الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وكره إمامة العبد والأعرابي والفاسق والمبتدع
ــ
وعلى هذا فيقال: فإن استووا في العلم فأقدمهم علمًا أولى وكذا في الأقرأ إلا أن هذا لا يتأتى في الاستواء في السن ونحوه فتدبره.
فرع
قال في (الخلاصة) وغيرها: أم قومًا وهم له كارهون: إن الكراهة لفساد فيه أو لأنهم أحق منه بالإمامة كره له ذلك وإن كان هو أحق بالإمامة لا يكره والكراهة على القوم قال الحلبي: ينبغي أن تكون تحريمية لما رواه أبو داوود (لا يقبل الله صلاة من تقدم قومًا وهم له كارهون).
(وكره) تنزيهًا (إمامة العبد) مطلقًا وكذا ما عطف عليه لقوله في (الأصل): وغيرهم أحب إلي، وفي (المحيط) لو صلي خلف فاسق أو مبتدع فقد أحرز فضل الجماعة. (والأعرابي) وهو من يسكن البادية عربيًا كان أو أعجميًا لغلبة الجهل عليهما أما العبد فلاشتغاله بالخدمة وأما الأعرابي فلبعده عن مجالس العلم، ومن ثم قيل: أهل الكفور هم أهل القبور، وعرف بهذا كراهة العامي، (والفاسق) بجارحة بدليل عطف المبتدع عليه لعدم اهتمامه بأمر دينه قيل: إلا في الجمعة إن تعذر منعه لأنه في غيرها يجد غيره كذا في (المعراج).
قال في (الفتح): وهذا مبني على عدم جواز تعددها أما على المفتى به من جواز التعدد فلا فرق، (والمبتدع) أي: صاحب البدعة من ابتدع الأمر أحدثه ثم غلب على الزيادة في الدين أو النقصان منه كذا في (المغرب) وعرفها بما أحدث على خلاف الحق المتلقى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من علم أو عمل أو حال بنوع شبهة واستحسان/ وجعل دينًا قيمًا وصراطًا مستقيمًا، أطلقه وهو مقيد كما في (الخلاصة) وغيرها بغير المكفرة أما المكفرة كإنكار الإسراء من مكة إلى بيت المقدس والشفاعة له عليه الصلاة والسلام والكرام الكاتبين وقوله إن الله جسم كالأجسام فلا؛ لكن ثبت عن الإمام وغيره عدم تكفير أهل القبلة من المبتدعة فحمل القول بالكفر أن ذلك المعتقد كفر والقائل به قائل بما هو كفر وإن لم يكفر بناء على أن قوله عن اجتهاد في طلب الحق إلا أن جزمهم ببطلان الصلاة خلفه ينافي هذا الجمع اللهم إلا أن يريد بعدم الجواز خلفهم عدم الحل وهو لا ينافي الصحة وإلا فهو مشكل كذا في (الفتح) قال في (البحر): وفيه نظر إذ تعليله في (الخلاصة) فيمن أنكر الرؤية بأنه كافر يرد هذا الحمل.
والأعمى وولد الزنا
ــ
وأقول: كيف يرده مع إمكان حمل كافر على معنى قائل بما هو كفر ولا ينكر أنه صرف اللفظ عن خلاف ظاهره ثم قال في (البحر): والأولى ما ذكره يعني ابن الهمام في (البغاة) من أن ألفاظ التكفير المنقولة في (الفتاوى) لم تنقل عن المجتهدين إنما المنقول عنهم عدم تكفير من كان من قبلتنا حتى لم يحكموا بتكفير الخوارج ولا عبرة بغيرهم وذكره في (المسايرة) أن ظاهرة قول الإمام الشافعي أنه لا يكفر أحد منهم وهكذا جزم بحكايته عنه الحاكم الشهيد في (المنتقى) فما نقل من ألفاظ التكفير من تفريعات المشايخ لا عن الإمام انتهى وهذه المقالة ردها البزازي في (الفتاوى) بما يطول ذكره فراجعه والله الموفق.
(والأعمى) لأنه لا يتوقى النجاسة وهذا يقتضي كراهة إمامة الأعشى وقيده في (البدائع) وغيرها بأن لا يكون أفضل القوم قال في (البحر): ينبغي جريان هذا القيد في العبد والأعرابي، (وولد الزنا) وأقول: هذا مبني على أن علة الكراهة من غلبة الجهل فيهم لكن قال في (الهداية) ولأن في تقديم هؤلاء تتغير الجماعة قال في (الفتح): وحاصل كلامه الكراهة فيمن سوى الفاسق للتنفير والجهل وفي الفاسق أولى لظهور تساهله في الطهارة ونحوها انتهى. والظاهر أنهما علتان ومقتضى الثانية ظهور الكراهة مع انتفاء الجهل لكن ورد في الأعمى نص خاص وهو استخلافه صلى الله عليه وسلم لابن أم مكتوم وعتبان على المدينة وكانا أعميين لأنه لم يبق من الرجال من هو أصلح منهما وهذا هو المناسب لإطلاقهم واقتصارهم على استثناء الأعمى ثم قال في
وتطويل الصلاة وجماعة النساء فإن فعلن يقف الإمام
ــ
(البحر): ينبغي أن يكون محل الكراهة عند وجود غيرهم لا ما إذا لم يوجد غيرهم انتهى.
لكن قال في (السراج): إن قلت: هل الأفضل أن يصلي خلف هؤلاء أو الانفراد؟ قيل: أما في الفاسق فالصلاة معه أولى وأما غيره فيمكن أن يكون الانفراد أولى لجهلهم ويمكن أن تكون الصلاة أولى وولد الزنا لنفرة الناس عنه وما قيل لأنه لا أب له يثقفه أي: يؤدبه فيغلب عليه الجهل فتعليل بارد قاله العيني (و) كره الإمام (تطويل الصلاة) على القوم كراهة تحريم وإطلاقه الكراهة على ما يعم التحريم والتنزيه فيه مؤاخذة ظاهرة وأراد بالتطويل الزائد على القدر المسنون إذ هو المكروه كما في (السراج) و (المضمرات)، وذكره في (الفتح) بحثًا إلا أنه استثنى في الكسوف صلاته إذ الأفضل فيها التطويل وأنت خبير بأن تفسير التطويل بما ذكر غني عن الاستثناء ولا فرق في ذلك بين القراءة والتسبيحات وغيرها ورضي القوم أولى لإطلاق الأمر بالتخفيف.
(و) كره أيضًا تحريمًا (جماعة النساء) للزوم أحد المكروهين أعني: قيام الإمام وسط الصف أو تقدمه لا فرق في ذلك بين الفرائض وغيرها كالتراويح إلا الجنازة فإنها غير مكروهة لما أنها فريضة وترك التقدم فدار الأمر بين فعل المكروه للرفض أو ترك الفرض فوجب الأول بخلاف جماعتهن في غيرها ولو صلين فرادى فقد تسبق إحداهن فتبقى صلاة الباقيات نفلاً والتنفل بها مكروه، ودل كلامه أنها صحيحة إذ الكراهة لا تنافي الصحة قال في (السراج): إلا إذا استخلفها الإمام وكان خلفه رجال ونساء حيث تفسد صلاة الكل أما الرجال فظاهر وأما النساء فلأنهن دخلن في تحريمة كاملة وقد قالوا: يكره للرجل أن يؤم النساء في بيت ليس معهن فيه رجل ولا محرم منه كزوجته وأمته وأخته فإن كانت واحدة منهن أو كان في المسجد لم يكره قاله الإسبيجابي قال في (البحر): وإطلاق المحرم على من ذكر تغليب وإلا فليس محرمًا لزوجته وأمته انتهى.
وأقول: ذكر بعض المتأخرين أن الزوج محرم مستند لما في (الذخيرة) والمحرم الزوج ومن لا يجوز له مناكحتها على التأبيد وسيأتي تحقيقه في الحج إن شاء الله تعالى. (فإن فعلن) أي: أردن أن يصلين جماعة (يقف الإمام) وهو من يؤتم به أي: يقتدي/ ذكرًا كان أو أنثى، وفي بعض النسخ الإمامة وترك الهاء هو الصواب لأنه اسم لا وصف لأن ترك التقدم أسهل من زيادة الكشف، ولو تقدمت صح، ومقتضى ما علم من التقرير أن يأثم والوسط هنا بسكون السين لا غير، وفي (الصحاح)
وسطهن كالعرات ويقف الواحد عن يمينه والاثنان خلفه
ــ
كل موضع صلح فيه بين فبالتسكين كجلست وسط القوم وغلا فبالتحريك كجلست وسط الدار وربما سكن وليس بالوجه انتهى.
وقيل: كل منهما يقع موقع الآخر قال ابن الأثير: وكأنه الأشبه (كالعراة) أي: كما يقوم إمام العراة وسطهم لما مر وفيه إيماء إلى كراهة جماعة العراة أيضًا كراهة تحريم لاتحاد اللازم وهو إما ترك واجب التقدم أو زيادة الكشف كذا في (الفتح) لكن قال في (السراج): الأولى أن يصلوا وحدانًا وفي (الخلاصة) الأولى لإمام العراة أن يقوم وسطهم ومقتضى ما في (الفتح) أن يكون تحريمًا بالأولى وهو أولى (ويقف) المصلي (الواحد) ولو صبيًا يعقل (عن يمينه) مساويًا له وعن محمد أنه يضع إصبعه عند قدم الإمام وظاهر الرواية هو الأول، قيد بالواحد لأن الواحدة تقف خلفه وباليمين لأنه عن الشمال مكروه وكذا خلف في رواية لا في أخرى ومنشأ الخلاف قول محمد وإن صلى خلفه جازت وكذا إن وقف على يساره وهو مسيء فمنهم من صرف الإساءة إلى الأخير ومنهم من صرفها إلى الفعلين وهو الصحيح كذا في (الشرح) والأولى أن يجعل قول محمد منشأ اختلاف القولين لاختلاف الروايتين والعبرة بالقدم لا بالرأس حتى لو كان الإمام أقصر من المقتدي ورأس المقتدي يتقدم في السجود لم يضر ولو تفاوتت الأقدام صغرًا أو كبرًا فالأصح أنه ما لم يتقدم أكثر قدم المقتدي لا تفسد كذا في (المجتبى).
(و) يقف (الاثنان خلفه) لأنه عليه الصلاة والسلام (تقدم على أنس واليتيم حين صلى بهما) وما عن ابن مسعود من أنه توسطهما فدليل الإباحة قال في (البحر): ولو قال كما في (النقاية): والزائد خلفه لكان أولى ليشمل ما زاد على الاثنين وأقول: قد علم من كلامه تقدمه على ما زاد بالأولى قيد به لأنه لو توسطهما كما عن الثالث كره والظاهر أنه كراهة تنزيه لقوله في (الخلاصة): فإن قام وسطهما جاز والأفضل أن يتقدم نعم إذا كثر وكره تحريمًا لترك الواجب دل على ذلك قوله في (الهداية) في وجه كراهة إمامة النساء، لأنها لا تخلو عن ارتكاب محرم وهو قيام الإمام وسط الصف ولو قام في يمينة الصف أو يسرته أساء أما الإمام فلأنه كالمنفرد فيما يصلي وأما القوم فلأنهم لم يقدموه ولو قام واحد بجنب الإمام وخلفه صف كره بالإجماع والأصح ما روي عن الإمام أكره للإمام أن يقوم بين الساريتين أو سارية أو
ويصف الرجال ثم الصبيان ثم النساء وإن حاذته
ــ
ناحية المسجد إلى سارية لأنه خلاف عمل الأئمة وفي كراهة ترك الصف الأول مع إمكان الوقوف فيه اختلاف كذا في (الفتح) وفي (القنية) الأول أفضل من الثاني والثاني أفضل من الثالث وهكذا، ولو وجد فرجة في الأول لا الثاني كان له أن يخرق الثاني ويصلي في الأول لأنه لا حرمة له. واعلم أن الشافعية ذكروا أن الإيثار بالقرب مكروه كما لو كان في الأول فلما أقيمت آثر غيره به وقواعدنا لا تأباه لما قد علمت.
(ويصف الرجال) أي: يصفهم الإمام بأن يأمرهم بذلك لقوله عليه الصلاة والسلام (ليليني منكم أولو الأحلام والنهى)، وصح (خياركم ألينكم مناكب في الصلاة)، (ثم الصبيان) ظاهره أن هذا الحكم إنما هو عند حضور جماعة منهما فلو كان ثمة صبي فقط أدخل في الصف ولو حضر معه رجل فقط جعلهما خلفه لقوله فيما مر: والاثنان خلفه ويدل عليه حديث أنس: (وصففت أنا واليتيم وراءه عليه الصلاة والسلام والعجوز من وراءنا).
قال في (البحر): لم أره في كلامهم (ثم النساء) لم يذكر الخناثى كما في (المجمع) وغيره لندرة هذا النوع حتى لو وجد قدم على النساء قيل: هذا الترتيب ليس حاصرًا لجملة الأقسام الممكنة لانتهائها إلى اثني عشر قسمًا والحاصر لها أن يقدم الأحرار البالغون ثم الصبيان الأحرار ثم العبيد ثم البالغون ثم الصبيان ثم الخناثى البالغون الأحرار ثم الصبيان ثم الخناثى الأرقاء ثم الصبيان ثم النساء البالغات الأحرار ثم الصغار ثم البالغات الأرقاء ثم الصغار كذا في (شرح المنية)، واعترضه في (البحر) بأن ظاهر كلامهم تقديم الرجال على الصبيان مطلقًا أحرارًا كانوا أو عبيدًا نعم يقدم الحر البالغ على العبد البالغ والصبي الحر على الصبي الرقيق والحرة البالغة على الأمة البالغة والصبية الحرة على الأمة (وإن حاذته) قال في (الخانية): حد المحاذاة أن يحاذي عضوًا منها عضوا من الرجل وخص/ الشارح العضو منها بالساق والكعب حيث قال: والمعتبر في المحاذاة الساق والكعب في الأصح وبعضهم اعتبر القدم وإليه يشير اشتراط المصنف كما سيأتي اتحاد المكان وعبارته في (العناية):
مشتهاة في صلاة مطلقة مشتركة تحريمة وأداء
ــ
المحاذاة المفسدة هي أن يحاذي قدم المرأة عضوًا من الرجل في الصلاة قال في (البحر): وهذا قاصر الإفادة لتصريحهم بأن الواحدة إذا وقفت في الصف أفسدت صلاة من عن يمينها ويسارها وخلفها، ولا شك أن المحاذاة بما ذكر لم تتحقق فيمن خلفها فالتفسير الصحيح ما في (المجتبى) المحاذاة المفسدة أن تقوم بجنب الرجل من غير حائل انتهى. وأقول: لا نسلم أنه قاصر لأن من خلفها إنما تفسد صلاته إذا كان محاذيًا لها كما قيد به الشارح وذكره في (السراج) أيضًا.
وصرح به الحاكم الشهيد في (كافيه): يعني الساق والكعب نعم هذا التخصيص يحتاج إلى دليل ومقتضى دليلهم الآتي الإطلاق (مشتهاة) ولو في الجملة فخرجت الصغيرة التي لا تصلح للجماع أما العبلة الضخمة فتفسد على الأصح والأمرد قد صرح الكل بعدم الفساد إلا من شذ ودخلت العجوز الشوهاء وسائر المحارم ومن زاد ولو محرمًا كما في (الدرر) فإنما عنى زيادة (الأيضًاح) إلا أنه في (شرحها) أخرج المجنونة بالمشتهاة وفيه نظر بل الظاهر إخراجها بقوله (في صلاة) لعدم انعقاد صلاتها ولا شك أن محاذاة العاقلة التي هي خارجها غير مفسدة فالمجنونة أولى (مطلقة) أي: كاملة ذات ركوع وسجود ولو إيماء احترز به عما لو حاذته في الجنازة فإنها لا تفسد (مشتركة تحريمة) من حيث التحريمة والأداء قيل: الأولى وتأدية لئلا يتوهم مقابلته للقضاء مع أنها تفسد في كل صلاة ولو عيدًا أو وترًا أو نافلة ومعنى الأول أن يكونا بانيين تحريمتهما على تحريمة الإمام ومعنى الثاني أن يكون لهما إمام واحد فيما يؤديانه تحقيقًا كالمدرك أو تقديرًا كاللاحق فصلاة المسبوق مشتركة تحريمة فقط واللاحق تحريمة (وأداء) فكذا لو حاذته وهما مسبوقان في القضاء لا تفسد ولو لاحقين أفسدت قال صدر الشريعة: وفي تفسيرهم الاشتراك بما ذكر تساهل بل ينبغي أن يقال معنى الشركة في الأول: أن يبني أحدهما تحريمته على تحريمة الآخر ويبنيان تحريمتهما على تحريمة ثالث وفي الثاني أن يكون أحدهما إمامًا للآخر فيما يؤديانه، أو يكون لهما إمام واحد وأيضًا لا أجد فائدة في ذكر الشركة في التحريمة بل يكتفى الشركة في الأداء لأنها لا توجد بدون الشركة في التحريمة والشركة في التحريمة قد توجد بدون الشركة في الأداء.
ومن هنا قال في (فتح القدير) ما معناه: لو قال بدل ما ذكر الشركة مشتركة أداء وتفسر بما قلنا لعم الاشتراكين وقوله في (البحر): قلنا نعم لكن يلزم من الاشتراك أداء الاشتراك تحريمة فلذا ذكروهما مما لا يجدي نفعًا ثم أقول: إنما اقتصروا على تفسير الشركة في التحريمة والأداء على ما مر لأنه الذي يظهر فيه
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
التفاوت وذلك أن بينهما على هذا التفسير من النسب العموم والخصوص المطلق لما قد علمته وأما ما زادوه في التحريمة وهو أن يبني أحدهما تحريمته على تحريمة الآخر وفي الأداء وهو أن يكون أحدهما إمامًا للآخر فيما يؤديانه، فبين الأول والثاني من النسب التساوي لاجتماعهما في هذه الحالة في الصدق فتدبره، وكأنهم إنما ذكروا التحريمة لتوقف المشاركة في الأداء عليها وفرق ما بين التنصيص على الشيء وبين كونه لازمًا لشيء. اعلم أن المقتدي إما مدرك وهو من أدرك أول صلاة الإمام أو مسبوق وهو من لم يدركها وكل منهما قد يكون لاحقًا وعرفه في (فتح القدير) بمن يقضي بعد فراغ الإمام ما فاته بعد ما أدركه معه قال: وإنما لم نقل من أدرك أول صلاة الإمام ثم فاته بعضها إلى آخره كما يقع في بعض ألفاظه لأنه غير جامع لخروج اللاحق المسبوق ثانيًا بمن فاته بعد ما دخل مع الإمام بعض صلاة الإمام قال: وتعريفه بمن أدرك أول صلاة الإمام تساهل انتهى ولا يخفى أن الثاني من تعريفه أولى من الأول لما أنه تعريف بالحكم لكن أورد عليه في (البحر) المقيم إذا اقتدى بمسافر فإنه لاحق مع عدم صدق تعريفه عليه والأصح أن يقال: إنه ملحق به وهذا وارد على تعريفهم أيضًا ولم يقيد الفوات بالنوم والزحمة كما وقع لبعضهم لأنه لا يتقيد به لما أن الطائفة الأولى في صلاة الخوف لاحقون ومن ثم قال بعضهم: لعذر إلا أنه يرد عليه ما في (الخلاصة) لو سبق إمامه في الركوع والسجود قضى ركعة بلا قراءة إلا أن يقال: إنه ملحق به أيضًا ثم لا يخفى أنه في محاذاة اللاحق المسبوق/ فإنهما لو اقتديا به في الثالثة مثلاً ثم ذهبا للوضوء فحاذته في القضاء إن كان في الأولى أو في الثانية وهي الثالثة والرابعة تفسد لوجود الشركة فيهما، وإن في الثالثة والرابعة لعدم الشركة في الأداء بناء على أنه يجب عليه أن يقضي ما لحق به ثم ما سبق به، وباعتباره تفسد وإن صح عكسه عندنا خلافًا لزفر.
وينبغي أنه إن نوى قضاء ما سبق به أولاً أن ينعكس حكم المسالة وهذا أحد المواضع الذي خالف فيها اللاحق المسبوق، ومنها لو نسي القعدة الأولى أتى بها المسبوق لا اللاحق، ومنها لو ضحك الإمام أو أحدث عمدًا في موضع السلام فسدت صلاة المسبوق وفي اللاحق روايتان والأصح عدم الفساد، ومنها لو قال الإمام بعد فراغه من الفجر: كنت محدثًا في العشاء فسدت صلاة المسبوق وفي اللاحق روايتان، ومنها لو علم بعد الفراغ مخالفة تحريمتهما لتحريمة الإمام فسدت صلاة المسبوق وفي اللاحق روايتان وكذا لو خرج وقت الجمعة، ومنها لو تذكر المسبوق فائتة عليه فسدت صلاته وفي اللاحق روايتان وكذا لو كانا متيممين فرأيا ماء لو
في مكان متحد بلا حائل فسدت صلاته
ــ
انقضت مدة مسحهما فسدت صلاتهما اتفاقًا وكذا لو خرج وقت الفجر أو العيد، ومنها لو طلعت الشمس في الفجر فسدت في المسبوق لا في اللاحق على الأصح، ومنها لو تحول رأيهما بعدم فراغ الإمام فسدت في اللاحق وبني المسبوق، ومنها لو تذكر الإمام فائتة بعد فراغه لا تفسد صلاة المسبوق والأظهر في صلاة اللاحق الفساد كما في (القنية)(في مكان) في موضع نصب على الحال.
(متحد) خرج به ما إذا اختلف كما إذا كان على دكان قدر قامة الرجل وهي على الأرض حيث لا تفسد لعدم تحقق المحاذاة وهذا الشرط وإن كان معلومًا من المحاذاة إلا أن المشايخ ذكروه أيضًاحًا كذا في (الدراية) وأقول: هذا مبني على تفسير المحاذاة بالساق والكعب أما على ما فسرها به قاضي خان فتتحقق وقد صرح بذلك قاضي خان قال بعد ما حد المحاذاة بما مر: حتى لو كانت المرأة على الظلة والرجل بحذائها أسفل منها أو خلفها إن كان يحاذي الرجل شيئًا منها تفسد صلاته وعلى هذا فينبغي أن يفسر اختلاف المكان بما إذا كان على مكان عال بحيث لا يحاذي شيء منها شيئًا منه بلا (بلا حائل) بينهما خرج بذلك ما إذا كان بينهما حائل وأدناه قدر مؤخرة الرحل وغلظه غلظ الإصبع وسكت عن الفرجة وفي (الشرح) إنها كالحائل وأدناه قدر ما يقوم فيها الرجل وحكاه في (الدراية) بقيل.
قال في (الفتح): ولا يبعد النظر في صحة هذا القيل إذ مقتضاه أن لا يفسد صف النساء على الصف الذي خلفه من الرجل وأقول: لو حمل الفساد في الصف على ما إذا كان الرجال بحذائهن لاستقام وقد قيد الشارح من خلف الاثنين بما إذا كان بحذائهما ولا فرق يظهر فتدبره (فسدت صلاته) أي: المحاذي لما أنه مأمور بتأخيرها بقوله عليه الصلاة والسلام (أخروهن من حيث أخرهن الله) فإذا لم يؤخرها فقد ترك فرض المقام ففسدت صلاته دونها إذا لم يكن إمامًا أما إذا أشار إليها فلم تتأخر فقد تركته هي فبطلت صلاتها دونه واعترض بأن هذا خبر واحد وبه لا يثبت الفرض القطعي وأجيب بأنه مشهور، وفيه نظر من وجهين الأول أن رفعه لم يثبت فضلاً عن شهرته وإنما أخرجه عبد الرازق موقوفًا على ابن مسعود كما في (الفتح) الثاني سلمنا رفعه واشتهاره لكن لا نسلم أن به يثبت القطعي فإن أريد به العملي فلا حاجة إلى دعوى الاشتهار وفي (الفتح) وبتقدير صحته فهو إنما يفيد حرمة تحاذيهما وترك فرض المقام ثم كونه مفسدًا باعتبار أن فروض الجماعة يصح إثباتها بالآحاد لأن أصلها به وارجع إلى ما مهدناه في أول صفة الصلاة يزول عنك
إن نوى إمامتها ولا يحضرن الجماعات
ــ
الريب انتهى. يعني أن آية الصلاة مجملة وخبر الواحد يلتحق بيانًا لها بحسب المقام (إن نوى) الإمام (إمامتها) وقت شروعه قال في (البحر): وهذا القيد مستغنى عنه بذكر الاشتراك السابق وأقول: غير خاف أنه لا يفهم منه اشتراط النية وإن استلزمه بعد العلم بذلك وفي اشتراط حضورها وقت نيته روايتان لا فرق في اشتراط النية بين الواحدة والمتعددة إلا أن في الواحدة روايتين، ولا بين الجمعة والعيدين وغيرهما وبه قال كثير إلا أن الأكثر على عدمه فيهما وهو الأصح كما في (الخلاصة) وجعل الشارح الأكثر على الاشتراط وأجمعوا على عدمه في الجنازة ثم إذا لم ينوها فهل تصير شارعة في النفل قال في (القنية): فيه روايتان ودل كلامه أن هذا فيمن/ يصح اقتداؤها به أما الصبي لو حاذته وقد نواها لا تفسد صلاته كذا في (الفتح).
تكميل: وبقي من الشرائط كونها في ركن كامل حتى لو تحرمت في صف وركعت في آخر وسجدت في ثالث فسدت صلاة من عن يمينها ويسارها وخلفها من كل صف وأجاب في (البحر) بأنه حذفه للاختلاف فيه فقد قيل: إن هذا قول محمد وعند أبي يوسف لو وقف قدره فسدت وإن لم تود.
وقيل: لو حاذته أقل من قدره فسدت عند أبي يوسف وعند محمد لا إلا في قدره وهذا الثاني يوافق ما في (الخانية) المحاذاة مفسدة قلت أو كثرت وهو المناسب لإطلاق (الكتاب) وكون الجهة متحدة حتى لو اختلفت كما في جوف الكعبة والتحري في ليلة مظلمة فلا تفسد وإذا تحققت ذلك ظهر لك أنه لو قال: وإن حاذته مشتهاة منوية الإمامة في ركن صلاة مشتركة أداء مع اتحاد الجهة بلا حائل فسدت لكان أخصر وأوفى.
(ولا يحضرن) أي: لا يحل لهن أن يحضرن (الجماعات) وذكر في كتاب الصلاة الإساءة التي هي أدون من الكراهة أطلقه فعم الشابة والعجوز كل الصلوات وأباحاه للعجوز مطلقًا وخصها الإمام بالعشاءين والفجر والعيدين واختلف في حضورهن في العيد أهو للصلاة أو لتكثير السواد؟ روى الحسن عن الإمام الأول وروى الثاني الثاني فيقمن في ناحية غير مصلين لأنه عليه الصلاة والسلام أمر الحيض بالخروج ولا أهلية لهن كذا في (الدراية) وأطبق المتأخرون على أن الفتوى على منع الكل في الكل.
قال في (الفتح): الأصح العجائز المتفانية فيما يظهر لي دون المتبرجات بزينة وذوات الرمق قال في (البحر): الإفتاء بمنع العجوز مطلقًا مخالف لقول الثلاثة انتهى.
وفسد اقتداء رجل بامرأة أو صبي وطاهر بمعذور
ــ
وفيه نظر بل مأخوذ من قول الإمام وذلك أنه إنما منعها لقيام الحامل وهو فرط الشهوة غير أن الفسقة لا ينتشرون في المغرب لأنهم بالطعام مشغولون وفي الفجر والعشاء نائمون فإذا فرض انتشارهم في هذه الأوقات لغلبة فسقهم كما في زماننا بل تحريهم إياها خوف الترائي كان المنع فيها أظهر من الظهر وإذا منعت عن حضور الجماعة فمنعها من حضور الوعظ والاستسقاء أولى وأدخله العيني رحمه الله في الجماعات وما قلناه أولى.
(وفسد اقتداء رجل بامرأة) بالإجماع قيد بالاقتداء لأن صلاة الإمام تامة على كل حال وبالرجل لأن اقتداء المرأة بمثلها ولو خنثى مشكلاً صحيح أما اقتداء الخنثى بالمرأة فلا يصح لاحتمال كونه ذكرًا (أو صبي) فرضًا كان المقتدى فيه أو نفلاً في ظاهر الرواية وهو المختار، ولأن نفله غير مضمون بالإفساد وأورد أن الاقتداء بالمظنون صحيح مع أنه غير مضمون بالإفساد أيضًا وأجيب بأنه مجتهد فيه فاعتبر العارض عدمًا بخلاف نفله، ومنهم من حقق الخلاف في النفل المطلق فجعل الجواز قول محمد والمنع قول أبي يوسف أما التراويح فلا تجوز إجماعًا وفي (الدراية) قال مشايخنا: إنما لا يقتدى به لأنه لا صلاة له أصلاً إنما يؤمر بها تخلقًا ولذا لو وصلت المراهقة بغير قناع يجوز.
وقال بعضهم: بل صلاته صحيحة بدليل أن المراهقة لو حاذت رجلاً في الصلاة تفسد صلاته لأنها غير فرض وقد ثبت من أصلنا أن اقتداء المفترض بالمتنفل غير صحيح انتهى. وعلى الأول لا يحتاج إلى الفرق بين نفله ونفل البالغ وعلى الثاني يحتاج وهو ما مر والذي ينبغي اعتماده هو الثاني، وإن كان ما في (الدراية) ظاهر في ترجيح الأول والمعتوه كالصبي كما في (المعراج) فالمجنون أولى وكذا السكران (و) فسد أيضًا اقتداء مصل (طاهر بمعذور) توضأ مع العذر أو طرأ عليه بعده أما لو توضأ وصلى خاليًا عنه كان في حكم الطاهر قيد بالطاهر لأن اقتداء المعذور بمثله صحيح إن اتحد عذرهما لا إن اختلف فلا يصح اقتداء من به انفلات ريح بمن به سلس بول لأن الثاني حدث ونجاسة فكان الإمام صاحب عذرين بخلاف عكسه إلا أن يكون مع الانفلات جرح لا يرقأ فلا يصح كذا في (السراج)، وهو ظاهر في أن السلس والجرح من المتحدين وكذا استطلاق البطن مع أحدهما فما في (المجتبى) لا يجوز اقتداء المستحاضة بمثلها كالضالة بالضالة لعله لجواز أن يكون الإمام حائضًا وإلا فمقتضى ما سبق انتفاء هذا الاحتمال أن يجوز، بقي أن مقتضى التعليل السابق أن يجوز اقتداء من به سلس بمن به انفلات الريح وليس بالواقع لاختلاف عذرهما
وقارئ بأمي ومكتس بعار وغير مومئ بمومئ ومفترض بمتنفل وبمفترض آخر
ــ
فالأولى أن يعلل بمحض اختلاف عذرهما إلا يكون الإمام صاحب عذرين والمقتدى صاحب/ عذر واحد فقط فتدبره (وقارئ) وهو من يحفظ آية (بأمي) وهو من لا يحفظها منسوب إلى أمه لما أنه حين يولد منها لا يعقل شيئًا وفي (المغرب) إلى أمه العرب لخلوها من صناعة الكتابة والقراءة ثم استعير لكل من لا يعرف الكتابة ولا القراءة وعلم منه عدم جواز الاقتداء بالأخرس بالأولى لأن الأمي أقوى حالاً منه ومن ثم لم يجز اقتداءه به لقدرته على التحريمة دونه، (ومكتس بعار) قيل: الأولى مستور العورة لا يسمى مكتسيًا عرفًا وإن صحت صلاة المكتسي خلفه إلا أن يراد المكتسي شرعًا.
(وغير مومئ بمومئ) لقوه حال الراكع والساجد على المومئ. (ومفترض بمتنفل) لقوة حال المفترض ومنه اقتداء الناذر بالناذر لأن صلاة الإمام نفل بالنسبة إلى المقتدي إلا إذا نذر عين ما نذره الآخر أما اقتداء الحالف بالحالف وبالناذر فيجوز ومصلى ركعتي الطواف كالناذرين ولو اشتركا في نافلة فأفسداها صح مع أنه اقتداء المفترض بالمتنفل في حق القراءة وأجيب بأن صلاة المقتدي أخذت حكم الفرض بالاقتداء ولذا لزمه ما لم يدركه مع الإمام من شفع الأول. قال في (البحر): والحق أن السؤال من أصله ساقط لما حققه في (غاية البيان) من أن قراءة المقتدى خلف الإمام محظورة فكيف توصف بالفريضة وأقول: فيه تطويل هي فرض عليه وحظرت لتحمل الإمام إياها عنه ولو صح ما ادعاه لبطل تعليلهم عدم صحة اقتداء المسافر بالمقيم بعد الوقت بأن اقتدى المفترض بالمتنفل في حق القراءة كما سيأتي فتدبره.
(وبمفترض آخر) صفة لمحذوف أي: فرضًا آخر لا لمفترض لفساد المعنى وإنما فسدا لأن اتحاد الصلاتين شرط عندنا بأن يمكنه الدخول في صلاته بنية الإمام وهذا لأن الاقتداء بناء وموافقة وهو لا يتم بدون الاتحاد وإذا لم يصح قيل: يصير شارعًا في النفل ثم تفسد وهو ظاهر (الكتاب). قال في (الذخيرة): وهو الأصح، وقيل: لا يصير شارعًا قال في (الفتاوى): وهو الأصح وجعله بعضهم قولهما والثاني قول محمد بناء على أن فساد الجمعة لا توجب فساد التحريمة عندهما وعنده يوجب وعبر عنه في (الدراية) بقيل وأثر الخلاف يظهر في الانتفاض بالقهقهة قال الشارح والأشبه أن يقال: إن كان الفساد لفقد شرط كطاهر خلف معذور لم يكن شارعًا وإن لاختلاف الصلاتين ينبغي أن يكون شارعًا في نفل غير مضمون قال في (البحر): وهذا التفصيل مردود بما في (كافي الحاكم) لو نوت العصر خلف
لا اقتداء متوضء بمتيمم
ــ
مصلي الظهر لم تجز صلاتها ولم تفسد على الإمام صلاته. وأقول قد قدم رحمه الله تعالى في المحاذاة عن (السراج) أن الصحيح فساد صلاته وجزم به غير واحد.
تتميم: بقي من الموانع للاقتداء أن يكون بين الإمام والمقتدي طريق واسع تمر فيه العجلة فإن كان أقل منه لا يمنع ولذا لو قام المقتدي في عرض الطريق واقتدى به وكان بينه وبين الإمام أقل من ممر العجلة صح لكنه يكره حتى لو اقتدى آخر خلفه وراء الطريق لا يجوز لأنه لكراهة صلاته صار وجوده كالعدم في حق من خلفه إلا أن يكون من في الطريق ثلاثة فتصح صلاة من خلفهم والاثنان كالثلاثة عند أبي يوسف خلافًا لمحمد، ولو قام الإمام في الطريق واصطفوا خلفه في طول الطريق إن لم يكن بين الإمام ومن خلفه في الطريق مقدار ممرها جازت وكذا فيما بين الصف الأول والثاني إلى آخر الصفوف وإلا فلا، ومنها حيلولة نهر يسع الزورق وإلا فلا يمنع والحائط ذكر في (الأصل) أنه لا يمنع به وروى الحسن أنه يمنع فحملوا ما في (الأصل) على ما إذا كان قصيرًا ليس مقدار ذراع أو ذراعين والأخرى على ما إذا كان أكثر وحينئذ لو كان عليه باب مفتوح أو ثقب لو أراد الوصول إلى الإمام أمكنه ولا يشتبه عليه حاله بسماع أو رؤية صح وإن كان الباب مسدودًا أو الثقب لا يمكن فيه ما ذكر فإن كان الأمر لا يشتبه حال الإمام قيل: يمنع وقيل: العبرة في هذا للاشتباه وعدمه واختاره جماعة من المتأخرين وعلى هذا الاقتداء من السطح أو المئذنة بمن في المسجد إن كان لهما باب في المسجد ولا اشتباه فلا اشتباه وإن لم يكن ولا اشتباه يصح وإلا فلا كذا في (زاد الفقير).
(لا) يفسد (اقتداء متوضٍ بمتيمم) عندهما خلافًا لمحمد بناء على أن الخلفية بين الآلتين عندهما وعنده بين الطهارتين وأجمعوا على الصحة في الجنازة كما في (الخلاصة) ولا خفاء أن الطهارة للتيمم جهة إطلاق/ باعتبار عدم توقتها بخلاف طهارة المستحاضة وجهة ضرورة باعتبار أن المصير إليها ضرورة عدم القدرة على الماء فاعتبر جهة الإطلاق هنا وجهة الضرورة في الرجعة وعكس محمد فيها احتياطًا وهذا الاختلاف قيده شيخ الإسلام بأن لا يكون مع المتوضين ماء خلافًا لزفر بناء على أن المتوضئ المقتدي بمتيمم إذا رأى ماء في صلاته لم يره الإمام تفسد صلاته خلافًا له لاعتقاده فساد صلاة إمامه لوجود الماء ومنعه زفر بأن وجود الماء لا يستلزم علمه به قال في (الفتح): وينبغي أن يحكم بأن محمل الفساد عندهم إذا ظن علم إمامه لأن اعتقاد فساد صلاة إمامه بذلك انتهى. لكن علل الشارح البطلان في الاثني عشرية بأن إمامه قادر على الماء بإخباره. واعلم أن المراد بالفساد هنا هو فساد الوصف فقد
وغاسل بماسح وقائم بقاعد وبأحدب ومومئ بمثله
ــ
قال في (المحيط): المتوضئ خلف المتيمم إذا رأى الماء وكان على الإمام فائتة لا يذكرها أو صلى إلى غير القبلة وهو لا يعلم ذلك والمقتدي يعلم فقهقه المقتدي كان عليه إعادة الوضوء عندهما خلافًا لمحمد وزفر بناء على ما مر إلا أنه ينبغي على ما اختاره الشارح أن يبطل الأصل أيضًا إذ الفساد لفقد شرط وهو الطهارة فتأمل.
(و) لا يفسد أيضًا اقتداء (غاسل) رجليه (بماسح) عليهما إجماعًا لاستواء حالهما وعلم منه الجواز بماسح الجبيرة بالأولى وأما شمول الماسح له كما في (البحر) ففيه بعد لا يخفى (و) لا يفسد أيضًا اقتداء (قائم بقاعد) يركع ويسجد عندهما خلافًا لمحمد لأنه فيه بناء القوي على الضعيف ومعناه أن القعود قيام وقد صح أنه عليه الصلاة والسلام (صلى قاعدًا في مرض موته والناس قيام وكان هذا آخر أحواله) وإنما كان أبو بكر مبلغًا للناس تكبيره وبه يعرف جواز رفع المؤذنين أصواتهم في الجمعة والعيدين وغيرهما كذا في (الدراية).
قال في (الفتح): ومقصوده حصول أثر الرفع لا خصوص المتعارف في زماننا بل لا يبعد أنه مفسد لاشتماله على مد همزة أكبر أو بآية وكذا إن لم يشتمل لأنهم يبالغون في الصياح زيادة على الحاجة والصياح يلحق بالكلام وسيأتي في المفسدات أن لو ارتفع بكاؤه من وجع أو مصيبة فسدت لأنه لو صرح بذلك قال: وامصيبتاه أو أدركوني فسدت فكذا ما هو بمنزلته ومن المعلوم هنا أن قصده إعجاب الناس بصوته فلو صرح بذلك فسدت ولا أرى ذلك يحصل ممن فيهم معنى الصلاة والعبادة كما لا أرى تجويز النغم في الدعاء كما يفعله القراء بصدد ممن فيهم معنى الدعاء والسؤال.
(و) لا يفسد أيضًا اقتداء قائم (بأحدب) سواء بلغت حدبته الركوع أو لا ولا خلاف في الثاني ولم يحك بعضهم خلافًا في الأول أيضًا، وجعله التمرتاشي على الخلاف السابق قال الشارح: وهو الأقيس لأن القيام استواء النصفين وقد وجد استواء الأسفل فيجوز عندهما كما يجوز أن يؤم القاعد القائم قال في (المجتبى): وبه أخذ عامة العلماء خلافًا لمحمد فما في (الظهيرية) لا تصح إمامة الأحدب للقائم وقيل: تجوز والأول أصح انتهى. معناه من قولي محمد إليه أشار في (الفتح) فكأنه في (البحر) لم يطلع على هذا فجزم بضعفه أو أنه محمول على قول محمد (ومؤم بمثله) سواء أومأ الإمام قاعدًا أو قائمًا لاستواء حالهما واختلف فيما لو أومأ المؤتم قاعدًا
ومتنفل بمفترض وإن ظهر أن إمامه محدث أعاد وإن اقتدى أمي وقارئ أمي وقارئ بأمي أو استخلف أميًا في الأخريين
ــ
والإمام مضطجعًا قال التمرتاشي: والأظهر الجواز على قولهما وكذا على قول محمد في الأصح وهو المناسب للإطلاق وجزم الشارح باختيار عدم الجواز.
(و) لا تفسد أيضًا اقتداء (متنفل بمفترض) لأن الفرض أقوى والقراءة في الأخيرين وإن كانت نفلاً في حق الإمام لازمة في حق المتنفل إلا أنه إذا كان منفردًا أما المقتدي فلا لحظرها في حقه أو لأنها بالاقتداء صارت نفلاً في حقه أيضًا، أطلقه فعم اقتداء من يصلي التراويح بالمكتوبة لكن رجح في (الخانية) عدم الجواز واستشكله في (البحر) بأنه بنى الضعيف على القوي ودل كلامه أن اقتداء المتنفل بمثله جائز فلو اقتدى مصلي السنة بمثله أو بمن يصلي التراويح صح وإن اقتدى الحنفي في الوتر ممن يراه سنة اختلف المشايخ فيه.
(وإن ظهر أن إمامه محدث) بأن شهدوا أنه أحدث ثم صلى أو أخبر الإمام عن نفسه وكان عدلاً وإن لم يكن ندب فقط كذا في (السراج) ويجب عليه الإخبار بلسانه أو بكتابه أو رسوله على الأصح وهذا إذا كانوا معينين فإن لم يكونوا معينين لم يجب كذا في (الدراية) وقالوا: لو أخبر أنه أمهم زمانًا بغير طهارة أو مع نجاسة مانعة لا يجب الإعادة لأن خبره/ غير مقبول في الديانات لفسقه باعترافه وفي (البزازية) وإن احتمل أنه قال ذلك تورعًا أعادوا.
ولو زعم أنه كافر لم يقبل ذلك منه لأن الصلاة دليل الإسلام وأجبر عليه وبهذا التقرير ظهر لك سر عدوله عن علم إلى ظهر (أعاد) ما صلاه معه لعدم الاعتداد به لأن الاقتداء بناء والبناء على المعدوم محال قال في (البحر): ولو قال: بطلت لكان أولى لأن الإعادة في اصطلاح الأصوليين هي الجابرة للنقص في المؤدى وأقول: فيه نظر إذ البطلان يؤذن بسبق الصحة نعم الأولى أن يقال: لا يجتزئ بما أداه. واعلم أن المحدث كما عرفت ليس قيدًا فلو قال: ولو ظهر أن بإمامه ما يمنع صحة الصلاة أعادها لكان أولى يشمل ما لو أخل بركن أو شرط والعبرة لرأي المقتدي حتى لو رأى على الإمام نجاسة أقل من قدر الدرهم واعتقد المقتدي أنه مانع والإمام خلافه أعاد وفي عكسه والإمام لا يعلم ذلك لا يعيد ولو اقتدى أحدهما بالآخر فإذا قطرة من ذم وكل منهما يزعم أنها من صاحبه أعاد المقتدي لفساد صلاته على كل حال كذا في (البزازية).
(وإن اقتدى أمي وقارئ بأمي أو استخلف) الإمام (أميًا في الأخريين) ولو في التشهد أما بعده فصحيح إجماعًا وقيل: تفسد عنده لا عندهما والصحيح الأول