الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فإن جلس على المنبر أذن بين يديه، وأقيم بعد تمام الخطبة.
باب صلاة العيدين
تجب صلاة العيدين
ــ
ويرد عليه أنه لا سنة للجمعة حينئذٍ لأن بلالاً كان يأخذ في الأذان حين صعوده عليه الصلاة والسلام، فإذا فرغ منه شرع عليه الصلاة والسلام في الخطبة فمتى كانوا يصلونها؟ ومن ظن أنه بعد الفراغ من الأذان فهو من أجهل الناس والجواب: إن خروجه عليه الصلاة والسلام بالضرورة كان بعد الزوال فيجوز كونه بعد ما كان يصليها ويجب الحكم بوقوعه لعموم أنه عليه الصلاة والسلام كان يصلي بعد الزوال أربعًا، وكذا في حقهم لأنهم كانوا يعلمون دخول الوقت كذا في (فتح القدير).
قال في (البحر): ولم يجعل السعي فرضًا مع أنه كذلك للاختلاف في وقته أهو الأذان الأول أم الثاني أو العبرة بدخول الوقت، وأقول: وقوع الخلاف في وقته لا يمنع القول بفرضيته وكفا بوقت العصر شاهدًا (فإن جلس) الخطيب (على المنبر أذن بين يديه) أي: الخطيب (وأقيم بعد تمام الخطبة) بذلك جرى التوارث من فعله عليه الصلاة والسلام.
خاتمة: يستحب لمن أراد حضورها أن يدهن وأن يمس طيبًا وأن يلبس أحسن ثيابه. قال في (الدراية): ويستحب أن تكون بيضاء، وإن يقعد عند استماع الخطبة كما في التشهد ولا بأس بالاحتباء وينبغي أن يقرأ فيها كالظهر، ولو قرأ في الأولى بالجمعة أو الأعلى، وفي الثاني: بالمنافقين والغاشية/ تبركًا بالمأثور كان حسنًا إن لم يواظب عليه وأن يبكر وأن يصلي في الصف الأول إن قدر وهو مما يلي الإمام، ولو سمع النداء وهو يأكل تركه إن خاف فوت الجمعة أو المكتوبة لا الجماعة والمختار أن السائل إن كان لا يمر بين يدي المصلي ولا يتخطى الرقاب ولا يسأل إلحافًا بل لأمرٍ لا بد منه فلا بأس بالسؤال والدفع والله الموفق للصواب.
باب صلاة العيدين
ذكرهما بعد الجمعة لاشتراكهما في الشرائط إلا الخطبة وقدمها لثبوتها بالكتاب سمي عيدًا لأن لله فيه عوائد الإحسان أو تفاؤلاً بعوده وجمعه أعياد، ولم يجمع على أعواد مع أنه من العود للزوم الياء في المفرد أو للفرق بينه وبين عود الخشبة فإن جمعه عيدان، وعود اللهو أعواد، وشرعت في السنة الأولى من الهجرة كما رواه أبو داود (تجب صلاة العيد) للمواظبة من غير ترك وهذا رواية الحسن عن
على من تجب عليه الجمعة بشرائطها سوى الخطبة،
ــ
الإمام، وفي (الهداية) وغيرها أنه المختار وهو قول الأكثر كما في (المجتبى) ويدل عليه قوله في (الأصل) ولا يصلى نافلة بجماعة إلا قيام رمضان والكسوف في (الجامع الصغير) عيدان اجتمعا في يوم واحد فالأول سنة والثاني فريضة ولا يترك واحد منهما، وهذا نص على السنية يعني المؤكد، قال في (المجتبى): وهو الصحيح، وفي (غاية البيان) أنه الأظهر، وأيده في (البحر) لوجهين، أحدهما: أن (الجامع) صنف بعد (الأصل) فما فيه هو المعول عليه، والثاني: أنه صريح في السنة بخلاف ما في (الأصل)، وأقول: فيه نظر أما أولاً: فلأن (الجامع) وإن صنف بعد (الأصل) إلا أن قوله ولا يترك واحد منهما يدل على الوجوب إذ مثل هذا الكلام في الرواية يذكر في الواجب غالبًا، كما في (المعراج).
وأما ثانيًا: فأنه صرح في (الأصل) في موضع آخر بالوجوب، وفي (المجتبى) ذكر محمد في (الأصل): أرأيت العيدين هل يجب الخروج فيهما على أهل القرى والجبال والسواد؟ قال: إنما يجب على الأمصار والمدائن فنص على الوجوب، انتهى. وبهذا يستغنى عما مر من أن في (الأصل) ما يدل على الوجوب، وفي (البدائع) وتأويل ما في (الجامع) أنها وجبت بالسنة أو هي سنة مؤكدة، وأنها في معنى الواجب على أن إطلاق اسم السنة لا ينفي الوجوب بعد قيام الدليل على وجوبها، وذكر أبو موسى الضرير في (مختصره): أنها فرض كفاية والصحيح أنها واجبة، انتهى. وقيل: في المسألة روايتان كذا في (الظهيرية).
فائدة: سمى الأصل أصلاً لأنه صنف أولاً ثم (الجامع الصغير) ثم (الكبير) ثم (الزيادات)، كذا في متن (غاية البيان).
وذكر الحلبي في بحث التسميع أن محمدًا قرأها على أبي يوسف إلا ما كان فيه اسم الكبير (كالمضاربة الكبير) و (المزارعة الكبير) و (المأذون الكبير) و (السير الكبير)، وفي (عقد الفرائد) أن السير الكبير هو آخر تآليف محمد رحمه الله تعالى، (على من تجب عليه الجمعة بشرائطها) المتقدمة حتى الإذن العام (سوى الخطبة) فإنها سنة وليست بشرط، لأنها تؤدى بعد الصلاة وشرط الشيء يسبقه أو يقارنه وتأخيرها إلى ما بعد صلاة العيد سنة كذا في (الظهيرية) وهذا يقتضي أنه لو خطب قبلها كان آتيًا بأصلها، وفيه توقف إذ لم ينقل، ولو تركها كان مسيئًا واقتضى كلامه أنها لا تجب على العبد، وإن أذن له مولاه لأن منافعه لا تصير مملوكة فحاله بعده كحاله قبله كذا في (المعراج) وغيره، وجزم في (السراج) بالوجوب وفي (الظهيرية) قيل: يكره له التخلف مع الأذن، وقيل: لا والأصح أن له أن يصليها بلا إذن إذا حضر مع مولاه حيث لم يخل بحفظ ماله وظاهره أن الكراهة تحريمية.
وندب في الفطر أن يطعم، ويغتسل، ويستاك ويتطيب، ويلبس أحسن ثيابه، ويؤدي صدقة الفطر، ثم يتوجه إلى المصلى غير مكبر،
ــ
(وندب في الفطر أن يطعم) أن يأكل قبل خروجه دل على ذلك قوله بعد ثم يتوجه ويندب أن يكون حلوًا أو تمرًا عدده وترًا، ولو تركه لا إثم عليه، ولو لم يأكل في ذلك اليوم ربما يعاتب كذا في (الدراية)(و) أن (يغتسل) على ما مر وأعاد ذكره تحاميًا عن إخلائه عن محله إلا أن الأصح ما مر أنه سنة وسماه مندوبًا لاشتمال السنة عليه، ولذا عد بعضهم سائر المندوبات المذكورة سنة كذا في (المجتبى).
(ويستاك ويتطيب) ولو من طيب أهله بما له ريح لا لون كالمسك والبخور كذا في (الدراية)(ويلبس أحسن ثيابه) أي: أجملها جديدًا كان أو لا (لأنه صلى الله عليه وسلم كان يلبس برد حمرة في كل عيد)، رواه البيهقي، وهذا يقتضي عدم الاختصاص بالأبيض والحلة الحمراء ثوبان من اليمن فيها خطوط حمر وخضر لا أنهما أحمر بحت فليكن محمل البردة أحدهما كذا في (فتح القدير). وبقي من المندوبات التختم كما في (النوازل)، قال في (الدراية): ومن كان لا يتختم من الصحابة كان يتختم يوم العيد، والتبكير هو سرعة الانتباه والابتكار وهو المسارعة إلى المصلى وصلاة الغداة في مسجد حيه والخروج ماشيًا والرجوع من طريق أخرى والتهنئة بقوله: تقبل الله منا ومنكم كذا في (القنية) وإظهار البشاشة والإكثار من الصدقة حسب الطاقة كذا في (الحاوي القدسي).
(ويؤدي صدقة) الفطر عطف على يطعم إذ الكلام/ في أدائها قبل الخروج إلى المصلى ولاشك في ندبه في هذه الحالة لخبر (من أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات)، ولأنه يندب له الأكل قبل الخروج فينبغي له أن يقدم للفقير ما يأكل ليتفرغ قبله للصلاة (ثم يتوجه إلى المصلى) بالرفع، لأنه واجب لا مندوب كذا في (غاية البيان).
وقد يقال: ليس الكلام في مطلق التوجه بل إلى خصوص المصلى، ولاشك في ندبه ففي (التجنيس) وغيره الخروج إلى الجبانة لصلاة العيد سنة. وإن كان يسعهم المسجد الجامع عند عامة المشايخ وهو الصحيح، وعليه فالنصب أولى غائر الأسلوب إيماء إلى تراخي هذا الفعل على قبله. وفي (الخلاصة): ولا يخرج المنبر إلى الجبانة. واختلف في كراهة بنائه فيها، فقيل: يكره، وقيل: لا. وعن الإمام أنه لا بأس به واستحسنه خواهر زاده في زماننا (غير مكبر) أي: في الطريق جهرًا، دل على
ومتنفل قبلها. ووقتها: من ارتفاع الشمس إلى زوالها، ويصلي ركعتين مثنيًا قبل الزوائد وهي ثلاث في كل ركعة،
ــ
ذلك قوله بعد في الأضحى ويكبر في الطريق جهرًا وهذا رواية المعلى عن الإمام. وروى الطحاوي عن ابن أبي عمران البغدادي عن الإمام: أنه يكبر وهو قولهما. واختلف المشايخ في الترجيح، فقال الرازي: الصحيح من قول أصحابنا ما رواه ابن عمران، وما رواه المعلى لم يعرف عنه وفي (الخلاصة)، الأصح ما رواه المعلى كذا في (الدراية)، قال الرزاي: وعليه مشايخنا بما وراء النهر فالخلاف في الجهر وعدمه كما صرح به في (التجنيس)، وعليه جرى (غاية البيان) و (الشرح) فما في (الخلاصة) من إيهام أن الخلاف في أصله قال في (فتح القدير): ليس بشيء إذ لا يمنع من ذكر الله تعالى بسائر الألفاظ في شيء من الأوقات، بل من إيقاعه على وجه البدعة، ورده في (البحر) بأنه تخصيص وقت بعبادة ولم يرد الشرع بها ممنوع، ومن ثم قال في (غاية البيان): من الجهر لا يكبر في طريق المصلى عند الإمام، أي: حكمًا للعيد. ولكن لو كبر لأنه ذكر الله يجوز. ويستحب وغير (متنفل قبلها) أطلقه إيماء إلى أنه لا فرق بين المصلى والبيت ولا خلاف في المصلى واختلف في البيت. والأصح كما في (الخانية) وغيرها لا فرق في ذلك بين الضحى وغيرها، ولا بين من يجب عليه العيد وغيره حتى يكره للنساء أن يصلين الضحى يوم العيد قبل صلاة الإمام كما في (الخلاصة)، وقيد بالقبلية لأنه بعدها غير مكروه، بل الأفضل أن يصلي أربعًا كما في (الخانية) يعني في بيته. أما في المصلى فيكره على ما عليه العامة.
(ووقتها من ارتفاع الشمس) قدر رمح أو رمحين بكسر القاف أي قدره، لأنه عليه الصلاة والسلام كان يصليها كذل (إلى زوالها) حتى لو دخل وهو فيها فسدت كما في (السراج)، لما في (السنن):(أن ركبًا شهدوا برؤية الهلال عنده عليه الصلاة والسلام بالأمس بعد الزوال فأمرهم بالفطر وأن يصلوا من الغد)، ولو بقي الوقت لما أخرت. ويندب تعجيل الأضحى وتأخير الفطر بذلك (كتب عليه الصلاة والسلام إلى عمرو بن جزم)، ويصلي الإمام ركعتين بالإجماع لأنه عليه الصلاة والسلام فعل كذلك حال كونه (مثنيًا)، أو آتيًا بالثناء (قبل) التكبيرات (الزوائد) لأنه شرع أول الصلاة فيقدم عليها كما يقدم على سائر الأذكار، وسكت عن التعوذ استغناءً بما مر، (وهي) أي: الزوائد (ثلاثة في كل ركعة) لا غير. هذا رأي ابن مسعود وبه أخذ الإمام، وعن غيره أنها أزيد وأكثر ما روي ستة عشر في الركعتين، فلو زاد
ويوالي بين القراءتين ويرفع يديه في الزوائد،
ــ
عليها لم يتبع هذا إن سمعها من الإمام وإن من المؤذن أتى به، وإن زاد لجواز الغلط وينوي الافتتاح بكل تكبيرة كذا في (المحيط) وصلاة الشيخين على رأي ابن عباس. إنما هي لأن أولاد الخلفاء كانوا يأمرون القضاة بذلك حتى كتبوه في مناشيرهم.
وقالوا: لو خشي المدرك في الركوع أن يرفع الإمام رأسه لو كبر قائمًا أتى بها راكعًا، ولو أدركه في القيام فلم يكبر حتى ركع لا يأتي به في الركوع على الأصح. ولو ركع الإمام قبل أن يكبر لا يعود إلى القيام ليكبر في ظاهر الرواية، ولم أر ما إذا عاد وينبغي أن تفسد. ومن فاته أول صلاة الإمام يكبر في الحال برأي نفسه، (ويوالي) الإمام (بين القراءتين) اقتداء بابن مسعود، لأن التكبير من أعلام الدين حتى يجهر به. والأصل فيه ضم بعضه إلى بعض لما أن الجنسية، علة الضم فألحق الركعة الأولى بتكبيرة الإحرام لقوتها في الثانية بتكبيرة الركوع فضم إليها، ولو لم يوال فقد ترك الأولى.
وقالوا: إن المسبوق بركعة إذا قام إلى القضاء وكان على رأي ابن مسعود قرأ أولاً ثم كبر. وفي (النوادر): أنه يكبر أولاً وجه الظاهر أن البدأة بالتكبير تؤدي إلى الموالاة بين التكبير وهو خلاف الإجماع. ولو بدأ بالقراءة وافق رأي علي، وفي (المجتبى): لو قدم المؤخر أو أخر المقدم ساهيًا أو اجتهادًا، فإن كان لم يفرغ مما دخل فيه يعيد، لا إن فرغ.
ولو كبر برأي ابن مسعود فتحول رأيه إلى رأي ابن عباس بعد ما قرأ/ الفاتحة كبر ما بقى وأعاد الفاتحة، وإن تحول بعد ضم السورة لا يعيد القراءة (ويرفع) مصلي العيد (يديه في الزوائد)، هذا أولى من قول القدوري في تكبيرات العيدين لشموله تكبير الركوع الثاني إذ قد ألحق بها حتى قلنا بوجوبه أيضًا مع أنه لا رفع فيه، ومن ثم قال في (الهداية): يريد به ما سوى تكبير الركوع وهذا الإطلاق مقيد بما إذا لم يدركه راكعًا وقد خشي فوت الركوع معه، فإن أدركه كذلك كبر راكعًا من غير رفع لأن أخذ الركبتين باليدين سنة في محله والرفع في غير محله. وقيل: يرفع وربما يومئ إليه الإطلاق وجزم في (الفتح) بالأول وهو الأولى، قيل: الرفع في الزوائد قولهما، وعن الثاني: لا يرفع وادعى الإمام حميد الدين شذوذه عنه ونازعه الإتقاني، ويسكت بين كل تكبيرتين مقدار ثلاث تسبيحات، قال السرخسي: وليس هذا التقدير بلازم، بل يختلف بحسب قلة الزحمة وكثرتها، لأن المقصود منه إزالة الاشتباه. وفي كلامه إيماء إلى أنه لو لم يرفع إمامه رفع.
ويخطب بعدها خطبتين، يُعَلَّم فيهما أحكام صدقة الفطر. ولم تقض إن فاتت مع الإمام، وتؤخر بعذر إلى الغد فقط وهي أحكام الأضحى لكن هنا يؤخر الأكل عنها، ويكبر في الطريق جهرًا
ــ
(ويخطب بعدها) أي: الصلاة (خطبتين) اقتداءً به صلى الله عليه وسلم. ولو خطب قبلها صح وكره لأنه لو تركها صحت فإذا أتى بها قبلها أولى ويندب أن يفتتح الأولى بتسع تكبيرات تترًا والثانية بسبع، وأن يكبر قبل أن ينزل من المنبر أربع عشرة، وإذا صعد إليه لا يجلس عندنا كذا في (المعراج).
(يعلم) الناس (فيها أحكام صدقة الفطر) الخمسة أعني على من تجب، ولمن تجب، ومتى تجب، ومم تجب، وكم تجب. فإن قلت: إذا ندب أداؤها قبل كما مر فلا فائدة لهذا التعليم، قلت: يمكن أن تظهر في حق من أتى بها في العام القابل، وفي حق من لم يؤدها قبل الصلاة، ولم يذكر لها أذان ولا إقامة لأنه لم ينقل (ولم تقض) صلاة العيد منفردًا (إذا فاتت) أي: الصلاة، وقوله:(مع الإمام) قيد للفاعل لا للفعل لأن الصلاة بهذه الصفة لم تعرف قربة إلا بشرائط لا تتم بالمنفرد.
وقال في (البحر): أطلقه فشمل ما إذا كان في الوقت أو خرج الوقت. وأما إذا لم يدخل مع الإمام أصلاً أو دخل معه وأفسدها وأقول: الأولى أن يراد بالقضاء الأداء مجازًا ويعلم منه ما إذا خرج الوقت بالأولى. ولو قدر بعد الفوات مع الإمام على إدراكها مع غيره فعله للاتفاق على جواز تعددها. فإن أحب قضاءها منفردًا صلى أربعًا، يقرأ في الأولى بالأعلى، وفي الثانية بالضحى، وفي الثالثة بما بعدها، وكذا في الرابعة، بذلك جاء الخبر.
(وتؤخر) صلاة العيد (بعذر) كمطر ونحوه ومنه مما إذا غم الهلال قيد به، لأنه لو أخرها بلا عذر لم يصلها بخلاف عيد الأضحى كذا في (الدراية) معزيًا إلى (المجتبى)(إلى الغد) يعني إلى الزوال منه، وأطلقه إحالة على ما مر (فقط)، لأن الأصل فيها عدم القضاء كالجمعة غير أنا تركناه بما روينا من أنه عليه الصلاة والسلام أخرها إلى اليوم الثاني فبقي ما وراءه على (الأصل). وجعل الطحاوي هذا قول الثاني.
وعن الإمام لا تؤخر مطلقًا كذا في (المجتبى) والظاهر ضعف هذا الخلاف ولذا أهملوه (وهي) أي: الأحكام المذكورة للفطر (أحكام الأضحى) صفة ووقتًا وشرطًا وندبًا. (لكن) أي: إلا أنه (هنا يؤخر الأكل) أي: ليأكل بعد الصلاة اقتداءً به عليه الصلاة والسلام. ولو أكل لم يكره في المختار أي: تحريمًا وإطلاقه يعم ما إذا لم يضح.
وقيل: لا يؤخر وما في (غاية البيان) من تقييده بالمصري أما القروي فلا يؤخر يناسب القول الثاني: (ويكبر) في حالة ذهابه (في الطريق جهرًا) اقتداء به عليه الصلاة
ويعلم الأضحية وتكبير التشريق وتؤخر بعذر إلى ثلاثة أيام، والتعريف ليس بشيء،
ــ
والسلام، وفيه إيماء إلى أنه يقطعه حين ينتهي إلى المصلى. وهو رواية وبها جزم في (البدائع) وفي أخرى حتى يشرع في الصلاة وعللها في (المحيط) بأنه وقت تكبير لأنه يكبر عقب الصلاة جهرًا. وعمل الناس اليوم عليها وظاهر كلامه أنه لا يندب في البيت.
(و) أن (يعلم) الناس أحكام (الأضحية وتكبير التشريق) في الخطبة لما أنها شرعت لذلك. هكذا ذكروا مع أن تكبير التشريق يحتاج إلى تعليمه قبل يوم عرفة فينبغي له أن يفعل ذلك في الجمعة التي قبل العيد، كذا في (البحر). وقدمنا ما يستغنى به عن ذلك فارجع إليه، (وتؤخر) صلاة الأضحى (بعذر) من الأعذار السابقة (إلى ثلاثة أيام)، لأنها مؤقتة بوقت الأضحية فتجوز ما بقي وقتها، قيد بالعذر، لأن تأخيرها عن اليوم الأول بغير عذر مكروه.
وفي (البحر) عن (المجتبى): قيد بالعذر لأنه لو تركها في اليوم الأول بغير عذر لم يصلها بعد كذا في (صلاة الجلابي) وهو من غرائبه. انتهى.
وأقول: الذي في (المعراج) عن (المجتبى) ما قدمناه وهو الموافق لكلامهم. والظاهر أن ما في (البحر) سهو (والتعريف) هذا اللفظ جاء لمعان الإعلام والتطيب من العرف وهو: الريح أي: الرائحة الطيبة، وإنشاد الضالة والوقوف بعرفة والتشبه بأهل عرفة وهو المراد، كما في (الدراية).
ولذا قال في (الهداية): الذي يصنعه/ الناس وكأنه استغنى عن ذلك يجعله أل للعهد (ليس بشيء) أي: في حكم الوقوف كقول محمد: دم السمك ليس بشيء أي: في حكم الدماء وهذا لأنه شيء حقيقة إلا أنه لما لم يكن معتبرًا نفي عنه الشيئية لأن الوقوف لما كان عبادة مخصوصة بمكان لم يجز فعله إلا في ذلك المكان، كالطواف وغيره.
ألا ترى أنه لا يجوز الطواف حول سائر البيوت تشبيهًا كذا في (غاية البيان) وهذا ظاهر في أنه يكره تحريمًا، وصرح في (المعراج) بأنه: لو طاف حول مسجد سوى الكعبة يخشى عليه الكفر وفي (الفتح) ظاهر هذا اللفظ يعني ليس بشيء أنه مطلوب الاجتناب، وفي (النهاية) ليس بشيء يتعلق به الثواب وهو يصدق بالإباحة.
وعن أبي يوسف ومحمد في غير رواية الأصول: أنه لا يكره لما روي أن ابن عباس فعل ذلك بالبصرة وهذه المقاسة تفيد أن مقابله من رواية الأصول الكراهة، انتهى.
وسن بعد فجر عرفة إلى ثمان مرة الله أكبر إلخ، بشرط إقامة، ومصر ومكتوبة
ــ
وبذلك صرح الشارح حيث قال بعد ما ذكر أنه لا يكره في غير رواية (الأصول): وجه الظاهر أن الوقوف عرف عبادة مختصة بمكان، فلا يكون عبادة دونه كسائر المناسك. وما عن ابن عباس يحتمل أنه خرج للدعاء والاستسقاء. وحمله في (النهاية) وغيرها على أنه ما كان للتشبه بل للدعاء والتضرع. وهذا يقضي أن الكراهة معلقة به، والأولى إطلاقها إذ نفس الوقوف وكشف الروس يستلزم التشبه، وإن لم يقصد نعم، لو عرض ما يوجب الوقوف في ذلك اليوم كالاستقساء لم يكره. والحاصل أن عباراتهم ناطقة بترجيح الكراهة وشذوذ غيره والله الموفق.
(وسن) مؤكدًا قيل: الأصح وجوبه للأمر به ولفظ السنة لا ينافي الوجوب لأنها الطريقة المرضية، وكل واجب هذه صفته لكن هذا مجاز ولابد له من قرينة، وجعلها الشارح قوله:(بعد) ..... يجب بعد أي: عقب (فجر عرفة) بيان لها وله. قال في (السراج): ولا خلاف فيه، وفيه نظر ففي (غاية البيان) عن الشافعي أن أول وقته الظهر وهو قول ابن عباس وابن عمر وزيد بن ثابت نعم المشهور عن الأصحاب ما في (الكتاب) ودل كلامه أنه يأتي به عقب الصلاة بلا تراخ حتى لو خرج من المسجد أو جاوز الصفوف في الصحراء أو أتى بما يمنع البناء لا يأتى به. ولو سبقه حدث بعد السلام فإن شاء توضأ وكبر، أو أتى به على غير طهارة قال السرخسي: والأصح عندي أنه يكبر ولا يخرج من المسجد، وبين آخره بقوله:(إلى ثمان) أي: مع ثمان صلوات ولذا لم يقل ثمانية، والغاية هنا داخلة في المغيا كذا في (المصفى) وهذا قول الإمام وهو قول ابن مسعود، وقالا: إلى ثلاث وعشرين صلاة، وهو قول عمر وعلي، وهو أحوط كما في (السراج) وغيره وبه يفتى. وفي (المجتبى): والعمل والفتوى في عامة الأمصار وكافة الأعصار على قولهما.
(مرة) واحدة بدل من الضمير المستتر في سن (الله أكبر) إلى أخره، ولم يقل تكبير التشريق لما أن المتبادر منه تشريق اللحم ومبدؤه اليوم الثاني من النحر، وكذا لا يتأتى إلا على قولهما، لكن اختار في (الفتح) أن الإضافة بيانية فيتأتى على قول الكل. وقد جاء إطلاق التشريق على التكبير عن الخليل وغيره (بشرط إقامة)، فلا يكبر مسافر، ولو صلى المسافرون جماعة ففيه روايتان، والأصح أنهم لا يكبرون كما في (الخلاصة)(ومصر) فلا يكبر أهل القرى (ومكتوبة) فلا يكبر عقب الواجب كالوتر والعيدين.
وجماعة مستحبة، وبالاقتداء يجب على المرأة والمسافر.
ــ
وذكر أبو الليث في (مبسوطه) أنه: لا بأس به عقب العيد لأن المسلمين توارثوه فوجب ابتاعهم، وعليه البلخيون.
وقال أبو جعفر: مشايخنا يرون التكبير في أيام التشريق فلا تمنع العامة منه، وبه نأخذ كذا في (المجتبى) ولا خفاء في دخول الجمعة في المكتوبة وخرج الجنازة لانصرافها إلى ما كتب علينا من الخمس (وجماعة) فلا يكبر المنفرد (مستحبة)، فلا يكبر النسوة ولو صلين جماعة في المصر فلو كبرن كان بدعة كذا في (غاية البيان).
وفي (جامع قاضي خان): وإذا ثبت اختصاص التكبير بالمصر علم أنه من الشعائر بمنزلة الخطبة فيشترط له ما يشترط للجمعة، إلا ما سقط اعتباره من السلطان والحرية في الأصح والخطبة كذا في (المعراج)، وعليه جرى الشارح قال في (البحر): وليس بصحيح إذ ليس الوقت والإذن العام من شروطه.
وأقول: بل هو الصحيح؛ إذ من شرائطه الوقت أعني أيام التشريق حتى لو فاتته الصلاة في أيامه فقضاها في غير أيامه أو في أيامه من القابل لا يكبر بخلاف ما إذا قضاها في أيامه من تلك السنة حيث يكبر لأنه لم يفت عن وقته من كل وجه.
وإذا لم يشترط السلطان أو نائبه فلا معنى لاشتراط الإذن العام وكأنهم استغنوا بذكر السلطان عنه، على أنا قدمنا أن الإذن العام لم يذكر في الظاهر. نعم بقي أن يقال: من شرائطها الجماعة التي هي جمع والواحد هنا مع الإمام جماعة، فكيف يصح أن يقال: إن شروطه الجمعة. وهذا كله قول الإمام، وقالا: هو على كل من يصلي المكتوبة/ لأنه تبع لها.
والفتوى على قولهما في هذا أيضًا كما في (السراج)(وبالاقتداء) أي: بسبب الاقتداء بمن يجب عليه (يجب على المرأة والمسافر) بطريق التبعية. إلا أن المرأة تخافت وكذا يجب على المسبوق لكنه لا يكبر معه، بل بعد قضاء ما فاته. ولو تابعه فيه لا تفسد ويبدأ المحرم بالتكبير ثم بالتلبية ..
ولو تركه الإمام أتى به المقتدي، قال يعقوب: صليت بهم المغرب يوم عرفة فنسيت أن أكبر فكبر الإمام الأعظم. وهذا لأنه لا يؤدى في حرمة الصلاة فلم يكن الإمام فيه حتمًا وإنما هو مندوب، وفي الحكاية جلالة كل من الأستاذ وتلميذه عند الآخر، أما التلميذ فلتقديمه، وأما الأستاذ فلأن التلميذ نسي ما لا ينسى عادة لما علم أنه خلفه وهذا لأن العادة إنما هي نسيان الأول لا بعد توالي ثلاثة أوقات يكبر فيها والله الموفق بمنه ويمنه.