المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌باب الأذان سن ــ للعذر فإن كان جمع تقديم شرط فيه تقديم الأولى - النهر الفائق شرح كنز الدقائق - جـ ١

[سراج الدين ابن نجيم]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الطهارة

- ‌فرع

- ‌فرع

- ‌فرع

- ‌مطلب في طهارة الجلود ودباغتها

- ‌فرع

- ‌فصل في الابار

- ‌فرع

- ‌باب التيمم

- ‌فرع

- ‌باب المسح على الخفين

- ‌باب الحيض

- ‌باب الأنجاس

- ‌كتاب الصلاة

- ‌باب الأذان

- ‌باب شروط الصلاة

- ‌باب صفة الصلاة

- ‌فصل

- ‌فرع

- ‌باب الإمامة والحدث في الصلاة

- ‌فرع

- ‌باب الحدث في الصلاة

- ‌باب ما يفسد الصلاة وما يكره فيها

- ‌فصل فيما يكره خارج الصلاة

- ‌باب الوتر والنوافل

- ‌باب إدراك الفريضة

- ‌باب قضاء الفوائت

- ‌باب سجود السهو

- ‌باب صلاة المريض

- ‌باب سجود التلاوة

- ‌باب صلاة المسافر

- ‌باب صلاة الجمعة

- ‌فرع

- ‌باب صلاة العيدين

- ‌باب صلاة الكسوف

- ‌باب الاستسقاء

- ‌باب صلاة الخوف

- ‌فرع

- ‌باب صلاة الجنائز

- ‌فصل في الصلاة على الميت

- ‌فرع

- ‌فرع

- ‌باب صلاة الشهيد

- ‌باب الصلاة في الكعبة

- ‌كتاب الزكاة

- ‌باب صدقة السوائم

- ‌باب صدقة البقر

- ‌فصل في الغنم

- ‌باب زكاة المال

- ‌باب العاشر

- ‌باب الركاز

- ‌باب العشر

- ‌باب الصرف

- ‌باب صدقة الفطر

الفصل: ‌ ‌باب الأذان سن ــ للعذر فإن كان جمع تقديم شرط فيه تقديم الأولى

‌باب الأذان

سن

ــ

للعذر فإن كان جمع تقديم شرط فيه تقديم الأولى ونية الجمع قبل الفراغ منها وعدم الفصل بينهما بما يعد فاصلا عرفا ولم يشترط في جمع التأخير سوى نية الجمع قبل خروج وقت الأولى والأفضل الأول للنازل والثاني للسائر وكثيرا ما يبتلى المسافر بمثله لا سيما الحاج ولا بأس بالتقليد والله الموفق.

باب الأذان

مناسبة ذكره بعد بيان الأوقات غنية عن مزيد من الالتفات وهو لغة: مصدر أذن أعلم وقيل: اسم مصدر وأما أذن مشدد فمصدره التأذين وشرعا: الإعلام لوقت الصلاة بألفاظ مخصوصة كذا في مسكين وقد يطلق على نفس الألفاظ المخصوصة لكن يرد عليه الأذان بين الخطيب وللفائتة كما سيأتي وركنه الألفاظ المخصوصة وسببه الابتدائي رؤيا عبد الله بن زيد وغيره أذان الملك النازل من السماء وإقامته فقيل: هو جبريل وقيل: غيره ولم يثبت بذلك المنام بل بأمره عليه الصلاة والسلام بوحي فقد روى عبد الرزاق وأبو داود في المراسيل من طريق عبيد ابن عمر أن عمر رضي الله عنه لما رأى الأذان جاء يخبر النبي صلى الله عليه وسلم فوجد الوحي قد ورد بذلك فما راعه إلا أذان بلال فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "سبقك به الوحي" قال ابن حجر المكي: وهذا أصح مما حكي عن ابن اسحاق "أن جبريل أتى النبي صلى الله عليه وسلم بالأذان قبل أن يخبره عبد الله بن زيد وعمر بثمانية أيام" والبقائي دخول الوقت لا شك في أفضلية الجمع بينه وبين الإمامة واختلف أيهما أفضل على الانفراد فقيل: الأذان لخبر "المأذنون أطول الناس أعناقا يوم القيامة" أي: فلا يلجمهم العرق وقيل: أكثر رجاء وقيل: اتباعا وجاء بكسر الهمزة أي: إسراعا في السير وقيل: الإمامة لمباشرته لها عليه الصلاة والسلام والخلفاء بعده وهم لا يختارون من الأمور إلا أكملها.

(سن) الأذان في مكان عال واختلف في أذان المغرب كذا في القنية وأراد المؤكدة حتى أطلق بعضهم اسم الواجب عليه لقول محمد: لو اجتمع أهل بلدة على

ص: 170

للفرائض بلا ترجيع ولحن ويزيد بعد فلاح أذان الفجر الصلاة خير من النوم مرتين

ــ

تركه قاتلهم عليه ولو تركه واحد ضربته وحبسته وعامة المشائخ على الأول والقتال عليه لما أنه من أعلام الدين وفي تركه استخفاف ظاهر به وأقول: المذكور في الولوالجية عن محمد وكذلك في سائر السنن وبهذا يبطل الاستدلال به على الوجوب قال في المعراج وغيره: والقولان متقاربان لأن المؤكدة في حكم الواجب في لحوق الإثم بالترك يعني إن كان مقولا بالتشكيك قيل: وعند الثاني لا يقاتلون ولكن يضربون ويحبسون قال في الفتح: ولا تنافي بين الكلامين بوجه فإن المقاتلة إنما تكون عند الامتناع وعدم القهر والضرب والحبس إنما يكون عند قهرهم فجاز أن يقاتلوا على قول الكل فإذا ظهر عليهم ضربوا وحبسوا وقد يقال: عدم الترك دليل الوجوب فيبنغي وجوبه ولا يظهر كونه على الكفاية وإلا لم يأثم أهل بلدة بالاجتماع على تركه إذا قام به غيرهم ولم يضربوا ولم يحبسوا وفي الدراية عن علي بن الجعد عن أبي حنيفة وأبي يوسف صلوا في الحضر الظهر والعصر بلا أذان ولا إقامة أخطؤوا في السنة وأثموا وهذا وإن كان لا يستلزم وجوبه لجواز كون الإثم لتركهما معا لكن يجب حمله على أنه لإيجاب الأذان وفي كون المواظبة وحدها تفيد الوجوب كلام تقدم في الطهارة واختار في البحر أنه سنة على كل أهل بلد على الكفاية وإلا لزم أن يكون سنة على كل فرد وليس كذلك لما يأتي ولم أر حكم البلدة الواحدة إذا اتسعت أطرافها كالمصر والظاهر أن أهل كل محلة سمعوا الأذان ولو من محلة أخرى يسقط عنهم لا إن لم يسمعوا (للفرائض) الاعتقادية فخرج الوتر لأنه يؤدى في وقت العشاء فاكتفى بأذانها لا لأنه يقع لهما على الأصل والعيدان والجنائز والكسوف والاستسقاء والتراويح والرواتب (بلا ترجيع) وهو أن يخفض صوته بالشهادتين ثم يرجع فيرفعهما قال في البحر: والظاهر من عباراتهم أن الترجيع مباح انتهى. ويظهر أنه خلاف الأولى أما الترجيع بمعنى التغني فلا يحل فيه ففي القرآن أولى (و) بلا (لحن) أي: تلحين وهو إخراج الحرف عما يجوز له في الأذان وهذا مكروه تحريما ولا شك أن تحسين الصوت مطلوب ولا تلازم بينهما وقيده الحلواني بما ذكر أما الحيعلتان فلا بأس بإدخال المد فيهما وإذا لم يحل في الأذان ففي القرآن أولى وحينئذ فلا يحل استماعه أيضا ويجوز أن يراد به الخطأ في الإعراب وهو مكروه أيضا ويسن أن (يزيد بعد فلاح أذان الفجر الصلاة خير من النوم مرتين) لأن بلالا فعله إيقاظا له عليه الصلاة والسلام في الفجر فأعلمته عائشة به فقال: ما أحسن هذا اجعله في أذانك.

ص: 171

والإقامة مثله ....

ــ

ولا خفاء في خيرية النوم إذا كان وسيلة إلى تحصيل طاعة أو ترك معصية فأحسن على بابه فإن قلت: أمره بأن يجعله في أذانه لا يعين ما بعد الفلاح فلم عينه؟ قلت: بالقرينة ويحتمل أنه عليه الصلاة والسلام عين ذلك ففي ابن ماجه وأخرج أحمد وأبو داود والترمذي وأبو حاتم ومن حديث أبي محذورة قلت: يا رسول الله علمني سنة الأذان فمسح مقدم رأسه وعلمه إلى أن قال: فإن كان صلاة الصيح قلت الصلاة خير من النوم الله أكبر الله أكبر. وأخرج النسائي عن أنس من السنة: "إذا قال المؤذن في صلاة الفجر حي على الفلاح قال: الصلاة خير من النوم مرتين"

فائدة: ذكر الحافظ الأسيوطي في حسن المحاضرة أنه في ربيع الآخر من سنة إحدى وثمانين وسبعمائة أحدث السلام على النبي صلى الله عليه وسلم وساعته أذان العشاء ليلة الاثنين مضافا إلى ليلة الجمعة ثم أحدث بعد عشر سنين عقب كل أذان إلا المغرب انتهى ثم رأيت في القول البديع للسخاوي أن ابتداء حدوث ذلك كان في أيام السلطان الناصر صلاح الدين بن المظفر بن يوسف بن أيوب وبأمره ورأيت في بعض التواريخ أن الأمر بذلك كان في سنة إحدى وتسعين وسبعمائة والصواب من الأقوال أنها بدعة حسنة وحكى بعض المالكية الخلاف أيضا في تسبيح المؤذنين في الثلث الأخير من الليل وأن بعضهم منع من ذلك وفيه نظر انتهى ملخصا (والإقامة مثله) أي:

ص: 172

ويزيد بعد فلاحها قد قامت الصلاة مرتين ويرسل فيه ويحدر فيها

ــ

مثل الأذان في عدد الكلمات كما في الشرح وفيه نظر بل في السنية أيضا والترتيب وتحويل وجهه للصلاة والفلاح فيهما ورفع الصوت بها إلا أنه أخفض من الأذان كذا في البحر.

وأقول: الأولى أن تكون المماثلة في السنية للفرائض فلا إقامة في الوتر والعيدين والكسوف والاستسقاء كما في البدائع وعدم الترجيع واللحن لأنه المذكور في الكتاب أولا وبه يندفع ما قيل: إنه لا يجعل إصبعيه في أذنيه فيها وكان ينبغي استثناؤه كما فعل بعضهم نعم يمكن أخذ العدد من قوله: ويزيد أي على كلماته المعروفة لكن أورد عليه أن أذان الفجر أكثر كلمات منها فكان ينبغي استنثاؤه وجوابه أن المماثلة فيما هو أصلي عليه من كلماته، وقوله في عقد الفرائد: الحق من ظاهر كلامهم اختصاص المثلية بالعدد كأنه لقولهم بعده ويزيد بعد فلاحها إلى آخره وأنت خبير بأن المثلية حيث كانت على ما قررناه في العدد وغيره كان قوله ويزيد في محله. واعلم أن كلامهم يقتضي أولوية الإقامة على الأذان وبه صرح في الفتح هذا وكره بعضهم إقامة غير المؤذن وجواب الرواية أنه لا بأس فما في ابن الملك من أنه لو حضر ولم يرض بذلك يكره اتفاقا فيه نظر كذا في البحر.

وفي القنية ذكر في الصلاة أنه كان محدثا فقدم رجلا لا تسن إعادة الإقامة ويزيد المقيم بعد فلاحها أي: الإقامة لفظ قد قامت الصلاة لحديث أبي محذورة واسمه سمرة بن معن كما في القاموس (ويترسل) أي: يسن له أن يترسل أي: يتمهل فيه وهو أن يفصل بين كل كلمتين من كلماته كذا في الفتح وغيره زاد في العناية تبعا للمطرزي مطولا غير مطرب من ترسل في قراءته إذا تمهل فيها وتوقر وجعله في عقد الفرائد الإطالة فقط وقيل: هو أن يقف بين الكلمتين.

وكذا يحدر بالمهملة من حد نصر أي يسرع فيها أي: في الإقامة حتى لو ترسل فيها قيل: يكره وقيل: لا والحق هو الأول كذا في الفتح لأنه المتوارث فيها قال في الكافي: ولو ترسل فيهما أو حدر فيهما أو ترسل في الإقامة وحدر في الأذان جاز لحصل المقصود وفي الظهيرية: جعل الأذان إقامة أعاده ولو جعل الإقامة أذانا لا لأن تكرار الأذان مشروع دون الإقامة وفي السراج وهو الصحيح وفي المحيط عكسه معللا بأن في الإقامة التغيير وقع من أولها إلى آخرها لأنه لم يأت

ص: 173

ويستقبل بهما القبلة ولا يتكلم فيهما ويلتفت يمينا شمالا بالصلاة والفلاح ....

ــ

بسنتها وهو الحدر وفي الأذان التغيير من آخره لأنه أتى بسنته وهو الترسل وفي الخانية: ظن الإقامة أذانا فصنع كالأذان ثم عرف يستقبل لأن السنة في الإقامة الحدر فإذا تركه فقد ترك سنة الإقامة وصار كأنه أذان مرتين قال في البحر: وتعليل المحيط يفيد أن المراد بجعل الأذان إقامة أنه أتى فيه بقوله: قد قامت الصلاة مرتين فليكن هو المراد مما في في الظهيرية ويصير ما في الخانية والكافي مسألة أخرى وهو الظاهر وأقول: كيف يكون هو المراد مما في الظهيرية أنه ترك الترسل فيه فيعيده لفوات تمام المقصود منه وعلى ما في المحيط أنه زاد فيه لفظ الإقامة فلا يعيده لوجود الترسل فيه كما صرح به نعم لو جعل الإقامة أذانا لا يعيده على ما في الظهيرية ويعيده على ما في الخانية والمحيط وكأن الإعادة إنما جاءت على القول المقابل الراجح السابق وبهذا تتفق النقول قم الإعادة إنما هي أفضل فقط كما في البدائع.

(و) يسن أن (يستقبل بهما) أي الأذان والإقامة (القبلة) لأنه المتوارث من فعل بلال ولو تركه كره تنزيها لقوله في المحيط: الأحسن أن يستقبل هذا إذا لم يكن راكبا فإن كان لم يسن في حقه كذا في الظهيرية عن محمد ولا يتكلم فيهما ولو رد سلام أو تشميت عاطس أو نحوهما لما فيه من ترك الموالاة ومنه التنحنح إلا لتحسين صوته فإن تكلم فيه استأنف كما في فتح القدير إلا إذا كان يسيرا كذا في الخلاصة.

(و) يسن للمؤذن ولو وحده على الأصح أو لمولود أنه (يلتفت يمينا وشمالا بالصلاة والفلاح) لف ونشر مرتب أي: يمينا بالصلاة وشمالا بالفلاح وهو الأصح وقيل يميمنا بهما وكذا شمالا قال في الفتح وهذا أوجه انتهى ولعل وجهه أن كونه خطابا للقوم فيواجههم به لا يخص أهل اليمين واليسار بل يعم الجميع وحنيئذ فاختصاص اليمين بالصلاة والشمال بالفلاح تحكم ولم يقل: فيهما إيماء إلى أنه لا يحول وجهه في الإقامة لأنها لإعلام الحاضرين بخلاف الأذان وقيل: يحول إذا كان المكان متسعا كذا في السراج وما في البستان من أنه لا يحول إلا لأناس ينتظرون يناسب الثاني وفي القنية يحول مطلقا وبه جزم به البحر. والثاني:

ص: 174

ويستدير في صومعته ويجعل أصبعيه في أذنيه ....

ــ

أعدل الأقوال قيد بالوجه كأنه لا يحول قدميه لرواية الدارقطني أمرنا عليه الصلاة والسلام "إذا أذنا وأقمنا أن لا نزيل أقدامنا عن مواضعها" ومن ثم قال في الروضة: أكره للمؤذن أن يمشي في إقامته واختلفوا عند إتمامها فقيل: يتممها ماشيا وقيل: يختمها في مكانه إماما كان أو غيره روي ذلك عن الثاني وهو الأصح كذا في البدائع وقصر في السراج الخلاف على المؤذن إذا إماما أما غيره فيتمها في موضع البداءة بلا خلاف (ويستدير) المؤذن (في صومعته) أي: منارته وهي في الأصل منار الراهب التي يتعبد فيها أي: إذا كان بحيث لو حول وجهه مع ثبات قدميه لا يحصل الإعلام استدار فيها فيخرج رأسه من الكوة اليمنى آتيا بالصلاة ثم يذهب إلى اليسرى ويخرج رأسه آتيا بالفلاح وبهذا علم أن الإطلاق مقيد بما إذا لم يمكنه التحويل مع ثبات قدميه.

(و) يندب له أن (يجعل إصبعيه في أذنيه) لقوله عليه الصلاة والسلام لبلال: "اجعل إصبعيك في أذنيك فإنه أرفع لصوتك" والأمر للندب بقرينة التعليل حتى لو لم يفعل أو وضع يديه كان حسنا وأورد كيف يكون ترك المندوب حسنا وأجيب بأن الأذان معه أحسن فإذا تركه بقي حسنا.

تكميل: إجابة المؤذن باللسان واجبة جزم به في المحيط وهو ظاهر ما في الخلاصة والتحفة ولو سمع أكثر من واحد أجاب الأول لظاهر الأمر في قوله: "فقولوا مثل ما يقول" إلا في الحيعلتين فيحوقل كذا جاء مفسرا فيما أخرجه مسلم لكن خص في المحيط الحوقلة بحي على الصلاة وأما حي على الفلاح فيقول ما شاء كان وما لم يشأ ربنا لم يكن وكأن السر في اختصاص إجابة الحيعلتين بالحوقلة وهو أنه لما أن طلب منهم بالجملة الأولى الإقبال إلى الصلاة والمجيء إليها وأريد بقوله حي على الفلاح هلموا إلى الفوز والنجاة ولكن لا يكون ذلك إلا بحركة قيل: لا حول أي: لا حركة ولا استطاعة إلا بمشيئة الله تعالى وهذا أولى من قولهم: بأنه لو قال مثل قوله لأشبه الاستهزاء قال في الفتح: ولا مانع من صحة اعتبار المجيب بهما داعيا لنفسه محركا منها السواكن مخاطبا لها وقد رأينا من مشايخ السلوك من كان يجمع بينهما فيدعو لنفسه ثم يبترأ من الحول والقوة ولا كلام في أن

ص: 175

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

يقول عند قوله الصلاة خير من النوم: صدقت وبررت قال في البحر ولم أر حكم ما إذا لم يجب السامع حتى فرغ المؤذن أيجيب بعد فراغه وينبغي أن يقال: نعم إن لم يطل الفصل واختار الحلواني أنها مندوبة والواجب إنما هو الإجابة بالقدم وعليه حمل الأمر وجزم به في الخانية والظهيرية وأقول: يبنغي أن لا تجب باللسان اتفاقا وعلى قول الإمام في الأذان بين يدي الخطيب وأن تجب بالقدم اتفاقا في الأذان الأول من الجمعة حيث لم يكن في المسجد وباللسان أيضا على الأول إلا أن يقال: الواجب إنما هو السعي لا إجابة المؤذن وأثر الخلاف يظهر فيما لو سمع الأذان وهو بأنه على الأول لا يسلم ويشتغل بما سوى الإجابة وهو صريح في كراهة الكلام عند الأذان فما في التجنيس من أنه لا يكره إجماعا مستدلا باختلافهم في كراهته عند أذان الخطبة فإن الإمام إنما كرهه لإلحاقه هذه الحالة بحالة الخطبة فكان هذا اتفاقا على أنه لا يكره في غير هذه الحالة ممنوع.\قال في الفتح: ولا نعلم عنهم في إجابته الإقامة إلا الاستحباب في غيره أنه يقول عند قوله قد قامت الصلاة: أقامها الله وأدامها واعلم أن قول الحلواني بوجوب الإجابة بالقدم مشكل لأنه يلزم عليه وجوب الأداء في أول الوقت وفي المسجد إذ لا معنى لإيجاب الذهاب دون الصلاة وما في شهادات المجتبى سمع الأذان وانتظر الإقامة في بيته لا تقبل شهاجته مخرج على قوله كما لا يخفى وقد سألت شيخنا الأخ عن هذا فلم يبد جوابا. هذا ويندب القيام عند سماع الأذان كما في البزازية بقي هل يستمر إلى فراغه ويجلس لم أره لهم ويثوب المؤذن ندبا والتثويب العود إلى الإعلام بعد الإعلام وفي القاموس: التثويب التتفويض والدعاء إلى الصلاة أو تثنية الدعاء أو أن يقول في نفس أذان الفجر الصلاة خير من النوم والإقامة والصلاة بعد الفريضة وتثوب تنفل بعد الفريضة وكسب الثواب انتهى وقد أفاد أنه مشترك ولذا اختلفوا فيه فروى البلخي عن الأصحاب أنه في أذان الفجر الصلاة خير من النوم ووجه بأنه عود إلى الإعلام بالدعاء إلى الصلاة بالحيعلتين وبهذا اندفع ما في الحواشي السعدية من أن

ص: 176

ويثوب ويجلس بينهما إلا في المغرب ويؤذن للفائته ويقيم

ــ

الإعلام يكون بالأذان فالذي في أثنائه ليس عود إلى الإعلام على أن هذا زياجة على كلمات الأذان فجاز أن تعتبر الزيادة بالنسبة إلى هذا الحكم إلا أن فيه عدولا عن الظاهر فلذا كان الأصح أنه بعد الأذان وفي ذكر المصنف له بعد قوله ويزيد بعد فلاح أذان الفجر إلى آخرها إيماء إليه إذ العود إلى الإعلام الثاني فرع تمام الإعلام الأول ولم يعين له صيغة لأنها لا تتعين وقد قيل: إن القديم منه الصلاة خير من النوم والحادث زمن التابعين يدل ذلك الحيعلتان قال في الجامع: وهو حسن ومن ثم قيل: أن تثويب كل بلدة ما تعارفوه كتنحنح أو قامت قامت أو الصلاة الصلاة ولو أحدثوا إعلاما مخالفا لذلك جاز كذا في المجتبى وإطلاقه يفيد أنه في كل الصلوات وهو الذي استحسنه المتأخرون لظهور التواني في الأمور الدنيوية لا فرق بين الحاكم وغيره وهذا قول محمد قيل: والإمام وخصه الثاني بمن يشتغل بمصالح العامة كالقاضي والمفتي والمدرس واختاره قاضي خان وغيره وقول محمد أف عليه خصهم ومال إليهم إنما كان لما بينهما من الشغل والبشر لا يخلو عن التغير والظن به أنه تاب وإلى الله أناب كذا في الدراية.

(ويجلس) عطف على (يثوب) أي: يسن للمؤذن أن يجلس بينهما أي: بين الأذان والإقامة لأن الإعلام المطلوب من كل منهما لا يحصل إلا بالفصل جلوسا كان أو غيره والأولى أن يكون بالصلاة ولم يحده لعدم ذكره في ظاهر الرواية وقدره في رواية الحسن عن الإمام في الفجر بمقدار عشرين آية وفي الظهر والعشاء بأربعين ثم يثوب ويقيم قال في البدائع: وهذا غير لازم بل ينبغي أن يفصل مقدار ما يحضر القوم مع مراعاة الوقت المستحب وبه اندفع ما في البحر ولعله إنما يقدر الجلوس في الظاهر باجتماع الجماعة لعدم انضباطه واعلم أنه لو قدم مسألة الفصل على التثويب لكان أولى إذ فيما ذكر إيهام أن الجلوس بعده وقد علمت أنه قبله (إلا في المغرب) قال في شرح الدرر: هذا استثناء من ينوب ويجلس أما الأول فلأن التثويب لإعلام الجماعة وهم في المغرب حاضرون لضيق الوقت أقول: وهذا مناف لقول الكل أنه يثوب في الكل وأما الثاني فهو قول الإمام وقالا: يجلس أيضا كما بين الخطبتين إقامة لسنة الفصل وله أن في الجلوس تأخيرا لها وهو مكروه فيكتفى بأدنى الفصل تحرزا عنه والمكان هنا مختلف بخلاف الخطبة وكذا في عامة الشروح وهذا يشعر بكراهة التأخير ولو قليلا إذ لا شك في صدقه على الجلسة الحقيقية وما في الخلاصة لو جلس لا يكره عنده أو لم يجلس لم يكره عندها يعني تحريما وإلا فالأولى ترك الجلوس عنده والجلوس عندهما وقد مر أنه تركه يوجب التنزيه (ويؤذن للفائتة ويقيم)

ص: 177

هكذا لأولى الفوائت وخير فيه للباقي ولا يؤذن قبل وقت ويعاد فيه

ــ

لخبر ليلة التعريس أنه عليه الصلاة والسلام فاتته صلاة الصبح فقضاها بأذان وإقامة وقيده الحلواني إذا صلى في بيته أما في المسجد فلا لأن فيه تشويشا وتخليطا وهل يرفع صوته قال في البحر: لم أره وينبغي أن يفعل إذا كان بجماعة أو في الصحراء ولا منفردا في بيته قيد بالفائتة لأن الفاسدة لا أذان لها ولا إقامة وسيأتي أنه يكره تركهما لمصل في بيته في المصر وحينئذ فيراد بقوله يسن للفرائض الوقتيات المؤديات في المساجد وعليه يحمل قول الشارح الضابط عندنا أن كل فرض أداء كان أو قضاء يؤذن له ويقام سواء أدى منفردا أو بجماعة إلا الظهر يوم الجمعة في المصر فإن أداءها بأذان وإقامة مكروه يروى ذلك عن علي رضي الله عنه وعلله في البدائع: بأن الإذان والإقامة للصلاة تؤدى بجماعة مستحبة وهي فيه مكروه قال في الفتح: ويستثنى أيضا ما تؤديه النساء أو تقضيه بجماعة لأن عائشة رضي الله عنها أمتهن بغير أذان ولا إقامة حين شرعت جماعتهن وهذا يقتضي أن المنفردة أيضا كذلك لأن في تركها لما كان سنة حال شرعية الجماعة كان حال الانفراد أولى انتهى. زاد في البدائع: جماعة الصبيان والعبيد لأن هذه الجماعة غير مستحبة.

(وكذا) يسن أيضا أن يؤذن ويقيم (لأولى الفوائت وخير فيه) أي: في الأذان والأولى فعله (للباقي) من الفوائت لأنه الاستحضار وهم حضور كذا في الهداية وغيرها وفيه فائدتان الأولى أن المراد من الفوائت ما زاد على الوحدة ولم أره في كلامهم الثانية أنه لو قضاها في مجالس أتى بهما كما في المستصفى قيد بالأذان لأنه لا يخير في الإقامة (ولا) يصح (أن يؤذن قبل) دخول (وقت) بل يكره كما في فتح القدير أي: كراهة تحريم وينبغي أن لا فرق بين إيقاع الكل قبله أو البعض والباقي في الوقت وفهم منه عدم صحة الإقامة قبله بالأولى قيد بالقبلية لأن الأذان بعده صحيح وقد قال الإمام يؤذن للفجر بعد طلوعه ولظهر الشتاء حين تزول الشمس ويبرد لظهر الصيف ويؤخر العصر ما لم تتغير وفي العشاء قليلا بعد ذهاب البياض كذا في المجتبى.

(ويعاد) الأذان (فيه) لعدم الاعتداد بالأول وكذا الإقامة لكن لو أقام في الوقت ولم يصل فورا فظاهر ما في القنية أنها لا تعاد حيث قال: حضر الإمام بعد إقامة المؤذن بساعة أو صلى سنة الفجر بعدها لا يجب عليه إعادتها إلا أنه ينبغي الإعادة

ص: 178

وكره أذان الجنب وإقامته وإقامة المحدث وأذان المرأة والفاسق والقاعد والسكران ..

ــ

فيما إذا طال الفصل أو وجد بينهما ما يعد قاطعا كأكل ونحوه (وكره أذان الجنب) شروع في صفات المؤذن بعد الفراع من صفات الأذان وقد قالوا: ينبغي أن يكون عالما بالسنة وأوقات الصلاة محتسبا في أذانه حتى لو لم يكن عالما لم يستحق ثواب المؤذنين كما في الخانية قال في الفتح: ففي أخذ الأجر أولى وفرق في البحر بأن في أذان الجهل جهالة موقعة في الفغرر لغيره بخلاف غير المحتسب على أن على عدم حل أخذ الأجرة على الأذان والإمامة رأي المتقدمين والمتأخرون يجوزون ذلك على ما سيأتي في الإجارات وإنما كره أذان الجنب لأنه يدعو الناس إلى ما لا يجيب له.

(و) كره (إقامته) أيضا إلا أنها في الإقامة أقوى لما علمت (وإقامة المحدث) كذلك قيد بها لأنه أذانه غير مكروه على الأصح والفرق أن السنة وصل الإقامة بالصلاة بخلاف الأذان. (و) كره أيضا (أذان المرأة) وكذا الخنثى المشكل لما أنها منهية عن رفع صوتها ولو خفضته أخلت بسنة الأذان (والفاسق) لأنه لا يوثق بقوله وهذا يقتضي ثبوتها ولو كان عالما بالأوقات ولم أر لهم ما إذا لم يوجد إلا جاهل بالأوقات تقي وعالم بها فاسق أيهما أولى وقد قالوا في الإمامة: إن الفاسق أولى من الجاهل وعكسوا ذلك في القضاء والفرق لا يخفى إلا أنه لا ينبغي الأذان والإقامة (و) أذان (القاعد) لتركه السنة إلا إن أذن لنفسه وعلم منه كراهة أذان المضطجع بالأولى.

(و) أذان (السكران) لعدم معرفته بدخول الوقت ولم يدخله في الفاسق لأنه قد يكون من مباح وعلم منه كراهة أذان المجنون والصبي الذي لا يعقل بالأولى وسكت عن إعادة أذان هؤلاء وصرح الشارح باستحبابه في المرأة والسكران وقال في الجنب: إن لم يعد أجزأه الأذان والصلاة وهذا يقتضي ندب الإعادة فيه أيضا وبه صرح في الظهيرية ولا ينافيه ما في الخانية من وجود الطهارة فيه عن أغلظ الحدثين لأن الإعادة مقام آخر وإنما أعيد الأذان هؤلاء لأنه لا يلتفت إليهم لعدم الاعتماد فربما انتظروا الأذان المعتبر والحال أنه معتبر فيؤدي إلى تفويت الصلاة أو الشك في صحة المؤدى وإيقاعها في وقت مكروه إلا أن هذا لا ينهض في الجنب فإعادة أذانه يقع على وجه السنة وفي الخلاصة والخانية خمس خصال إذا وجدت في الأذان والإقامة وجب الاستقبال: إذا غشي على المؤذن في أحدهما أو مات أو سبقه حدث فذهب وتوضأ أو حصر فيه ولا ملقن أو خرس فإن حمل الوجوب على ظاهره احتيج إلى الفرق بينه وبين نفس الأذان وقد يقال: إذا شرع ثم قطع تبادر ظن السامعين أن قطعه للخطأ فينتظرون الأذان الحق وقد تفوت بذلك الصلاة فوجب إزالة ما يفضي إلى ذلك إلا أن هذا يقتضي وجوب الإعادة فيمن ذكر آنفا إلا الجنب

ص: 179

لا أذان العبد وولد والأعمى والأعرابي وكره تركهما للمسافر لا لمصل في بيته بالمصر وندبا لهما لا للنساء.

ــ

ولقد قائل فيهم: إن علم الناس حالهم وجب وإلا ندب ليقع الأذان على وجه السنة لم يبعد كذا في الفتح وجزم في البحر بأن الوجوب بمعنى الثبوت مستندا لما في المجتبى والظهيرية من أن الإعادة تندب في هذه الخصال وعلى هذا فيصح تقرير هؤلاء في وظيفة الأذان إلا أن في صحة تقرير المرأة ترددا على أن قوله في السراج لو لم يعيدوا أذانها فكأنهم صلوا بلا أذان فكان عليهم الإعادة يقتضي عدم صحته وينبغي عدم صحة أذان الفاسق لعدم قبول قوله في الديات وكذا المجنون والمعتوه والكافر وسيأتي هل يصير به مسلما أو لا.

(لا) يكره تركهما (لمصل في بيته في المصر) لوجودهما في حقه حكما بأذان الحي وإقامته بخلاف المسافر حتى لو لم يؤذن الحي كره تركهما والتقييد بالبيت اتفاقي إذ المسجد كذلك وكذا القرية وإن لا مسجد بها فكالعمران (وندبا) أي الأذان والإقامة (لهما) أي للمسافر والمصلي قي بيته في المصر ليكون الأداء على هيئة الجماعة (لا للنساء) لكراهة جماعتهن وكذا كل جماعة مكروهة كما سبق قيد بالنساء لأن الواحدة تقيم ولا تؤذن وظاهر ما في السراج أنها لا تقيم أيضا وسبق عن الفتح التصريح بذلك.

ص: 180