الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فسدت صلاتهم.
باب الحدث في الصلاة
من سبقه الحدث
ــ
(فسجت صلاتهم) أما الأولى فقول الإمام وقالا: صلاة الإمام ومن هو مثله تامة إذ غايته أنه معذور أم مثله وغيره فصار كما إذا أم العاري عراة ولابسين، وفرق الإمام بأنه في المقيس ترك القراءة مع القدرة عليها بالاقتداء فالموجود في الإمام أمكن وجوده في المقتدي ولا كذلك المقيس عليه ولا فرق في ظاهر الرواية بين علمه بأن خلفه قارئ أو لا وبه ظهر ضعف ما قاله الكرخي من أن الفساد موقوف على نية الأمي إمامة القارئ لأنه إذا لم يشترط علمه فالأولى أن لا يشترط نيته قيد الاقتداء إلا أنه لو صلى كل على حدة جازت صلاة الأمي هو الصحيح كذا في (الهداية) إلا أنه في (النهاية) قال: لو افتتح الأمي ثم حضر القارئ ففيه قولان ولو حضر الأمي بعد افتتاح القارئ فلم يقتد به فالأصح فساد صلاته وحكى الشارح خلافًا في صحة شروعه في صلاة الإمام فقيل: يصح فإذا جاء أوان القراءة تفسد وإليه يومئ قوله فسدت وقيل: لا يصح وهو الصحيح كما في (الذخيرة) وأثر الخلاف يظهر في الانتقاض بالقهقهة فلا خلاف في عدم وجوب القضاء أما على الأول فلأنها أوجبها بغير قراءة وأما على الثاني فظاهر وفي (المجتبى) لو أم من لا يحسن إلا الفارسية القارئين جاز عند الإمام خلافًا لهما والأخرس إذا أم خرسانًا جازت صلاتهم اتفاقًا وفي إمامة الأخرس الأمي اختلاف المشايخ انتهى. أما لو كان معه قارئ فينبغي أن لا يصح شروع القارئ اتفاقًا لعدم قدرته على التحريمة وأما الثانية ففيها خلاف زفر ليتأدى فرض القراءة ولنا أن كل ركعة صلاة فلا تخلو عن القراءة تحقيقًا أو تقديرًا في الأمي لعدم أهليته أما الإمام فلأن استخلافه هذا عمل كثير وصلاة القوم مبنية على صلاته والله سبحانه وتعالى أعلم.
باب الحدث في الصلاة
لما كان من العوارض أخره وقدمه على المفسدات لأنه في بعض أحواله ليس مفسدًا وهو وصف شرعي يحل في الأعضاء يزيل الطهارة وحكمه المانعية لما جعلت الطهارة شرطًا له وهو المنوي رفعه عند الوضوء دون المعذور والمتيمم كذا في (غاية البيان) وبه علم أن تعريفه كما في (البحر) تبعًا (للفتح) بمانعية شرعية قائمة بالأعضاء إلى غاية استعمال المزيل تعريف بالحكم (من سبقه) في الصلاة (حدث) سماوي لا اختيار له فيه ولا في سببه من البدن غير موجب للغسل ولا نادر الوجود
توضأ وبنى واستخلف
ــ
ولم يأت بمناف له منه بد ولم يؤد ركنًا معه ولم يظهر حدثه السابق ولم يتذكر فائتة عليه وهو صاحب ترتيب وبعض هذه القيود تؤخذ من مسائل الباب فلا يبنى كشجة وعضة ولو منه لنفسه ولا لسيلان دمل غمرها فإن سال لساقط من غير مسقط قيل: بنى وقيل: على الخلاف واختلف فيما لو سبقه لعطاسه أو لتنحنحه والأصح أنه لا يبني ولو سقط الكرسف بغير صنعها بنت اتفاقًا ولو بتحريكها فعلى الخلاف وهذا فرع تصور بنائها ومنعه ابن رستم وبالجواز قال المشايخ: إن أمكنها الوضوء بلا كشف بأن تمسح على خمارها وذراعيها في الصحيح ولا بإصابة نجاسة مانعة من غير سبق حدث خلافًا للثاني وإن منه بنى اتفاقًا ولا لقهقهة واحتلام وكذا لو انقضت مدة مسحه أو كان متيممًا/ فرأى الماء أو خرج الوقت في المستحاضة على الأصح كما في (المحيط).
وأما الاستنجاء فإن أمكنه بلا كشف أتى به حتى لو كشف له بطلت في ظاهر المذهب (توضأ) بلا توقف دل على ذلك إيقاعه جزاء الشرط خبرًا فيلزم عنده وإلا لزم الكذب فلو مكث قدر ركن فسدت إلا إذا أحدث بالنوم أو كان لعذر الزحمة، وفي (المنتقى) إن لم ينو بمقامه الصلاة لا تفسد لأنه لم يوجد جزءًا من الصلاة مع الحدث قلنا: هو في حرمتها فما وجد صالحًا لكونه جزءًا منها انصرف إليه غير مقيد بالقصد، ولذا لو قرأ ذاهبًا أو آيبًا فسدت على الأصح وأما الذكر فلا يمنع البناء في الصحيح (وبنى) أي: جاز له البناء ولو في الجنازة واختلف في الاستخلاف فيها كذا في (القنية) والأصح جوازه كما في (السراج) غير أن الاستئناف أفضل فيما روي عن الإمام تحرزًا عن شبهة الخلاف قيل: هذا في المنفرد وأما الإمام والمأموم فيبنيان صونًا لفضل الجماعة وقيده في (السراج) بما إذا كان لا يجد جماعة أخرى وهو الصحيح وقيل: إن كان في الوقت سعة وينبغي وجوبه عند الضيق ثم المنفرد إن شاء أتم في منزله وإن شاء عاد إلى مكانه كالمقتدي بعد فراغ إمامه فإن لم يفرغ وكان بينهما ما يمنع الاقتداء تحتم عليه العود واختلف في الأفضل فقيل: العود واختاره السرخسي وغيره وقيل: عدمه وهو الأولى فقد روى ابن سماعة أنه مفسد وإن كان الأصح خلافه.
(واستخلف) أي: جاز له ذلك وما في ابن الملك من وجوبه فمردود لأن له تركه إذا كان الماء في المسجد وينتظره القوم كما في (الشرح) وله أن يستخلف ما لم يخرج من المسجد ويجاوز الصفوف في الصحراء فلو لم يفعل إلا بعد فسدت صلاة القوم وفي صلاته روايتان أشهرهما عدم الفساد كذا في (السراج).
لو إمامًا
ــ
وفي (المحيط): إنه ظاهر الرواية وقال القاضي: الأصح الفساد وفي تيمم (القنية) مسافران انتهيا إلى ماء فزعم أحدهما نجاسته فتيمم والآخر طهارته فتوضأ ثم جاء متوضئ بماء مطلق وأمهما ثم سبقه الحدث فذهب قبل الاستخلاف وأتم واحد منهما صلاة نفسه ولم يقتد بصاحبه جاز لأنه يعتقد أن صاحبه محدث به أفتى أئمة بلخ وهو حسن انتهى فإطلاق فساد صلاة القوم يستثنى منه هذا، وقياسه أنه لو أم صبيًا وامرأة ثم سبقه الحدث فذهب قبل الاستخلاف وأتم كل صلاة نفسه أن يصح بجامع أن كل واحد في المسألتين غير صالح للإمامة، ويظهر لي أن ما في (القنية) ضعيف، بل صلاتهما فاسدة لخلو مكان الإمام، وكذا أطلقه الكثير، وسيأتي في آخر الباب ما يرشد إلى ذلك ولم أر من نبه على هذا والله الموفق للصواب.
(لو) كان (إمامًا) بأن يأخذ ثوب رجل إلى المحراب أو يشير إليه والسنة أن يفعله محدوب الظهر آخذًا بأنفه يوهم أنه رعف مشيرًا بإصبعه إن كان الباقي ركعة وبإصبعين إن كان الباقي ركعتين واضعًا يديه على ركبتيه إن ترك ركوعًا وعل جبهته إن ترك سجودًا وعلى فمه إن ترك قراءة وعلى الجبهة واللسان أن ترك تلاوة وعلى صدره إن كان عليه سهو يعني إن لن يعلم الخليفة بذلك ولابد من كونه صالحًا للإمامة حتى لو استخلف امرأة فسدت صلاة المأمومين ولو نساء على ما مر وكذا الإمام إلا أن يستخلف على الأصح ودل كلامه أن الاستخلاف له حتى لو استخلف القوم أيضًا فالخليفة خليفته فمن اقتدى بخليفتهم فسدت صلاته.
ولو قدم الخليفة غيره إن قبل أن يقوم مقام الأول وهو في المسجد جاز وإن قدم القوم واحدًا أو تقدم بنفسه لعدم استخلاف الإمام جاز إن قام مقام الأول قبل أن يخرج من المسجد ولو خرج منه قبله فسدت صلاة الكل دون الإمام الأول كذا في (الخانية).
ولو تقدم رجلان فالأسبق أولى ولو قدمهما القوم فالعبرة للأكثر ولو استويا فسدت صلاتهم ولو استخلف من آخر الصفوف إن نوى الخليفة الإمامة من وقته فسدت صلاة من قدمه وإن نواها إذا قام مقام الأول فإن خرج من المسجد قبل أن يصل ونواها فسدت صلاتهم واختلفوا في صلاة الإمام والأصح أنها لا تفسد وبه علم أن انفراده يكون بخروجه أو مجاوزة الصفوف الثاني قيام الخليفة مقامه وقد اتفقت الروايات على أن الخليفة لا يكون إمامًا ما لم ينو الإمامة كذا في (الدراية)، فما في (البحر) من أنه لا يخرج عن الإمامة بمجرد الاستخلاف حتى لو اقتدى به
كما لو حصر عن القراءة وإن خرج من المسجد يظن الحدث أو جن أو احتلم
ــ
إنسان من ساعته قبل الوضوء صح على الأصح كما في (المحيط) / محمول على ما إذا لم يقم الخليقة مقامه ناويًا الإمام بدليل ما نص عليه بعد من أن الخليفة لو قام مقام الأول صار الأول مقتديًا به خرج من المسجد أو لا، حتى لو تذكر فائتة أو تكلم لم تفسد صلاة القوم (كما) أي: كما يستخلف (لو حصر) بوزن تعب فعلاً ومصدرًا مبنيًا للفاعل العي وضيق الصدر وللمفعول من حد حصر منع وحبس قال الإتقاني: وبالوجهين حصل في السماع واللغتان في (الصحاح) وغيره وأنكر المطرزي ضم الحاء في مكسور العين، (عن القراءة) مقدار الفرض من خجل اعتراه وهذا عند الإمام وقالا: لا يجوز بل يتمها بلا قراءة لأن نسيان جميع المحفوظ نادر فصار كالجنابة كذا في (الشرح) وفيه تدافع إذ تمامها بلا قراءة يؤذن بصحتها وكونه كالجنابة يقتضي الفساد إلا أن يلتزم البناء عندهما في الجنابة أيضًا وهو بعيد ولذا قال الإتقاني: إن كونه يتمها بلا قراءة عندهما سهو بل تفسد كما صرح به فخر الإسلام وغيره وله أن الاستخلاف لعله العجز وهو هنا ألزم وكونه نادرًا ممنوع قيدنا بمقدار الفرض لأنه لو قرأه لا يستخلف إجماعًا كذا في (الهداية) وغيرها.
قال في (البحر) وذكره في (المحيط) بقيل فظاهره أن المذهب الإطلاق وهو الذي ينبغي اعتماده لما قالوه في فتح المصلي على إمامه من أنها لا تفسد وإن قرأ قدر ما تجوز به الصلاة على الأصح فكذا هذا وأقول: يمكن الفرق بأن عدم الفساد في (الفتح) لإطلاق الحديث الآتي والفساد هنا للعمل الكثير بلا حاجة وبالخجل لأنه لو نسي القرآن حتى صار أميًا لا يستخلف إجماعًا وقيده بكونه عن القراءة لأنه لو حصر بالبول لا يستخلف في قول الإمام في غير رواية الأصول وعلى قول الثاني له ذلك كذا في (الظهيرية)، ومحمد مع الثاني كما في (السراج).
ويسمى الحاقن لغة وبالباء الموحدة من يدافع الغائط وبالزاي من يدافعها قال بعضهم والحازق من يدافع الريح ومن أثبته في البول ففيها وفي الغائط أولى (وإن خرج) المصلي (من المسجد) ولو حكمًا كالجبانة ومصلى الجنازة والدار إلا في المرأة فموضع مصلاها ومجاوزة الصفوف في الصحراء وإن مشى أمامه وليس بين يديه سترة قيل: يعتبر مقدار ما يمنع الاقتداء وقيل: موضع السجود وهو الأوجه كذا في (الفتح) وفي (البدائع): إنه الصحيح (يظن الحدث) منه بأن خرج منه شيء ظن أنه رعاف فظاهره أنه لو شك فيه فانصرف استقبل، وفي (التجنيس) لو شك الإمام في الصلاة فاستخلف فسدت صلاتهم، وفي (المجمع) لو خاف الحدث فانصرف ثم سبقه استأنف عند الإمام خلافًا للثاني (أو جن) أو قهقه أو تكلك (أو احتلم) عبارة
أو أغمي عليه استقبل وإن سبقه حدث بعد التشهد توضأ وسلم وإن تعمده أو تكلم تمت صلاته وبطلت إن رأى متيمم ماء
ــ
القدوري لو نام فاحتلم قال في (العناية): إنما قال ذلك لأن النوم بانفراده ليس بمفسد وكذا الاحتلام المنفرد عن النوم وهو البلوغ بالسن فجمع بينهما بيانًا للمراد قال في (البحر): وعلى هذا فالاحتلام هو البلوغ أعم من الإنزال والسن والمراد الأول وأقول: فيه نظر لقول أهل اللغة: الاحتلام اسم لما يراه النائم ثم غلب على ما يراه من خاص، وأيضًا لو كان نفس البلوغ لكان قول القدوري وغيره بلوغ الصبي بالاحتلام والإحبال والإنزال وإلا فحتى يتم له ثماني عشرة سنة غير واقع في محله وكان الداعي إلى هذا التكلف ذكر النوم معه ولا يكون تصريحًا بما علم التزامًا زيادة في الأيضًاح لا سيما (والكتاب) ألفه لولده.
(أو أغمى عليه استقبل) لم يقل: فسدت لعله لأن الفساد فيها ليس مقصودًا فيثاب بخلاف ما إذا أفسدها أما الاستقبال بالخروج لظن الحدث فللمنافي بلا عذر والقياس عدم التقييد بالخروج لثبوته بمجرد الانحراف لكن إنما قيد به استحسانًا لأنه انصراف عن قصد الإصلاح فالحق بحقيقته ما لم يختلف المكان ومن هنا ظن بعضهم أن تحويل الصدر عن القبلة غير مفسد عند الإمام وأن الفساد بقولهما أليق وليس كالظن للفرق البين بينهما وهو أن المتوهم معذور فناسبه التخفيف بخلاف المنحرف لأنه عاص متمرد كذا في (التجنيس) قيد بظن الحدث لأنه لو ظن أن افتتاحه كان على غير طهر أو أن مدة مسحه قد تمت أو أن المرئي ماء وهو متيمم أو في الظهر أنه لم يصل الفجر أو الحمرة التي في ثوبه نجاسة فانصرف فسدت خرج أو لا فأما بالجنون وما بعده فلأن هذه العوارض يندر وجودها في الصلاة فلم يكن في معنى ما ورد به النص.
(وإن سبقه) أي: المصلي (حدث) يجوز معه البناء (بعد التشهد توضأ) كما سبق (وسلم) واستخلف لو إمامًا وهذا/ الحكم وإن علم مما مر إلا أنه ذكره تمهيدًا لقوله: (وإن تعمده) أي: الحدث (أو تكلم تمت صلاته) عندنا لتمام أركانها بناء على أن السلام ليس إلا واجبًا فقط وفواته لا يوجب فسادها نعم عليه إعادتها جبرًا للنقص القار فيها بترك السلام وقد مر في النواقض ما إذا قهقه الإمام، ثم القوم، (وبطلت) شروع في مسائل قال الإمام فيها ببطلان الصلاة بطروء هذه العوارض بعد التشهد ولو في سجود السهو وقالا: بالصحة فلا خلاف في الفساد قبله وسيأتي بيان الوجه للكل وكلامه ظاهر في بطلان الأصل والوصف لكن سيأتي بقاء الوصف في بعضها (إن رأى متيمم ماء) أي: قدر عليه ولو بإخبار عدل بقربه منه على ما سبق في بابه بخلاف ما
أو تمت مدة مسحه أو نزع خفه بعمل يسير أو تعلم أمي سورة
ــ
إذا أحدث في صلاته فوجد ماء فإنه يبني والفرق أن انتقاض التيمم برؤية الماء باعتبار ظهور الحدث السابق ورؤيته هنا بعد الحدث فلم توجد القدرة حال قيامه فلا يتحقق انتقاضه مستندًا كذا في (النهاية) والمذكور في (الشرح) عدم الفرق بينهما فإنه لا يبني لظهور الحدث السابق على الشروع وظاهر (الخلاصة) ترجيح ما في (النهاية) فإنه بعدما ذكر أنه يبني قال: وذكر الحاكم الشهيد في (مختصر الكافي) أنه يستقبل وقال إسماعيل الزاهد: وجدت رواية عن أبي يوسف أنه يبني وهذا أقيس بمذهبه فإنه يجوز اقتداء المتوضئ بالمتيمم عنده فكذا بناء الوضوء على التيمم فيحتمل إنما ذكر الحاكم الشهيد قول محمد وصحح في (البحر) عن (المحيط) ما في (الشرح) قال في (الفتح): والذي يظهر أن الأسباب المتعاقبة إن أوجبت أحداثًا متعاقبة يجزئه عنها وضوء واحد فالأوجه ما في (الشرح) وإلا فما في (النهاية) لكن كلام (النهاية) ليس بناء عليه لأنه لا يرى أنها توجب أحداثًا ونازعه في (البحر) بأن تعليلهم الاستقبال بظهور الحدث السابق على الشروع يوجب البطلان سواء قلنا: إنها توجب أحداثًا أو حدثًا فالبناء ممنوع بل محط الخلاف يرجع إلى أن الاستناد هل يتحقق مع سبق الحدث لبقاء أثر التيمم الأول أم لا؟ قال الشارح: والتقييد بالتيمم لا يفيد لأن المتوضئ خلف المتيمم لو رأى الماء في صلاته بطلت أيضًا لعلمه أن إمامه قادر على الماء بإخباره كما مر فلو قال: أو المقتدى به لعلمه ونظر فيه في (البحر) بأن البطلان في المتيمم إنما هو للوصف كما مر عن (المحيط).
وأقول: لا يخفى أن المصنف استعمل البطلان بالمعنى الأعم أعني إعدام الفرض فبقي الأصل وإلا فالأولى ما قال العيني أن مسألة المقتدي بمتيمم ليس فيها إلا خلاف زفر ولا خلاف فيها بين الإمام وصاحبيه يعني وهذه المسائل ليس فيها إلا قول الإمام وصاحبيه (أو تمت مدة مسحه) مقيمًا كان أو مسافرًا واجدًا للماء أو لا على ما مر، ولو بعد ما أحدث فعلى ما سبق من الخلاف وصحح الشارح والحدادي أنه يستقبل وهو موافق لما سبق عن (المحيط) في المتيمم إذا رأى الماء بعدما سبقه الحدث (أو نزع) الماسح (خفه بعمل يسير) بأن كان واسعًا لا يحتاج في نزعه إلى عمل كثير حتى لو احتاج تمت اتفاقًا وإفراد الخف الواقع في بعض النسخ أولى من تثنيته (أو تعلم أمي سورة) بأن حفظها بالسماع بلا اشتغال بالتعلم وإلا تمت اتفاقًا قيل: أو تذكرها والتقيد بالسورة اتفاقي قال الشارح: أو هو على قولهما وفيه نظر
أو وجد عار ثوبًا أو قدر موم أو تذكر فائتة أو استخلف أميًا أو طلعت الشمس في الفجر أو دخل وقت العصر في الجمعة أو سقطت جبيرته عن برء أو زال عذر المعذور
ــ
لأنهما وإن عينا ثلاث آيات لكن لا بقيد كونها سورة واختلف فيما لو كان خلف قارئ والعامة على البطلان قيل: لأن الصلاة بالقراءة حقيقة فوق الصلاة بالقراءة حكمًا فلا يمكنه البناء عليها وقد يمنع بأنها من المقتدي القارئ ليست إلا حكمًا وبناء الكامل على مثله جائز وإن اختلفا شدة وضعفًا فلذا والله أعلم صحح في (الظهيرية) عدمه قال الفقيه: وبه نأخذ.
(أو وجد عار ثوبًا) تجوز فيه الصلاة بأن يكون ساترًا لعورة طاهرًا أو نجسًا وعنده ما يطهره، أو لا إلا أن ربعه طاهر (أو قدر موم) على الركوع والسجود لقوة حاله (أو تذكر فائتة) عليه أو على إمامه ولو وترًا وهو صاحب ترتيب وفي الوقت سعة سيأتي أنها تفسد فسادًا موقوفًا عند الإمام (أو استخلف أميًا) بعدما أحدث لعدم صلاحيته للإمامة واختار أبو جعفر وفخر الإسلام أنها بعد التشهد تامة إجماعًا وصححه في (الكافي) وغيره.
قال في (الفتح): وهو المختار لأن الاستخلاف عمل كثير في نفسه وإنما لا يؤثر ضرورة ولا ضرورة/ هنا لعدم الاحتياج إلى إمام لا يصلح (أو طلعت الشمس في الفجر) ليس المراد أن ينظر إلى القرص بل إذا رأى الشعاع الذي لو لم يكن ثمة حائل يمنعه لرأى القرص كذا في الشرح، (أو دخل وقت العصر في جمعة) قيل: كيف يتحقق الخلاف مع ما عرف من الخلاف في دخول وقت العصر؟ وأجيب بأنه يتأتى على رواية أن بين الوقتين وقتًا مهملاً قال في (العناية): وهذا يخالف قول المصنف أو دخل وقت العصر في الجمعة يعني وعلى تلك الرواية إنما خرج وقت الظهر فقط وقيل: يمكن أن يقعد في الصلاة بعدما قعد قدر التشهد إلى أن يصير الظل مثليه واستبعده في (العناية) واختار في توجيهه أنه على الرواية الموافقة لقولهما ولا يخفى أن التخريج على الصحيح أولى منه على المرجوح فالاستبعاد منظور فيه ولقد أبعد من قال: لم لا يجوز أن يكون هذا من تفريع الإمام على قولهما كما في المزارعة؟.
(أو سقطت جبيرته عن برء أو زال عذر المعذور) بانقطاعه وقتًا كاملاً فإذا انقطع بعد قعوده وقف الأمر وإلى هنا تمت المسائل اثني عشر ومن هنا لقبت باثني عشرية إلا أن هذه النسبة خطأ عند أهل العربية لأن العدد المركب العلمي إنما ينسب إلى صدره فتقول في خمسة عشر علمًا خمسي وغير العلمي لا ينسب إليه وزيد عليها مسائل؛ منها ما لو كان يصلي في الثوب النجس فوجد ما يزيلها لكن هذا داخل تحت قوله أو وجد عار ثوبًا كما سبق وقد أدخله الشارح فيه ثم زاده هنا وهذا عجيب ومنها
وصح استخلاف المسبوق
ــ
ما لو كان يصلي وقتًا فدخلت الأوقات المكروهة وهذا مستفاد من قوله أو طلعت الشمس في الفجر إذ لا فرق بين وقت ووقت، ومنها ما إذا خرج الوقت في المعذور قيل: وهذا مستفاد من قوله أو رأى متيمم ماء بجامع أن المفسد فيها ظهور الحدث السابق. واعلم أن البطلان في الأصل والوصف إلا في تذكر الفائتة وطلوع الشمس وخروج وقت الظهر في الجمعة كذا في (السراج) لهما أن هذه المعاني وإن كانت مفسدة كالحدث والكلام إلا أن حدوثهما إنما جاء بعد التمام وله على ما خرجه البردعي من هذه المسائل قيل: وعليه العامة أن الخروج من الصلاة بفعل المصلي فرض عنده لما أنه لا يمكنه أداء أخرى إلا بالخروج من الأولى وما لا يتوصل إلى الفرض إلا به يكون فرضًا.
قال الكرخي: وهذا غلط لأنه قد يكون بمعصية كحدث ولا يجوز أن يكون فرضًا إذ لو كان لاختص بما هو قربه وهو السلام فالحق أنه لا خلاف في أنه ليس فرضًا وإنما فسدت في هذه المسائل لأن ما يغيرها في أثنائها يغيرها في آخرها كنية الإقامة قال في (العناية): أراد بالمغير ما تجب الصلاة به بعد وجوده وعلى غير هذه الصفة الواجبة التي هي عليها قبله كما في هذه المسائل وقيل: أراد به كون الصلاة جائز الاجتماع به وبضده فإنها تصح بالتيمم والمسح والإيماء وأضدادها والمحققون على ما قاله الكرخي كما في (المجتبى) وفي (المعراج) وهو الصحيح ولو سلم القوم قبل إمامهم بعدما قعد ثم عرض له واحد من هذه العوارض بطلت صلاته دونهم.
(وصح استخلاف المسبوق) من إضافة المصدر إلى مفعوله ويجوز أن يكون إلى فاعله بأن يستخلف المسبوق مسبوقًا إلا أن التفريع الآتي ظاهر في الأول وإنما صح لوجود المشاركة في التحريمة بينه وبين الإمام والأولى أن لا يفعل وكذلك أن لا تقبل ولو قيل: فإن علم كمية صلاة الإمام وكانوا كلهم كذلك ابتداء من حيث انتهى إليه الإمام وإلا أتم ركعة وقعد ثم قام وأتم صلاة نفسه، ولا يتابعه القوم بل يصبرون إلى فراغه فيصلون ما عليهم وحدانًا ويقعد هذا الخليفة على كل ركعة احتياطًا وقيده في (الظهيرية) بما إذا سبق الإمام الحدث وهو قائم، قال في (البحر): ولم يبينوا ما إذا سبقه وهو قاعد ولم يعلم الخليفة كمية صلاته وينبغي على قياس ما قالوه أن يصلي الخليفة ركعتين وحده وهم جلوس فإذا فرغ قاموا وصلى كل أربعًا وحده والخليفة ما بقي ولا يشتغلون بالقضاء قبل فراغه، ولو أشار إليه الإمام أنه لم يقرأ في الأولتين قرأ في الأخريين ثم إذا قام قرأ أيضًا فتكون القراءة في جميع الركعات فرضًا. واعلم أن اللاحق والمقيم خلف المسافر كالمسبوق في أن الأولى عدم استخلافهما فلو وقع
فلو أتم صلاة الإمام تفسد بالمنافي صلاته دون القوم
ــ
أشار اللاحق إليهم أن لا يتابعوه حتى يفرغ أيضًا مما فاته لما أن الواجب عليه أن يبدأ بما فاته أولاً ثم يتابعونه فيسلم بهم فلو تركه قدم غيره ليسلم، ويقدم المقيم بعد الركعتين مسافرًا يسلم بهم ثم يقضي المقيمون ركعتين منفردتين بلا قراءة كما سبق/ حتى لو اقتدوا به بعد قيامه بطلت.
(فو أتم) المسبوق المستخلف (صلاة الإمام) أولاً كما هو اللازم عليه وفيه إيماء إلى أنه لا يقضي ما فاته أولاً فلو فعل كره فقط كما في (الخانية) و (الخلاصة) أي: تحريمًا لقوله في (الفتح): إنه يكون آثمًا وقال الحصيري: إنه الصحيح وجزم في (البدائع) بالفساد لما أنه انفراد في موضع الاقتداء وفي (الظهيرية) هو الأصح وأيده بما قالوه لو أدرك المسبوق إمامه في السجدة الأولى فركع وسجد سجدتين لا تفسد صلاته ولو في الثانية فسدت انتهى.
وكأن وجه الفساد أنه زاد في صلاته ركعة غير معتد بها وهذا إنما يأتي فيما لو أدركه في الثانية ولو صح كونه قاضيًا لما فسدت بخلاف الأولى لما أنه يجب عليه متابعة الإمام فيها فلم تكن الركعة كلها غير معتد بها وأنت خبير بأنه على ما في (الخانية) إنما يتميز كونه قاضيًا بنيته فإذا نوى بذلك قضاء ما فاته أولاً ينبغي أن لا تفسد (تفسد بالمنافي) كضحك ونحوه (صلاته) ومن حاله كحاله وكذا الإمام الأول إن لم يفرغ لا إن فرغ وهو الأصح (دون القوم) لأن المفسد في حقه وجد في خلال صلاته وبعد تمام الأركان في حقهم ولذا خرج عن الإمامة وصار منفردًا فيما يقضي إلا في أربعة مواضع لا يقتدي ولا يقتدى به قال في (البحر): واستثنى في (الدرر والغرر) من هذا أنه يصح استخلافه وهو سهو لأن كلامهم فيما إذا قام إلى قضاء ما سبق به وفي هذه الحالة لا يصح الاقتداء به أصلاً.
وأقول: عبارته فيها المسبوق فيما يقضي له جهتان جهة الانفراد حقيقة حتى يثني ويتعوذ ويقرأ وجهة الاقتداء حتى لا يؤتم به وإن صلح للخلافة أي: من حيث كونه مسبوقًا لا بخصوص كونه قاضيًا، ومن العجيب أن ما حكم عليه هنا بأنه سهو جزم به في (الأشباه والنظائر) على أنه مستثنى من قولهم ولا يقتدى به وقد علمت ما هو الواقع ويلزمه السجود بسهو إمامه وإن لم يحضر في سهوه ويأتي بتكبيرات
كما تفسد بقهقهة إمامه لدى اختتامه لا بخروجه من المسجد وكلامه ولو أحدث في ركوعه أو سجوده توضأ وبنى وأعادهما ولو ذكر راكعًا أو ساجدًا سجدة فسجدها لم يعدهما
ــ
التشريق، ولو كبر ناويًا الاستئناف صح بخلاف المنفرد (كما تفسد) صلاته (بقهقهة إمامه) ونحوها (لدى) أي: عند (اختتامه) أي: الإمام في قول الإمام وقالا: لا تفسد لأن هذا العارض لم يؤثر في صلاة الإمام مع صدوره منه، فالأولى أن لا يؤثر في المسبوق وله أن الحدث مفسد للجزء الذي يلاقيه من صلاة الإمام إلا أنه لما لم يحتج إلى البناء لتمام الأركان لم يضره ذلك بخلاف المسبوق لاحتياجه إليه وفساد هذا الجزء يمنعه من البناء عليه لأن البناء على الفاسد فاسد، والخلاف مقيد بما إذا لم يتأكد انفراده أما إذا تأكد بأن أتى بركعة تامة كأن قام قبل سلامه تاركًا للواجب أو في موضع يجوز له القيام قبله كأن خاف وهو ماسح تمام المدة لو انتظر سلامه وفي الجمعة والعيدين أو خاف المعذور خروج الوقت أو أن يبتدره الحدث أو أن تمر الناس بين يديه كما إذا كان في الصف الثاني مثلاً ثم فعل ذلك لم تفسد اتفاقًا قيد بالمسبوق لأن اللاحق فيه روايتان والأصح الفساد كما في (السراج).
لكن رجح في (الظهيرية) عدمه معللاً بأن النائم كان خلف الإمام والإمام تمت صلاته فكذا النائم قال في (البحر): وفيه نظر للفرق بينهما وذلك أن الإمام لم يبق عليه شيء بخلاف اللاحق وفي (الفتح) لو فعل الإمام ذلك بعدما قام اللاحق يقضي ما فاته لا تفسد وإلا تفسد عنده وأقول: قد سبق أن الإمام الأول إذا لم يفرغ من صلاته وقد أتى المسبوق الخليفة بمناف تفسد صلاته على الراجح مع أنه لاحق وهذا يعكر على ما في (الفتح) ويؤيد ما في (السراج)(لا) تفسد صلاة المسبوق (بخروجه) أي: الإمام (من المسجد وكلامه) اتفاقًا لأنهما قاطعان لا مفسدان.
(ولو أحدث) المصلي (في ركوعه أو) في (سجوده توضأ وبنى) على صلاته (وأعادهما) أي: فعلهما مرة أخرى لعدم الاعتداد بالمفعول أولاً أما على قول محمد فلأن إتمام الركن بالانتقال ولم يوجد وأما على قول الثاني فلأن السجدة وإن تمت بالوضع إلا أن القومة والجلسة فرض عنده ولا يتحقق لهما بغير الطهارة حتى لو لم يعدها فسدت ولو استخلف غيره دام المتقدم على ركوعه وسجوده.
(ولو ذكر) أي: تذكر حال كونه (راكعًا أو ساجدًا سجدة) صلبية أو تلاوية (فسجدها لم يعدهما) أي: الركوع والسجود لزومًا وإن ندبت الإعادة فظاهر ما في (الخانية) أنه يعيدهما والأصح لا، لما مر من أن الترتيب ليس بفرض فيما شرع مكررًا في كل الصلاة أو في كل الركعة بخلاف المتحد واعترض بأن انتفاء الافتراض لا