الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب سجود السهو
يجب
ــ
باب سجود السهو
لما فرغ من ذكر الأداء والقضاء شرع في بيان ما يكون جابرًا لنقصان يقع فيهما كذا في (العناية) قال في (البحر): والأولى أن يقال: لما فرغ من ذكر الصلاة نفلها وفرضها أداء وقضاء شرع فيما يكون جابرًا لنقصان يقع فيها فإن السجود لا يختص بالفرائض بل في مطلق الصلاة وأقول: قد مر عن صدر الشريعة أن الأداء يقال على النفل أيضًا وقد أفصح عن ذلك في (الدراية) فقال: لما ذكر الفرائض أتبعها النوافل لأنها من الأداء والقضاء لأنه خلف شرع في بيان نقصان يتمكن فيهما انتهى.
لما كان سجود السهو للإصلاح أشبه قضاء الفوائت فأولاه به/ وغير خاف أن هذه الإضافة من إضافة الحكم إلى السبب وهي الأصل في الإضافات لأنها للاختصاص وأقوى وجوهه اختصاص المسبب بالسبب والسهو والنسيان لغة: عدم تذكر الشيء وقت حاجته وظاهر كلامهم أن لا سجود في العمد لعدم السبب وبه جزم الولوالجي وعلله بأن الشارع لما جعل السجدتين جابرتين جعلهما مثلاً للفائت لا فوقه فصلحا جابرتين والنقصان في العمد فوق النقصان في السهو فلم يصلحا لأن الشيء لا يجبر بما هو دونه لكن ذكر الزاهدي عن بديع الدين وجوبه في العمد بما إذا ترك القعدة الأولى أو شك في بعض أفعال صلاته فتفكر عمدًا حتى شغله ذلك عن ركن قال في (الينابيع): وكذلك لو أخر إحدى سجدتي الركعة الأولى إلى آخر الصلاة ورأيت في (ألغاز) ابن الشحنة رابعة هي ما إذا صلى على النبي صلى النبي صلى الله عليه وسلم في القعدة الأولى وجعله بديع الدين سجود عذر لا سهو قال في (البحر): وكأنهم نظروا إلى أن هذه الواجبات هي أدنى الواجبات فصلح السجود جابرًا لها مطلقًا وفيه ما لا يخفى.
(يجب) للأمر به ولأنه شرع لجبر النقصان وهو واجب كالدماء في الحج غير أنه لما كان للمال مدخل فيه كان بالدماء بخلاف الصلاة لأن شأن الجبر أن يكون من جنس الكسر، وظاهر كلامهم أنه لو لم يسجد أثم لترك الواجب والسجود كذا في (البحر) وأقول: فيه نظر بل إنما يأثم لترك الجابر فقط إذ لا إثم على الساهي نعم هو في صورة العمد ظاهر، وينبغي أن يرتفع هذا الإثم بإعادتها، وهذا الإطلاق مقيد بما إذا كان الوقت صالحًا حتى لو لم يسجد حتى طلعت الشمس بعد السلام الأول واحمرت
بعد السلام سجدتان بتشهد وتسليم
ــ
وقد كان يقضي فائتة أو خرج الوقت في الجمعة أو وجد منه ما يمنع البناء (بعد السلام) سقط عنه كذا في (الفتح). وفي (القنية) لو بنى النفل على فرض سها فيه لم يسجد بعد السلام (سجدتان) ظاهر في أنه لا سجود قبله فلو أتى به لا يعتد به ويعيده وهو مروي عن أصحابنا كذا في (المحيط) لكن ظاهر الرواية أنه يعتد به مع الكراهة كما في (الخزانة) وأن البعدية إنما هي أولى فقط، وعلى هذا فبعد ليس ظرفًا ليجب، وكان بعده لأنه أخر عن سائر واجبات الصلاة والسلام منها ولأنه لا يتكرر وتأخر عن السلام لأنه لو سها عنه كان جابرًا له أيضًا وصورة السهو عنه بأن قام إلى الخامسة ساهيًا أو استمر قاعدًا ظانًا أنه سلم ثم تبين أنه لم يسلم، وأل في السلام للعهد والمعهود تسليمتان وهو الأصح وبه قال العامة كما في (البدائع)، واختار فخر الإسلام أنه يسلم واحدة تلقاء وجهه فرقًا بين سلام القطع والسهو وجعله في (المحيط) قول عامة المشايخ، وفي (الكافي) قول الجمهور وهو الصواب وإليه أشير في (الأصل) وفي (المجتبي) وهو الأصح وقيل: يسلم واحدة عن يمينه وصححه في (المجتبي) أيضًا.
قال في (البحر): وهو الذي ينبغي اعتماده لأنه عن اليمين معهود وبه يحصل التحليل فلا حاجة لغيره قال خواهر زادة: لو أتى بتسليمتين سقط عنه السجود وجعله في (البحر) قولاً رابعًا إلا أن الظاهر أنه تفريع على القول بالواحدة (بتشهد وتسليم) فيه إشارة إلى أن سجود السهو يرفعه دون القعدة لقوتها بخلاف الصلبية حيث يرفعهما وكذا التلاوية على المختار لأن محلها قبل القعدة وعلى هذا لو سلم بمجرد رفعه من السجود كان تاركًا للواجب كذا في (الفتح). قال في (الحواشي السعدية): وفي الإشارة كلام بل لا يبعد أن يدعي الإشارة إلى رفع القعدة لأن التشهد لا يوجد إلا فيها انتهى.
وأقول: فيه نظر إذ لا يلزم من توقفه عليها افتراضها بل وجوبها ولا يضرنا ذلك وقالوا: إنه يأتى بالصلاة والدعاء في قعدة السهو هو الأصح لأن الدعاء موضعه آخر الصلاة، وجعل بعضهم هذا قول محمد وعندهما يأتى بهما في الأولى بناء على أن سلام من عليه السهو يخرجه منها عندهما لا عنده قال في (العناية): وفيه نظر لأن الأصل المذكور متقرر فلو كانت هذه المسألة مبنية على ذاك لكان الصحيح مذهبهما انتهى. وأجاب بعض المتأخرين بأنه يخرجه عندهما خروجًا موقوفًا لا باتًا فقد قال في (المحيط البرهاني): وعندهما يخرجه خروجًا موقوفًا إن عاد إلى
بترك واجب
ــ
سجود السهو تبين أنه لم يخرجه وإن لم يعد تبين أنه أخرجه، وهذا يقتضي أن نفصل بين ما إذا عزم على العود فيؤخر أو لا ورجح الشارح قولهما حيث قال: وعندهما يصلي في الأولى بناء على أن سلام من عليه السهو يخرجه فكانت الأولى/ هي القعدة للختم فيصلي فيها قال في (المفيد): وهو الصحيح وعند محمد يؤخر بناء على أنه لا يخرجه واختار الطحاوي أنه يدعو أو يصلي فيهما وهو أحوط كذا في (الخانية).
وفي (البدائع) واختار عامة مشايخنا بما وراء النهر أنه يأتي بالدعاء والصلاة في قعدة السهو وهو الأصح ثم قرر أن سلام من عليه السهو إنما يخرجه خروجًا موقوفًا ومنهم من قال: لا توقف في أنه يخرجه إنما التوقف في عودها ثانيًا إن إلى السهو عندهما يعود وإلا فلا وهذا أسهل لتخريج الفروع والأول أصح (بترك واجب) أي: بسببه قال في (المحيط): تكلم المشايخ في الموجب للسهو وأجمع ما قيل فيه إنه ترك الواجب وعليه المحققون وهو الأصح، وقيده في (البحر) بالأصلي لما في (التجنيس) لو قرأ سورة ثم ما قبلها ساهيًا لا يجب عليه السجود لأن مراعاة ترتيب نظم السور من واجبات القرآن لا من واجبات الصلاة، وفيه لو أخر سجدة التلاوة ساهيًا لا سجود عليه لأنها ليست بواجب أصلي انتهى. وأقول: هذا ضعيف ففي (الخلاصة) لو أخر سجدة التلاوة عن موضعها أو الصلبية كان عليه السهو، وذكر في (التحفة) أنه لو أخر واجبًا أصليًا أو تركه ساهيًا يجب عليه السهو أما إن أخر التلاوة أو سلم ساهيًا لا سهو عليه، وما ذكر في (التحفة) سهو لا اعتماد عليه والأول أصح وقد مر أنها اثنا عشر قراءة الفاتحة فلو ترك أكثرها وجب لا إن ترك أقلها كذا في (المحيط) وبه جزم في (فتح القدير)، والمذكور في (المجتبي) أنه يجب عليه بترك آية منها وهو الأولى ويؤيده ما سيأتي وحكاه في (المعراج) عن شيخ الإسلام.
ثم قال: وعند أبي يوسف ومحمد إذا قرأ أكثرها لا يجب وضم سورة أو ما قام مقامها ولو بدأ بحرف من السورة قبلها أو قرأ مع الفاتحة آية قصيرة وجب كذا في (الشرح) وهو ظاهر في عدم الوجوب مع الآيتين إلا أن المسطور في (الظهيرية) الوجوب، وهو يؤيده لما مر عن (المجتبي) في الفاتحة وقياس الاكتفاء بالأكثر ففي وجوبه إذ لا فرق يظهر ولو قرأ الفاتحة مرتين متواليتين وجب لا إن فصل بينهما بالسورة وهو الأصح وتحقق ترك كل منهما إنما يكون بالسجود حتى لو ترك أو بعد
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الرفع من الركوع يعود ثم يعيد الركوع إلا أنه في تذكر الفاتحة يعيد السورة أيضًا قال الشارح: ولو قرأ آية في الركوع أو الرفع منه أو السجود أو الجلسة ساهيًا سجد والتشهد فلو تركه أو بعضه سجد في ظاهر الرواية لأنه ذكر واحد منظوم فترك بعضه كترك كله ولا فرق في ذلك بين الأول والثاني، ولذا قال في (الظهيرية): لو تركه ناسيًا في الأولى أو الثانية، وتذكره بعد السلام لزمه السجود وعن الثاني لا، قالوا: إن كان إمامًا يأخذ بقوله وإلا فبقول محمد لكن في (فتح القدير) قد لا يتحقق ترك التشهد الثاني على وجه يوجب السجود فإنه لو تذكره بعد السلام ثم سلم وسجد فإن تذكره بعد شيء يقطع البناء لم يتصور إيجاب السجود ومن فروع هذا ما لو اشتغل بعد السلام والتذكر به فلو قرأ بعضه وسلم قبل تمامه فسدت عند أبي يوسف لارتفاض القعدة بالعود إلى التشهد لا عند محمد وعليه الفتوى.
قال في (البحر): فظاهره أنه لو تذكره بعد السلام ولم يقرأه لا يسجد بتركه لأنه لما تذكره وأمكنه فعله ولم يفعله صار كأنه تركه عمدًا فلا يلزمه وإنما يكون مسيئًا ولو وجب عليه السجود لتحقق وجوبه بتركه وعلى هذا تصير كلية هي أن من ترك واجبًا سهوًا وأمكنه فعله بعد تذكره فلم يفعله لا سجود عليه كمن تركه عمدًا وأقول: فيه نظر وذلك أن تركه إنما يتحقق إذا أتى بما يمنع البناء في هذه الحالة يمتنع السجود عن كل واجب ترك لا أن امتناعه لتركه إياه عمدًا والكلية ممنوعة ألا ترى أنه لو تذكر في ركوعه أنه ترك الفاتحة فلم يعد مع إمكانه وجب عليه السجود وقالوا: لو أتى بالتشهد في قيامه أو قعوده أو سجوده فلا شيء عليه لأنها محل الثناء وهذا يقتضي تخصيص القيام بالأولى، ومن ثم قال في (الظهيرية): إنه في الأولى فلا شيء عليه واختلف المشايخ في الثانية والصحيح أنه لا يجب، وقيده الشارح بما قبل الفاتحة أما بعدها قبل السورة فيجب على الأصح لتأخير السورة ومقتضاه نفي الوجوب فيما لو أتى به بعد السورة، ولفظ السلام والسهو عنه أن يطيل القعدة ويقع عنده أنه خرج عن الصلاة ثم يعلم ذلك فيسلم ويسجد لأنه أخر واجبًا كذا في (التجنيس) إذ لا شك أنه كالسلام في أنه لا يتحقق تركه على وجه يوجب السجود، وقنوت الوتر وقدمنا أنه لو نسيه فركع لا يعود إليه على الأصح، ولو عاد/ لا تبطل ويتحقق تركه بالركوع ولو تذكر أنه ترك الفاتحة أو السورة أو سها بعدما ركع قام وقرأ وأعاد القنوت والركوع لأنه رجع إلى محله قبله وسجد للسهو وأما وجوب التكبير فيه فلا رواية فيه وقد قيل: يجب وقيل: لا يجب كذا في (الظهيرية) وبالأول جزم الشارح وفي (البحر) ينبغي ترجيح الثاني لأنه الأصل، وتكبيرات العيدين فلو تركها
وإن تكرر وبسهو إمامه
ــ
أو شيئًا منها أو زاد عليها أو أتى بها في غير موضعها سجد للسهو ولو تذكرها في ركوعه عاد إلى القيام لأنه قادر على الأداء حقيقة بخلاف المسبوق إذا أدركه في الركوع حيث يأتي به لعجزه عن حقيقته فيعمل بشبيهه وألحق بها تكبير الركوع الثاني من العيد والجهر للإمام والإسرار لكل مصل والأصح في مقداره أنه ما تجوز به الصلاة في الفصلين هذا في حق الإمام أما المنفرد إذا خافت فيما يجهر فيه فلا سهو عليه وإن جهر فيما يخافت فيه اختلف المشايخ.
ففي (العناية) ظاهر الرواية أن المخافتة غير واجبة عليه وجعل في (البدائع) الوجوب رواية (الأصل) قال: وهو الصحيح وينبغي عدم العدول عن ظاهر الرواية وأقول: بل الذي ينبغي أن يعول عليه ما في (البدائع) للمواظبة على أن ما في (الأصل) هو ظاهر الرواية وفي (المجتبي) سها الإمام فخافت في الفاتحة ثم تذكر يجهر بالسورة ولا يعيد الفاتحة قال شرف الأئمة: لا خلاف أنه إذا جهر بأكثر الفاتحة ثم ذكر يتمها مخافتة ولو خافت بأكثر الفاتحة يجهر قيل: يتمها شمس الأئمة: قياس مسائل (الجامع) أن يؤمر يالإعادة هذا، وأما الجهر بالأذكار حتى التشهد فلا يوجبه قال الحلبي: لكنه في التشهد لا يعرى عن تأمل.
وأما إيجاب السجود في باقي الواجبات المذكورة في (الكتاب) فظاهر. تتميم: بقي ما إذا تفكر في صلاته ولو بعد سبق الحدث حين ذهابه لشك اعتراه فإن طال قدر ركن وكان في الصلاة التي هو فيها وجب لا إن كان أقل أو في غيرها هذا إذا منعه عن التسبيح والقراءة أما لو لم يمنعه فلا سهو عليه وفي (الظهيرية) لو شك بعدما قعد قدر التشهد صلى ثلاثًا أو أربعًا حتى شغل ذلك عن السلام ثم استيقن وأتم صلاته فعليه السهو انتهى. وعلى هذا فالأحسن أن يفسر طول التفكير بما إذا أشغله عن أداء ركن أو واجب كما في (المحيط) وقد ذكر الخلاف في وجوب التسمية بما فيه كفاية.
(وإن تكرر) ترك الواجب في صلاة واحدة أما المسبوق فكالمنفرد وكذا قلنا: إنه إذا لم يتابع الإمام في السهو وسها في القضاء كفته سجدتان فإن قلت: ذكرت أنه أكثر ما يقع في التشهد في الصلاة عشر مرات وأنه يتكرر قلت: لم يتكرر وإنما يعيد لرفعه وبالعود إلى التلاوة أو الصلبية (وبسهو إمامه) عطف على قوله بترك واجب نبه به على سبب آخر للوجوب وهو سهو الإمام سواء كان مقتديًا وقته أو لا حتى لو
لا بسهوه، وإن سها عن القعود الأول، وهو إليه أقرب عاد وإلا لا،
ــ
اقتدى به بعدما سجد واحدة تابعه في الثانية ولو بعدما أتى به بأن اقتدى به في تشهده لا يقضيهما، وعم كلامه المدرك والمسبوق واللاحق غير أن اللاحق إذا انتبه لا يتابعه بل يبدأ بما فاته ثم يسجد ولو تابعه فيه لم يعتد به لأنه في غير محله بخلاف المسبوق، والمقيم خلف المسافر حيث يتابعه وقالوا: لو تابعه المسبوق ثم تبين أنه لا سهو عليه فسدت وقيده في (البدائع) بما إذا علم أن لا سهو عليه، ولو لم يتابعه سجد في آخر صلاته استحسانًا (لا) يجب على المقتدي (بسهوه) لأنه إن سجد وحده أي: قبل السلام فقد خالف الإمام فلو تابعه انعكس الموضوع ولو أخره إلى ما بعد سلام الإمام فات محله لخروجه بسلامه لأنه سلام عمد ممن لا سهو عليه ولقائل أن يقول: لا نسلم أنه يخرج منها بسلامه وقد سبق خلاف فيمن لا سهو عليه فكيف بمن عليه السهو وحينئذ فيمكنه أن يأتى بهذا الجابر، ثم مقتضى كلامهم أنه يعيدها لثبوت الكراهة مع تعذر الجابر وعم كلامه اللاحق واختلف في المقيم خلف المسافر. والمذكور في (الأصل) أنه يسجد وصححه في (البدائع) لأنه إنما اقتدى بالإمام بقدر صلاته وقال الكرخي: لا لأنه بدليل أنه لا حق وأجيب بأنه إنما لا يقرأ لأنها فرض في ركعتين وقد أتى بها الإمام وبهذا علم أنه كاللاحق في حق القراءة فقط.
فرع: أحدث الإمام الساهي بعد السلام فاستخلف مسبوقًا ليس له أن يتقدم لأنه لا يقدر عليه إذ محله بعد السلام ولا قدرة له عليه لكونه في أثناء صلاته ومع هذا لو تقدم لم تفسد لما أنه يقدر على الإتمام في الجملة بأنه يتأخر ويقدم مدركًا ليسلم بهم ويسجد الخليفة المسبوق معهم.
(وإن سها) المصلي (عن القعود الأول) في الفرض ولو عمليًا (وهو) أي: والحال أنه0 (إليه أقرب) بأن لم ينتصب النصف الأول منه على الأصح كما في (الكافي) وفي كلامه تقديم معمول أفعل التفضيل وهو ممتنع/ عندهم وجوزه صدر الأفاضل توسعًا (عاد) إليه وجوبًا ولا يسجد للسهو على الأصح لأن ما قرب من الشيء أعطي حكمه (وإلا) أي: وإن لم يكن إلى القعود أقرب (لا) أي: لا يجوز له لا أن يعود لأنه كالقائم معنى وهذا التفصيل مروي عن الثاني قال في (الكافي): واستحسنه مشايخنا لكن ظاهر المذهب أنه ما لم يستقم قائمًا، يعود وهو الأصح ولو عاد فيما لا يجوز له العود فيه فسدت على الأصح لرفض الفرض مما ليس بفرض، قال في (المبتغى): وهذا غلط لأنه محض تأخير لا رفض فصار كما لو سها عن السورة وركع فإنه يعود إلى القيام كأنه سها عن القنوت فركع فإنه لو عاد لم تفسد صلاته
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
على الأصح وأجاب في (البحر) بأن السورة وإن كانت واجبة إلا أنها تقع فرضًا وفي القنوت عاد إلى فرض وهو القيام لما استقر من أن كل ركن طوله في أنه يقع فرضًا نعم قال في (الفتح): في النفس من التصحيح شيء وذلك أن غاية أمر الراجع أنه زاد في صلاته قيامًا وهو وإن كان لا يحل فهو بالصحة لا يخل إلا أن يفرق باقتران هذه الزيادة بالرفض لكن المستحق لزوم الإثم لا الفساد فترجح بهذا البحث القول المقابل قال في (البحر): وهو ظاهر في أنه لم يطلع على تصحيح آخر لكن في (المعراج) عن (المجتبي) لو عاد بعد الانتصاب مخطئًا. قيل: يتشهد لنقضه القيام والصحيح أنه لا يتشهد ويقوم ولا ينتقض قيامه بقعود لم يؤمر به كمن نقض الركوع لسورة أخرى لا ينتقض ركوعه انتهى.
وأقول: صرح ابن وهبان بأن الخلاف في التشهد وعدمه مفرع على القول بعدم الفساد وترجيح أحد القولين بناء عليه لا يستلزم ترجيح عدم الفساد ظاهرًا، نعم قال الشيخ عبد البر، رأيت بخط العلامة نظام الدين السيرامي تصحيح عدم الفساد ثم قال: ولقائل أن يمنع قول المحقق غاية ما وجد إلى آخره بأن الفساد لم يأت من قبل الزيادة بل من رفض الركن الواجب والذي رأيته منقولاً عن (شرح القدوري) لابن عوف والزوزني إن القول بعدم الفساد في صورة ما إذا كان إلى القيام أقرب وأنه في الاستواء قائمًا لا خلاف في الفساد انتهى.
هذا في غير المأموم وأما المأموم فيعود حتمًا وإن خاف فوت الركعة كذا في (السراج) معللاً بأن التشهد فرض عليه بحكم المتابعة وهو ظاهر في أنه لو لم يعد بطلت وفيه مالا يخفى، والذي ينبغي أن يقال: إنها واجبة في الواجب فرض في الفرض وأفاد الولواجي أن قراءة المصلي قاعدًا كالقائم لكن لا يأتي فيه ما مر من التفصيل واعلم أن في (الذخيرة) وغيرها صور ذلك في الفرائض كالظهر ونحوه ومقتضاه أنه في النوافل يعود وبه صرح ابن وهبان مستدلاً بأن كل شفع منه صلاة على حدة ولا
ويسجد للسهو، وإن سها عن الأخير عاد ما لم يسجد، وسجد للسهو
ــ
سيما على قول محمد من أن الأولى من التطوع فرض فكانت كالأخيرة وفيها يقعد وإن قام وفي (شرح التمرتاشي) لو نهض إلى الثالثة في التطوع بالارتفاع فاستتم قائمًا قيل: يعود وقيل: لا يعود وذكر الشهيد عن محمد أنه يعود والأوجه أنه لا يعود وفي الوتر الصحيح أنه لا يعود وفي (الخلاصة) والأربع قبل الظهر حكمه حكم التطوع وكذا الوتر عند محمد، وعند أبي حنيفة فيه قياس واستحسان في الاستحسان لا يفسد وفي القياس يفسد وهو المأخوذ به انتهى.
وفي (المعراج): أما في النفل فيعود على كل حال (ويسجد للسهو) راجع لقوله: وإلا لا لما مر من أنه لا يسجد فيما إذا كان إلى القعود أقرب إلا أن هذا مختار صاحب (الهداية) وعليه جرى المصنف في (الكافي) وفي (الولوالجية) المختار أنه يسجد وكلامه لا يأباه وفي (الخلاصة) و (الخانية) في رواية إذا قام على ركبته لينهض قعد وعليه السهو يستوي فيه القعدة الأولى والثانية وعليه الاعتماد وإن رفع إليتيه عن الأرض وركبتاه عليها لم يرفعهما لا سهو عليه هكذا روي عن الثاني، قال في (الفتح): ولا يخفى أن هذه الصورة اختلاف الرواية وقد اختار في (الأجناس) في هذه الصورة أن عليه السهو اللهم إلا أن يحمل الأول على ما إذا فارقت ركبتاه الأرض دون أن يستوي نصفه الأسفل شبه الجالس لقضاء الحاجة.
(وإن سها عن) القعود (الأخير) أي: الذي هو آخر الصلاة سبق بالأولى أو لا فدخل الثناء أي: (عاد) إليه (ما لم يسجد) أي: ما لم يقيد ركعته بالسجدة وهذا أراد لا ما إذا سجد دون ركوع فإنه يعود أيضًا لعدم الاعتداد بهذا السجود فيعود لأن فيه إصلاح صلاته وقد أمكنه ذلك لأن ما دون الركعة محل الرفض (وسجد للسهو) لأنه أخر واجبًا كذا في (الهداية) ولم يفصل هنا بين ما إذا كان إلى القعود أقرب أو لا وكان ينبغي أن لا يسجد فيما إذا كان إليه أقرب كما في الأولى لما سبق قال في (الحواشي السعدية): ويمكن أن يفرق بينهما بأن القريب من القعود وإن جاز أن يعط له حكم القاعد إلا أنه ليس بقاعد حقيقة فاعتبر جانب الحقيقة فيما إذا سها/ عن الثانية وأعطي له حكم القاعد في السهو عن الأولى إظهارًا للتفاوت بين الواجب والفرض وبه علم أن من فسر الواجب بالقطعي وعليه اقتصر في (الفتح) فقد أصاب وإلا أشكل الفرق وقد يقال: لم لا يجوز أن لا يفسر بالقوي من نوعه وهو ما يفوت الجواز بفوته ولا يشكل بثبوت التفاوت بين نوعيه نعم يشكل على من فسره بإصابة لفظ السلام أو التشهد وما في (البحر) من أنه لا يؤخر السلام عن محله لأن محله بعد القعود ولم يقعد مدفوع بأن التأخير واقع فيهما فصح إضافة السجود إلى أيهما كان.
فإن سجد بطل فرضه برفعه، وصارت نفلاً فيضم إليها سادسة،
ــ
(فإن سجد) للتي قام إليها (بطل فرضه برفعه) لأنه استحكم شروعه في النافلة قبل أركان المكتوبة ومن ضرورته خروجه عن الفرض وإذا ثبت هذا في السهو ففي العمد أولى، ومن ثم سوى في (الخلاصة) بينهما وأفاد فيها أنه لا فرق بين ما إذا قرأ في الخامسة أو لا واستشكله في (البحر) بأن المفسد هو الخلط ولم يوجد إفساد الركعة لخلوها عن القراءة وأقول: ويؤيده ما مر من أن السجود الخالي عن الركوع لا يعتد به فكذا الخالي عن القراءة إلا أن يفرق بأنه قد عهد إتمام الركعة دون القراءة كما في المقتدي بخلاف الخالية عن الركوع، وهذا أعني التقييد بالرفع قول محمد وعليه الفتوى.
وقال الثاني: بوضع الجبهة، وأثر الخلاف يظهر فيمن سبقه الحدث وهو ساجد أمكنه إصلاحها عند محمد فيقعد لا عند الثاني قيل: لما أخبر بجواب محمد قال: زه صلاة فسدت أصلحها الحدث وزه بمعجمة مكسورة بعدها هاء تعجب أريد به التحكم وقيل: الصواب ضمها والزاي غير خالصة قال في (الفتح): وهذا أعني صحة البناء لسبق الحدث إذا لم ينذكر في ذلك السجود أنه ترك سجدة صلبية من صلاته فإن تذكر ذلك فسدت اتفاقًا لما سنذكره في تتمة نقعدها في السجدات وقررت في تلك التتمة أنه إذا علم أنها من غير الركعة الأخيرة أو تحرى فوقع تحريه على ذلك أو لم يقع تحريه على شيء وبقي شاكًا في أنها من الأخيرة أو ما قبلها وجب عليه نية القضاء وإن علم أنها من الركعة الأخيرة لم يحتج إلى نية وعلى هذا ما ذكر في من سلم من الفجر وعليه السهو فسجد وقعد وتكلم ثم تذكر أن عليه صلبية من الأولى فسدت وإن من الثانية لا ونابت إحدى سجدتي السهو على الصلبية انتهى.
وهذا التقرير يقتضي نقض منع ما قدمه من دعوى الاتفاق على الفساد بتذكر وذلك أنه إن علم أنها من الأخيرة فينبغي أن لا تفسد اتفاقًا لانصرافه إليها أو من غيرها أو لم يعلم وقد نواها فكذلك إلا أنه لا يعيدها لما مر، أما إذا لم ينوها فسدت عند أبي يوسف خلافًا لمحمد لعدم انصرافها إليها، وعلى هذا فما في (الخلاصة) لو قيد الخامسة بالسجدة فتذكر صلبية من صلاته لا تنصرف هذه السجدة إليها لما أنه يشترط النية في السجدة وصلاته فاسدة ليس على إطلاقه بل فسادها إنما هو قول الثاني فقط قالوا: والعبرة للإمام حتى لو عاد ولم يعلم القوم به حتى سجدوا لم تفسد صلاتهم كذا في (المحيط) وفي (المجتبي) إن تعمدوا ذلك فسدت وفي السهو خلاف والأحوط الإعادة (وصارت نفلًا) لما مر ولأن تركه القعود على رأس ركعتي النفل لا يبطله عندهما خلافًا لمحمد (فيضم إليها سادسة) لأن التنفل في الوتر غير
وإن قعد في الرابعة، ثم قام عاد وسلم، وإن سجد للخامسة تم فرضه، وضم إليها سادسة، وسجد للسهو،
ــ
مشروع لكنه لا يجب لأنه ظان بل يندب كما في (الكافي) تبعًا (للمبسوط) إلا أن قوله في (الأصل): وكان عليه أن يضم يشير إلى الوجوب قال في (البحر): والأول أظهر لأن منع التنفل بالوتر القصدي لا غيره وإطلاقه يفيد الضم في سائر الأوقات قال الحدادي: إلا في العصر فإنه لا يضم لأنه يكون تطوعًا قبل المغرب وذلك مكروه، وفي قاضي خان إلا الفجر لأن التنفل قبلها وبعدها مكروه انتهى، وأنت خبير بأن ما اقتصر عليه قاضي خان من الفجر هو الصواب وذلك أن موضوع المسألة حيث كان فيما إذا لم يقعد وبطل فرضه كيف لا يضم في العصر ولا كراهة في التنفل قبله ثم بعد مدة عن لي حين أقرأ هذا المحل بالجامع الأزهر أنه يمكن حمله على ما إذا كان يقضي عصرًا أو ظهرًا بعد العصر فإنه لا يضم كما هو ظاهر وعليه فيصح التوجيه والله الموفق ولم يذكر سجود السهو إيماء إلى أنه لا يسجد وهو الأصح، لأن النقصان بالفساد لا يجبر بالسجود.
(ولو قعد) في الركعة (الرابعة ثم قام) إلى الخامسة يظنها الأولى (عاد وسلم) ولو بعد التشهد لأن ما دون الركعة محل الرفض والتسليم في القيام غير مشروع ومع ذلك لو سلم قائمًا صح كما في (الخلاصة) واختلف في متابعة القوم له في هذا القيام والأصح لا بل ينتظرون فإن عاد قبل أن يقيدها تبعوه وإن سجد سلموا (وإن سجد للخامسة تم فرضه) / لأنه لم يبق عليه إلا واجب وهو السلام (وضم) ركعة (سادسة) ندبًا وجوبًا على ما مر وينبغي أن يكون محل الخلاف ما إذا لم يكن وقت كراهة فإن كان لم يندب ولم يجب وهل يكره؟ الأصح لا قال في (المجتبي) وغيره: وعليه الفتوى وعلى هذا فالأولى أن يكون معنى ضم أي: جاز له الضم ليعم كل وقت ولا يخرج عن كلامه بتقدير حمله على الندب والوجوب وقت الكراهة، وجزم الشارح بالكراهة في الفجر دون العصر مما لا وجه له يظهر لتصير الركعتان نفلًا لكنهما لا ينوبان عن سنة بعده على الأصح لأن المواظبة عليها إنما كانت بتحريمة مبتدأة، ولو اقتدى به رجل في هذه الحالة لزمه ركعتان عند الثاني وست عند محمد كما إذا لم يقعد وهو الأصح والفرق على رأي الثاني أن الشروع في النفل لا يوجب أكثر من ركعتين إلا باقتداء الإمام وهنا لم يتنفل إلا بركعتين بخلاف ما إذا لم يقعد ولو أفسده قضى ركعتين عند الثاني قيل: وهو قول الإمام وبه يفتى وقال محمد: لا شيء عليه اعتبارًا بالإمام ولهما أن السقوط يعارض الإمام فلا يتعداه.
وقوله (وسجد للسهو) راجع إلى ما إذا عاد فلأنه أخر واجبًا وهو السلام وأما إذا
ولو سجد للسهو في شفع التطوع لم يبن شفعًا آخر عليه، ولو سلم الساهي فاقتدى به غيره فإن سجد صح وإلا لا، وسجد للسهو، وإن سلم للقطع
ــ
لم يعد فلإدخال النقص في فرضه بترك الواجب وهو السلام عند محمد وعند أبي يوسف لتمكن النقصان في النفل بالدخول فيه لا على الوجه المسنون والفتوى على قول محمد وقال الماتريدي: الأصح أن يجعل جابرًا للنقص المتمكن في الفرض والنفل. قال في (البحر): واختاره في (الهداية) انتهى. لكن كلام الشارحين لها يأباه ولولا خوف الإطالة لبيناه.
(ولو سجد للسهو في شفع التطوع لم يبن شفعًا آخر عليه) لما فيه من نقض السجود لوقوعه وسط الصلاة وظاهر كلامهم أنه مكروه تحريمًا لكنه صحيح ويعيد السجود على الأصح، قيد بالتطوع لأن المسافر لو نوى الإقامة بعده لم يكره ويعيده لأنه لو لم يبن لبطلت ومن ابتلي ببليتين وجب أن يختار أقلهما محذورًا، وإذا امتنع البناء في التطوع ففي الفرض الذي سجد لسهوه أولى لكراهة البناء عليه بدون السهو.
(ولو سلم الساهي) أي: من عليه السهو (فاقتدى به غيره) توقف الأمر (فإن سجد) للسهو (صح) اقتداء الغير به (وإلا) أي: إن لم يسجد بل أتى بما يمنع البناء (لا) أي: لا يصح وبهذا علم أن مجرد عدم السجود لا يتبين به عدم السجود وهذا عندهما وقال محمد وزفر: يصح الاقتداء مطلقًا والخلاف مبني على ما مر من أن سلام الساهي يخرجه عن الصلاة عندهما على سبيل التوقف وعند محمد وزفر لا يخرجه، قال في (الهداية): وأثر الخلاف يظهر في هذا وفي انتقاض الطهارة بالقهقهة وتغير الفرض بنية الإقامة في هذه الحالة انتهى. يعني فعند محمد ينتقض ويتغير وعندهما لا وما في (غاية البيان) من أنه إن عاد إليه انتقضت ولزمه الإتمام عندهما وإلا لا قال في (البحر): إنه غلط، أما في القهقهة فلتعذر العود لأنها تسقط عند الكل ولذا جزم في (المحيط) بنقضه على قوله لا على قولهما، وأما في نية الإقامة فقال في (المحيط) وغيره: إنه لا يتغير فرضه ويسقط عنه سجود السهو وفي (المعراج) سواء سجد أو لا لأنه لو تغير به لصحت نية قبله ولو صحت لوقعت السجدة في وسط صلاته ولا يعتد بها فصار وكأنه لم يسجد أصلاً فلو صحت صحت بلا سجود ولا وجه له عندهما لأنه لم يحصل به الخروج فلا يتغير فرضه (وسجد للسهو) وجوبًا نبه على دفع ما قد يتوهم من قوله صح وإلا لا من التخيير بين السجود وعدمه.
(وإن) وصلية (سلم للقطع) أي: لأجله لأن السلام في محله فلا يعد قاطعًا والنية المجردة عن العمل غير المتحقق لا تؤثر في إبطال ما ركنه عمل الجوارح وهو السجود فلغت. قيد بالسجود لأنه لو سلم وعليه صلبية وتلاوية وهو ذاكر لأحدهما
وإن شك أنه كم صلى أول مرة استأنف،
ــ
فسدت، أما في الصلبية فظاهر لأنه سلم عليه، وأما في التلاوية فهو ظاهر الرواية وقد علل محمد الفساد فيهما بأنه لا يستطيع أن يقضي ما هو ذاكر له بعد تسليمه بخلاف ما إذا كان ناسيًا حيث لا تفسد لكنه إذا تذكرهما أتى بالصلبية أولاً ثم التلاوية، ولو كان عليه تلاوية فقط فسلم ذاكرًا لها كان سلامه قاطعًا وسقطت عنه التلاوية فلأن الصلاتية لا تقضى خارجها وأما السهو ففي (البحر) أن في النفس من سقوطه شيئًا لما أنه لا يؤدي في نفس الصلاة بل في حرمتها لكن علل في (فتح القدير) البناء بسبب الانقطاع إلا إذا تذكر أنه لا يتشهد فإنه يعود إليه وسجد للتلاوية/ وصلاته تامة كما في (الخانية) يعني لما عد هذا السلام قاطعًا امتنع السهو لأنه لا يجامعه وإن أمكن اعتباره قاطعًا من حيث التلاوة فقط إلا أنه اعتبار لم يقم عليه دليل.
(وإن شك) في صلاته بدليل استأنف (أنه كم صلى أول مرة) ظرف لشك واختلف في معناه وأكثر المشايخ كما في (الخلاصة) وغيرها على أنه أول ما عرض له في عمره وقيل: لم يكن عادة له وقال فخر الإسلام: أول ما عرض له في تلك الصلاة وأثر الخلاف يظهر فيما لو سها فاستقبل ثم سها بعد سنين (استأنف) على القول الأول أو تحرى على الآخرين كذا في (السراج).
قال في (البحر): وفيه نظر بل يستأنف على قول فخر الإسلام أيضًا استأنف صلاته بالسلام أو غيره مما ينافي التحريمة والسلام قاعدًا أولى لخبر: (إذا شك أحدكم في صلاته فليستقبل الصلاة) ولأنه قادر على إسقاط ما عليه من الفرض بيقين فيلزمه ذلك كما لو شك في الوقت أصلى أم لا، وظاهر أن الاستئناف لا يتصور بغير ما مر، قال في (البحر): وظاهر كلامهم أنه لو أبطلها على غالب ظنه لم تبطل إلا أنها تكون نفلاً ويلزم الفرض ولو كان نفلاً فعليه قضاؤه، قيد بالشك في صلاته لأنه لو شك بعد الفراغ منها أو بعد ما قعد قدر التشهد لا يعتبر إلا إذا وقع في التعيين ليس غير بأن تذكر بعد الفراغ أنه ترك فرضًا وشك في تعيينه فإنه يسجد سجدة ثم يقوم فيصلي ركعة بسجدتين ثم يقعد ثم يسجد للسهو كذا في (الفتح).
قال في (البحر): ولا حاجة إلى هذا الاستثناء لأن الكلام في الشك بعد الفراغ وهذا تذكر تركه ركن غير أنه شك في تعيينه نعم يستثنى منه ما في (الخلاصة) لو
وإن كثر تحرى وإلا أخذ بالأقل وإن توهم مصلي الظهر أنه أتمها فسلم، ثم علم أنه صلى ركعتين أتمها وسجد للسهو.
ــ
أخبره عدل بعد السلام أنه ما صلى الظهر أربعًا وشك في صدقه وكذبه أعادها احتياطًا وبالصلاة لأنه لو شك في ركن من أركان الحج قال عامة المشايخ: يؤديه ثانيًا لأن تكرار الركن لا يضر بخلاف زيادة ركعة كذا في (المحيط) وفي (البدائع) بنى على الأقل في ظاهر الرواية ولو شك في بعض وضوئه غسل ذلك الموضع.
(وإن كثر) لم يلتفت إليه كذا في (المعراج) وبالكمية لأنه لو شك في ثانية الظهر أنه في العصر وفي الثالثة أنه في التطوع وفي الرابعة أنه في الظهر قالوا: يكونوا في الظهر ولا عبرة بالشك وإن كثر بأن عرض له مرتين في عمره على ما عليه أكثرهم أو في صلاته على ما اختاره فخر الإسلام وقيل: عرض له مرتين في سنتين كما في (المجتبى) وكأنه على قول السرخسي (تحرى) أي: طلب أحرى الأمرين وهو أولاهما بفعل منه وهو ما يكون أكبر رأيه عليه (وإلا) أي: وإن لم يقع تحرى على شيء (أخذ بالأقل) وبنى عليه لأن المتيقن به فيجعلها واحدة لو شك أنها ثانية، وثانية لو شك أنها ثالثة، وعلى هذا إلا أنه يقعد في كل محل يتوهم أنه محل قعوده فرضًا كان أو واجبًا وهذا أولى من قول الشارح تبعًا لصاحب (الهداية) يتوهم أنه أخر صلاته وأغفل سجود السهو تبعًا (للهداية) مع أنه لا ينبغي وقد قالوا: إنه يسجد في جميع صور الشك سواء عمل بالتحرى أو بنى على الأقل كذا في (الفتح) قال في (البحر): وقد ترك في (الفتح) قيد لا بد منه وهو أن يشغله الشك قدر أداء ركن وأقول: إنما تركه هنا لأنه قدمه وفي (السراج) إن بنى على الأقل سجد مطلقًا.
(وإن) تحرى إن شغله ذلك قدر ركن سجد وإلا لا وكأنه بحصول النقص مطلقًا باحتمال الزيادة ولم تحصل في الثاني إلا بطول التفكر (توهم مصلي الظهر) مثلاً (أنه أتمها فسلم ثم علم) بعد ذلك (أنه صلى ركعتين أتمها وسجد للسهو) لأنه عليه الصلاة والسلام فعل ذلك في حديث ذي اليدين ولأن السلام لكونه دعاء من وجه لا يبطلها بخلاف ما إذا سلم على ظن أنه مسافر أو أنها الجمعة أو أن العشاء تراويح أو أن فرض الظهر ركعتان لقرب عهده بالإسلام حتى لا تبطل لأنه سلام عمد كذا في (الشرح) وفي (المجتبى) لو سلم عامدًا قبل التمام قيل تفسد وقيل لا حتى يقصد به خطاب آدمي انتهى. وعلى الثاني لا تفسد في هذه المسائل مطلقًا والله أعلم.