليه إذ تسليم العين يشمل هذا النوع من الأداء وإلا كان مثلاً فيكون قضاء والإعادة ما فعل ثانيًا لخلل في الأول كذا في (التلويح) ولم يقل: في الوقت لما سبق زاد في (التحرير) غير الفساد وعدم صحة الشروع وأقول: لا حاجة إليه إذ اختلال الشيء يؤذن ببقائه ولا وجود له فيما ذكر واختلف هل هي قسم من الأداء أو مستقل؟ قولان إلا أنها بعد الوقت المقدر لا تعاد، ومن ثم قال في (القنية): من لم يتم ركوعه ولا سجوده يؤمر بالإعادة في الوقت لا بعده ثم رقم أن القضاء أولى في الحالتين وعليه لا وجوب بعد الوقت وإنما استقر الإثم عليه وادعى في (البحر) في تعريف المصنف للقضاء تناقضًا إذ كونه مثله يقتضي أنه بأمر جديد وقوله به أي: بالأمر الأول كما هو مذهب المحققين ينافيه.
وأقول: قال بعض المحققين: إن العينية والمثلية بالقياس إلى ما علم من الأمر إذ المأمور به إن كان عين ما علم فهو الأداء وإن كان مثله فهو القضاء وهذا لأن الشارع لما أمره بالصلاة ولم يؤدها بقيت في ذمته وله قدره على مثلها لأن النفل شرع له من جنس ما عليه وهو مثله فأمر بصرف ماله من النفل إلى ما عليه من القضاء وبهذا يندفع التناقض فتدبره، والإعادة فهي ما فعل ثانيًا لخلل ولم يقيدها بالوقت لما مر زاد في (التحرير) غير الفساد وعدم صحة الشروع وهو مبني على أن اختلال الشيء
والترتيب بين الفائتة، والوقتية وبين الفوائت مستحق ويسقط بضيق الوقت
ــ
يصدق بعدمه وفيه تردد وهل هي قسم من الأداء أو مستقل قولان، ثم لا يخفى أن تأخير العبادة عن وقتها لا يجوز إلا لعذر كخوف عدو ومنه خوف القابلة موت الولد لو اشتغلت بالصلاة وجزم في (الولوالجية) بأن قضاء الصلاة على الفور والصوم على التراخي.
قال الزاهدي: (و) الأصح تأخير الفوائت لعذر السعي على العيال والحوائج جائز، (الترتيب بين) الصلاة (الفائتة والوقتية و) الترتيب أيضًا (بين الفوائت) القليلة على ما سيأتي (مستحق) / أي: واجب كذا في (المعراج) وغيره إلا أنه قوي يفوت الجواز بفوته ولم يقل: فرض كما قال صدر الشريعة لانصراف المطلق منه إلى القطعي ولا شرط كما في (المحيط) لأن الشرط حقيقة لا يسقط بالنسيان وهذا به يسقط وفي (القنية) صبي بلغ وقت الفجر ولم يصله وصلى الظهر مع تذكر جاز ولا يجب الترتيب بهذا القدر قال في (البحر): وهذا إن صح كان مخصصًا لإطلاقاتهم لكن في صحته نظر اللهم إلا أن يكون جاهلاً فيعذر لقرب عهده.
وأقول: يمكن تخريجه على ما روى الحسن أن من جهل فريضة الترتيب يلحق بالناسي واختاره جماعة من أئمة بخارى كما في (البناية) والتقييد بالصبي قد يرشد إليه، وفي كلام المصنف إيماء أن قضاء الفوائت مستحق أيضًا إذ لزوم الترتيب فرع لزوم القضاء لا فرق في ذلك بين أن يعلم أنه صلاة هي أو لا حتى لو علم أنه ترك صلاة من يوم قضى خمسًا كما في (التجنيس)، ولو قرأ في ركعة منها قضى الفجر والوتر كذا في (الحاوي)، قال في (البحر): وينبغي أن يقيد بغير المسافر أما هو فيقضي خمسًا للزوم القراءة في كل صلاته وفي (المحيط) لو تذكر ترك عشر سجدات من صلاته قضى عشرة أيام وينبغي أن يكون الركوع كذلك ولو أخبره عدلان بأنه لم يتم صلاته وجب القضاء لا إن أخبره واحد كذا في (الحاوي).
وقيده في (المحيط) بالإمام معللاً بأنه شهادة لأن حكمه يلزم الغير وهو ظاهر وجوب إعادة غيره بالواحد ولو شك أصلى أم لا فإن في الوقت وجبت الإعادة لا بعده قال في (الخلاصة): ولو كان ذلك في العصر قرأ في الأولى والثالثة فقط وكأنه تحاميًا عن التنفل بعده لأنه بفرض أن يكون قد صلى يفسد التنفل غير أن تعيين الأولى والثالثة مما لا أثر له على أن المكروه إنما هو النفل القصدي كذا في (البحر).
(ويسقط) استحقاق الترتيب بين الفائتة والوقتية لا بين الفوائت (بضيق الوقت) إذ ليس من الحكمة تفويت الوقتية لتدارك الفائتة ولو قدمها صح وأثم وظاهره اعتبار أصل الوقت في الضيق وهو قياس قول الإمام، والثاني قاله الطحاوي: بل قال
والنسيان وصيرورتها ستًا
ــ
السرخسي: أكثر المشايخ على أن هذا قول علمائنا الثلاثة ونسب لمحمد اعتبار الوقت المستحب وصححه في (المحيط)، وفي (البناية) أنه المختار، وأيده في (الظهيرية) بما في (المنتقى) افتتح العصر في وقتها ناسيًا للظهر فلما احمرت تذكر الظهر مضى في العصر فهذا نص على أن العبرة للمستحب، يعني وعلى اعتبار أصل الوقت يقطع وفيه يظهر أثر الخلاف، وكذا لو كان بحيث لو شرع، ومعنى الضيق على القولين أن يكون الباقي لا يسعهما عند الشروع في نفس الأمر لا بحسب ظنه، ومن ثم قال في (المجتبى): ظن من عليه العشاء ضيق وقت الفجر فصلاها وفي الوقت سعة يكررها إلى أن تطلع الشمس وفرضه ما يلي الطلوع وما قبله تطوع واختلف فيما إذا كان الباقي لا يسع إلا بعض الفوائت مع الوقتية وظاهر ما في (فتح القدير) ترجيح عدم جواز الوقتية ما لم يقض ذلك البعض وقيل: عند الإمام يجوز إذ ليس الصرف إلى هذا البعض أولى منه للآخر.
قال الزاهدي: وهو الأصح (والنسيان) أي: ويسقط استحقاق الترتيب بين الفائتة والوقتية بين الفوائت بالنسيان لعدم قدرته على الترتيب نعم قال في (إيضاح الإصلاح): توسعوا في عبارة النسيان حيث أرادوا به ما يعم الجهل المستمر (وصيرورتها ستًا) أي: ويسقط أيضًا الترتيب بين الفائتة والوقتية وبين الفوائت بصيرورة الفوائت ستًا وذلك بخروج وقت السادسة على الأصح لدخولها حينئذ في حد التكرار الموجب السقوط دفعًا للحرج، ثم المعتبر أن تبلغ الأوقات المتخللة ستًا وإن أدى ما بعدها في أوقاتها وقيل: يعتبر أن تبلغ الفوائت ستًا ولو متفرقة وأثر الخلاف يظهر فيما لو ترك ثلاث صلوات الظهر من يوم والعصر من يوم والمغرب من يوم ولا يدري أيتها أولى فعلى الأول يسقط الترتيب لأن المتخللة بين الفوائت كثيرة وهو الأصح وعلى الثاني لا يسقط كذا في (الشرح) وجزم في (فتح القدير) بإحالة هذا الخلاف لما سيأتي من أنه لو صلى فرضًا ذاكرًا فائتة ولو وترًا فسد فضه موقوفًا عند الإمام على مضي خمس وقتيات فإن لم يعد شيئًا منها حتى دخل وقت السادسة عادت كلها صحيحة وحينئذ فلا يتصور كون المتخللات ستًا والتحقيق أن خلاف المشايخ في الثلاث هل هو بالاتفاق بين الثلاثة أو على الخلاف كما في الاثنتين يعني ما إذا ترك ظهرًا من يوم وعصرًا من يوم حيث يقضي ظهرًا/ بين عصرين أو عكسه عند الإمام وقالا: يسقط الترتب ولو مغربًا من يوم قضى سبعًا أو عشاء أيضًا فخمسة عشر ولو فجرًا، كذلك فإحدى وثلاثين قال في (الخانية): والفتوى على قولهما واختلف فيما لو كان ستًا فأكثر فصلى مدة ولم يقضها ثم ترك فائتة هل
ولم يعد بعودها إلى القلة
ــ
تضاف إلى القديمة فيسقط الترتيب؟ قيل: نعم وعليه إطلاق المصنف قال الزاهدي: وهو الأصح وفي (الكافي) وعليه الفتوى وقيل: لا وصححه في (المعراج) تبعًا للمحيط وغيره قال في (التجنيس): وعليه الفتوى.
(ولم يعد) الترتيب (بعودها) أي: الفوائت (إلى القلة) لأن شأن الساقط أن لا يعود وهذا اختيار شمس الأئمة وفخر الإسلام وعليه الفتوى وقيل: يعود لأن المسقط قد زال قال في (الهداية): وهو الأظهر واستشهد له بما عن محمد فيمن ترك صلاة يوم وليلة وجعل يقضي من الغد مع كل وقتية فائتة فالفوائت جائزة على كل حال والوقتيات فاسدة إن قدمها لدخول الفوائت في حد القلة وإن أخرها فكذلك إلا العشاء الأخير لأنه لا فائتة عليه في ظنه حال أدائها ورده الشارح تبعًا (للكافي) بأنه لا دلالة فيه إذ لو سقط الترتيب لجازات الوقتية التي بدأ بها لكنه لم يسقط لأنه بخروج السادسة ولم يخرج، ولا يمكن حمله على ما روي عن محمد من اعتبار الدخول، لأنه لو كان كذلك لم تفسد الوقتيات وارتضاه في (الفتح) وغاية ما أجاب به أن بطلان الدليل المعين لا يستلزم بطلان المدلول فكيف بالاستشهاد وأجاب الشيخ قاسم بأنه مبني على ما روي عن محمد فقد نص جماعة من محققي المشايخ أن من أصله أنه إذا دخل وقت السادسة سقط الترتيب إلا أنه يتقدر بخروج وقت السادسة فإذا أدى وقتية توقف جوازها على قضاء الفائتة فإن قضاها دخلت الفوائت في حد القلة فبطلت الوقتية لأنها أديت عند ذكر الفائتة، وكذا صرح في رواية ابن سماعة عن محمد في تعليل ذلك بقوله: لأنه كلما قضى فائتة صارت الفوائت أربعًا وفسدت الوقتية إلا العشاء فإنه صلاها وعنده أن جميع ما عليه قد قضاه فأشبه الناسي انتهى.
وفي (المعراج) قال المشايخ: جواب المسألة مفروض فيمن مد الوقتية التي شرع فيها إلى آخر الوقت، ثم قضى الفائتة بعده ولا بد أن يكون الشروع في سعة الوقت إذ لو كان عند الضيق لكانت الوقتية صحيحة فإن قيل: قال في (الكتاب): صلى مع كل وقتية فائتة ومع للقران قلنا: إن القران غير مراد إجماعًا فإن الصلاتين لا تؤديان معًا فيكون المراد أن كل فائتة تقضى مع ما يجانسها من الوقتية من غير اشتراط البيان في وقت واحد انتهى. وهذا أحسن الأجوبة وقوله في (البحر): وما أجاب به في (المعراج) بعني من مد الوقتية إلى آخر الوقت رد بقوله في (الكتاب): صلى مع كل وقتية فائتة ومع للقران ولم يذكر الجواب مما لا ينبغي.
تنبيه: إنما قال: ولم يعد إلى آخره مع قوله: ويسقط وقد علمت أن شأن الساقط أن لا يعود تنبيهًا على اختصاص النوع بعدم العود وأنه إذا سقط للنسيان وللضيق، ثم
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
تذكر أو اتسع الوقت يعود قاله في (الدراية) اتفاقًا، ويدل عليه ما سبق أنه لو تذكر بعد التشهد فائتة فسدت وما قاله الزاهدي: من أنه لو سقط للضيق لا يعود على الأصح وكذا لو سقط للنسيان جزم في (البحر) بأنه خطأ مستدلاً بما مر عن (الدراية) إلا أن الأولى أن يحكم بضعفه وإن من حكى الاتفاق لم يلتفت إليه لشذوذه. تكميل: بقي مما يسقط به الترتيب الظن المعتبر ذكره الشارح وغيره كما إذا صلى الظهر ذاكرًا أن عليه الفجر حتى فسد ظهره فقضى الفجر ثم صلى العصر ذاكرًا للظهر جازت إذ لا فائتة عليه في ظنه حال أداء العصر وهو ظن معتبر ومن هذا النوع ما لو صلى الظهر بلا طهارة ثم صلى العصر بطهارة ذاكرًا للظهر أعاد العصر، ولو صلى هذه الظهر بعد هذه العصر ولم يعد العصر حتى صلى المغرب ذاكرًا لها صحت المغرب، والفرق أن فساد الظهر قوي لعدم الطهارة فصلح استتباعه لفساد العصر بخلاف فساد العصر لقول طائفة من الأئمة بعدمه فلا يصلح مستتبعًا فساد المغرب، قال في (الفتح): ويؤخذ من هذا أن مجرد كون المحل مجتهدًا فيه لا يستلزم اعتبار الظن فيه من الجاهل بل إن كان المجتهد فيه ابتدأ لا يعتبر الظن وإن كان مما يبنى على المجتهد ليستتبعه اعتبر ذلك الظن بزيادة الضعف ففساد العصر وهو مجتهد فيه ابتداءً وفساد المغرب بسبب ذلك فاعتبر انتهى.
وفيه تصريح بأن محل اعتبار هذا الظن وعدمه في الجاهل لا العالم بوجوب الترتيب ويؤيده ما في (المجتبى) عن القدوري الكبير أن صحة المغرب مقيدة بغير العالم أما العالم بأن عليه العصر فمغربه/ غير صحيحة ولم يفرق في الأصل بين العالم والجاهل لكن رأيت في (البناية) أن الجواز مطلقًا هو ظاهر الرواية وهو مشكل ومن الغريب ما في (الكشف الكبير) أن الظن إنما يكون مفيدًا من المجتهد والذي ظهر عنده أن مراعاة الترتيب ليست بفرض فهو دليل شرعي كالنسيان فأما إذا كان ذاكرًا غير مجتهد فيه فمجرد ظنه ليس بدليل شرعي فلا يعتبر انتهى فلو أراد ذلك لما فرقوا بين ظن وظن لما أنه يجب عليه العمل بما أدى إليه اجتهاد على كل تقدير فتعين أنهم إنما أرادوا به غير المجتهد.
قال في (البحر): أما المقلد فإن كان لأبي حنيفة فلا عبرة بظنه المخالف لرأي إمامه فيعيد المغرب أيضًا وإن للشافعي فلا يعيد العصر أيضًا وإن عاميًا فمذهبه فتوى مفتيه فإن أفتاه حنفي أعادهما وإن شافعي لا يعيدهما وإن لم يستفت فإن صادف فعله الصحة على مذهب مجتهد لم يعد شيئًا ولذا قال في (الخلاصة): رأى التيمم إلى الرسغ والوتر ركعة ثم رآه إلى المرفقين وثلاثًا لا يعيد ما صلى وإن فعله عن جهل
فلو صلى فرضًا ذاكرًا فائتة ولو وترًا أفسد فرضه موقوفًا.
ــ
ثم سأل فأمر بالثلاث يعيد وأقول: فيه نظر إذ كون هذا الظن لا عبرة به لمخالفته لرأي إمامه في حيز المنع وكيف يكون مخالفًا له وقد اعتبره وحينئذ فإفتاء الحنفي بإعادة المغرب غير صحيح والله الموفق للصواب.
(فلو صلى) شخص (فرضًا) حال كونه (ذاكرًا فائتة) عليه (ولو) كانت (وترًا) على قول الإمام (فسد) أصل (فرضه) فسادًا (موقوفًا) فإن قضى الفائتة قبل أن تصير الفوائت معها كثيرة تنجز الفساد لما صلاه قبلها وإن لم يقضها حتى صارت الفوائت معها ستًا صح الكل وهذا ما يقال: واحدة تفسد خمسًا وتصحح خمسًا كذا في (المبسوط) وهذا استحسان وهو قول الإمام والقياس أن يفسد الفرض باتًا وبه قالا اعلم أن المذكور في (الهداية) وشروحها وعليه جرى الشارح أن انقلاب الكل جائز موقوف على أداء ست صلوات قبل قضاء الفائتة والصواب أن يقال: على أداء خمس ويخرج وقت الخامسة إذ يلزم على ما ذكروه أن تصير الصلوات سبعًا.
ولذا قال في (المجتبى): إن الفساد موقوف عنده فإن كثرت وصارت الفواسد مع الفائتة ستًا ظهر صحتها وإلا فلا وفي (الفتح) لا يخفى على متأمل أن التعليل أي: للإمام يوجب صحة المؤديات بمجرد دخول وقت سادستها التي هي سابعة المتروكة وأنت خبير بأن الأولى أن يقال: بخروج وقت خامستها التي هي سادسة المتروكة لأن دخول وقت السادسة غير شرط ألا ترى أنه لو ترك فجر يوم وأدى باقي صلواته انقلبت صحيحة بعد طلوع الشمس وقد تبجح في (البحر) بإبداء ذاك السر المكنون من الصواب مدعيًا أن شراح (الهداية) أغفلوه ولم يذكره في (الفتح) إلا بحثًا وقد اطلع عليه في (المجتبى) فذكر ما مر مع أنه مذكور في (الدراية) قال: اعلم أن الشرط لتصحيح الخمس صيرورة الفوائت ستًا بخروج وقت الخامسة التي هي سادسة الفوائت لأداء السادسة لا محالة إلا أنهم ذكروا أن السادسة التي هي سابعة الفوائت لتصير الفوائت ستًا بيقين لا أنه شرط الستة، ثم قال: كان ينبغي أنه لو أدى الخامسة ثم قضى المتروكة قبل خروج وقتها أن لا تفسد المؤداة بل تصح لوقوعها غير جائزة وبها تصير الفوائت ستًا وأجاب بمنع كونها فائتة ما بقي الوقت إذ احتمال الأداء على وجه الصحة قائم وأدخل في (البحر) قوله ذاكرًا فائتة ما لو شك في صلاة الفجر أصلاه أم لا؟ وهو يصلي الظهر فلما فرغ تيقن أنه لم يصله أعاد الظهر كما في (الولوالجية) وأطلق الفساد فعم ما إذا ظن وجوب الترتيب أولاً لكن قيده في (المحيط) عن المشايخ بما إذا لم يظنه فإن ظنه كان الفساد باتًا ورده في (الفتح) بأن التعليل للإمام يقطع إطلاق الجواب والله أعلم بالصواب.