الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب الإمامة والحدث في الصلاة
الجماعة سنة مؤكدة
ــ
باب الإمامة
مصدر أممت القوم وائتم به اقتدى كذا في (الصحاح) ولم أر من عرفهما وسمعت من الشيخ الأخ أنها ربط صلاة المقتدي بصلاة الإمام ثم رأيت ابن عرفة المالكي رسمها في (حدوده) باتباع المصلي في جزء من صلاته أي: أن يتبع فالإمام هو المتبوع ولا يخفى صدق الأول على الاقتداء قيل: هي مشروعة بالكتاب وهو قوله تعالى:} واركعوا مع الراكعين {(البقرة: 43) والسنة المتظافرة عنه/ عليه الصلاة والسلام وكذا الخلفاء بعده، والحكمة في ذلك قيام نظام الإلفة بين المصلين ولذا شرعت المساجد في المحال ليحصل التعاضد باللقاء في الأوقات ولتعلم الجاهل من العالم الصلاة. (الجماعة) وهي ما فوق الواحد كذا عن محمد ولذا لو حلف لا يصلي بجماعة فأم صبيًا يعقل حنث لا فرق بين كونها في المسجد أو غيره حتى لو صلى بنحو زوجته في بيته نال فضلها (سنة) في الصلوات الخمس إلا الجمعة والعيدين فشرط (مؤكدة) بالهمز ودونه وهو الأصح أي: قوية تشبه الواجب قال الزاهدي والظاهر أنهم أرادوا التأكيد بالوجوب لاستدلالهم بالأخبار الواردة بالوعيد الشديد في تركها وفي (البدائع) عامة المشايخ على الوجوب وبذلك جزم في (التحفة) وغيرها.
وفي (المفيد) الجماعة واجبة وسنة لوجوبها بالسنة وهذا معنى قول بعضهم تسميتها واجبة وسنة مؤكدة سواء إلا أن هذا يقتضي الاتفاق على أن تركها بلا عذر يوجب إثمًا مع أن قول العراقيين والخراسانين على أنه إنما يأثم إذا اعتاد الترك كما في (القنية) قال في (المعراج): وإذا كانوا لو اجتمعوا على ترك الأذان الذي هو دعاء للجماعة قوتلوا فما ظنك بالجماعة ونقل الشارح عن كثير من المشايخ أنها فريضة ثم اختلفوا فقيل: فرض كفاية وقيل: فرض عين وبالكفاية قال الطحاوي والكرخي وجماعة كما في (القنية) ونقل في (جوامع الفقة) عن أئمتنا قولاً خامسًا أنها مستحبة وأعدل الأقوال وأقواها الوجوب.
ولذا قال في (الأجناس) لا تقبل شهادته إذا تركها استخفافًا ومجانة أما سهوًا
والأعلم أحق
ــ
أو بتأويل، ككون الإمام من أهل الأهواء ولا يراعي مذهب المقتدي فتقبل واختلف كلام نجم الأئمة فيمن لا يحضرها لاستغراق أوقاته في تكرير الفقه فمرة قال: لا يعذر ولا تقبل شهادته ومرة قال: يعذر بخلاف مكرر اللغة قيل: الأول في المواظب على الترك تهاونًا والثاني في غيره وجوزوا تعزيزه ولو بأخذ المال كما في (الخلاصة).
وأفاد البزازي أن معناه حبسه عنه وتسقط بالأعذار كالريح في الليلة المظلمة لا بالنهار كما في (السراج) والمطر والطين والبرد الشديد والظلمة الشديدة في الأصح والخوف من غريم أو ظالم وكونه مقطوع اليد أو الرجل من خلاف أو شيخًا عاجزًا وكونه أعمى عند الإمام كما في (الشرح).
قال في (الفتح): والظاهر أنه اتفاق وأن الخلاف في الجمعة لا الجماعة ففي (الدراية) قال محمد: لا تجب على الأعمى انتهى وأقول: الذي رأيته في (الدراية) ما لفظه: قال محمد: لا تجب الجماعة والجمعة على الأعمى وفي (البدائع): وأما الأعمى فأجمعوا على أنه إذا لم يجد قائدًا لا تجب عليه وإن وجد قائدًا فكذلك عند أبى حنيفة وعندهما تجب انتهى واختلف في الأفضل من جماعة حيه وجماعة المسجد الجامع وقالوا في المسجدين يختار أقدمهما فإن استويا فأقربهما بابًا إلى بيته فإن استويا خير العامي والفقيه يذهب إلى أقلهما قومًا ليكثروا وإلى مجلس أستاذه.
(والأعلم) بأحكام الصلاة أي بما يصلحها ويفسدها وهذا مراد من قال بالفقه وأحكام الشريعة إذ الزائد على ذلك غير محتاج إليه هنا ومن ثم وقع عبارة أكثرهم أي: بالسنة باعتبار أن تفضيل أحكام الصلاة لم تستفد إلا منها وعلم من تقييد الأعلم بما ذكرنا أنه لا بد أن يكون حافظًا لمقدار ما تجوز به الصلاة لأنه إذا خلي عن ذلك لا يكون عالماً بما يصلحها وحينئذ فلا حاجة إلى التقييد به كما قيل نعم شرط الشارح كونه حافظًا لمقدار المسنون منها، قال في (البحر): وينبغي أن يكون المختار قولاً ثالثًا وهو كونه حافظًا لمقدار المفروض والواجب ولم أره منقولاً لكن القواعد لا تأباه وأقول: ذكر في (الدراية) معزيًا إلى (المبسوط) الأعلم أولى إذا قدر على القراءة قدر ما يحتاج إليه وهذا كما ترى صريح في اشتراط كونه حافظًا لمقدار الواجب أيضًا لظهور أنه يحتاج إليه في تكميل صلاته بل حفظ المسنون يحتاج إليه أيضًا (أحق)
بالإمامة ثم الأقرأ ثم الأروع
ــ
أي: أولى (بالإمامة) ولو قدموا غير الأولى أساؤوا كذا في (زاد الفقير)، ثم هذا الإطلاق مقيد بقيود أن لا يكون ثمة راتب فإن كان قدم مطلقًا كما في (السراج) وأن لا يكون مما يطعن في دينه كما في (المعراج) وأن لا تكون الصلاة في منزل إنسان فإن كانت فصاحبها المنزل أولى مطلقًا إلا أن يكون معه سلطان أو قاضٍ قاله الإسبيجابي وصرح الحدادي بتقديم الوالي على الراتب والمستأجر أولى من الممالك والمستعير أولى من المعير قال في (البحر): وفي تقديم المستعير نظر لأن له أن يرجع متى شاء بخلاف المؤجر وأقول: هذا لا أثر له يظهر وسيأتي أن العارية تمليك المنافع كالإجارة لكن بلا عوض بخلافها وإذا رجع خرج عن موضوع المسألة.
(ثم) تقديم الأعلم قولهما وقدم الثاني (الأقرأ) مطلقًا عملاً بظاهر/ ما في (الصحيحين): (يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله تعالى فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة فإن كانوا في الهجرة سواء فأقدمهم إسلامًا) ولهما قوله عليه الصلاة والسلام: (مروا أبا بكر فليصل بالناس) وكان ثمة من هو أقرأ منه بدليل ما روي: (أقرؤكم أبي) فلم يبق إلا لكونه أعلم قال أبو سعيد: وكان أبو بكر أعلمنا وهذا آخر الأمر منه عليه الصلاة والسلام وقدم الأقرأ في الحديث لاستلزامه في زمنه عليه الصلاة والسلام الأعلم لما أنهم كانوا يتلقون القرآن بأحكامه ولا شك في تقديمه حينئذ كذا قالوا وفيه بحث لأن هذا يستلزم أعلمية أبي على الصديق ومن المعلوم أن المدعى إنما هو تقديم الأعلم على القارىء أى غير الأعلم وليس في الحديث ما يدل على تقديم الثاني لا نفيًا ولا إثباتًا فقدمنا الأعلم عليه بالقياس. ثم الأقرأ أي: الأحفظ للقرآن ويحتمل أن يريد به الأحسن قراءة وعليه اقتصر العلاء في (شرح زاد الفقير).
(ثم الأورع) أي: الأكثر ورعًا يعني اتقاء للشبهات فالورع اتقاء الشبهات والتقوى اتقاء المحرمات وليس في السنة ذكر الورع قبل الهجرة على ما مر فجعلوا
ثم الأسن
ــ
الهجرة من المعاصي مكان الهجرة عن الوطن لنسخها نعم لو أسلم رجل في دار الحرب ولزمته الهجرة فهاجر فالذي نشأ في دار الإسلام أولى منه إذا استويا في غير هذا وكذا قالوا لو استويا في الورع فأقدمهما ورعًا أولى كذا في (المعراج).
(ثم الأسن) لخبر: (وليؤمكما أكبركما سنًا) ولأنه بامتداده في الإسلام كان أكثر طاعة كذا في (البدائع)، وهذا يفيد أن المراد به أقدمهما إسلامًا ويدل عليه ما مر في الحديث من قوله (فإن كانوا في الهجرة سواء فأقدمهم إسلامًا) فلا يقدم شيخ أسلم على شاب نشأ في الإسلام، وقدم في (المحيط) الأورع والأكثر على ما عليه المصنف فإذا استووا فأحسنهم خلقًا بضم الخاء أي إلفًا بين الناس فإن استووا فأحسنهم وجهًا أي: أكثرهم سماحة له.
وفسره في (الكافي) بأكثرهم صلاة بالليل فإن استووا فأكثرهم حسبًا وقدمه في (الفتح) على صباحة الوجه فإن استووا فأشرفهم نسبًا قال الإسبيجابي: فإن استووا فأكبرهم رأسًا وأصغرهم عضوًا فإن استووا فأكثرهم مالاً فإن استووا فأكثرهم جاهًا فإن استووا فأنظفهم ثوبًا، وفي (منية المفتي) المتيمم من الجنابة أولى من المتيمم عن حدث وفي (الخلاصة) الحر الأصلي أولى من العتيق واختلف في المقيم مع المسافر قيل: هما سواء وقيل: المقيم أولى قال في (البحر): وينبغي ترجيحه فإن اجتمعت هذه الخصال في رجلين أقرع بينهما أو الخيار للقوم، واعلم أنه وقع في (زاد الفقير) بعد قولهم: فأحسنهم خلقًا فإن تساووا فأحسنهم وجهًا وفسره في (الكافي) بمن يصلي بالليل فإن تساووا فأصبحهم وجهًا انتهى. ولم أر من جمع بينهما غيره وعليه فأحسنهم وجهًا أي: أكثرهم إضاءة له بدليل ما في (الكافي) أنه روي: (من كثرت صلاته بالليل أضاء وجهه بالنهار) وأصبحهم أسمحهم وجهًا، ثم قال في (الزاد) بعد النسب: فإن تساووا ولكن أحدهم أقدم ورعًا قدم صرحوا به وقياسه يقتضي مثله في سائر الخصال وعلى هذا فقلَّ ما يحتاج إلى القرعة عند التساوي أو يخير القوم انتهى.