الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب صلاة الكسوف
يصلي ركعتين كالنفل إمام الجمعة
ــ
باب الكسوف
قرنه بالعيد لأنهما يؤديان بالجماعة وقدم العيد لوجوبه، يقال: كسفت الشمس كسوفًا وكسفها الله كسفًا. قال جرير يرثي عمر بن عبد العزيز رضي الله تعالى عنه:
الشمس طالعة ليست بكاسفة .... تبكي عليك نجوم الليل والقمرا
روي بنصب نجوم على أنه معمول لكاسفة أي: لم يكسف ضوءها مع طلوعها لقلة ضوئها ببكائها عليه، ويجوز أن يكون معمولاً لتبكي من باكيته فبكيته غلبته في البكاء ورفعها على أنها تبكي والقمر منصوب على المعية وألفه للإطلاق وسببها الكسوف لأنها تضاف إليه وهي سنة، وقيل: واجبة واختاره في (الأسرار) كذا في (العناية) وهكذا في (البدائع)، وأجاب عما مر عن (الأصل) بأن تسميتها نافلة لا تنفي الوجوب لأنها الزيادة وكل واجب على الفرائض زائد (يصلي ركعتين) بيان لأقل مقدارها، وإن شاء أربعًا أو أكثر كل ركعتين بتسلميتين أو كل أربع كذا في (المجتبى والبدائع).
(كالنفل) في الركوع والسجود وإطالة القيام بالقراءة والأدعية التي هي من خصائص النافلة وعدم الإذن وعدم جوازها في الأوقات المكروهة وينادي الصلاة جامعة ليجتمعوا إن لم يكونوا اجتمعوا واحترز به عن قول الثاني أنها كالعيد (إمام الجمعة) فيه إيماء إلى أنه لابد من شرائط الجمعة، وهو كذلك إلا الخطبة كذا في (السراج)، ورده في (البحر) بما في (الإسبيجابي) يستحب في كسوف الشمس ثلاثة أشياء: الإمام والوقت والموضع. أما الإمام: فالسلطان ومن له إقامة الجمعة والعيد. وأما الوقت: فهو الذي يباح فيه التطوع. وأما الموضع: فهو الذي يصلي فيه العيد أو المسجد الجامع، إلا أن جعل الوقت من المستحبات لا يصح انتهى.
وأقول: معنى كونه لا به من شرائط الجمعة أي: في تحصيل كمال السنة نعم ظاهر ما قاله (الإسبيجابي): يفيد أنه لو صلاها عند الاستواء صحت فتدبره.
وعن أبي حنيفة في غير رواية الأصول لكل إمام مسجد أن يصلي بجماعة في
بلا جهر وخطبة ثم يدعو حتى تنجلي الشمس، وإلا صلوا فرادى كالخسوف، والظلمة، والريح، والفزع.
ــ
مسجده والصحيح ظاهر الرواية وهو أنه لا يقيمها إلا الإمام الذي يصلي بالناس الجمعة كذا في (البدائع).
(بلا جهر) تصريح بما علم من قوله: كالنفل لأن النهاري لا يكون جهرًا كذا في (البحر) واستفيد النهاري من أن الكلام في الكسوف، وهو لا يكون إلا نهارًا لكن لك أن تقول: إن قوله إمام الجمعة ربما أشعر بالجهر فيه فنفاه صريحًا ردًا لقولهما من أنه يجهر لحديث عائشة (أنه عليه السلام جهر بالقراءة فيه) وله قوله عليه السلام: (صلاة النهار عجماء) وذاك محمول على الجهر بالآية والآيتين دل على ذلك قولها فحرزت قراءته فإذا هو قرأ سورة البقرة ولو جهر لسمعت. وفي (البدائع): عامة الروايات على أن محمدًا مع الإمام (و) بلا (خطبة) لأنه عليه الصلاة والسلام: أمر بالصلاة وسكت عن الخطبة، والمقام مقام البيان وخطبته عليه السلام لما كسفت الشمس يوم موت سيدنا إبراهيم، ليست إلا للرد على من توهم أنها كسفت لموته (ثم يدعو) بعد الصلاة جالسًا مستقبلاً القبلة، أو قائمًا يستقبل الناس بوجهه والقوم يؤمنون. قال الحلواني: وهذا أحسن ولو اعتمد على قوس أو عصا كان حسنًا ولا يصعد المنبر للدعاء ولا يخرج كذا في (المحيط). (حتى تنجلي الشمس) لقوله صلى الله عليه وسلم: (إن الشمس والقمر لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتم ذلك فصلوا وادعوا حتى تنجلي الشمس).
(وإلا) أي: وإن لم يحضر إمام الجمعة (صلوا فرادى) في منازلهم تحرزًا عن الفتنة لما أنها تقام بجمع عظيم (كالخسوف) أي: كما يصلون فرادى في خسوف القمر لأنه خسف مرارًا في زمنه عليه السلام، ولم ينقل أنه جمع لها (والظلمة) الهائلة نهارًا (والريح) الشديد والزلازل والصواعق وانتشار الكواكب والضوء الهائل ليلاً والثلج والأمطار الدائمة وعموم الأمراض والخوف الغالب من العدو، ونحو ذلك/. وقد علمت الخلاف في صفة الصلاة في الكسوف ولم أره في الخسوف ونحوه/.
قال العيني: أطلق الشيخ الحكم فيهما، والتفصيل فيه أن صلاة الكسوف سنةٌ أو واجبة وصلاة الخسوف حسنةٌ، وكذا البقية انتهى. واعلم أن كلمتهم متفقة على أنهم يصلون فرادى ويدعون في عموم الأمراض وهو شامل للطاعون لأن الوباء اسم